Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

نوبى ميت يحكم مصر لمدة ثلاث سنوات

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الأخشيد وقبور الفراعنة
المقريزى يصف الإخشيد
ميت يحكم مصر
البابا مقارة الـ 59
البابا ثاوفانيوس الـ 60
هزيمة الإخشيديين
الولاة الإخشيدين المستقلين

 

 

  نوبى ميت يحكم مصر لمدة ثلاث سنوات

 كانت مصر ولاية تابعة لخليفة بغداد العباسى وكان والي مصر هو الإخشيد الذى صرح بإقامة الأنبا مينا بطركاً للأقباط ثم ذهب الإخشيد إلى فلسطين فى حرب ثم مات هناك وكان له ولدين أحدهما إسمه أبو القسم والآخر إسمه أبو الحسن ورثا من ضمن ما ورثا ولاية مصر وحدث أن ثار عليهما ثائر من الغرب إسمه حنانيا وإستولى على مصر فهربا منه إلى فلسطين ونمى إلى علم الولدين أن عساكر حنانيا فى مصر بدون قيادة فعادوا إلى قتاله فهزموا جيشه فى مصر وعادا لحكم مصر كولاه .

وكان معهما كافور أستاذهما الذى كان أبيهما تركهما فى رعايته , وكان كافور خصى نوبى سبوه المسلمين من بلاد النوبة (1) ورعاه الإخشيد من صغرة فسلمه إلى أساتذه ليعلموه الكتابة والقراءة وسائر العلوم والمعرفة وقيادة الجيوش وفن الحرب فإستوعبها بسرعه ونبغ فيها وظهرت موهبته فى فن الإدارة والحكم ولثقة أبيهما فى هذا النوبى فقد تركه يعلم أولاده وتركه أيضاً وصياً عليهما وسلم إليه مملكته , ويصف لنا إبن المقفع عن (2) مركزه فى مصر فقال " وهذا كان مثل يوسف بمصر " أى أنه كان الحاكم الفعلى لمصر وظلا الولدين فى الحكم لمدة سبع سنين إلى أن ماتا – وتقول أيريس حبيب المصرى (3) : " أن كافور كان صاحب دهاء فكرى ومطامع واسعة , فأعلن نفسه وصياً على الولدين

وإتخذ لنفسه لقب الإخشيدى , ولكى يحفظ لنفسه حق الرجعة إتفق مع الصبيين على أن يعطى كلاً منهما أربعمائة ألف دينار , ونصحهما أن يستمتعا بشبابهما ويصرفا هذه الألاف من الدنانير على هواهما ولذاتهما ويتركا إدارة سياسة الدوله له , ففرحا بهذا الإتفاق إذ لم يكن أيا منهما يدرك معنى الحكم ومسؤولياته , فقضى حياتهما مغمورين غارقين فى اللهو والعبث وإنتهيا من هذه الدنيا وكانهما لم يكونا " .

وكان هذا النوبى قويا مقداماً شجاعاً له عزيمه قوية فخاض المعركة التى كان الإخشيد ينوى خوضها قبل موته وإنتصر على خصومه , فوسع بإنتصاراته حدود مصر الشرقية حتى شملت حلب وطرسوس – وكان كافور الإخشيدى كريماً معطاءاً ميالاً للبذخ والترف ولوعاً بالشعر والموسيقى – فوقف على باب قصره أعظم شعراء عصره صيتاً وبالغوا فى مديحه ليحصلوا على عطاياه ولكن من سوء الطالع أن الفيضان جاء ناقصاً ثلاث سنوات متتالية فقل المحصول وحدث غلاء شديد ولما كانت النوبه أكثر الأماكن تتضرراً فقد هاجمت القبائل النوبية منطقة الصعيد وفتكوا بأهلها وأشاعوا الذعر والفوضى فى البلاد وبالرغم من حرب النوبيين فقد ظل المصريين على ولائهم لكافور لما إمتاز به من عدل وإنصاف فى المساواه بين المواطنين على إختلاف أديانهم(3)   

 وكان وزير كافور المقرب القبطى أبو اليمن قزمان بن مينا الذى ظل وزيراً طوال حكم كافور ,  هذا مع العلم أن  حكم كافور الإخشيدى إمتد إلى 22 سنة حكم فيها فعلاً 19 سنة حيا و3 سنوات ميتاً .

وحصل الأقباط فى عصره على الحرية الدينية فأبدعوا فى عملهم لدرجه أنهم سيطروا على النقل البحرى فى النيل وجالوا أعالى البحار قاصدين التجارة وقال المؤرخ جاستون فييت : " أن أصحاب عمال الترسانات والمراكب كان غالبيتهم من الأقباط – وكان القداس الإلهى يقام رسمياً على المراكب إذ لم يكن بحارتها من القبط فحسب بل كان إلى جانبهم الصناع الحاذقون لمختلف المهارات كالحدادين والنجارين وصانعى الأثاث وغيرهم – كما كانت الإحتفالات بالأعياد المسيحية تقام بصورة شعبية رائعه على شاطئ النيل كما كانت المواكب الخاصة بها تسير فى الميادين العامة والشوارع الرئيسية " (4) 

وتولى كافور حكم مصر بعدهما ثم مات هو الآخر فأخذه مشيرى الدوله ووزرائها وحنطوا جثته وأجلسوه على كرسى عال فى قصره ولبسوه ثوب بأكمام طوال جداً حتى أن أكمام الثوب كانت تصل إلى باب المجلس الذى كان

 يجلس فيه وأمروا خدامه بأن يقولوا لكل من يحضر ليسلم عليه أن يمنعوه من الدخول ويقولوا : سيدنا يأمر أن تقبل كمه وتسلم عليه من الخارج لأنه ضعيف ولا يحتمل أحد أن يدخل إليه ويتحادث معه " وكانوا قد أمروا أحد خدامه أن يجلس خلف كرسى جثه كافور وأن يحرك رأس الجثة حينما يسلم عليه أحد من الناس كأنه يرد عليهم ولم يعلم أحد من قصره بذلك إلا الأستاذين (5) الخواص وسراريه وأبو اليمن قزمان أبن مينا وظل كافور يحكم مصر وهو ميت لمدة ثلاث سنين ووزيره يجبى الخراج إلى أن عرف الشعب خبر موته فكتبوا إلى ملك الغرب وإسمه معد أبو تميم المعز لدين الله بحكم مصر .

 وتقول أيريس حبيب المصرى رواية أخرى أن الحاكم الذى خلفه كان صبياً فى الحادية عشرة من عمره إسمه أبو الفوارس أحمد بن على بن الإخشيد الذى تولى إبن عمه الحسين بن عبيد الله الوصايا عليه , وتولى إبن الفرات الذى بطش بشعب مصر فجمع الجزية والخراج بجشع وطمع وكان شحيح اليد طماعاً مغتصباً , بينما أقيم صموئيل مديراً على الحمام الزاجل (6) كان مسؤولاُ عن الإستخبارات العسكرية والعمليات الحربية , فأدى بطش الأول وتراخى الثانى إلى تمرد الجيش (7) وأمعنوا فى تمردهم إلى حد انهم دخلوا بيت إبن الفرات الوالى ونهبوه علانية , وإنتشرت الفوضى  وجاء الفيضان ناقصاً عن منسوبه وأدت المجاعة إلى إنتشار الأوبئه والأمراض وضعفت أجسام الناس فلم تعد قادرة على مقاومة الأمراض فمات من المجاعة والأوبئة 600 ألف شخص .

من هو كافور الإخشيدى؟

 قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  - الجزء الثالث  ( 101 من 167 )  : " كافور الإخشيدي كان عبدًا أسود خصيًا مثقوب الشفة السفلى بطينًا قبيح القدمين ثقيل البدن جُلب إلى مصر وعمره عشر سنين فما فوقها في سنة عشر وثلثمائة فلما دخل إلى مصر تمنى أن يكون أميرها فباعه الذي جلبه لمحمد بن هاشم أحد المتقبلين للضياع فباعه لابن عباس الكاتب فمرّ يومًا بمصر على مندِّم فنظر له في نجومه وقال له‏:‏ أنت تصير إلى رجل جليل القدر وتبلغ معه مبلغًا عظيمًا فدفع إليه درهمين لم يكن معه سواهما فرمى بهما إليه وقال‏:‏ أُبشِّرُك بهذه البشارة وتعطيني درهمين ثم قال له‏:‏ وأزيدك أنت تملك هذه البلد وأكثر منه فاذكرني‏.‏

واتفق أنّ ابن عباس الكتاب أرسله بهدية يومًا إلى الأمير أبي بكر محمد بن طفج الأخشيد وهو يومئذٍ أحد قوّاد تكين أمير مصر فأخذ كافورًا وردّ الهدية فترقّى عنده في الخدم حتى صار من أخص خدمه‏.‏

ولما مات الأخشيد بدمشق ضبط كافور الأمور ودارى الناس ووعدهم إلى أن سكنت الدهماء بعد أن اضطرب الناس وجهزة أستاذه وحمله إلى بيت المقدس وسار إلى مصر فدخلها وقد انعقد الأمر بعد الإخشيد لابنه أبي القاسم أونوجور فلم يكن بأسرع من ورود الخبر مندمشق بأنّ سيف الدولة عليّ بن حمدان أخذها وسار إلى الرملة فخرج كافور بالعساكر وضرب الدباديب وهي الطبول على باب مضربه في وقت كل صلاة وسار فظفر وغنم ثم قدم إلى مصر وقد عظم أمره فقام بخلافة أونوجور فخاطبه القوّاد بالأستاذ وصار القوّاد يجتمعون عنده في دار فيخلع عليهم ويحملهم ويعطيهم حتى أنه وقع لجانك أحد القوّاد الإخشيدية في يوم بأربعة عشر ألف دينار فما زال عبدًا له حتى مات وانبسطت يده في الدولة فعزل وولى وأعطى وحرم ودعيَ له على المنابر كلها إلاّ منبر مصر والرملة وطبرية ثم دعي له بها في سنة أربعين وثلثمائة وصار يجلس للمظالم في كل سبت ويحضر مجلسه القضاة والوزراء والشهود ووجوه البلد فوقع بينه وبين الأمير أونوجور وتحرَّرَ كلٌ منهما من الآخر وقويت الوحشة بينهما وافترق الجند فصار مع كل واحد طائفة واتفق موت أونوجور في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وثلثمائة ويقال أنه سمّه‏.‏

فأقام أخاه أبو الحسن عليّ بن الإخشيد من بعده واستبدّ بالأمر دونه وأطلق له في كل سنة أربعمائة ألف دينار واستقل بسائر أحوال مصر والشام ففسد ما بينه وبين الأمير أبي الحسن عليّ فضيّق عليه كافور ومنع أن يدخل عليه أحد فاعتل بعلة أخيه ومات وقد طالت به في محرّم سنة خمس وخمسين وثلثمائة‏.‏

فبقيت مصر بغير أمير أيامًا لا يدعى فيها سوى للخليفة المطيع فقط وكافور يدبر أمر مصر والشام في الخراج والرجال فلما كان لأربع بقين من المحرّم المذكور أخرج كافور كتابًا من الخليفة المطيع بتقليده بعد عليّ بن الأخشيد فلم يغير لقبه بالأستاذ ودعي له على المنبر بعد الخليفة وكان له في أيامه قصص عظام وقدم عسكر من المعز لدين الله أبي تميم معدّ من المغرب إلى الواحات فجهَّز إليه جيشًا أخرجوا العسكر وقتلوا منهم وصارت الطبول تضرب على بابه خمس مرّات في اليوم والليلة وعدّتها مائة طبلة من نحاس‏

وقمت عليه دعاة المعز لدين الله من بلاد المغرب يدعونه إلى طاعته فلاطفهم وكان أكثر الإخشيدية والكافورية وسائر الأولياء والكتّاب قد أُخذت عليهم البيعة للمعز وقصر مدّ النيل في أيامه‏.‏

فلم يبلغ تلك السنة سوى أثني عشر ذراعًا وأصابع فاشتدّ الغلاء وفحش الموت في الناس حتى عجزوا عن تكفينهم ومواراتهم وأرجف بمسير القرامطة إلى الشام وبدت غلمانه تتنكر له وكانوا ألفًا وسبعين غلامًا تركيًا سوى الروم والمولدين فمات لعشر بقين من جمادى الأوّل سنة سبع وخمسين وثلاثمائة عن ستين سنة فوجد له من العين سبعمائة ألف دينار ومن الورق والحلي والجوهر والعنبر والطيب والثياب والآلات والفرش والخيام والعبيد والجواري والدواب ما قُوّم بستمائة ألف ألف دينار وكانت مدّة تدبيره أمر مصر والشام والحرمين إحدى وعشرين سنة وشهرين وعشرين يومًا منها منفردًا بالولاية بعد أولاد أُستاذه سنتان وأربعة أشهر وتسعة أيام ومات عن غير وصية ولا صدقة ولا مأثرة يذكر بها ودعي له على المنابر بالكنية التي كناه بها الخليفة وهي ألو المسك أربع عشرة جمعة وبعده اختلت مصر وكادت تدمر حتى قدمت جيوش المعز على يد القائد جوهر فصارت مصر دار خلافة ووجد على قبره مكتوب‏:‏ يدوسُ قبركَ من أدنى الرجال وقد كانت أسُود الشرى تخشاك في الكثبِ ووجد أيضًا مكتوب‏:‏ انظر إلى غير الأيام ما صنعت أفنت أُناسًا بها كانوا ومات فنيتْ دنياهم أضحكت أيامُ دولتهم حتى إذا فنيتْ ناحت لهم وبكتْ خط الخرشتف هذا الخط فيما بين حارة برجوان والكافوري ويُتوصل إليه من بين القصرين فيُدخل له من قبو يعرف بقبو الخرشتف وهو الذي كان يعرف قديمًا بباب التبانين ويُسلك من الخرشتف إلى خط باب سرّ المارستان وإلى حارة زويلة وكان موضع الخرشتف في أيام الخلفاء الفاطميين ميدانًا بجوار القصر الغربيّ والبستان الكافوريّ فلما زالت الدولة اختُطَّ وصار فيها عدّة مساكن وبه أيضًا سوق وإنما سُمِّيَ بالخرشتف لأنّ المعز أوّل من بنى فيه الاصطبلات بالخرشتف وهو ما يتحجر مما يوقد به على مياه الحمامات من الأزبال وغيرها‏.‏
 _____________________

(1) ويقول مؤرخ آخر أنه كان حبشياً راجع تاريخ مصر فى العصور الوسطى 0 بالإنجليزية ) – ستانلى لين بول  ص 87

(2) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999ص 71

(3) قصة الكنيسة القبطية – وهى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التى أسسها مار مرقس البشير – بقلم المتنيحة أيريس حبيب المصرى- الطبعة السابعة 2000 – الكتاب الثالث ص 14

(4) تاريخ مصر فى العصور الوسطى 0 بالإنجليزية ) – ستانلى لين بول  ص 87

(5) تاريخ الأمة المصرية – المجلد الرابع : مصر افسلامية من الفتح العربى إلى الفتح التركى ( باللغة الفرنسية) – جاستون فييت ص 175- 177

(6) (الإستاذ يعنى الوزير )

(7) البريد فى ذلك

(8)  كان معظمهم من الجنس التركى  وكانوا يخطفون بعضهم أطفالاً أو يأسرونهم ويعلموهم فنون الحرب والقتال

 

This site was last updated 06/27/14