********************************************************************************************

تعليق من الموقع : الجزء التالى منقول من مخطوط تاريخ أبو المكارم - تاريخ الكنائس والأديرة فى القرن "12" بالوجه القبلى - إعداد الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها 1999م ص 128-  وسيلاحظ القارئ أن المخطوط به كلمات ناقصة وقد وضع الأنبا صموئيل نقاط مكان هذه الكلمات أو الأحرف هكذا ".."

********************************************************************************************

جبل العطش

وها هنا جبل العطش ولا يصل إليه أحد من الناس إلى هذا الماء فى هذا الجبل سوى انه يشاهد الماء ويراه ولا يدركه يراه قريباً ولا يصل إليه وإن سار إليه فلا يدركه (يعتقد أنه سراب يراه العطشان فى الصحراء) 

مدينة علوة

مدينة عليوه ( كان أصل أسمها علوه وحورت إلى عليوه كأسم عربى وهى ثالث ممالك السودان المسيحية القديمة ،  وكانت عصمتها قديماً صوبا 27كم قبلى شرق الخرطوم)  وبها جيش كبير ومملكة عظيمة جداً وأراضيها متسعة وبها 400 كنيسة وهذه المدينة شرقى الجزيرة الكبيرة بين البحرين الأبيض والأخضر Fol95B وجميع من بها من النصارى اليعاقبة (ذكر المؤرخين أن أهل النوبة يعاقبة أرثوذكس راجع المقريزى 1: 198 ، ياقوت الحموى 4: 82 ، أو طينيوس 2: 387 - كلمة نصارى كلمة أطلقها الإسلام على الأقباط ولكن الأقباط هم مسيحيين فالنصارى طائفة خارجة عن المسيحية وكانت خديجة زوجة محمد رسول الإسلام منهم وكلمة يعاقبة كلمة أطلقها الروم البيزنطيين على أتباع الكنيسة الأنطاكية ، والأصح أن أهل النوبة كانوا تابعين للكنيسة القبطية المسيحية فى مصر)  وحول المدينة أديره متباعدة من البحر ومنها ما هو على البحر وبها كنيسة عظيمة متسعه محكمة الوضع والبناء أحسن من جميع الكنائس الأخرى التى بها وتسمى هذه الكنيسة كنيسة منبلى

ويزرع أهل هذه المنطقة على ماء النيل والمطر ، فإذا بدأوا بالزرع خطوا له الحرث وألقوا البذور ويتركوه لجانب خط الحرث ويمضوا قيجدوا أن البذور أنبتت ويستمر هذا إلى وقت الحصاد ، وهم يحصدون بعض المحصول ويتركون الباقى عن بعض الناس للسنة القادمة .

دنقلة

مدينة دنقلة (هى اليوم  دنقلة بالمديرية الشمالية بالسودان ، كانت قديماً عاصمة مملكة مقرة النوبية المسيحية )  بها سرير الملك (كرسى العرش) وهى مدينة كبيرة على شاطئ النيل وبها كنائس كثيرة وآدكيار وشوارع متسعة ودار الملك شاهقة البناء بقباب عديدة مبنية بالطوب الأحمر وهى مثل أبنية العراق مما كان أقترحه رفائيل ملك النوبة إلى آخر سنة 392 هـ 1002م وفى هذه السنة حمل ملك النوبة على الإمام الحاكم بأمر الله أبو ركوه وهو الوليد بن هشام الخارجى لما قصد غزوه وشتت عساكره Fol92A فى داخل بلاد النوبة وذكر أن النوبة كانوا فى القدم يعبدون الكواكب وأن أول من أنتقل منهم إلى معرفة الحق وآمن بإنجيل المسيح "بحريا" أبن أخت الملك وكان رجلاً عالماً يعلم الفلك حكيماً ماهراً ولما آمن بالمسيحية تبعه جميع أهل النوبة والسودان لمحبته لهم ، وأقام لهم كنائس كثيرة ببلاد النوبة كما أنشأ أديرة كثيرة وهى ألآن عامرة آهلة ومنها ما هو متباعداً عن النيل ومنها ما هو قريب من النيل .

إبريم

مدينة إبريم ( كانت إحدى مراكز عنيبه قبل غرقها بعد السد العالى) وهى سكن صاحب الجبل وجميع من بها مريس وعليها حصن دائرى وبها

كنيسة على أسم العذراء وهى كنيسة كبيرة حسنة الوضع وبأعلاها قبة كبيرة وعليها صليب كبير ولما ذهب إلى الصعيد الأعلى الغزاة الأكراد شمس الدولة أخو صلاح الدين الأيوبى أبن أيوب الكردى  أخو شيركوه فى خلافة المستضئ العباسى بعد زوال الخلافة الفاطمية وآخرهم العاضد لدين الله فى جماد الأول سنة 568 = 1173م وفى دولة الغزاة الأكراد وقصد منطقة أبريم فى حملة عسكرية Fol96B ومن إنضم إليهم وأوقفوا المراكب قبل الجنادل وساروا إليها وغزوها وإعتدوا علي المدينة وتركوها خراب بعد أن أستولوا عليها وسبوا من بها من النوبيين وذكر أن عدد أهل أبريم الذين سبوا سبعمائة ألف نفس من الرجال والنساء والفتيان والفتيات والأطفال ووجد بها سبعمائة خنزير وأمر بحرق الصليب الكبير الذى على قبة الكنيسة وأن يؤذن من علوها ونهبوا وسرقوا كل شئ بهذه المنطقة ونهبوا ما فى الكنيسة وقتلوا الخنازير ، وقبضوا على الأسقف فعاقبة (أى يعطيه شيئاً)  ولما لم يجد معه شئ حينئذ سباة مع أهل النوبة المسبيين وترك فى قلعة حصينة على الجبل عدد من الخيل ومؤونة وحامية مزودة بالسلاح والعدد والألات  ووجد يها قطن كثير حمله معه إلى قوص ( قوص مركز قنا) وباعه بأثمان عاليه ، وهذه المدينة كان قد غزاها من قبله محمد الخازن فى عصر حكم كافور الإخشيدى فى الدولة العباسية . 

(فصل) من تاريخ الكنيسة المقدسة وأخبار الاباء البطاركة عن أنبا خائيل الـ 46 أنه لما صودر فى خلافة الخليفة ألموى مروان الجعدى آخر خلفاء بنى أميه  Fol97A بيد أمير مصر صلاح الدين يوسف الكردى وصعد البابا خائيل إلى الصعيد الأعلى لسيترفد من الشعب هناك أنه لما أتصل به كرياكوس ملك النوبة غار لذلك ولحقته حميه وغيره إهانة البطريرك ومصادرته فجمع جيوشه وعساكره وسار قاصداً بلاد مصر وكان معه مائة ألف فارس ومائة ألف جمل وخيل النوبة وكانت خيلهم قصار مثل الحمير ولها صبر على التعب والمشقة ، ولما وصلوا مصر (بابليون - مصر القديمة ) مهبوا وقتلوا وسبوا كثيراً وأخربوا مساكن كثيرة من الصعيد وهم قاصدين مصر ولما أتصلوا بأمير مصر سبب مجيئهم فقيل له أنه لما طلع بطريرك مصر يسترفد من النصارى بالصعيد وصل خبره إلى ملك النوبة وملك الحبشة والملك تحت طاعة بطريرك مصر فغار لذلك وحمى غضبه فعند ذلك أطلق بطرك مصر من سجنه ولم يعود يعترضه وطلب منه أن يكاتب ملك النوبة ويأمره بالرجوع فكتب إلى المبك بمثل ذلك فرجع ولم يعود يفعل كما كان يفعل ثم أنصرف وعاد لبلاده .

(فصل) وشهد تاريخ الكنيسة وأخبار أنبا يوسف Fol97B البطريرك الـ 52 أن أبراهيم أخو المأمون العباسى أرسل كتاب إلى زخريا ملك النوبة يطلب منه البقط من الرقيق إلى 14 سنة وأنه لم يقدر على ذلك فأرسل إليه جرجه ولده إلى بغداد فلما شاهد إبراهيم هذا فرح به لكونه عجز عن القيام بما طلب منه فأرسل له ولده الذى لم يكن عنده أعز منه ثم عجب لطاعة ولده له الذى بذل نفسه لطاعة أبيه وسامحه بجميع ما طلبه منه وأعاد ولده إلي مصر ونزل فى دار الأمير متولى مصر وقصد ولده زيارة الأب البطريرك فتوجه إلأيه وهو فى غاية الإكرام فتبارك منه وسأله أن يكرز له مذبحاً ويحمله إلى قصر الأمير المذكور حيث كان يقيم فأجاب لطلبه وأمر بصناعه المذبح وكرسه وعاد يرسل الأساقفة والقسوس والشمامسة وكانوا يقدسون على المذبح ويقربوا أبن الملك ومن معه وأمر له والى مصر أن يضرب له الناقوس فى أعلى منزله ليجتمع معه أصحابه للصلاة معه والقداس كما يفعل فى بلاده حتى غادر جرجه أبن الملك مصر ورجع إلى أبيه سالماً مكرما .  

(فصل) ولما وصل جرجه أبن الميك لأبيه أنشأ  Fol98A كنيسة كبيرة متقنه الصنع شمراً للرب لرجوع ولده سالماً وكرزها له أنبا جرجه أسقف بطو ( بطو وهى اليوم ناحية نطو مركز دسوق كفر الشيخ وقد إندثرت هذه المدينة وحلت محلها كوم الفراعين نطو - راجع تاريخ البطاركة سيرة الأنبا أخرسطادولوس الـ 66) وإلتمس من يساعده بحكم ما ناله من مصادرة السلطان واللواتين فى شهر توت سنة 787ش = سبتمبر 1070م (راجع تاريخ البطاركة المجلد الثانى ج3 ص 184 طبع جمعية الأثر القبطية بالقاهرة)  فحل الروح القدس على أحد الأوعية الماء الذى أعد لتكريز الكنيسة ورأى الشعب نوراً على ذلك الماء يسطع فأخذ الملك ذلك الماء بيده وحمله إلى منزله زأعطى للأسقف مالاً يحمله للبطريرك ليساعده على ماناله .

(فصل) كنيسة الوادى ويطلق عليها كنيسة أبو نفر وتعرف ببرية ... بينها وبين أطراف بلاد النوبة مسيرة ثلاثة أيام وبينها وبين أسوان مسيرة عشرة أيام وكان يتعبد فى الكنيسة مسلمون (سلمون) ملك النوبة لما تنازل عن الملك وحلع نفسه قائلاً : " من ذا الذى من الملوك يخلص فى الحكم بين الناس من قبل الرب ولم يميل مع الهوى أو لم يسفك دماً ظلم أو لم يغتصب الناس لما لم يستحقه  Fol98B  عليهم   فأخبر ما فكر فيه لوالى الصعيد الأعلى وكان وقتها سعد الدولة القواسى فى خلافة المستنصر بالله الفاطمى أمير الجيوش بدر فأرسل من أخذه من هناك ليصحبه للقاهرة ولكا وصل إلى الباب أكرم إكراماً عظيماً وتلقى التشريف بالطبلغانه وبركوب حسن (أى أستقبلوه بالطبل بمراسيم الملوك) وأمر وجوه الدولة وأكابرها أن يحجبوه ثم أنزله فى منزل كبير مجمل بالرخام والكندجة ونقوش السباع المذهبة فأقام سنة واحده يزوره فى كل زقت ويتحدث معه فى امور كثيرة ويسمع أقواله فوجده يطلب عبادة الرب بكل قلبه ونيته زاهداً فى الدنيا ولا يرغب فى العالم وبعد إقامته لمدة سنة تنيح ودفن فى دير القديس مار جرجس بالخندق (يعرف اليوم بدير الأنبا رويس ) فى بطريركية الأنبا كيرلس الـ 67 وقبره داخل سور الكنيسة مجاور للباب على يمين  الداخل إليها وذكر أن وجد فى بعض كتبه كتاب بخط يده بالقلم النوبى (اللغة النوبية) يدل على علمه وقداسته وزهده فى العالم

(فصل) ووصف ملك  النوبة هذا بالملك القديس.

Fol99A  (فصل) وملك النوبة وبلادها وأرض علوة والمقرة والأجناس المضافة إليها وذكر أن عادتهم جارية بأنه إذا مات ملك وخلف ولد له أبن اخت فيملك بعد خاله دون أولاد الملك وإن لم يكن له أبن أخت يملك ولده من بعده .