Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 رسائل الرسول إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام

  هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
رسائل الرسول للملوك
المقوقس ومحمد والهدايا

Hit Counter

*************************************************************************************************

تعليق من الموقع : كتاب آخر يذكر الرسائل التى أرسلها محمد صاحب الشريعة الإسلامية إلى الأباطرة والملوك والولاة يدعوهم إلى الإسلام ولاحظ اللهجة والمعلومات الموجودة فى هذه الرسائل

*************************************************************************************************

  عيون الأثر في المغازي والسير      عيون الأثر في المغازي والسير       ( 41 من 47 )  

بعث دحية الكلبي إلى قيصر ملك الروم و عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك فارس و عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة و حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية و عمرو بن العاص إلى جعفر و عبد ابني الجلندى ملكي عمان و سليط بن عمرو العامري إلى ثمامة بن أثال و هوذة بن علي الحنفيين ملكي اليمامة و العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين و شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك تخوم الشام و يقال بعثه إلى جبلة بن الأيهم الغساني و المهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث بن عبد كلال الحميري ملك اليمن

(2/344)

ذكر الواقدي : من حديث ابن عباس و من حديثه خرج في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام و بعث بكتابه مع دحية الكلبي و أمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر و كان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شكرا لله عز و جل فيما أبلاه من ذلك فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : التمسوا لي ها هنا من قومه أحدا نسألهم عنه
قال ابن عباس : فأخبرني أبو سفيان بن حرب أنه كان بالشام في رجال من قريش قدموا تجارا و ذلك في الهدية التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين كفار قريش قال : فأتانا رسول قيصر فانطلق بنا حتى قدمنا إيلياء فأدخلنا عليه فإذا هو جالس مجلس ملكه و عليه التاج و حوله عظماء الروم فقال لترجمانه : سلهم أيهم أقرب نسبا بهذا الذي يزعم أنه نبي ؟ قال أبو سفيان : فقلت : أنا أقربهم نسبا و ليس في الركب يومئذ رجل من بني عبد مناف غيري قال قيصر : أدنوه مني ثم أمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري ثم قال لترجمانه : قل لأصحابه : إنما قدمت هذا أمامكم لأسأله عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي و إنما جعلتكم خلف كتفيه لتردوا عليه كذبا إن قاله قال أبو سفيان : فو الله لولا الحياء يومئذ أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه و لكني استحييت فصدقت و أنا كاره ثم قال لترجمانه : قل له : كيف نسب هذا الرجل فيكم ؟ قلت : هو فينا ذو نسب قال : قل له : هل قال هذا القول أحد منكم قبله ؟ قلت : لا قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا قال : هل كان من آبائه ملك ؟ قلت : لا قال : فأشراف الناس يتبعنونه أم ضعفاؤهم ؟ قلت : بل ضعفاؤهم قال : فهل يزيدون أو ينقصون ؟ قلت : بل يزيدون قال : فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ قلت : لا قال : فهل يغدر ؟ قلت : لا و نحن الآن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت : نعم قال : فكيف حربكم و حربه ؟ قلت : دون و سجال ندال عليه مرة و يدال علينا أخرى قال : فما يأمركم به ؟ قلت : يأمرنا أن نعبد الله وحده و لا نشرك به شيئا و ينهانا عما كان يعبد أباؤنا و يأمرنا بالصلاة و الصدق و العفاف و الوفاء بالعهد و أداء الأمانة
فقال لترجمانه : قل له : إني سألتك عن نسبه فزعمت أنه فيكم ذو نسب و كذلك الرسل تبعث في نسب قومها و سألتك : هل قال هذا القول منكم أحد قبله فزعمت أن لا فلو كان أحد منكم قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتم بقول قيل قبله و سألتك : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس و يكذب على الله و سألتك : هل كان من آبائه ملك ؟ قلت : لا فقلت لو كان من آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه و سألتك : أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ فقلت : ضعفاؤهم و هم أتباع الرسل و سألتك : هل يزيدون أو ينقصون ؟ فزعمت انهم يزيدون و كذلك الإيمان حتى يتم و سألتك هل يرتد أحد سخطه لدينه بعد أن يدخل فيه فزعمت أنهم يزيدون و كذلك الإيمان حتى يتم و سألتك هل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه فزعمت أن لا و كذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد و سألتك : هل قاتلتموه ؟ فقلت : نعم و أن حربكم و حربه دول و سجال يدال عليكم مرة و تدالون عليه أخرى و كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة و سألتك : ماذا يأمركم به فزعمت أنه يأمركم بالصلاة و الصدق و العفاف و الوفاء بالعهد و أداء الأمانة و هو نبي و قد كنت أعلم أنه خارج و لكن لم أظن أنه فيكم و إن كان ما أتاني عنه حقا فيوشك أن يملك موضع قدمي هاتين و لو أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقيه و لو كنت عنده لغسلت قدميه
قال أبو سفيان : ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرئ فإذا فيه :
[ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد : فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم و أسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم اليريسيين و { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم أن لا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } [ آل عمران : 64 ] ]
قال أبو سفيان : فلما قضى مقالته و فرغ من الكتاب علت أصوات الذين حوله وكثر لغطهم فلا أدري ما قالوا و أمر بنا فأخرجنا فلما خرجت أنا و أصحابي و خلصنا قلت لهم : لقد أمر ابن أبي كبشة هذا ملك بني الأصفر يخافه قال : فو الله ما زلت ذليلا مستيقا أن أمره سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام
و يروى في خبر أبي سفيان أنه قال لقيصر لما سأله عن النبي صلى الله عليه و سلم : أيها الملك ألا أخبرك عنه خبرا تعرف به أنه قد كذب ؟ قال : و ما هو ؟ قلت : إنه قد زعم لنا أنه قد خرج من أرضنا أرض الحرم في ليلة فجاء مسجدكم هذا مسجد إيلياء و رجع إلينا في تلك الليلة قبل الصباح
قال : و بطريق إيلياء عند رأس قيصر فقال : صدق أيها الملك قال : و ما علمك بهذا ؟ قال : إني كنت لا أنام كل ليلة حتى أغلق أبواب المسجد فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير باب واحد غلبني فاستعنت عليه عمالي و من يحضرني فلم نستطع أن نحركه فكأنما نزاول جبلا فدعوت النجارين فنظروا إليه فقالوا : هذا باب سقط عليه النجاف و البنيان فلا نستطع أن نحركه حتى نصبح فننظر من أين أتي فرجعت و تركت البابين مفتوحين فلما أصبحت غدوت عليهما فإذا الحجر الذي في زاوية المسجد مثقوب و إذا فيه أثر مربط الدابة فقلت لأصحابي : ما حبس هذا الباب الليلة إلا على نبي و قد صلى الليلة في مسجدنا هذا فقال قيصر لقومه : يا معشر الروم ألستم تعلمون أن بين عيسىو بين الساعة نبيا بشركم به عيسى بن مريم ترجون أن يجعله الله فيكم ؟ قالوا : بلى قال : فإن الله قد جعله في غيركم في أقل منكم عددا و أضيق منكم بلدا و هي رحمة الله عز و جل يضعها حيث يشاء
اليريسيون : دهاقين القرى و كانوا إذ ذاك مجوسا

(2/344)

ذكر الواقدي : من حديث الشفاء بنت عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث عبد الله بن حذافة السهمي منصرفه من الحديبية إلى كسرى و بعث كتابا مختوما فيه :
[ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى و آمن بالله و رسوله و شهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله أدعوك بداعية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حيا و يحق القول على الكافرين أسلم تسلم فإن أبيت فعليك إثم المجوس ]
قال عبد الله بن حذافة : فإنتهيت به إلى بابه فطلبت الإذن عليه حتى و صلت إليه فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرئ عليه فأخذه و مزقه فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم قال مزق الله ملكه
و ذكر أيضا : من حديث أبي هريرة و غيره أن كسرى بينا هو في بيت كان يخلوا فيه إذا رجل قد خرج إليه و في يده عصا فقال : يا كسرى إن الله قد بعث رسولا و أنزل عليه كتابا فأسلم تسلم و اتبعه يبق لك ملكك قال كسرى : أخر هذا عني آثرا ما فدعا حجابه و بوابيه فتوعدهم و قال : من هذا الذي دخل علي ؟ قالوا و الله ما دخل عليك أحد و ما ضيعنا لك بابا و مكث حتى كان العام المقبل أتاه فقال له مثل ذلك و قال : إلا تسلم أكثر العصا قال : لا تفعل أخر ذلك آثرا ما ثم جاء العام المقبل ففعل مثل ذلك و ضرب بالعصا على رأسه فكسرها و خرج من عنده و يقال إن ابنه قتله في تلك الليلة و أعلم الله بذلك رسوله صلى الله عليه و سلم لحدثان كونه فأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك رسل باذان إليه
و كان باذان عامل كسرى على اليمن فلما بلغه ظهور النبي صلى الله عليه و سلم و دعاؤه إلى الله كتب إلى باذان أن ابعث إلى هذا الرجل الذي خالف دين قومه فمره فليرجع إلى دين قومه فإن أبى فابعث إلي برأسه ـ و يروى : و إلا فليواعدك يوما تقتتلون فيه ـ فلما ورد كتابه إلى باذان بعث بكتابه مع رجلين من عنده فلما قدما على رسول الله صلى الله عليه و سلم أنزلهما و أمرهما بالمقام فأقاما أياما ثم أرسل إليهما رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات غداة فقال : انطلقا إلى باذان فأعلماه أن ربى عز و جل قد قتل كسرى في هذه الليلة فانطلقا حتى قدما على باذان فأخبره بذلك فقال : إن يكن الأمر كما قال فو الله إن الرجل لنبي و سيأتي الخبر بذلك إلي يوم كذا فأتاه الخبر بذلك فبعث باذان بإسلامه و إسلام من معه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
و يقال : إن الخبر أتاه بمقتل كسرى و هو مريض فاجتمعت إليه أساورته فقالوا : من تومر علينا ؟ فقال لهم : ملك مدبر و ملك مقبل فاتبعوا هذا الرجل و ادخلوا في دينه و أسلموا و مات باذان فبعث رؤوسهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وفدهم يعرفونه بإسلامهم

(2/347)

ذكر ابن إسحاق أن عمرا قال له : يا أصحمة إن علي القول و عليك الاستماع إنك كأنك في الرقة علينا منا و كأنا في الثقة بك منك لأنا لم نظن بك خيرا إلا نلناه و لم نخفك على شيء إلا أمناه و قد أخذنا الحجة عليك من فيك الإنجيل بيننا و بينك شاهد لا يرد و قاض لا يجور و في ذلك الموقع و إصابة المفصل و إلا فأنت في هذا النبي الأمي كاليهود في عيسى بن مريم و قد فرق النبي صلى الله عليه و سلم رسله الناس فرجاك لما لم يرجهم له و أمنك على ما خافهم عليه لخير سالف و أجر ينتظر فقال النجاشي : أشهد بالله إنه للنبي الذي تنتظره أهل الكتاب و أن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل و أن العيان ليس بأشفى من الخبز
و ذكر الواقدي أن ذلك الكتاب : [ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة سلم أنت فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن و أشهد أن عيسى بن مريم روح الله و كلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه من روحه و نفخه كما خلق آدم بيده و إني أدعوك إلى الله و حده لا شريك له و الموالاة على طاعته و أن تتبعني و تؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله و إني أدعوك و جنودك إلى الله عز و جل و قد بلغت و نصحت فاقبلوا نصيحتي و السلام على من اتبع الهدى ]
فكتب إليه النجاشي : بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة سلام عليك يا نبي الله من الله و رحمة الله و بركاته الذي هو لا إله إلا هو اما بعد : فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء و الأرض إن عيسى بن مريم لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا إنه كما ذكرت و قد عرفنا ما بعثت به إلينا و قد قربنا ابن عمك و أصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا و قد بايعتك و بايعت ابن معك و أسلمت على يديه لله رب العالمين
الثفروق : علامة ما بين النواة و القمع
و توفي النجاشي سنة تسع بالحبشة و أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم بموته يومه و خرج بالناس إلى المصلى فصلى عليه الناس خلفه صفوف و كبر عليه أربعا

(2/349)

[ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى أما بعد : فإني أدعوك بداعية الإسلام أسلم تسلم و أسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم القبط و { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم أن لا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } [ آل عمران : 64 ] ]
و ختم الكتاب فخرج به حاطب حتى قدم عليه الإسكندرية فانتهى إلى حاجبه فلم يلبثه أن أوصل إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال حاطب للمقوقس لما لقيه : إنه قد كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة و الأولى فانتقم به ثم انتقم منه و اعتبر بغيرك و لا يعتبر بك قال : هات قال : إن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه و هو الإسلام الكافي به الله فقد ما سواه إن هذا النبي صلى الله عليه و سلم دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش و أعداهم له يهود و أقربهم منه النصارى و لعمري ما بشارة موسى بعيسى بن مريم إلا كبشارة عيسى بمحمد صلى الله عليه و سلم و ما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل و كل نبي أدرك قوما فهم من أمته فالحق عليهم أن يطيعوه فأنت ممن أدركه هذا النبي و لسنا ننهاك عن دين المسيح و لكنا نأمرك به فقال المقوقس : إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهود فيه و لا ينهى إلا عن مرغوب عنه و لم أجده بالساحر الضال و لا الكاهن الكاذب و وجدت معه آلة النبوة بإخراج الخبء و الإخبار بالنجوى و سأنظر
و أخذ كتاب النبي صلى الله عليه و سلم فجعله في حق من عاج و ختم عليه و دفعه إلى جارية له ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية فكتب إلى النبي صلى الله عليه و سلم : بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام عليك أما بعد : فقد قرأت كتابك و فهمت ما ذكرت فيه و ما تدعو إليه و قد علمت أن نبيا بقي و كنت أظن أنه يخرج بالشام و قد أكرمت رسولك و بعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم و بكسوة و أهديت إليك بغلة لتركبها و السلام عليك و لم يزد على هذا و لم يسلم
الجاريتان : مارية و سيرين
و البغلة : دلدل بقيت إلى زمن معاوية و كانت شهباء
و ذكر الواقدي في هذا الخبر : أن المقوقس وصف لحاطب أشياء من صفة النبي صلى الله عليه و سلم و قال : القبط لا يطاوعوني في اتباعه و لا أحب أن تعلم بمحاورتي إياك و أنا أضن بملكي أن أفارقه و سيظهر على البلاد و ينزل بساحتنا هذه أصحابه من بعده حتى يظهر على من ها هنا فارجع إلى صاحبك فقد أمرت له بهدايا و جاريتين أختين و بغلة من مراكبي و ألف مثقال ذهبا و عشرين ثوبا و غير ذلك و أمرت لك بمائة دينار و خمسة أثواب فارحل من عندي و لا تسمع منك القبط حرفا واحدا فرحلت من عنده و قد كان لي مكرما في الضيافة و قلة اللبث ببابه ما أقمت عنده إلا خمسة أيام و إن الوفود وفود العجم ببابه منذ شهر و أكثر
قال حاطب : فذكرت قوله لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : [ ضن الخبيث بملكه و لا بقاء لملكه ]
قال الدارقطني : اسمه جريح بن مينا أثبته أبو عمر في الصحابة ثم أمر بأن يضرب عليه و قال : يغلب على الظن أنه لم يسلم و كانت شبهته في إثباته إياه في الصحابة أولا رواية رواها ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : أخبرني المقوقس أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه و سلم قدحا من قوارير فكان يشرب فيه

(2/350)

ذكر الواقدي بإسناده له عن عكرمة قال : وجدت هذا الكتاب في كتب ابن عباس بعد موته فنسخته فإذا فيه : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى و كتب إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام فكتب المنذر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم : أما بعد يا رسول الله فإني قرأت كتابك على أهل البحرين فمنهم من أحب الإسلام و أعجبه و دخل فيه و منهم من كرهه و بأرضي مجوس و يهود فأحدث إلي في ذلك أمرك فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم :
[ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو و أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد عبده و رسوله أما بعد : فإني أذكرك الله عز و جل فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه و إنه من يطع رسلي و يتبع أمرهم فقد أطاعني و من نصح لهم فقد نصح لي و إن رسلي قد أثنوا عليك خيرا و إني قد شفعتك في قومك فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه و عفوت على أهل الذنوب فاقبل منهم و إنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك و من أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية ] أسلم المنذر هذا بكتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و حسن إسلامه و مات قبل ردة أهل البحرين
و ذكر ابن قانع : أنه وفد على النبي صلى الله عليه و سلم قال أبو الربيع بن سالم : و لا يصح ذلك

(2/352)

[ بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد بن عبد الله إلى جيفر و عبد ابني الجلندى سلام على من اتبع الهدى أما بعد : فإني أدعوكما بداعية الإسلام أسلما تسلما فإني رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا و يحق القول على الكافرين و إنكما إن أقررتما بالإسلام و ليتكما و إن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما و خيلي تحل بساحتكما و تظهر نبوتي على ملككما ]
و كتب أبي بن كعب و ختم رسول الله صلى الله عليه و سلم الكتاب
قال عمرو : ثم خرجت حتى انتهيت إلى عمان فلما قدمتها عمدت إلى عبد و كان أحلم الرجلين و أسهلهما خلقا فقلت : إني رسول الله إليك و إلى أخيك فقال : أخي المقدم علي بالسن و الملك و أنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك ثم قال لي : و ما تدعو إليه ؟ قلت : أدعوك إلى الله وحده لا شريك له و تخلع ما عبد من دون الله و تشهد أن محمدا عبده و رسوله قال : يا عمرو إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك فإن لنا فيه قدوة ؟ فقلت : مات و لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه و سلم وددت أنه كان أسلم و صدق به و قد كنت أنا على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام قال : فمتى تبعته ؟ قلت : قريبا فسألني أين كان إسلامي ؟ فقلت : عند النجاشي و أخبرته أن النجاشي قد أسلم قال : فكيف صنع قومه بملكه ؟ قلت : أقروه و اتبعوه قال : و الأساقفة و الرهبان اتبعوه ؟ قلت : نعم قال : انظر يا عمرو ما تقول إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له من كذب قلت : ما كذبت و ما نستحله في ديننا ثم قال : ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي قلت : بلى قال : بأي شيء علمت ذلك ؟ قلت : كان النجاشي يخرج له خرجا فلما أسلم و صدق بمحمد صلى الله عليه و سلم قال : لا و الله لو سألني درهما واحدا ما أعطيته فبلغ هرقل قوله فقال له يناق أخوه : أتدع عبدك لا يخرج لك خرجا و يدين دينا محدثا ؟ قال هرقل : رجل رغب في دين و اختاره لنفسه ما أصنع به و الله لولا الضن بملكي لصنعت كما صنع قال : انظر ما تقول يا عمرو ؟ قلت : و الله صدقتك قال عبد : فأخبرني ما الذي يأمر به و ينهى عنه
قلت : يأمر بطاعة الله عز و جل و ينهى عن معصيته و يأمر بالبر و صلة الرحم و ينهى عن الظلم و العدوان و عن الزنا و شرب الخمر و عن عبادة الحجر و الوثن و الصليب فقال : ما أحسن هذا الذي يدعو إليه لو كان أخي يتابعني لركبنا حتى نؤمن بمحمد و نصدق به و لكن أخي أضن بملكه من أن يدعه و يصير ذنبا قلت : إنه إن أسلم ملكه رسول الله صلى الله عليه و سلم على قومه فأخذ الصدقة من غنيهم فردها على فقيرهم قال : إن هذا الخلق حسن و ما الصدقة ؟ فأخبرته بما فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم من الصدقات في الأموال حتى انتهيت إلى الإبل فقال : يا عمرو و تؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى الشجر و ترد المياه ؟ قلت : نعم فقال : و الله ما أرى قومي في بعد دارهم و كثرة عددهم يطيعون بهذا قال : فمكثت ببابه أياما و هو يصل إلى أخيه فيخبره كل خبري ثم إنه دعاني يوما فدخلت عليه فأخذ أعوانه بضبعي فقال : دعوه فأرسلت فذهبت لأجلس فأبوا أن يدعوني أجلس فنظرت إليه فقال : تكلم بحاجتك فدفغت إليه الكتاب مختوما ففض خاتمه فقرأه حتى انتهى إلى آخره ثم دفعه إلى أخيه فقرأه مثل قراءته إلا أني رأيت أخاه أرق منه
ثم قال : ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت ؟ فقلت : تبعوه إما راغب في الدين و إما مقهور بالسيف قال : و من معه ؟ قلت : الناس قد رغبوا في الإسلام و اختاروه على غيره و عرفوا بعقولهم مع هدي الله إياهم أنهم كانوا في ضلال فما أعلم أحدا بقي غيرك في هذه الحرجة و أنت إن لم تسلم اليوم و تتبعه يوطئك الخيل و يبد خضراءك فأسلم تسلم و يستعملك على قومك و لا يدخل عليك الخيل و الرجال قال : دعني يومي هذا و ارجع إلي غدا فرجعت إلى أخيه فقال : يا عمرو إني لأرجو أن يسلم إن يضن بملكه حتى إذا كان الغد أتيت إليه فأبى أن يأذن لي فانصرفت إلى أخيه فأخبرته أني لم أصل إليه فقال : إني فكرت فيما دعوتني إليه فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلا ما في يدي و هو لا تبلغ خيله إلي هاهنا و إن بلغت خيله ألفت قتالا ليس كقتال من لاقى قلت : و أن خارج غدا فلما أيقن بمخرجي خلا به أخوه فقال : ما نحن فيما قد ظهر عليه و كل من أرسل إليه قد أجابه ؟ فأصبح فأرسل إلي فأجاب إلى الإسلام هو و أخوه جميعا و صدقا النبي و خليا بيني و بين الصدقة و بين الحكم فيما بينهم و كانا لي عونا على من خالفني

(2/353)

[ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى هوذة بن علي سلام على من اتبع الهدى و اعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف و الحافر فأسلم تسلم و أجعل لك ما تحت يديك ]
[ فلما قدم عليه سليط بكتاب النبي صلى الله عليه و سلم مختوما أنزله و حباه و قرأ عليه الكتاب فرده دون رد و كتب إلى النبي صلى الله عليه و سلم : ما أحسن ما تدعو إليه و أجمله و أنا شاعر قومي و خطيبهم و العرب تهاب مكاني فاجعل إلي بعض الأمر أتبعك و أجاز سليطا بجائزة و كساه أثوابا من نسج هجر فقدم بذلك على النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره و قرأ النبي صلى الله عليه و سلم كتابه و قال : لو سألني سيابة من الأرض ما فعلت باد و باد ما في يديه فلما انصرف النبي صلى الله عليه و سلم من الفتح جاءه جبريل عليه السلام بأن هوذة قد مات فقال صلى الله عليه و سلم : أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبا بعدي فقال قائل : يا رسول الله من يقتله ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنت و أصحابك فكان كذلك ]
و فيما ذكر الواقدي أن أركون دمشق ـ عظيم من عظماء النصارى كان عند هوذة ـ فسأله عن النبي صلى الله عليه و سلم فقال : جاءني كتابه يدعوني فيه إلى الإسلام فلم أجبه قال الأركون : لم لا تجيبه ؟ فقال : ضننت بديني و أنا ملك قومي و لئن تبعته لم أملك قال : بلى و الله لئن اتبعته ليملكنك و إن الخيرة لك في اتباعه و إنه للنبي العربي الذي بشر به عيسى بن مريم و إنه لمكتوب عندنا في الإنجيل محمد رسول الله و ذكر باقي الخبر

(2/355)

ذكر الواقدي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث شجاعا إلى الحارث بن أبي شمر و هو بغوطة دمشق فكتب إليه مرجعه من الحديبية :
[ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الحارث بن أبي شمر سلام على من اتبع الهدى و آمن به و صدق و إني أدعوك إلى أن تؤمن بالله و حده لا شريك له و يبقى لك ملكك
فختم الكتاب و خرج به شجاع بن وهب قال : فانتهيت إلى حاجته فأجده يومئذ و هو مشغول بتهيئة الأنزال و الألطاف لقيصر و هو جاء من حمص إلى إيلياء حيث كشف الله عنه جنود فارس شكرا لله تعالى قال : فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة فقلت : لحاجبه : إني رسول رسول الله صلى الله عليه و سلم إليه فقال حاجبه : لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا و كذا و جعل حاجبه ـ و كان روميا اسمه مري ـ يسألني عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و ما يدعو إليه فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء و يقول : إني قرأت في الإنجيل و أجد صفة هذا النبي بعينه فكنت أراه يخرج بالشام فأراه قد خرج بأرض القرظ فأنا أؤمن به و أصدقه و أنا أخاف من الحارث بن أبي شمر أن يقتلني قال شجاع : فكان ـ يعني هذا الحاجب ـ يكرمني و يحسن ضيافتي و يخبرني عن الحارث باليأس منه و يقول : هو يخاف قيصر قال : فخرج الحارث يوما و جلس فوضع التاج على رأسه فأذن لي عليه فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرأه ثم رمى به و قال : من ينتزع مني ملكي و أنا سائر إليه و لو كان باليمن جئته علي بالناس فلم يزل جالسا يعرض حتى الليل و أمر بالخيل أن تنعل ثم قال : أخبر صاحبك بما ترى و كتب إلى قيصر يخبره خبري فصادف قيصر بإيلياء و عنده دحية الكلبي و قد بعثه رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما قرأ قيصر كتاب الحارث كتب إليه : ألا تسر إليه واله عنه و وافني بإيلياء قال : و رجع الكتاب و أنا مقيم فدعاني و قال : متى تريد أن تخرج إلى صاحبك ؟ قلت : غدا فأمر لي بمائة مثقال ذهبا و وصلني مري بنفقة و كسوة و قال : اقرأ على رسول الله صلى الله عليه و سلم مني السلام و أخبره أني متبع دينه
قال شجاع : فقدمت على النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته فقال : باد ملكه و أقرأته من مري السلام و أخبرته بما قال فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : صدق ]
و ابن هشام يقول : بأن المرسل إليه جبلة بن الأيهم بدل الحارث بن أبي شمر
و قد تقدم فيما ذكرناه عن ابن إسحاق كتاب النبي صلى الله عليه و سلم إلى الحارث بن عبد كلال و من معه باليمن و الله تعالى أعلم
 

This site was last updated 11/09/08