Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

البيمارستان مكان علاج المرضى 

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 3000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
سور القاهرة
حديقة الأورمان
الآثار الإسلامية وتعاطى المخدرات
أحياء القاهرة حى بولاق
Untitled 1668
Untitled 1669
Untitled 1670
Untitled 1671
Untitled 1672
Untitled 1673
Untitled 1674
Untitled 1675
Untitled 1676
Untitled 1677
Untitled 1678
Untitled 1679
Untitled 1680
Untitled 1681
وكالة بازرعة فى العصر الفاطمى
أسقف الكنيسة اليونانية
أبواب القاهرة
الصقلى وبناء القاهرة
New Page 6445
كنائس القاهرة
البيمارستان
New Page 6446

Hit Counter

 

صروح الرحمة فى الحضارة الإسلامية.. البيمارستان

جريدة المصرى اليوم  كتب جمال الغيطانى   ٩/ ٩/ ٢٠٠٩ م

لولا الأقواس الحجرية المتبقية لاكتمل مشهد المكان الخرب، هذا ما يبدو عليه ما تبقى من بيمارستان المؤيد شيخ حموى. البيمارستان من أعمال الخير الجليلة التى تميزت بها الحضارة الإسلامية، تماماً مثل الأسبلة والخانقوات. لم يكن الطب نشاطاً من الأنشطة المستهدفة للربح، كان العلاج كله مجاناً، ليس هذا فقط إنما أيضاً كفالة الظروف الخاصة بالمريض حتى يتم شفاؤه تماماً ويعود إلى تجارته أو نشاطه أياً كان.

معنى كلمة بيمارستان

«بيمارستان» كلمة فارسية تتكون من جزأين: الأول «بيمار» أى مريض والآخر «ستان» أى مكان..

أول مستشفى بمصر

إنه المستشفى كما عُرف منذ بداية القرن التاسع عشر. أول مستشفى عرفته مصر على النظام الأوروبى فى عصر محمد على، مستشفى أبوزعبل، ويعتبر كلود بك الفرنسى هو منشئ النظام الصحى فى مصر على الأسس الحديثة وله كتاب مهم عن سنوات إقامته فى مصر، تُرجم وطُبع أكثر من مرة.

وخلال زيارتى إلى مارسيليا اكتشفت أنه مدفون فى مكان كان مخصصاً للحجر الصحى للقادمين من الخارج، ويُستخدم الآن كمركز ثقافى، ويوجد به متحف صغير يضم قطعاً أثرية عاد بها من مصر، وبالطبع يمتد فى القاهرة شارع شهير يحمل اسمه، وإن كان الشارع عُرف حتى نهاية الأربعينيات باعتباره المركز الرئيسى للدعارة فى القاهرة إلى أن ألغيت رسمياً بمبادرة من نائب البرلمان وقتئذ سيد جلال.

عرفت البيمارستانات فى الحضارة العربية كأبرز أعمال الخير، ليس من أجل العلاج فقط، إنما كمعاهد للطب، ولتعليم الأطباء. عُرف الطب فى مصر منذ آلاف السنين بوسائله المتقدمة، وفى العصور القديمة أجريت عمليات جراحية دقيقة، لعل أبرز مثال لها ما تم بالنسبة لعمال الأهرام الذين أصيبوا أثناء عمليات البناء، إذ يتضح من هياكلهم العظمية المتبقية أنه تمت عمليات جراحية فى العظام، بعضها فى الجماجم والأعمدة الفقرية، وهذا يدحض أى زعم بالعبودية، فالذين بنوا الأهرام كانوا معززين مكرمين، ولم يكونوا عمال سُخرة، إنما كانوا يسهمون بحماس فى بناء صرح له صلة بالعقيدة الدينية وليس مقبرة

أقسام فى البيمارستان

فى الحضارة العربية كان الطب يمارسه أفراد، وكان ثمة موروث شعبى طويل. بعد الإسلام بدأت فكرة البيمارستان فى الظهور، وكان نوعين: الأول ثابت، أى يمارس الأطباء العمل فى مكان مخصص لهم، والآخر محمول، وهو الذى ينقل من مكان إلى مكان حسب ظروف الأمراض والأوبئة والحروب أيضاً.

وعبر الزمن استقر المضمون والشكل، كان البيمارستان ينقسم إلى قسمين منفصلين عن بعضهما، قسم للذكور وآخر للإناث، كل منهما مجهز بالمعدات والأدوية، وله أطباء وممرضون وفراشون، داخل كل قسم قاعات للأمراض المختلفة.

يذكر ابن أبى أصيبعة فى كتابه «طبقات الأطباء» ونقل عنه الدكتور أحمد عيسى فى كتابه الشامل عن البيمارستانات فى الإسلام، الذى طبع فى مصر خلال الأربعينيات، يذكر أن الأقسام كانت للأمراض الباطنية، وقاعة للجراحة، وقاعة للكحالة «العيون» وقاعة للتجبير، أما القسم الباطنى فبداخله قسم للمحمومين وهم المصابون بالحمى، ولمرضى الأمراض العقلية، وأذكر أنه خلال زيارتى لبيمارستان حلب الذى مازال سليماً، وفى حالة جيدة، أننى توقفت طويلاً فى قسم الأمراض العقلية المصمم طبقاً لحالات المرضى، فالحالات الخفيفة فى البداية، أماكن فسيحة، الضوء فيها كاف، الفتحات فسيحة، لكن الحالات المستعصية فى الداخل، عندئذ يتحول المكان إلى ما يشبه الزنازين.

الشرابخاناه

يلحق بالبيمارستان صيدلية تسمى الشرابخاناه، وكان الرئيس العام يسمى ساعور البيمارستان، أى المشرف العام، و«ساعور» كلمة سريانية الأصل.

يقول القلقشندى فى موسوعته «صبح الأعشى فى صناعة الإنشا»- عاش فى القرن الخامس عشر الميلادى - إن الشرابخاناه هى الحواصل المعبر عنها بالبيوت، كلمة «خاناه» تعنى «بيت»، من هنا نجد كلمات مثل الطبلخاناه «بيت الآلات الموسيقية» والطشت خاناه «بيت الأوعية الخاصة بالاستخدام». كان لكل بيمارستان بيت الشراب الخاص به، وكان مزوداً بالمواد اللازمة لصناعة الأدوية، وكان الدواء يصرف للفقير تماماً مثل الأمير،

تكاليف العلاج

أما التكاليف فيتم تغطيتها من الوقف المخصص، وعندما نقرأ حجة وقف السلطان منصور بن قلاوون الخاصة بمنشآته فى بين القصرين، ومنها البيمارستان الذى مازالت بقاياه قائمة، ومنها أقدم سقف خشبى على الإطلاق فى مصر، ويقوم على أرضه الآن مستشفى متخصص فى طب العيون، يعتبر الأقدم فى الشرق الأوسط، افتتح عام ١٩١٠ فى القرن الماضى - لم تترك حجة الوقف أدق التفاصيل إلا وتعرضت لها.

نظام العلاج

كان نظام العلاج ينقسم إلى نوعين، الأول خارجى، أى يجىء المريض ويكشف عليه الطبيب، ثم يتسلم دواءه وينصرف عائداً إلى بيته، أما إذا كانت حالته متقدمة فيتم حجزه فى القسم الداخلى، حيث يقيم إقامة كاملة، وكان لكل طبيب نوبة معروفة ومواعيد محددة. من أساليب العلاج المتقدمة التى كانت موجودة فى مستشفى قلاوون، العلاج بالموسيقى، كانت توجد فرقة من الموسيقيين المحترفين يقومون بعزف مقطوعات موسيقية تهدئ الأعصاب، وكان البيمارستان مثل كلية الطب، حيث يتم تعليم الطب من خلال علاج المرضى وعرض الحالات، ويتم منح الطبيب إجازة ممارسة المهنة من البيمارستان.

يورد الدكتور أحمد عيسى نصاً لإحدى هذه الإجازات، أورده كاملاً لأنه نص جميل يدلنا على مصادر غير تقليدية للنثر العربى:

(هذه صورة ما كتبه الشيخ الأجل عمدة الأطباء ومنهاج الألباء الشيخ شهاب الدين ابن الصايغ الحنفى، رئيس الأطباء بالديار المصرية، إجازة للشاب المحصل محمد عزام، أحد تلامذة الشيخ الأجل والكهف الأحول الشيخ زين الدين عبدالمعطى، رئيس الجراحين على حفظه لرسالة الفصد «فصد الدم» كما سنبينه:

الحمد لله، ومنه أستمد العناية

الحمد لله الذى وفق من عباده من اختاره لخدمة الفقراء والصالحين وهدى من شاء للطريق القويم والنهج المستقيم على ممر الأوقات والأزمان إلى يوم الدين، وبعد فقد حضر عندى الشاب المحصل شمس الدين محمد بن عزام بن.... «كلمات مفقودة» على المؤذن الجروانى المتشرف بخدمة الجراح والمتقيد بخدمة الشيخ الصالح بقية السلف الصالحين العارفين وشيخ طائفة الجراحين بالبيمارستان المنصورى هو الشيخ عبدالمعطى المشهور بابن رسلان، نفحنا الله ببركاته ورحم أسلافه العارفين الصالحين وعرض على جميع الرسالة اللطيفة المشتملة على معرفة الفصد وأوقاته وكيفيته وشروطه وما يترتب عليه من المنافع المنسوبة والرسالة المذكورة للشيخ الإمام العلامة التمام شمس الدين محمد بن ساعد الأنصارى شكر الله سعيه ورحمه وأسكنه بحابيح جناته بمنه وكرمه، عرضاً جيداً دل على حسن حفظه للرسالة المذكورة وقد أجزئه أن يرويها عنى بحق روايتها وغيرها من الكتب الطبية..).

إلى هنا وينتهى الجزء الذى تبقى من الرسالة، كانت الأمور منظمة، صارمة، وكان المحتسب يراقب عمل الأطباء ويشرف عليه ويطبق العقاب على المخالفين.

 أعداد من البيمارستانات الأثرية فى مصر

قبل اللجوء إلى التاريخ لمعرفة ما كان عليه البيمارستان المؤيدى الذى أقف فى أطلاله، قرب القلعة، نعود إلى كتاب الدكتور أحمد عيسى الذى يخصص فيه فصلاً لبيمارستانات مصر. يقول إن أقدمها كان فى زقاق القناديل أحد أزقة الفسطاط، وكان يوجد أيضاً آخر اسمه المعافر والتسمية ترجع إلى بنى المعافر من قبائل العرب،

بيرمستان أبن طولون المشهور بالعتيق

 أما المعروف بالعتيق فأنشأه أحمد بن طولون سنة ٢٥٩هـ - ٨٧٢ ميلادية، أنفق عليه ستين ألف دينار، وكان يشرف عليه بنفسه ويركب لمتابعته كل أسبوع، بعض المصادر تؤكد أنه الأول من نوعه فى مصر.

لقد اشترط ابن طولون ألا يعالج فيه جندى أو مملوك، وعمل حمامين أحدهما للرجال والآخر للنساء، حبسهما على المارستان وغيره، واشترط أنه فى حالة حضور العليل تنزع عنه ثيابه وكل ما معه ويحفظ عند أمين المارستان وتسلم إليه ملابس خاصة ويفرش له ويغذى ويراح بالأدوية والأغذية والأطباء حتى يبرأ، فإذا أكل فروجاً وأَُمر بالانصراف أعطى ماله وثيابه.

وفى سنة ٢٦٢هـ - ٨٧٥م، كان ما حبسه على المارستان والعين والمسجد فى الجبل الذى يسمى تنور فرعون أعياناً كثيرة، وكان بلغ ما أنفق على المارستان ومستغله ستين ألف دينار، فكان يركب بنفسه فى كل يوم جمعة ويتفقد خزائن المارستان وما فيها والأطباء وينظر إلى المرضى وسائر المعلولين والمحبوسين من المجانين. دخل مرة حتى وقف عند المجانين فناداه واحد منهم مغلول، مقيد:

«أيها الأمير، اسمع كلامى، ما أنا بمجنون، وإنما عُملت علىّ حيلة.

وفى نفسى شهوة لأكل الرمان، أريد رمانة كبيرة».

أمر له أحمد بن طولون برمانة فأحضروها له، فرح بها وهزها فى يده، وفجأة قذف بها بكل ما أوتى من قوة إلى صدر أحمد بن طولون، نضحت على صدره ولو تمكنت منه لقتلته، أمرهم أن يشددوا عليه الحراسة، ولم يعد بعد ذلك إلى البيمارستان.

يقول السخاوى المؤرخ إن ابن طولون بنى إلى جانب جامعه البيمارستان وكان يضم مكتبة تحتوى على مائة ألف مجلد، ولما آلت الدولة الطولونية إلى الزوال بخروج شيبان بن أحمد بن طولون آخر ملوكها من مصر ليلة الخميس، ليلة ليالى ربيع الأول ٢٩٢هـ، ودخلها محمد بن سليمان الكاتب من قبل المكتفى بالله، أخذ الشعراء فى رثائهم والتحسر عليهم فنظموا القصائد الطوال فى ذلك، ومن بين المراثى قصيدة للشاعر سعيد القاضى يرثى فيها البيمارستان الطولونى:

ولا تنس مارستانه واتساعه

وتَوْسعة الأرزاق للحَوْل والشَهرْ

وما فيه من قُوّامه وكُفّايه

ورِفْقِهم بالمعتفين ذوى الفَقْر

فللميّت المقبور حسنُ جهازه

وللحىّ رِفْقُ فى علاج وجَبْر

وكان مما ألحقه ابن طولون بالمكان صيدلية فيها أنواع الأدوية المختلفة، وكان يخصص طبيباً يوم الجمعة ليجلس على سبيل الاحتياط خشية أن يقع تعب ما أو أزمة مفاجئة لأحد المصلين، وكان الأطباء المعالجون من المسلمين والأقباط. من البيمارستانات الكبرى ذلك الذى بناه صلاح الدين الأيوبى «٥٦٧هـ - ١١٧١م»، استولى على القصر الفاطمى الذى كان يضم قاعة بناها العزيز بالله سنة ٣٨٤هـ - ٩٩٤م فجعلها السلطان صلاح الدين بيمارستاناً، ويذكر القلقشندى أنه زوده بطلسم يمنع دخول النمل، ومن الرحّالة المشهورين الذين دخلوه المغربى ابن جبير، الذى وصفه قائلاً:

«ومما شاهدناه فى مفاخر هذا السلطان، المارستان الذى بمدينة القاهرة، وهو قصر من القصور الرائعة، حسناً واتساعاً، أبرزه لهذه الفضيلة تأجراً واحتساباً، وعين قيماً من أهل المعرفة، وضع لديه خزائن العقاقير ومكّنه من استعمال الأشربة وإقامتها على اختلاف أنواعها، ووضعت فى مقاصير ذلك القصر أسرّة يتخذها المرضى مضاجع كاملة الكَسْى».

 

من أشهر البيمارستانات فى تاريخ الطب بمصر ذلك المعروف بالمنصورى، وهو جزء من مجموعة المنصور قلاوون فى النحاسين «بين القصرين»، وسوف أرجئ الحديث عنه الآن، إذ إننى سأتوقف طويلاً أمام مجموعة قلاوون عندما أصل إليها فى سعيى خلال شارع المعز لدين الله.

بيمارستان المؤيدى

مازلت فى باب الوزير، فى البيمارستان المؤيدى، قبل أن أتحدث عنه فاتنى أن أذكر شيئاً عن باب الوزير، كان هناك سور يفصل بين الجبانة والمنطقة السكنية، كان ذلك جزءاً من سور القاهرة، غير أن الوزير نجم الدين محمود بن على بن شروين المعروف بـ«وزير بغداد» وقت أن كان وزيراً للملك الأشرف كجك بن الناصر محمد بن قلاوون ٧٤٢هـ لمرور الناس من الجبانة إلى البيوت وبالعكس، ومع الزمن عرف بباب الوزير، هكذا اتصلت الحياة اليومية للناس بمراقد الموتى، ومع الزمن تداخلت المسافات وتقاطعت الطرق.

أعود إلى البيمارستان المؤيدى: يقول المقريزى فى موسوعته الرائعة، الجميلة:

«هذا البيمارستان فوق الصوة تجاه الطبلخاناه بقلعة الجبل، حيث كانت مدرسة الأشرف شعبان ابن حسين التى هدمها الناصر فرج بن برقوق وبابه هو حيث كان باب المدرسة».

يذكر المقريزى أن المرضى نزلوا به اعتباراً من جمادى الآخرة ٨٢١هـ، وكان ينفق عليه من الأوقاف المخصصة للجامع المؤيدى المجاور لباب زويلة، فلما مات المؤيد عام ٨٢٤هـ تعطل العمل به، وهذه ظاهرة مملوكية لاتزال مستمرة، فالمنشأة التى يؤسسها الحاكم تحظى بالعناية طوال مدة حكمه، وبمجرد رحيله قد يتطرق إليها الإهمال حتى تزول تماماً إلا إذا كان لها صلة عضوية بحياة الناس ومصالحهم، عندئذ تجرى المحاولات لتغيير اسمه أو معالمه وربما وظيفته، ومن الأمور المشابهة التى عاصرها جيلى، الحملة التى جرت مع بداية حكم الرئيس أنور السادات ضد السد العالى، وكانت حملة مملوكية بامتياز، إذ كان القائمون عليها وبها يعرفون أنهم يقدمون على أمر يلقى قبولاً من الحاكم، فى الوقت نفسه يبدى هو عدم ارتياحه.

جرى تغيير اسم بحيرة ناصر إلى بحيرة السد العالى، وترددت أقاويل عن موقف خلال زيارة رئاسية أزيل بعدها تمثال نصفى للرئيس جمال عبدالناصر، واللوحة التذكارية لاكتمال السد، ومثل ذلك كثير لكن لا أحد يتعظ.

بعد أن مات المؤيد شيخ أُهمل البيمارستان بحجة عدم وجود بند للصرف عليه من الأوقاف. أُخرج المرضى منه وأُغلق وصار منزلاً للرسل الواردين من ملوك الشرق لقربه من ملوك الشرق، ثم تحول إلى مكان لشرب الخمر وممارسة الفاحشة ومربط للخيول، ثم تحول إلى خرابة. وفى عام ١٨٩٤ ميلادية زارت لجنة حفظ الآثار العربية المكان، وأعدت تقريراً عنه باعتباره أثراً يستحق العناية والحفظ، وتمت أعمال كشف عن واجهة البيمارستان، غير أن الإهمال عاد إلى المكان وهو الآن مقلب زبالة، فسبحان مدبر الأحوال ومغيرها!

يذكر على باشا مبارك تفاصيل الوقف الذى يخص البيمارستان المؤيدى فى موسوعته الخطط، وهذا يناقض السبب الذى من أجله أهمل البيمارستان وكان سبباً لزوال وظيفته، ويبدو أن السبب كراهية الناس للسلطان المؤيد الذى دس السم لابنه الصارمى إبراهيم حتى لا يرتقى الملك بعده ثم ندم على ذلك ندماً شديداً، مما أدى إلى موته غماً وحزناً بعد ستة شهور من وفاة الابن الذى احتضر بالسم البطىء، والآن يمكن للداخل إلى مسجد المؤيد الجميل المجاور لباب زويلة أن يرى قبر الأب وإلى جواره قبر الابن الأصغر حجماً، كلاهما يرقد فى الثرى، ولهذا تفصيل مثير أستعيده مما دوّنته لغرابته،

خاصة ما جرى لابن السلطان المؤيد البالغ من العمر ستة شهور، والذى نصبه المماليك سلطاناً على مصر وجرى له فيما تلى ذلك ما جرى وهذا ما سأذكره غداً، خاصة أن مئذنتى المسجد فوق باب زويلة، الباب الذى عُلقت فوقه رؤوس العديد من المشنوقين أشهرهم طومانباى السلطان الشهيد، وهذه المآذن صارت معلماً بالنسبة للقادم من ناحية باب الوزير أو المتجه إليه، غير أن ما جرى للسلطان المؤيد ولولديه الكبير والطفل من الأمور العجيبة، وهذا ما سأفصّله غداً بإذن الواحد الأحد الباقى أبداً.

 

This site was last updated 09/10/09