Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

المسلمون يستولون على وقف كنيسة أبى سرجة

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الكرسى الشاغر
البابا كيرلس الـ 75 ج1
البابا كيرلس الـ 75 ج2
البابا كيرلس الـ 75 ج3
المسلمون وكنيسة أبو سرجة
نياحة الأنبا كيرلس الـ 75
قبطى سكران يتلفظ بالإسلام

 

  ودخلت سنة 639 للهجرة

المسلمون يستولون على وقف كنيسة أبى سرجة

وقامت المجموعة المسلمين الذين هاجموا كنيسة القلعة بتدبير إعتداء آخر على كنيسة أبى سرجة بمصر , وكان لهذه الكنيسة بيتين وقفا لها تصرف من دخلهم على إحتياجاتها وكانوا ملاصقين لها أحدهما من شرقيها شارعه على الطريق والأخرى من غربيها من داخل الدرب (منطقة)الذى أبواب الكنيسة فيه وأدعوا أن كل دار فيها كان مسجداً وأنهم يعرفون ذلك منذ ما يقرب أربعين سنة .

وكان الشيخ السنى الراهب الذى كان يطلق عليه أبن الثعبان مقيما ومراعيا لكنيسة ابى سرجة وأوقافها وقد بناها وبنى أوقافها وأضاف أماكن ومساكن أخى إلى أوقافها ويقول أبن المقفع فى مخطوط تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 231 عن أعمال هذا الراهب فى كنيسة ابى سرجة : " وسار فيها سيرة ملايكة " وأحضر هؤلاء المخربون قوما منهم رفعا شكوى إلى قاضى الشرع وأسمه بن عبد السلام , وبعد أن أجتمعوا به وقرروا الطرق التى يسلكوها وعرفهم بالأساليب الملتوية , فإدعى واحد منهم مسلم وأسمه أبى الحسن بن مكين القزاز وكان بينه وبين الراهب اتلشيخ السنى خلاف لأنه كان سكن فى قاعة (بيت) ملك للكنيسة ولم يفع الأجرة وكان الراهب السنى يطالبه بها لأنه لا يريد أن يترك حق الكنيسة , وكان أبى الحسن مذموم غير محبوب كذابا وأدعى على الراهب بتسلم أجرة الدار الخارجية منذ أربعين سنة فأنكر الراهب ما قاله المؤجر المسلم فقال القاضى له : " أحلف " فقال الراهب : "نعم" قال القاضى قل : وبحق من أنزل الأنجيل على قلب عيسى " قال له الراهب : " هذا ليس مذخبى ولا معتقدى ولا يحلف الإنسان إلا على معتقده كما تعهدنا من القضاة من قبل " قال القاضى : " إن لم تحلف على ما قلت أخرقت بك (حكمت عليك) " .. فقال له : " مهما شئت فإفعل ما سمعنا قط من حكم بهذا الحكم " فإغتاظ القاضى منه : " وأخرق به (حكم عليه) قدامه وأمر بإعتقال الراهب الشيخ السنى كما جرى للرسل الأطهار .

ثم أن المسلمين المتعصبين بواسطة القاضى كتبوا محضراً بأن الدار مسجداً من مساجد المسلمين وأن النصارى تعدوا عليه وحولوه داراً من أيام الغلاء فى سنة 579 هجرية , وأحضروا الراهب الشيخ السنى من السجن الذى كان معتقلاً فيه فى اليوم الثالث لأنهم بدأوا بإحضاره فى عصر نهار الثلاثاء 19 مسرى من هذه السنة وجددوا الدعوى عليه , فأنكر الراهب هذا القول , فأخرجوا المحضر وكان يشهد فيه ثمانية من المسلمين الكذبه وفيهم من لم يبلغ أربعين سنة حسب قانون هذا العصر أن الشاهد يجب أن يبلغ أربعين سنه وزكى القاضى منهم أثنين وهما أبن حوله وأبن صباح ويقول أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 232 : " أختاروا هاذين الشيخين كالشخصين لكى يكونا كشيخى سوسنة " فأثبت المحضر وأعاد الراهب الشيخ إلى الإعتقال بعد مناقشات كثيرة معه .. وقال القاضى للراهب : إن كان عندك بينه (إثبات أو دليل ) إحضرها " فقال له : " يا مولاى من أين لى بينه وأنا فى الإعتقال " قال القاضى : " وكل عنك" قال الراهب : " ليس لى وكيل يحضر معى القضية  إلى أن أحضر مستنداتى " .. وقال القاضى : " لا سبيل لك فى ذلك " وأمر بإعتقاله فى عشية يوم الجمعة 22 من مسرى .

ثم كتبوا محضر بالدار الأخرى التى كانت فى داخل الدرب وكان القسيس المعتمد بن القسيس معانى قسيس كنيسة أبى سرجه ساكنا فى هذا البيت , فأحضروه وأمروه بتسليم البيت التى فى داخل الدرب , وقال القسيس أنه كان ساكنها منذ عشرين سنة وأمره بإخلائها على الفور وأنه عليه أجرة العشرين سنة التى سكنها فيها للمسلمين , فأخليت الدار وأصبحت فى يد الخصوم , وقال له القسيس أنا فقير وليس عندى شئ أدفعه فقال القاضى : يضمنه أحد ويخلى سبيله ويكتب محضر أنه فقير " فضمنه أهله وخرج من الأعتقال .

وفى عشية يوم الأثنين 25 من مسرى أحضر القاضى الشيخ السنى من الأعتقال لأنه كان كل ثلاثة أيام يحضره أمامه , وقال له : أى شئ عملت : " ما الذى أعمله وأنا فى السجن وأنا ليس لى أحد " فقال : يضمنك أحد وأمضى " فحضر جماعة من الأقباط فضمنوه وذهب إلى الكنيسة أبى سرجة وحضر مجموعه من المسلمين وناقشوه ولم تكن لهم حيله لأن كبار المسلمين وشيوخهم ورؤسائهم كانوا متأكدين أن شهادة المسلمين بأن وقف الكنيسة كان مسجداً شهادة باطلة وأن البيوت لم تكن مسجداً قط إلا أنهم لم يستطيعوا أن يشهدوا وأرزاقهم وأحوالهم مع المسلمين كما أنهم يخافون من القاضى , ودليل على ذلك أن المحضر الول بالبيت الذى بابه على الشارع (الطريق ) تضمن أن هذا المسجد كان له ثلاثة ابواب وكانوا يقصدون أن يأخذوا الدارين الآخرين , وكانت هاتان الداران شركة مع أمرأة مسلمة لها الربع والكنيسة الثلاث أرباع وأحضرت هذه المرأة مستنداتها إلى القاضى وشنعت عليهم وصرخت فيهم أنا امرأة مسلمة مثلكم , فأمر بألا يتعرضون لهاتين الدارين اللتان فى الحصن , وأقتصروا على الدار الملاصقة للكنيسة قصداً منهم فى مضايقة الكنيسة وأخذ ما يجاور هذه الدار حسب ما يمكنهم كما فعلوا بالكنيسة المعلقة .

المستندات تثبت ملكية البيوت للكنيسة ولكن القاضى المسلم يهملها

وكان فى الحارة جيران مسلمون ولهم املاك مجاورة للدار الخارجية التى على الطريق ومعهم مستندات تاريخها ترجع إلى  90 سنة مضت تشهد بحدود منازلهم إلى حد الدار البرانية , وشهدوا أن الدار الخارجية وقف للكنيسة وذكروا لو كانت مسجداً كانت ذكرت فى حدود المستندات التى معنا , وكان هناك مسيحى له بيت فى داخل الدرب مقابله للدار الداخليه الملاصقه للكنيسة عنده مستندات يرجع تاريخها إلى 130 سنة كانت أيضا مستنداته لم تذكر وجود مسجد وكانت حدود مستنده تنتى عند الدار الداخلية ولم تذكر وجود مسجد بل ذكرت المستندات أن حدود بيته تنتهى عند دار الوقف وأنها كانت سكن (بيت) الشيخ ابى غالب , وأحضرت هذه المستندات للقاضى المسلم فإطلع عليها ولم يهتم بها  .

المسلمون يلزمون الراهب بغرامة مالية حتى لا يطالبون بملكية الوقف للكنيسة

وظل الراهب الشيخ السنى يسعى فى موضوع القضية بالقاهرة ومصر ويأمروه بالحضور يوم الثلاثاء والأربعاء ولم يفعلوا شئ , وفى عشية يوم الخميس 28 مسرى ذهب القاضى غلى كنيسة كنيسة ابى سرجة ومعه جمع من الشهود وغيرهم ووالى مصر ودخل إلى الدار الخارجية واحضر الشيخ السنى وقال له : " أى شئ عملت " قال له : " يا مولاى لم افعل شيئاً " قال القاضى : " هذه الدار مثبوت عندى أنها كانت مسجداً من مساجد المسلمين وأنت لم تجدد شيئا بل أبن أبى غالب الذى كان بطريركاً , أما أنت لا نريد منك إلا إيراد هذه البيوت فى 13 سنة التى أعترفت أنك كنت تتولى إدارتها وتحصل إيرادها ونريد إيجارها فى هذه المدة " فقال الراهب السنى : " هذه الأجرة صرفتها يامولاى فى جوالى (الأقباط الذين لم يقدروا أن يدفعوا الجوالى والجوالى هى الجزية العينية المفروضة على الأقباط )  النصارى وصدقة للأقباط الفقراء كما نصت شروط الوقف " قال القاضى : " هذا لا يفيد " قال : " يا مولاى إذا كان هذا المكان من قبل مسجدا فكيف أصبحت عدة منازل وبيوت وملكاً لأشخاص مختلفين وهذه الطبقات وهذه الألات التى بها " قال القاضى : أعطونا أجرة المكان لمدة 13 سنة أو سنأخذ ما قيمته من البنيان والأخشاب التى فيه الذى به الآن " فقالوا ويتبقى على الشيخ الراهب السنى أحدى عشر ديناراً فقال لهم القاضى : " أنتم فى حل منها " .

المسلمون يقولون أن مكان المراحيض ودورة المياة أصله المحراب

فخرجوا من الدار الخارجية وذهبوا إلى البيت الآخر ولم يكن بها إلا الدور العلوى الذى كان به القسيس يسكن فيها , لأن الجزء السفلى كان خرباً , وكان الراخب السنى سد بابه من ناحية الدرب (الحارة المسدودة) وفتحه من ناحية الكنيسة وجعله مخزن للحلفاء وهو يجاور مخزن يستخدم فى تخزين الألات والأشياء المستخدمة فى الكنيسة , ودخل من باب المستخدمات (دورة المياة ) المراحيض فقالوا على المراحيض هذا موضع المحاريب (جمع محراب), فقال القاضى ثبت عندى فى الأوراق ان هذا موضع المحاريب , أحضروا القسيس الذى كان ساكن فيه " فقال الراهب السنى : " ماذا تريد منه على ضمانتى " فقال القاضى : " نريد الأجرة " فقال الراهب : " مهما أمر به أما أن يثبت فقره أو يسده " .

وفى يوم الحد أول النسئ أرسل الشهود والمهندسين إلى البيت الخارجى وقرروا أن يهدوا باباً مسدوداً ظناً منهم لأنه يؤدى إلى الكنيسة فيأخذون قطعة من الكنيسة ليكبروا مساحة الدار لأستعمالها مسجداً بعد إغتصاب البيت والأرض من الأقباط ووجدوا وراء الباب أتربة من قدم السنين وجائوا إلى البيت الداخلى الملاصق للكنيسة وقالوا لنا ما حول مكان المراحيض أربع أذرع دائرة حوله هذا غير عشرة فى عشرة التى لنا فى المخزن وكانوا فى البداية لم يذكروا إلا العشرة فى العشرة ولكن الطمع يؤدى إلى الجشع ولما أتوا المهندسين ليقيسوا ليستولوا على وقف الكنيسة , وكان الراهب السنى ذهب إلى القاهرة ووضعوا على الدارين أجرة وجب سدادها منه ثلثمائة وأربعين ديناراً فقبله مرغما وذهب القاضى وذهب الراهب السنى إلى الكنيسة بغير توكيل إلا أن المشكلة كانت متفاقمة ومتضاربة وليس لها اساس من الصحة , وفى آخر النهار أستدعاه القاضى وطيب قلبه وقال لنائبة أطلع على المستندات وتعرفنى بما فيها وذهب إلى القاهرة .

وفى يوم الأثنين أرسل إليه القاضى رسولاً ليحضر فذهب إليه ومعه المستندات .. فقال القاضى : " هذه قبور لا تفد شيئاً " وقال له : " ماذا فعلت " فقال الراهب : " لم أفعل شيئاً " فأمره بأن يكتب إيصالاً وأثبت المبلغ فيه  .

وفى اليوم التالى أمر بإستدعاءه فقال الراهب : " أنا مريض ولا أستطيع السير أو الحركة " فأمر القاضى بأن يحضر محمولاً على قفص جمال من أسرة النوم فحمل عليه وأحضروه مريضاً إلى القاضى وقال له القاضى : " يا سنى أى شئ عملت " قال له : " يا مولاى ما فعلت شيئاً " فى هذه الساعة يعتقلونك " قال الراهب : " يا مولاى أعمل ماشئت " فقال القاضى : " أمرنا بإعتقاله " فإتقلوه وأصبح مطلوباً بتهمة الإبجار الذى لفقوه عليه على البيتين لأنه ضمن القسيس , وكان القسيس أختفى .

ثم دخلت سنة 640 هجرية

وكان الملك الصالح ملكا لمصر وقاضى القاهرة بدر الدين الذى كان قاضى سنجار من قبل وقاضى مصر عز الدين ين عبد السلام وكان فيضان النيل ثمانى أصابع من 17 ذراعاً .

البطريرك وقضية أوقاف كنيسة أبى سرجة

وكان البطريرك مقيماً فى دير الشمع ولكنه لم يدخل فى المشكلة ولم يتكلم مع الناس فى مشكلة الأوقاف ويقول أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 235 عن موقف البابا الغريب : " ولا كأن البطريرك واحداً منهم (أى أنه لم يشعر بشعورهم) " وكان قد حضر فى البداية قضى ليلة واحدة فى كنيسة أيو جرج الحمرا وأشار بعض أصحابة بالعودة إلى مكانه بدير الشمع وظل هناك لم يعد منه مرة أخرى ويقول أبن المقفع كاتب مخطوطه عن البطريرك : " وكان معذوراً لأنه كان خائفاً " .

القبض على القسيس الهارب

وحدث أن القاضى فى مصر أمر بإعتقال القسيس الهارب فقبض عليه وأودع فى السجن وكان الراهب السنى والقسيس فى سجن معتقلين بظلم ألإسلام .

فتوى من فتاوى الشيوخ ضد شهود الزور ولكن لم يأخذوا بالفتوى

وكان جماعة من المسلمين كتبوا فى يسألون عن فتوى إلى الفقهاء يستفتونهم فى قوم من المسلمين عملوا شهادة فى حق من حقوق الله سبحانه من مدة طويلة ثم رددوها الآن فهل يكون تأخير الشهادة المذكورة مسموح به فى عدالتهم أم لا .. فأفتوا جميعوا بأن عدالتهم ساقطة ولا يعتد بها لتأخير الشهادة حسية , وأستثنى منهم من قال : إلا أن يكون له عذر واضح - وأحتج عليه من لم يستبين بأن العذر غير مقبول فى بلد فيه السلطان للأسلام والولاة والحكام من المسلمين ولم يفد ه هذه الفتوى شيئاً مع أنه نص من نصوص شرعهم وهذه حال المسلمين وسلوكهم مع الأقباط منذ إحتلالهم مصر وحتى الآن .

القضيه تنقل إلى مجلس العدل الشريف

وحدث أن كتب الشيخ شمس الرياسة أبن هيلان شكوى إلى الملك الصالح عن المسيحيين يسأله فيها ان يعقد لهم مجلس مع خصومهم فى مجلس العدل الشريف ( تساوى وزارة العدل الان) وأن يحضروا الراهب يدافع عن نفسه فأمر بذلك على لسان أمير أسمه بدر الدين أخو الحاجب فعقد المجلس يوم الأثنين فى صباح عيد الصليب , فحضر جماعة الشهود وأحضر أبن حوله وأبن صباح والشيخ السنى من السجن , وأحضروا المحاضر التى كتبت , وكان المتحدث قاضى القاهرة فأطلع على المحاضر وقرأها ثم قال للشهود المسلمين : " ما أخركم على الشهادة وهى شهادة حسنه لله تعالى مدة خمسين سنة " قالوا : " قلناها " قال القاضى : " ولمن قلتموها " فذكر شهود المسلمين شخصاً ميتاً .. فقال القاضى : " هذه دعوى منكم وأمر لا يقبل " وجرت مناقشات طويلة وفى النهاية قالوا للسنى : أعندك مستندات " قال الراهب السنى : " نعم " قالوا : " أحضرها " قال الراهب : " يا مولاى لا أقدر على إحضارها وأنا مسجون " قالوا لا لكن يستأذن عليه القاضى ويضمنه ويخرج ويهرب سالماً بنفسه فسألوا القاضى : " فقال القاضى لا سبيل إلى ذلك إلا أن كان بغير أمرى فأعيد إلى السجن مرة أخرى والقسيس "

مسلمين يشهدون بأن البيتين ملك للنصارى مدة تزيد عن خمسين سنة

وكان جماعة من المسلمين قد كتبوا محضراً يشهدون فيهبأت هاتين الدارين وقف على النصارى وأنها بأيديهم من مدة تزيد على خمسين سنة وإلى الآن وكتب هذا المحضر رجل شريف غنى من كبار رجال الجامع , فعلم بهذا المحضر قوم من أصحاب قاضى الظلم , فذهبوا إليه وإلى أصحابه بالترهيب والتأنيب والتخويف والتثقيل إلى أن اشهدوا عليه بالنزول عن شهادته الأولى .

وكان شهد معه فى المحضر رجل مسلم من جيران الحارة وصادق أسمه أبن ابى الطيب وكان كبير فى السن فحمل إليه أثنين العدول (الشهود المسلمين) وسمعا منه أنه رجع عن شهادته الأولى .

  ثم مضوا إلى واحد آخر وعنفوه وخوفوه وكان ساكن فى اقاف المسجد مدة سنتين وسنخرجك فى هذه الساعة ونطالبك بالأجرة مدة السنتين فشهدوا عليه بالنزول عن شهادته الولى وهكذا سقط العدل بالزور والتزوير فى الإسلام

محاولة المسلمين لبناء المحاريب

وذهب هؤلاء المسلمين وجمعوا البنائيين والفعلة وأحضروا مواد البناء والجبس  وحضروا فى ليلة من الليالى إلى البيوت موضوع القضية ليبنوا المحاريب , فذهب جماعة من ألقباط إلى الوالى وأعلموه بذلك فسير العسكر معهم ومنعوهم من بناء المحاريب , وفى اليوم التالى ذهبت جماعة كبيرة من الأقباط وقفوا للملك الصالح فاصدر أمرة بألا يتعرض أحد لهذا المكان حتى يصدر الحكم , وكان كل من : الشيخ القديس السنى أبو المعانى المعروف بابن كمش , والشيخ الرضى بن ابى الطيب ويقول أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 236 عنهما : " هما المتوليان هذه المشكلة وقد كان أوقاف الكنيسة كل همهما فى هذا الموضوع فكانا فى تعب شديد ونكد وجهد جهيد لا يفترقان بالنهار ولا يهدئان بالليل يدفعان من اموالهما وربنا القدير يعطيهم جزاء أمثالهما "

الإفراج عن الراهب السنى

وأحضرا الخصوم شهودا آخرين غير الأولين وهم القاضى المعين عبد الحكم بن محمد بن عبد الحكم والقاضى الأسعد بن ميسر , والشيخ الحكيم أبو سعيد بن تمام فأدوا الشهادة فى مجلس العدل على ما تضمنه المحضر وظلوا على قيد التزكية لأن الشهود من قبل لم يكونوا عدولاً (لا تنطبق عليهم شروط الشهادة والقضاء) وحاولوا طيلة هذه المدة أن يحضروا شاهداً رابعاً للتذكية لأنهم لابد لهم من أربعة شهود , ولما طالت المدة أحضر القاضى الراهب السنى من الحبس وقال له : " إلى متى تتجلد (تقاوم بصبر) .. إن لم تأتى بالمبلغ عاقبتك عقوبة الشرع " فقال له الراهب السنى : " يا مولاى مهما أستعملك الله أعمله لأننى لم أفعل شيئاً ومهما تكون المهلة بومبن أو ثلاثة أو خمسة أو ستة " وكان الشيخ السنى واقفاً فقال للقاضى : " يا مولاى لا أقدر على الوقوف ( قبضوا عليه عندما كان مريضا) فقال له : أقعد " فجلس لمدة ساعة .. وقال الراهب السنى : " أرجع إلى موضعى (كنيستى) " فقال له القاضى : " أرجع " وبعد رجوعه بأيام أشاع رعاع المسلمين وجهلائهم فى يوم الجمعة : أن القاضى أخرج الراهب السنى ويحرسه فبلغ القاضى هذا الكلام فقلق قلقاً عظيما .

وذهب رجل مسيحى أسمه أبن الحشا إلى القلعة وأعلم الكتبة فيها بالأشاعات , فأجتمع الحكيم الرشيد الذى يطلق عليه بأبى الخليفة مع بدر الدين أخى الحاجب على فأمر جندارين من عنده إلى والى مصر يقول له : " أما علمت أن مولانا الملك الصالح قد عقد للنصارى مجلساً وأنتهى الأمر فيه إلى الإثبات وقد أحضروا بينهم وهم فى طريقهم إلى التذكية فالله الله لا يعتدى أحداً أو يضع يده على هذا الرجل ( الراهب السنى ) أو المواضع (بيوت الوقف المسيحى) .

أما المستوفون فقد كتبوا رقعة (شكوى) إلى الملك الصالح وأرسلوها إليه عن طريق الأستاذ (الوزير) .. فأصدر الملك الصالح أمره إلى الوالى يوبخه على ما غفل منه عما حدث وأن يتعرض أحد للراهب السنى أو يغير فى البيوت أى شئ , فمضى جندار آخر مرسل من الملك الصالح إلى الوالى يثبت الأوامر الأولى فإرتدع المسلمون الساعون فى الأرض فساداً , وأما القاضى فقد أنكر أن يكون ما حدث قد خطر بباله أو تحدث مع أحد فيه , فقال الوالى تكتب بخطك هذا للملك وإلا راحت روحى (قتلنى السلطان) وتقول : أن النصارى شنعوا (أشاعوا) عنى هذا وأنا لم اقله ولم أنويه , و÷ذا الرجل المحبوس ( الراهب ) محبوس عن حق شرعى " وأرسلوا هذا الإقرار إلى الملك فقرأها وتركها ولم يجب عليها .

تعصب قاضى الظلم ضد مسيحى وإهانته بدون أمر من الملك الصالح

وكان هذا القاضى له قضية مع رجل مسيحى سكرى من أهالى منية غمر أسمه مكرم بن محاسن وقد حدث أن وأبن القاضى ذهب إلى مطبخة (خمارة) وكان يعمل فيها بدون زنار ( تمييز المسيحيين وإحبارهم بلبس ملابس مهينة لكرامة الرجال وعفة النساء ) وكانا بتنابذ (يشرب النبيذ) هو ورجل حلفاوى فشكا الحلفاوى لن يفعل معى ويذهب إلى الشرع ولم يعلم مكرم أنه ابن قاضى فقال مكرم لغلامه : " أخرجه " فتضارب أبن القاضى مع العاملين فى المطبخ حتى أخرجوه منه , ورجع ابن القاضى مرة ثانية راكبا حصانه وضرب الغلمان ( العاملين فى المحل) ووقف مكانه وأرسل إلى أبيه فركب حصانه بنفسه وذهب إلى المطبخ ومكان المطبخ عند دار الفضل مقابل صناعة الثمر , وأخرج هذا المسكين مكشوف الرأس مقطع الثياب وخرجت جماهير المسلمين عليه تهينه وتضربه وهو صابر وبلغ القاضى الخبر فقالوا يحبس حتى يأتى أمر الملك الكامل , وكتب إلى الملك الصالح يخبرة بالقضية , ولم يصبر القاضى حتى يأتى رد الملك بل قال للوالى : " أرسل إلى النصرانى حتى أعمل فيه الواجب ( أشفى فيه غليلى) " فقال له الوالى : إن أخذته وتركبه بين عامة المسلمين وجهلائهم ثم يقتل ولا تعلم ما يأتى به أمر الملك الصالح " فأخذه القاضى ولم يركبه بل أشهره ماشياً وهو مهان عبر طرق البلدة وذهب به غلى مجلس الوالى وكان مكرك صابراً شاكرا للرب وحسب له أجراً وكان مكرم ميسورا ويقدره كثيراً رجال البلدة وحبس أياماً ثم أخرجه الوالى بعد كتب على نفسه إقرارا بأنه لا يخرج من بلده بدون زنار , ويقول أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 228 : " لو كان مكرم فى حبس القاضى ربما تعسر خروجه من السجن "

وأيقن القاضى من بطئ السير فى القضية أنه لن يقدر على النصارى ويقول أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 229 : كان القاضى سك (أقفل ) عليهم الدنيا وإن سمع أن أحدا من المسلمين يشهد أو يزكى شاهداً لصالح النصارى هدده وتوعده حتى لا يقدم على الشهادة الحقه وكان الأقباط المساكين فى شدة شديدة , ومن أين لهم بمقاومة هذا القاضى ؟ لولا معونة الرب"

فى عشية يوم الأربعاء 4 بابه أرسل الوالى رجل من شهوده أسمه أبن زيدان وهو يقول له : " أننى أجتمعت بالملك الصالح وقد أمرنى بأن تعمل فى هاذين الموضعين ( بيتين أوقاف الكنيسة) ما أوجبه الشرع وأستقرا على مساعدة جهلة المسلمين على تنفيذ إستيلائهم على البيتين وقال لهم الوالى : " مهما تريدون أن تفعلوه أفعلوه ومكنهم من كل ما يريدونه لتنفيذ ظلمهم " فكلموا البنائيين والعمال والمساحين وفى فجر الهميس ذهبوا إلى الدار الداهلية التى كان يسكنها القسيس

وفى نهار الخميس 5 بابة وكان الموافق من الخامس من ربيع الآخر سنة 640 هلالية أخذوا معهم أبن تمام ليؤذن لهم لأنه صرح لأبنه أنه يؤذن عنه لأنه لم يعرف القراءة لأنه كان كبيرا فى السن ويقول أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة : " وجائت هذه القضية فأنكشفت أفكارهم وأظلمت أبصارهم حتى من الرب " وقد حدث أن ركب الملك الصالح حصانه فى موكب فى هذا اليوم وذهب إلى مصر وأجتمع معه والى مصر فابتدره بكلام فهم منه ألا يفتتحه , وذهب الوالى إلى دار العدل وأجتمع مع كبار المسلمين سراً وقال : أحضروا ساعياً يذهب فى هذه الساعة إلى مصر ويوقف الهدم ويقول لهم : " لا تفعلوا شيئاً إلى أن أحضر " وأستدعى الأقباط وقال لهم : " أفعلوا ما تريدونه فقد أمر الملك الصالح بذلك , ولما لم يجد الوالى ساعياً يرسله أرسل ابنه بالأمر إلى مصر ركضاً على الخيل فتوقف الهدم .

وحضر أبن تمام ( المؤذن) وأدلى بشهادته , وحضر الحكيم أبن الزبير رشحه فى المجلس وحضر النبيه العدل الأخ , وزكى أبن عبد الحكم .. وكان هاذين شاهدين وأصبح الأحتياج إلى شاهدين آخرين يكملان ترجيح دليل المحضر وإثباته وعادوا إلى القاهرة بعد أن أستأذنوا الجميع فى إكماله فى دار القاضى بالقاهرة لأن الإجتماع بدار العدل يومين فى الأسبوع هما يومى الأثنين و الخميس حيث يتعذر وجود شهود فى هاذين اليومين فأذنوا أين يكون أتمام الأمر فى دار القاضى بالقاهرة .

وحدثت ريح قوية أقتلعت النخيل من جذوره وسقطت بيوت كثيرة ومات الكثيرين من الناس تحت الأنقاض وكسفت الشمس من ليلة الجمعة فى آخر الليل إلا أنها لم يكن كسوفها ظاهراً

فعبر بجمال الدين الرازى زكى أبن عبد الحكم فكملت تذكيته بشاهدى عدل ولكن ظل أبن تمام يحتاج إلى شاهد آخر لا غير ويصبح المحضر سارى المفعول ويستولون على البيتين , إلا أنه أشيع أن القاضى بن عبد السلام عزل وتردد أيضاً أنه عزل نفسه بنفسه لأجل قضية النصارى لأن حكمه ناقص , ولكن فى صباح السبت 7 بابه حضر شاهد عدل آخر فاضل أسمه جمال الدين عبد المعطى وضمن (زكى) أبن تمام وكان يعمل خطيب القلعة مدة من الزمن فأكتمل المحضر , وصحت أفشاعة ان القاضى مصر عزل نفسه عن القضاء ( أستقال) وأشهد عليه بذلك وكتب نص الإستقاله إلى الملك ولكن الملك لم يجيب (لم يقبل الإستقاله) وظلت مصر بلا قاضى ولا نائب لأن النواب عينوا من القاضى المستقيل .

وفى يوم الأحد 8 بابة كان يوم عيد شهادة القديس واخس وفى يوم 13 بابة عيد القديس أبو سرجة لأن ما حدث لم يقدر أحد من الأقباط على فعله أو يقدر عليه من ناحية الريح ومن ناحية أستقالة القاضى .

وفى يوم الخميس 12 من بابه أمروا بإحضار القسيسين المسجونين إلى دار العدل ومعهما المحضر المثبت فيهما عقود الشراء للبيوت ونسخ بامر القاضى

وجاء جماعة المسلمين سألا القاضى بثبوت الأدلة فى دار العدل أن يكتب على محضرهم بثبوت الأدلة ويكتب ذلك فى المحضر فلم يفعل ذلك , وقال لهم : محضركم ثبت وقرأ إلا أن الأدلة ضعيفة أنتظروا إن كان خصومكم عندهم طعن فى الشهود أو حجه عليكم " وقال بعض الحاضرون ممن لهم علم بالقضاء للقاضى : " ياسيدنا هؤلاء المسلمون ما لهم خصوم أنما هؤلاء كانوا يقولون أن عندهم شهادة فقط وقد ثبت بالدليل ضد ما قالوا " .. فقال القاضى : " ما أقبح الحاكم أن يقرر أمراً وفيه نقص " ثم ألتفت القاضى إلى والى مصر وقال : " قل لهؤلاء (المسلمين) أن محضر النصارى (الأقباط) قد ثبت (حكم لصالحهم) .

رجوع القاضى إلى القضاء بعد استقالته

وذهب مجموعة من الأقباط ووقفوا تحت القلعة ثلاثة ايام متوالية بدأوا فى يوم السبت 14 بابه ينتظرون موكب الملك الصالح فلم يخرج وكانوا يقابلون قاضى القاهرة بدر الدين فيقول لهم : " حقكم قد ثبت وأنا أعرف الملك بذلك " .

وفى يوم الأثنين 16 بابه ركب القاضى عبد السلام إلى الملك الصالح وأجتمع به وتردد أشاعات أنه تضرع وأستغفر مما جرى , وكان قد وصى عليه قاضى نابلس لأنه لم يقبل أن قاضياً فى مصر يعزل فى شهرين , فأمر الملك بأن يعود ولكن الملك الصالح شرط شروطاً عليه فعاد القاضى إلى مركزه مسروراً وعاد إلى عمله فى يوم الثلاثاء ومعه أصحابه وقد بقيت مصر 11 يوماً بدون قاضى , إلا أنه عندما عاد لم يدعى أن البيوت وقف الكنيسة كانت مساجد , ولكنه أرسل من يهدد الشهود الذين وقفوا مع الأقباط فى محضرهم ليهددوهم ويرغبوهم حتى تنازل الجميع عن شهادته فى محضر الأقباط وأشهد عليهم أنهم رجعوا فى شهادتهم , إلا أن محضر الأقباط قد حكم لصالحة وكتب قاضى القاهرة بثبوت ألدلة بعد أن توقف عن الكتابة بثبوته اياما , وخرج القرار من دار العدل فى يوم الخميس 19 من بابة وكتيت نسخ إلى جميع النظار بوزارة العدل حسب العادة الجارية فى ذلك الزمان وكان مضمون الحكم :-

أنه ثبت بمجلس الحكم فى مصر أن مسجدين كانا من مساجد المسلمين وقد جعلهما النصارى أدرا (بيوتا) للسكن من مدة 43 سنة ثم ثبت بمحضر أنجزه النصارى بدار العدل العزيزة أن هذين الموضعين المدعى أنهما كانت مساجد أدر (بيوتا) وقفت على النصارى من مدة أكثر من 50 سنة ومقتضى ذلك ترجيح بينة (أدلة) النصارى مالم يعارضها تجريح الشهود .

وظلت الرقعة (الحكم) مع الحاجب أياماً إنتظاراً لأن يركب الملك الصالح  ويصل إلى دار العدل فيعرضها عليه حتى يوم الأثنين 23 من بابه ولما طال الأمر ولم يحضر , فأجتمع معه رؤساء دار العدل وقالوا له : " إن تأخير عرض هذه الرقعة ( الحكم) ضرر علينا وعلى النصارى فإنه ربما يعرف الملك أن الحكم صدر ولم تعرض عليه أو يكتب إليه شكوى , فيقول الملك الصالح : " لأى شئ لما أعلمتمونى " فأرسلوها إلى الملك فى الحال وكتب معها رسالة فكتبها بحضورهم وأرسلها للملك وحملها بعض الخدم فلم يجيب الملك عليها وذهب الأقباط إلى القلعة يوم الثلاثاء والأربعاء والخميس فلم يخرج من القلعة .

وكان القاضى بدر الدين قاضى القاهرة يقول للأقباط أن محضركم ثبت ولكن إن قدرتم على زيادة بينه (شهود) فإفعلوا لأن شهودكم قد رجعوا عن الشهادة وحاول الأقباط فى إثبات تذكية الشاهدين اللذان كتبا لصالحهم المحضر وهما لم يذكيا بعد وأحدهما كان فى مجلس العدل وهو الأسعد بن ميسر والآخر كتب ولم يود أن يكتب وهو الموفق بن النحاس وكانوا يريدون أنهم تذكية الأثنين ولكنهم كانوا يخافون القاضى أبن عبد السلام .

القاضى عبد السلام يرفض أمر الملك الصالح بالأفراج عن الراهب السنى

وأرسل الأقباط من يذكر حبس الراهاب السنى أمام الملك الصالح فقال الملك : " أنا أعرفه قولوا للقاضى أن يخرجه من السجن " فكتب صاحب الملك وأسمه بدر الدين أخو الحاجب رقعة (رسالة) إلى القاضى كتب فيها أن الملك الصالح أمر بخروج الراهب السنى المعروف بأبن الثعبان الذى معتقل بالشرع وهذا خطى بوعد سيدنا (الملك) بذلك " .. وذهب بها جندار (جندى) وكان يوم جمعة وكان القاضى بمصر فأعتذر وقال : " حتى أجتمع بمولانا السلطان " فكتب بدر الدين إليه رقعة (رسالة) ثانية وقال : " هذا خطى وعلى العهدة (المسؤولية) "  فرفض القاضى وقال : " هذا فى حبس الله على حق شرعى وليس هو فى حبسى حتى أطلقة " .. ولم يعرف أحد الملك الصالح رفض أمره

الخلاف بين القاضى ووالى مصر

, وقد حدث قبل ذلك مشاحنة وخلاف بسبب هذه القضية وسببها ان القاضى أرسل شهودا إلى البيت الداخلى حتى يجددوا تحديدة , وكانوا يقصدون أن يضيفوا إليه مواضع أخرى بما كان ليس فيه من البداية ليصلح جامعاً , فأرسل الوالى مقدم جنوده وقال لهم : " بأمر من غملتم هذا وما هذا التحديد بعد التحديد الأول " فذهبوا إلى القاضى وأخبروه بما حدث , فأخذ مقدم الوالى وضربه وحبسه , فأرسل الوالى وأخذ الشاهدين ضربهما وحبسهما , وكتب كل منهما إلى الملك الصالح يخبره بوجهه نظرة , وأعتقد أن الملك الصالح قد رجح كفة القاضى , فمال الوالى إلى مداهنة القاضى فأخرج الشاهدين الذان حبسهما وأخرج القاضى المقدم الذى حبسه وبقى الأمر كما هو عليه والأقباط يحاولون إيجاد وتذكية شاهدين آخرين .

تطور الأمر فى أوقاف الكنيسة

وتطور الأمر فى مشكلة بيوت أوقاف كنيسة ابى سرجة حتى أوائل شهر رمضان فأجتمع القاضى عبد السلام مع الملك الصالح وقال له : " أن هذه البيوت التى يدعى فيها النصارى أنها املاك وقف عليهم قد ثبت عندى أنها مساجد , والنصارى لن يثبت لهم حق فيها , لأن شهودهم تنازلوا عن شهادتهم , وهؤلاء المسلمين قد أشتاقوا أن يبنوا هذا المسجد فى عصر مولانا الملك الصالح " فقال له الملك : " مهما أمر الشرع أعمل به "

فذهب القاضى إلى مصر وأرسل إلى الوالى يقول له : " لقد امرنى الملك أن أهد هذه البيوت وأعيدها كما كانت مسجد وأريدك مساعدتك " فأرسل الوالى إلى الملك الصالح رقعة (رسالة) عما قال له القاضى فلم يجيب الملك عن رسالته , فذهب القاضى إلى البيوت وأمر بهدمها فهدت , لأنه لم يكن يقف أمام القاضى إلا الوالى فلما لم يجد الوالى الملك يسنده تخلى عن الوقوف فى وجه القاضى الظالم , أما ألقباط قالوا لم يبقى لنا إلا الوقوف للملك والشكوى إليه فإجتمع القساوسة والصعايدة وأقباط مصر ووقفوا مرارا تحت القلعة ولم يجاوبهم أحد وعندما كان الملك بالجزيرة جاءهم الحجاب وقالوا لهم : " يقول لكم الملك لا ترجعون تقفون فإنى لا أسمع لكلامكم "

وكان القاضى عبد السلام فى ذلك اليوم قد ذهب إلى تلك البيوت الوقف وهو يتأمل فيها بعد ان هدم أجزاء كبيرة منها , فذهب الوالى إليه وقال له : " يا سيدنا كنت هذه اللحظة مع الملك وقد وقفوا له النصارى (يشتكون) فى أمر الكنيسة فأمر بطردهم , فإزداد القاضى غيظاً وتضايقا وأمر بهدم كل البيوت وأضاف أماكن اخرى وأمر بهدم كل الزقاق (الحارة ) فهدم من حائط الكنيسة القبلى إلى قمة الزقاق الذى يسلك منه بيت القسيس ثلاثة بيوت من البيت الذى من شرق الكنيسة وطبقة الراهب السنى التى كان قد بناها فى مكان الفرن القديم ونهايته إلى اسفلها الذى كانوا يطلعون منه إلى أعلى الكنيسة , وأستمر الهدم وظل زقاق الكنيسة لا أحد يستطيع السير فيه من الهدم والردم والأخشاب والطوب .

طريقة تزوير وغش وخداع المسلمين

وظل القاضى الظالم يأتى كل يوم غلى منطقة الكنيسة ويشجع المغتصبين المسلمين الذين كانوا سبب الفتنة المدعيين والشهود والمتعصبين .. وفى هذه الأثناء جاء شخص أسمه أبو الحسن بن مكين القزاز مسلمانى وهو منهم الذى ادعى على الراهب السنى وسجنه وقصد فى طاقة من المبانى التى هدمت فى الناحية القبلية على زعمهم وكان هناك طاقات كثيرة مثلها إلا أنه قصد هذه الطاقة بالذات فكتب فيها الشهادتين ووسخها بالتراب حتى تظهر أنها قديمة ومضى عليها الزمن وألصق عليها قطعة بياض من الذى سقط من الهدد , وكانت هناك أمرأة من السكان تراه يفعل هذا وبات فى المكان يحرسه وفى الصباح ذهب إلى القاضى وقال له : " ياسيدنا قد ظهر لنا الحق ووجدنا المحراب وفيه الشهادتين مكتوبتان من قديم الزمان وذهب القاضى وناس لا تحصى من المسلمين وإذا رش الملح من فوق رؤوسهم لا ينزل ورأى المكان وسجل محضراً بهذا وأشهد من المسلمين مجموعه من العدول وأرسل المحضر إلى الملك الصالح الذى قال : " هذا الرجل من الأولياء ولا ينبغى أن نرده فى شئ " ويقول أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 246 تعليقاً على هذه القضية : " ولم تكن قضية فى مصر أعجب من هذه القضية أن تنتهى إستغلالا وتعصباً وإنتهاك لحقوق البشر , وكل إنسان عاقل وشيخ من المسلمين يشهد بأن ماحدث من المستحيل بأن كانت هذه البيوت مسجداً وتم ما لم يتم مثله فى اى زمن من الأزمان , وأن الرب تخلى عن أهل هذه الكنيسة الذى انا من جملتهم , أما الراهب السنى لإغن الرب حسب له زيادة فى البر ومضاعفة أجر وشهادة وجهاداً ونسكاً لأنه لم يكن يستحق ما قابلة من المحن والسجن وذهب القاضى إلى الكنيسة ودخلها وأخذ بيده قادوما وصار يهد بيده السور وهدوا السور الذى فيه الطاقات الذين ذكروا أن فيه المحراب ( حتى يضيعوا آثار كذبهم ومكرهم)   ولم تكن فى الأصل محراب ولكنه طاقة من ضمن طاقات عديده "

المسلمون يستولون على أجزاء من الكنيسة

 

وكان هذا السور ينتهى إلى اسطوان عرضى فيه ثلاثة هياكل فى داخل الكنيسة أحدهما (الصدرانى) الأوسط على أسم القديس أبو فكتر والثانى يوحنا المعمدان والثالث على أسم الأنبا أنطونيوس وكان الموضع الذى اخذوه هو المغطس القديم الذى نقله الراهب السنى وبنى بدلا منه فى كنيسة أسطفانوس الشهيد التى هدموها لأنها كانت فى ظهر الأسطوانة وهدموا كنيسة اخرى وهدموا السلم الذى يقود غلى اعلى الكنيسة ولم يبقى فى الكنيسة غير الأسطوانات الثلاثة وأخذوا من الكنائس أربعة كنائس وسبعة هياكل والفرن والمستخدمات والمطلع وخمسة بيوت وقف , وأصبح الأقباط فى حزن وكآبة لم يروا مثلها من زمن وفى أثناء هذه الشدة توفى البطريرك .

 

القاضى عبد السلام يامر الأقباط بإرتداء ملابس مهينة

ووقع الأقباط فى ضائقة من القاضى عبد السلام فقد أمر بأن من يلبس ثوباً أبيض يحمل زناره أزرق أو أسود أو لونا يخالف الأبيض , وإن كان ثوبه أسوداً أو أزرق يكون زناره أبيض وأبتدأ يلبس الأقباط هذه الملابس ولكنها كانت أوامر شديدة على العامة من القبط حيث لا تتوفر لهم الملابس وحدث هذا ألمر فى مصر فقط اما فى القاهرة فلم يكن فيها مثل هذه الأوامر لأن قاضيها كان شخصاً آخر .

خلاف بين اليهود على الرياسة يؤدى إلى إسلام احدهما

وكان اليهود بلا رئيس وكان فيهم عائلة عنيفة شديدة يلقبون يأولاد الفارق فى دقنة وكانوا يريدون الرياسة فذهب إثنين منهم إلى الكنيس فى سبت من السبوت وطلعوا على المنبر وقرءا العشر الوصايا من التوراة وتضايق قوم من اليهود لهذا العمل فذهبوا إلى والى مصر وقالا له : أن الملك الصالح امر أن من يكون رئيس اليهود يجب أن يدفع ألف دينار لبيت المال وقد حدث أن اثنين من اولاد الفارق فى دقنه قد سرقا الرياسة وطلعا على المنبر وقرا ما كان يقراه الرئيس ولم يزنوا الألف دينار (كانت الدينار من الذهب وكانوا يزنوها) التى المفروض أن يدفعوها لبيت المال فأرسل إليهم وأحضرهم وحبسهم وكان اسم احدهما ابا أليها وتملص من السجن وأسلم وهو عالم والآخر أبا النجم وكان ابا النجم يسافر مع الملك الكامل ويخدم أكابر الدولة وظل مسجوناً .

أسقف الملكيين يموت ولم يجد من يكفنه

وكانت أيام عجيبة الأقباط من غير بطريرك ومات أسقف الملكيين ولم يجد أحد يكفنه وظل الملكيين بغير بطريرك واليهود بلا رئيس , والعاملين مع البطريرك فى السجن وهم أبن اخيه وتلميذه وغلامة الذى يخدمة , وقد عصروهم (وضعوهم فى آلة التعذيب ) حتى يقروا بشئ , وقد عذبوا أبى الفرج بن خلبوص الذى كان تلميذ البابا والذى كان المتصرف فى مال البطريركية حتى وصل على شفا الموت ولم يكن عنده شيئاً ليعطيه إلي المسلمين وظلوا محبوسين.

 

القاضى عبد السلام يريد أن يستولى على أملاك المسلمين لصالح جامع آخر  

 

وكان هناك مسلم يطلق عليه الصاحب معين الدين بن الشيخ قد بنى منظرة (مجلس أو قاعة للجلوس) على النيل بمصر من جانب باب القنطرة , وكان القاضى ابن عبد السلام قاضى مصر قد ذهب إلى هذا المكانوقال لوكلاؤه الذين يراقبون البناء : " لا تبنوا فى هذا المكان لأنه مثبوت فى الأوراق التى عندى أنه فيه مقابر " فأخبروا الصاحب بكلام القاضى فلم يكترث , وكان إلى جانب المنظرة مسجد كان أبن القاضى السابق بنى فيه مبانى جميلة فيها فن ودفع فيها مبالغ كبيرة من المال وكان القاضى عبد السلام يريد هدمها لأنه قال : الأوقاف لا يجب أن نغير فيها ولا نغير فى صورتها بل لا يزيد ولا ينقص " فلم يمكنه الصاحب من نوال غرضه .

ولما نجح القاضى فيما فعله فى كنيسة ابى سرجه مع ألقباط المساكين ظن أنه يستطيع أن يفعل فى كل الأماكن ولن يقف أحد امام أفكاره الشيطانية , فأخذ معه جماعه من الشهود وفعله (عمال ليهدوا ) وذهب وراءه العامة والجهلة من المسلمين شعب كثير من المسلمين بلا عدد وصعد إلى الطابق وبدأ فى الهدم وكان يقصد بعد هد الجزء الذى فى الجامع يهدم المكان الذى أشار إلى أنه ثبت عنده انه مسجداً وقد حوله الصاحب أى أستولى عليه وضمه إلى داره , فبلع ذلك الصاحب وكان بالجزيرة , فذهب إلى داره فى جماعه من غلمانه (يعتقد انه كان له سلطه فى الحكومه ) وتابعيه والوالى وجنوده معه وأرسل إلى أبن عبد السلام القاضى وقال له : " بأمر من فعلت هذا إن كان بأمر الملك الصالح فعرفنا على لسان من خرجت إليك رسالة الملك ونحن سنكون فى بداية من ينفذ أمر ملكنا , وإن كان بأمرك فليس لك أن تفعل هذا " فرد القاضى قائلاً : " بأمر الله " فقال الصاحب : " نحن نعلم ان الله تعالى لم يوحى إليك بهذا ونحن نقف أمامك (إذا قلت بهذ) حتى نرى إذا كان الأمر من الله "

وكان العمال والفعلة قد هدموا سقفين بجانب الطريق , فأمر الصاحب غلمانه وأتباعه فهجموا على الشهود وضربوهم ضرباً شديدأ إلى حد الموت وضربوا أيضاً الفعلة الذين قاموا بالهد أيضاً أما الجمع (الأوباش) الذى كان يعتقد القاضى أنه يخيف بهم الناس فقد هربوا كالفئران المذعورة أما القاضى فقد كان واقفاً فى الجزء العلوى وحده أما بغلته التى ربطها على الباب فضربها الغلمان وكسروا الركاب الذى عليها فذعرت وهربت تجرى , وبعد مده من الزمن خرج القاضى يمشى إلى خارج الباب وركب مركب وذهب إلى بيته .

وكان قد لجأ إلى الوالى ليعينه فى موقفه امام الصاحب ويسنده فلم يعينه , فحلف القاضى ابن عبد السلام : " أنه لا يحكم ولا يتصرف إلا أن عزل الوالى " .. وأنقطع القاضى عن ممارسة مهنته وعن الذهاب إلى مصر وعن الحكم فى قضاياها إلا أن نوابه كانوا فى وظائفهم ويمارسون أعمالهم .

وفى أوائل بشنس ذهب القاضى أبن عبد السلام قاضى مصر إلى المصلى الذى بالقرافة (المدافن) وجمع مجموعه من الشهود وعزل ولده وولى عليها بن حنا (صهر الأسعد الفايزى ) ووصل ألمر إلى الوالى فأرسل إليه أبن أخيه وقال له : " هذا ليس موضع الحكم ولماذا أتيت بهذا الجمع من الناس " فشتمه القاضى وأفترى عليه فى الكلام .. فرد عليه أبن اخى الوالى : " أنا ليس بينى وبينك حديث بل هؤلاء الشهود وهم يعلمون ما سوف يلاقون (ضرب وإهانة مثلما حدث لهم من قبل) وكانوا حوالى 30 رجل فقاموا وذهبوا جميعاً إلا أن القاضى أستعادهم وقال لهم : " أشهدوا على بأنى عزلت نفسى من الحكم بمصر وتوابعها وصرفت خدمة نوابى وأنى عزلت الوزير أبن الشيخ من النظر على الشافعى ومن شيوخه الصوفية ومن النظر على تركة أبن أخيه عماد وورثته وأسقطته من العدالة " فسمعا ما قاله القاضى وذهب كل واحد إلى بيته , وخرج القاضى وحده وذهب إلى بيته إلى القاهرة حيث يسكن .

وفى يوم الجمعة 6 من بشنس عيد الشهيد أبى اسحق بدفرى , أمر الشيخ أبى المجد الأخميمي بأن يعود إلى الخطابة على ما كان عليه فى السابق فى جامع مصر وكان يوم مشهود وتلقاه الناس بالشمع الموقد والمصاحف المفتوحه وفرح به المسلمين فرحا كبيراً .

وحدث أم مر موكب الملك الصالح فى منطقة الجيزة فذهب إليه القاضى أبن عبد السلام فى المنظرة (القاعة) التى بمنية عقبة وأستأذن عليه فأذن له وأكرمه الملك وأكل معه وطلب إعفاءه من القضاء فأعفاه , ولم يكن القاضى يظن أنه سيعفيه بل كان يظن العكس , ثم أستأذنه القاضى فى السفر فأذن له السفر إلى أى مكان يريده ثم خرج القاضى من عنده , وقد ثبت حكم أستقاله من قبل الملك , وأرجع الملك جميع نواب القاضى إلى وظائفهم ولكن ليس تبع القاضى ولكن تبع الملك , ولم يتغير أحداً من قضاة الأقاليم إلا قاضى قوص لأنه كان قد ظلم المسيحيين وأساء إليهم وإضطهدهم حتى أنه أخذ خدمهم (عبيدهم أو مماليكهم بلغة ذلك العصر) ومنع أن يباع أحد من العبيد (أسرى) إلى النصارى لأنهم حسب وصفه مسلمون لأنهم عبروا على بلاد المسلمين دهلك وعيداب وغيرها ودخلوا مساجد وصلوا فيها مع من أسروهم من جيش المسلمين ووضع أشياء أخرى كثيرة مثل : -

أبن الأبن يتبع الجد إذا كان مسلماً حتى ولو كان الأبن مسيحياً  لأنه كان بالغاً عندما اسلم جده .

الخليفة العباسى المستنصر توفى

  

This site was last updated 02/27/15