Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

البابا ديمتريوس الثانى البطريرك رقم 111

 +هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
أثيوبيا وبريطانيا
الخديو اسماعيل ومقر البطريركية

 

بعد إستشهاد البابا كيرلس الرابع أبا الإصلاح بالسم على يد سعيد باشا حاكم مصر , أصيب الأقباط بنوع من الذهول والصدمة وعدم التوازن بسبب مفاجأتهم بتصفية الإسلام لباباهم , فأدى إلى أن يظل كرسى الرسول مرقس إلى أرض مصر شاغراً مدة وصلت غلى سنة وأربعة أشهر ونصف .

وأستدرك الأمر الآباء الأساقفة فى مصر وأورشليم ومنفلوط وأستقر رأيهم على ضرورة إختيار الراعى الأول , فإستدعوا أراخنة الكنيسة وبدأوا فى النقاش , أتجهت أنظارهم إلى الأنبا يؤنس أسقف المنوفية ( هو القس برسوم ألأنطونى الذى رافق البابا كيرلس الرابع فى رحلته ألولى لأثيوبيا ) فأرسلوا إليه يستدعونه ولما لم يرد عليهم , أرسل إليهم بالرسالة التالية (1)  :

"  مطلع شموس المعارف وقمرها , وكوكب طقوس الإكليروس وبدرها , وغرة الآئمة المفضلين الروحيين ونصرة ألاباء المكملين المنتخبين , مصباح البيعة الأرثوذكسية وأمين الأسرار السامية القدسية , ينبوع الفضايل الزاهرة وذو الجلال النسكية البارعة .

قدس الأخ الحبيب المطران الأنبا يؤنس صاحب كرسى المنوفية :

لا زال محفوظاً بالعناية الربية ملحوظاً بالمكارم السيدية , ولا برح مبتهجاً بنجاح رعيته مسروراً بطمأنينة وهدو كرازته , بشفاعة الست مرتمريم ذات القدس ذات القدس والطهارة ومعدن العفة والبرارة , وطلبات الرسول الطاهر مار مرقس الإنجيلى كاروز الديار المصرية , , والأب الطوبانى أبينا أنطونيوس كوكب البرية , آمين .

أما بعد القبلة الروحية الطاهرة وإهداء وجوب التكريمات اللائقة للحضرة الفاخرة , ثم تقدم السلام القلبى لأخوتكم , والشوق الحقيقى الوافر نحو محبتكم , فالداعى للمراسلة :

أولاً : الإفتقاد الخاطر الشريف الباهى للود النقى والحب الإلهى .

ثانياً : نخبر قداستكم أنه قبل تاريخه فى 19 توت سنة 1578 م كتبنا لقدسكم خطاباً مفيدة أنه بحسب الأقتضى ستلزم الحال لحضور حضرتكم إلى المحروسة (يقصد مصر) بالقلاية البطريركية لأجل بإجتماعنا بجمعية البطركخانة تصير المداولة والمراوية مع بعضنا بإرادة المسيح إلهنا يصير إنتخاب من يريدة الرب بطريركاً للطائفة بحضور حضرتكم , وأكدنا عنه سرعة حضوركم قبل الوقت لأتمام اللازم , ومن التاريخ المذكور لغاية هذا اليوم ونحن منتظرين تشريف القلاية بقدومكم , وحاصل منا غاية المراقبة لقدوم قدسكم لإجراء ما ذكر .

وحيث صار تأخير حضوركم قدر كذا فإقتضى تحرير هذا لأخوتكم على قبول الإستعجال بتشريف قدومكم لهذا الظرف بسرعة لإتمام ما سلف ذكره بحضورنا جميعاً بتدبير إلهنا الصالح , ونعمة ربنا يسوع المسيح تصحبنا جميعاً والشكر لعظمته دائماً أبدياً آمين .

تحريرياً فى 3 بابه سنة 1587 ش

أثناسيوس أسقف منفلوط (2) - باسيليوس مطران القدس الشريف - داعى صالح دعاكم بطرس مطران مصر

 

وفى أثناء هذا تصادف ورود خطاب قدسكم رد ما أرسل لحضرتكم وبه تعتذرون عن عدم إمكانكم الحضور بداعى كثرة المياة وتقطيع الجسور , ولدى تلاوته بحضور حضرات أولادكم عمد الطائفة أعنى جمعية البطركخانة فلم يقبلوا ذلك وحرروا لقدسكم عن الحضور بما فيه الكفاية , ولأجل ذلك لزم التحشية , حضر مسطره ولدكم القمص حنا يقبل أياديكم مع إلتماس صالح دعاكم وأطال الرب بقائكم .

صورة طبق الأصل محفوظة بمكتبة الدار الباباوية - طالب دعاكم - ولدكم القمص حنا خادم أنطونيوس (3)

وأستجاب الأنبا يؤنس لهذه الدعوة وحضر إلى مصر , وبدأت المداولات وأنتهت المناقشات بإختيار القمص ميخائيل عبد السيد رئيس دير الأنبا مكارى الكبير لكرامة رتبة رئاسة الكنيسة القبطية ,

وفى يوم 9 بؤونة سنة 1578 ش أصبح القمص المقارى هو البابا المرقسى 111 بعد المائة , وقد وصفه المؤرخين أنه : " شهماً عاقلاً محباً للعلوم فإعتنى بترتيب المدارس وبالغ فى وضعها على النحو الذى نحاه كيرلس .. " (4)

وقام البابا ديمتريوس الثانى بزيارة حاكم البلاد سعيد باشا الوالى الذى هنأه على رتبته ثم قال له : " لا تفعل مثل سلفك , بل كل ما يلزمك قل لى عليه مباشرة وأنا مستعد لأن أؤديه لك "

والمتأمل لعبارة سعيد باشا السابقة يستطيع ان يستخرج منها الكثير من الإستنتاجات بعضها لصالح الكنيسة والأخرى أن كل شئ كان بترتيب إلهى وأن سعيد باشا كان يسمع ويصدق الوشاية ولكن فى النهاية لن يخرج الإنسان بنتيجة إذغ إستخدم فى إستنتاجاته كلمة "لو"

وكان أول عمل للبابا ديمتريوس الثانى هو إكمال الكنيسة المرقسية الكبرى التى بدأ فى بناءها البابا السابق كيرلس الرابع أبو الإصلاح فأتم بناءها وزخرفها (5)

القنصل الأمريكى  والإرسالية الأمريكية

وفى 1862 م أى نفس السنة التى رسم فيها البابا المرقسى رأى القنصل الأمريكى البداية النشطة التى أستهل بها للبابا ديمتريوس الثانى عهدة ذهب إلى سعيد باشا وطلب منه أن يمنح الإرسالية الأمريكية منزلاً أو قطعة أرض , لإاهداه سعيد باشا مبنى كبير فى منطقة حيوية فى مصر فى أول شارع الموسكى (الذى كان الشارع الرئيسى فى هذا الوقت ) وبعد عدة سنين بعد آل عرش مصر إلى إسماعيل باشا باعته للبابا ديمتريوس بمبلغ سبعة ألاف جنيه (6)

إنتشار التعليم الأجنبى فى مصر

وعندما تولى إسماعيل باشا حكم مصر فى 18 يناير سنة 1863 م , كان يأمل النهوض بمصر فإستخدم الرجال الأكفاء سواء أكانوا مسلمين أم أقباطاً , وكان ميالاً للأوربيين والأجانب فأعطاهم سلطات واسعة وأدى تبذيره إلى أن فقد عرشه فى النهاية - إلا أن الشئ الوحيد الذى نهض بمصر هو التعليم الأجنبى الذى نشروه فى مصر بالرغم من أن له عده عيوب منها إنتماء المصرى إلى البلد التى أنشأت المدرسة التى تعلم فيها , كما أن هذا كان ضاراً على الكنيسة القبطية حيث إنضم إليهم الكثير من الأقباط الذين تعلموا فى مدارسهم الأجنبية , وأنتشرت مدارسهم فى المدن والقرى , وطبقاً للتخطيط الأجنبى المدروس المتبع فى بلادهم أنهم كانوا يبدأون دائما بإفتتاح مدرسة فى بقعة مختارة يأملون أن تنجح فى جذب عدد كبير من التلاميذ , وطبيعى إنشاء مدرسة فى مكان كان يتطلع إليه أبصار الساكنين حوله وتتناقل أخباره الألسن وهكذا نزل الغربيين إلى مستوى العامة فى مصر ونجحوا بعد أكثر من قرن من الزمان بعد أن فشلوا عدة مرات , وكان أسماعيل هدفه نشر التعليم فى مصر فى جميع المستويات , فوجد المصريون مدرية فيها المعلمون (أو المعلمات ) الأجانب الذين تركوا الأهل والوطن وجاءوا خصيصاً لخدمتهم , أما المصريون فيجدوا كل شئ جاهزاً فى هذه المدارس من كتب ووسائل إيضاح تبرهم فيزداد تقديرهم لأولئك المرسلين , وكانت هذه المدارس مدعمة من الخارج فكان فقراء المصريين يمكنهم أن ينالوا العطف بتخفيف المصروفات عليهم حسب قدرتهم المادية , أو حتى يأخذوا أطفالهم بالمجان ( وهذا الأسلوب متبع أيضاً فى البلاد التى نشأت فيه هذه المدارس فالكاثوليك فى مدن الغرب اليوم يتبعون هذه الطريقة حتى هذا اليوم ) .

وبدأت هذه المدارس تتغلغل فى نفسية المصريين , وحل الأمان محل الخوف من الغريب , بعد أن رأوا تقدم أولادهم فى العلم والأخلاق والعادات التى دخلت إليهم عن طريق الغرب وتقول المؤرخة أيريس حبيب المصرى (7) معلقة على رؤية هذه المدارس فى عيون المصريين : " وبكل هذه الوسائل المثلى تصبح المدرسة الأحنبية فى أعين المصريين أشبه بالواحة المثمرة وسط الصحراء القاحلة , واخذت هذه المدارس الفرنسية والإيطالية الكاثوليكية , والإنجليزية والأمريكية البروتستاتينة تنتشر فى أنحاء مصر وخاصة الصعيد "

ويقول مصطفى الخالدى (8) أنه : " قامت فئة دينية فى سوريا أدت إلى تمكين السيادة الغربية هناك " ولما نجحت خطة المرسلين الأمريكان ذهبوا إلى مصر ومعهم مجموعة من السوريين الذين استمالوهم إليهم , فكان هؤلاء السوريين التكئة التى أستند عليها الأمريكيين فىة عملهم بين المصريين فإنهم إختطوا خطة مماثلة فى بلادنا لتلك التى حدثت فى سوريا فجعلوا فارس حكيم ( أحد الوافدين السوريين) يثير فتنه كبيرة فى أسيوط إتخذتها السلطات فى واشنطن ذريعة لتطلب إلى إسماعيل باشا تعزيز مركز المبشرين وأعوانهم , ومن هنا سرى شعور فى مختلف الجهات بان المرسلبين إنما جاءوا لنشر النفوذ الأجنبى (9)

ومنح إسماعيل باشا الأقباط بعض الأراضى الزراعية ثم أصدر أمره إلى وزارة المعارف العمومية (10) - بإجراء إمتحان تلاميذ المدارس القبطية بعد إمتحان تلاميذ المدارس الأميرية .

وكان من المعتاد أن يقام إحتفال عظيم يدعى إليه علماء الأزهر والأمراء وكبار القوم يتقدمهم مفتى الديار المصرية نفسه .

رحلة البابا ديمتريوس لإسترجاع أبناء الأقباط من الحظائر الغريبة

ولما تفشى أمر الإرساليات الأجنبية وأضعفت الروح الوطنية فى مصر , وأدى إنتماؤهم إلى الخارج أصغى أخيرا عباس باشا إلى البابا ديمتريوس فقام البابا برحله راعوية ليهيب بشعبه أن يتمسك بعقيدته الرثوذكسية التى تسلمها من ألاباء وقام إسماعيل باشا بتهيئة باخرة حكومية ليسافر عليها البابا المرقسى ورجاله , وإستقلها البابا وأستصحب معه اللاهوتى الشهير الإيغومانس فيلوثيؤوس عوض خادم الكنيسة المرقسية بالأزبكية وعدداً من ألاباء والشمامسة , وحينما تهادت الباخرة كان البابا ومن معه يتنقلون بين مدن الصعيد وقراها حتى وصلوا إلى آخر حدود مصر الجنوبية , وأستغرقت رحلتهم ثلاثة شهوراً , ونجحوا فى خطتهم فإستردوا ابناءهم القبط من يد غريبه ودخلوا ثانية إلى بيت أبيهم السمائى وقد أمتلأت كتب المرسلين الأجانب أنفسهم تصف جهود البابا العظيم ديمتريوس الثانى وأدى إلى تجميد نشاطهم فى وادى النيل كله وهرع شعب الكنيسة كله لأستقبال أب الاباء البابا ديمتريوس الثانى وتكتل بأجمعه لمواجهة الوافدين من الغرب (11) .

*********
ولما انتشرت المذاهب الغربية وانتشرت الطوايف في صعيد مصر ... قرر البابا ديمتريوس الثاني القيام بجولة رعوية تعليمية في صعيد مصر ، واهدته الحكومة المصرية باخرة كي يبحر بها في نهر النيل ... وتنقل قداسته من شمال مصر حتي اقصي الجنوب وجال في القري والمدن مبشرا بالايمان الارثوذكسي وكان معه الواعظ الناري القمص فيلوثاؤس ابراهيم الذى كان من طنطا ثم انتقل لكنيسة المرقسية ... وكان خطيبا مفوها ... واول من وعظ ارتجاليا من الاقباط في القرن التاسع عشر ... وكانت الكنائس تزدحم لرؤية البابا وسماع كلمات النعمة علي فم الكاهن ابونا فيلوثاؤس ..ورجع كثيرون لحضن الكنيسة الام ... التي كانت تنفض عنها غبار السنين وتنهض بعد عصور التضييق والاضطهاد ...
استمرت رحلة البابا 3 شهور وعاد بعدها لمقره بمصر المحروسة

البروتستانت يحاولون حرق كنيسة المطرانية القبطية بأسيوط

وفى سنة 1865 م نجح البروتستانت فى تحريض ثلاثة من الأقباط كانوا قد أنضموا إليهم من بيوت معروفة من أغنياء أسيوط أحدهم من بيت ويصا وثانيهم من بيت الزقيم وثالثهم من بيت حبل , وملأوا عقولهم بالتعليم البروتستانى المضاد للكاثوليك ضد الكنيسة القبطية ككنيسة تقليدية نشأت من عهد الرسل دفعوهم لحرق كنيسة المطرانية فى أسيوط لحرقها لأنها كما تعلموا فى الطائفة البروتستانتية كنيسة تذخر بالخرافات وبالتعاليم الوثنية المتداخلة فى المسيحية , ويبدوا أن الضمير القبطى الذى نشأوا عليه لم يدع هؤلاء الرجال أن ينفذوا خطة مرسليهم فأفرغوا علبة كبريت كاملة دون أن يستطيعوا إشعال النار , أو ربما حدث شيئاً إعجازياً لهم فلم ينهوا بخطتهم .

وكان الأنبا مكاريوس أسقف أسيوط معتاداً أن يصلى صلاة باكر فى الكنيسة وليس فى قلايته , وعندما قام من نومه فى الفجر مثل كل يوم وقف ملاك الرب أمامه معترضاً وقال له : " عد إلى مخدعك فالوقت ما زال مبكراً " فأطاع الأسقف أمر الملاك وعاد إلى مخدعه , وكان هذا الظهور للأسقف حتى لا يؤذيه الرجال المعتدون على كنيسة الرب .

أما الرجال الثلاثة فإنهم لم يستطيعوا إحراق الكنيسة فقطعوا الستائر ورموا الأيقونات على الأرض , وعندما فتحوا الكنيسة فى الصباح وأكتشف الأقباط ما فعله هؤلاء الرجال فغضب الأقباط وقبض على الرجال الثلاثة ولم يخجلوا من فعلتهم وأعترفوا بها متفاخرين فأمر أسماعيل باشا بنفيهم , ولكن تدخل الدول البروتستانتية (الأمريكان والإنجليز) سعوا لدى أسماعيل باشا فقبل وساطتهم وأعفى عن المعتدين , وكان عفوه هذا سببا فى جعل المتخوفين ألا ينضموا إلى الكنيسة البروتستانتية التى أسسها هوج الإسكتلندى  (12) 

زيارة السلطان عبد العزيز لمصر - ومنحة للمدارس القبطية

أرسل إسماعيل باشا دعوة إلى السلطان عبد العزيز لزيارة مصر وفى هذه الزيارة أنعم عليه بلقب خديوى , وحدث أن دعا الخديوى إسماعيل كبار وأغنياء مصر لتحية الضيف الكبير سلطان الأسيتانة وكان التقليد السلطانى أن أى إنسان يمثل بين يديه عليه أن يقبل هدب ثوبه , وعندما ذهب البابا المرقسى الأنبا ديمتريوس إلى السلطان ولما وصل إلى إلى حيث يجلس السلطان عبد العزيز قبل صدره من ناحية القلب , فأصيب الحاضرون من هذا المسلك الغير متبع فى إستقبال السلطان وسأل السلطان لماذا فعل البطريرك هذا ؟  وكان القمص سلامة وكيل البطريركية فى صحبة البابا فى هذه الزيارة وكان يتكلم باللغة التركية (13) فترجم ما قاله البابا مجيباً على إستفهام السلطان فقال : " فى كتابنا المقدس آية تقول أن قلب الملك فى يد الرب فأنا بتقبيلى صدركم إنما قبلت يد ملك الملوك وسلطان السلاطين " , فسعد وإبتهج وأبتسم سروراً , ولما رأى الخديوى رضى السلطان من هذا التصرف المحب من أحد رعاياه منح الخديوى إسماعيل بطريركية الأقباط 1500 فدان من أملاك الحكومة للصرف منها على المدارس القبطية وغيرها من المرافق القبطية هذا بخلاف العطاءات التى كانت يده الكريمة تمتد بها إليهم من وقت لآخر (14) 

الأنبا ديمتريوس يقبل يد الإله على قلب السلطان العثمانى

الجمهورية 26/6/2010م شريف نبيه
قام السلطان العثماني عبدالعزيز بزيارة مصر عام 1863 تلبية لدعوة الخديو إسماعيل وهو السلطان الثاني الذي زار مصر بعد السلطان سليم الأول 1517 - 1520 غازيا سنة 1517 وقضي عبدالعزيز 10 أيام في ضيافة الخديو كان البابا ديمتريوس الثاني في مقدمة الشخصيات المرموقة التي وقفت في استقبال السلطان العثماني وكان التقليد العثماني ان من يدعي للمثول بين يدي السلطان يقبل طرف ثوبه.
الموقف بالنسبة للبطريرك كان في منتهي الحرج أمام هذا التقليد السلطاني الذي لا يتمشي أو يتفق وتعاليم المسيحية.. لكن الله يعطي الحكمة لمن يطلبها ويمنحها بوفرة وبسخاء لقديسيه لما جاء دور قداسة البابا للمثول بين يدي السلطان.. تقدم إليه وقام بتقبيل صدر السلطان من الجهة اليسري - ناحية القلب اندهش السلطان وتعجب الحاضرون من هذا التصرف غير المتوقع وغير المتعارف عليه في المراسيم الملكية فوجه السلطان سؤالا للبابا حول هذا التصرف الغريب.
فقال له البطريرك: إنما أنا أقبل يد الله ملك الملوك وسلطان السلاطين.. لأن في الكتاب المقدس آية تقول: ان قلب الملك في يد الله فانشرح قلب السلطان وابتهج لهذا المعني الطيب واغتبط الخديو اسماعيل واعتز بهذه الحكمة وزادت علاقته بالبابا صلابة ومنحه أراضي من أملاك الحكومة للتصرف فيها

ولم ينحن البابا !!

كان السلطان العثماني عبد العزيز خان في زيارة لمصر فى عهد الخديو اسماعيل واصطف كبار البلاد لتحيته وكان السلطان جالسا على عرشه وكان البروتوكول ان يتقدم الكبراء وينحنوا ويقبلوا طرف ثوبه وكان هذا تقليدا معمولا به منذ قرون وعندما جاء دور بابا الأقباط وهو أنبا ديمتريوس الثاني لم ينحني بل قبل مكان القلب فاندهش السلطان وعلت الأصوات وتوقع البعض رد فعل عنيف على التصرف الغير مسبوق
فقال البابا
لقد فعلت ذلك لاقبل يد الله
فساله السلطان
وكيف
فقال البابا الحكيم
لانه مكتوب عندنا ان قلب الملك في يد الله
فنال الرد إعجاب السلطان والخديو والحاضرين
وانعم عليه السلطان بالف فدان لرعاية المدارس القبطية الناشئة
وكان المترجم بين البابا والسلطان القمص منصور كاهن المرقسية بالازبكية وكان يجيد التركية
اما البابا فقد نال تقدير الخديو ونال حظوة فى عينيه لحكمته
وكان البابا كما يصفه معاصريه
شهما عاقلا محبا للعلوم
يحب السلام طويل الاناة لين الجانب
وان كان فى عهدد زادت المساعى الاجنبية لضم الاقباط للطوائف المختلفة وكان البابا حازما فى تعامله مع من يخرج عن الكنيسة وان كان التعليم وقتها عزيزا جدا
وجلس البابا ديمتريوس على الكرسى المرقسى 7 سنوات فقط
وتنيح عام 1870
الصورة للسلطان عبد العزيز خان

المدارس القبطية فى عصر البابا ديمتريوس الثانى

هذا وقد وصل عدد المدارس القبطية فى عصر البابا ديمتريوس إلى 12 مدرسة بالقاهرة وواحدة بمصر عتيقة وواحدة بالجيزة ومدرستان بالأسكندرية (بنين وبنات) .

وقد كانت اللغة القبطية من اللغات الأساسية التى تدرس فى هذه المدرسة مع اللغة العربية بالإضافة إلى اللغات الفرنسية أوالإنجليزية أو الإيطالية - كما كانت تدرس الألحان الكنسية مع الموسيقى , ومن المواد الأخرى الهندسة والتاريخ والجغرافيا ومبادئ المنطق .. وغيرها .

وقد شهد أحد المؤرخين عن إنتظام مدارس الأقباط وتفوقها على مدارس الإرساليات الأجنبية التى نشرها الأمريكان فيقول : " وكانت مدرستهم الكبرى للصبيان ( الأولاد) بمصر فى بادئ المر فى يد أقباط أعتنقوا البروتستانتينية , ولم يكونوا يحسنوا الإدراة ولا التعليم , فكانا كلاهما مختلاً , بخلاف مدرستى البنات فى حارة السقايين والأزبكية (للأقباط) فإنهما كانتا خيرة معاهد ذلك العصر " (15)

الكنيسة الوطنية
التعليم.. مفتاح النهضة في عهد إسماعيل

جريدة الجمهورية
الاحد 6 من شعبان 1431هـ - 18 من يوليو 2010 م شريف نبيه
عرف الخديو إسماعيل أنه لا سبيل للنهوض بالبلاد إلا من خلال التعليم .. ففي عهده وجدت 12 مدرسة قبطية.. أصدر بشأنها أمراً عالياً إلي وزارة المالية. يطلب فيها تقديم منحة مالية لها. قدرها 1500 فدان للإنفاق عليها.
الجميل في الأمر بعض الألفاظ التي تدل علي تقديره لهذه المدارس.. فقد تضمن الأمر العالي مايلي: "إنه نظراً لما علم إلينا من حصول السعي والاجتهاد من بطريركية الأقباط في استعداد وانتظام مكاتب ومدارس وإيجاد معلمين بها لتعليم الأطفال ما يلزم من العلوم واللغات الأجنبية. وسعيها في هذا النوع أوجب الممنونية عندنا. فلأجل مساعدتها علي ذلك وتوسعة دائرة التعليم الجارية. فقد سمحت مكارمنا بالإحسان علي تلك البطريركية بألف وخمسمائة فدان عشورية من أطيان المتروك والمستعبدات الموجودة بالمديريات علي ذمة الميري".
كما أصدر أمراً عالياً آخر بأن يتم امتحان تلاميذ المدارس القبطية أمام لجنة حكومية من كبار العلماء برئاسة إسماعيل باشا الفلكي.
لم يقتصر قبول المسيحيين علي مدارس الأقباط. ولكن المدارس الحكومية "الأميرية" قبلت هؤلاء التلاميذ النصاري بدون تفرقة.
وقد حرص الأقباط علي دخول المدارس العليا الأميرية. فقد تخرج في مدرسة الإدارة والألسن والحقوق 137 بين عامي 1887 و..1910 ومدرسة الطب 66 خريجاً من عام 1886 إلي 1910 ومدرسة المعلمين 18 خريجاً من عام 1888 إلي 1910. والأوقاف 343 خريجاً قبطياً بين عامي 1889 و1911 والمكاتب الأهلية 145 عام 1889. بالإضافة إلي 912 عام .1911

بناء المقر الباباوى

وقام البابا ديمتريوس الثانى ببناء المقر الباباوى لسكنى البطاركة إلى جوار الكنيسة المرقسية من ناحيتها الغربية (16) , ولما أنتهى من بناء المقر الباباوى أكمل الأبنية التى كان بدأ فى بنائها فى عزبة دير النبا مكارى الكبير أيام وكانت توقفت لفترة بعد رسامته بطريركاً . 

الأبنية التى تمت فى عهد البابا ديمتريوس فى دير السريان    

فى عام 1576ش كنيسة الأربعين على شمال مدخل كنيسة العذراء بدير السريان  قاموا بدهان هذه الكنيسة فى رئاسة القمص عبد القدوس وتم تكريسها بيد الانبا ايساك مطران الفيوم والبهنسا وبحضور القمص ميخائيل المقارى الذى صار الانبا ديمتريوس البطريرك 111 وبحضور القمص يوحنا البرموسى الذى صار الأنبا كيرلس الخامس البطريرك 112 والقمص غبريال أمين دير الأنبا بيشوى  .

فى 8 84 1 م تولى رئاسة دير العذراء بالسريان القمص عبد القدوس فقام باصلاحات عديدة ، إذ جدد كنيسة العذراء المغارة ، وبنى كنيسة العنراء باتريس واصلح سقالة الحصن ، كما رشد ذلك مكتوبا في انبا كيرلس الخامس على ميامر بولس البوشى ، وكان يرتبط بصلة قوية مع القس داود الصومعى ، ووقع على تزكية له رسم بها بطريركا باسم البابا كيرلس الرابع وعزله عن رئاسة الدير الأنبا ديمتريوس الثانى

نياحة البابا ديمتريوس الثاتى

ولم يستمر البابا ديمتريوس فى رئاسة الكنيسة القبطية غير غير سبعة سنوات وسبعة شهور وثلاثة أيام وقد أنتقل إلى عالم النور فى ليلة الغطاس 11 طوبة سنة 1586 ش وقد أشتركت الحكومة المصرية ورؤساء الطوائف المسيحية مع القباط فى إحتفالهم بجنازته .

وقد أختير الأنبا مرقس مطران البحيرة ليصبح قئمقام بطريركاً إلى ان يتسلم البابا مهام كرامته , وقد ظل الكرسى البطريركى أربع سنوات وتسعة أشهر وأربعة عشرة يوماً (16)

****************************************************

المـــــــــــراجع

(1) أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية الجزء الثالث ص 361 -362

(2) تجدر الإشارة أن الأسقف وقع قبل المطرانين ومن الملاحظ أن رتبة المطران أكبر من الأسقف لهذا يمكن الخروج بنتيجتين : الأولى أن الرتبة الكنسية تعتبر واحدة .. ثانياً : أن تقدم الأسقف فى مكانة التوقيع تفسيره أنه أقدم فى الرسامة من المطارنة أى المدة التى قضاها الإنسان فى الرتبة .

(3) كامل صالح نخلة - سلسلة تاريخ الباباوات - الحلقة الخامسة ص 228 - 230

(4) كتاب الكافى - لميخائيل شاروبيم ج4 ص 177

(5) ظلت هذه الكنيسة هى الكنيسة الكبرى وبجانبها المقر الباباوى حتى عهد البابا كيرلس السادس البابا الـ 116 فقام بترميمها وتجديدها ثم أنتقل المقر الباباوى وأصبحت الكاتدرائية الكبرى بأرض الأنبا رويس فى عهد البابا شنودة الثالث البطريرك الـ 117 .

(6) الكنيسة القبطية فى مواجهة الإستعمار والصهيونية - وليم سليمان ص 25 نقلاً عن كتاب

Earl E . Elder :" Vindicating a Vission ... " p.28

(7) أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية الجزء الثالث ص364

(8) مصطفى الخالدى وعمر فروخ : " التبشير والإستعمار فى البلاد العربية " ص 135 - 143 "

(9) D. Watson : " The American Mission in Egypt " pp,126 - 136 and 442

(10) وزارة المعارف أصبحت فى عهد الثورة  وزارة التربية والتعليم ثم أصبحت وزارة التعليم بعد ذلك

(11) وليم سليمان " الكهنة ... " نقلاً عن أندرو واطسن

(12) تاريخ الكنيسة القبطية - منسى يوحنا ص 722 .. تذكر المؤرخة أيريس حبيب المصرى أنها حضرت إجتماعاً للجنة السيدات التابعة للمعهد العالى للدراسات القبطية وفى صباح الأربعاء 2 مايو سنة 1966 ألقى الأنبا صموئيل أسقف العلاقات العامة ذكر فيها الحادث , فقاطعته إحدى الحاضرات بقولها : " موش معقول " وهنا أجابتها شابه كانت حاضرة من بيت ويصا قالت فى ساعتها : " أيوه جدى كان واحد من الثلاثة " أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية الجزء الثالث ص 367

(13) من الظاهر ان كثير من الأقباط بدأوا يتعلمون اللغات المختلفة وينفتحوا على العالم ومن المفرح أن نجد اليوم كهنة وأساقفة وصلوا إلى درجات عالية من التعليم

(14) عصر إسماعيل - لإلياس الأيوبى ج1 ص 210 - 212

(15) عصر إسماعيل - لإلياس الأيوبى ج1 ص 221

(16) كامل صالح نخلة "سلسلة تاريخ الباباوات " الحلقة الخامسة ص 228 - 234

 

This site was last updated 06/24/14