موتـــة بالســــم - نياحته
وكان البابا يطلب تنفيذ نصوص الفرمان العثمانى الذى صدر من الأسيتانه بالخط الهمايونى ولكنه كان يماطل , وأمتنع سعيد باشا عن مقابلته بالرغم من أن البابا ذهب إلى قصرة عدة مرات .
واتفق أن ذهب البابا كيرلس الرابع إلى دير الأنبا أنطونيوس ليشرف على بعض الإنشاءات فيه وأصطحب معه كالينيوس بطريرك الروم وكذلك بطريرك الأرمن الأرثوذك ترويحًا للنفس، وكان يهدف إلى وحدة الكنائس الأرثوذكسية , فوصلوا إلى بوش بالقرب من بني سويف، في عزبة الرهبان، ليقضوا أيامًا حتى تأتي القافلة فينطلقوا إلى الدير , لأول مرة نسمع عن إيجاد وحدة بين الكنائس ، فعقد أول اجتماع مع بطريرك الروم وبطريرك الأرمن الأرثوذكس في دير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس .
وكان مسيو ساباتييه قنصل فرنسا فى مصر قد ذهب إلى مقابلته القاهرة للتوسط بينه وبين سعيد باشا إن هو أعطاه تصريح بدخول الرهبان اليسوعيين إلى أثيوبيا فإعتذر عن فعل هذا الأمر , فأضمر ساباتييه الشر وزاد فى الوقيعة والفرقة بين البابا وسعيد باشا .
وسمع جنرال مورى قنصل أنجلترا فى مصر بسفر الأحبار الثلاثة فرأى أن يستغل هو أيضا الفرصة للأيقاع بالبابا كيرلس الرابع الذى أنتصر على دسائس الإنجليز مرتين فذهب إلى سعيد باشا وقال له أن : " كيرلس ينوى التحالف مع الروم والأرمن فإن نجح فى ذلك دخل الروس فى هذا التحالف لأنهم مع الروم وعند ذلك سيصبح كيرلس أقوى سطوة منه نتيجة لمؤازرة روسيا له لأنه سيجعل الكنيسة القبطية المصرية تحت جماية القيصرية الروسية (14) , البابا ذهب إلى الدير ليقيم تحالفًا مع الطوائف الأرثوذكسية، ويجعل من نفسه بطريركًا عليهم ، أن الأمر خطير للغاية بالنسبة لسلامة مصر فصدق سعيد باشا هذه الوشايات وخاصة أن القنصل الفرنسى قال له كلاماً مشابهاً مع غضبه منه لتمسك البابا بتنفيذ نصوص فرمان السلطان العثمانى .
فأرسل رسولاً إلى مدير بنى سويف يقول له : " يطلب إلى كيرلس العودة فى الحال لأنه فى حاجة إليه , فذهب المدير إلى بوش وأبلغه بطلب سعيد باشا فقال له البابا كيرلس الرابع : " إنى ذاهب مع رفاقى إلى الجبل الشرقى وحينما نعود أذهب إلى الباشا " وخاف المدير أن يرد على الباشا بهذا الرد فقال للبابا : " أكتب بخطك هذا الكلام الذى تقوله " فكتب له الرد ووقع عليه وأرسل المدير الرد المكتوب إلى سعيد باشا مع رسوله , فتزايد حنق سعيد باشا على الأنبا كيرلس وأضمر له الشر من تلك الساعة .
قضى البابا القوى كيرلس الرابع ستة أشهر فى دير الأنبا انطونيوس وسعيد باشا يتقلب على جمر الغضب والشر وحساب الإحتمالات وما كاد يصل إلى القاهرة حتى لحقت به حُمى فجاءوا إليه بطبيب حتى جاءه رسول من سعيد باشا يستدعيه إلى القصر
، وكاد الاتحاد بين الكنيستين القبطية والروسية يتم لولا أن محافظ مصر استدعاه إلى الديوان لأمر عاجل . فقد أرسل رسول من الباشا يستدعيه إلى القصر فأرسل يلح عليه مرة ومرتين وفي المرة الثالثة إضطر البابا للنزول معه بالرغم من مرضه بالحمى , وأثناء تواجده مع الأغاوات الأتراك فى حجرة الإستقبال فى قصر سعيد باشا فهم من حديثهم أنهم دسوا له السم فى فنجان القهوة فرفض شربه ولكن الفنجان شربه عن طريق الخطأ وكيل البطريركية الذى ما أن عاد إلى بيته حتى بدت عليه أعراض التسمم ومات فى نفس الليلة فأدرك البابا أنه هو الذى كان مقصوداً ، وتأكد أن الحكم يريد التخلص منه فمضى حزيناً مهموماً ولازم البابا فراش المرض فصمم سعيد باشا على الإجهاز عليه فأرسل إليه طبيبه الخاص وكان فرنسياً فأجرى عليه فحوضاً طبيه وكتب له تذكرة الدواء ولكن لم يؤتى له بالدواء لأنه علم أنهم يضمرون له الشر , فلما علم سعيد باشا بأنه رفض العلاج , أرسل له أثنين من أخص أصدقاء البابا كيرلس الرابع وهما وكيل بطريركية الأرمن والخواجا يوحنا مسرة (15) . وقصدا صديقى السوء البابا القبطى وبصحبتهما نفس الطبيب وأمتدحته وطلبا منه أن يشرب الدواء الذى نصح به لأنه طبيب موثوق فيه , فصدق مشورتهما لأنه صدق صداقتهما وتناول الدواء , وما أن أستقر الدواء فى معدته حتى أدرك قسوة الغدر بواسطة الأصدقاء , وقد أجمع الكمؤرخين بأنه دسّ له سُمًّا في الدواء ، ففقد رشده وسقط شعر رأسه ولحيته على وسادته وانحل جسمه ومات.
وكان وراء ذلك كله إنجلترا التي خشيت هذا الرجل البسيط والمصلح الكبير. استودع هذا البابا العظيم روحه الطاهرة يوم الأربعاء 30 يناير سنة 1861م بعد أن قضى على الكرسي المرقسي سبعة سنوات وثمانية أشهر، وقد كان لانتقال البابا رنة أسى وحزن كبيرة في أنحاء الوادي والسودان وأثيوبيا، وكان تجنيزه باحتفال مهيب حضره كبار رجال الدولة ورؤساء الكنائس المختلفة، ومن عجب أن وكيل البطريركية الأرمينية الذي ساهم في التعجيل بحياته رثاه مرثية قوية باللغة التركية وسط الجمع الحاشد. وقد دُفن جثمانه الطاهر في مقبرة جديدة كان قد أعدّها لنفسه بين الكنيسة المرقسية الكبرى وكنيسة القديس إسطفانوس. توفيق إسكاروس: نوابغ الأقباط ومشاهيرهم في القرن التاسع عشر، الجزء الثاني، عن نسخة أهداها المؤلف لراغب أفندي اسكندر في 21 طوبة عام 1633ش.
وبعد ألأنتهاء من الشعائر الكنسية دفنوه فى مقبرة جديدة كان قد أعدها لنفسه تقع ما بين الكنيسة الكبرى (كنيسة مار مرقس) والكنيسة الصغرى المجاورة لها (كنيسة أسطفانوس الشهيد) (16)
*******************************************************
المـــــــــــراجع :
(13) أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية الجزء الثالث ص 331 - 332
(14) جرجس فليوثاؤس عوض - ذكرى مصلح عظيم
(15) الخواجا يوحنا مسرة هو حلبى الأصل أستقر بمصصر عقب الإضطهادات التى أشتدت على الروم الكاثوليك فى مطلع القرن التاسع عشر وعمل ترجماناً فى السفارة الإنجليزية , وقد زعمت مسز بوتشر فى كتابها تاريخ الأمة القبطية أن أبو الصلاح تعلم فى مدرسة أنجليزية وفيها تلقى العلوم التى أدت فيما بعد بأن ينهض بشعبه , وزعم أن هذا الحلبى هو الذى أشار على هذا البابا المرقسى بإنشاء كلية أو مدرسة لتهذيب وتعليم النشئ فأصغى لمشورته وعمل بها ! أترى أن هذا سبب خيانته فى النهاية راجع توفيق أسكاروس ج2 ص 190 -191
(16) أبو الأصلاح لجرجس فيلوثاوس عوض - نوابغ الأقباط ومشاهيرهم فى القرن 19 لتوفيق إسكاروس ج2 ص 60 - 197
*********************
البابا كيرلس الرابع ..اراد توحيد الكنائس الأرثوذكسية تحت حماية روسيا..فأعطوه الانجليز دواءا مسموما
البابا كيرلس الرابع ..اراد توحيد الكنائس الأرثوذكسية تحت حماية روسيا..فأعطوه الانجليز دواءا مسموماوقع في أيام البابا كيرلس الرابع خلاف بين الحكومتين المصرية والحبشية بسبب تعيين الحدود بينها، وقيل أن السلطان عبد المجيد العثمانى هو الذي أوعز إلى سعيد باشا خديوي مصر بأن يرسل بطريرك الأقباط إلى البلاد الحبشة لعقد اتفاق بينه وبين ثيودور ملك الحبشة Tewodros II أو Theodore II الذي كان قد تعدى على بعض نقاط الحدود في إقليم هرر Harrar وحدثت مشاكل للتابعين في ذلك الوقت للحكومة المصرية العثمانية، فجهزت له باخرة، وقام البطريرك بهذه المهمة السياسية بدون أن يدرى به أحد إلا الذين رافقوه في السفر وبعض خدامه،
وألفت النظر هنا إلى أن الكنيسة القبطية لا تعمل بالسياسة أصلا ولا تتدخل فيها إلا إذا طلب منها، وأن تنفيذها للسياسة في حدود ما تكلف به فقط ويقود إلى حياتها الدينية كما هو موضوع بها. وقد سافر البابا كيرلس الرابع رغم أن السفر كانت تعلوه الكآبة ويشوبه التشاؤم من هذه السفرية، وكان يرافقه اثنان من أغوات المنزل (جمع أغا)، فانتهز فرصة طول السفر وتعلم منهم التركية.
ولما علم النجاش بقدومة خرج لملاقاته بموكب حافل على مسيرة ثلاثة أيام من عاصمة مملكته، وطلب منه أن يمسحه ملكا بحضور جميع ملوك الحبشة، وكان في الحبشة بعض من المرسلين الإنجليز المرسلين من (جمعية التبشير بالإنجيل) لبث تعاليم ما رتبه لوثر كينج البروتستانتية بين الأحباش،
وقد تقربوا من النجاش بعمل المدافع وصنع الاسلحة لحبشة، وتعليمهم فنون الحرب والقتال، حتى سأل إليهم وأعطاهم الحرية ليجولوا في كل مكان، فكانوا يعبثون بطقوس الكنيسة القبطية، ولم يفلح مطران الحبشة في مقاومتهم، فانتهز فرصة وجود البطريرك ورفع أمرهم إليه، فبعد انقضاء الأفراح طلب البطريرك من النجاش أن يرد لبلاد مصر ما أخذه منها، فأجابه إلى طلبه بسرور زائد، ثم كلمه بشأن المرسلين الإنجليز وطلب منه ترحيلهم، فاعتذر بكونهم يعلمون جنوده فنون الحرب، فأفهمه أن الحال غير داعية للحرب، فأمر النجاش بإخراج المرسلين من بلاده، فحقدوا على البطريرك وعملوا على الانتقام منه.
وكان البطريرك قد بعث يطلب من سعيد باشا أن يسير إليه بعض الصناع والمعلمين، فدس إليه قنصل الإنجليز بأن كيرلس هذا يريد أن يسلم بلاده إلى النجاش، ومازال سعيد باشا حتى قام إلى الخرطوم بجيش عظيم، وفي الوقت نفسه كان الإنجليز يحيكون مكيدة أخرى ضد كيرلس لدى النجاش، فدسوا عليه أنه قدم لطرد الإنجليز الذين كانوا يعدون لك الآلات الحربية ليمكن والي مصر منه، وقد حمل إليه من قبل سعيد باشا كسو (كساء) مسموما إذا ما لبسته قضي عليه!
وكان فعلا من بين الهدايا التي قدمها البابا كيرلس للنجاش برنسا مزركشا بالجواهر الكريمة فهاب النجاش الأمر، لاسيما لما علم بقدوم سعيد باشا بجيشه إلى الخرطوم، فأمر بسجن البطريرك وضيق عليه الخناق، وخشية من أن يفلت البطريرك، ويمسح ملكا آخر للحبشة سواه، اصطحبه معه، فكان يسوقه أمامه في كل مكان يحل به محاطا بالحراس وكان إذا جلس يقف أمامه، ويبكته بأغلظ الألفاظ.
تمكن البابا من أن يصل إلى والدة النجاش، وكانت تقية ورعة، وأفهمها بحقيقة الأمر، فتوسلت إلى ولدها من جهته، فسمح له أن يدافع عن نفسه، فتمكن من إقناعه بجليل مقاصده، ومن ثم طلب أن يلبس الثوب الذي ارتاب فيه فلبس البطريرك مدة يومين دون أن يصاب بأذى، ولبسه رجل محكوم عليه بالإعدام مدة ثلاثة أيام فلم يصبه سوء، وكان النجاش قد أمر بحرم البطريرك حيا، فعفي عنه، وأرسل البطريرك إلى سعيد باشا أن نجاحه متوقف على رجوعه من حيث أتى، فرجع سعيد باشا إلى مصر بقواته من الخرطوم، وهنا عرف النجاش حقيقة الموقف،
واعتذر للبطريرك على سوء فعلته وذلك برفع حجر على رأسه كعادة الأحباش وكان قد مر أكثر من سنه منذ خرج الأنبا كيرلس من مصر ولم يرد عنه خبر أو يسمع عنه شئ، وكان الناس قد قلقوا عليه كثيرا، وبعد سنه وأربعة اشهر حل مكتوب منه ينبئ بأنه وصل إلى الخرطوم ومعه اثنان من رجال حكومة الحبشة، أحدهما قسيس الملك والثاني وزيره، فسر الشعب بعد أن ظنوا أنه مات، ووصل إلى القاهرة في 17 أمشير 1574 ش. وقد استقبل استقبالا عظيما.
لم ينسى الإنجليز له موقفه هذا فدبروا له مأساة محزنه لقاء إيعازه للنجاش بطرد تابعيهم من الحبشة، ولم يمكنهم من أخذ السلطان، كما اشتد غيظ الإنجليز عندما علموا أنه ينوى توحيد الكنائس الأرثوذكسية، فبعد رحيل وزير نجاش إلى الحبشة شعر البابا كيرلس بتغير محمد سعيد باشا عليه واتفق انه اصطحب معه بطريركي الروم والأرمن إلى دير القديس انطونيوس كما أسلفنا ترويحا عن أنفسهم، فانتهز القنصل الإنجليزى ودس له عند سعيد باشا بأنه يريد توحيد الكنائس تحت حماية روسيا التي كانت مكروهة من السلطان ومن سعيد باشا،
فأرسل سعيد باشا إلى مدير مديرية بنى سويف يأمره بأن يستدعى البطريرك فورا، فاستمهله أياما، فاشتد غيظ سعيد باشا، ويروى التاريخ أنه كان في أحد الأيام أن جاء إلى البابا رسول من قبل محافظ مصر يستدعيه إلى الديوان لأمر لا يتم إلا بحضوره، فلم يقبل الذهاب، وصرف هذا الرسول بالحسنى فعاد إليه مرة ثانية وثالثة، فلم ير البابا بدا من الذهاب، واصطحبه وغاب ساعة وعاد ووجهه يقطر منه العرق، وقد نزلت به حمى، فعرف العلة وأشار بالدواء، فلم يأته حتى أتاه طبيب محمد باشا بأمر منه، وأخذ في علاجه، وظل يعالجه أياما، وقد اشتدت عليه الحمى وعظم مرضه، وفقد الرشد وسقط شعر رأسه ولحيته على وسادته وانحل جسده.. ومات.
ويروى من كانوا حوله، انه لم يقبل السم في القهوة لأنه سمعهم يتكلمون بالتركية وكان يفهمها، ورجع إلى قلايته حزينا، حتى حضر إليه كل من صديقه ربيب الأرمن والخواجة حنا مسرة وأحضرا له طبيبا قالا عنه أنه أمين، ولكنه دس له السم في الدواء، ولما شعر به يمزق أحشاءه من الألم سلم أمره لله وجعل يردد (لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، بل خافوا من يقتل النفس).
وكانت وفاته في ليلة الأربعاء 23 طوبه 1577 ش. / 1861 م. ودفن بقبره الذي كان قد بناه لنفسه بالكنيسة الكبرى، بعد أن قدم للكنيسة ولمصر كل هذه الأعمال الجليلة والإصلاحات الكبيرة ومن ثم دعي (أبو الإصلاح).
************************
جنازة البابا كيرلس الرابع
بالرغم ان المؤرخين لم ينقلوا لنا وقائع تجنيز البابا كيرلس الرابع ربما لان الامر كان وقتها حساس.. فالبطريرك قد قتل وهو فى السادسة والاربعين على يد الخديوى محمد سعيد الذى دس لة السم فى القهوة بعدما دعاة للقصر لما علم امر اعتزام البابا عمل وحدة مع الكنيسة الارمنية واليونانية
وفى احد الدوريات البريطانية القديمة التى تعود الى عام 1891 وتعرف بأسم All the Year Round وجدت بها مقال من كتابة تشارلز كوليفورد ديكنز ابن الروائي تشارلز ديكنز وكانت المقالة عن جنازات رجال الدين وطرق دفنهم الغريبة حول العالم
وفى مقالة يستشهد ديكنز بما رواه احد الاباء اليسوعيين الذين كانو فى مصر وقتها وحضر جنازة البابا كيرلس الرابع الذى حدثت وفاتة مساء الثلاثاء فى الدار البطريركية بالأزبكية فيقول في عام 1861 توفي البطريرك القبطي في القاهرة ...
ذهبت إلى البطريركية يوم الاربعاء في الساعة العاشرة صباحاً بعد أن علمت بوفاة البطريرك القبطى ووجدت الفناء وكل شارع مكتظ بالأقباط رجالاً ونساءً، وكان عددهم بالمئات، وكانو يشعرون بالضيق والويل الذى كان صورتة علة وجوهم، وهو ما يُظهر بوضوح أنهم شعروا
خطورة خسارتهم
ومع ذلك، فقد صنعوا لي ممرًا وسط الحشد الكبير وارشدنى احدهم الى المكان الذى يوضع فية جثمان البابا البطريرك ودخلت الكنيسة وجدتة جالسا على كرسيه، لابسًا ثيابه الفاخرة، وقدميه على وسادة وعصاة في يده، وعلى رأسه تاج واحضروا لى كرسى لكى اجلس كان بينى وبينة حوالي ثمانية أو تسعة ياردات وكانت هناك دائرة حول البطريرك من الاساقفة والكهنة والشمامسة وتمت قراءة وترتيل خدمة الموتى. واستمر هذا حتى بعد مغادرتي في الساعة الواحدة والنصف وكانت الكنيسة مملوءة بالناس من أثرياء الأقباط والقناصل الأجانب والطلاب.
وفي الساعة الثالثة ذهبت مرة أخرى فوجدت الجمع يتزايد وحضور كبير من قبل بطاركة الأرمن واليونانيين وكهنتهم واساقفتهم وانطلق موكب يتقدمه البطاركة ويتبعه الأساقفة وأقطاب الأقباط وأخيراً البطريرك المتوفي في ثيابه، محمولا وضع في المدفن بثوبه وقرأه بطريرك الأرمن الخدمة النهائية وقرأت بالقبطية والعربية ثم اغلق القبر لقد كان مشهدًا جديدًا ومثيرًا للإعجاب بالنسبة لي.. ولكن كان الحزن الذي شعر به الجميع عظيمًا للغاية بسبب خسارتهم
تشارلز ديكنز - لندن 1891
#تاريخ_الاقباط / ابرام راجى