Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 أعياد فراعنة مصر

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
الغرب والأعياد المصرية

Hit Counter

 

الأهرام 29/2008م السنة 133 العدد  44490 عن مقالة بعنوان [ أعياد الفراعنة ] بقلم : د‏.‏ زاهي حواس
حدث أن أعلنت في حديث تليفزيوني وأنا في أمريكا وقبل إلقائي لمحاضرة بمدينة فيلادلفيا أن الشخصية المصرية شخصية فريدة متميزة‏,‏ استطاع العبقري الراحل جمال حمدان أن يلخص لنا جوهر هذه الشخصية وما فعله تعاقب الحضارات التي عاشتها منذ عصورها الفرعونية واليونانية الرومانية والقبطية والإسلامية فصاغت لنفسها شخصية فريدة لم تقلد سواء الغرب أو الشرق‏..‏ وفي نهاية حديثي ذكرت أن مصر تقع في إفريقيا ولكن لا يمكن أن يتم تناول الشخصية المصرية ضمن تناولنا للشخصية الإفريقية‏,‏ فهناك بصمة خاصة لكل شعب وإن كان يشارك شعوبا أخري في الحيز الجغرافي أو حتي في قومية واحدة ذات دين ولغة واحدة‏.‏
وفي اليوم التالي لحديثي وقبل دخولي إلي قاعة المحاضرات وجدت المئات من المواطنين السود يتظاهرون في شارع‏Walnut‏ ويحملون لافتات عليها عبارات الرفض والإنكار لكل ما ذكرته متهمينني بالكذب‏,‏ ولذلك أصبحت ممن يميلون للكتابة عن الماضي وما به من عادات وتقاليد وممارسات لاتزال موجودة في مجتمعنا المصري ولا تختلف كثيرا عما كان يحدث في العصور الفرعونية‏,‏ إننا وإن كنا نتحدث اللغة العربية وهي إحدي اللغات السامية وكانت اللغة المصرية القديمة أيضا من جذر سامي‏,‏ فإن هذا لا يمنع أن المصريين وحدهم لايزال قاموسهم اللغوي يضم كلمات مصرية قديمة‏,‏ بل وتعبيرات نجدها مسجلة علي جدران مقابرهم منذ آلاف السنين أضف إلي ذلك عادات خاصة بهم في أثناء الدفن والجنازة وزيارة الموتي‏,‏ بل في أفراحهم وأعيادهم‏.‏ هذا الوصل بين الماضي والحاضر أعتقد أنه أبلغ رد لإظهار معدن الشخصية المصرية التي قد أكون منحازا لها لمدي معرفتي بمعدنها الأصيل‏.‏
المؤكد أن المصريين القدماء كانوا من أكثر الشعوب القديمة عملا‏,‏ الصناع في ورشهم مشغولون بأعمالهم بكل جد ونشاط واتقان وصل إلي حد أن أشهر صانعي المجوهرات في عالمنا اليوم يقف مبهورا بما وصلت إليه صناعة الحلي في مصر القديمة من اتقان مبهر‏,‏ كذلك كان الزراع والفلاحون مشغولين في حقولهم يبذرون ويروون ويحصدون مختلف المحاصيل‏,‏ وفي مواقع العمل نجد عمال البناء يشيدون الأهرامات والقصور والمقابر والمعابد يتابعهم المهندسون المعماريون‏,‏ وكذلك المشرفون ورؤساء العمل وفريق من الكتبة الذين يسجلون كل صغيرة وكبيرة في موقع البناء ويتابعون تنفيذ الخطط وتعديلاتها التي تطرأ وفق ظروف العمل‏.‏ وفي المعابد نري الكهنة يملأون المكان بالترانيم والصلوات ويتابعون أعمال الخدم من تنظيف وتطهير لأرجاء المكان‏,‏ والذي جلس المعلمون في أركانه يعلمون التلاميذ مختلف العلوم من طب وفلك وأدب وغيرهامن علوم الدنيا‏.‏ هذه الحياة المليئة بالعمل والإنتاج هي التي خلفت لنا أروع وأعظم حضارات البشرية‏,‏ حضارة بنيت علي العلم والعمل والإيمان فسادت العالم كله ولاتزال آثارها موجودة إلي اليوم‏.‏
هذه الصورة التي نرسمها لحياة المصري القديم ينقصها ركن آخر كان أساسيا في حياته وهو الأعياد واحتفالاته وأفراحه‏,‏ فأعياد المصريين القدماء تنوعت وتعددت حتي إن المؤرخين اليونانيين وعلي رأسهم بلوتارخ يذكر أنه من كثرة أعياد المصريين لم يكن يفرق بين العيد والآخر سوي أيام معدودات فما أن ينتهي عيد في مدينة حتي يبدأ عيد آخر في مدينة أخري‏,‏ وكان لأعياد المصريين أن أشكالها المختلفة منها الأعياد الدينية التي تتم في مناسبات دينية معينة كذكري انتصار حورس علي عمه ست‏,‏ وأعياد الآلهة والتي تتم في معبد كل إله وفقا لحدث معين سواء كان انتصار هذا الإله أو إنشاء معبده أو ذكري معجزة ارتبطت به‏,‏ كذلك كان من أعياد الآلهة في مصر القديمة أعياد خاصة بتزاوج الآلهة ومن أشهر هذه الأعياد العيد السنوي الذي كان يخرج فيه كهنة الإله حورس الإدفوي نسبة إلي مدينة إدفو يحملون المركب المقدس للإله وبداخله مقصورته وتمثاله الذهبي يتلاقي ليركبوا النهر ويتجهوا شمالا إلي دندرة
حيث معبد الالهة حاتحور زوجة حورس الإدفوي لكي يلتقي الزوجان وتقام الأعياد والأفراح ويبتهج الناس ويشربون الشراب ويطعمون والكل في حالة من النشوة التي يزيدها عبق البخور النادر الذي كان المصريون يجلبونه من قلب إفريقيا وبلاد بونت‏.‏
كذلك وفي مدينة طيبة عاصمة الإمبراطورية المصرية خلال العصر الحديث كان من أبهي الأعياد الدينية العيد الذي يسمي بـ عيد الوادي‏,‏ وفيه كان آمون سيد آلهة مصر وسيد الكرنك يخرج في موكب مهيب ليتجه لزيارة الوادي الغربي فيمر علي المعابد الجنائزية ومقابر الأشراف وكانت فرصة لخروج الناس جميعا وزيارة موتاهم وحرق البخور علي أرواحهم وتقديم القرابين وكذلك إطعام المساكين تقربا إلي الإله‏,‏ فما أقرب الأمس البعيد من اليوم وإن اختلفت العقائد؟‏!‏ وإلي جانب الأعياد الدينية كان المصريون القدماء يحتفلون بعدد كبير من الأعياد التي ارتبطت بالزراعة‏,‏ فمثلا احتفلوا بعيد الفيضان الذي ارتبط عندهم بيوم ظهور نجم الشعرة اليمنية في السماء واحمرار لون بشائر فيضان النيل فكان الناس يحتفلون بمقدم الفيضان ممنيين بفيضان كله خير علي البلاد‏.‏
كذلك ارتبطت أعياد كثيرة عندهم بحصاد بعض المحاصيل وعلي رأسها الكتان والذي كان يصنع منه أفخر الثياب والمفروشات‏,‏ كذلك كان موسم حصاد الكروم وعصره وصناعة النبيذ من أحب المناسبات للاحتفال بها‏,‏ وإن كان الأمر يتم بين أولئك المرتبطين مباشرة بتلك الصناعة‏.‏
وإلي جانب الأعياد الدينية والزراعية‏,‏ كانت الأعياد الملكية أو أعياد الملوك من أهم الأعياد في حياة المصري القديم وتعددت لدرجة أنهم كانوا يحتفلون بيوم ميلاد الملك ويوم جلوس ويوم إتمام الملك لعامه الثلاثيني في الحكم أو ما يطلق عليه‏(‏ عيد السد‏)‏ وهو من أهم الأعياد في حياة المصري القديم واهتم الملوك اهتماما خاصا بترتيبات هذه الأعياد والتي نعرف عنها منذ بدايات الحضارة المصرية القديمة فمنذ الأسرة الأولي ولدينا المناظر التي تصور كيف كان الملوك يحتفلون بهذا العيد وأصله أن الملك كان عليه أن يثبت حيويته وخصوبته بعد إتمام ثلاثين عاما من الحكم‏,‏ حيث إن الأرض كانت عندهم مرتبطة بمدي حيوية ونشاط الملك الذي كان عليه أن يطلق ثورا من محبسه ويربط حول قرنيه أنشوطة ويجري ساعيا بين مقاصير الآلهة مقدما للقرابين والعطايا لكي يأخذ صك الرضا من هذه الآلهة‏,‏ وقبل الاحتفال بهذا العيد بيوم كان يتم دفن تمثال للملك يحمل دلالة رمزية علي وفاة الملك القديم وميلاد ملك جديد‏.‏
ولأهمية هذا العيد نجد ملوكا كثيرين يحتفلون به أكثر من مرة في حياتهم غير ملتزمين بمدة الثلاثين عاما يأتي علي رأسهم الملك أمنحتب الثالث والملك رمسيس الثاني الذي نعرف أنه احتفل بعيد السد أكثر من سبع عشرة مرة‏.‏
ولقد كان لدي المصري القديم أعياد مرتبطة بمناسبات محددة أهمها انتهاء بناء المقبرة الملكية فنصوص ومناظر الدولة القديمة تصور لنا الأعياد التي كان الملوك يقيمونها بمناسبة انتهائهم من بناء أهراماتهم فنجد الناس يرقصون وينشدون الأغاني ويقيمون الموائد والكل سعيد بانتهاء هذا المشروع القومي الذي التف حوله كل المصريين‏.‏ كذلك احتفل المصريون بأعياد انتصاراتهم علي أعدائهم وقد ترك لنا كبار قادة الجيوش في عصر بداية الأسرة الثامنة عشرة مناظر ونصوصا علي جدران مقابرهم تصور لنا كيف أنهم احتفلوا بذكري انتصارهم الحاسم علي الهكسوس‏,‏ وما تم في أعيادهم من توزيع للهدايا والنياشين عليهم من قبل الفرعون‏,‏ وكذلك العطايا التي منحت لهم سواء من الأراضي الزراعية أو من الماشية وغيرها‏.‏
أما عن كيف احتفل المصريون القدماء بأعيادهم؟‏..‏ فالمدهش أن مظاهر الاحتفال بالأعياد عندهم لم تختلف كثيرا عما هو حاصل في يومنا هذا‏,‏ حيث كان الطعام هو القاسم المشترك في كل أعيادهم فكانوا يتناولون أشهي الأطعمة وأغلاها ثمنا خلال أعيادهم والتي كانت تنحر فيها الذبائح من الثيران والبقر ويتم توزيع لحومها وفق جداول معلومة للكتبة والقائمين علي ذلك من الكهنة‏.‏
وخلال الأعياد كان المصريون القدماء يتزينون بأجمل الثياب وأكثرها زخرفا وجمالا ويقوم الأشراف وكبار الموظفين بتوجيه الدعاوي إلي أصحابهم ومعارفهم يدعونهم إلي الحضور إلي قصورهم‏,‏ حيث يتم بسط الموائد ويعزف الموسيقيون أجمل الألحان علي آلات الناي والهارب ويغني المغنون أجمل معاني الحب والجمال ويمتلئ المكان بهجة وسرورا‏,‏ خاصة بعد أن تبدأ الراقصات الجميلات رقصاتهن البديعة بين الضيوف‏..‏ هذه الاحتفالات لم تكن مقصورة فقط علي طبقات محددة من الشعب المصري القديم وإنما يحتفل بها الجميع علي مختلف طبقاتهم وكانت مناسبة لكي تعطي الهدايا واللعب للأطفال ليخرجوا للعب مع أقرانهم‏,‏ ففي هذه المناسبات كان يتم إعفاؤهم من الذهاب إلي المعبد وتلقي الدرس فكانت بالطبع مناسبة سارة لهم يلهون ويلعبون بل ولم يكن محرما عليهم حضور مجالس الكبار لكي يشاهدوا ويستمتعوا بالعزف والغناء والرقص بين آبائهم هذا هو ما تصوره لنا المناظر المسجلة علي جدران مقابر المصريين القدماء والتي تؤكد أنهم لم يعيشوا فقط للعمل والإنتاج‏,
‏ بل استمتعوا بكل ما منحتهم الطبيعة من مختلف النعم التي جعلت أرض مصر مطمعا لكل الشعوب القديمة فكان علي المصريين القدماء أن يواصلوا العمل ويواصلوا الأعياد لكي يشحذوا عقولهم علي الإبداع والتفرد‏.‏

This site was last updated 02/13/10