Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

البابا كيرلس الـ 75 الجزء الثالث

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الكرسى الشاغر
البابا كيرلس الـ 75 ج1
البابا كيرلس الـ 75 ج2
البابا كيرلس الـ 75 ج3
المسلمون وكنيسة أبو سرجة
نياحة الأنبا كيرلس الـ 75
قبطى سكران يتلفظ بالإسلام

الملك العادل وإضطهاد الأقباط

  وارسل السلطان أحد أصحابه إلى دمشق برسالة إلى الملك الجواد ابن عمه والسبب كان يخفيه السلطان فى نفسه هو أنه إغتاظ من محبة أهل دمشق للملك الجواد كما أنه توهم أنه إذا وصل الملك الجواد مصر فقد يختارونه بدلاً منه سلطاناً امصر , وكانت رسالته إلى الملك الصالح ملك الشرق .. أمد وحصن كيفا ونجار وغيرها من بلاد الفرات , واعلمه فى رسالته انه يحبه ويريده ان يعطيع دمشق إذا أعطاه بلاد الشرق التى يملك عليها , فحلف له على سنجار وعلى بلاد اخرى , فلما اطمأن إليه ووثق فيه , أرسل إليه أن يحضر , وقابله فى البرية وتحالفا وذهب الملك الصالح بن أيوب إلى دمشق وتسلمها وغادرها الملك الجواد مظفر الدين غلى سنجار وأستقر الملك الصالح فى دمشق وكان معه عسكر يطلق عليهم الخوارزمية , وكان الخوارزميه يرعبون اهل البلاد وأصلهم من بلاد التتار , وتركه الخوارزمية يذهب إلى بغداد لأنهم كانوا يقيمون فى البرية بجانب حلب وما حولها , وقتل رسول الملك العادل وأسمه غماد الدين شيخ الشيوخ بن شيخ الشيوخ وقتل بدار السلطان ولم يقتل رسول من قبل , وذكروا أنه قتل غيرة وعداً بعد أن أرسل ملك حمص من يقتله , فإنطلق الخوارزمية يخربون بلاد الشام وحاصروا حمص ولم يتركوها حتى أعطاهم ملكها مالاً جزيلاً ورحلوا عنها , وكان غلاء فى الشام فتركها أهلها إلى مصر .

الجيش المصرى فى بلبيس

أما الملك العادل فأمر الجيش بأن يغادر القاهرة ويتجمع فى بلبيس وينتظروا أوامره . فذهب مجموعه من الأمراء ومعهم حوالى ثلاثة ألاف فارس وكان يقودهم أمير كبير أسمه نور الدين بن فخر الدين عثمان , وحدث أنه وقع بينه وبين والى بلبيس خلاف , فكتب الوالى إلى السلطان العادل أنه يراسل الملك الصالح وتحضر رسل الملك الصالح إليه فخاف الملك العادل منه فأرسل أمراً أن يذهب إلى رشيد ويتركز بها وكانت رشيد  تابعة للوالى المذكور فظن أن إرساله إلى هناك أنه لشر وأنه سيمسك به ويحبس فلم يذهب وكاتب أكابر الدولة فأعفى من الذهاب إلى رشيد ولكن ظل ما فى القلوب موجود , وأتفق معه جملعه من الأمراء وهم عز الدين أيبك الكردى وعز الدين أيبك الحمدلله المعروف بقضيب البان وسيف الدين الدنيسرى وسطر الخوارزمى واخو , وعلاء الدين بن شهاب أحمد ونور الدين على بن الأكتع وعز الدين تلبان المجاهدى والركن عمر الفانرى وأيدكين العزيزى وعلم الدين سحر اليمنى , وكانوا جميعاً يداً واحدة وكلمتهم واحدة وشاع أمرهم وذاع فأرسل إليهم السلطان الأمير فخر الدين بن الشيخ ليطيب قلوبهم وطمأنهم وكتب إليهم رسالة بخطة يذكر فيها أنه ليس فى فكره شئ مما توهموه وأنه يحلف لهم على ما يريدونهفطابت قلوبهم بذلك , وكتب الأمراء نسخة اليمين (الحلف أو القسم) وتسلمها الأمير فخر الدين بن الشيخ وعاد بها إلى القاهرة ليحلف السلطان عليها بعد أن حلف المراء عليها أنهم فى طاعته ولم يتغير فى ألمر شيئاً وحلف السلطان على النسخة وأرسلها مع الأمير شجاع الدين بن ابى ذكرى , وكان أحد الأمراء المتضامنين معهم وأسمه تلبان المجاهدى وكان والى البهنسا وكان خرج منها بغير امر كان غير موجوداً فلم يحلف لأنه كان متأخراً فى القاهرة وذهب إلى هذه الجماعة وإنضم إليهم ولم يفد اليمين شيئاً فرجع فخر الدين بن الشيخ إليهم ومعه الأمير بهاء الدين أبن ملكيشو الذى كان والى القاهرة مرة وتولى دمشق أيضاً مرة وأجتمعوا بالأمراء المتمردين وفاوضوهم فى هذا الأمر , وقالوا لهم : " ان خروج تلبان المجاهدى بدون أمر لم يكن واجباً وأنكم رضيتم بهذا وهذا أقبح الإيمان " وكان ذلك فى يوم ألربعاء 21 من شهر رمضان سنة 636 هـ الموافق 2 بشنس , وفى نفس هذا النهار أتفق جماعة من الأتراك أن يخرجوا من أماكنهم ويحاربوا الأمراء وكانوا حوالى ألف فارس فإجتمعوا ولبسوا وغادروا القاهرة وكان للأمراء طلائع يعرفونهم بالأخبار فجائهم فارس يركض قبل أن يصلوا وأخبرهم بأن الحلقة قد خرجت لأخذهم وأن الفارس خطلبا هو قائدهم ومعه آخر يعرف بالصارم المسعودى فأخذوهم وربطوهم معهم فقاموا ولبسوا وركبوا مستعدين لهم فسمع الركن فخر الدين الهجاوى والأكراد فى الجانب الاخر بذلك فركبوا أيضاً لابسين السلاح وعدة الحرب وظلوا يتحاربون ويتعاركون وإندفع الأمراء فى حرب شديده ضد فرسان السلطان حتى المغرب حتى وصلوا قريب من العباسة ودخل الليل فعاد جنود الملك إلى موضعهم , أما الأمراء فقد ذهب أصحابهم ولم يبقى معهم إلا قلة لأن أكثرهم رجعوا لخدمة الملك العادل لأجل , ووقع من المتمردين الأمراء أميراً أسمه إبن الأكتع أسيراً فى يد جنود الملك وحاول الأمير فخر الدين بن الشيخ والركن الهجاوى ومن معهم , وذكرت بعض الأقاويل أنه فعل ذلك وسقط فى أيديهم أسيراً عن قصد ليرجع لخدمة السلطان وأحضروه إلى القاهرة وخلع عليه (مكافأة) أما الحلقة (فرسان الملك) فإنهم لم يهزموا الأمراء فى بلبيس بل جعلوها على يسارهم وأتجهوا من شرقها إلى البرية والأميران الأسيران معهم فإتفقوا على أن يطلقا الأميرين المذكورين وأن يرسلوا خمسة رجال من كبارهم إلى الملك أن يرضى عن الأمراء ويستحلفونه لأن الجميع كانوا يخافون على نفوسهم من الموت وكانوا يريدون أن يرجعوا إلى أهلهم وذويهم , فتحدثوا مع الملك فى موضوع الصلح فأجابهم إلى طلبهم وأنعم على الخمسة بالهدايا وجهزهم وأرسل معهم أحد خدامه وأسمه المسى بنان فخرجوا إلى أن وصلوا الى الداروم فلم يجدوهم , ويعتقد أن الأسرى ذهبوا إلى الأمراء وقبلوا رؤوسهم وأخذوهم معهم فعاد الخادم والكبراء الخمسة ولم يصلوا إلى الصلح معهم , وأصبحت مصر فى حالة أضطراب وخوف وفوضى وحجزوا على أملاك الأمراء وبيوتهم مرة ثانية بعد فشل الصلح

وفى يوم السبت 19 من بشنس الموافق لـ 8 شوال سنة 636 هجرية وصل الملك الناصر بن الملك المعظم إلى القاهرة وزينت له القاهرة ومصر والقلعة ونزل بدار الوزراء وشفع لدى الملك العادل للأمراء المتمردين وقرر أن يذهب إليهم بنفسه ويطيب قلوبهم ويحضرهم ووصل أبنه بعد ايام وزادت الزينة له وجاءت الخبار ان الملك الصالح خرج من دمشق وجمع السلطان الأمراء وأحضر الملك الناصر وأستحلفهم أنهم يطيعون ومخلصون وأنهم سيقاتلون عنه إلى أن يموتوا وكانت هذه اليمين هى اليمين الرابعة لهم .

قتال قبائل عربية مع بعضها على أرض مصر

وحدث ان قبيلتين من قبائل العرب التى أستوطنت مصر يقال لأحدهما جذام والأخرى ثعلبة وكانت تتوطن منطقة الشرقية وكان بينهما ضغائن قديمة وثأر وأقتتلوا مراراً وقتل بينهم جماعة كبيرة , وكانت قبيلة ثعلبة يميل إليها ملك مصر وجذام يميل إليها ملك الشام , فإستنجدت ثعلبه بقبيلة بسنبس فحضروا إليهم من بلاد العرب وإستعانت جزام بقبيلتى مزاته وزنارة فحضروا إليهم من البحيرة , وكانت حرب شديدة بينهما وخاف الناس من ممارسة أعمالهم المعتادة وإنقطعت الطرق بسببهم وأرسل السلطان جماعة من الأمراء والجنود للإصلاح بينهما ولكنهم ظلوا على عصيانهم حتى قتل من بينهم العديد  .

إضطهاد الأقباط فى عصر الملك العادل

  وفى سنة 636 هجرية حدث أن رجل أطلق عليه أسم خادم النبى إدعى أنه رأى نبيهم فى النوم وقال له : خذ الذمة بتغيير حليهم فقد خرجوا عن حدهم " وراح فى ضرب الناس وإضطهاد المسيحيين واليهود فالمسيحيين يرفعون الدوابيب واليهود بعمل علامة صفراء , وأصبح الأقباط يشدون الزنار وكان الأقباط لا يهتمون بهذه الحدود فى بيوتهم - وقطع دوبة القس كاتب الحوايج خاناه لأنه كان أرخاها وشد الزنار , وكان إذا لم يجد مع أحد زناراً قطع عمامته وشد وسطه بها , وفى يوم السبت 15 من ابيب نودى فى الأسواق والأماكن العامة بتقييد الأقباط واليهود بإذلالهم بهذا التمييز العنصرى , وأصبح الأقباط فى خزى وعار بهذه التفرقة وهذا شئ لم يتعودوه ولم يحدث منذ 20 سنة مضت , وكان الكثيرين من الأقباط الذين أمكنهم الجلوس فى بيوتهم مكثوا فيها , أما الذين فى مناصب وأكبر الموظفين صدر المر ألا يتعرض لهم احداً فظلوا على عادتهم ولم يلبسو الزنار , ولكن الخادم إذا لاقاهم فى الطريق يسبهم ويعيرهم بالكلام وأسلم بسبب هذه الضيقات رجل من خيار المسيحيين أسمه النفه بن الشماس وكان موظفا يرأس ديوان الحوايج خاناه وبيوت والإسطبلات وديوان الحاشية فإجتمع عليه الخدام وأخذوه لشد الزنار فشده فأخذوه برفع العدبه فأبى فتكاثروا عليه ولما رأى ذلهم عليه فرمى الزنار فقالوا : أسلم وشهدوا عليه فأسلم .

وكان المسيحيين فى وقت هذا الإضطهاد فى شدة عظيمة وضيق وهوان وذل وإذا صادفهم أحد من العامة والسوقة شتمهم وسبهم وبعد ذلك بفترة خف الإضطهاد فى أمر العدبة وصار بعض الأقباط يرخيها وذلك بأمر أستاذ الدار وكانوا ثلاثة من الأقباط الذى طلع الأمر بإسمهم بإرخاء الدؤابة مع شد الزنار

الفتوى .. ثم أجتمع الفقهاء وكتبوا فتاوى وأخذوا التوقيعات بخط الفقهاء وأقوالهم فى موضوع الدوابة من العمامة فأفتوا جميعاً بأنه لا يلزم رفعها بل شد الزنار خاصة للتمييز بينهم وبين المسلمين فكان ممن كتب لهم بذلك الشريف شمس الدين قاضى العسكر وهو نقيب الأشراف وبهاء الدين بن الحميرى خطيب القاهرة وجمال الدين بن البورى الذى تولى الوزارة فى أيام الملك الكامل ومبارك المعروف بإبن الطباخ , وبعد هذا لم يرخوها خوفا من الخادم .

وبعد مده سعى جماعة من الأقباط فى أمر إرخاء الدوابة من العمامة فأمر بإرخائها بشرط شد الزنار فارخاها اكثر الأقباط .

وحدث أن مجموعة من ألأقباط كانوا فى مركب فى البحر وكان بعضهم مشدود الزنار والبعض الاخر بغير زنار فعرفهم خادم النبى المسلم وألصق إليهم التهم وأخذهم إلى الأمير جمال الدين أستاذ الدار فأرسلهم إلى المحتسب بمصر فحكم أنهم جميعاً كانوا بدون زنار فضربوا ضرباً مبرحاً , ونادوا فى الأسواق والأماكن العامة بالأوامر الجديدة بان كل من يسير بدون زنار سيضرب , وصار العامة والسوقة من المسلمين يستهزأون بالأقباط فى شوارع بلادهم التى ورثوها عن أجدادهم .

وقال أبن المقفع فى تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 202 قولاً آخر : " وقيل قولاً آخر أن هؤلاء الذين ضربوا بسبب أنهم كانوا بدون زنار كانوا من الشمامسة والشمامسة لا ينبغى لهم أن يشاهدوا أو يحضروا أماكن الملاعب والملاهى ولا يوجدوا فى التجمعات الخارجة عن المذهب المسيحى إلا أنهم صبروا وشكروا وحسب لهم ذلك براً "

تمرد الجنود على الملك العادل

وحدث أن دخل الملك العادل القاهرة وبلغه أن عساكر الجيش تمرد عليه فقبض على ثلاثة أمراء أحدهم فخر الدين بن شيخ الشيوخ ولم يكن فى الأمراء أكبر منه فجعله فى برج القلعة وهذا البرج هو الذى كان فيه ملك أمد والأخر فتح الدين سليمان أبن أخى شهاب احمد وكان من خصوص وكاتم سر الملك وكان أنعم عليه إنعامات كثيرة والثالث زين الدين غار والأثنين الأخيرين حبسهم فى جب (حبس) القلعة .

هجوم قبائل العرب على مصر

 وحدث أن العربان صاروا يغسرون على بلاد مصر فيأخذون كل ما فيها من أموال وغذاء ويقتلون ويسبون , حتى أنهم هاجموا خمسة وعشرين بلداً فى منطقة الغربية , فأرسل الملك العادل حملة حربية تحت قيادة أمير أسمه الفارس خطلبا وتحت قيادته ألف فارس ومعه قسى وخراريق فى البحر ولما ذهبوا لم يجدوا العربان لأنهم كانوا ذهبوا إلى الصحراء , فخدعوا الناس وأدعوا أنهم أبناء العربان الذين هاجموهم ونهبوا أموال الناس وأخذوا بناتهم ونسائهم وثقول أبن المقفع فى تاريخ البطاركة : " وخربت البلاد خراباً ثانياً , وجاء أهل البلاد ووقفوا أمام الملك العادل وأشتكوا له ما حدث من الحملة التى أرسلها فأمر : برد ما أخذ منهم إليهم ووقعوا فى حيرة شديدة لأنه ممن يأخذون هذه ألموال التى نهبت منهم ولمن يطلبون من البلاد الكثيرة التى نهبت 

الكذب الإسلامى للأستيلاء على حقوق الغير - حادثة حائط الكنيسة المعلقة

وكان جماعة من المسلمين مقيمين بالمسجد الذى بجانب الكنيسة المعلقة هدموا طاقات فى الحائط الذى بين الجامع والكنيسة وأخذوا صورة لأيوب وكان البطريرك قد بنى هذا الحائط لأجل جلوسه خلفه وهو تحت القلاية الفوقانية , وأدعوا أن الحائط من حقوق المسجد وصارت بلبلة فى الكنائس من هذه المضايقات الإسلامية القذرة وكان ذلك فى نصف صوم القيامة , وفى الكنيسة المعلقة تعطلت الصلوات والقداسات فى أيام كثيرة من الصيام , وكانوا المسلمين يطلعون على السلالم إلى السطح إلى قلاية البطريرك ويؤذنون ويكبرون ويذكرونه على ما عهد منهم  , وجرت مشاكل كثيرة بسبب الحماقة التى يفعلها المسلمون , وأرسل الأمير جندار وأحضر قوما من المسلمين الذين يفعلون هذا الشغب وضربهم ضرباً شديداً , أما والى مصر فحبس مجموعه من المسلمين مرتين وأحضر المهندسين وعاينوا الحائط , وكتبوا تقريراً بأن هذا الحائط هو ملك الكنيسة وليس للمسجد فيه شئ ولا فى المجلس الذى يلية (خلفه) الذى بناه البطريرك , وتدخل فى ذلك ديوان الأحباس (الأراضى الموقوفة) وتحدثوا فى أن يقسموا الموضع نصفين وتسد الحائط على نصف المساحة بين الموضعين , ولم يوافق أصحابنا على هذا الحل , ثم تحدثوا فى أن يسدوا الحائط المهدوم على حده على ما كان عليه وتنهد الطبقة العالية من الحائط , ولم يوافق أهل الكنيسة على هذا الإقتراح أيضاً , وبقى الأمر عليه مدة وجاء العيد والأمر على حاله وجاء شهر رمضان سنة 636 هجرية وقرروا غرامة على أصحابنا وسدوا الحائط وظل الأمر على ما هو عليه .

سنة 637 هجرية

وكان الملك فى هذه السنة هو الملك العادل أبو بكر بن الملك الكامل محمد , والقاضى شرف الدين ألسكندرى المعروف بإبن عين الدولة والغالب على الأمور السلطانية بدر الدين يونس أمير حنكدار وخرج السلطان غلى العباسة بالعساكر والجنود .

أما الأمراء الذين تمردوا من قبل فى بلبيس توجهوا إلى الشام للأنضمام إلى الملك الصالح فى حروبه أخى الملك العادل وأرسلوا رسائل إلى الملك العادل يعرفونه بأمر الحرب التى يخوضها أخيه الملك الصالح , وطلبوا أمدادهم بمزيد من الجنود ويطلبون العساكر التابعة لمصر فى قطاع غزة والذين تحت قيادة عمه مجبر الدين وتقى الدين , ولكن العسكر الذين فى غزة رفضوا الذهاب إلى الحرب بحجة أنه لا بد ان يحضر أحد من قبل الملك حتى يتسلم غزة وذهبت رسل غلى الملك العادل وكان يعطيهم هدايا وبلغ عدد الرسل خمسة وعشرين , وأخذ الملك الناصر أبن المعظم وهوأبن عم الملك العادل ألف فارس وذهب إلى قلعة الكرك ومن بينهم أمراء مقدمون لجيوش مثل أبن قلح وغيره 

أما الملك الصالح ابن اسماعيل فهو أخو الملك الكامل وكان الملك الصالح بن اسماعيل نائب الملك الأشرف فى دمشق - ولما مات الملك الأشرف أخذ الملك الكامل دمشق من الملك الصالح بن أسماعيل وأعطاه بعلبك ومدينة أخرى أسمها بسرى ليحكمها وحكم دمشق مع رؤسائها لأنه كان محبوباً منهم وكان فى القلعة فى دمشق الملك الصالح بن ايوب بن الكامل , ولكن حدث أن رؤساء مدينة دمشق سلموا المدينة المذكورة إليه إلى الملك الصالح إسماعيل وهرب أبن الملك الصالح أيوب هو وإبن أبن أخيه من القلعة سراً , جلس الملك الصالح إسماعيل فى دمشق , ووصلت الأخبار إلى الملك العادل فى العباسية ودقت البشاير وفرحوا وزينت المدينتان القاهرة ومصر والقلعة أيام كثيرة , وبعد مده أنفض الجنود من حول الملك الصالح حتى أنه لم يبق معه إلا جنوده الخصوصيين حتى أن العرب حاولوا نهبة فإستنجد بالملك الناصر ملك الكرك فأرسل غليه الجنود والطعام ثم أحضره إلى الكرك فأقام بها لأن الملك الناصر ابن عمه .

الفرنجة

وأنتهت الهدنة بين المسلمين والفرنجة أخلوا أورشليم ولم يبق بها إلا فارس واحد وسبعين من جنود المشاة يحرسون برج داود , وفى الوقت نفسه أرسل الملك العادل حوالى ألفين فارس لصد أى هجوم على غزة , أما الفرنجة فقد قصدوا عسقلان فركبوا فرسانهم وتقاتلوا مع جيش المسلمين الذين فى غزة فى معارك فهزموهم بعد معارك من أول النهار حتى الظهر فقتلوا كثيرين وأسروا أمراء كثيرين ومقدمون ولما تعب الفرنجة من الحرب خاصة وان ملابسهم ثقيلة تحايل عليهم المسلمين وهجموا عليهم فأسروا من الفرنجة بضعة جنود ورجع الملك العادل ببقية الجنود إلى القاهرة وخرج للصيد , وأمر أن يستولى على أملاك الأمراء الذين تمردوا عليه ونهبوا بيوتهم ومن أخذ منهم شئ يؤخذ منه وكذب الناس الذين أخذوا من الأمراء أشياء والبعض طولبوا بأشياء لم يأخذوها فحبسوهم .

إستيلاء المسلمين على أورشليم

 

وخرج مع الفرنجة العرب وكان الفرنجة لا يعرفون مسالك الشام ولا إحتيال العرب المسلمين فى القتال ومكرهم وبدلاً من أتجاههم إلى عسقلان قادهم العرب إلى غزة ولم يصحبهم احد كمرشد ودليل لهم ليدلهم على الطريق الساحلى من المتدربين والعارفين بالبلاد , وتركوهم العرب كطعمه على جارى عادتهم فى المخامرة والمواطئة والخداع والكذب مع العدو عن أهل مذهبهم , وأندفعوا أمامهم فى الحرب وجروهم للحرب حتى وقعوا فى وسط جيش المسلمين وأحدقوا عليهم من كل جانب فأخذ منهم كند كبيرهم وحوالى 15 فارس ومن الرجال المشاة حوالى خمسين وقتل أضعافهم ولم يقتل من المسلمين سوى أبن خلكان ومن لا ييعيا بن .

ووصل أسرى الفرنجة إلى القاهرة وكان كبيرهم كند يركب هو فرسان الفرنجة البغال وفى ارجلهم أما رجال المشاة فركبوا الجمال والقسيس الذى معهم ركب البغله أيضاً , وقط أكرم الملك العادل كبيرهم كند ولم يقيده وحبسه فى برج بمفرده , أما القسيس والخيالة (الفرسان) فقيدوهم فى أرجلهم بالقيود أما المشاة فجعلوهم يعملون فى القلعة , وهاجم الملك الناصر ملك الكرك أورشليم وأستولى عليها وقتل كل من فيها من الفرنجة وخطب فيها خطبة عظيمة .

ورجع الخوازمية وعبروا نهر الفرات وذهبوا إلى حمص وحاصروها وخربوا بلادها ولم ينسحبوا حتى أخذوا من ملكها مالا وتركوها .

وعادت القبائل العربية فى الصعيد إلى الإنشقاق بحجة ما بين بعضهم البعض .

الراهب عماد مرة أخرى يتهم البطريرك بأنه بأخذ سيمونية - محاكمة بطريرك

والراهب عماد الذى كان السبب فى تنصيب البابا كيرلس بالرشاوى والدسائس ويقول أبن المقفع عن تنصيبه للبطريرك فى تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 206 : " وداس قوانين الكنيسة وفعل ذلك وحده من غير رأى أحد ولم يشترك معه أسقف أو أرخن , وفى النهاية أوقع الرب بينهم (بين الراهب عماد والبطريرك) العداوة لأن القصد (الغرض) فاسد , فإضطهد البطريرك الراهب عماد فى كل مكان ويمنعه من الصلاة لأنه كان قساً , أما الراهب عماد فكان يتتبع نقائص البطريرك ويقاومه فى كل مكان وزمان , وكان يهدف إلى حرم البطريرك " وأخيراً نجح فى إصدار أمر السلطان من أمير الأمراء وأسمه الصارم المسعودى بأن ينظر فى أمر أعمال البطريرك المشينة وكان يريد أن يعقد مجلساً من قادة المسلمين وقضاتهم وحكامهم وأعدوا له وبدأوا فى التنفيذ , وكان البطريرك قد ذهب إلى الكنيسة المعلقة فى مصر ليكرز راهبة بها ووقد ترك البطريرك سكنه فى الكنيسة المعلقة بعد مضايقات المسلمين وإستيلائهم على قطعة من أرض الكنيسة وضمها إلى الجامع زورا وعدواناً من المنظرة التى بناها (مظلة أو تكعيبة من العنب مثلاً ومصاطب طينية يجلسون فيها) , ولما أبدل ثيابه ولبس ثياب الصلاة وخرج من وسط الكنيسة والشمع قدامه والكهنه يرتلون الألحان كما هى العادة , وحدث ان رجل كان مخبول وفاقد العقل من الذين ينتشرون فى المدن والقرى أسمه أسرائيل بن المهندس ومقيما فى أعلى الكنيسة فلما سمع الألحان فجاء إلى مكان بالقرب من الزفة (البطريرك والشمامسة والأساقفة) فسب ولعن وقال كلام قبيحاً وقال : " أخرجوه أخرجوه" وعمل أعمالاً لا يصدقها عقل لأنه كان فاقد العقل , فغضب مجموعه من الشباب القبطى لما فعله فخرجوا إليه وضربوه وجرحوا راسه وسال الدم على رأسه وعلى ثيابه فجرى هارباً مستغيثاً صارخا وذهب إلى والى الصناعة وهو من مماليك الملك العادل سلطان مصر , وكان عنده الراهب عماد ومعه الأمر من الأمير الصارم بطلب البطريرك , وحضر البطريرك ومعه التوكيل ووكل على أبن أخيه والخازن الذى له وأسمه أبى الفرج بن خلوصى وذهبوا بالبطريرك ومعه أسقفان وهما الأنبا يوساب أسقف فوة وأنبا بولس أسقف الفيوم إلى دار الأمير الصارم ,

فوضعوهم فى بيت بجانب دار الأمير الصارم .. وكان له صاحب مسيحى أسمه النجيب كاتب الصلاح (موظف) فتحدث مع الأمير ونقل البطريرك ومن معه إلى داره وأقاموا فى بيت النجيب من يوم الأحد السادس من الصوم المقدس إلى يوم الأربعاء من الجمعة السابعة وهو 29 برمودة 959 ش , وعقد المجلس وأرسل الأمير الصارم فى طلب كبار الأقباط وأغنيائهم ومنهم من لم يذهب عن قصد حتى لا يتسبب فى إتخاذ قرار يؤذى الكنيسة ومنهم من كان مشغولاً وحضر هذا المجلس بعض كبار الأقباط وحضر المجلس الأمير الصارم نيابه عن الملك العادل وحضر القاضى الفقيه جمال الدين بن البورى الناضر ( المدير) على الدواوين , والقاضى المحى نائب الحكم العزيز بالقاهرة , والفقيه شرف الدين السبكى المحتسب وهو الذى كان يدير المجلس , وحضر أربعة عشر عدلاً (شاهدا) , وجلسا كل من البطرك والراهب عماد أمام المجلس , فقالوا من كان له دعوى أو قول يدعى به على ألاخر فليتقدم ويتكلم .. فوقف عماد الراهب وقال : " أدعى على هذا داود أنه أخذ الشاوى على أن يقدم أو يكرز وأخذها على كل من يقدمه فى رتب الكهنوت وهذا خارج على قانون كنيستنا " .. فقالوا للبطرك : " ماهو دفاعك ؟" قال البطرك : " لم آخذ شيئاً " قال الراهب عماد : " ولا امرت أحداً من يأخذ بدلاً منك " قال البطريرك : " ولم أعطى أمرا بأن يأخذ أحدا ماللا بدلا منى " .. فقالوا للراهب عماد : " من يشهد لك بأنه يأخذ رشاوى " فقال عماد : " هاذان الأسقفان " فقالا : " لا نشهد بشئ ولم نرى شيئاً " ويقول ابن المقفع فى تاريخ البطاركة عن الشهادة الباطلة والكاذبة للأسقفين سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 207 : " لأنهما (يقصد الأسقفين) ممن يدفع لهما رشوة عند التقدمة لأنه لم يكن فيما نصب أسقفا من كل الأساقفة الذين كرزهم البابا كيرلس سوى أثنان وهما مطران دمياط وأسقف الخندق لا غير والباقون من الساقفة أعطوا معجلاً (أى دفعوا مقدم للبطرك) ومؤجلاً كتبوا خطوطاً (أى إيصالات بالدفع المتأخر بعد أن يجلسوا على كراسيهم ويجمعوا المال )

وكان يجمع هذه الأموال أبن أخى البطريرك وكانت الرشوة أعلاها 200 دينار وأقلها 50 دينار هذا غير الهدايا من متاع (أشياء عينية كأثاث وغيره) ودواب وغير ذلك .

وقالوا للراهب عماد : " من لك ليشهد غير هاذين "..  فقال البطريرك : " لا يقبل شهادة القسوس على " فقالوا له : " هم عدول (شهود) قال البطريرك : " عدول (شهود) إلا على البطريرك لأن البطريرك لا يقبل عليه إلا قول الأساقفة وشهادتهم " وكانوا يكتبون كل ما يقال فى هذه المحاكمة  .. فقال :" قسوس المعلقة " فإستدعى القس أبو المكارم وقد كان كبير الكهنة طقساً وسناً فجاء وقالوا له : " بماذا تشهد " فتلكأ وحاورهم وحاول ان يتملص وفى النهاية حاول أن يبرر أخذه لهذه الرشوة فقال عن البطرك : أخذ للضرورة " .. وخجل فقالوا له أقعد , وأستدعوا المكنا بصندوق العلم القس أبو المعالى بن السنى  رفيقه فشهد قائلاً : أن هذا البطريرك أعطى رشوة عندما كان يقدم أحداً للكهنوت وأخذها لنفسه ممن قدمه " .. ثم قعد وأحضروا راهب آخر أسمه أنبا ميخائيل وكان قبل رهبنته أسمه فى العالم فخر الدولة مرجا , وكان يسكن مع البطريرك ثلاثة عشر سنة فقام وقالوا له بماذا تشهد فقال : " أشهد أن هذا البطريرك أخذ رشوة على الشرطونية (رسامة الكهنوت) وأعطائها " .. فقال البطريرك : " هذا راهب لا تقبل أقواله على " ورفض البطريرك شهادات القساوسة والرهبان , وقال القضاة والحكام للبطريرك : " إن شهد عليك الأساقفة " .. قال البطريرك : " إن شهد على أسقفان أنى أخذت رشوة من رتبه من رتب الكهنوت أو أمرت بأخذها كنت مقطوعاً من كهنوتى " وقال الراهب عماد : " تحلف " قال البطريرك لأن البطاركة إذا حلفوا سقطوا من رتبتهم " قالوا له : " فإن إدعى عليك مدع بما ليس عندك كنت تقر بما أدعاه ولا تحلف " .. قال البطريرك : " كنت أما أخسر وأما أحبس ولن أحلف البته " .. فإتفق القضاة ومندوب السلطان ألا يحلف البطريرك بأى حال من الأحوال وقالوا : " يقسم البطريرك بنعمة السلطان خلد الله ملكه أنه إن شهد عليك أسقفان بأنه يأخذ رشوة على تقدمه الأشخاص للكهنوت أو أذن لمن يأخذها كان مقطوعاً من كهنوته " فكتبوا هذه الجملة ووقعوا عليها جميعاً .

ثم سألوا الراهب عماد : " هل لك دعوى أخرى على البطريرك " .. فقال : " نعم , هذا داود قدم على القدس وبلاد الفرنج مطراناً , وهذا المطران اخرج القبط عن إعتقادهم ومنعهم من الختان وزيجة القرايب وأصبحت كتب الفرنجة تأتى أليه وكتبه تذهب إليهم , وهذا الأمر لم نفعله من قبل وليس من عاداتنا " .. فقال البطريرك : " أنا قدمته مطرانا على غزة فقط فإن كان تعدى وذهب إلى أبعد من ذلك فلم أأمره بذلك " .. فقالوا له : " هل فعل البطاركة الذين قبلك ذلك " قال لهم : " كانت هناك قسوس " .. قال الراهب عماد : " كانت هناك قسوس عندما كان القدس فى يد المسلمين وأنت عملت هذا مطرانا والقدس بيد الفرنج والمطران غير القسوس وها هنا من يشهد بأن هذا المطران تجول فى بلاد الإفرنجية بأمرك وقد صار أعتقاده إعتقادهم " .. فقالوا : " من هو ؟  " .. فإستدعى القس الراهب غبريال بن القس مكارم بن كليل , فقام وشهد بأنه فارقه بعكا , فكتبوا ما قاله .

فقالوا إلى الراهب عماد : " هل لك من دعوى أخرى"  فقال الراهب عماد : " نعم أخذ رجلاً مسلماً يعرف بأبى الفخر القلا (يبيع القلى الذى يبيض به الكتان ) وقربه ( أى ناوله) وكان فى الموجودين من يشهد فلم يشهد عليه أحد , فكتبوا ما قيل وما حدث حتى يعرضون ما كتب على الملك العادل ليقرر ماذا سيفعل .

وتحدثوا فى موضوع أوقاف الكنائس وأن البطريرك يتسلم ريعها (دخلها) ولا يعطى الكنائس شيئاً من مستحقاتها من الوقف وزاد الحديث ثم نقص ولم يصلوا إلى شئ او قرار بشأنه .

وأنفض المجلس القضائى والمسلمون ينظرون إلى المسيحيين والبطريرك نظرة سيئه من جهتين

فقد فكروا بطريركهم وكبيرهم أنه لم يكن عنده عقل كبير حتى يسوس عقول رعاياه ويؤلف قلوبهم .

وفكروا فى الشعب القبطى كيف يصلوا مع كبيرهم إلى هذا الحد المخزى .

أما العقلاء من الأقباط  فلم يرضوا بهذا المجلس ولم يرضوا ولم يستحسنوا ما جرى فيه وقالوا : " كان من الواجب أن يجتمع الأساقفة والأراخنة بالبطريرك ويعزلوه فيما بينهم على كل ما يكرهون منه مما يخالف شريعة الأقباط وقوانينهم الكنسية فإن رجع عن أفعاله فهو المقصود ربحه وإن اصر على ما يفعله كان لهم ألا يتبعوه ولا يذكروه فى قداسهم بحيث يتقف على هذا جمهور وشعب الأقباط , وبعد ذلك سكت الكلام عن هذا الموضوع , ولم يظهر ما سجله المجلس ورفعت القضية عن البطريرك ويقال انه غرم 300 دينار .

أما الراهب عماد فلما رأى أنه لم يحدث شئ للبطريرك خرج فى الحال من دار الأمير الصارم ولازم البطريرك ولم يفعل البطريرك شئ , وكان البطريرك قد أرسل إلى إلى الأساقفة بأن يحضروا لعقد المجلس معتقداً أنه يتأخر إلى أن يحضروا , ووصل الأساقفة إلى قليوب بعد إنتهاء مجلس القضاة فى يوم سبت لعازر , فكتب إليهم البطريرك رسالة أمرهم فيها بالرجوع إلى كراسيهم وقال : أن الرب أغنى عن إزعاجهم وأن الدائرة دارت على من عانده " فرجعوا إلى كراسيهم , لأن البطريرك هو الذى طلبهم فقط وكان فى الأساقفة من يريد أن يشهد عليه بأنه كان يأخذ الرشاوى , ولم يجدوا سبيلاً لشهادتهم ولم تكن لشهادتهم مكانا .

وبقى الحال كما هو عليه مع غالبية الشعب القبطى ويقول ابن المقفع فى تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 209 عن الوضع بين البطريرك والأقباط : " وبقى البطريرك لا هو طيب مع الجماعة (الأقباط) ولا هم طيبون معه لا ظاهراً ولا باطناً "

ومضى البطريرك إلى كنيسة بوجرج الحمرا , وكان مقيماً بها شيخ أرخن أسمه الصنيعة أخى السنى ويعمل مستوفى الديوان ( أمين خزنة لديوان الملك العادل) والدواوين كلها فى يده , وكان قصد البطريرك إصلاح قلبه لأنه كان رجلاً عالماً عاقلاً كلمته نافذة , طيب القلب , ذو أخلاق عاليه , طريقة مستقيم , فبات البطريرك فى مسكنه ليلة الزيتونة , وكتب البطريرك إقرار :-

بأن يسلم الأوقاف التى للكنائس لرجل أمين ممن تختاره الجماعة , وأن ريعها (الأموال التى تأتى منها) يصرف أولاً فى ترميم الكنائس ووقودها وقرابينها , والباقى يفرق على المساكين , وليس للبطريرك إلا أن يراجع تنفيذ هذا المكتوب ولا يتسلم درهما .

يقيم على مصر أسقفاً وكذلك على الخندق وكذلك سائر الكراسى الخالية ممن يرتضيهم الشعب القبطى .

يرسم معلما بمصر والقاهرة يعلم الناس ما لا يفهمونه ويفسر لهم ما يصعب فهمه ويقرأ لهم الكتب والتفاسير .

إذا أراد رهبان دير أن يكونوا تابعين لأسقف ذلك المكان (كانت الأديرة تابعة للبابا فى ذلك الوقت) التابع له الدير بشرط أن يتحمل مسؤولية تجهيز الدير وكتب أشياء اخرى مشابهه لهذا ومنها

أنه يخصص أسقفين يكونان حاضرين لتنفيذ هذه الأحكام والتصرفات التى كتبها ولا يبت أمرا أو تحدث مشورة بدون رأى هاذين الأسقفين .

فأخذوا الشيخ السنى الراهب ورشحوه على كنيسة أبو سرجه لأنه كان مقيما بها وكانوا يريدون يقيموه أسقفاً لمصر, وكان معه جماعة من الكهنة والأراخنة فلم يرضى البطريرك بهذا الأمر وقال : " إن أقدمته أسقفاً على مصر فلن تكون له كنيسة أبى سرجة , وأريده أن يكتب (ينسخ أو يقرأ) هذا الكتاب وكانت بخط انبا يوحنا أبن ابى غالب المتنيح وفيه :

شرح الأمانة الأرثوذكسية والبركة من المجمع الرابع , وفصول كثيرة فى أمر الختان , وتربية الشعر .. ألخ

فقال الشيخ الصنيعة يكتب هذا الكتاب فليس فيه شئ ردئ , وأريد أن يضاف بأنه : يصرف الرهبان من المدن والريف (يرجعون لأديرتهم) , لا يكلل عروساً فى يوم رفاع نينوى ولا فى الرفاع الكبير لأجل الدخول فى أصوام , وأن تعمر كنيسة المعلقة ودير أبى مقار وكنائس أخرى واديره فأخذ بها الشيخ الصنيعة , وضمن بنفسه أن يفعل ما أمر به وكان هذا ما حدث فى يوم الزيتونة .

وحدث أن رجل قس أسمه المكين ابن البهاء من أهل منية عمر وهو من أصحاب البطرك وكان عمله هو جباية ضرائب الوجة البحرى قبل تقدمته قسا وقدمه البطرك قساً فى ميناء الأسكندرية , وقد أغتاظ من أعمال البطريرك وتحكمه وتصرفه , فذهب إلى الأمير الصارم المسعودى الذى جمع المجلس الأول وقال للأمير : " أن البطريرك يقول أنك أخذت منه مالاً وتركته وأن السلطان إذا بلغه ذلك لن تأمن منه والمجلس لم ينفض إلا وهو مشمئز (مقروفا) بحضور الأساقفة وشهادتهم , وقد ارسل البطرك للأساقفة ووصلوا إلى قليوب ورجعهم البطرك إلى كراسيهم برسائله وأغراه بطرق كثيرة .

وأرسل الأمير للبطرك وكان بكنيسة فى حارة زويلة وأحضر أبن اخيه أبا سعيد ووكيله أب الفرج بن خلبوص وكاتبه القس سمعان وحبسهم وأرسل رسالة وأحضر أنبا يوساب اسقف فوة لأنهم أخرجوا من المحفوظات ما كتبه أسقف فوة على البطرك لأشياء فعلها البطرك وتدينه عندما كان غاضباً منه لأن البطرك أخذ الضيغة (العزبة) التى أسمها بدبدبه , فحبس الأسقف معهم , وأرسل الأمير الصارم رسائله إلى الأساقفة لحضورهم فحضر منهم 11 أسقفاً ومنهم من كتب بخطوطهم أن البطريرك أخذ رشاوى وهم تسعه وهم :

أنبا يؤنس أسقف سمنود , وأنبا مرقس أسقف طلخا , وأنبا يؤنس أسقف بنها , وأنبا يؤنس أسقف لقانة , وأنبا ميخائيل أسقف أدمون , وأنبا غبريال أسقف سنهور , وأنبا ميخائيل أسقف سنشا , وأنبا أفرآم أسقف نستروا , وأنبا مرقس أسقف سنجار .. ومنهم من رآه يأخذ رشوة وهم أسقف فوة وأسقف أشموم .. وبهذا يكونون جميعهم أقروا أن البطريرك أخذ الرشاوى على رتب الكهنوت وأعطاهم الرتب الكهنوتية , ومنهم من كتب أنه دخل تحت الحرم لأنه كتب بخط يده وبشروطة وخرج عما شرط .. أما الأساقفة الذين لم يقولوا أنه أخذ رشوة هما مطران دمياط وأسقف أشمون .

وحدثت مناقشات بينهم وعدد الأساقفة للبطريرك أشياء فعلها منها أنه منع أسقف دير الخندق من أخذ 6 دنانير فى ثمن تربة فى دير الخندق وأخذها البطريرك لنفسه وأنه حكم على أمرأة بأن ترد المهر لمالكها مضاعفاً لما أراد الرهبنة , وخالف هذه القاعدة مع غيرها , , وأنه كرز أولاد العبى كهنة , وذكروا أشياء فعلها البطريرك لا حصر لها ويطول شرحها , وكان البطريرك يدافع عن نفسه قائلاً : " أنا لم أفعل شئ إلا لأجل الله ولأجل صلاح كنيسة الله " وظلت المناقشات حامية بينهم حتى أصبحت مخالفات البطريرك تصبح مؤكده يوما بعد يوم .

 ثم كتب كاتب البطريرك بخطه تفاصيل الأسماء التى  أخذ منهم البطريرك رشوة عند تقدمة الكهنة وغيرها ووصل المبلغ الذى أخذه رشوة إلى 17 ألف دينار وقيل 15 ألف دينار وعدة مئات , وكان الشيخ كاتب البطريرك كان يظن أن ما يكتبه ويجمعه البطرك من المال إنما على سبيل البر أو نوع من أنواع الأجر , وطلبوا منه أن يرسل ويحضر كتاب وجد بخط الأنبا بولس أبى غالب الذى كان قبل هذا البطريرك وقد كتبه فى أول بطريركيته عن الأمانة الأرثوذكسية بأن : يقطع (يحرم) من يأخذ شيئاً من الرشوة ( عينية أو نقدية )  من تقدمة رتب الكهنوت , وأبوابا من الأحكام والبرائة من مجمع خلقيدونية , فكتب هذا الكتاب بخط كاتبه وكتب توقيعه عليه بأنه صادر منه وموافق عليه وقابل بتنفيذ كل ما فيه .

هجوم المسلمين على الكنيسة المعلقة وسرقة كنوزها

وفى سنة 637 هجرية سنة الموافق 957 للشهداء قبل فيضان النيل وقدم الأقباط فى هذه الفترة على تقديم رقعة (طلب) منهم بأن تعاد الكنيسة المعلقة إلى ما كانت عليه وذهبوا إلى الوالى وشاوروه فأمرهم بذلك سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 214, فقاموا فى الليل وسدوا الأبواب التى كان المسلمون فتحوها وعملوا على أنهم تصرفوا فيه وكان المؤذن صاحب المشاكل أسمه بن حوله فجاء إلى الأماكن التى سدها الأقباط ليلاً  وفتحها كما كانت وذهب إلى الفقيه عباس خطيب القلعة وعرض عليه ما حدث وكذب عليه وقال إن هذا مسجداً وتغلب عليه الأقباط وأضافوه إلى كنيستهم .

وفى يوم الخميس اخذ الفقيه معه علم الدين شمايل أمير جندار (الشرطة) وذهب إلى الكنيسة ومعه جموع لا تحصى من عامة المسلمين وجهلائهم وحضر معهم المهندسون الذين اقروا من قبل أن المكان هو ملك الكنيسة المعلقة ولكنهم من الخوف من جموع المسلمين لم يقدروا ان يقولوا الحق وذهبوا على أنهم سيخبرون السلطان الملك الصالح , وكان الملك الصالح قد استولى على المملكة عندما ثار الجيش التركى فى بلبيس على أخيه الملك العادل وأصبحت مصر فى حالة عدم توازن وحدد الملك الصالح إقامة اخيه الملك العادل فى القلعة .

وفى يوم الجمعة وقت الصلاة وقف فى وسط الجامع وقال : " يا مسلمين من كان إسلامه حميد فى مذهبه يهجم على الكنيسة المعلقة غداً " وفى صباح اليوم التالى هجم المسلمين على الكنيسة المعلقة وكسروا قناديلها الثمينة وسرقوا اشياء ثمينة كانت فيها لأنها كانت الدار البطريركية وقيل أنهم وجدوا أوانى قديمة من الأيام المزمنة تحت مذابحها تركت من قدمها غير مستعمله تحت المذبح وهذه الوانى لا تقدر بثمن وصار الجانب الغربى من هيكل ساويرس جميعه فى حوزتهم وأغلقت الكنيسة لا يقدس فيها ولا يصلى فيها أحد .

وتذبذب الأقباط وترددوا ولم يعرفوا ماذا يفعلون وذهبوا إلى القلعة وقدموا الشكاوى ولكن لم يفعل لهم احداً شيئاً

 

عودة الشكاوى ضد البطريرك

سنة 957للشهداء - سنة 637 هجرة ورجع الأقباط إلى النزاع والخصام مع البطريرك وأرسلوا الشكاوى إلى السلطان الملك الصالح بأن البطريرك : " يتعمد مالا ينبغى فعله وقد خرج عن الشرع والقانون القبطى , وأن له للسلطان أموال كبيرة أخذها باسمه وأنه إن حضر الأساقفة وعقد مجلساً وحقق فى هذه المخالفات " فأمر السلطان بإحضار الأساقفة من وجه بحرى وقبلى وأمر البطرك أن يمكث فى كنيسة حارة زويلة كما هى العادة .

وعقد المجلس بين يدى المعين الوزير والذى يخاطب له هو الشيخ السنى الراهب وأنبا بطرس وأسقف فوة المعروف قبل رهبنته بالفقه يوسف وأسقف أسيوط وأسقف سمنود وجماعة من الأساقفة الآخرين , وجرت مناقشات ومنازعات كثيرة آخرها أنهم قالوا عندنا للسلطان ثلاثة ألاف دينار ويعمل بطريركا عوضه .

وقال الصاحب (الوزير) لبعض الحاضرين : " هل يجوز هذا عندكم " .. قال الراهب السنى  : " لا يا مولانا لا يجوز , ولا نعمل ما لا يجوز إلا أن هذا البطريرك قد أخذ مالاً كثيراً بأسم السلطان ولم يوصله إليه ولم يوصله إليه وأنا أريده منه " فتحدثوا فيما يرونه وبعد البحث وصلوا إلى أن يقوم البطرك بدفع 1510 دنانير وكتب بها أولاد أخى البطريرك وأولاد أخته إيصالات بتوريدها وإنتهت هذه الشكوى على إتخاذ هذا القرار .

وكانت نتيجة هذه الشكوى أن فسدت العلاقة بين البطرك والأساقفة ويقول أبن المقفع فى تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 215 أن : " أنفسدت قلب البطرك على الأساقفة وقلوب الأساقفة عليه وذهب البطريرك مهتماً بشئ واحد هو أن يجمع المبلغ الملف بتوريده للملك وذهب الأساقفة إلى كراسيهم "

المسلمين يضعون الفرنجة فى كنيسة ابى سيفين

فى عصر الملك الصالح ذكر أبن المقفع فى تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 217 أن : " أصدر الملك الصالح أمراً أن تزال جميع المساكن وتخلى من ساكنيها التى فى جزيرة مصر ليحل محلها سور وابراج وأبتدأ فى تنفيذ رسومات هذه الأبراج والسور لتقام قلعه هناك فتم حفر الأساس وترتب على العمل فيها أن تضاعف ثمن متطلباتت البناء وأجر الصناع العاملين فى مجال البناء , وقالوا أن التخطيط بعمل سبعة عشر برجاً وأن كل برج يحتاج إلى 21 خنزيرة غير الأبدان تسمر وتدك ثم يبنى عليها وأحضر الملك الفرنج الأسرى ليعملوا فى بناء هذه القلعة وأسكنوهم فى كنيسة أبى مرقورة (مرقوريوس أبى سيفين) التى بالساحل لأنها قريبه من مكان العمل بالقلعة التى بالجزيرة وأصبح الأقباط فى ضيقة لأن الكنيسة المعلقه قفلت بعد إعتداء المسلمين عليها , وكنيسة الشهيد ابو مرقورة آلت للخراب والكنيسة التى فى الجزيرة لا أحد يعرف مصيرها بعد صدور الأمر بأنشاء هذه القلعة , والغريب أن كل هذه الكنائس كانت أماكن أختارها البطريرك لسكناه والإستراحه فيها " .

وبعد القبض على مماليك ألأشرفية وحبسهم أخرجوا الفرنجة من كنيسة أبو مرقورة وتوجه أكثرهم إلى بلادهم وهم الذين أسروا فى آخر حرب مع الكند وتبقى منهم أسرى قلائل نقلوا إلى مكان آخر .

 أسقف سقط فى خطيئة الزنا فإعتنق الأسلام

جاء فى تاريخ البطاركة لأبن المقفع : : " أسلم أسقف سندفا وكان يطلق عليه أسم أبن السندوبى وأركبه المسلمون على حصان وداروا به فى السواق والشوارع وقد خلع (أعطاه هدايا) عليه الوالى فروة وشربوش ".

ولم يكن اعتناقة الإسلام عن أقتناع ولكن الذى حدث أنه وقع فى خطية الزنى وخرج عن طريق الرهبنة وأراد البطريرك منعه ولم يتمكن , وكان السبب فى ذلك رجل شماساً من كنيسة سندفا منعه الأسقف وأوقفه عن التصرف والتحكم فى الكنيسة وكان يراقبه , حتى سقط الأسقف فى الخطية مع أمرأة مسلمة فذهب الشماس إلى والى المحلة (سندفا قريبه منالمحلة لا يفصل بينهما غير البحر) وأخبرة عن العلاقة بين المرأة المسلمة والأسقف فأرسل الوالى شاهدين مع الغلمان ( الجند) فقبضوا على الأسقف والمرأة المسلمة وضربوه ضرباً مؤلماً كانت نتيجته أنه خرج عن مذهب المسيح وأعتنق الإسلام ويعلق ابن المقفع على هذه الحادثه فقال  سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 217 : " هذه نتيجته الكبائر لأنها تبعد المسيح بالكلمة فيبتعد معونته عنا فيقعون فى هذه الفخاخ الصعبة "

وقالت المؤرخة مسز ا.ل . بتشر فى تاريخ الأمة القبطية  تاريخ الأمة القبطية -  ال مسز ا.ل . بتشر - جزء الثالث ص 211 معربة عن أستيائها من اعمال البابا الأنبا كيرلس : " لم يقم أحد من عهد مار مرقس البشير من البطاركة على الكنيسة القبطية وعكف على الإهمال وعدم المبالاة بالرعية بهذه الصورة حتى عرض نفسه للأنتقاد نظير داود الذى حط من مقامه ومن سمعة الكنيسة ولم نسمع فى أشد الأزمنة وأقساها  أضطهاداً أن اسقفاً قبطياً أعتنق الديانة المحمدية كما سمعنا فى أيام داود

الإستيلاء على المبنى والبرجولا الموجودة فى كنيسة الجزيرة

وأثناء بناء قصور وقلعة الملك الصالح فى الجزيرة حدث أن رجل من أمراء الملك الصالح من المسؤولين عن بناء بيوت وقلعة الملك ذهب ومكث فى القاعة التى بناها البطريرك فى كنيسة الجزيرة وأقام بها أياما وأسمه سيف الدين يورنا السهمى وتنكد البطريرك بسبب هذا وقال للأراخنة : هذا ما كنت أخشاه وحذرتكم قبل أختيار هذا المكان أنه لو كانت فى داخل الكنيسة غير ظاهرة للعيان ولا يريه أحد لما لفتت نظر أحد منهم لأن هذا الأمر يؤدى إلى خراب الكنيسة فيمد أيديهم إليها فيخربون الكنيسة " ثم خرج هذا الأمير منها بعد ذلك , ثم مكث فيها البطرك مده وذهب إلى دير الشمع فجاء خادم أسمه رشيد الصغير ومكث في هذه القاعة الخاصة بالبطريرك ولكنه لم يمكث فيها سوى ليلة واحده .

الأثنين 19 من مسرى الموافق 3 من صفر سنة 639 هجرية : زاد النيل إلى 16 ذراعاً

مطالبة بيت المال الأنبا كيرلس بباقى المبلغ الذى أمر به

وفى أيام الملك الصالح كان فى بيت المال ناظر (مديرا) أسمه شهاب الدين قاضى دارا وكان أميناً ويعمل بجد ونشاط فى خدمة الملك وعند الإطلاع على أوراق والمستندات وجد أنه بقى على البطريرك الأنبا كيرلس مبلغ 510 دينار , فأمر بطلب المبلغ من أبن أخى البطرك وأبن أخته لأن الإيصالات بإسمهما , أما الشيخ الصنيعة الذى كان يطلق عليه فى هذا العصر أسم مستوفى المستوفيين أطلق عليه أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 226 يصف مركزه فقال : " هو حل الدولة وربطها وفيه خوف الرب  " أى بما معناه اليوم فى يده الحل والربط وكان ومع أنه كلن يكره الأنبا كيرلس إلا أنه ساعده فاحال إيصالات المبلغ على بعض الأجناد لتحصيلها (أى أعطى الإيصالات لهم) فصالحهم البطريرك ولم يزن (كانت الدينارات توزن وكانت من ذهب) غير ثلثمائة دينار وأخذ البطريرك الإيصالات منهم وخلص أقرباؤه .

ولكن كيف جمع البطرك هذا المبلغ فى هذا الوقت القصير ؟ أنه حدثت له من اسقف مصر والقاهرة فى هذه المره ضيق صدر وشكوى من عدم وجود مال معه , ولم يسمع منه هذه الشكوى فى ايام المشاكل الكبيرة وأمر أن يؤخذ الشمع الذى بكنيسة حارة زويلة ( يظهر أنه باعه) وغيره , وأستعان بقس وأسمه أبا شاكر كان يخدم فى باب الميسم المفرد فى جامكيه الباردارية وكان غنياً , كما ترددت إشاعات أنه أخذ ثمن طاحونه كانت وقفاً على الكنيسة وكتب رسائل إلى الوجهين البحرى والقبلى  وكتب رسائل إلى نواب الحكومه والمستخدمين الأقباط لمساعدته ومده بالمال لسد المبلغ إلى بيت المال وإستعان بالشيخ الصنيعة لوضعه الجتماعى ليؤيد طلبه 

كنيسة الجزيرة وقاعتها مرة اخرى

وما زال العمل جاريا فى قلعة الجزيرة وأزيلت البيوت والمساكن التى امام الكنيسة والجامع وصار المكان رحبا متسعا , وحضر أحد أصحاب الملك من العاملين معه وهو المهمندار وأسمه أخى الحاجب على وسكن فى قاعة البطريرك التى بجانب كنيسة الجزيرة ووضع بها حاجياته ولبسه وأخذ مفتاحها ولما جاء البطريرك كان يسكن فى الطابق الذى كان خارج الكنيسة وجعل لها مخرج فى جانب قاعته حتى يحفظ حقه وملك الكنيسة لهذه القاعة التى بناها وخرج الرجل من القاعة ثم رجع إليها وتضايق البطريرك وتعب

أما المقعد الذى عمله البطريرك على بسطة المقياس وكان كل واحد يمدح البطريرك على بناؤه فأنه أزيل وأقام الملك بدلاً منه برجا على رأس القمية , وأما الجانب الغربى فقد تكامل وكان فيه حدائق ومناظر جميلة وبساتين للسلطان وأخذت مقاعد الكنيسة ووضعت فيها .

هجــــــــــوم المسلمين وجهادهم على كنيسة المعلقة

وكان البطرك الأنبا كيرلس أكثر أيامه يقيمها فى دير الشمع لأنه لم يبق له موضع يأويه سواه .

وفى نهار الجمعة 12 بؤونة وكان يوافق عيد الملاك الجليل ميكائيل الموافق 5 من ذى الحجة سنة 930 هحرية وفى صلاة الجمعة فى الجامع الذى بمصر وقف رجل من المتصوفين الذين كانوا يسمونهم فى ذلك الزمان "القلندرية" وبعد إنتهاء الخطبة صاح بأعلى صوته : " من أراد منكم الجهاد فى سبيل الله فعليكم بالكنيسة المعلقة " فخرج من الجامع كل من كان فيه وهم أمم لا تحصى وذهبوا إلى الكنيسة .

وحدث أن والى كان من ضمن المصليين فى الجامع وكان رجل خبيراً عالماً ذو تجربة ومهارة فى الحكم وأسمه المجاهد سليمان فسمع ما كانوا مزمعين أن يفعلوه فأمر مملوكه وعشرة من المقدمين لحفظ الكنيسة من الإعتداء , فلما وصلوا هناك وجدوا من خلق المسلمين مالا يحصى أو يعد وقد طلع بعضهم على المسجد المجاور لها الذى أخذ أرضه من الأرض المملوكه الكنيسة ويصور أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 229 وهو يعلق على هذه الجموع وكثرتها فيقول : " والملح إذا رمى لا يقع على الأرض " فهاجموا جمهرة رعاع المسلمين وعامتهم وضربوهم بالدبوس (الرمح) وهاجمهم العشرة المقدمين بالمقارع , فهرب المسلمون من أمام باب الكنيسة المعلقة وأغلق الباب الذى هو باب من أبواب قصر الشمع ويطلق عليه درب المعلقة وطاردوا رؤوس الفتنة الذين كانوا قد طلعوا إلى المسجد وكان عددهم خمسه أو ستة القلندرى وشركاؤه وصاروا يضربونهم كل واحد بأصناف مختلفة من الألات المقارع والعصى إلى آخره من ألات الإهانة , ثم أخذوهم بعد ذلك مربوطين فى حبال وذهبوا بهم إلى دار صاحبه وكان يسكن بالقرب من حمام الفار , ثم أخذهم الوالى وجدد عليهم العقوبات بتعذيبهم وإهانتهم وأمر بحبسهم , وكانوا يفعلون هذه الأمور علنا ويشهرون بهم حتى يكونوا مثلاً وعبرة وهدأت المدينة .

ودخلت سنة 640 للهجرة

أمر بإستخراج الجوالى والجزية القاسية على الأقباط

ونتيجة للمشاريع وحركة البناء التى بلا سبب وتجهيز الجيوش التى لا تحارب خلت خزينة الملك الصالح من الموارد فأمر الملك الصالح بإستخراج الجوالى أى جمع الضرائب العينية وتولى جمعها رجل أسمه أبن جراده ويقول أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة  سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص230 : " فعمل الوالى ابن جراده أعمالا لم يفعلها أحد من قبل , وسلط الأوباش (العامة) على الناس ةلم يقتصر على الجوالى فى مصر والقاهرة فقط بل من وجده كلفه وجعل ما يفعله عرفاً أصحاب الصنايع يحضرون الجوالى ممن يعملون معهم , وأصحاب المساكن يحضرون الجوالى ممن هو ساكن معهم فى حارتهم بدفع الجزية , وكانت عقوبات قاسيه على الأقباط فى هذه الأيام .

أمر الشرع على الأقباط بإجبارهم بلبس زى مهين

وفى عصر الملك الصالح خرج المناديين فى  مصر فى الأسواق والأماكن العامة يخبرون الأقباط بما يطلق عليه رسم الشرع وذلك بأن يشد النصارى الزنانير فى أوساطهم , وترددت الشائعات  أن السبب فى ذلك هو بن جرادة فقد شكا إلى القاضى أن النصارى لا يعرفون من المسلمين لأنهم لا يشدون الزنانير , وأن الرسل التى تجمع الجوالى ربما أمسكوا مسلمين لأن الأقباط غير معروفين بالزى , فأمر القاضى بهذا النداء فرجع الأقباط وشدو الزنانير فى أوساطهم وحتى كبار السن من الشيوخ ومن يخاف على هرضه , وهاجم عامة المسلمين الأقباط على جارى عادتهم .

************

أثيوبيا

انما قدرتك علي الجسم الضعيف
يقول الامير اسامة بن منقذ فى كتابه لباب الاداب المكتوب فى القرن الثانى عشر الميلادي والذى حققه احمد محمد شاكر ونشره عام 1935
(( قلت اذكرنى قول الحكيم انما سلطان الملك على الاجساد دون القلوب امرا شهدته بمصر فى سنة سبع واربعين وخمس مائه ( للهجرة ) وهو ان رسول ملك الحبشة وكتابه وصل الى الملك العادل ابى الحسن على بن السلار رضى الله عنه فسأله ان يأمر البطرك بمصر ان يعزل بطرك الحبشة وتلك البلاد كلها مردودة الى نظر بطرك مصر فأمر الملك العادل احضار البطرك فحضر وانا عنده فرأيت شيخا نحيف مصفرا فادناه حتى وقف عند باب المجلس فسلم ثم انحرف فجلس على دكل فى الدار وهو مقعد من الطين او الحجر ونفذ اليه يقول له ملك الحبشة قد شكا من البطرك الذى يتولى بلاده وسألنى فى التقدم اليك بعزله
فقال ( البطرك ) :يا مولاى ما وليته حتى اختبرته ورأيته يصلح للناموس الذى هو فيه وما ظهر لى من امره مايوجب عزله ولا يسعنى فى دينى ان اعمل فيه بغير الواجب ولا يجوز لى ان اعزله فاغتاظ الملك العادل رحمه الله من قوله وامر باعتقاله فاعتقل يومين ثم انفذ اليه وانا حاضر يقول له لابد من عزل هذ البطرك لاجل سؤال ملك الحبشة في ذلك
فقال : يا مولاى ما عندى جواب غير ما قلته لك وحكمك وقدرتك انما هى على الجسم الضعيف الذى بين يديك و اما دينى فما لك سبيل والله ما اعزله ولو نالنى كل مكروه
فامر الملك العادل رحمه الله باطلاقه واعتذر الى ملك الحبشة ))

This site was last updated 02/27/15