Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

ذكر فتح مصر

  هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
تاريخ الصراع الفارسى الرومانى
غزو العراق والشام
العزو الإسلامى لأورشليم
الأقباط والعرب الغزاة
من هو المقوقس؟
عمرو والرهبان والأقباط
الفكر العربى والأقباط
ليبيا ومعاهدة البقط
رفاة مار مرقس والغزو
وصف خليج الإسكندرية
المسلمين وخراب آثار مصر
المسجد الأقصى
الإرتباع
الجزية من مرجع إسلامى
الجزية هدف الإحتلال
ثورات الأقباط
أول شهداء أقباط للغزو
ذكر فتح مصر
البابا بنيامين الـ38
نظام الخلافة العربى القرشى المسلم
Untitled 976
Untitled 977
رسائل محمد للحكام
حرق مكتبة الإسكندرية
سناء المصرى وسير الفاتحين
ص. ف. الإحتلال الإسلامى

Hit Counter

*************************************************************************************************

فى هذه الصفحة أوردنا ما جاء فى كتب المؤرخين المسلمين عن الغزو العربى الإسلامى لمصر وتعتبر من المراجع الرئيسية فى هذا الموضوع إلا أن ما كتب فى هذه المراجع كتب بعد أزيد من مائة سنة وقد أوردنا أن الوحيد الذى شاهد الغزو هو يوحنا النقيوسى وسوف تلاحظ أن هناك تمجيد للغزاة العرب المسلمين وقد وضعنا عناويين فقط حتى تكون سهلة للقراءة ولكننا لم نغير كلمة واحدة مما جاء فى أمهات الكتب لتصبح مرجع للدارسين .

*************************************************************************************************

 

سنة تسع عشرة  كتاب البداية والنهاية لأبن كثير

ما هى السنة التى غزا فيها العرب المسلمين مصر ؟ 

قال الواقدي وغيره‏:‏ كان فتح المدائن وجلولاء فيها‏.‏

والمشهور خلاف ما قال كما تقدم‏.‏

وقال محمد ابن إسحاق‏:‏ كان فتح الجزيرة والرها وحران ورأس العين ونصيبين في هذه السنة‏.‏

وقد خالفه غيره‏.‏

وقال أبو معشر وخليفة وابن الكلبي‏:‏ كان فتح قيسارية في هذه السنة وأميرها معاوية، وقال غيره‏:‏ يزيد بن أبي سفيان‏.‏

وقد تقدم أن معاوية افتتحها قبل هذا بسنتين‏.‏

وقال محمد بن إسحاق‏:‏ كان فتح قيسارية من فلسطين وهرب هرقل وفتح مصر في سنة عشرين‏.‏

وقال سيف بن عمر‏:‏ كان فتح قيسارية وفتح مصر في سنة ست عشرة‏.‏

قال ابن جرير‏:‏ فأما فتح قيسارية فقد تقدم، وأما فتح مصر فإني سأذكره في سنة عشرين إن شاء الله تعالى‏.‏

وفيها‏:‏ فتحت تكريت في قول والصحيح قبل ذلك‏.‏

وفيها فيما ذكرنا‏:‏ أسرت الروم عبد الله بن حذافة‏.‏

وفيها‏:‏ في ذي الحجة منها كانت وقعة بأرض العراق قتل فيها أمير المجوس شهرك، وكان أمير المسلمين يومئذ الحكم بن أبي العاص رضي الله عنه‏.‏

قال ابن جرير‏:‏ وفيها‏:‏ حج بالناس عمر ونوابه في البلاد وقضاته هم المذكورون قبلها‏.‏ والله أعلم‏.‏

قالوا‏:‏ لما استكمل عمر والمسلمون فتح الشام بعث عمرو بن العاص إلى مصر‏.‏

 غزو عمرو بن العاص لمصر

وزعم سيف‏:‏ أنه بعثه بعد فتح بيت المقدس، وأردفه بالزبير بن العوام وفي صحبته بشر بن أرطاة وخارجة بن حذافة، وعمير بن وهب الجمحي‏.‏ فاجتمعا على باب مصر فلقيهم أبو مريم جاثليق مصر ومعه الأسقف أبو مريام في أهل الثبات، بعثه المقوقس صاحب إسكندرية لمنع بلادهم، فلما تصافوا قال عمرو بن العاص‏:‏ لا تعجلوا حتى نعذر، ليبرز إلى بومريم وأبو مريام راهباً هذه البلاد، فبرزا إليه‏.‏ ‏(‏ج/ 7 ص‏:‏ 112‏)‏

فقال لهما عمرو بن العاص‏:‏ أنتما راهبا هذه البلاد فاسمعا إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأمره به وأمرنا به محمد صلى الله عليه وسلم، وأدى إلينا كل الذي أمر به، ثم مضى وتركنا على الواضحة، وكان مما أمرنا به الأعذار إلى الناس، فنحن ندعوكم إلى الإسلام، فمن أجابنا إليه فمثلنا، ومن لم يجبنا عرضنا عليه الجزية، وبذلنا له المنعة، وقد أعلمنا أنا مفتتحوكم، وأوصانا بكم حفاظاً لرحمنا منكم، وإن لكم إن أجبتمونا بذلك ذمة إلى ذمة‏.‏

ومما عهد إلينا أميرنا استوصوا بالقبطيين خيراً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصانا بالقبطيين خيراً، لأن له رحماً وذمة‏.‏

فقالوا‏:‏ قرابة بعيدة لا يصل مثلها إلا الأنبياء معروفة شريفة، كانت ابنة ملكنا وكانت من أهل منف، والملك فيهم فأديل عليهم أهل عين شمس فقتلوهم وسلبوهم ملكهم واغتربوا فلذلك صارت إلى إبراهيم عليه السلام مرحباً به وأهلاً‏.‏

أمَّنَا حتى نرجع إليك، فقال عمرو‏:‏ إن مثلي لا يخدع، ولكني أؤجلكما ثلاثاً لتنظروا ولتناظرا قومكما، وإلا ناجزتكم‏.‏

قالا‏:‏ زدنا، فزادهم يوماً‏.‏

فقالا‏:‏ زدنا، فزادهم يوماً‏.‏ فرجعا إلى المقوقس فأبى أرطبون أن يجيبهما وأمر بمناهدتهم‏.‏

فقالا لأهل مصر‏:‏ إما نحن فسنجتهد أن ندفع عنكم، ولا نرجع إليهم، وقد بقيت أربعة أيام قاتلوا، وأشار عليهم بأن يبيتوا المسلمين‏.‏

فقال الملأ منهم‏:‏ ما تقاتلون من قوم قتلوا كسرى وقيصر، وغلبوهم على بلادهم‏.‏

فألح الأرطبون في أن يبيتوا للمسلمين، ففعلوا فلم يظفروا بشيء، بل قتل منهم طائفة منهم الأرطبون، وحاصر المسلمون عين شمس من مصر في اليوم الرابع‏.‏ وارتقى الزبير عليهم سور البلد، فلما أحسوا بذلك خرجوا إلى عمرو من الباب الآخر فصالحوه، واخترق الزبير البلد حتى خرج من الباب الذي عليه عمرو،

 

كتاب الأمان الذى كتبه عمرو بن العاص لأهل مصر فى شروط الصلح

 فأمضوا الصلح، وكتب لهم عمرو كتاب أمان‏:‏

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم وأموالهم وكنائسهم وصلبهم وبرهم وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك ولا ينتقص ولا يساكنهم النوبة‏.‏

وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا على هذا الصلح، وانتهت زيادة نهرهم خمسين ألف ألف وعليهم ما حق لصونهم، فإن أبى أحد منهم أن يجيب رفع عنهم من الجزاء بقدرهم، وذمتنا ممن أبي بريئة‏.‏

وإن نقص نهرهم من غايته رفع عنهم بقدر ذلك‏.‏

ومن دخل في صلحهم من الروم والنوبة فله مثل ما لهم وعليه مثل ما عليهم، ومن أبى واختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه، أو يخرج من سلطاننا، عليهم ما عليهم أثلاثاً ي كل ثلث جباية ثلث ما عليهم‏.‏ ‏(‏ج/7ص‏:‏ 113‏)‏

على ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله، وذمة الخليفة أمير المؤمنين وذمم المؤمنين، وعلى النوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأساً، وكذا وكذا فرساً على أن لا يغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة‏.‏

شهد الزبير وعبد الله ومحمد ابناه وكتب وردان وحضر فدخل في ذلك أهل مصر كلهم وقبلوا الصلح، واجتمعت الخيول بمصر وعمروا الفسطاط، وظهر أبو مريم، وأبو مريام، فكلما عمرا في السبايا التي أصيبت بعد المعركة فأبى عمرو أن يردها عليهما، وأمر بطردهما وإخراجهما من بين يديه، فلما بلغ ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، أمر أن كل سبي أخذ في الخمسة أيام التي أمنوها فيها أن يرد عليهم، وكل سبي أخذ ممن لم يقاتل، وكذلك من قاتل فلا يرد عليه سباياه‏.‏

وقيل‏:‏ إنه أمره أن يخيروا من في أيديهم من السبي بين الإسلام وبين أن يرجع إلى أهله، فمن اختار الإسلام فلا يردوه إليهم، ومن اختارهم ردوه عليهم، وأخذوا منه الجزية‏.‏

وأما ما تفرق من سبيهم في البلاد ووصل إلى الحرمين وغيرهما، فإنه لا يقدر على ردهم، ولا ينبغي أن يصالحهم على ما يتعذر الوفاء به‏.‏

ففعل عمرو ما أمر به أمير المؤمنين، وجمع السبايا وعرضوهم وخيروهم فمنهم من اختار الإسلام، ومنهم من عاد إلى دينه، وانعقد الصلح بينهم‏.‏

حصـــــار عمرو بن العاص للأسكندرية

ثم أرسل عمرو جيشاً إلى إسكندرية - وكان المقوقس صاحب إسكندرية قبل ذلك يؤدي خراج بلده وبلد مصر إلى ملك الروم - فلما حاصره عمرو بن العاص جمع أساقفتة وأكابر دولته وقال لهم‏:‏ إن هؤلاء العرب غلبوا كسرى وقيصر وأزالوهم عن ملكهم ولا طاقة لنا بهم، والرأي عندي‏:‏ أن نؤدي الجزية إليهم‏.‏

ثم بعث إلى عمرو بن العاص يقول‏:‏ إني كنت أؤدي الخراج إلى من هو أبغض إلي منكم - فارس والروم - ثم صالحه على أداء الجزية، وبعث عمرو بالفتح والأخماس إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏.‏

وذكر سيف‏:‏ أن عمرو بن العاص لما التقى مع المقوقس جعل كثير من المسلمين يفر من الزحف فجعل عمر يزمرهم ويحثهم على الثبات‏.‏

فقال له رجل من أهل اليمن‏:‏ إنا لم نخلق من حجارة ولا حديد‏.‏

فقال عمرو‏:‏ اسكت، فإنما أنت كلب‏.‏

فقال له الرجل‏:‏ فأنت إذاً أمير الكلاب‏.‏ فأعرض عنه عمرو، ونادى يطلب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما اجتمع إليه من هناك من الصحابة قال لهم عمرو‏:‏ تقدموا فبكم ينصر الله المسلمين‏.‏

فنهدوا إلى القوم ففتح الله عليهم وظفروا أتم الظفر‏.‏

قال سيف‏:‏ ففتحت مصر في ربيع الأول من سنة ست عشرة، وقام فيها ملك الإسلام ولله الحمد والمنة‏.‏

وقال غيره‏:‏ فتحت مصر في سنة عشرين، وفتحت إسكندرية في سنة خمسٍ وعشرين، بعد محاصرة ثلاثة أشهر عنوة، وقيل‏:‏ صلحاً على ثنتي عشر ألف دينار‏.‏

وقد ذكر أن المقوقس سأل من عمرو أن يهادنه أولاً، فلم يقبل عمرو وقال له‏:‏ قد علمتم ما فعلنا بملككم الأكبر هرقل‏.‏ ‏(‏ج/7ص‏:‏ 114‏)‏

فقال المقوقس لأصحابه‏:‏ صدق فنحن أحق بالإذعان‏.‏ ثم صالح على ما تقدم‏.‏

وذكر غيره‏:‏ أن عمراً والزبير سارا إلى عين شمس فحاصراها، وأن عمراً بعث إلى الفرما أبرهة بن الصباح، وبعث عوف بن مالك إلى الإسكندرية‏.‏

فقال كل منهما لأهل بلده‏:‏ إن نزلتم فلكم الأمان، فتربصوا ماذا يكون من أهل عين شمس، فلما صالحوا صالح الباقون‏.‏

وقد قال عوف بن مالك لأهل إسكندرية‏:‏ ما أحسن بلدكم ‏؟‏‏.‏

فقالوا‏:‏ إن إسكندر لما بناها قال‏:‏ لأبنين مدينة فقيرة إلى الله غنية عن الناس فبقيت بهجتها‏.‏

وقال أبرهة لأهل الفرما‏:‏ ما أقبح مدينتكم ‏؟‏‏.‏

فقالوا‏:‏ إن الفرما - وهو أخو الإسكندر - لما بناها قال‏:‏ لأبنين مدينة غنية عن الله فقيرة إلى الناس، فهي لا يزال ساقطاً بناؤها فشوهت بذلك‏.‏

ولاية عبدالله بن أبى سرح

وذكر سيف‏:‏ أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح لما ولي مصر بعد ذلك زاد في الخراج عليهم رءوساً من الرقيق يهدونها إلى المسلمين في كل سنة، ويعوضهم المسلمون بطعام مسمىً وكسوة‏.‏

وأقر ذلك عثمان بن عفان وولاة الأمور بعده، حتى كان عمر بن عبد العزيز فأمضاه أيضاً نظراً لهم، وإبقاءً لعهدهم‏.‏

عمرو بن العاص والفسطاط

قلت‏:‏ وإنما سميت ديراً مصر بالفسطاط، نسبة إلى فسطاط عمرو بن العاص، وذلك أنه نصب خيمته وهي الفسطاط موضع مصر اليوم، وبنى الناس حوله وتركت مصر القديمة من زمان عمرو بن العاص وإلى اليوم، ثم رفع الفسطاط وبنى موضعه جامعاً وهو المنسوب إليه اليوم‏.‏

لماذا سمى العرب المسلمين جنود النوبة الحدق ؟

وقد غزا المسلمون بعد فتح مصر النوبة فنالهم جراحات كثيرة، وأصيبت أعين كثيرة لجودة رمي النوبة فسموهم جند الحدق، ثم فتحها الله بعد ذلك وله الحمد والمنة‏.‏

هل غزو مصر تمت عنوة أم صلحاً ؟ عمرو يذكر عهد الطابلس

قيل فى كتاب البداية والنهاية لأبن كثير وقد اختلف في بلاد مصر، فقيل‏:‏ فتحت صلحاً إلا الإسكندرية، وهو قول يزيد بن أبي حبيب‏.‏

وقيل‏:‏ كلها عنوة، وهو قول ابن عمر وجماعة‏.‏

وعن عمرو بن العاص‏:‏ أنه خطب الناس فقال‏:‏ ما قعدت مقعدي هذا، ولأحد من القبط عندي عهد إن شئت‏.‏

قلت‏:‏ وإن شئت بعت، وإن شئت خمست إلا لأهل الطابلس فإن لهم عهداً نوفي به‏.‏

***************************************************************************************************************************

وقيل فى كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي عن أبن عبد الحكم وغيره  

فكتب عمرو إلى عمر بذلك ثم رقي إلى المنبر وقال ‏:‏ لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر علي عهد ولا عقد‏:‏ إن شئت قتلت وإن شئت بعت وإن شئت خمست انتهى كلام الذهبي‏.‏
وقال علي - وعليّ مصغر - بن رباح‏:‏ المغرب كله عنوة فتدخل مصر فيها‏.‏
وقال ابن عمر‏:‏ افتتحت مصر بغير عهد‏.‏
وقال يزيد بن أبي حبيب‏:‏ مصر كلها صلح إلا وأما فتوح مصر لابن عبد الحكم فقد أخبرنا به حافظ العصر شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن تدخلها أو شيئًا من أرضها فانصرف وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره‏

 

القصة المختلقة لنيل مصر

روينا من طريق ابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال‏:‏ لما افتتحت مصر آتى أهلها عمرو بن العاص - حين دخل بؤنة من أشهر العجم - فقالوا‏:‏ أيها الأمير، لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها‏.‏

قال‏:‏ وما ذلك ‏؟‏‏.‏

قالوا‏:‏ إذا كانت اثنتي عشرة ليلة خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر من أبويها، فأرضينا أبويها، وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في هذا النيل‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 7/ 115‏)‏

فقال لهم عمرو‏:‏ إن هذا مما لا يكون في الإسلام، إن الإسلام يهدم ما قبله‏.‏

قال‏:‏ فأقاموا بؤنة وأبيب ومسرى والنيل لا يجري قليلاً ولا كثيراً حتى هموا بالجلاء‏.‏

فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب إليه إنك قد أصبت بالذي فعلت، وإني قد بعثت إليك بطاقة داخل كتابي، فألقها في النيل‏.‏

فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة فإذا فيها من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد‏:‏ فإن كنت إنما تجري من قبلك ومن أمرك فلا تجر فلا حاجة لنا فيك ، وإن كنت إنما تجري بأمر الله الواحد القهار، وهو الذي يجريك فنسأل الله تعالى أن يجريك‏.‏

قال‏:‏ فألقى البطاقة في النيل فأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعاً في ليلة واحدة، وقطع الله تلك السُّنَّة عن أهل مصر إلى اليوم‏.‏

 

قال‏:‏ وفيها‏:‏ مات هرقل وقام بعده ولده قسطنطين‏.‏

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------

ثم دخلت سنة عشرين ذكر فتح مصر
كتاب الكامل فى التاريخ

من كتاب الكامل لأبن الأثير غزو العرب المسلمين للإسكندرية
قيل : في هذه السنة فتحت مصر في قول بعضهم على يد عمرو بن العاص و الإسكندرية أيضاً ، و قيل : فتحت الإسكندرية سنة خمس و عشرين ، و قيل : فتحت مصر سنة ست عشرة في ربيع الأول .

و بالجملة فينبغي أن يكون فتحها قبل عام الرمادة لأن عمرو بن العاص حمل الطعام في بحر القلزم من مصر إلى المدينة ، و الله أعلم ، و قيل غير ذلك .
و أما فتحها فإنه لما فتح عمر بيت المقدس و أقام به أياماً و أمضى عمرو ابن العاص إلى مصر و أتبعه الزبير بن العوام فأخذ المسلمون باب اليون و ساروا إلى مصر فلقيهم هناك أبو مريم ، جاثليق مصر ، و معه الأسقف بعثه المقوقس لمنع بلادهم ، فلما نزل بهم عمرو قاتلوه ، فأرسل إليهم : لا تجعلونا حتى نعذر إليكم ، و ليبرز إلي أبو مريم و أبو مريام ، فكفوا ، و خرجا إليه ، فدعاهما إلى الإسلام أو الجزية ، و أخبرههما بوصية النبي ، صلى الله عليه و سلم ، بأهل مصر بسبب هاجر ام إسماعيل ، عليه السلام ، فقالوا : قرابة بعيدة لا يصلح مثلها إلا الأنبياء ، آمنا حتى نرجع إليك . فقال عمرو : مثلي لا يخدع و لكني أؤجلكما ثلاثاً لتنظرا فقالا : زدنا ، فزادهما يوماً ، فرجع إلى المقوقس . فأبى أرطبون أن يجيبهما و أمر بمناهدتهم ، فقال لأهل مصر : أما نحن فسنجهد أن ندفع عنكم ، فلم يفجأ عمراً إلا البيات و هو علي عدة ، فلقوه فقتل أرطبون و كثير ممن معه و انهزم الباقون ، و سار عمرو و الزبير إلى عين الشمس و بها جمعهم ، و بعث إلى فرما أبرهة بن الصباح ، و بعث عوف بن مالك إلى الأسكندرية ن فنزل عليها . قيل : و كان اإسكندر و فرما أخوين ، و نزل عمرو بعين الشمس ، فقال أهل مصر لملكهم : ما تريد إلى قتال قوم هزموا كسرى و قيصر و غلبوهم على بلادهم ! فلا تعرض لهم و لا تعرضنا لهم و ذلك في اليوم الرابع فأبى و ناهدوهم و قاتلوهم .

حرب المسلمون والرووم فى عين شمس
فلما التقى المسلمون و المقوقس بعين الشمس و اقتتلوا جال المسلمون ، فذمرعهم عمرو ، فقال له رجل من اليمن : إنا لم تلخق من حديد . فقال له عمرو : اسكت ، إنما أنت كلب . قال : فأنت أمير الكلاب . فنادى عمرو بأصحاب النبي ، صلى الله عليه و سلم ، ، فأجابوه ، فقال : تقدموا فبكم بنصر الله ، فتقدموا و فيهم أبو بردة و أبو برزة و تبعهم الناس ، و فتح الله على المسلمين و ظفروا و هزموهم المشركين ، فارتقى الزبير بن العوام سورها ، فلما أحسوه فتحوا الباب لعمرو و خرجوا إليه مصالحين ، فقبل منهم ، و نزل الزبير عليهم عنوة حتى خرج على عمرو من الباب معهم ، فاعتقدوا صلحاً بعدما أشرفوا على ا لهلكة ، فأجروا ما أخذوا عنوة مجرى الصلح فصاروا ذمة ، و أجروا من دخل في صلحهم من الروم و النوبة مجرى أهل مصر ، و من اختار الذهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه .
و اجتمعت خيول المسلمين بمصر و بنوا الفسطاط و نزلوه ، وجاء أبو مريم و أبو مريام إلى عمرو و طلبا منه السبايا التي أصيبت بعد المعركة ، فطردهما ، فقالا : كل شيء أصبتموه منذ فارقناكم إلى أن رجعنا إليكم ففي ذمة .
فقال عمرو لهما : أتغيرون علينا و تكونون في ذمة ؟ قالا : نعم . فقسم عمرو ابن العاص السبي على الناس و تفرق في بلدان العرب . و بعث بالأخماس إلى عمر بن الخطاب و معها وفد ، فأخبوا عمر بن الخطاب بحالهم كله و بما قال أبو مريم ، فرد عمر عليهم سبي من لم يقاتلهم في تلك الأيام الأربعة و ترك سبي من قاتلهم فردوهم .
و حضرت القبط باب عمرو ، و بلغ عمراً أنهم يقولون : ما أرث العرب ! ما رأينا مثلنا دان لهم . فخاف أن يطمعهم ذلك فأمر بجزر فطبخت ودعا أمراء الأجناد فأعلموا أصحابهم فخضروا عنده و أكلوا أكلاً عربياً ، انتشلوا و حسوا و هم في العباء بغير سلاح ، فازداد طمعهم ، و أمر المسلمين أن يحضروا الغد في ثياب أهل مصر و أحذيتهم ، ففعلوا ، و أذن لأهل مصر فرأوا شيئاً غير ما رأوا بالأمس ، و قام عليهم القوام بألوان مصر فأكلوا أكل أهل مصر ، فارتاب القبط ، و بعث أيضاً إلى المسلمين : تسلحوا للعرض غداً ، و غداً على العرض ، و أذن لهم فعرضهم عليهم و قال لهم : علمت حالكم حين رأيتم اقتصاد العرب فخشيت أن تهلكوا فأحببت أن أريكم حالهم في أرضهم كيف كانت ، ثم حالهم في أرضكم ، ثم حالهم في الحرب . فقد رأيتم ظفرهم بكم و ذلك عيشهم و قد كلبوا على بلادكم بما نالوا في اليوم الثاني ، فأردت أن تعلموا أن ما رأيتم في اليوم الثالث غير تارك عيش اليوم الثاني و راجع إلى عيش اليوم الأول .فتفرقوا و هم يقولون : لقد رمتكم العرب برجلهم . و بلغ عمر ذلك فقال : و الله إن حربه للينة ما لها سطوة و لا سورة كسورات الحروب من غيره .

كتاب الكامل لغزو العرب المسلمين للأسكندرية
ثم إن عمراً سار إلى اسكندرية و كان من بين الإسكندرية و الفسطاط من الروم و القبط قد تجمعوا له و قالوا : نغزه قبل أن يغزونا و يروم الإسكندرية . فالتقوا و القبط قدتجمعوا له و قالوا : نغزوه قبل أن يغزونا و يروم الإسكندرية .
فالتقوا و اقتتلوا ، فهزمهم و قتل منهم مقتلة عظيمة ، و سار حتى بلغ الإسكندرية ، فوجد أهلها معدين لقتاله . فأرسل المقوقس إلى عمرو يسأله الهدنة إلى مدة ، فلم يجبه إلبى ذلك و قال : لقد لقينا ملكم الأكبر هرقل فكان منه ما بلغكم . فقال المقوقس لأصحابه : صدق فنحن أولى بالإذعان . فأغلطوا له في القول و امتنعوا ، فقاتلهم المسلمون و حصروهم ثلاثة أشهر ، و فتحها عمرو عنوة و غنم ما فيها و جعغلهم ذمة .
و قيل : إن المقوقس صالح عمراً على اثني عشر ألف دينار على أن يخرج من الإسكندرية من أراد الخروج و يقيم من أراد القيام ، و جعل فيها عمر و جنداً .
و لما فتحت مصر غزوا النوبة فرجع السلمون بالجراحات و ذهاب الحدق لجودة رميهم ، فسموهم رماة الحدق .
فلما ولي عبد الله بن سعد أبي سرح مصر أيسام عثمان صالحهم على هدية عدة رؤوس في كل سنة ، و يهدي إليهم المسلمون كل سنة طعاماً مسمى و كسوة ، و أمضى ذلك الصلح عثمان و من بعده من ولاة الأمور .

الكامل يذكر مصير بلعهيب أهل القرية التى قاومت  الغزو الإسلامى العربى
و قيل : إن المسلمين لما انتهوا إلى بلعهيب و قد بلغت سباياهم إلى اليمن أرسل أصحابهم إلى عمرو : إنني كنت أخرج الجزية إلى من هو أبغض إلي منكم : فرس من و الرومن ، فإن أحببت الجزية على أن ترد ما سببتم من أرضي فعلت . فكتب عمرو إلى عمر يستأذنه في ذلك ، و رفعوا الحرب إلى أن يرد كتاب عمر . فورد الجواب من عمر : لعمري جزية قائمة أحب إلينا من غنيمة تقسم ثم كأنها لم تكن ، و أما السبي فإن أعطاك ملكهم الجزية على أن تخيروا من في أيديكم منهم بين الإسلام و دين قومه فمن اختار الإسلام فهو من المسلمين و من اختار دين قومه فضع عليه الجزية وأمنا من تفرق في البلدان فإنا لا تقدر على ردهم . فعرض عمرو ذلك على صاحب الإسكندرية ، فأجاب إليه ، فجعلوها السبي و اجتمعت النصارى و خيروهم واحداً واحداً ، فمن اختار السملمين كبروا ، و من اختار النصارى نخروا و صار عليه جزية ، حتى فرغوا .
و كان من السبي أبو مريم عبد الله بن عبد الرحمن ، فاختار الإسلام و صار عريف زبيد . و كان ملوك بني أمية يقولون : إن مصر دخلت عنوة و أهلها عبيدنا نزيد عليهم كيف شيئاً . و لم يكن كذلك
ذكر فتح مصر لابن عبد الحكم وغيره

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 

ذكر فتح مصر لابن عبد الحكم وغيره 

فى كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة

 تأليف جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي
 

أبن عبد الحكم ذكر هل فتحت (غزو) مصر كان صلحاً أم عنوة ؟


قال المؤلف‏:‏ أخبرنا حافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي مشافهة عن أبي هريرة بن الذهبي قال‏:‏ أخبرنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي‏:‏ روى خليفة عن غير واحد‏:‏ أن في سنة عشرين كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى عمرو بن العاصي أن يسير إلى مصر فسار وبعث عمر الزبير بن العوام مردفًا له ومعه بسر بن أرطاة وعمير بن وهب الجمحي وخارجة بن حذافة العدوي حتى أتى بابليون فحصنوا فافتتحها عنوة وصالحه أهل الحصن وكان الزبير أول من ارتقى سور المدينة ثم تبعه الناس فكلم الزبير عمرًا أن يقسمها بين من افتتحها فكتب عمرو إلى عمر بذلك ثم رقي إلى المنبر وقال‏:‏ لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر علي عهد ولا عقد‏:‏ إن شئت قتلت وإن شئت بعت وإن شئت خمست انتهى كلام الذهبي‏.‏
وقال علي - وعليّ مصغر - بن رباح‏:‏ المغرب كله عنوة فتدخل مصر فيها‏.‏
وقال ابن عمر‏:‏ افتتحت مصر بغير عهد‏.‏
وقال يزيد بن أبي حبيب‏:‏ مصر كلها صلح إلا وأما فتوح مصر لابن عبد الحكم فقد أخبرنا به حافظ العصر شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن تدخلها أو شيئًا من أرضها فانصرف وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره‏.‏

قصة الهجوم على مصر وخداع عمرو بن العاص للخليفة عمر بن الخطاب 
فسار عمرو بن العاصي من جوف الليل ولم يشعر به أحد من الناس فاستخار عمر وكاتبه - يتخوف على المسلمين - بالرجوع فأثرك الكتاب عمرًا وهو برفح فتخوف عمرو إن هو أخذ الكتاب وفتحه أن يجد فيه الانصراف كما عهد إليه عمر فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه وسار كما هو حتى نزل قرية فيما بين رفح والعريش فسأل عنها فقيل‏:‏ إنها من أرض مصر فدعا بالكتاب وقرأه على المسلمين فقال عمرو لمن معه‏:‏ ألستم تعلمون أن هده القرية من أرض مصر قالوا‏:‏ بلى قال‏:‏ فإن أمير المؤمنين عهد إلي وأمرني إن لحقني كتابه ولم أدخل أرض مصر أن أرجع ولم يلحقني كتابه حتى دخلنا أرض مصر فسيروا وامضوا على بركة الله‏.‏
وقيل غير ذلك‏:‏ وهو أن عمر أمره بالرجوع وخشن عليه في القول‏.‏
وروي نحو مما ذكرنا من وجه آخر من ذلك‏:‏ أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - دخل على عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - فقال عمر له‏:‏ كتبت إلى عمرو بن العاصي أن يسير إلى مصر من الشأم فقال عثمان‏:‏ يا أمير المؤمنين إن عمرًا لمجرأ وفيه إقدام وحب للإمارة فأخشى أن يخرج في غير ثقة ولا جماعة فيعرض المسلمين للهلكة رجاء فرصة لا إلى عمرو إشفاقًا على المسلمين ثم قال عثمان‏:‏ فاكتب إليه‏:‏ إن أدركك كتابي هذا قبل أن تدخل مصر فارجع إلى موضعك وإن كنت دخلت فامض لوجهك‏.‏
فلما بلغ المقوس قدوم عمرو بن العاصي إلى مصر توجه إلى موضع الفسطاط فكان يجهز على عمرو الجيوش وكان على القصر يعني قصر الشمع الذي بمصر القديمة رجل من الروم يقال له الأعيرج واليًا عليه وكان تحت يد المقوقس واسمه‏:‏ جريج بن مينا‏.‏

الهجوم على الفرما
وأقبل عمرو حتى إذا كان بالعريش فكان أول موضع قوتل فيه الفرما‏:‏ قاتلته الروم قتالًا شديدًا نحوًا من شهر ثم فتح الله على يديه وكان عبد الله بن سعد على ميمنة عمرو منذ خروجه من قيسارية إلى أن فرغ من حربه‏.‏
ثم مضى عمرو نحو مصر وكان بالإسكندرية أسقف للقبط يقال له‏:‏ أبو ميامين فلما بلغه قدوم عمرو إلى مصر كتب إلى قبط مصر يعلمهم أنه لا يكون للروم دولة وأن ملكهم قد أنقطع وأمرهم بتلقي عمرو‏.‏
ويقال‏:‏ إن القبط الذين كانوا بالفرما كانوا يومئذ لعمرو أعوانًا‏.‏
ثم توجه عمرو لا يدافع إلا بالأمر الأخف حتى نزل القواصر فسمع رجل من لخم نفرًا من القبط يقول بعضهم لبعض‏:‏ ألا تعجبون من هؤلاء القوم يقدمون على جموع الروم وإنما هم في قلة من الناس‏!‏ فأجابه رجل منهم فقال‏:‏ إن هؤلاء القوم لا يتوجهون إلى أحد إلا ظهروا عليه حتى يقتلوا أخيرهم‏.‏

الهجوم على بلبيس
ثم تقدم عمرو أيضا لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى أتى بلبيس فقاتل نحوًا من شهر حتى فتح الله عليه‏.‏
ثم مضى لا يدافع إلا بالآمر الخفيف حتى أتى أم دنين فقاتلوا من بها قتالًا شديدًا‏.‏
زيادة عدد الجيش الإسلامى إلى 12 ألف جندى
وأبطأ عليه الفتح فكتب إلى عمر - رضي الله عنه - يستمده فأمده بأربعة ّآلاف تمام ثمانية آلاف مع عمرو فوصلوا إليه إرسالًا يتبع بعضهم بعضًا ثم أحاط المسلمون بالحصن وأميره يومئذ المندقور الذي يقال له الأعيرج من قبل المقوقس‏:‏ وهو ابن قرقب اليونانيّ‏.‏
أبن عبد الحكم وحصار حصن بابليون
وكان المقوس ينزل بالإسكندرية وهو في سطان هرقل غير أنه كان حاضرًا الحصن حين حاصره المسلمون فقاتل عمرو بن العاصي من بالحصن وجاء رجل إلى عمرو وقال‏:‏ اندب معي خيلًا حتى آتي من ورائهم عند القتال فأخرج معه عمرو خمسمائة فارس عليهم خارجة بن حذافة في قول فساروا من وراء الجبل حتى وصلوا مغار بني وائل قبل الصبح وكانت الروم قد خندقوا خندقًا وجعلوا له أبوابًا وبثوا في أفنيتها حسك الحديد فالتقاهم القوم حين أصبحوا وخرج خارجة من ورائهم فانهزموا حتى دخلوا الحصن وقاتلهم قتالا شديدا بصبحهم وعشيهم فلما أبطأ الفتح على عمرو كتب إلى عمر - رضي الله عنه - يستمده ويعلمه بذلك فأمده بأربعة آلاف رجل على كل ألف رجل منهم رجل مقام الألف‏:‏ الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد - في قول - وقيل‏:‏ خارجة بن حذافة الرابع لا يعدون مسلمة‏.‏
وقال عمر له‏:‏ اعلم أن معك أثنى عشر ألفًا ولن تغلب اثنا عشر ألفًا من قلة‏.‏
وقيل غير دلك وهو أن الزبير - رضي الله عنه - قدم إلى عمرو في اثني عشر ألفًا وأن عمرًا لما قدم من الشأم كان في عدة قليلة فكان يفرق أصحابه ليرى العدو أنهم أكثر مما هم فلما انتهى إلى الخندق بادره رجل بأن قال‏:‏ قد رأينا ما صنعت وإنما معك من أصحابك كذا وكذا فلم يخطئوا برجل واحد فأقام عمرو على ذلك أيامًا يغدو في السحر فيصف أصحابه على أفواه الخندق عليهم السلاح فبينما هم على ذلك إذ جاءه خبر الزبير بن العوام في اثني عشر ألفًا فتلقاه عمرو ثم أقبلا فلم يلبث الزبير أن ركب وطاف بالخندق ثم فرق الرجال حول الخندق وألح عمرو على القصر ووضع عليه المنجنيق ‏.‏
ودخل عمرو إلى صاحب الحصن فتناظرا في شيء مما هم فيه فقال عمرو‏:‏ أخرج وأستشير أصحابي وقد كان صاحب الحصن أوصى الذي على الباب إذا مر به عمرو أن يلقي عليه صخرة فيقتله فمر عمرو وهو يريد الخروج برجل من العرب فقال له‏:‏ قد دخلت فأنظر كيف تخرج فرجع عمرو إلى صاحب الحصن فقال له‏:‏ إني أريد أن آتيك بنفر من أصحابي حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت فقال العلج في نفسه‏:‏ قتل جماعة أحب إلي من قتل واحد فأرسل إلى الذي كان أمره بما أمره من أمر عمرو ألا يتعرض له رجاء أن يأتيه بأصحابه فيقتلهم فخرج عمرو‏.‏

ابن عبد الحكم يذكر سقوط حصن بابليون
وبينما عبادة بن الصامت في ناحية يصلي وفرسه عنده رآه قوم من الروم فخرجوا إليه وعليهم حلية وبزة فلما دنوا منه سلم من الصلاة ووثب على فرسه ثم حمل عليهم فلما رأوه ولوا هاربين وتبعهم فجعلوا يلقون مناطقهم ومتاعهم ليشغلوه بذلك عن طلبهم فصار لا يلتفت إليه حتى دخلوا إلى الحصن ورمي عبادة من فوق الحصن بالحجارة فرجع ولم يتعرض لشيء مما طرحوه من متاعهم حتى رجع إلى موضعه الذي كان فيه فاستقبل الصلاة وخرج الروم إلى متاعهم وجمعوه‏.‏
فلما أبطأ الفتح على عمرو قال الزبير‏:‏ إني أهب نفسي لله تعالى وأرجو أن يفتح الله بذلك على المسلمين فوضع سلمًا إلى جانب الحصن من ناحية سوق الحمام ثم صعد وأمرهم إذا سمعوا تكبيره يجيبونه جميعا فما شعروا إلا والزبير على رأس الحصن يكبر ومعه السيف وتحامل الناس على السلم حتى نهاهم عمرو خوفًا أن ينكسر السلم وكبر الزبير تكبيرة فأجابه المسلمون من خارج فلم يشك أهل الحصن أن العرب قد اقتحموا جميعًا الحصن فهربوا وعمد الزبير بأصحابه إلى باب الحصن ففتحوه واقتحم المسلمون الحصن‏.‏
فلما خاف المقوس على نفسه ومن معه سأل عمرو بن العاصي الصلح ودعاه إليه على أن يفرض للعرب على القبط دينارين دينارين على كل رجل منهم فأجابه عمرو إلى ذلك‏.‏
وكان مكثهم على القتال حتى فتح الله عليهم سبعة أشهر‏.‏
انتهى كلام ابن عبد الحكم اختصار‏.‏

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ذكر فتح مصر لابن عبد الحكم وغيره 

فى كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة

 تأليف جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي

وقال غيره في الفتح وجهًا آخر‏ يرجح أن يكون ابن كثير .‏
قال‏:‏ لما حصر المسلمون بابليون وكان به جماعة من الروم وأكابر القبط ورؤسائهم وعليهم المقوقس فقاتلوهم شهرًا فلما رأى القوم الجد من العرب على فتحه والحرص ورأوا من صبرهم على القتال ورغبتهم فيه خافوا أن يظهروا عليهم فتنحى المقوقس وجماعة من أكابر الأقباط وخرجوا من باب القصر القبلي وتركوا به جماعة يقاتلون العرب فلحقوا بالجزيرة موضع الصناعة اليوم وأمروا بقطع الجسر وذلك في جري النيل‏.‏
ويقال‏:‏ إن الأعيرج تخلف بالحصن بعد المقوقس وقيل خرج معهم فلما خاف فتح الحصن ركب هو وأهل القوة والشرف وكانت سفنهم ملصقة بالحصن ثم لحموا بالمقوقس بالجزيرة فأرسل المقوقس إلى عمرو‏:‏ إنكم قد ولجتم في بلادنا وألححتم على قتالنا وطال مقامكم في أرضنا وإنما أنتم عصبة يسيرة وقد أظلتكم الروم وجهزوا إليكم ومعهم من العدة والسلاح وقد أحاط بكم هذا النيل وإنما أنتم أسارى في أيدينا فابعثوا إلينا رجالًا منكم نسمع من كلامهم فلعله أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب وينقطع عنا وعنكم القتال قبل أن يغشاكم جموع الروم فلا ينفعنا الكلام ولا نقدر عليه‏.‏
ولعلكم أن تندموا إن كان الأمر مخالفا لمطلبكم ورجائكم فابعثوا إلينا رجالًا من أصحابكم نعاملهم على ما نرضى نحن وهم به من شيء‏.‏
فلما أتت عمرًا رسل المقوقس حبسهم عنده يومين وليلتين حتى خاف عليهم المقوس فقال لأصحابه‏:‏ أترون أنهم يقتلون الرسل ويستحلون ذلك في دينهم وإنما أراد عمرو بذلك أنهم يرون حال المسلمين‏.‏
فرد عليهم عمرو مع رسلهم‏:‏‏!‏ إنه ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال‏:‏ إما أن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا وكان لكم مالنا‏.‏
وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون‏.‏
وإما أن جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وبينكم وهو خير الحاكمين‏.‏
فلما جاءت رسل المقوقس إليه قال‏:‏ كيف رأيتموهم قالوا‏:‏ رأينا قوما الموت أحب إلى أحدهم من الحياة والتواضع أحب إليهم من الرفعة ليس لأحدهم في الدنيا رغبة لا نهمة وإنما جلوسهم على التراب وأكلهم على ركبهم وأميرهم كواحد منهم ما يعرف رفيعهم من وضيعهم ولا السيد من العبد وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد يغسلون أطرافهم بالماء ويخشعون في صلاتهم‏.‏
فقال عند ذلك المقوقس‏:‏ والذي يحلف به لو أن هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها وما يقوى على قتال هؤلاء أحد‏!‏ ولئن لم نغتنم صلحهم اليوم وهم محصورون بهذا النيل لم يجيبونا بعد اليوم إذا أمكنتهم الأرض وقووا على الخروج من موضعهم‏.‏
فرد إليهم المقوقس رسله يقول لهم‏:‏ ابعثوا إلينا رسلًا منكم نعاملهم ونتداعى نحن وهم إلى ما عساه يكون فيه صلاح لنا ولكم‏.‏

الإستسلام على شروط العرب المسلمين ثلاثة
فبعث عمرو بن العاصي عشرة نفر أحدهم عبادة بن الصامت وكان طوله عشرة أشبار وأمره عمرو أن يكون متكلم القوم وألا يجيبهم إلى شيء دعوه إليه إلا إحدى هده الثلاث الخصال فإن أمير المؤمنين قد تقدم إلي في ذلك وأمرني ألا أقبل شيئا إلا خصلة من هده الثلاث الخصال وكان عبادة أسود فلما ركبوا السفن إلى المقوقس ودخلوا عليه تقدم عبادة فهابه المقوقس لسواده وقال‏:‏ نحوا عني هذا الأسود وقدموا غيره يكلمني فقالوا جميعًا‏:‏ إن هذا الأسود أفضلنا رأيًا وعلمًا وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا وإنما نرجع جميعا إلى قوله ورأيه وقد أمره الأمير دوننا بما أمره وأمرنا ألا نخالف رأيه وقوله‏.‏
فقال‏:‏ وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسود أفضلكم وإنما ينبغي أن يكون هو دونكم قالوا‏:‏ كلا إنه وإن كان أسود كما ترى فإنه من أفضلنا موضعًا وأفضلنا سابقة وعقلًا ورأيًا وليس ينكر السواد فينا فقال المقوقس لعبادة‏:‏ تقدم يا أسود وكلمني برفق فإنني أهاب سوادك وإن اشتد كلامك علي ازددت لك هيبة فتقدم إليه عبادة فقال‏:‏ قد سمعت مقالتك وإن فيمن خلفت من أصحابي ألف رجل كلهم مثلي وأشد سوادًا مني وأفظع منظرًا ولو رأيتهم لكنت أهيب لهم مني وأنا قد وليت وأدبر شبابي وإني مع ذلك بحمد الله ما أهاب مائة رجل من عدوي لو استقبلوني جميعًا وكذلك أصحابي وذلك إنما رغبتنا وهمتنا الجهاد في الله وأتباع رضوانه وليس غزونا عدوًا ممن حارب الله لرغبة في الدنيا ولا حاجة للاستكثار منها إلا أن الله عز وجل قد أحل ذلك لنا وجعل ما غنمنا من ذلك حلالًا وما يبالي أحدنا أكان له قناطير من ذهب أم كان لا يملك إلا درهمًا لأن غاية أحدنا من الدنيا أكلة يأكلها يسد بها جوعته ليلته ونهاره وشملة يلتحفها وإن كان أحدنا لا يملك إلا ذلك كفاه وإن كان له قنطار من ذهب أنفقه في طاعة الله تعالى واقتصر على هده بيده ويبلغه ما كان في الدنيا لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم ورخاءها ليس برخاء إنما النعيم والرخاء في الآخرة بذلك أمرنا الله وأمرنا به نبينا وعهد إلينا ألا نكون همة أحدنا في الدنيا إلا ما يمسك جوعته ويستر عورته وتكون همته فلما سمع المقوقس ذلك منه قال لمن حوله‏:‏ هل سمعتم مثل كلام هذا الرجل قط‏!‏ لق
د هبت منظره وإن قوله لأهيب عندي من منظره إن هذا وأصحابه أخرجهم الله لخراب الأرض وما أظن ملكهم إلا سيغلب على الأرض كلها‏.‏
المقوقس حاكم مصر الرومى

ثم أقبل المقوقس على عبادة بن الصامت فقال‏:‏ أيها الرجل الصالح قد سمعت مقالتك وما ذكرت عنك وعن أصحابك ولعمري ما بلغتم ما بلغتم إلا بما ذكرت وما ظهرتم على من ظهرتم عليه إلا لحبهم الدنيا ورغبتهم فيها وقد توجه إلينا لقتالكم من جمع الروم مالا يحصى عدده قوم معروفون بالنجدة والشدة ممن لا يبالي أحدهم من لقي ولا من قاتلي وإنا لنعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تطيقوهم لضعفكم وقلتكم وقد أقمتم بين أظهرنا أشهرًا وأنتم في ضيق وشدة من معاشكم وحالكم ونحن نرق عليكم لضعفكم وقلتكم وقلة ما بأيديكم ونحن تطيب أنفسنا أن نصالحكم على أن نفرض لكل رجل منكم دينارين دينارين ولأميركم مائة دينار ولخليفتكم ألف دينار فتقبضونها وتنصرفون إلى بلادكم قبل أن يغشاكم ما لا قوة لكم به‏.‏
فقال عبادة‏:‏ يا هذا لا تغزن نفسك ولا أصحابك‏.‏
أما ما تخوفنا به من جمع الروم وعددهم وكثرتهم وأنا لا نقوى عليهم فلعمري ما هذا بالذي تخوفنا به ولا بالذي يكسرنا عما نحن فيه إن كان ما قلتم حقا فذلك والله أرغب ما يكون في قتالهم وأشد لحرصنا عليهم لأن ذلك أعذر لنا عند الله إذا قدمنا عليه إن قتلنا عن آخرنا كان أمكن لنا من رضوانه وجنته وما من شيء أقر لأعيننا ولا أحب إلينا من ذلك وإنا منكم حينئذ لعلى إحدى الحسنيين‏:‏ إما أن تعظم لنا بذلك غنيمة الدنيا إن ظفرنا بكم أو غنيمة الآخرة إن ظفرتم بنا وإنها لأحب الخصلتين إلينا بعد الاجتهاد منا وإن الله عز وجل قال لنا في كتابه‏:‏ ‏"‏ كم من فئة قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله والله مع الصابرين ‏"‏ وما منا رجل إلا وهو يدعو ربه صباحًا ومساء أن يرزقه الشهادة وألا يرده إلى بلده ولا إلى أرضه ولا إلى أهله وولده وليس لأحد منا هم فيما خلفه وقد استودع كل واحد منا ربه أهله وولده وإنما همنا أمامنا‏.‏
وأما قولك‏:‏ إنا في ضيق وشدة من معاشنا وحالنا فنحن في أوسع السعة‏:‏ لو كانت الدنيا كفها لنا ما أردنا منها لأنفسنا أكثر مما نحن فيه فانظر الذي تريد فبينه لنا فليس بيننا وبينك خصلة نقبلها منك ولا نجيبك إليها إلا خصلة من ثلاث فاختر أيتها شئت ولا تطمع نفسك في الباطل بذلك أمرني الأمير وبها أمره أمير المؤمنين وهو عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبله إلينا‏:‏ إما إجابتكم إلى الإسلام الذي هو الدين الذي لا يقبل الله غيره وهو دين نبينا وأنبيائه ورسله وملائكته - صلوات الله عليهم - أمرنا الله تعالى أن نقاتل من خالفه ورغب عنه حتى يدخل فيه فإن فعل كان له ما لنا وعليه ما علينا وكان أخانا في دين الإسلام فإن قبلت ذلك أنت وأصحابك فقد سعدتم في الدنيا والآخرة ورجعنا عن قتالكم ولم نستحل أذاكم ولا التعرض لكم وإن أبيتم إلا الجزية فأوفوا إلينا الجزية عن يد وأنتم صاغرون‏:‏ نعاملكم على شيء نرضاه نحن وأنتم في كل عام أبدا ما بقينا وبقيتم ونقاتل عنكم من ناوأكم وعرض لكم في شيء من أرضكم ودمائكم وأموالكم ونقوم بذلك عنكم إذ كنتم في دمتنا وكان لكم به عهد علينا وإن أبيتم فليس بيننا وبينكم إلا المحاكمة بالسيف حتى نموت عن أخرنا أو نصيب ما نريد منكم‏.‏
هذا ديننا الذي ندين الله تعالى به ولا يجوز لنا فيما بيننا وبينه غيره فانظروا لأنفسكم‏.‏
فقال المقوقس‏:‏ هذا لا يكون أبدًا ما تريدون إلا أن تتخذونا عبيدًا ما كانت الدنيا‏.‏
فقال عبادة‏:‏ هو ذلك فاختر ما شئت‏.‏
فقال المقوقس‏:‏ أفلا تجيبونا إلى خصلة غير هده الثلاث الخصال فرفع عبادة يديه وقال‏:‏ لا ورب هده السماء ورب هده الأرض ورث كل شيء ما لكم عندنا خصلة غيرها فاختاروا لأنفسكم‏.‏
فالتفت المقوقس عند ذلك لأصحابه وقال‏:‏ قد فرغ القوم فما ترون فقالوا‏:‏ أو يرضى أحد بهذا الذل‏!‏ أما ما أرادوا من دخولنا إلى دينهم فهذا ما لا يكون أبدا نترك دين المسيح ابن مريم وندخل في دين لا نعرفه‏.‏
وأما ما أرادوا من أن يسبونا ويجعلونا عبيدًا فالموت أيسر من ذلك لو قال المقوقس لعبادة‏:‏ قد أبى القوم فما ترى فراجع صاحبك على أن نعطيكم في مرتكم هذه‏!‏ ما تمنيتم وتنصرفون‏.‏
فقام عبادة وأصحابه‏.‏
فقال المقوقس لأصحابه‏:‏ أطيعوني وأجيبوا القوم إلى خصلة واحدة من هذه الثلاث فوا لله مالكم بهم طاقة ا ولئن لم تجيبوا إليها طائعين لتجيبنهم إلى ما هو أعظم كارهين‏.‏
فقالوا‏:‏ وأي خصلة نجيبهم إليها قال‏:‏ إذا أخبركم‏.‏
أما دخولكم في غير دينكم فلا آمركم به وأما قتالهم فأنا أعلم أنكم لن تقووا عليهم ولن تصبروا صبرهم ولا بد من الثالثة قالوا‏:‏ فنكون لهم عبيدًا أبدًا قال‏:‏ نعم تكونون عبيدًا مسلطين في بلادكم آمنين على أنفسكم وأموالكم وذراريكم خير لكم من أن تموتوا من آخركم وتكونوا عبيدًا تباعوا وتمزقوا في البلاد مستعبدين أبدًا أنتم وأهلكم وذراريكم‏.‏
قالوا‏:‏ فالموت أهون علينا‏.‏
وأمروا بقطع الجسر من الفسطاط وبالجزيرة وبالقصر من جمع القبط والروم جمع كثير‏.‏
فألح المسلمون عند ذلك بالقتال على من بالقصر حتى ظفروا بهم وأمكن‏.‏
الله منهم فقتل منهم خلق كثير وأسر من أسر منهم وانحازت السفن كلها إلى الجزيرة وصار المسلمون يراقبونهم و قد أحدق بهم الماء من كل وجه لا يقدرون على أن يتقدموا نحو الصعيد ولا إلى غير ذلك من المدائن والقرى والمقوقس يقول لأصحابه‏:‏ ألم أعلمكم هذا وأخافه عليكم‏!‏ ما تنتظرون‏!‏ فو الله لتجيبنهم إلى ما أرادوا طوعًا أو لتجيبنهم إلى ما هو أعظم من ذلك كرهًا فأطيعوني من قبل أن تندموا‏.‏
فلما رأوا منهم ما رأوا وقال لهم المقوقس ما قال أذعنوا بالجزية ورضوا بذلك على صلح يكون بينهم يعرفونه‏.‏
وأرسل المقوقس إلى عمرو بن العاصي رضي الله عنه‏:‏ إني لم أزل حريصًا على إجابتك إلى خصلة من تلك الخصال التي أرسلت إلي بها فأبى علي من حضرني من الروم والقبط فلم يكن لي أن أفتات عليهم في أموالهم‏.‏
وقد عرفوا نصحي لهم وحبي صلاحهم ورجعوا إلى قولي فأعطني أمانا أجتمع أنا وأنت أ أنا في نفر من أصحابي وأنت في نفر من أصحابك فإن استقام الأمر بيننا تم لنا ذلك جميعا وإن لم يتم رجعنا إلى ما كنا عليه‏.‏
فاستشار عمرو أصحابه في ذلك فقالوا‏:‏ لا نجيبهم إلى شيء من الصلح ولا الجزية حتى يفتح الله علينا وتصير الأرض كلها لنا فيئا وغنيمة كما صار لنا القصر وما فيه فقال‏:‏ قد علمتم ما عهد إلي أمير المؤمنين في عهده فإن أجابوا إلى خصلة من الخصال الثلاث التي عهد إلي فيها أجبتهم إليها وقبلت منهم مع ما قد حال هذا الماء بيننا وبين ما نريد من قتالهم‏.‏
فاجتمعوا على عهد بينهم واصطلحوا على أن يفرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط ديناران ديناران على كل نفس شريفهم ووضيعهم ممن بلغ منهم الحلم ليس على الشيخ الفاني ولا على الصغير الذي لم يبلغ الحلم ولا على النساء شيء وعلى أن للمسلمين عليهم النزل بجماعتهم حيث نزلوا ومن نزل عليه ضيف واحد من المسلمين أو أكثر من ذلك كانت لهم ضيافة ثلاثة أيام مفترضة عليهم وأن لهم أرضهم وأموالهم لا يتعرض لهم في شيء منها‏.‏
فشرط ذلك كله على القبط خاصة‏.‏
وأحصوا عدد القبط يومئذ خاصة من بلغ منهم الجزية وفرض عليهم الديناران رفع ذلك عرفاؤهم بالأيمان المؤكدة فكان جميع من أحصي يومئذ بمصر أعلاها وأسفلها من جميع القبط فيما أحصوا وكتبوا أكثر من ستة آلاف نفس فكانت فريضتهم يومئذ اثني عشر ألف دينار في كل سنة وقيل غير ذلك‏.‏
وقال عبد الله بن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمي‏:‏ لما فتح عمرو مصر صالح أهلها عن جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم امرأة ولا شيخ ولا صبي فأحصوا بذلك على دينارين دينارين فبلغت عدتهم ثمانية آلاف ألف‏.‏
قال‏:‏ وشرط المقوقس للروم أن يخيروا‏:‏ فمن أحب منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك لازما له مفترضا عليه ممن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلها ومن أراد الخروج منها إلى أرض الروم خرج وعلى أن المقوقس له الخيار في الروم خاصة حتى يكتب إلى ملك الروم يعلمه بما فعل فإن قبل ذلك ورضيه جاز عليهم وإلا كانوا جميعا على ما كانوا عليه‏.‏
قلت‏:‏ وقد اختلف بعد ذلك في فتح مصر‏:‏ هل فتحت صلحًا أم عنوة فمن قال‏:‏ إن مصر فتحت بصلح احتج بما ذكرناه ونحوه بمثل ما ذكره القضاعي وغيره وقالوا‏:‏ إن الأمر لم يتم إلا بما جرى بين عبادة بن الصامت وبين المقوقس وعلى ذلك أكثر علماء أهل مصر منهم عقبة بن عامر ويزيد بن أبي حبيب والليث بن سعد وغيرهم‏.‏
وذهب الذي قال إنها فتحت عنوة إلى أن الحصن فتح عنوة وكان حكم جميع الأرض كذلك وهم عبيد الله بن المغيرة الشيباني ومالك بن أنس وعبد الله بن وهب وغيرهم‏.‏
وذهب قوم إلى أن بعضها فتح عنوة وبعضها فتح صلحًا منهم عبد الله بن لهيعة وابن شهاب الزهري وغيرهما‏.‏
قال عبيد الله بن أبي جعفر‏:‏ حدثني رجل ممن أدرك عمرو بن العاصي قال‏:‏ للقبط عهد عند فلان وعهد عند فلان فسمى ثلاثة نفر‏.‏
وفي رواية‏:‏ إن عهد أهل مصر كان عند كبرائهم‏.‏

العهود الثلاثة بما فيها عهد صاحب اخنا كان صلحا كما قال كتاب النجوم الزاهرة
قال‏:‏ وسألت شيخًا من القدماء عن فتح مصر قلت له‏:‏ فإن ناسًا يذكرون أنه لم يكن لهم عهد فقال‏:‏ ما يبالي ألا يصفي من قال إنه ليس لهم عهد فقلت‏:‏ فهل كان لهم كتاب فقال‏:‏ نعم كتب ثلاثة‏:‏ كتاب عند طلما صاحب إخنا وكتاب عند قزمان صاحب رشيد وكتاب عند يحنس صاحب البرلس قلت‏:‏ كيف كان صلحهم قال‏:‏

دينارين على كل إنسان جزية وأرزاق المسلمين قلت‏:‏ أفتعلم ما كان من الشروط قال‏:‏ نعم ستة شروط‏:

لا يخرجون من ديارهم

ولا تنزع نساؤهم

ولا أولادهم

ولا كنوزهم

ولا أراضيهم

ولا يزاد عليهم‏.‏

تاريخ فتح مصر كما جاء فى كتاب النجوم الزاهرة
وكان فتح مصر يوم الجمعة مستهل المحرم سنة عشرين من الهجرة‏.‏
وقال ابن كثير في تاريخه‏:‏ قال محمد بن إسحاق‏:‏ فيها يعني سنة عشرين من الهجرة كان فتح مصر‏.‏
وكذا قال الواقدي‏:‏ إنها فتحت هي والإسكندرية في هده السنة‏.‏
وقال أبو معشر‏:‏ فتحت مصر سنة عشرين والإسكندرية في سنة خمس وعشرين‏.‏
وقال سيف‏:‏ فتحت مصر والإسكندرية في ربيع الأول سنة ست عشرة‏.‏
ورجح ذلك أبو الحسن بن الأثير في الكامل لقصة بعث عمرو الميرة من مصر عام الرمادة‏.‏
وهو معذور فيما رجحه‏.‏
انتهى كلام ابن كثير‏.‏
وقال أيضًا في قول آخر‏:‏ فتحت الإسكندرية في سنة خمس وعشرين بعد محاصرة ثلاثة أشهر عنوة

وقيل‏:‏ صلحًا على اثني عشر ألف دينار وشهد فتحها جماعة كثيرة من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين ‏.
*******************************************************************************

قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثاني ( 59 من 167 )  وقال ابن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمي‏:‏ لما
فتح عمرو مصر
صالح عن جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم امرأة ولا شيخ ولا صبي فأحصوا بذلك على دينارين دينارين فبلغت عدتهم ثمانية آلاف ألف قال‏:‏ وشرط المقوقس للروم أن يخيروا فمن أحب منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك لازمًا له مقترضًا عليه ممن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلها ومن أراد الخروج منها إلى أرض الروم خرج وعلى أن للمقوقس الخيار في الروم خاصة حتى يكتب إلى ملك الروم ويعلمه ما فعل فإن قبل ذلك ورضيه جاز عليهم وإلا كانوا جميعًا على ما كانوا عليه وكتبوا به كتابًا وكتب المقوقس إلى ملك الروم كتابًا يعلمه بالأمر كله‏.‏
فكتب إليه ملك الروم‏:‏ يقبح رأيه ويعجزه ويرد عليه ما فعل ويقول في كتابه‏:‏ إنما أتاك من العرب اثنا عشر ألفًا وبمصر من بها من كثرة عدد القبط ما لا يحصى فإن كان القبط كرهوا القتال وأحبوا الجزية إلى العرب واختاروهم علينا فإن عندك بمصر من الروم وبالإسكندرية ومن معك أكثر من مائة ألف معهم العدة والقوة والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت فعجزت عن قتالهم ورضيت أن تكون أنت ومن معك من الروم في حال القبط أذلاء فقاتلهم أنت ومن معك من الروم حتى تموت أو تظهر عليهم فإنهم فيكم على قدر كثرتكم وقوتكم وعلى قدر قلتهم وضعفهم كاكلة ناهضهم القتال ولا يكن لك رأي غير ذلك وكتب ملك الروم بمثل ذلك كتابًا إلى جماعة الروم فقال المقوقس لما أتاه كتاب ملك الروم‏:‏ والله أعلم إنهم على قلتهم وضعفهم أقوى وأشد منا على قوتنا وكثرتنا إن الرجل الواحد منهم ليعدل مائة رجل منا وذلك أنهم قوم الموت أحب إلى أحدهم من الحياة يقاتل الرجل منهم وهو مستقبل يتمنى أن لا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده ويرون أن لهم أجرًا عظيمًا فيمن قتلوه منا ويقولون أنهم إن قتلوا دخلوا الجنة وليس لهم رغبة في الدنيا ولا لذة إلا قدر بلغة العيش من الطعام واللباس ونحن قوم نكره الموت ونحب الحياة ولذتها فكيف نستقيم نحن وهؤلاء وكيف صبرنا معهم واعلموا معشر الروم والله إني لا أخرج مما دخلت فيه ولا صالحت العرب عليه وإني لأعلم أنك سترجعون غدًا إلى قولي ورأيي وتتمنون أن لو كنتم أطعتموني وذلك أني قد عاينت ورأيت وعرفت ما لم يعاين الملك ولم يره ولم يعرفه أما يرضى أحدكم أن يكون آمنًا في دهره على نفسه وماله وولده بدينارين في السنة‏.‏
ثم أقبل المقوقس إلى عمرو فقال له‏:‏ إن الملك قد كره ما فعلت وعجزني وكتب إلي وإلى جماعة الروم‏:‏ أن لا نرضى بمصالحتك وأمرهم بقتالك حتى يظفروا بك أو تظفر بهم ولم أكن لأخرج عما دخلت فيه وعاقدتك عليه وإنما سلطاني على نفسي ومن أطاعني وقد تم صلح القبط فيما بينك وبينهم ولم يأت من قبلهم نقض وأنا متم لك على نفسي والقبط متمون لك على الصلح الذي صالحتهم عليه وعاقدتهم وأما الروم فأنا منهم بريء وأنا أطلب إليك أن تعطيني ثلاث خصال لا تنقض بالقبط وأدخلني معهم وألزمني ما لزمهم وقد اجتمعت كلمتي وكلمتهم على ما عاقدتك عليه فهم متمون لك على ما تحب وأما الثانية إن سألك الروم بعد اليوم أن تصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئًا وعبيدًا فإنهم أهل ذلك لأني نصحتهم فاستغشوني ونظرت لهم فاتهموني وأما الثالثة‏:‏ أطلب إليك إن أنا مت أن تأمرهم أن يدفنوني بجسر الإسكندرية فأنعم له عمرو بذلك وأجابه إلى ما طلب على أن يضمنوا له الجسرين جميعًا ويقيموا لهم الأنزال والضيافة والأسواق والجسور ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية ففعلوا‏.‏
وصارت لهم القبط أعوانًا كما جاء في الحديث وقال ابن وهب في حديثه عن عبد الرحمن بن شريح‏:‏ فسار عمرو بمن معه حتى نزل على الحصن فحاصرهم حتى سألوه أن يسير منهم بضعة عشر أهل بيت ويفتحوا له الحصن ففعل ذلك ففرض عليهم عمرو لكل رجل من أصحابه دينارًا وجبة وبرنسًا وعمامة وخفين وسألوه‏:‏ أن يأذن لهم أن يهيئوا له ولأصحابه صنيعًا ففعل وأمر عمرو أصحابه فتهيئوا ولبسوا البرود ثم أقبلوا فلما فرغوا من طعامهم سألهم عمرو‏:‏ كم أنفقتم قالوا‏:‏ عشرين ألف دينار قال عمرو‏:‏ لا حاجة لنا بصنيعكم بعد اليوم أدوا إلينا عشرين ألف دينار فجاءه النفر من القبط فاستأذنوه إلى قراهم وأهليهم فقال لهم عمرو‏:‏ كيف رأيتم أمرنا قالوا‏:‏ لم نر إلا حسنًا فقال الرجل الذي قال في المرة الأولى‏:‏ إنكم لن تزالوا تظهرون على كل من لقيتم حتى تقتلوا خيركم رجلًا فغضب عمرو وأمر به فطلب إليه أصحابه وأخبروه أنه لا يدري ما يقول حتى خلصوه‏.‏
فلما بلغ عمرًا قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل في طلب ذلك القبطي فوجدوه قد هلك فعجب عمرو من قوله ويقال‏:‏ إن عمرو بن العاص قال‏:‏ فلما طعن عمر بن الخطاب قلت هو ما قال القبطي فلما حدثت أنه إنما قتله أبو لؤلؤة رجل نصراني قلت‏:‏ لم يعن هذا إنما عنى من قتله المسلمون فلما قتل عثمان عرفت أن ما قال الرجل حق فلما فرغ القبط من صنيعهم أمر عمرو بن العاص بطعام فصنع لهم وأمرهم أن يحضروا لذلك فصنع لهم الثريد والعراق وأمر أصحابه بلباس الأكسية واشتمال الصماء والقعود على الركب فلما حضرت الروم وضعوا كراسي الديباج فجلسوا عليها وجلست العرب إلى جوانبهم فجعل الرجل من العرب يلتقم القمة العظيمة من الثريد وينهش من ذلك اللحم فيتطاير على من إلى جنبه من الروم فبشعت الروم ذلك وقالت‏:‏ أين أولئك الذين كانوا أتونا قبل فقيل لهم‏:‏ أولئك أصحاب المشورة وهؤلاء أصحاب الحرب‏.‏
وقال الكندي‏:‏ وذكر يزيد بن أبي حبيب‏:‏ أن عدد الجيش الذين كانوا مع عمرو بن العاص خمسة عشر ألفًا وخمسمائة وذكر عبد الرحمن بن سعيد بن مقلاص‏:‏ أن الذي جرت سهمانهم في الحصن من المسلمين اثنا عشر ألفًا وثلثمائة بعد من أصيب منهم في الحصار بالقتل والموت ويقال‏:‏ إن الذين قتلوا في هذا الحصار من المسلمين دفنوا في أصل الحصن‏.‏
وذكر القضاعي‏:‏ أ مصر فتحت يوم الجمعة مستهل المحرم سنة عشرين وقيل‏:‏ فتحت سنة ست عشرة وهو قول الواقدي وقيل‏:‏ فتحت والإسكندرية سنة خمس وعشرين والأكثر على أنها فتحت قبل عام الرمادة وكانت الرمادة في آخر سنة سبع عشرة وأول ثمان عشرة‏.‏
مصر هل فتحت بصلح أو عنوة ما قيل في مصر هل فتحت بصلح أو عنوة وقد اختلف في فتح مصر فقال قوم‏:‏ فتحت صلحًا وقال آخرون‏:‏ إنما فتحت عنوة فأما الذين قالوا كان فتح مصر بصلح فإن حسين بن شفي قال‏:‏ لما فتح عمرو بن العاص الإسكندرية بقي من الأسارى بها ممن بلغ الخراج وأحصي يومئذ ستمائة ألف سوى النساء والصبيان فاختلف الناس على عمرو في قسمهم فكان أكثر المسلمين يريد قسمها فقال عمرو‏:‏ لا أقدر على قسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها وأن المسلمين طلبوا قسمها فكتب إليه عمر رضي الله عنه‏:‏ لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئًا للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج فكانت مصر كلها صلحًا بفرضية‏:‏ دينارين دينارين إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلا الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليهم لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد ولم يكن لهم صلح ولا ذمة‏.‏
وقال الليث عن يزيد بن أبي حبيب‏:‏ مصر كلها صلح إلا الإسكندرية فإنها فتحت عنوة‏.‏
وقال عبد الله بن أبي جعفر‏:‏ حدثني رجل ممن أدرك عمرو بن العاص قال‏:‏ للقبط عهد عند فلان وعهد عن فلان فسمي ثلاثة نفر وفي رواية‏:‏ إن عهد أهل مثر كان عند كبرائهم وفي رواية‏:‏ سألت شيخًا من القدماء عن فتح مصر قلت له‏:‏ فإن ناسًا يذكرون أنه لم يكن لهم عهد فقال‏:‏ ما يبالي أن لا يصلي من قال‏:‏ إنه ليس لهم عهد فقلت‏:‏ فهل كان لهم كتاب فقال‏:‏ نعم كتب ثلاثة‏:‏ كتاب عند ظلما صاحب إخنا وكتاب عند قرمان صاحب رشيد وكتاب عند بحنس صاحب البرلس قلت‏:‏ كيف كان صلحهم قال‏:‏ دينارين على كل إنسان جزية وأرزاق المسلمين قلت‏:‏ فتعلم ما كان من الشروط قال‏:‏ نعم ستة شروط‏:‏ لا يخرجون من ديارهم ولا تنزع نساؤهم ولا كفورهم ولا أراضيهم ولا يزاد عليهم‏.‏
وقال يزيد بن أبي حبيب عن أبي جمعة مولى عقبة قال‏:‏ كتب عقبة بن عامر إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه‏:‏ يسأله أرضًا يسترفق بها عند قرية عقبة فكتب له معاوية‏:‏ بألف ذراع في ألف ذراع فقال له مولى له كان عنده‏:‏ انظر أصلحك الله أرضًا صالحة فقال له عقبة‏:‏ ليس لنا ذلك إن في عهدهم شروطًا ستة لا يؤخذ من أنفسهم شيء ولا من نسائهم ولا من أولادهم ولا يزاد عليهم ويدفع عنهم موضع الخوف من عدوهم وأنا شاهد لهم بذلك‏.‏
وعن يزيد بن أبي حبيب عن عوف بن حطان‏:‏ أنه كان لقريات من مصر منهن‏:‏ أم دنين وبلهيت عهد وإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع بذلك كتب إلى عمرو يأمره أن يخبرهم فإن دخلوا في الإسلام فذاك وإن كرهوا فارددهم إلى قراهم وقال يحيى بن أيوب وخالد بن حميد‏:‏ ففتح الله أرض مصر كلها بصلح غير الإسكندرية وثلاث قريات ظاهرت الروم على المسلمين سلطيس ومصيل وبلهيت فإنه كان للروم جمع فظاهروا الروم على المسلمين فلما ظهر عليها المسلمون استحلوها وقالوا‏:‏ هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية فكتب عمرو بن العاص بذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب إليه عمر‏:‏ أن يجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات ذمة للمسلمين ويضربون عليهم الخراج ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط كله قوة للمسلمين لا يجعلون فيئًا ولا عبيدًا ففعلوا ذلك إلى اليوم‏.‏
وقال آخرون‏:‏ بل فتحت مصر عنوة بلا عهد ولا عقد‏.‏
قال سفيان بن وهب الخولاني‏:‏ لما افتتحنا مصر بغير عهد ولا عقد قام الزبير بن العوام فقال‏:‏ اقسمها يا عمرو بن العاص فقال عمرو‏:‏ والله لا أقسمها فقال الزبير‏:‏ والله لنقسمنها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فقال عمرو‏:‏ والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إلى عمر فكتب إليه عمر‏:‏ أقرها حتى يغزو منها حبل الحبلة وصولح الزبير على شيء أرضي به وقال ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة‏:‏ إن مصر فتحت عنوة وعن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال‏:‏ سمعت أشياخنا يقولون‏:‏ إن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد منهم أبي يحدثنا عن أبيه وكان فيمن شهد فتح مصر وعن أبي الأسود عن عروة‏:‏ إن مصر فتحت عنوة وعن عمرو بن العاص أنه قال‏:‏ لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر علي عهد ولا عقد إلا أهل أنطابلس كان لهم عهد يوفي به إن شئت قبلت وإن شئت خمست وإن شئت بعت‏.‏
وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن‏:‏ أن عمرو بن العاص فتح مصر بغير عهد ولا عقد وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حبس درها وضرعها أن يخرج منه شيء نظرًا للإسلام وأهله‏.‏
وعن يزيد بن أسلم قال‏:‏ كان تابوت لعمر بن الخطاب فيه كل عهد كان بينه وبين أحد ممن عاهده فلم يوجد فيه لأهل مصر عهد فمن أسلم منهم أقامه ومن أقام منهم قومه وكتب حيان بن شريح إلى عمر بن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتي القبط على أحيائهم فسأل عمر عراك بن مالك فقال عراك‏:‏ ما سمعت لهم بعهد ولا عقد وإنما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد فكتب عمر إلى حيان‏:‏ أن يجعل جزية موتي القبط على أحيائهم وقال يحيى بن عبد الله بن بكير‏:‏ خرج أبو سلمة بن عبد الرحمن يريد الإسكندرية في سفينة فاحتاج إلى رجل يجذف فسخر رجلًا من القبط فكلم في ذلك فقال‏:‏ إنما هم بمنزلة العبيد إن احتجنا إليهم‏.‏
وقال ابن لهيعة عن الصلت بن أبي عاصم‏:‏ إنه قرأ كتاب عمر بن عبد العزيز إلى حيان بن وعن عبيد الله بن أبي جعفر‏:‏ أن كاتب حيان حدثه‏:‏ أنه احتيج إلى خشب لصناعة الجزيرة فكتب حيان إلى عمر بن عبد العزيز يذكر ذلك له وأنه وجد خشبًا عند بعض أهل الذمة وأنه كره أن يأخذها منهم حتى يعلمه فكتب إليه عمر‏:‏ خذها منهم بقيمة عدل فإني لم أجد لأهل مصر عهدًا أفي لهم به وقال عمر بن عبد العزيز لسالم‏:‏ أنت تقول ليس لأهل مصر عهد قال‏:‏ نعم‏.‏
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‏:‏ أ عمرو بن العاص كتب إلى عمر بن الخطاب في رهبان يترهبون بمصر فيموت أحدهم وليس له واره فكتب إليه عمر‏:‏ أن من كان منهم له عقب فادفع ميراثه إلى عقبه فإن لم يكن له عقب فاجعل ماله في بيت مال المسلمين فإن ولاءه للمسلمين‏.‏
وقال ابن شهاب‏:‏ كان فتح مصر بعضها بعهد وذمة وبعضها عنوة فجعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه جميعها ذمة وحملهم على ذلك فمضى ذلك فيهم إلى اليوم واشترى الليث بن سعد شيئًا من أرض مصر لأنه كان يحدث عن يزيد بن أبي حبيب‏:‏ أ مصر صلح وكان مالك بن أنس ينكر على الليث ذلك وأنكر عليه أيضًا عبد الله بن لهيعة ونافع ين يزيد لأن مصر عندهم كانت عنوة‏.‏

*****************************************

 http://al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=181&CID=2#s1

This site was last updated 05/15/08