Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

مقابلتنا مع السيد نائب رئيس الجمهورية/ حسني مبارك ظهر سبت النور لسنة 1980

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
خطاب السادات وتحديد إقامة البابا
خطاب الهجوم على المعارضة
الخطاب الأخير للسادات
الأقباط والشريعة بالدستور
قتل الأنبا صمؤيل للخدمة المسكونية
د. يحيي الجمل
مقابلة نائب رئيس الجمهورية
لقاء سبتمبر بالقناطر الخيرية
السادات والبابا.
محكمة وقرار التعيين
بيان المجمع واللجنة الخماسية والكهنة
تفاصيل الإقامة الجبريه للباباi
أحداث ما بعد سبتمبر
الوساطة بين الدولة والكنيسة

Hit Counter

 

بقلم: القس أغسطينوس حنا

نقلا عن مجلة مار يوحنا (كاليفورنيا) عدد ديسمبر 2006

24 طوبة 1723 للشهداء - 1 فبراير 2007 ميلادية


ذكرت بالعدد السابق أن مقابلتنا للسيد/ حسني مبارك ظهر سبت النور لسنة 1980 جاء فيما يبدو مصادفة ولم يكن وليد أي ترتيب سابق. ولقد ترددت كثيرا على مدى أكثر من ربع قرن حتى الآن في الكتابة عن هذه المقابلة وما دار فيها من حديث وذلك لأسباب لا تخفى عن القراء الأعزاء. أما الآن بعد ستة وعشرين سنة وتغير الظروف وبناء على طلب بعض الأحباء وفي سياق الذكريات مع قداسة البابا وقبل أن تضيع الذاكرة وكاتبها فسوف أسجل هذه الحلقة بنعمة الله باعتبارها تمثل حقبة أو حقيقة تاريخية وتكشف عن وقائع كثيرة غالبا لا يعرفها اخوتنا وأولادنا المهاجرين بالخارج وسوف أرويها كما حدثت بالضبط...


أستقبلنا السيد/ حسني مبارك نائب رئيس الجمهورية وقتئذ بوجه جاد ولكن لا يخلو من ابتاسمة ترحيب خفيفة وأشار لنا بالجلوس، وبدأ المرحوم الأستاذ عدلي عبد الشهيد المحامي وعضو مجلس الشعب بالحديث وقال: سيادة النائب معذرة للحضور بدون ميعاد سابق ولكن مجيئنا في الحقيقة هو لتفادي كارثة كبيرة وهو بخصوص الأزمة الطارئة بين الرئيس أنور السادات وقداسة البابا شنودة... فالرئيس السادات غاضب جدا لأنه اعتقد بأن قرار البابا والمجمع المقدس بالغاء الاحتفال الرسمي بعيد القيامة مقصود به اثارة العالم الخارجي ضده وضد مصر، وقداسة البابا شنودة حزين ومعتكف في الدير لزيادة الضغط والاعتداءات على الأقباط وأنه تكررت شكاوى الكنيسة دون حلول. وكما قال الرئيس ان أعداء البلد يتربصون بنا، فنحن نستطيع تفويت الفرصة عليهم والوقت لم يفت بعد فالساعة الآن الواحدة بعد الظهر والدير على بعد ساعة ونصف منا، فاذا وافقتم على ارسال مندوب رسمي عن الرئيس معنا الى البابا وحددتم موعدا لمقابلة مباشرة بين سيادة الرئيس وقداسة البابا الساعة الخامسة أو السادسة مساء اليوم وهما كانا دائما على علاقة طيبة فاذا تقابلا لمدة ساعة واستمع الرئيس لشكوى البابا فسوف يعذره ويعودان كالسمن على العسل ويصلي البابا قداس العيد في موعده كالمعتاد ويذيع التليفزيون وتنتهي الأزمة على خير ونفوت على أعداء البلد فرصتهم لعمل تصدع داخلي."


ورد السيد/ حسني مبارك الرجل المعروف بهدوئه، بثورة غضب شدية قائلا:
لا لا سيبك من الكلام ده. مش احنا اللي نتحرك تحت لوي دراع فأنتم دايما تصطنعون هذا التوقيت كلما ينوي الرئيس الذهاب الى أمريكا تعملوا أنتم فرقعة لتهييج الأقباط في أمريكا لاحراج الرئيس والاساءة لسمعة مصر في الخارج. روحوا قولوا للبابا أن هذا ليس في مصلحته ولا في مصلحة الأقباط وأن الرئيس أنور السادات غاضب وثائر جدا. البابا مش صغير وكان يجب أن يعرف أن تصرفاته لها ردود فعل وأبعاد كبيرة في الداخل والخارج. لو كان قسيس والا مطران كنا التمسنا له العذر أو تغاضينا عن تصرفه، ولكن البابا يعمل ده كله عشان شوية بنات ماشيين على حل شعرهم أو عشان أولاد أقباط في جامعة اسكندرية معليين الراديو بعد نص الليل في موسم امتحانات وطلب منهم زملاؤهم المسلمين توطية الراديو عشان مش عارفين يذاكروا فرفضوا واتخانقوا واتعور أحد الطلبة الأقباط، فهل دي مسائل خطيرة تستحق مثل هذا القرار؟"

وعاد الأستاذ عدلي عبد الشهيد يجيب بأسلوب دبلوماسي هادئ ولطيف: "سيادة النائب أنت قلبك كبير والرئيس السادات قلبه كبير ونحن نوسطك في قبول هذا العرض البسيط لحل هذه المشكلة والوقت لايزال في أيدينا وممكن ازالة سوء التفاهم ده في ساعة زمن واحدة، خصوصا وأن قداسة البابا كان طلب مقابلة الرئيس السادات عدة مرات ولم يحدد له موعد مما أدى الى تفاقم الموقف، فلو أرسلتم معنا أحد الوزراء أو مندوب عن الحكومة الى البابا في الدير فأنا واثق أن كل شئ سيكون على مايرام والكل هيكون مبسوط والأقباط يعيدوا فرحانين كالمعتاد ويا دار ما دخلك شر".

وعاد السيد/ حسني مبارك يكرر كلامه السابق بالرفض وبثورة غضب أكبر لدرجة أن زرار قميصه الذهب طار في آخر الغرفة وأسرع الدكتور أديب جبرة يحضره اليه! فقال ثانية:
- "مستحيل. مش احنا اللي نتحرك تحت لوي ذراع، واذا كان البابا عاوز يصلح موقفه فليتفضل ومش احنا اللي هانقولله يعمل ايه! وعلى فكرة أنا معنديش تعصب ومعظم زملائي وأصدقائي ومساعديني في الطيران أقباط.

ومرة أخرى عاد صديقنا الراحل عدلي عبد الشهيد المحامي يرجو ويلح، ونظر السيد حسني مبارك في ساعته.. وخشيت أن تنتهي المقابلة هكذا عند هذا الحد والموقف غير مفهوم عند سيادته وكأن قداسة البابا في موقف اتهام! وهنا لم أطق السكوت فقلت:
"سيادة النائب ان سمحت لي بكلمة فأنا أحب أن أوضح بعض الحقائق لأنه تبين لي من حديثكم أنه ليس لديكم فكرة عنها وأن الصورة معكوسة ومشوهة، وهذا ذكرني بقول الرئيس الراحل جمال عبد الناصر "أنا عاوز أرفع مستوى المخابرات المصرية من مستوى البوابين الى مستوى علمي أفضل يفيد البلد ولا يضرها. أنهم يقولون لكم: تمام يافندم كل شئ عظيم وهادئ ودي أحداث فردية بسيطة! بينما الدنيا خربانة. ولذلك عقد قداسة البابا شنودة اجتماعا موسعا لأعضاء المجلس الملي العام والوزراء الأقباط الحاليين والسابقين وأعضاء مجلس الشعب الأقباط وظل يشرح لنا على مدى أربعة ساعات متواصلة أسباب اتخاذ هذا القرار وكان أول شئ قاله البابا "اننا عندما وجدنا أن أصواتنا لا تصل الى المسئولين، كان لابد لنا أن نلفت نظرهم بطريقة أخرى".

- فقال السيد/ حسني مبارك: "وماذا يقصد بالمسئولين؟"
- قلت: "المسئولين هم السيد الرئيس أنور السادات وسيادتك والدكتور مصطفى خليل رئيس الوزراء والسيد وزير الداخلية"
- ويقصد ايه بأن أصواتنا لا تصل للمسئولين؟
- يقصد أنه طلب مقابلة الرئيس عدة مرات فلم يحدد له موعدا للمقابلة وسبق أن سمعنا وعودا كثيرة جميلة من سيادته ومن وزير الداخلية ولم ينفذ شئ منها، بل بالعكس الموقف يتدهور والأحوال تزداد سوءا.
- لا . دي مبالغة.
- لا يا سيادة النائب مش مبالغة، فسيادتك ذكرت أنه علشان "بنت ماشية على حل شعرها" أو أولاد اتخانقوا في الجامعة يعمل كده. والحقيقة أن ماعندناش بنات ماشيين على حل شعرهم ولكن
بناتنا كل يوم بيتخطفوا ويعتدى عليهم وتهتك أعراضهم ويزوجونهم بالقوة وهن قصر لشبان من الجماعات الاسلامية وعائلاتهم يشكوا للبوليس فلا يسأل عنهم بل يضربهم ويحجزهم في الحبس!! أنا محامي قديم وعضو باللجنة القانونية للحزب الوطني الديموقراطي وأشهد أنه لما تيجي المسألة عند قبطي ومسلم فلا ينفعنا لا بوليس ولا نيابة ولا قضاء وتلقى الشكاوى في سلة المهملات! قداسة البابا قرأ لنا جواب مؤلم من بنت مخطوفة لأهلها وبكى وهو يقرأه. سيادتك أب فهل ترضى أن تخطف لك بنت ويرتكب في حقها ثلاث جنايات. جناية خطف وجناية هتك عرض وجناية تزوير في أوراق رسمية لعقد زواج باطلا بالاكراه لأن رضاء القاصر لا يعتد به! الى من يشكو الأقباط اذا، مفيش غير البابا لعله يستطيع الاتصال بكبار المسئولين للتصرف السريع وانقاذ الموقف.. كل يوم تخطف بنت واثنين وثلاثة بالقاهرة والاسكندرية والصعيد جهارا نهاراً وتغصب على الزواج وعدم رؤية عائلتها وتجبر على تغيير دينها الى الاسلام، ولا نسمع غير شعارات ظريفة أن "الشرطة في خدمة الشعب" و "دولة العلم والايمان" و "جزيرة الأمن والأمان" ونحن نعيش في غابة!

لسنا نحن الذين نلوي ذراعكم يا سيادة نائب الرئيس وانما نحن ملوية رقبتنا! سيادتك بتقول "تلاميذ في الجامعة اتخانقوا بسبب الراديو" للأسف هذه المعلومات رددها السيد/ النبوي اسماعيل وزير الداخلية في مجلس الشعب وهي مخالفة للحقيقة ولا أساس لها من الصحة لأسباب بديهية وهي أن الواقعة حصلت الساعة الثانية صباحا بعد منتصف الليل ولا توجد اذاعة في هذا الوقت (وقتئذ 1980). واذا فرض أن طالب رفع صوت الراديو في هذه الساعة في المدينة الجامعية القديمة فلا يعقل أن يحدث ذلك أيضا في نفس الوقت في المدينة الجامعية الجديدة أيضا. ولكن الذي حدث أنه بينما كان أولادنا سهرانين في المذاكرة في غرفهم فتحت عليهم غرفهم بمفاتيح مصطنعة في المدينتين الجامعيتين معا في نفس الوقت وهجم عليهم شبان الجماعات الاسلامية المتطرفة وضربوهم ب المطاوي والعصي وألقوا أحدهم من الشباك بالدور الثاني ولما استنجد البعض بالأسعاف رفض المسلمون تمكين عربية الاسعاف من أخذه للمستشفى لأنه نصراني كافر واصطنعوا كذبا قصة الراديو الملفقة لتبرير اعتداءاتهم الهمجية. وتمر كل هذا الجرائم كل يوم بدون مساءلة مما يشجع على تكرارها".

- قال السيد/حسني مبارك: "دي مبالغة"!
- لا. سيادة النائب بل هذه هي الحقيقة التي لا تصلكم. فهل حرق الكنائس أيضا مبالغة؟ هل سمعت سيادتك اذاعة لندن وصوت أمريكا ومونت كارلو الأمس.. قالوا أنه
خلال الثلاث سنوات الأخيرة من حكم الرئيس السادات حرقت في مصر 12 كنيسة منها عشرة كنائس في سنة واحدة!
- دي مبالغة.
- لا يا سيادة النائب مش مبالغة، دي الحقيقة التي يتحدث عنها العالم كله الآن وأنا أستطيع أن أذكرها لك واحدة واحدة بالاسم.
- انتم عاوزين أيه أكثر من ان الرئيس وافق لكم على 50 كنيسة جديدة.
-
هذه وعود جميلة شفوية ولم تنفذ مطلقا بل والكنائس الحالية والقديمة تحرق وتهدم! هل سمعت سيادتك الفكاهة التي حكاها قداسة البابا شنودة للرئيس السادات في استراحة القناطر عندما تقابل مع أعضاء المجمع المقدس 1978؟ قال قداسة البابا "عندنا كنيسة نسميها كنيسة الـ 14 جامع! هذه الكنيسة صدر بها قرار جمهوري وقبل أن نشرع في بنائها كانت المحافظة تسرع بارسال كميات الطوب والزلط والأسمنت اللازمة لبناء جامع بجوار الموقع، ثم نمنع نحن من بناء الكنيسة بحجة أنه طبقا للخط الهمايوني (العثماني) وشروط الداخلية العشرة لا يجوز اقامة كنيسة في حدود 500 متر من الجامع. ويقال لنا معلش شوفوا لكم منطقة أخرى! واذا شفنا منطقة ثانية أو ثالثة أو رابعة تتكرر نفس العملية حتى تسبب محاولة بناء كنيسة واحدة مصرح بها في بناء 14 جامع! وهكذا نحن الذين تسببنا في بناء مساجد كثيرة ولم نتمكن من بناء الكنيسة الصادر بها قرار جمهوري!

- ولم يجد السيد/ حسني مبارك ما يرد به سوى كلمة "دي مبالغة!"
- قلت: وهل الاستيلاء على الأوقاف القبطية أيضا مبالغة؟
- ايه حكاية الأوقاف القبطية دي كمان؟
- حكاية الأوقاف القبطية تخلص في أن أباءنا الأقباط كانوا ناس طيبين وغير متعصبين يهبون أراضيهم وعقاراتهم على سبيل الوقف للأديرة والبطريركية والمطرانيات والكنائس للصرف عليها. فمثلا يكتب في حجة الوقف كذا فدان للدير الفلاني للصرف على مرافق الدير والرهبان ومن بعدهم للفقراء. فتأتي وزارة الأوقفا أو هيئة الأوقاف المصرية وتصدر قرارا بالاستيلاء على الوقف بمقولة أنه طالما لم يحدد شرط الوافق نوع الفقراء ويقول "فقراء الأقباط" بالذات، فان كلمة الفقراء تشمل فقراء الأقباط والمسلمين معا، وبما أن الشريعة الاسلامية تقضي بأنه "لا ولاية لغير المسلم على المسلم" وهذا اذا تأدبوا وأحيانا يقولون "لا ولاية لذمي على مسلم" وأحيانا يقولون "لا ولاية لكافر على مسلم"، يقولون مادام استحق فيها فقراء المسلمين فتكون وزارة الأوقاف هي الجهة القانونية المنوطة بتنفيذ شرط الواقف وتفسيرها وهكذا تحت ستار هذا التفسير الملتوي للقانون تستولي وزارة الأوقاف على أوقاف الأقباط، وهذه عملية سرقة تقوم بها الحكومة علنا كل يوم لتصفية الأديرة والكنائس مع أن حجة الواقف تقول للصرف على الرهبان ومن بعدهم الى الفقراء بمعنى أنه اذا حدث وخلا الدير من الرهبان فتؤول الى الفقراء. ولم يحدث أن خلت الأديرة من الرهبان أصلاً!

اذا فلا يكفي وجود هذا الوضع الشاذ الذي لا مثيل له في الدنيا كلها، ان توجد في الدولة وزارة تدعي وزارة الأوقاف، وهذه الوزارة (الحكومية) تنفق على المساجد وأئمة الجوامع ومرافق البر الاسلامية فقط ولا تنفق مليما واحدا على الكنائس والأديرة والكهنة وفقراء الأقباط مع أننا مواطنون مصريون ندفع الضرائب مثل اخوتنا المسلمين وبحسب نص الدستور المصري لا فرق بين المواطنين في الدين.. ولكن يصل الأمر الى درجة أن هذه الوزارة الاسلامية البحتة تسرق وتغتصب أوقاف وأراضي الأديرة والأقباط بطريق الغش والتلاعب. بل بلغ الاستفزاز درجة الاستيلاء على أوقاف تابعة لدير الأنبا بيشوي الذي به مقر قداسة البابا نفسه!

وعبثاً قدمنا مذكرات وشكاوى ورفعنا قضايا وقدمنا طلبات احاطة لوزير الأوقاف بمجلس الشعب، وذكر قداسة البابا شنودة شخصيا هذا الموضوع للرئيس السادات باستراحة القناطر 1978 وقال الرئيس السادات وقتها للسيد/ممدوح سالم وزير الداخلية الذي كان حاضرا الاجتماع وقتئذ: ايه اللي بيحصل ده يا ممدوح.. قد ايه يعني الأوقاف دي؟ ألف أو ألفين أو ثلاثة الاف فدان... يا أخي رجعوا لهم الأوقاف بتاعتهم دي ومش عاوز وجع دماغ! ومر على الكلام ده سنتين أو ثلاثة ومفيش حاجة رجعت ولا كأن شئ حصل وسلب أوقاف الأقباط مستمر! وفي نفس لقاء القناطر الخيرية هذا وقف نيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط وصاح: يا سيادة الرئيس احنا عاوزين نعرف دي بلدنا ولا مش بلدنا. نحن لا نخاف الموت وأجدادنا ماتوا شهداء ونحن مستعدين نستشهد كلنا ونروح عند المسيح الذي نحبه. بس قولوا لنا دي مش بلدكم ولكننا لا نقبل هذا الاذلال!


وقلت: هل تحب سيادتك تسمع شكوى أخرى ليست مبالغة أيضاً؟
- اتفضل.
- هل سمعت سيادتك عما حدث في سمالوط عندما
قتل المسلمون كاهناً هو القس غبريال عبد المتجلي وسيدة تدعى حنونة وطفلا يدعى بداري؟ وقد حدث هذا في وضع النهار ولم يقبض على الجناة ولم يحرر محضر بوليس ولم ترفع بصمات ولم تحقق النيابة ولم يقدم أحد للمحاكمة ولم يصرف تعويض لعائلات الضحايا الشهداء المجني عليهم؟!
-لا. لا. دي مبالغة ومش معقول.
- يا سيادة النائب. ألا يثبت ذلك صحة قول البابا أن أصواتنا لا تصل الى المسئولين؟ عندما ضج أقباط البلد بالشكوى المريرة لقداسة البابا شنودة قام قداسته بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق مكونة من زميلنا الأستاذ حنا ناروز المحامي وعضو مجلس الشعب والصديق الشخصي للرئيس السادات، والأستاذ عبد المسيح يوسف المحامي والأستاذ عبد المسيح برسوم المحامي وذهب الثلاثة الى سمالوط وقابلوا رئيس النيابة وقدموا له شكوى مكتوبة وبدأ التحقيق لأول مرة بعد ثلاثة أسابيع من الجرائم البشعة وسمع شهود الاثبات.
فلما وجد السيد مدير الأمن أن هذه الفضيحة انكشفت، قبض على الشهود الأقباط أقارب القتلى وجيرانهم وضربوهم وحبسوهم وعذبوهم وعروهم وأجلسوهم على خوازيق ووضعوا رؤوسهم في روث البهائم وهددوهم بأنهم اذا لم يتنازلوا عن بلاغاتهم وأقوالهم فسوف يوجهون لهم تهمة اشعال فتنة طائفية وعقوبتها الاعدام!!

وبهذه الصورة المخجلة استكتبوهم تنازلات! وقالوا بكل بساطة أنها كانت مشاجرة مثلما يحصل بين أفراد الأسرة الواحدة واصطلحوا!! هذه كلها جرائم وفضائح رهيبة لأنه لا يجوز التصالح في جنايات القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد، وان تنازل الأفراد المجني عليهم فلا يجوز تنازل النيابة العامة وهذه حقائق قانونية أوليه يعرفها كل تلميذ في سنة ثانية كلية الحقوق! ان أرقام المحاضر موجودة وتستطيع سيادتك الآن لو طلبت الأستاذ حنا ناروز المحامي بالتليفون يخبرك بالتفاصيل..

 

سادت المقابلة لحظة صمت بعد أن تنبهت الى ثورة الغضب وحدة الصوت وحماس المحامي الشاب الذي كنت أترافع به في المحاكم، وأنه لا يليق أن أخاطب نائب رئيس الجمهورية هكذا..
فقلت: يا سيادة النائب أرجو أن أكون قد أوضحت لكم قليل من كثير من المتاعب والمصاعب والمظالم والمآسي والاضطهادات التي نعاني منها كأقباط والتي زادت عن طاقة الاحتمال ومن أجلها قال قداسة الباب: "اننا حزانى وليس لنا نفس للاحتفالات الرسمية بالعيد حتى تنصلح الأمور وسنصلي في الأديرة في حالنا حتى يتدخل الله وينصفنا فقد جربنا الوعود البشرية ولم تأتي بنتيجة فلنجرب وعد الله "الرب يدافع عنكم وأنتم تصمتون"

وأضفت: ان قداسة البابا شنودة جاء الى منصبه مع الرئيس السادات في 1971 وكانت العلاقات دائما طيبة كلها مودة وتقدير متبادل بينهما والبابا مشهود له من الجميع بوطنيته وهو يشرف مصر ويرفع رأسها في كل حين. ولما زار زائير مؤخرا كانت علاقاتها الدبلوماسية مقطوعة مع مصر ومع ذلك عزفوا السلام الجمهوري المصري اكراما له.. ولما عاد الرئيس السادات من أمريكا بعد معاهدة كامب ديفيد للسلام مع اسرائيل وكانت أحداث سماولط حديثة قال البابا نكتم أحزاننا في قلوبنا ونشارك في الأفراح الوطنية وذهب لاستقبال الرئيس في المطار!
- فقال السيد/ حسني مبارك: وهو ده تجمل منه، هذا واجب عليه.
- قلت: لا. أبدا مش واجب فليس عمل البطاركة أن يشتغلوا تشريفاتية فالبطاركة والبابوات في الخارج هم الذين يتوجون الملوك والرؤساء، ولكن البابا شنودة عمل ذلك بدافع المحبة والوطنية والتقدير.

فلما رأى الأستاذ عدلي عبد الشهيد أن الجو تكهرب، قال: "يا سيادة النائب طيب اسمح بأن يذهب معنا الأستاذ فكري مكرم عبيد لمقابلة البابا

- لا طبعا. ففكري بك له صفة رسمية فهو رئيس الحزب الوطني الديموقراطي. والمبادرة يجب أن تأتي من البابا وليس من الحكومة وعلى فكري فكري بك لا يحب أن يقابل البابا شنودة!
وهنا انتفضت وقمت واقفا وأنا أقول: ولا البابا يحب أن يراه!
وبهذه الصورة انتهت المقابلة بعد ثلاثة أرباع الساعة.. وأشهد أن السيد/ حسني مبارك كان لطيفا وصبورا جدا معي واحتمل حديثي الجاف الشديد معه بهدوء.
ويبدو أنه حكى أخبار هذه المقابلة للرئيس السادات فكانت النتيجة أن أضيف اسم ماهر راغب حنا الى كشوف المعتقلين (المتحفظ عليهم) تحت رقم 863 وهكذا زاد عدد المعتقلين من 1535 الى 1536.

 

 

This site was last updated 07/19/09