Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

مسلمين يعتنقوا المسيحية فى العصر الفاطمى

 +هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
البابا مينا الـ 61
مشروع شارع المعز
من هم الفاطميين؟
موكب وإحتفالات المعز
السيوطى وخلفاء الفاطميين
ثروة الفاطميين وعاداتهم
الخليفة المعز لدين الله
جامع راشدة أصلاً كنيسة
الأنبا آبرآم الـ 62
البابا فيلاتاوس ال 63
مسلمين يعتنقوا المسيحية
الجامع الأزهر شيعى
البابا زخارياس الـ 64
الباباشنودة2الـ 65
البابا أخرسطوذولوس الـ 66
إستشهاد صبى
إضطهاد الأقباط
الإحتفالات المسيحية الشعبية
إعترافات الآباء
الشهيد الضاحــك

 

 

إعتناق مسلمين المسيحة فى العصر الفاطمى بسبب إجتذاب المسيح نفسه لهم وليس عن طريق التبشير

 

يقول جاك تاجر (1) المؤرخ أن العزيز بالغ فى إظهار عطفه على النصرانية  فى رفضه معاقبه من يهجر الإسلام ويعتنق الديانة المسيحية ومجمل الرواية أن أحد كبراء المسلمين , وإسمه (2)" وساع " إعتنق المسيحية  فقبضت عليه السلطات بتهمة الردة , ولكن بعض الشخصيات الكبيرة تدخلت لصالحة كما توسطت له زوجة الخليفة الذى أطلق سراح " وساع " دون أن يناله أى سوء أو أذى وإعتكف فى دير بالصعيد حيث قضى فيه بقية حياته . ولا شك أنه كانت هناك حالات كثيرة فى هذا العصر لأعتناق المسلمين الدين المسيحى إلا أن المؤرخون سجلوا الشخصيات الهامه أو الأحداث الهامه منها .

 شهيد المسيح القديس المصرى المنتصر مار جرجس المزاحم

 فى الوقت الذى الذى تراخى البابا القبطى فى إدارة الكنيسة ونشر الإيمان ولم ينتهز فرصة روح الحرية الدينية التى سادت بفضل الخليفة الفاطمى العزيز فكان كثيراً ما يدعوا الأنبا ساويرس إبن المقفع ليتناقش مع القاضى إبن النعمان فكان كل منهما يستعرض عقيدته فى حضرة الخليفة ورجاله فيستمتع الجميع لهذه المناقشات فى هدوء ورضى , ولم يقف الخليفة فى نشر هذه الحرية لهذا الحد بل أنه كان يرفض أن يلحق الأذى بالمسلم الذى يعلن إنضمامه لدين المسيح (3)  ووصل الأمر أن أحد المتنصرين وأسمه الواضح بن الرجا وأتيحت له الفرص لأن يتناقش ويلقى الخطب اللاهوتية علناً أمام المسلمين والقبط على السواء (4)

فى منطقة طلخا كان هناك إمرأة مسيحية تزوجها رجل مسلم بالقوة وكان لهما ولداً إسمه مزاحم  , وبلغ مزاحم من العمر إثنى عشرة سنة وهو فى دين أبية ولاحظ أن أمه تتركه وتذهب إلى الكنيسة كل أحد ,  فتبعها ذات يوم لترى ماذا تفعل داخل الكنيسة وخرجت ومعها قربانة فرجا أن تعطيه جزءاً منها فلما ذاق إستلذ طعمها , فكان يتتبع أمه كل أحد وينتظرها ليأخذ القربانه ثم دخل معها فى الأسابيع التالية , وبدأت علاقته بالمسيح فقد كان يذهب للكنيسة من تلقاء نفسه وفى عيد السيدة العذراء ذهب إلى الأنبا زخارياس أسقف دمياط ونال المعمودية على يد أحد كهنة الإيبروشية وأطلق عليه إسماً مسيحياً هو "جرجس" وبهذا أصبح معروفا بإسمه الجيد والقديم " جرجس المزاحم " لما فى إسمه القديم من معنى ثم تزوج من سيولا إبنة القمص أبانوب راعى كنيسة بساط النصارى0

 وعلم المسلمين بمسيحيته وخاصه أهل ابيه أرادوا أن يقبضوا عليه لأرجاعه إلى دين أبيه , فخافت عليه زوجته وهرًبته , فلما إكتشفوا ذلك ضربوها ضرباً مبرحاً لكى تقر بمكانه , أما جرجس فقد عمل فى معصرة للزيت فترة من الزمن ولكن المسلمين عرفوا مكانه فراحوا يهددونه ويرغبونه ويقلقونه فتارة يلقونه فى السجن ويطلقون سراحه وتارة يضربونه ضرباً مبرحاً ومرة يعذبونه وأخرى يحاولون إغراؤه بالمعيشة الرغدة والمقتنيات العالمية 0

وحاول والى المنطقة إقصاءهم عنه وأخبرهم أنه كتب للسلطان يستفهم منه عما يجب عمله مع مثل هذا الرجل , وتوقف المسلمين عن التعرض له لمدة أسبوع , وفى خلال الأيام الأخيرة كان جرجس فى سجنه يصلى بلا إنقطاع ويستشفع برئيس الملائكة ميخائيل وفى نصف الليل ظهر له رئيس الملائكة داخلاً زنزانته وهو يحمل رداء أبيض كالثلج وقال له : " إفرح  ياجرجس يا عبد يسوع المسيح  إن لى إسبوعا أسأل الرب عنك , فأرسلنى الليله إليك بهذا الرداء لتكون لك به قوه لتحمل الآلام , فتقدم إلى لأغطيك به " وأطاع جرجس الأمر

وحين نشر الملاك الرداء عليه صار واحداً مع جسده , ورسم عليه علامةالصليب , وتوارى عن عينيه 0

وبدأ جرجس جهاده فى اليوم التالى , فكان المسلمون يعذبونه حتى يموت أمامهم فيتركونه ملقى فى السجن ثم يذهبون لحال سبيلهم , وعندما يعودون فى اليوم التالى يجدونه ما زال على قيد الحياة فيعاودون تعذيبه وإستمروا على هذا الحال من الحادى عشر حتى الثامن عشر من بؤونه 695 سنة 979م أى حوالى سبعة أيام وحدث أن جاءهم رسول سلطانى إلى الوالى يحمل خطاباً يأمرهم بترك جرجس وشأنه , وقد قال الرسول السلطانى شفاهياً بأن إثنين من سكان القاهرة قد إعتنقا المسيحية وأن السلطان تركهما وشأنهما ( عدا الشهيد الواضح بن الرجاء ) ولكن حدة غضب المسلمين وثورتهم جعلتهم يتجاهلون الأوامرالسلطانية 0

وفى صباح يوم 19 بؤونة ذهب العامة ورعاع المسلمين إلى السجن وخيروا جرجس بأن عليه أن يختار بين الموت وإنكار المسيح ويبقى على قيد الحياة مسلماً , ولكن تهديدهم ضاع هباءً منثوراً , فأعلن لهما أنه على إستعداد لا لتقبل العذاب بل الموت مسيحيا على أن يصير مسلماً – فأخرجوه خارج البلدة وساروا به إلى شاطئ البحر وهناك ظهرت وحشيتهم فضربه جمهور المسلمين بالعصى والهراوات وسقطت بعض الضربات على رأسه فمات وظلوا يضربونه إلى أن تهشمت جمجمته , ولم يكتفوا بذلك بل أنهم قطعوا جسدة إلى أجزاء ورموا بجميع أجزاء جسدة فى البحر 0

 وبعد أن فعل المسلمين جريمه قتلهم جرجس تركوا المكان وراحوا يتفاخروا بوحشيتهم , وحدث فى ذات اليوم أن شماساً كان ماشياً عند شاطئ البحر فسمع صوتاً لم يعرف مصدرة يقول له : " يا أيها المؤمن المار على هذا الشاطئ – بإسم المسيح إنتظر إلى أن تقذف الأمواج إليك بجزء من جسد الشهيد جرجس المزاحم , فخذه وإعطه لزوجته المباركة سيولا " وإنتظر الشماس ليرى ماذا سيحدث , فرأى جزء من جسد قذفت به الأمواج فأخذه إلى بيت القديس جرجس فأخذت أمه الجسد ولفته بقماش أبيض وذهبت به إلى السيدة البارة سيولا التى وضعته بدورها فى بيت أبيها فترة من الزمن ثم وضعته فى الكنيسة بعد ذلك ولشده الآلام والعذابات التى لاقت القديس المصرى جرجس المزاحم أعطى ربنا للقطعه الباقية من جسده كرامة بعمل آيات ومعجزات وعجائب عديدة وقد أكد أبو المكارم (5) هذه الحادثة فى مخطوطه فقال: " أنه توجد فى طنيوا (6) من الغربية كنيسة للقديس جرجيوس الجديد وهو مزاحم إبن جامع العطوى أستشهد فى خلافة المستنصر وكنيسة أخرى على إسم الشهيد الجليل تادرس "

بركة صلاة القديس جرجس المزاحم تكون معى ومعكم يآبائى وإخوتى وأهلى آمين 0 (7)

 

 -------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 

مسلم آخر يعتنق المسيحية الواضح بولس إبن الرجا الشهيد

 

حدث أن شاباً مسلماً من أهل مصر ( القاهرة) (8)إسمه الواضح ومهنته شاهد المعدلين ( وظيفته حضور مجلس قاضى والشهادة بالحكم تعادل المحلفين الآن) وابوه رجلاً شاهداً يعرف بابو الرجا وكان تعلم فى كتاب ومدارس المسلمين وحفظ القرآن عن ظهر قلب ونشأ وتربى تربية إسلامية منذ حداثته .

وفى يوم من الأيام كان الواضح يتمشى على ساحل البحر عند مكان يباع فيه حطب وبوص وإسم المكان بركة رميس فسمع هرج ومرج وناس يجرون إلى مكان فذهب ليرى فرأى إنساناً وقد أمسك به جند الخليفة وقد أعدوا الحطب والبوص لكى يحرقوه وتزاحم حوله الناس لكى ينظروا مسلماً تحول إلى دين

المسيح فكانها عجيبه من عجائب الزمان أن يحب إنساناً المصلوب .

فتقدم إبن أبى الرجا وإخترق صفوف الجند وقال مستعطفاً ذلك الذى تحول عن دين الإسلام : " يا إنسان ما الذى دفعك لهلاك نفسك بسبب دين تكفر بالله فيه بالله وتشرك به آخر فتستعجل بهذه النار فى الدنيا لتذهب إلى نارجهنم فى الآخرة لأنك تجعل الله ثالث ثلاثة وهو واحد لا يشبهه شئ وتقول أن لله ولداً والآن إسمع منى ودع عنك هذا الكفر وعود إلى دينك وانا أجعلك أخ ويكرمك كل واحد " فأجاب المقبوض عليه من وسط الجند : " لا تنسبنى إلى الكفر والشرك بالله تعالى ونحن لا نجعله ثلاثة إنما نعبد إله واحد هو الآب والأبن والروح القدس وليس الإبن غريب عن الرب الإله لأنه كلمته وكذلك الروح هى روحه فلا يمكن أن تفصل روح الرب وكلمته منه وسر ديننا عجيب مخفى عنكم لأن عقولكم لا تفهمه ولا تعقله ولا تتحمله وأنت الآن يا هذا قلبك مظلم لم تضئ روح الأمانة فيه بعد وأنا أرى أنك بعد مدة قليلة سوف يدنوا منك النور ويضئ قلبك بهجه حب المسيح وتجاهد عن الذى أنا أجاهد عنه وعلى إسمه أبذل نفسى وجسدى للألم والموت وستقبل أنت أيضاً هذه الآلام التى أنا فيها وتقاسى العذاب مثلى " فلما سمع إبن ابى الرجا قوله حنق عليه وإغتاظ منه وقال إسمعوا مايقوله هذا الضال الكافر وقال بصوت عال : " أترى إننى سأكون ضال وكافر مثلك وتتمنى لى أيها الكافر الكفر مثلك " ثم خلع نعله من رجله ولطمه به على فمه ووجهه ورأسه وآلمه باللطم جداً وجرح وجهه وسالت دماءه وظل يردد وهو يلطمه بدون وعى : " إننى لن أكون كافراً مثلك ولن يكون هذا أبداً  أيها المرزول " ولكن رد الرجل المضروب : " سوف تتذكر كلامى هذا ! " ولم يغتاظ منه وقاد القديس إلى السياف وأمره أن يقطع رقبته .

ثم قطع المسلمين عنقه ووضعوا عليه حطب كثير وبوص كثير حتى صار مثل قصر ( بيت ) عالى واشعلوا فيه النار وظن الناس أن جسده إلتهب من عظم النار وعلوها وصار رماداً فلم يقدر أحد أن يقترب منها لشدة حرارتها وبقيت النار مشتعله لمدة ثلاثة ايام حتى خمدت وكان جنود الخليفة يحرسوه ليلاً ونهاراً وبعد ذلك ازاحوا بقايا الحريق والرماد فوجدوا جسده مثل الذهب لم يحترق منه شيئاً فأخبروا المعز لدين الله الفاطمى فأمر بدفنه .

شاهد الشاب حرق المسلم الذى إرتد واصبح مسيحياً ورجع إلى بيته يفكر فيما قاله الرجل قبل أن يحرق ونام تلك الليله وهو حزين لأجل ما قاله لشهيد المسيح فلم تطلب نفسه الأكل أوالشرب بل كان جالساً شارد الذهن ولما رآه أبوه وإخوته حزينا متوجع القلب قالوا له : " ما الذى جعلك ساهم الفكر شارد العقل " فقص عليهم ما رآه وما قاله شهيد المسيح فقالوا له : " لا تفكر عما قاله ذلك الضال الكافر " ومع ذلك لم ينسى الشاب ما فى قلبه وظل الفكر متشيثاً فى عقله ووجدانه .

وذات يوم رأى الشاب جماعة من أهل القاهرة يعدون أمتعتهم ليقصدوا العراق للحج فقال لأبواه : " اريد ان احج مع الناس " ففرح ابوه بذلك ليزيل عنه همة ويسرى عنه بسفره ودفع له مائة دينار وسلمه لصديق له من المسافرين لمكة وقال له : " هذا هو ولدى قد سلمته لك تراعيه مثل ولدك إلى أن تعيده إلىٌ سالماً ولا تتركه يغيب عن عينيك ولو لحظة " وإشترى لأبنه كل ما يحتاج فى سفره.

ولما سارت القافلة ونام أبصر الشاب فى منامه فى بعض الليالى : ان شيخ راهب منير جداً وقف أمامه وقال له : " اتبعنى تربح نفسك " فلما إستيقظ قص حلمه على صديق والده فقال له : " يا ولدى يوفقك الله فإن الراهب هو الشيطان يريد أن يجربك فلا تجعل فكرك فيه  ثم ظهر له الراهب الشيخ فى حلم مرة ثانية فى اليوم التالى وفى اليوم الثالث أى أن ذات الحلم تكرر ثلاث مرات وقال له الشيخ كما قال له أول ليلة بلا زيادة أو نقصان .

 وذهبوا إلى حجهم وعادوا قاصدين مصر ومشت القافله ستة أو سبعة أيام وهم فى طريق العودة نزلوا عن جمالهم ليلاً ليشربوا ماء ويملأوا جرارهم به ثم ركب الرجل صديق والده جمله وتأخر الشاب قليلاً فَتاهْ فى الصحراء وجرى يسعى خلفهم ولم يرى أحد فى الظلام واصبح وحيداً وتعب ولم يجدهم فجلس وهو خائف من ثعابين الصحراء ووحوش البرية .

وإذا شاب راكب فرس بلباس مزين بحلى من ذهب وقف قدامه وقال له : " من أنت ؟ وكيف تهت فى هذه البرية وحدك " .. فقال الشاب : " نزلت عن جملى أشرب الماء فتركتنى القافلة " فقال راكب الفرس المنير : " إركب خلفى الفرس " فلما ركب طار بى الفرس فى الجو فلم أدرى أنه فى سماء أو أرض حتى صار فى لحظه أمام كنيسة القديس أبو مرقورة بمصر القديمة فإنفتح له الباب وحده من غير أن يفتحه أحد ودخل معه وهم راكبين الفرس إلى باب الإراديون ( الهيكل ) فأنزله هناك وإختفى من أمامه فوقف منزهلاً كأنه فى منام عجيب ثم رجع إلى نفسه وقال : " ما هذا الذى حل بى , ما هذا ؟ أهذه كنيسة للنصارى هل أنا يقظ ؟ أم انا فى حلم " ونظرت حولى فرأيت القناديل منيرة ورأيت الصور , فقال أليس فى تلك الساعة كنت فى البرية فوقف داخل الإراديون فنام هناك إلى أن أصبح الصباح .

وفى الصباح دخل أمنوت الكنيسة ( قيم الكنيسة أو خادم الكنيسة ) وظن أنه لص وصاح قائلاً : حرامى .. حرامى فأشار أبو الرجا إليه بيده ليسكت ويتقدم إليه فلما دنا منه قال الشاب : " ما هذا المكان ؟ " قال له : " كنيسة أبو مرقورة بمصر القديمة " فقال له : " أ أنا فى مصر ؟ " قال له : " نعم , وأنا اراك أمامى طايش العقل مجنون الفكر فعرفنى من أنت ؟ وما حدث لك ؟ " فحينئذ هدئ روع الشاب وقال له : " كيف لا يضل عقلى وأنا فى هذه الليلة كنت فى صحراء العربية وأنا لا أعرف كيف وصلت هنا الله هو العالم بذلك " فلما سمع الأمنوت المكان القادم منه الشاب قال : " ألم أقل أنك طايش العقل وأنك تهذى ولا تدرى ماذا تقول ؟ أنه بين هذا المكان وبين الموضع الذى ذكرته مسافة سفر شهر وإثنى عشر يوما وأنا فى ظنى أنك لص وقوة الشهيد أمسكتك بهذا المكان وأنت الآن تتحجج بهذه الحجة الواهية والتى لا يعقلها إنسان حتى تهرب من وجودك هنا ودخولك كنيسته " فقال أبو الرجا : " ومن صاحب هذا المكان " فقال أمنوت الكنيسة : " هو القديس أبو مرقورة الجليل (9) " فرد أبو الرجا : " أبو مرقورة نبى " قال القيم : " لا ولكنه شهيد قوى لأنه ترك مجد هذا العالم الفانى وطلب الآخرة وأستشهد ومات وهو على إسم المسيح لأجل إيمانه   وقد أظهر إسم المسيح أمام ملوك هذا العالم وقاسى من جراء ذلك آلام وعذاب شديد لأجل السيد المسيح وعوقب بأصناف وألوان شتى من عقوبات حتى أخذه الرب إليه وقبله فى ملكوت السماوات الدائمة , وبنيت هذه الكنيسة وكنائس أخرى على إسمه فى مواضع كثيرة لتمجيد الرب لنسبح إسم الرب فى الكنائس التى على إسمه , وله عند الرب شفاعة مقبوله يشفع فى الناس فيشفع فيهم ويظهر الرب عجائب كثيرة على إسمه المبارك " قال ابو الرجا : " صفه لى وما هى صورته ؟ " فقال القيم : " هو يشبهك وكان فى سنك أيضاً " ثم اخذه وذهب به إلى مكان صورة الشهيد بالكنيسة فلما رآه الواضح قال : " حقاً هذه صورة للذى ظهر لى ورأيته فى صحراء العربية وحملنى على ظهر فرسه هذه التى أراها فى هذه الصورة وهذه المنطقه كانت من ذهب التى رأيتها فى وسط كهيتها , والآن أنا أقول لك وأعرفك إننى رجلاً مسلم من أهل مدينة القاهرة وقد إقتنعت بعد هذه الأعجوبة التى جرت لى أن أصير مسيحياً نصرانياً " أخبر الواضح القيم بما حدث له بالتفصيل وقال له : " أنا إبن رجا الشاهد , وأنا لا أقدر أن أظهر لئلا يعرفنى أحد من المسلمين فيحرقوننى بالنار وتحرق الكنيسة بسببى ولكننى أريد أن تصنع معى معروفاً وتأخذ أجره من السيد المسيح وتخفينى فى مكان  بحيث لا يرانى فيه أحد إلى أن أدبر وأفكر فيما أنا سوف أفعله بعد ذلك وإحضر بكاهن فاضل تقى فهيم يعلمنى أصول الديانة المسيحية ومذهبهم وفرائض الشريعة ويثبتنى فى الإيمان فإن قلبى قد مال إلى هذا الدين "  

إقتنع القيم بما قاله وأخذه عنده فى مكان خفى فى الكنيسة وذهب إلى شيخ قس عالم تقى فاضل فأعلمه كل ما فى الديانه المسيحية وكان يتعلم منه وهو فرح واجابه القس عن كل أسئلته وأبان له كل ما أخفاه عنه المسلمون وأوضح له حقائق اللاهوت , وراح الشاب ينهل من ينبوع المعرفه المسيحية وكلما نزل إليها ليرتوى من مياهها الحلوه أراد أن يدخل إلى العمق فطلب الأناجيل المقدسة ليقرأها وأراد أن يتعلم من كتب الكنيسة القديمة والمكتوبة باللغة القبطية وكان الشيخ يفسرها له باللغة العربية وأصر الشاب على قرائتها بنفسه وقال فى إصرار : " اريد ان أقراها وأفهمها وأعرفها ليثبت عندى صحة الأيمان بأساس قوى لأن الآلام التى أنا مقبل عليها لا تحتمل إذا كان إيمانى ليس قوياً " فأحضر له القس الإنجيل وكتب الأنبياء وجميع الكتب القديمة والحديثة التى تشرح الإيمان الأرثوذكسى ووحدانية الرب فى الثلاثة أقانيم  أى الآب والأبن والروح القدس وسبب تجسده وموته المحيى وقيامته من بين الأموات وحلول الروح القدس البارقليط على الرسل فقال الواضح بعد أن قراها : " مبارك هو الذى سلك فى هذا الطريق شاول المسمى بولس الذى سمع صوت الرب يقول له شاول شاول لماذا تناصبنى العداء , ثم أنقذه من ضلالته الناتجه من عدم المعرفة هكذا أنا أسأله أن يهدينى وينعم على بغفران ما فعلت ضده لأظهر إسمه بين الأمم " وظل مده طويله يبحث ويدرس فى الكتب القديمة والمخطوطات التى حفظها المسيحيين بعيداً عن أعين المسلمين .

حتى أنار الرب قلبه وفهم أسرار المذهب المسيحى وبنى إعتقاده على أساس صخرى قوى لا يهتز وأراد قبول الأيمان وقال ابو الرجا : " من الآن يارب لن يفرقنى أحد عن محبة المسيح ضيق أم سبى أم جوع أم نار أم سجن ...ألخ" وكان قلبه قد تقوى وطلب من الشيخ القس أن يعمده فخاف القس لئلا تكون هذه ضربة من الشيطان فاشار عليه أن يذهب إلى وادى هبيب (النطرون) ومن كثرة محبته لقبول الإيمان ألح عليه إلحاحاً شديداً وعمل له مطاونات كثيرة وقال له : " ربما لا أعيش حتى أصل إلى هناك " وظل يبكى ويتوسل إليه حتى عمده وسماه بولس ويقول إبن المقفع عنه عندما تحول إلى المسيحية  (10) فلما لبس نور حله ( ثياب) المعمودية ذهب إلى السوق وإشترى ثياب ذريه ( رثه) ولبسها وطلب أن يصلى القس عليه وخرج ولم يعرفه أحد لتغير زيه وسحنته ( شكله) من كثرة صومه وصلاته وإجتهاده ووقوفه لقراءة الكتب التى كانت قرائتها عنده حلوه كالشهد ومثل العسل فى الطعم "

وكانت العاده الجارية فى ذلك الوقت أن ترسل قافله الحجاج عند إقترابها

من مصر شخصا ينادى بوصولها فى شوارع القاهرة , فخرج أهل الحجاج يركبون خيولهم مسافة يومين لإستقبالهم من بعيد , ولما خرج إخوته مع جميع الناس للقائه ودوروا عليه فى القافلة وفتشوا عنه فلم يجدوه وذهبوا إلى صديق أباهم وسألوه عنه فبكى وعرفهم أن أخاهم تاه فى صحراء العربية ليلاً وقال لهم : " وقفت طويلاً أنتظره فلم يجئ , وخشيت أن أفقد القافلة فلحقت بأعقابها وسرت بغير إختيارى وحال الليل بينى وبينه , وظننت أنه ربما يكون قد سبقنى فى أول القافلة , فلما كان الصباح طفت طول اليوم أسأل عليه فى القافلة كلها فلم أستدل على وجوده فعلمت أنه فقد من القافلة وأكلته وحوش البرية " فلما سمعوا ذلك شقوا ثيابهم حزناً على أخيهم وعادوا إلى أبيهم وأخبروه فأقام مناحة وجنازة عظيمة وظل حزيناً مده طويلة .

وعرف الجميع بموت أبو الرجا وكان شاب من اصدقاؤه ساكن بجوار كنيسة الشهيد مرقورة فرآه فى يوم قد خرج من الكنيسة وعاد إليها وكان يلبس ثياب صوف وعليه زنار (11) فقال : " حقاً إن الناس متشابهين لو لم يكن الواضح قد مات لقلت أنه هذا " وفى نفس اليوم تصادف أن قابل ابوه وأخوته فقال لهم : " أردت اليوم أن أمسك إنسان نصرانى عند كنيسة أبو مرقورة وقلت أنه ولدكم لولا علمى بموته لقلت أنه هو لأنه يشبهه فى الشكل والمظهر والطول حتى مشيته ولكننى شككت فى ما رايت لأنه يلبس الصوف والزنار الذى يلبسه المسيحيين " فلما سمعوا منه هذا تجدد البكاء الحزن فى قلبهم .

وإشتهى إخوته أن يريان هذا الشخص وأن ينظرا من يشبه أخوهما وفى العشاء تنكرا ولبسا زياً رثاً وإختفيا فى ركن عند باب الكنيسة ووجها أنظارهما على من يدخل ومن يخرج من الكنيسة وكان وقت صلاة الغروب فلما فرغ الأقباط من صلاتهم خرج الشاب معهم فعرفوه وتبعوه إلى الساحل فلما أصبح فى مكان بعيداً عن الناس أمسكوه وبكيا وضربا وجوهما ( لطما) وقالوا له : " ما هذا الذى فعلته بنا يا أخونا  ؟ " .. فقال لهما : " الذى بى لا تعرفانه " فقال أحدهما للآخر ما هذا الكلام لئلا يكون دخله شيطان فنفتضح بين الناس فامسكاه برفق وذهبا إلى بيتهما فتجدد الحزن بين أهله لما رأوه على هذه الحالة وأمر أبوه وأمه أبناؤهما الآخرين وقالوا لهما : " لا تتكلموا معه أنتم حتى نكتشف نحن ما به وماذا أصابه لئلا نصبح فضيحه " ثم اغلقوا جميع الأبواب وإنفردوا به فلما رأوه قالوا له : " أ أنت ولدنا ؟ لقد فضحتنا يا واضح بدخولك ديانه الكفر ومرغت شيخوختى فى العار وسأحنى رأسى وأنا سائر بين أعيان وشيوخ المسلمين " قال لهم : " انا بولس (12) " فقال أبوه لقد فضحتنا ياولدى وفضحت

 شيخوختى بين القضاة والشهود ولعلك فعلت هذا لأنى لم ازوجك وقد كنت أفكر أن أزوجك إذا رجعت من الحج وتكون الفرحه واحده بدلاً من أنفق فى عرسك مالاً كثيراً " فقال أنا لست كافراً لأنى إهتديت إلى دين الحق وأرجوا أن يهتدى به كل مسلم وقد تبعت الإنجيل الذى يأمر القرآن بإتباعه وليس فى ذلك عار بل كل شرف ومجد " فقال أبوه : " لقد ضللت وإستحوذ على عقلك التيه والغرور أنا ابوك آمرك أن ترجع إلى دين الإسلام وأشفق على شيخوختى بين الناس " فقال الواضح : " أنا أحبك ولكن المسيح يقول من أحب أماً أو أباً أكثر منى فلا يستحقنى فإننى أطيع يسوع لمحبته فى درجه أولى ثم طاعتك ومحبتك " وظلوا يلحوا عليه طالبين منه ألا يفضحهم وسط الناس أو يخزيهم فى هذه المدينة وظلوا طوال الليل يتكلمون معه وهو يقول لهم : " لا أعرف " ولما باءت جميع طرقهم بالفشل وضعوه فى حجرة مظلمة ثلاثة أيام بلا طعام أو شراب ولم يقدروا على إثناء عزمة وإرجاعه عن مسيحيتة , أما أمه فقد كانت حزينه عليه وتبكى بكاء مراً حتى أنها لم تذق الطعام مثله فأخرجوه وقدموا له طعام فلم يأكل منه شئ ويقول إبن المقفع (13) عنه : " وكان كأنه خرج من حفلة أو وليمة غير محتاج إلى طعام ولا إلى شراب كما قال أشعياء النبى : إن الذين عقولهم عند الرب تبدل قواهم ولا يجوعوا ولا يعطشوا "

ولما أعياهم أمره تشاوروا على قتله لئلا يفتضحوا بإعتناقه الدين المسيحى ولكن قلوبهم رقت عليه وأخرجوه سراً وذهبوا به إلى الجيزة وقالوا له : " إبعد عنا نستريح من فضيحتك " فذهب إلى وادى هبيب (النطرون) وأقام هناك عند راهب فعلمه طريق الرب ورهبنة فلما مضت أيام قليلة قال له بعض من لا يفهم من الرهبان : " إن الرب لا يقبل نصرانيتك إلا أن تذهب إلى القاهرة وتشهر نفسك بحيث تعرف " .. فأطاعهم وعاد إلى القاهرة وذهب إلى منزل أبوه وقد عزم على الإستشهاد على إسم المسيح فلما رآه أبوه بزى الرهبان ضج وصرخ وإغتاظ منه وقال له : " ما هذه الفضيحة , ذهبت وجئت بطرطور صوف ( يعنى القلنسوة المقدسة التى يلبسها الرهبان التى هى بيضة الخلاص)" ثم أخذه وحبسه فى مطمورة مظلمة يطرح فيها كناسة التراب والرماد ووسخ الدار والزبالة  وقفل عليه بابها من أعلى وأقسم على كل من فى الدار ( البيت فى القرى ) ألا يعطوه خبزاً ولا ماء ومن يعطيه شئ سيعاقبه وامر غلمانه وخدمه أن يلقوا عليه كل ما يكنسوه من تراب ورماد ووسخ الدار وغسيل القدور وظل هكذا ستة ايام وامه باكية عليه وهى حزينه على إبنها وكانت تدلى له الخبز والماء بحبل فلا يذوق منه شئ , ولما تمت الستة أيام ضعفت قوته وكان ملازم

الصوم والصلاة ليله ونهاره وظهر له فى اليوم السابع الراهب الذى كان ظهر له أولاً وهو فى طريقه إلى مكة وفى يده خبز نقى فظن أنه خيال فلم يأكل منه شيئاً فقال له الراهب : " أتعرفنى " قال له : " نعم أنت الذى رأيتك فى المنام ثلاث مرات فى الطريق إلى مكة " فقال الراهب الشيخ : " نعم أنا ذاك , وأنا مقارة أب وادى هبيب والآن فقد أرسلت إليك من قبل الرب لأقويك فأصبر لأن لك مجازاة عظيمة " ثم غاب وإختفى من أمامه فأخذ الخبز الذى تركه وأكل بعد ان صلب عليه فقويت نفسه , وأخيراً أخرجه ابوه من ذلك المكان وتعجب كثيراً من عدم تغير وجهه بالرغم من بقاؤه هذه المده بغير طعام ولا شراب , وتكلم معه لترك الدين المسيحى والعوده إلى الإسلام فلم يجاوبه بشئ ولما تعب منه لم يقدر عليه بمناقشته .

جد يقتل حفيده لأن ابنه أعتنق المسيحية

وكان من عاده ذلك الزمان أنه عندما يترك الأبن مرحله الطفولة ويصبح شاباً يعطيه أبيه سريه أو خادمة هدية يمارس معها الجنس وكان أبوه قد أعطاه سريه ورزق منها ولداً ( وحسب الشريعة الإسلامية تصبح حرة ويتزوجها ) وذلك قبل ذهابه إلى مكة بمدة فأحضر بولس أمامه كما طلب من أخوه الكبير أن يحضر هذه السرية ولما حضرت أمر أخيه الكبير أن يجامعها قدامه (يمارس الجنس مع أم إبنه قدامه) ففعل أخيه الكبير هذا الفعل المشين .

وكان ولد بولس من الجارية يتعلم العوم فقال أبوه له : " إن لم تطيعنى وترجع عما أنت وترجع إلى الإسلام عليه سأغرق إبنك الذى تحبه قدامك " فرد بولس على ابيه : " نعم أنا أحبه لأنه إبنى ولكننى أننى أحب الرب أكثر منه " فأحضر العوام الذى يعلمه العوم سراً ودفع له دينارين وقال له  : " إنزل الصبى معك فى العشية لتعلمه العوم وغرقه " وأنا أحضر لأنظره وأتعرف عليه " فوافقه العوام على إتمام هذه الجريمة .

وفى العشية أخذ أبو الرجا الشاهد إبنه الراهب  أبو الصبى ( حفيده) وذهب به معه إلى النيل ونزل الصبى مع معلمه إلى البحر والصبى لا يدرى ماذا سيحدث له وبدأ يعومه ولما أصبحا وسط النيل غطسه لحد رقبته ودعوا والده ليسلم فإغرورقت عينا الواضح وبكى وصرخ من الألم وقال : " إنى أحبه أحبه يارباه إنه ولدى من جسمى ومن دمى ولكن كما قدم إبراهيم الخليل إبنه إقبل إبنى ذبيحه طاهره نقيه فى معمودية الشهادة وإنى أقدمه لك عنواناً على محبتى الفائقه لك وكما قبلت أطفال بيت لحم الذين قتلهم هيرودس أمام أمهاتهم وآبائهم إقبله من أجل إسمك " وإلتفت إلى العوام وصرخ بأعلى صوته وقال له :" أنا مسيحى أنا مسيحى"  غرقه العوام وابوه الراهب ينظر إبنه يغرق أمام عينيه والطفل يضرب الماء بين يدى العوام حتى إختنق وأصعده ميتاً ووضعه أمامه وعادوا جميعاً إلى الدار وحبس أبو الرجا إبنه الواضح فى مكان آخر .

وكتب رسالة إلى السلطان وكان الخليفة فى ذلك الزمان الحاكم بأمر الله ويقول إبن المقفع (14)" كما قال الإنجيل يسلم الأب إبنه للموت " فأمر الخليفة بحضور الراهب مع ابيه عند قاضى القضاة والشهود يناقشونه فإذا أدين فى أى عمل يقتل وإذا لم يدين يطلق سراحه فلما إجتمعوا بحضور واسطة خير( شخص عين للصلح بينهما)  عينه الحاكم بأمر الله فلم يثبت أبوه عليه حجة يعتقد أن الذى فعله أبوه بقتله طفلاً مسلماَ الذى هو حفيده كان حجه ضده وقال إبن المقفع   (15)  " كما قال السيد المسيح إنى اعطيكم نطق وحكمة لا يقدر أحد أن يقاومها " فإنصرفوا خائبين خجلين , ولم يرجع أحد أن يخاطبه فأمر الحاكم بإطلاقه يذهب حسب ما يشاء .

فذهب إلى رأس الخليج وإبتدأ فى بناء كنيسة هناك ما بين بركة الحبش وبنى وايل على إسم الملاك الجليل ميخائيل وأتم بناؤها وكان قوم فى القاهرة يعرفوا بإسم الرمادية ذهبوا ليلاً وسرقوا الخشب من هذه الكنيسة فلما كان الصباح رأى القديس إبن الرجا بعضهم فى تلك المنطقة فقال لهم : " لقد عرفت أنكم أخذتم الخشب ليلاً وعرفت المكان الذى أخفيتموه فيه , فأعيدوه إلى مكانه وإلا شكوتكم لوالى القاهرة " فأنكروا ذلك وقالوا : " نحن لم نأخذ شيئاً " قال لهم : " سأمضى إلى الحاكم وهو إن شاء الله  يطالبكم بأخذ الخشب من حيث أخفيتموه فيه وسوف يأذيكم " فخافوا وأعادوا الخشب إلى الكنيسة بكامله .

وكان القديس إبن الرجا قد سمى نفسه الواضح وصار صديقاً لرجل عالم فاضل هو الأنبا ساويرس المعروف إبن المقفع وكان ساويرس الأسقف والواضح ابن الرجا القديسين يتذاكرا أكثر أوقاتهما ويفتشا كتب الرب لينور عقولهما وكتب الواضح إبن الرجا كتابين باللغة العربية أحدهما سماه الواضح  والإعتراف وكشف فيهما عرى المخالفين – وبهذين الكتابين شرح ما غمض وما كان غير مفهوم وخصمهم كان من دينهم  ويقول إبن المقفع  (16) " كما فعل شمشون الجبار لما أشعل النار فى أذناب الثعالب وأطلقها فى زرع أعدائه فأحرقة وكتب فيهما شرح لحياته " ولكن جاء فى دائرة المعارف القبطية (17) : " أنه كتب أربع رسائل ( كتب) لا إثنين وعنوان الرسالة الثالثة هو ( هتك المحجوب) والرابعة ( سيرتة الخاصة) كذلك بنى كنيسة الملاك ميخائيل فى راس الخليج "

وبعد أن أتم إبن الرجا بناء كنيسة الملاك ميكائيل فى رأس الخليج عاد إلى وادى هبيب وظل هناك سنتين يمارس الصلوات والطلبات والصوم والنسك       الشديد ولما رأى الرهبان ما هو عليه من العبادة والعلم الغزير فقاموا ومسكوه قهراً وبغير رضاه ورسموه قساً فى إسكنا بنيامين المقدسة فطالبه تلاميذ البطرك بدنانير ( هى عادة السيمونية أو الشرطونية السيئه يطالبون من القساوسه أو الأساقفه بثمن رسامتهم ) فصعب عليه ذلك جداً ( أى كيف يحصلون دراهم لقاء موهبة الرب ) ولم يكن معه شئ فرآهم بعض الأراخنه يقلقون الراهب القديس فقاموا بدفع الدنانير المطلوبه منه .

أما أبوه المسلم عندما علم بأن إبنه صار قساً إغتاظ فى قلبه وأرسل دنانير إلى بعض العربان الذين يقطنون ويسكنون تلك البريه التى بجوار الدير ليقتلوا إبنه القس وسمع بعض الرهبان بنيه العرب بقتله فقالوا لأبن الرجا : " لقد فعلت ما يجب وأظهرت إسم المسيح فى المكان الذى يتمجد فيه إسمه والآن لا تسلم نفسك للموت ولكن إمضى إلى الريف وإخفى نفسك فيه " .

وذهب كاتب السنوديقا ( يكتب الأحداث والأوامر الباباوية) بكرسى مار مرقس البشير إلى سندفا وهو شماس إسمه تيدرا إبن مينا من أهل منوف ودخل إلى كنيسة الشهيد تادرس فوجد القديس بولس إبن الرجا طريح الفراش ومريض بحمى شديدة فضرب له بولس مطاونه بالرغم من شده مرضه وقال له : " لا تفارقنى حتى توارينى التراب وتأخذ البركه فلم يبقى لى فى العالم إلا يومين فإذا أنا مت فقم بدفنى قبل أن يعلم المسلمون فيأخذوا جسدى ويحرقوه بالنار " وكان قوله هذا فيه روح نبوة ولما مر اليومين مات القديس فأذاع الشيطان خبر موته فى المحله وسندفا فركب أهل المحله المراكب وإنتقلوا إلى سندفا وفى أقل من ساعه تجمع أهل المدينتين وأحاطوا بالكنيسة ولم يدعوا الداخلين يدخلون أو الخارجين يخرجون وتحير الشماس وفكر فى نفسه : " ماذا أفعل ؟ " وفيما هو حائر ويمشى فى أرجاء الكنيسة زلقت رجله تحت عتبه من الحجر فرفعها فوجد تحتها فراغ يسع جسد إنسان ومكان حسن نظيف , فأنزل جسد القديس بولس إبن الرجا فيها وردم التراب وأعاد البلاطة الحجر كما كانت عليه وأصلح الموضع كما يجب وفتح الباب فدخل المسلمين الذين يطلبون جسده فلم يجدوه وطافوا بأرجاء الكنيسة فلم يعثروا عليه فخرجوا هم وشيطانهم فى خزى شديد .

والشماس تيدرا إبن مينا وكيل البطريرك هو الذى ذكر أحداث هذا القديس وروى تاريخ حياته لميخائيل المؤرخ أسقف صان الحجر ( مديرية الشرقية) (18)  وقال : " أن القديس بولس إبن الرجا أقلقه ثلاثة أشياء :-

1.        عندما أمر أبيه أخوه الكبير بمجامعه سريته ( إمرأته وأم إبنه ) أى ممارسه الجنس معها أمامه .

2.        عندما أغرقوا إبنه أمامه .

3.        والأمر الذى أقلقنى بالأكثر عندما رايت البطرك يرانى وتلميذه يطالبنى بالدنانير على قسمته لى قسيساً وهو ساكت لا يمنعه ولا يردعهم ويعتقد أن هذا كان فى أيام البطرك فيلاتاوس .

وقال أبو المكارم فى مخطوطه (19):" صندفا (20) من الغربية كنيسة للشهيد تادرس فأطاعهم وذهب إلى سندفا وأقام فيها لمده سنتين حتى صار قيم كنيسة الشهيد تادرس ملازما لخدمتها ليلاً ونهاراً وإنزعج الشيطان من خدمته كما حدث فى الأماكن السابقة التى تواجد فيها ودخل الشر فى قلب قوما من المسيحين فأذاعوا قصته فى سندفا والمحلة وكان ذلك قبل وفاته بيومين .

وفيها جسد يؤنس المعترف بالمسيح الذى إختار الآخرة عن الدنيا الفانية وتدين بالإمانة الأرثوذكسية وكان معروف بإبن الرجا وصار قسيساً إسكنا بنيامين بدير القديس أبو مقار وهو المعروف بوضع كتاب يعرف بالواضح  وهذا البار المنتخب مدفوناً فى مطمورة تحت القبة التى للارديون الهيكل وألف يؤنس كتب كثيرة منها كتاب نوادر المفسرين , وكتاب غلط المتأولين , كتاب إنحراف المخالفين , كتاب كشف الحجاب , سيرته لنفسه – والكنيسة المذكورة خارج البلد ويعيد له فى العشرين من أبيب يوم عيد القديس تادرس ويجتمع إلأى هذا العيد شعب كثير من أهل البلاد "  

-----------------------------------------------------------------------------------------------------

إعتناق مسلم من عائلة الخليفة المسيحية فى بغداد 

الــــهـاشــمـى يرى طفلاً موضوع فى الصينية

ذكر الأنبا ساويرس إبن المقفع ما حدث من الهاشمى فى بغداد إلى الواضح إبن رجا الذى سجلها فى كتابه الواضح وهو من المخطوطات فقال

: أن الأسقف إبن المقفع ذكر له أنه كان فى بغداد قائد فرقه فى الجيش إبن خليفة إسمه الهاشمى ولم يهتم قط بأى شئ من أمور الخلافة لا كسوة أو جمال .. ألخ ولكن كان كل عمله هو أنه كان يركب حصانه ومعه جنده ويذهب إلى كنائس النصارى فى وقت إقامة القداس الإلهى فيدخلها وهو راكب ويأمر جنوده بأخذ القربان من على الهيكل ويكسروه ويخلطوه بالتراب ويقلب الكأس ثم يذهب إلى كنيسة أخرى وهكذا كل يوم , حتى كادت بغداد تخلوا كنائسها من القداسات وإمتنع أكثر الكهنة من إقامة القداس خوفاً من تدنيس المقدسات , وكانت المعونة الإلهية تجذبه من حيث لا يدرى .

وفى يوم من الأيام دخل إلى إحدى الكنائس البعيده عن بغداد كعادته قاصداً الذبيحة ففتح الرب عينية فأبصر طفلاً جميلاً نبيلاً فى وقت القسمة وقد ابصر الكاهن وقد ذبحة وصفى دمه فى الكأس وفصل لحمه قطعة قطعة فبهت الهاشمى ووقف مذهولاً ولم يستطع الحركة ثم خرج الكاهن يقرب الشعب باللحم وكذلك الشماس بالدم وهو ينضرها فتعجب وقال لجنده : " ألا تروا ما فعله هذا الكاهن ؟ " قالوا له : " نحن نراه " ..  قال لهم : " نصبر لهذا .. يأخذ طفلاً يذبحه ويقسم لحمه على هذا الجمع العظيم ويسقيهم من دمه " فقالوا له : " الله يوفقك يا سيدنا – نحن لا نرى إلا خبز وخمر " فزاد خوفه وتعجبه أما باقى الشعب المسيحى فى الكنيسة فقد تعجبوا لوقوفه هكذا باهت ولم يفعل بالقربان ما كان يفعله عاده , فلما فرغ الكاهن من الصلاة وصرف الناس ولم يبق أحداً بالكنيسة إلا هو والكاهن وجنوده وذكر له ما رآه فقال الكاهن : " يا سيدنا أعيذك بربنا – ما هو إلا خبز وخمر " فلما علم أن سر هذه الرؤية لم يظهر إلا له فقط فقال له : " أريد أن تعرفنى سر هذا القربان وبدايته " فعرفه الكاهن كيف أن المسيح أخذ أخذ خبز والشراب فقسم ذلك على تلاميذه وقال لهم : خذوا وكلوا هذا هو جسدى وإشربوا هذا هو دمى إشربوا منها كلكم غفراناً لخطاياكم – وعلمونا التلاميذ صلاه نقولها على الخبز والخمر إذا جعلناها على المذبح فيتحول الخبز يصير لحم ويصير الخمر دماً سراً كما أراك الرب اليوم وهما فى الظاهر خبز وخمر لأنه لا يقدر أحد فى العالم يأكل لحماً نيئاً أو يشرب دماً غبيطاً وإنما الرب أظهر هذا السر الخفى الحقيقى المقدس خلاص لنفسك – ثم قرأ له الكتب المقدسة وبين له ما خفى عليه من المعرفه المسيحية حتى طاب قلبه للدخول فى المسيحية وإعتناقها فأمر جنوده وأصحابه بالإنصراف وبات هناك مع الكاهن وعمده بالليل وصار نصرانياً فلما كان اليوم التالى حضر جنوده وأصحابه بالدابه ليرجع معهم فطردهم ولم يكلمهم – فلما علموا بخبر تنصره وتركه الإسلام  ذهبوا إلى أبيه فحزن حزناً شديداً وأرسل جنوداً لإحضاره بالقوه إذا رفض الحضور وكلمه باللين والتهديد وتعب معه تعباً شديداً وعذبه عذاباً شديداً فلم يقدر أن يحوله عن رأيه وأخيراً امر ابيه أن يقطع رأسه حتى لا يتسرب نبأ إعتناقه الديانة المسيحية فقطعت رأسه بالسيف على إسم المسيح وتم إستشهاده بركاته تحل علينا وشفاعته تكون معنا فأما جسده المقدس فأخذه النصارى وبنوا عليه كنيسه تعرف بكنيسة الهاشمى . 

--------------------------------------------------------------------------------

(1) أقباط ومسلمون منذ الفتح العربى الى عام 1922م -إعداد  د0 جاك تاجر د0 فى الآداب من جامعه باريس القاهره 1951ص 125 5) وكذلك Stanly Lane Poole , History of EgYpt In the Middle Ages . pg 119

(2) راجع الكتاب السابق ص 125الذى قال فى حاشية كتابه كتبه المستشرق " كاتريمير" باللغة اللاتينية (Vasah)

(3)  تاريخ مصر فى العصور الوسطى 0 بالإنجليزية ) – ستانلى لين بول  ص 109

(4) تاريخ المسيحية الشرقية ( بالإنجليزية ) عزيز سوريال عطية ص 89

(5)  تاريخ ابوالمكارم تاريخ الكنائس والأديره فىالقرن 12 بالوجه البحرى طبع سنه 1999 ج1 ص 68

(6) طبانوها مركز طلخا غربية

(7) عن المخطوط المحفوظ بكنيسة القديس جرجس المزاحم – كتبه الراهب مينا الذى ضمن هذا القديس أمام الوالى حينما كان الوالى متردداً فى أمره , وقد عثر على هذا المخطوط إلى جانب الأنبوبة التى تحتوى على رفات القديس الشهيد فى هيكل الكنيسة المسماه بإسمه – وهذه الكنيسة تقع الآن تحت كنيسة السيدة العذراء القائمة فى بساط النصارى _ السنكسار الأثيوبى .. ترجمته واليس بودج ج4 ص 1013 - 1015

(8) كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900  ج3 أنظر حاشية ص 23 

(9) وهى نفس الكنيسة التى جددها البطريرك أفرايم وهى ما زالت باقيه إلى هذا لايوم وتعرف بكنيسة أبى سيفين طموه بقرب القاهرة وهى منظرها جميل للغاية كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900  الجزء الثانى ص 18

(10) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999  الجزء الثانى ص88

(11) ( هى الملابس التى فرضها المسلمين على المسيحين بلبسها فى عصور الإضطهاد الإسلامى حسب شريعتهم الإسلامية وقد فضل لبسها وصار مثل موسى الذى رفض أن يدعى إبن إبنه فرعون مفضلاً عار المسيح على التنعم)

(12) ( وهو الإسم الذى اطلق عليه عند معموديته)

(13) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999  الجزء الثانى ص 90

(14) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999  الجزء الثانى ص 91

(15) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999  الجزء الثانى ص 91  

(16) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999  الجزء الثانى ص 92

(17) دائرة المعارف القبطية – رمزى تادرس ج1 ص 35

(18)  كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900  ج3 ص 22

(19) تاريخ ابوالمكارم تاريخ الكنائس والأديره فىالقرن 12 بالوجه البحرى طبع سنه 1999 ج1 ص 44

(20) مركز المحلة الكبرى غربية

========================================================= 

 قلاقل فى الحبشة

 أرسل ملك الحبشة كتاباً إلى جرجس ملك النوبه وعرفه أن الرب غضب عليه وعلى شعبه فى اثيوبيا وأخبره فيه أن إمرأه ملكة على قبيله فى منطقه بنى الهموية ثارت عليه وهاجمت بجيشها المناطق الخاضعه لحكمه وأسرت كثير من شعبه وأحرقت مدن كثيره وأخربت الكنائس وهرب منها وطاردته من مكان إلى آخر وقالت أ.ب. بوتشر (8) : " كانت الحبشة مسرحاً للحروب الدموية لأن إمرأتين إختلستا عرش الملك بالتتابع وامرتا بقتل جميع ذرية الأشراف (ذرية الملك الذين لهم الحق فى أن يطالبوا بالعرش ) ولكن نجا واحداً منهم فلما بلغ سن الرشد شرع فى إستخلاص عرش أسلافة من أيدى المغتصبين " وقال ملك الحبشة فى رسالته أنه يعتقد أن الذى لحقه من أذى ناتج من أن الملك الذى كان من قبله قد فعل فى أيام الأنبا قزما تزوير وكذب , كما ذكر فى رسالته إلى جرجس ملك النوبه : أحب أن تساعدنى وتشاركنى فى التعب من أجل الرب ومن أجل وحده الأمانه وتكتب كتاب من جهتك إلى الأب البطريرك فى مصر تسأله أن يحللنا ويحالل بلادنا ويصلى علينا ليخلص بلادنا من هذا الشقاء وعدم الإستقرار والغم – كما ينعم علينا بأن يقسم ( يرسم) لنا مطران كما جرت عاده آبائنا – ويصلى إلى الرب حتى يزيل غضبه عنا – وذكرت لك أيها الأخ ذلك خوفا من أن ينقرض ويبطل دين النصرانية من عندنا فمنذ سته بطاركه قد جلسوا على كرسى مار مرقس ولم يلتفتوا إلى بلادنا بل هى شردت بلا راعى وماتوا أساقفتنا وكهنتنا وخربت الكنائس , والآن قد علمنا أنه بحق أنزل الرب علينا هذه البلايا لما فعلناه بالمطران " .

ووصلت الكتب والرسائل إلى ملك النوبه وقرأها وأرسل ملك النوبه بالتالى كتباً ورسائل إلى البطرك فيلاتاوس موضحا فيها ما قاله ملك النوبة وطلب منه أن يترأف على شعبه فأجابه لطلبه ورسم راهباً لهم من دير أبو مقار إسمه دانيال وأرسله إليهم مطراناً فقبلوه بفرح عظيم وإبتهاج وأزال الرب عنهم الغضب كما أبطل ثوره المرأه التى قامت لتحاربهم .

وقصه إنقطاع إرسال مطارنه إلى الحبشة ترجع إلى أن ملكها عهد إلى المطران الأنبا بطرس مطران أثيوبيا القبطى الإشراف على المملكة ويقيم ولداً يختاره من ولديه ولما توفى الملك إختار المطران ولده الشاب الأصغر وتوجه ملكاً إذ كان أوفر حكمه وأوسع عقلاً من أخيه الأكبر فلما جلس الأصغر على العرش سخط أخوه على المطران وجمع حوله رعاع الشعب وجعل نفسه ملكاً

 عليهم , وفى هذه الأثناء كان إثنين من أقباط مصر أحدهما إسمه مينا والآخر بقطر ذهبا إلى المطران طالبين نقوداً فرفض أن يعطيهما شئ فسخطا عليه وزورا ختم البطريرك قسما الثالث وحررا رسائل بإسمه إلى كبار رجال الدوله فى أثيوبيا مضمونها عدم موافقة على ما فعله الأنبا بطرس بخصوص العرش وتقليد الأبن الأصغر الملك ويأمر بطرده مع الأبن المالك من أرجاء المملكة وبتسليم كرسى المطران لمينا وعندما يجلس على كرسى المطرانية يقوم بمسح الأبن الأكبر ملكاً , ولما تسلم قادة الدوله الأثيوبيه لم يشكوا فى مصدرها فقاموا بنفى كلاً من المطران والملك وإعتبروا مينا مطراناً وبقطر وكيلاً له وسلموا الملك للأبن الأكبر , ولم تمض مده حتى إختلف كلاً من مطران الزور ووكيله وعندما سافر هذا المطران إلى جهه ما إنتهز وكيله الذى يعرف كل أسراره فرصه غيابه ونهب اموال قلايته بعد أن طرد خدامه ورجع بهذه الأموال الطائلة إلى مصر وحتى لا يقبض عليه المسلمين حينما تتسرب الأخبار بما فعله فى الحبشة أشهر إسلامه وأذاع هو بنفسه ماذا فعل فى الحبشة , فلما تحقق البطرك من هذه الأخبار أرسل وفداً بيده رساله إلى الحبشة يأمر أهلها بطرد المزور وإرجاع الأنبا بطرس إلى كرسيه فلما وصل الوفد لإبلاغ الرساله لأهل اثيوبيا وجدوا أن الأنبا بطرس مطرانها قد توفى إلا أن أهل الحبشة قد طردوا المطران المزور , وبعد هذه الأحداث المؤلمة لم يجسر البطرك الأنبا قزما على رسامة مطران آخر لأثيوبيا وإقتفى أثره أربعة بطاركة وهم مكاريوس الأول  وطومانيوس ومينا الثانى وأفرايم (1)

 

شارع الخليفة المعز لدين الله الفاطمى

بأ فى أنشاء هذا الشارع فى زمن الخليفة المعز لدين الله الفاطمى فى عام 969 م ويحتوى هذا الشارع على مزيج من إبداع الفن المصرى والمغربى وأنتشرت فى هذا العصر زخرفة واجهات العمائر بدقة وأتقان ويرجع أهمية هذا الشارع إلى أنه يحتوى على 174 أثراً إسلامياً شيعياً

 بيت السميحى الذى يعد مثالاً فريداً لمنازل لأمراء الإحتلال الفاطمى الشيعى الإسلامى لمصر ويقع فى حارة الدرب الأصفر بمنطقة الجمالية بالقرب من باب النصر وباب الفتوح وهذه الحارة تتفرع من شارع المعز السابق ذكره وهناك منزل الحرزانى

السبيل والصهاريج .. وقد تم إكتشاف أسبلة وصهاريج تم إكتشافها الواحد بعد الآخر عن طريق فريق من البحرية المصرية والسبيل هو مصدر للماء  لشرب للمارين من الشعب كصدقة جارية أنشئ فى عهد الفاطميين  حيث أنه كان الماء يباع فى هذا الوقت لأنه كان ينقله شخص يسمى السقا نظير أجر من المال وأستمر السبيل حتى أواخر القرن 15 الميلادى مبنى ملحقاً بالمدرسة أو المسجد وبدأ فى الأنفصال عنهما وأصبح السبيل مبنى مستقلاً فى العصر العثمانى ومن أمثلة الـ أسبلة .. سبيل زين العابدين بالحسين .. سبيل محمد على بالنحاسين .. سبيل أم عباس

الجامع الأخضر .. ويقع فى شارع المعز لدين الله , وهو يحتوى على أجمل واجهة حجرية فى العمارة الإسلامية وإن كان أنشأ فى ايام الفاطميين منقوش عليها كتابات كوفية وتمثل مرحلة متطورة من الخط الكوفى , ومن السمات الممارية النادرة هو إحتواء هذا الجامع على عقود ذات مراكز أربعة أو فيما يسمى بالمنفرجة مع أستخدام القباب الضحلة المسطحة المقامة على مثلثات كروية وهذه التصميمات الهندسية الفريدة لا يوجد مثلها فى باب الفتوح وباب زويلة الذى يرجع تاريخه عام 485 هـ ومما هو جدير بالذكر أن طائفة البهرة الهندية قامت بترميم هذا الجامع مرتين .

مسجد الجيوش .. أنشئ فى عهد الخليفة المستنصر بالله عام 478 هـ بهدف أن يكون مكاناً لرصد تحركات جيوش معادية مشبوهه ومتابعة الحروب التى تهدد مصر من الناحية الشرقية .

الحمام الفاطمى .. وهو عبارة عن جزء من جدار مزخرف بزخارف فريسكو وهى زخارف منفذة بالألوان المائية على مادة الجبس

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

  مشاهير وعظماء الأقباط

 

1- أبو المكارم

هو سعد الله بن جرجس بن مسعود كان من أفاضل القبط ومؤرخيهم وضع سنة 925 كتاباً فى تاريخ ألديرة والكنائس القبطية عثر على جزء منه راهب كاثوليكى يدعى فانسليب أتى مصر فى القرن السابع الميلادى وإشتراه بـ 3 قروش وطبع بعد موته وينسب خطأ إلى أبى صالح الأرمنى لأن هذا الإسم وجد مكتوباً عليه وقد ظهر أنه الناسخ لهذا الكتاب أو مقتنيه ووجد المرحوم العلامه الإيغومانس فيلوثاؤس عوض رئيس الكنيسة المرقسية بالقاهرة لقيمة هذا الكتاب وأدرك ذلك أيضاً البحاثة جرجس أفندى فيلوثوس عوض

 

 

2- الأنبا ساويرس أسقف الأشمونين الشهير بإبن المقفع

 الأشمونين كانت مدينة زاهرة ومشهورة عند القبط القدماء , وكان يعبد فيها أنوبيس وهرمس وغيرهما , وظلت شهرتها ممتدة إلى العصر المسيحى وكانت بها إلى زمن قريب تماثيل قديمة وكنائس كثيرة لأنها كانت مركز لأسقفية ومن أشهر أساقفتها الأسقف ساويرس إبن المقفع .

وكان الأنبا ساويرس إبن المقفع عالماً فاضلاً وهو أول من إعتنى بجمع تاريخ البطاركة السالفين وقد جمعه من السجلات والمخطوطات المكتوبة باللغات : القبطية واليونانية والعربية وقد كان يجيد هاتين اللغتين كما كان يجيد اللغة اليونانية أيضاً وكانت هذه المخطوطات محفوظه فى دير ابى مقار ودير نهيا ونقل كل ما فيهما إلى اللغة العربية مظهراً أسفه لأنصراف الأقباط وإهمالهما للغة أجدادهما القبطية (9) وقد أعطاه الرب عمراً مديداً حتى أتم ما ترجمه وجمعه من مما كتبه كتبه كل بطريرك فقد إعتاد البطاركه أن يرافقهم ليسجلوا الأحداث وعندما أتمه كان قد بلغ من العمر التسعين –

وقد أضاف أسقف تانيس (10) الأنبا ميخائيل على هذا الكتاب من تاريخ البطاركه وقد كتب سيرة عشرة من باباوات الإسكندرية مبتدئاً بالأنبا ميخائيل الثالث (لأنه كان كاتباً  للبابا الإسكندرى الـ 56 ) حتى أوصله لغاية سنة 1243 م  - وإنتشر هذا الكتاب فى مصر ونظراً لأهميته فقد ترجم إلى لغات أخرى وطبع باللغة اللاتينية والإنجليزية (11) .

وقد قال الأنبا ساويرس إبن المقفع فى مقدمة كتابه عن باباوات الإسكندرية : " بعد دراسة المؤلفات التى وضعت عن باباوات الإسكندرية المتداملة بين الأيدى والمحفوظة فى أديرة الأنبا مكارى ونهيا وغيرهما , هيأت لى العناية الإلهية الفرصة لأن أجمعها كلها فى كتاب واحد , وقد شاء الآب السماوى أن يمد فى عمرى حتى بلغت التسعين فإستطعت بهذه النعمة أن أتمم وضع هذا الكتاب "

وللأنبا ساويرس العديد من المؤلفات تدل على تبحرة وتمكنه من العلم والمعرفة وضعها باللغة العربية كما ترجم الكثير من المؤلفات القبطية واليونانية لفائدة أبناء الأمة القبطية ولا سيما سكان القاهرة والفسطاط من الذين هجروا بالكلية اللغة القبطية وتعلموا العربية وتبحروا فيها بسبب إشتغالهم بالدواوين وقد ذكر كتاب الخريدة النفيسة إثنا عشر مؤلفاً لهذا الحبر العلامة الجليل جميعها باللغة العربية (12) إلا أن الأسقف ميخائيل أسقف تنيس قف أنه وضع عشرين كتاباً أما إبن كبر فقد فقال أن كتبه بلغت سته وعشرين كتاباً أما المستشرق الألمانى جراف فقد قارن بين ما ذكره هذان الكاتبان مع ما قاله غيرهما عن عدد مؤلفات إبن المقفع وإستنتج أن عدد كبير من مؤلفاته إما أن يكون قد ضاع أو ما زال مخبئ لدى أحداً من الأقباط

ونظرة واحدة على مجرد أسماء كتبه التى كتبها والتى وصل إلينا بعضها تظهر أن هذا الأسقف قد بلغ ما لم يبلغه أحد فى عصره من قوة الحجه المؤيده بالبرهان القاطع والأسانيد القوية ويستدل من ذلك على إقتناع كل من يطلع عليها وكان واسع الأفق مطلع توضح لنا ما بلغه هذا العلامة من سعة التفكير ويستدل من ذلك من تنوع موضوعاته التى كتب فيها وهى :-

(1) التوحيد              (2) نظم الجوهر                (3) المجالس

(4) المجامع             (5) الإتحاد الباهر رد به على اليهود

(6) الشرح والتفصيل رد به على النساطرة           

___________________________________

(7) مبادئ الدين كتبه للوزير قزمان بن مينا

             (8) تفسير دستور الإيمان

(9) كتاب فند به مزاعم سعيد بن بطريق بطريرك الملكيين

(10) الإيضاح – يظهر نقط تؤيد مزاعم  الباباويين لهذا يشك أنه مؤلفه

(11) كتاب التبليغ وفيه فند مزاعم اليهود

(12) كتاب فى تربية أولاد المؤمنين وأولاد غير المؤمنين

(13) كتاب مصباح النفس فى التعاليم الروحية

(14) كتاب الأقوال النفيسة

(15) كتاب الإستبصار

(16)  كتاب ترتيب الكهنوت الإثنى عشر طقوس الكنيسة

(17) تفسير الأناجيل الربعة

(18) كتاب رد به على كتاب يدعى بشر بن جارود وقد وضعه فى شكل سؤال وجواب

(19) شرح اصول الدين وترتيب الخدمة للبخور ورسم الصليب ونسب السيدة العذراء

(20) المثالات والرموز

(21) التعاليم فى الإعتراف والذنوب

(22) إيضاح الإتحاد – لشرح عقيدة الكنيسة القبطية فى التوحيد والتثليث

 

ولما كان هذا العلامة قد قدم إنتاجاً وافراً من المؤلفات القيمة كما قدم إنتاجاً فكرياً ضخماً فيليق بالأقباط أن ينشروه على أبناء أمتهم لكى يعرفوا ما هى الموضوعات التى شغلت عقول المفكرين من أبناء وادى النيل العتيق منذ حوالى عشرة قرون ولا تزال هذه الموضوعات حتى الآن موضع بحث وتنقيب كالموضوع الذى عالجه ساويرس إبن المقفع عن طب الغم المحفوظ الآن فى دير السريان وهو يبحث فى الآلام النفسية وطرق علاجها – ويتوهم الكثير من علماء النفس أن هذه الأمراض النفسية من أمراض العصر الحديث وأنهم أول من بحثوا فيها . أما المقالات التى كتب فيها فهى : -

(1)         دهن المسيح بالطيب بيد مريم الخاطية فى بيت سمعان الأبرص الفريسى ومريم أخت لعازر .

(2)         تعليق على قول السيد المسيح " السماء والأرض تزولان ولكن كلامى لا يزول " ( متى 24: 35) خطٌه إسحق بن فضل الله .

(3)         مخطوطة محفوظة فى المكتبة الأهلية بباريس رقم 49 منسوبة إلى الأنبا ساويرس إبن المقفع عنوانها " تنبية للكهنة " لم تنشر بعد وبالتالى لا يعرف أحد محتوياتها وما تتضمنه

--------------------------------------------------------------------------------------

(1) الخطط للمقريزى ج1 ص 370

(2) راجع مقال د/ سوريال عطية نشره بالإنجليزية فى جمعية الآثار القبطية عام 939 ص 1- 28 وعنوانه : " بعض الأديرة المصرية نقلاً عن مخطوط الشايشتى لم ينشر بعد وهو كتاب الديارات "

(3) تاريخ الأمة القبطية ص 188- 194

(4) تاريخ مصر فى العصور الوسطى ( بالإنجليزية ) لستانلى لاين بول ص 12 – وراجع أيضاً " تاريخ الكنائس الشرقية" بالإنجليزية لعزيز سوريال عطية ص 88

(5) راجع تاريخ الأمة القبطية ليعقوب نخلة روفيلة ص 108 – 109 ولا تزال هذه العادة سائدة للآن إذ تتقاطر الجموع على الكنائس والأديرة فى أيام الذكرى الخاصة بالقديسين والقديسات ولا يعرف روعة هذه الزيارات المباركة إلا من أسعدته العناية الإلهية يتأديتها بنفسه .

(6) تراث القاهرة العلمى والفنى فى العصر افسلامى لعبد الرحمن زكى ص 22

(7) الخطط للمقريزى ج1 ص 226

(8) كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900  ج3 ص 22

(9) تاريخ الكنيسه القبطيه للمتنيح القس منسى 1899- 1930م  طبع على مطابع شركة تريكرومى للطباعة – مكتبة المحبة – سنة 1983   ص 397-380

(10) تانيس أو تنيس هو مدينة صان الحجر مديرية أو محافظة الشرقية – وهى بالقرب من بحيرة المنزلة فى الشمال الغربى للصالحية وذكرت هذه المدينة فى التوراه بإسم صوعن ( عدد 13: 22) ويقال أن موسى صنع بها العجائب وفى التاريخ الكنسى كانت تنيس أسقفية من عهد الأنبا بطرس خاتم الشهداء ( البابا الإسكندرى الـ 17 سنة 285 – سنة 295م ) 

(11) قصة الكنيسة القبطية – وهى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التى أسسها مار مرقس البشير – بقلم المتنيحة أيريس حبيب المصرى- الطبعة السابعة 2000 – الكتاب الثانى 444- 449

(12) الخريده النفيسه  فى تاريخ الكنيسه للأسقف الأنبا إيسوزورس طبع القاهره 1923 الجزء الثانى ص 236- 237

 

This site was last updated 12/10/12