التسعة والأربعين شهيداً

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

سيرة التسعة والأربعين شهيداً ببرية شهيت

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سيرة التسعة وأربعين شهيداً
البابا  ودير الأنبا بيشوى
أنشطة أسقفية الخدمات
ترميم الكنائس الأثرية
ك. الأنبا بيشوى بدير الأنبا بيشوى
ك. مار جرجس بدير الأنبا بيشوى

 

الأمبراطور ثيؤودوسيوس2 الصغير The East Roman Emperor Theodosius 2   401-450

 وسيرة التسعة والأربعين شهيداً ببرية شهيت (وادى النطرون بمصر)

سيرة استشهاد الشيوخ التسعة والأربعين
قام بكتابة  سيرة الشهداء الشيوخ التسعة والأربعين القديس أنبا دانيال قمص برية شيهيت ، الذي وُلد عام 485م وعاش حياة النسك والقداسة، ورُسم قمصاً للبرية قبل سنة 535م:
كان فى عصر الإمبراطور ثاؤذوسيوس (
ثيؤودوسيوس) ابن أركاديوس (1) ، أن ثاؤذوسيوس لم يكن له ولد ، فأرسل إلى الشيوخ بشيهيت يسألهم أن يسألوا الله من أجله فيعطيه ولداً. وكان من بين هؤلاء الشيوخ شيخ كبير يسمى الأب إيسيذوروس  كتب إلى الأمبراطور ثيؤودوسيوس2 الصغير يعرِّفه أن الله ما أراد أن يخرج منه ولد حتى لا يشارك أرباب البدع بعده. فلما علم الملك برسالتهم شكر الله وسكت. فأشار عليه قوم آخرون أن يتزوج امرأة أخرى ليرزق منها ولداً يرث المُلك من بعده، فأجابهم: ”ما أفعل شيئاً بخلاف أمر الشيوخ ببرية مصر“، لأن شهرة قداستهم كانت قد بلغت آفاق الدنيا . فأرسل رسولاً يستأذنهم في ذلك. وكان للرسول ابن وحيد، فطلب منه أن يصحبه فأخذه معه ليتبارك من الشيوخ. ولما وصلوا إلى الشيوخ وقرأوا كتاب الملك، وكان أنبا إيسيذوروس قد تنيح(2) فأخذوا الرسول وأتوا به إلى حيث جسده وقالوا للجسد: ” يا أبانا قد وصلت هذه الكتب من عند الملك وما نعرف بما نجاوبه“! فجلس الشيخ وقال: ”ما قد قلته للملك أن الرب ما يرزقه ولداً، فمَنْ أعلمه شيئاً آخر يتنجس. فلو أنه يتزوج عشر نساء فلن يرزق منهن ولد“. ثم عاد القديس وانضجع.
هجوم البربر على الدير:
فكتب الشيوخ للرسول جواب الكتب. ولما عزم على الخروج، إذا البربر (3) قد أتوا.
الاستشهاد
وحينما أتى البربر، وقف شيخ كبير يقال له أنبا يؤنس وقال للإخوة: ”ها هم قد أتوا وهم لا يطلبون إلا قتلنا ، فمن أراد الشهادة يقف معي، ومن خاف يصعد إلى القصر (الحصن)“.فهرب بعضهم، وبقي مع الشيخ ثمانية وأربعون.
فأتى البربر وذبحوا الشيوخ، فالتفت ابن الرسول من الطريق فرأى الملائكة وهم يضعون الأكاليل على رؤوس الشيوخ المقتولين. وكان اسم الصبي ذيوس، فقال لأبيه: ”هوذا أنا أبصر قوماً روحانيين يضعون الأكاليل على رؤوس الشيوخ، والآن أنا ماضٍٍ لآخذ إكليلاً مثلهم“. فأجابه والده: ”وأنا معك يا ابني“. فعادوا وأظهروا نفوسهم للبربر فقتلوهم وأخذوا الشهادة.
جمع أجساد الشهداء :
وبعد مضيِّ البربر، نزل الرهبان من القصر وضموا الأجساد معاً وجعلوهم في مغارة ، وصاروا يصلُّون قدامهم كل ليلة ويرتلون ويتباركون منهم..
ولما خربت البرية خافوا على الأجساد فنقلوهم من مكانهم وأتوا بهم إلى جانب كنيسة أنبا مقار، وبنوا لهم مغارة، وعملوا عليها كنيسة في زمان البابا ثيئوذوسيوس البطريرك.
شفاعة هؤلاء القديسين الشيوخ فلتكن معنا. آمين. (4)

ولما ذاع خبر إستشهادهم وعلم به الأمبراطور ثيؤودوسيوس أمر ببناء كنيسة على إسمهم فى القصطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية . (5)

************************************************

السنكسار القبطى

26 طــوبة
استشهاد 49 شهيدا شيوخ شيهات ( 26 طــوبة)
في مثل هذا اليوم كان استشهاد التسعة والأربعين قسيسا شيوخ شيهيت ومرتينوس رسول الملك وابنه . وذلك ان الملك ثاؤدسيوس الصغير ابن الملك أركاديوس لم يرزق ولدا . فأرسل إلى شيوخ شيهيت يطلب إليهم ان يسألوا الله لكي يعطيه ابنا . فكتب إليه القديس ايسيذوروس كتابا يعرفه فيه ان الله لم يرد ان يكون له نسل يشترك مع أرباب البدع بعده . فلما قرا الملك كتاب الشيخ شكر الله ، لكن أشار عليه قوم ان يتزوج امرأة أخرى ليرزق منها نسلا يرث الملك من بعده . فأجابهم قائلا : إنني لا افعل شيئا غير ما أمر به شيوخ برية شيهيت . ثم أوفد رسولا من قبله اسمه مرتينوس ليستشيرهم في ذلك . وكان لمرتينوس ولد اسمه ذيوس أتصحبه معه للزيارة والتبرك من الشيوخ . فلما وصلا وقرا الشيوخ كتاب الملك ، وكان القديس ايسيذوروس قد تنيح ، اخذوا الرسول وذهبوا به إلى حيث يوجد جسده ونادوا قائلين يا أبانا قد وصل كتاب من الملك فبماذا نجاوبه . فأجابهم صوت من الجسد الطاهر قائلا : ما قلته قبلا أقوله الآن ، وهو ان الرب لا يرزقه ولدا يشترك مع أرباب البدع حتى ولو تزوج عشر نساء ، فكتب الشيوخ كتابا بذلك للملك . ولما أراد الرسول العودة ، غار البربر علي الدير ، فوقف شيخ عظيم يقال له الانبا يوأنس ونادي الاخوة قائلا هو ذا البربر قد اقبلوا لقتلنا ، فمن أراد الاستشهاد فليقف ، ومن خاف فليلتجئ إلى القصر ، فالتجأ البعض إلى القصر ، وبقي مع الشيخ ثمانية وأربعون ، فذبحهم البربر جميعا ، وكان مرتينوس وانبه منزويان في مكان ، وتطلع الابن إلى فوق فرأي الملائكة يضعون الأكاليل علي رؤوس الشيوخ الذين قتلوا ، فقال لأبيه : ها أنا أرى قوما روحانيين يضعون الأكاليل علي رؤوس الشيوخ فأنا ماض لأخذ لي إكليلا مثلهم ، فأجابه أبوه : وأنا أيضا اذهب معك يا إبني . فعاد الاثنان وظهرا للبربر فقتلوهما ونالا إكليل الشهادة . وبعد ذهاب البربر نزل الرهبان من القصر واخذوا الأجساد ووضعوها في مغارة وصاروا يرتلون ويسبحون أمامها كل ليلة . وجاء قوم من البتانون واخذوا جسد الانبا يوأنس ، وذهبوا به إلى بلدهم . وبعد زمان أعاده الشيوخ إلى مكانه ، وكذلك أتى قوم من الفيوم وسرقوا جسد ذيوس ابن مرتينوس ، وعندما وصلوا به إلى بحيرة الفيوم ، أعاده ملاك الرب إلى حيث جسد أبيه . وقد أراد الأباء عدة مرات نقل جسد الصبي من جوار أبيه فلم يمكنهم . وكانوا لكما نقلوه يعود إلى مكانه . وقد سمع أحد الأباء في رؤيا الليل من يقول سبحان الله . نحن لم نفترق في الجسد ولا عند المسيح ايضا ، فلماذا تفرقون بين أجسادنا ؟ . ولما ازداد الاضطهاد وتوالت الغارات والتخريب في البرية ، نقل الأباء الأجساد إلى مغارة بنوها لهم بجوار كنيسة القديس مقاريوس . وفي زمان الانبا ثاؤدسيوس البابا الثالث والثلاثين بنوا لهم كنيسة . ولما أتى الانبا بنيامين البابا الثامن والثلاثون إلى البرية ، رتب لهم عيدا في الخامس من أمشير وهو يوم نقل أجسادهم إلى هذا الكنيسة . ومع مرور الزمن تهدمت كنيستهم فنقلوهم إلى إحدى القلالي حتى زمان المعلم إبراهيم الجوهري فبني لهم كنيسة حوالي أواخر القرن الثامن عشر للميلاد ونقلوا الأجساد إليها . ولا زالت موجودة إلى اليوم بدير القديس مقاريوس . أما القلاية التي كانوا بها فمعروفة إلى اليوم بقلاية "أهميه ابسيت" ( أي التسعة والأربعين ) صلاتهم تكون معنا امين .
*************************************************
ذكصولوجية التسعة والأربعين شهيداً شيوخ برية شيهيت
القديسون لُبَّاس الصليب المجاهـدون في المسيح
الذين قُتلوا في شيهيت على أيـدي البربــر
أكملوا كل سـيرتـهم وهم عائشون في البراري
متمنطقين بقوة المسـيح ضد الأرواح الشريرة
لقد قـدَّسوا حواسهم الروحية والجسدية
في نُسكيَّات متعـبة وفي دموع وفي سهر
لقد لبسـوا درع الإيمان الأرثوذكسي الذي هو تلاوة طغمات المختارين معلِّمي الكنيسة
ولبسوا الإكليل غير المضمحل الذي للإستشهاد
من قِبَل المجاهد عنهم حقاً ربنا يسوع المسيح
اطلبوا من الرب عنا أيها التسعة والأربعون شهيداً
ليــتـراءف الله علــينا ويــغـفر لنا خطـايـانا.
شفاعة هؤلاء القديسين الشيوخ فلتكن معنا. آمين.

**********************************************************************************************************

المـــــراجع

(1) الإمبراطور أركاديوس أنجب ولداً الذى هو ثيئودوسيوس وثلاثة بنات كانت أكبرهم بوليكاريا أو بوليشاريا ، وكانت بوليخاريا تحب أخيها ثيئودوسيوس ، ولما كانت تريد أن يكون الحكم لأخيها بلا منافس فقد أقنعت أخوتها على الترهب ونذروا أنفسهن فى جناح من أجنحة القصر ذاته حتى لا يتزوجن وينجبن أولاداً فلا ينافسون أخيها على العرش ثم زوجت أخيها من  الشاعرة آليا إيدوكسيا  Aelia Eudocia التى لم تنجب له ذكراً ليرث عرش الإمبراطورية البيزنطية

(2) تقول المؤرخة إيريس حبيب المصرى أن الشيخ الراهب الذى قابله أسمه يوأنس  أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية - الكتاب الثانى ص 27

(3)  أنواع البربر : 1 - بربر أوروبا : قبائل الفاندال و القوط .& 2 - البربر (شمال إفريقيا) : السكان الأصليون لشمال إفريقيا ومنهم الأمازيغ . & 3 - الأمازيغ : قبائل نازحة من الصحراء  لشمال إفريقيا  & 4 -  بربر مدينة في السودان
البربر الذين هاجموا الأديرة هم النوع الثالث من البربر وهم قبائل رحل قبائل نازحه من الصحراء إلى شمال أفريقيا غرب مصر وإمتدت قبائلهم من المغرب حتى ليبيا ، وهي قبائل همجية تعتصم بالجبال ويُعرفون باسم الأمازيق ( ألأمازيغ) وكانوا يتعبدون للشمس ومما يذكر أنهم عبروا مضيق جبل طارق وهاجموا أسبانيا وفرنسا وتقدموا حتى هددوا روما نفسها ، وهذه القبائل النازحة تختلف عن البربر سكان شمال أفريقيا (النوع الثانى ) لأن بربر ليبيا تونس والجزائر والمغرب كانوا قد آمنوا بالمسيحية ، وقد ظلت قبائل البربر النازحة ) النوع الثالث  والمتنقلة تعبد الشمس فى العصر المسيحى وقد قاموا بهجمات عديدية على أديرة برية شيهيت:

الأولى سنة 407م استشهد فيها القديس موسى الأسود مع سبعة آخرين، ورحل بعدها الرهبان ولم يبقَ منهم سوى القديس أرسانيوس.

والغارة الثانية سنة 434م وكان التخريب فيها عظيماً، مما جعل الرهبان يبنون الحصون ليحتموا فيها. وكانت مزودة ببئر ماء ومخازن. وقد بُني أول حصن بدير أنبا مقار عام 438م. وأثناء هذه الهجمات استولى البربر على الغنائم مستغلين سماحة الرهبان وتقواهم.

فقاموا بغارة أخرى عام 444م استشهد فيها الشيوخ التسعة والأربعون.

ثم جدد الآباء الأديرة، وسُمع صوت في البرية يقول: (الفرار... الفرار). وبعدها هجم البربر على الأديرة بوحشية وقتلوا الشيوخ وأسروا أنبا يؤنس قمص البرية وأنبا صموئيل المعترف، وذهب أنبا دانيال إلى دير تمبوك،

 ثم كانت الغارة الرابعة سنة 570م

وظلوا يهاجمون الأديرة للنهب والسلب حتى سنة 620م ، وقد إعتنقوا الإسلام فيما بعد أطلقهم المسلمين ليهاجمون القرى المسيحية حتى صار شمال أفريقيا مسلماً ولكنهم إنقلبوا على الحكم الإسلامى حتى أخضعتهم الدولة العباسية بعد قتال عنيف لسنوات طويلة .

(4) مخطوط يروى سيرة التسعة والأربعين شهيداً ببرية شهيت محفوظ فى دير الأنبا بيشوى  الصادق الأمين الراهبين المقاريين الإيغومانس فيلوثاوس والقس ميخائيل ( السنكسار القبطى طبع فى مصر سنة 1629 ش جـ 1 ص 318 - 320  

(5) يريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية - طبعة 1998 - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية - الكتاب الثانى ص 27

**********************

التسعة والأربعون شهيداً شيوخ برية شيهيت

بقلم المتنيح العلامة الأب متى المسكين - دير القديس العظيم أبو مقار
(1)في لحظة من لحظات النهار وفي ومضة من ومضات السيف، غابت عنهم شمس النهار، وغاب الدير كله، وغابت الأرض والأسوار، وفجأة انفتحت أعينهم على أمجاد ليست من هذا الدهر، وعلى نور عجيب، إنه وجه يسوع، نهاية المطاف، فكان هو نهارهم وشمسهم وديرهم الجديد وأجرتهم السعيدة!..
لقد وُزنوا جميعاً في الموازين فوُجدوا كاملين، وفُحصت الوكالة في القليل فوُجدوا جميعاً أمناء، فأخذوا في الحال تكليفاً على عشر مدن، وكان ديرنا السعيد واحداً من هذه المدن العشر.
هؤلاء هم الشيوخ الشهداء أصحاب الحظ السعيد الذي فازوا به بإرادتهم، حين أتاهم البربر(2) عام 444م يريدون قتلهم وأخذ ما ظنوا أنه موجود في كنيسة الدير، فقبلوا أن يُقتلوا من أجل اسم المسيح.
سيرة استشهاد الشيوخ التسعة والأربعين
تقول سيرتهم التي كتبها القديس أنبا دانيال قمص برية شيهيت، الذي وُلد عام 485م وعاش حياة النسك والقداسة، ورُسم قمصاً للبرية قبل سنة 535م:
كان على زمان ثاؤذوسيوس الملك ابن أركاديوس، أن ثاؤذوسيوس لم يكن له ولد، فأرسل إلى الشيوخ بشيهيت يسألهم أن يسألوا الله من أجله فيعطيه ولداً. وكان من بين هؤلاء الشيوخ شيخ كبير يسمى الأب إيسيذوروس، كتب إلى الملك يعرِّفه أن الله ما أراد أن يخرج منه ولد حتى لا يشارك أرباب البدع بعده. فلما علم الملك برسالتهم شكر الله وسكت. فأشار عليه قوم آخرون أن يتزوج امرأة أخرى ليرزق منها ولداً يرث المُلك من بعده، فأجابهم: ”ما أفعل شيئاً بخلاف أمر الشيوخ ببرية مصر“، لأن صيتهم كان قد خرج في كل الدنيا. فأرسل رسولاً يستأذنهم في ذلك. وكان للرسول ابن وحيد، فطلب منه أن يصحبه فأخذه معه ليتبارك من الشيوخ. ولما وصلوا إلى الشيوخ وقرأوا كتاب الملك، وكان أنبا إيسيذوروس قد تنيح، فأخذوا الرسول وأتوا به إلى حيث جسده وقالوا للجسد: ”يا أبانا قد وصلت هذه الكتب من عند الملك وما نعرف بما نجاوبه“! فجلس الشيخ وقال: ”ما قد قلته للملك أن الرب ما يرزقه ولداً، فمَنْ أعلمه شيئاً آخر يتنجس. فلو أنه يتزوج عشر نساء فلن يرزق منهن ولد“. ثم عاد القديس وانضجع.
هجوم البربر على الدير:
فكتب الشيوخ للرسول جواب الكتب. ولما عزم على الخروج، إذا البربر قد أتوا.
من هم البربر:
البربر هم قوم أشداء سكنوا في شمال أفريقيا غرب مصر، وهي قبائل همجية تعتصم بالجبال ويُعرفون باسم الأمازيق ويتعبدون للشمس، وقد قاموا بثلاث هجمات على برية شيهيت: الأولى سنة 407م استشهد فيها القديس موسى الأسود مع سبعة آخرين، ورحل بعدها الرهبان ولم يبقَ منهم سوى القديس أرسانيوس. والغارة الثانية سنة 434م وكان التخريب فيها عظيماً، مما جعل الرهبان يبنون الحصون ليحتموا فيها. وكانت مزودة ببئر ماء ومخازن. وقد بُني أول حصن بدير أنبا مقار عام 438م. وأثناء هذه الهجمات استولى البربر على الغنائم مستغلين سماحة الرهبان وتقواهم. فقاموا بغارة أخرى عام 444م استشهد فيها الشيوخ التسعة والأربعون. ثم جدد الآباء الأديرة، وسُمع صوت في البرية يقول: (الفرار... الفرار). وبعدها هجم البربر على الأديرة بوحشية وقتلوا الشيوخ وأسروا أنبا يؤنس قمص البرية وأنبا صموئيل المعترف، وذهب أنبا دانيال إلى دير تمبوك، ثم كانت الغارة الرابعة سنة 570م وظلوا يهاجمون الأديرة للنهب والسلب حتى سنة 620م، حتى أخضعتهم الدولة العباسية بعد قتال عنيف لسنوات طويلة.
الاستشهاد
وحينما أتى البربر، وقف شيخ كبير يقال له أنبا يؤنس وقال للإخوة: ”ها هم قد أتوا وهم لا يطلبون إلا قتلنا، فمن أراد الشهادة يقف معي، ومن خاف يصعد إلى القصر (الحصن)“.فهرب بعضهم، وبقي مع الشيخ ثمانية وأربعون.
فأتى البربر وذبحوا الشيوخ، فالتفت ابن الرسول من الطريق فرأى الملائكة وهم يضعون الأكاليل على رؤوس الشيوخ المقتولين. وكان اسم الصبي ذيوس، فقال لأبيه: ”هوذا أنا أبصر قوماً روحانيين يضعون الأكاليل على رؤوس الشيوخ، والآن أنا ماضٍٍ لآخذ إكليلاً مثلهم“. فأجابه والده: ”وأنا معك يا ابني“. فعادوا وأظهروا نفوسهم للبربر فقتلوهم وأخذوا الشهادة.
جمع أجساد الشهداء
:
وبعد مضيِّ البربر، نزل الرهبان من القصر وضموا الأجساد معاً وجعلوهم في مغارة، وصاروا يصلُّون قدامهم كل ليلة ويرتلون ويتباركون منهم..
ولما خربت البرية خافوا على الأجساد فنقلوهم من مكانهم وأتوا بهم إلى جانب كنيسة أنبا مقار، وبنوا لهم مغارة، وعملوا عليها كنيسة في زمان البابا ثيئوذوسيوس البطريرك.
عظة على استشهاد الشيوخ(3)
هؤلاء هم الشيوخ الأجلاء الذين قدموا حياتهم فجأة على مذبح الحب الإلهي، بيِّنة على أمانة سيرتهم الطاهرة التي كانوا يكتبونها كل يوم في السموات بجهادهم وعبادتهم الخالصة النقية من حب العالم وشهوة الدنيا. فلما بوَّق لهم الملاك ميَّزوا صوته وأدركوا الدعوة في الحال، وكانوا على أتم استعداد للسفر السعيد، لم يكونوا ممسوكين بشيء من معوقات هذا الدهر.
+ لقد خلعوا طواعية كل كرامة فانية، فتأهبوا باتضاعهم المستعد للبس الإكليل الذي لا يفنى.
+ لقد استوفوا كل ديون الناس بالمحبة - كقول الرسول - فلم يكن في كشوف معاملاتهم ما يعوق الضمير أو يعطل السفر.
+ لقد افتدوا الوقت الشرير بيقظة القلب، فلم يأخذهم النعاس القاتل، ولا سقطوا كغيرهم في بالوعة الاهتمامات الكاذبة، ولا سرقهم تسويف العمر في الباطل، ولا أدركتهم ظلمة اليأس لحظة سماع البوق.
+ لقد جمعوا الزيت الطيب في أواني الصلاة، وأشعلوا المصابيح بنار الحب المقدس وملأوا الزق بدموع التوسل، وتأهبوا لملاقاة العريس مستبشرين ومطمئنين.
+ لقد أكلوا الجسد وشربوا الدم متواتراً، فحسبوا فيهما جيداً حساب الألم وأدركوا بهما سر الموت، وبلغوا فيهما يقين القيامة. فلما دعا داعي الاستشهاد ولمع السيف في يد القاتل حسبوها لحظة العمر لبلوغ الحياة والقيامة الأفضل!!
+ آخرون مثلهم هربوا من العذاب ووجلوا من رعبة الموت وصعدوا واختبأوا في الحصن، وفضلوا البقاء هنا قليلاً عن دوام الحياة هناك. أما هؤلاء التسعة والأربعون السعداء فأقبلوا على الموت وكأنه الخلاص عينه، ”فعُذِّبوا ولم يقبلوا النجاة، لكي ينالوا قيامة أفضل“ (عب 35:11)، فنالوا، ونلنا من بعدهم ميراث إيمانهم ودمائهم مصباحاً لا ينطفىء نوره أمام كل الذين يحبون النور ويحبون السير وراءهم في النور إلى جيل الأجيال!
شفاعة هؤلاء القديسين الشيوخ فلتكن معنا. آمين.
ذكصولوجية التسعة والأربعين شهيداً شيوخ برية شيهيت
القديسون لُبَّاس الصليب المجاهـدون في المسيح
الذين قُتلوا في شيهيت على أيـدي البربــر
أكملوا كل سـيرتـهم وهم عائشون في البراري
متمنطقين بقوة المسـيح ضد الأرواح الشريرة
لقد قـدَّسوا حواسهم الروحية والجسدية
في نُسكيَّات متعـبة وفي دموع وفي سهر
لقد لبسـوا درع الإيمان الأرثوذكسي الذي هو تلاوة طغمات المختارين معلِّمي الكنيسة
ولبسوا الإكليل غير المضمحل الذي للإستشهاد
من قِبَل المجاهد عنهم حقاً ربنا يسوع المسيح
اطلبوا من الرب عنا أيها التسعة والأربعون شهيداً
ليــتـراءف الله علــينا ويــغـفر لنا خطـايـانا.
الهوامش:
(1) عن عظة لقدس أبينا الروحي الأب متى المسكين ليلة تذكار استشهادهم عام 1974م. .
( 2) أنظر عنوان: ”من هم البربر“ .
(3) عن عظة لقدس أبينا الروحي الأب متى المسكين ليلة تذكار استشهادهم الموافق الأحد 26 طوبة 1690 – 3 فبراير 1974 بكنيستهم بدير القديس أنبا مقار الكبير..

This site was last updated 03/05/15