وطنى 21/9/2008م السنة 50 العدد 2439 عن خبر بعنوان [ افتتاح شارع المعز... أول متحف مفتوح للآثار الإسلامية ] تحقيق ميرفت عياد
يفتتح الرئيس مبارك وقرينته في احتفالية كبري أوائل أكتوبر المقبل مشروع تطوير شارع المعز لدين الله الفاطمي وأول متحف للنسيج المصري الذي تقيمه وزارة الثقافة بسبيل محمد علي بمنطقة النحاسين بالجمالية. الجدير بالذكر أن شارع المعز يعد أحد أهم الشوارع ليس في مصر فقط بل علي مستوي العالم من حيث القيمة الأثرية والتاريخية, ومن هذا المنطلق حرصت الدولة متمثلة في وزارتي الثقافة والإسكان ومحافظة القاهرة علي تنفيذ مشروع متكامل لتطوير الشارع وإنقاذ وترميم المباني التاريخية والمواقع الأثرية الموجودة علي جانبيه وفقا لأحدث النظم العالمية لتطوير الشارع وتحويله إلي متحف مفتوح للآثار الإسلامية بتكلفة إجمالية حوالي 35 مليون جنيه,وذلك في إطار المشروع المتكامل الذي تنفذه الدولة لتطوير وإنقاذ آثار القاهرة التاريخية الذي يتضمن ترميم وإنقاذ 217 أثرا إسلاميا وتاريخيا فريدا أضيرت من زلزال 1992 وفي مقدمتها كنور شارع المعز.
ولأهمية هذا الموضوع التقت وطني مع عدد من المسئولين قال خضر مدبولي, مدير عام منطقة غرب الجمالية للآثار الإسلامية والقبطية: إن مشروع تطوير القاهرة الإسلامية الذي بدأ منذ عام 1998م وسيتم الانتهاء منه والاحتفال بافتتاحه في أكتوبر القادم يمسح أثر السنين والإهمال والتعديات من علي وجه مباني وآثار القاهرة الإسلامية بشارعي الأزهر والمعز وتحويل المعز إلي متحف مفتوح للآثار الإسلامية وإغلاق الشارع أمام السيارات وفتحه للمشاة فقط كمزار سياحي لعدد 34 أثرا تطل علي جانبي شارع المعز بامتداد 1200 متر ما بين باب الفتوح وباب زويلة,بالإضافة إلي 67 أثرا بالشوارع الجانبية والأزقة تم ربطها بشارع المعز من خلال المنحدرات الطبيعية للمكان.
وأكد خضر مدبولي أن شارع المعز ينفرد باحتوائه علي أكبر عدد من المباني والمواقع الأثرية والتاريخية في العالم لذلك كان لابد من معاملته معاملة خاصة والسعي لتحويله إلي متحف مفتوح والقضاء علي الإشغالات والأنشطة غير الملائمة لطبيعة الشارع التاريخية وقيمته الأثرية لذلك قامت محافظة القاهرة بالاتفاق مع أهالي المنطقة وأصحاب المحال التجارية باستكمال إجراءات نقل نشاطاتهم إلي مدينة العبور مع الاحتفاظ بالمحال التجارية ومواقعهم القديمة بشارع المعز بشرط تغيير النشاط إلي أنشطة أخري تتلاءم مع القيمة التاريخية للآثار,الأمر الذي سيعود بالنفع عليهم اقتصاديا وسيحول الشارع إلي مزار سياحي للسائحين من مختلف دول العالم.
ومن جانبه أضاف مصلح رجب, مدير آثار شارع المعز قائلا: إنه تم الاستعانة بمجموعة من الخبراء الإيطاليين وبإشراف شركة مصر للصوت والضوء لتنفيذ مشروع إضاءة لمجموعة من المباني الأثرية بمنطقة القاهرة الفاطمية بحيث تتناسب الإضاءة مع طبيعة كل أثر وأن تراعي الارتفاعات والانخفاضات لكل مبني تاريخي علي حدة وقد تم بالفعل إضاءة 33 أثرا بشارع المعز,مؤكدا أن هذه هي المرة الأولي التي تستخدم فيها هذه التكنولوجيا الحديثة بمصر وهي عبارة عن نوع من الإضاءة الباردة التي لا تؤثر علي الأثر أو تضره ولا تتأثر بالعوامل الجوية المحيطة من أتربة أو رياح أو أمطار,كما أنها يمكن التحكم فيها عن بعد وتحديد لون الإضاءة ودرجتها وتداخل الألوان مع بعضها.
وذكر مصلح رجب أن الخطوة الثانية في مشروع تطوير القاهرة الإسلامية تطوير شارع المعز نفسه بالتنسيق مع وزارة الإسكان والمحافظة وذلك بتجديد جميع شبكاته ومرافقه من كهرباء ومياه وصرف صحي وتليفونات وتبليط الشوارع والأرصفة بعد إعادة منسوب الشارع إلي أصله الأثري, هذا إلي جانب صيانة الواجهات غير الأثرية الخارجية للمحلات التجارية والمباني الخدمية والسكنية بمعالجة أي عيوب خرسانية ودهان جميع العناصر المعدنية والخشبية بها, وكذلك تنسيق الموقع العام للشارع بزراعة نوعيات مختلفة من الأشجار والنخيل.
تاريخ شارع المعز
إن شارع المعز هو في الحقيقة كتاب حي مفتوح للزائرين لكي يقرأوا بالعين المجردة تاريخ مصر عبر رحلة طولها ألف سنة,حيث كان للقاهرة يوم ولدت أحد عشر بابا وكانت مدينة مغلقة تغلق أبوابها في الليل وتفتحها في النهار ولم تعلن مدينة مفتوحة إلا منذ 500 عام فقط عندما جاءها السلطان سليم غازيا من اسطنبول ولم يبق من هذه الأبواب غير ثلاثة أبواب وهي باب النصر وباب الفتوح وباب زويلة الذي يمتد بينها شارع المعز بما يحتويه من العديد من الآثار وهي علي سبيل المثال لا الحصر جامع السلطان الغوري الذي يضم جامعا وسبيلا وكتابا وعمره الآن 503 أعوام, ومجموعة السلطان المنصور سيف الدين قلاوون الألفي والتي يناهز عمرها 702 عام وتضم مقبرة وضريحا وبيمارستانا, وجامع الناصر محمد بن قلاوون والذي تتغير ألوان قبته بنقوشها وزجاجها الملون مرة كل ثلاث ساعات مع تحرك الشمس من الشرق إلي الغرب, وجامع برسباي المعلق فوق بابه خوذة ملك قبرص ويعود تاريخ إنشائه إلي عام 1425م, وجامع المؤيد وعمره الآن 603 سنوات والذي أقيم مكان أحد السجون التي كانت تجري بها العديد من ألوان العذاب وهو ملاصق لباب زويلة, وجامع الأقمر الذي أقامه الخليفة الأمر بأحكام الله أبو علي المنصور منذ 917 عاما وهو من أحمل المساجد الفاطمية علي الإطلاق حيث إن واجهته هي أول واجهة مزخرفة في المساجد المصرية, وجامع أحمد بن طولون الذي يعد أول جامع تقام فوقه مئذنة يؤذن من فوقها للصلاة وثالث جامع أنشئ بمصر الإسلامية بعد جامع عمرو بن العاص وجامع العسكر الذي زال من الوجود, وعند الانتهاء من شارع المعز وقرب باب الفتوح يوجد جامع الحاكم بأمر الله رابع الخلفاء الفاطميين والذي دمر مئذنتيه زلزال قرب القاهرة عام 1303م وأعاد بناؤهما الظاهر بيبرس.
أول متحف للنسيج المصري
من جانبه أضاف مهندس حسام فودة المهندس المشرف علي الوحدة الهندسية بمشروع تطوير القاهرة التاريخية,قائلا إنه يجب استخدام بعض المباني الأثرية بعد ترميمها,ضمانا لاستمرار صيانتها ومن هذه المباني أسبلة شارع المعز,وذلك لوجود العديد منها خاصة أسبلة عصر محمد علي باشا لكبر حجمها بسبب إضافة المدارس بها, لذلك اتخذ القرار بتحويل سبيل محمد علي بشارع المعز بمنطقة النحاسين إلي متحف للنسيج والسجاد عبر العصور مع مراعاة عدم إدخال أي تعديلات علي ملامح المبني من الداخل أو الخارج أو علي نقوشه وزخارفه.
وأشار م. حسام فودة إلي أن أعمال الترميم المعماري التي تمت للسبيل تشمل حقن الحوائط الحجرية لتحسين أدائها الإنشائي, إزالة طبقات البياض الأثري, علاج الصهريج أسفل السبيل الذي اتضح وجود مياه به, استخلاص الأملاح من الحوائط الداخلية والواجهات الخارجية للسبيل هذا إلي جانب أعمال الترميم الدقيق للأسقف الملونة والواجهات ومصبعات البرونز ومعالجة الأحجار التي تراكمت عليها الأتربة وإظهار النقوش والزخارف والكتابات المحفورة عليها.
وأكد م. حسام فودة علي أن متحف النسيج هو أول متحف للنسيج المصري ويعد واحدا من أهم وأكبر متاحف النسيج علي مر العصور لذلك تم انتقاء حوالي 250 قطعة نسيج و15 سجادة من مختلف العصور بداية من العصر الفرعوني مرورا بالقبطي والإسلامي نهاية بعصر محمد علي, كما يشمل المتحف وسائل عرض مساعدة من الرسوم والكتابات والصور التي توضح طرق صناعة المنسوجات وأشكال النول وطريقة استخدامه وأنواع المنسوجات المختلفة.
هذا إلي جانب استخدام أحدث تكنولوجيا العصر لإنشاء متحف فريد من نوعه روعي فيه استخدام أحدث نظم العرض المتحفي من حيث الفتارين ونظم الإضاءة,نظرا لحساسية المعروضات وتأثرها بالعوامل الجوية المحيطة.
التاريخ والوصف المعماري لسبيل محمد علي
يقع سبيل محمد علي أمام مدرسة الناصر محمد بن قلاوون بالجمالية وقد شيده محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية في عام 1828م بغرض خيري وهو سقي المارة,وتعليم الأطفال في الكتاب الذي يعلوه.
ويعد هذا السبيل من الأسبلة ذات التأثير التركي المكسوة بالرخام المحلي بنقوش وكتابات غاية في الدقة والجمال ولهذا السبيل واجهتان هما الواجهة الرئيسية وتطل علي شارع النحاسين وهي عبارة عن واجهة نصف دائرية بها أربعة شبابيك للتسبيل ويوجد بها المدخل الرئيسي للسبيل أما الواجهة الفرعية فتطل علي شارع بيت القاضي.
وتتكون عمارة السبيل الداخلية من حجرة السبيل التي فرشت أرضيتها ببلاطات رخامية وغطت بقبة بيضاوية تزينها زخارف متعددة,إلي جانب مجموعة حجرات ملحقة بالطابق الأرضي,بينما يصعد سلم يؤدي إلي الكتاب وملحقاته بالطابق الأول والذي يبرز عن الواجهة الرئيسية وقد ألحق بالكتاب مجموعة من الغرف التي يتوسطها شخشخية خشبية للإضاءة والتهوية.
**********************
نظام إطفاء.. وعسس.. وبصاصون
بصاصون وعسس ونهضة تجارية وحركة دائمة شهدها شارع المعز، فى العصر العثمانى، الذى شهد تحولاً اجتماعياً وحراكاً سياسياً..
واهتم الولاة المتعاقبون بالنظام والأمن فى شارع المعز وأسواقه، بخاصة أثناء جولاتهم الليلية مما جعلهم يهتمون بتوفير نظام لإطفاء الحرائق فضلاً عن وجود العسس والبصاصين وكأن يتم إجبار أصحاب الحوانيت فى نفس الشارع على رشه بالماء وتعليق القناديل فوق دكاكينهم..
تمثلت التحولات الطارئة على الشارع فى العصر العثمانى فى انتقال مساكن الأمراء والطبقة الحاكمة والطبقة المتوسطة من القاهرة والمناطق المحيطة بالقلعة إلى شواطئ بركة الفيل ثم إلى الأحياء الواقعة فى البر الغربى للخليج..
فيما استقر صغار التجار والحرفيين فى منطقة القاهرة والقلعة.. وواصلت المدينة نموها التجارى والاقتصادى، واحتلت مركزاً محورياً فى التجارة الداخلية, وتضاعف إنشاء الوكالات التجارية من ٥٨ إلى ٣٦٠ فى العصر العثمانى.
*****************
القاهرة مسجلة على لائحة التراث العالمى كثانى مدينة بعد مدينة كيتو بالاكوادور فقد تم الرجوع لكل الرسائل العلمية لأساتذة جامعيين مصريين وصولاً للدراسة التى أعدها برنامج الإنماء التابع للأمم المتحدة عام ١٩٩٨، فضلاً عن مشروع المجلس الأعلى للآثار، «مشروع تطوير القاهرة التاريخية» والذى، يعتبر نقطة انطلاق تجاه تنفيذ المشروع الحالى وتمت مناقشة دراسة المجلس الأعلى للآثار بالتعاون مع «اليونسكو»، بالاعتماد على الإحصاءات المتعلقة بهذا الشأن والوقوف على المتغيرات التى تعاقبت على الشارع حتى تم إنجاز تصور كامل.
صدر قرار رئيس الحكومة المصرية رقم ١٣٥٢ مايو ١٩٩٨م، بتشكيل مجموعة عمل على المستوى الوزارى تضمنت وزراء الأوقاف والتعمير والتخطيط والحكم المحلى والداخلية والنقل ومحافظة القاهرة، وترأس فاروق حسنى، وزير الثقافة، اللجنة التى وضعت خطة عمل ومنهجاً لإعداد الدراسات المتكاملة لمشروع القاهرة التاريخية، وتم إنشاء مركز للدراسات تولى عمليات التوجيه والتنسيق وتقديم الدراسات والاستشارات ودعم القرارات وحصر شامل ودقيق للحالة التى آلت إليها المبانى الأثرية بالمنطقة وتوصيف حالتها على وجه الدقة.
تألف فريق عمل المركز من مفتش آثار ومهندسين قام على تحليل المشكلة من تحديد للمكان والمعلومات التاريخية وحصر للآثار وتصنيفها وخلص التقرير إلى وجود ضرورة تغيير محاور المرور وإنشاء نفقى الأزهر وإزالة الكوبرى العلوى وإعادة النظر فى بنية وحالة المرافق وتم عرض التفاصيل على رئيس الجمهورية، فى اجتماع برئاسته، ضم الوزراء المشاركين وتم تحديد المهام والأدوار والفتراة المحددة لكل عمل.