Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

النصارى العرب باليمن ونصارى نجران

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
المسيحية فى العربية
النصارى العرب فى الشام
النصارى العرب فى العراق
النصارى العرب بأطراف العربية
النصارى العرب باليمن ونجران
معتقدات طوائف العرب النصرانية
التنظيم الدينى للنصارى العرب
أثر النصرانية على العرب

Hit Counter

 

  جارى العمل فى هذه الصفحة

********************************************************************************************************

الجزء التالى للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى فى موضع آخر من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثالث 1980م الفصل التاسع والسبعون - النصرانية بين الجاهليين  ص 795 - 804  نقلنا هذه الصفحة بدون تغيير ولكننا وضعنا لكل فقرة عنوان
**********************************************************************************************************

 

العبد الناسك النصرانى  ينشر النصرانية فى نجران
وتزعم الموارد. الإسلامية ان الذي نشر النصرانية في اليمين رجل صالح من بقايا أهل دين عيسى اسمه "فيميون" "Phemion=Faymiyon، وكان رجلاً زاهداً في الدنيا مجاب الدعوة سائحاً ينزل القرى لا يعرف بقرية إلا خرج منها إلى قرية لا يعرف فيها، وكان لا يأكل إلا من كسب يده، وكان بناء يعمل الطين وكان يعظم الأحد: إذا كان الأحد لم يعمل فيه شيئاً. ففطن لشأنه في قرية من قرى الشام رجل من أهلها أسمه "صالح"، فأحبه واتبعه على دينه ورافقه. وانصرف ومعه صالح من ضواحي الشام حتى وطئا بعض أرض العرب، فعدا عليهما، فاختطفتهما سيارة من بعض العرب، فخرجوا بهما حتى باعوهما بنجران. وأهلها من بني الحارث بن كعب من بني كهلان. وكانوا يعبدون الغزى على صورة نخلة طويلة بين أظهرهم. فابتاع رجل من أشرافهم "فيميون"، وابتاع رجل آخر صالحاً، وقد أعجب صاحب فيميون به، لما رآه فيه من صلاح وورع، فآمن بدينه، وآمن أهل نجران منذ ذلك الحين بالنصرانية لمعجزة قام بها "فيميون"، حينما دعا الله يوم عيد العزى ان يرسل عليها ريحاً صرصراً عاتية تخنى عليها. فأتت الريح عليها فجعفتها من أصلها فألقتها، فآمن بدينه أهل نجران. فمن هنالك كانت النصرانية بنجران. ويذكر الطبري ان أهل نجران كانوا يعيدون كل سنة، "إذا كان ذلك العيد علقوا عليها كل ثوب حسن وجدوه، وحليّ النساء. ثم خرجوا، فعكفوا عليها يوماً".
ويظن أن "فيميون" كلمة يونانية في الأصل حرفت من أصل Euphemion. وزعم أن "فيميون" عين أحد النجرانيين واسمه "عبدالله بن الثامر" رئيساً عليهم، وجعلهم تحت رعاية أسقف اسمه "بولس".
وقد ذكر "الأزرقي" أن أهل نجران كانوا من أشلاء سبأ "وكانوا على دين النصرانية على أصل حكم الانجيل، وبقايا من دين الحواريين، ولهم رأس يقال له: عبدالله بن ثامر".
وتذكر رواية اسلامية أخرى أن أهل نجران كانوا أهل شرك، يعبدون الأوثان وكان في قرية من قراها قريباً من نجران ساحر يعلم غلمان أهل نجران السحر، وكان أحد رجال نجران واسمه "الثامر" يرسل ابنه "عبدالله" مع غلمان أهل نجران إلى ذلك الساحر يعلمهم السحر، فكان يمر على صاحب خبمة بين نجران وتلك القرية، وقد أعجبه ما رآه من صلاته وعبادته وتقواه، فجعل يجلس اليه ويسمع منه حتى دخل في دينه، وصار يدعو اليه بين أهل بلده. فمن ثم انتشرت النصرانية في نجران، وظهرت على الوثنية.
وتذكر هذه الرواية، ان "عبدالله بن الثامر"، أخذ من ثم يبشر بالنصرانية، ويأتى بالمعجزات إذ يشفي المرضى "حتى لم يبق أحد بنجران به ضر إلا أتاه فاتبعه على أمره، ودعا له فعوفي، حتى رفع شأنه إلى ملك نجران. فدعاه فقال له: أفسدت عليّ أهل قريتي، وخالفت ديني ودين آبائي، لأمثلن بك ! قال: لا تقدر على ذلك، فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل فيطرح عن رأسه فيقع على الأرض، ليس به بأس، وجعل يبعث به إلى مياه بنجران، بحور لا يقع فيها شيء إلا هلك، فيُلقى فيها فيخرج ليس به بأس، فما غلبه، قال عبدالله بن الثامر: انك والله لا تقدر على قتلي حتى توحد الله فتؤمن بما آمنت به، فإنك إن فعلت ذلك سلطت علي فقتلتني، فوحد الله ذلك الملك، وشهد بشهادة عبدالله بن الثامر، ثم ضربه بعصاً في يده فشجّه شجة غير كبيرة، فقتله، فهلك الملك مكانه، واستجمع أهل نجران على دين عبدالله بن الثامر".
ولم تصرح هذه الرواية التي يرجع سندها إلى "محمد بن كعب بن القرظي" وبعض أهل نجران، باسم الرجل الصالح الذي أخذ منه "عبداللّه بن الثامر" نصرانيته. وقد نبّه إلى ذلك الطبري، في اثناء سرده لها، فقال: "ولم يسموه باسمه الذي سمّاه به وهب بن منبه".
وقد صيرت بعض الروايات "عبدالله بن الثامر" في جملة من قتلهم "ذو نواس" من النصارى، غير ان "الطبري"، نبه إلى خطل هذا البعض، وبينّ ان "عبدالله" كان قد قتل قبل ذلك، قتله ملك كان قبله، هو كان أصل ذلك الدين.
وهناك قصة ذكرها "ابن اسحاق"، تزعم أن رجلاً حفر خربة من خرب نجران لبعض حاجاته، فوجد عبداللّه بن الثامر تحت دفن منها قاعداً واضعاً يده على ضربة في رأسه ممسكآ عليها بيده، فإذا أخرت يده عنها انبعثت دماً، واذا أرسلت يده ردّها عليها،. فأمسك دمها،وفي يده خاتم، فأقر على حاله وردّوا عليه الدفن الذي كان عليه، وكان ذلك بأمر عمر بن الخطاب.
والظاهر أن النجرانيين، لم ينسوا رئيسهم "عبدالله بن الثامر" حتى بعد اسلامهم، فرووا عنه هذا القصص وصيروه على هذه الصورة التي روتها القصة.
ويظهر أنه قتل، فصير شهيداَ من الشهداء، لأنه قتل في سبيل دينه وفي سبيل نشره بين النجرانيين.
وزعم بعض الأخباريين أن الذي أدخل النصرانية ونشرها في الحميريين، هو التبع عبد كلال بن مثوب: أخذ التبع نصرانيته بزعمهم من رجل من غسان ذكروا أنه كان قد قدم عليه من الشام. فما علمت حمير بتنصر التبع وبتغيير دينه وإعراضه عن عبادتها، وثبت بالغساني فقتلته. وقد أشير الى تنصره في القصيدة الحميرية.
أما الرواية الأولى فتنسب الى "وهب بن منبه". وأما الرواية الثانية فتنسب الى "محمد بن كعب القرضي" والى بعض أهل نجران لم يصرح "ابن اسحاق" بذكر أسمائهم، فالروايتان اذن من مورد واحد هو أهل الكتاب. فوهب بن منبه من مسلمة يهود. وأما محمد بن كعب بن أسد القرظي المتوفي بين سنة 18 1 - 0 2 1 للهجرة، فهو من أصل يهودي كذلك، من قريظة حلفاء ألأوس، وقريظة يهود. وكان مثل وهب قاصأَ من القصاص يقص في المسجد. وقد جرّ قصصه.هذا عليه البلايا، فكان يقص في المسجد فسقط عليه السقف فمات.
وجدت أقوال محمد بن كعب القرظي سبيلها إلى تأريخ الطبري عن طريق سيرة ابن اسحاق، وهو طريق ابن حميد عن سلمة بن الفضل عن ابن اسحاق صاحب السيرة الذي أخذ منه بلا واسطة كما أخذ منه بالواسطة. أما الأخبار المروية عنه، فهي في سير الرسل والأنبياء، وفي انتشار اليهودية والنصرانية في اليمن، وفي الأمور التي تخص اليهود في الححاز. وكان من المقربين الى الخليفة عمر بن عبد العزيز، لأنه كانت له به معرفة سابقة قبل توليه الخلافة. فلما ولي الخلافة، كان يذهب اليه ويتحدث معه في الزهد وفي القصص الذي يحمل طايع الاسرائيليات وفي التفسير الذي اشتهر به.
فناقل النصرانية إلى نجران اذن رجل غريب جاء إلى البلد من ديار الشام على رواية "وهب بن منبه". ويرجع "أوليري" هذه الروابة إلى أصل يرى جذوره في السريانية. واسم هذا الرجل الصالح غير عربي بالطبع. فلعله من المبشربن الذين كانوا يطوفون بين ديار العرب للتبشير.
ولا يستبعد أن يكون المبشرون قد أدخلوا النصرانية إلى اليمن عن طريق الحجاز، فقد كانوا يتنقلون بين العرب لنشر هذا الدين. وليس بمستبعد أيضاً أن يكون قد دخل عن طريق الساحل أيضأَ مع السفن. فقد كان المبشرون يتنقلون مع البحارة والتجار لنشر النصرانية، وقد تمكنوا بمعونة الحكومة البيزنطية من تأسيس جملة كنائس على سواحل جزيرة العرب وفي سقطرى والهند. كما لا يستبعد أن يكون للمبشرين الذين جاؤوا من العراق كما تذكر بعض الموارد النصرانية السريانية دخل في نشر النصرانية في اليمن. و لا سيما نشر النسطورية في تلك البلاد.
وأما الموارد النصرانية، فإنها مختلفة فيما بينها في أول من أدخل النصرانية الى اليمن، فالموارد اليونانية ترى رأياً، والموارد السريانية ترى رأياً، والموارد الحبشية ترى رأياً آخر، يختلف عن الرأيين. وكل رأي من هذه الأراء الثلاثة يرجع شرف نشر النصرانية في اليمن اليه.

المؤرخون اليونان يروون قصة التبشير بالمسيحية فى اليمن
يحدثنا كتبة التواريخ الكنسية من اليونان أن القيصر "قسطنطين" الثاني أرسل في عام "354" للميلاد "ثيوفيلوس اندس"، Theophilus Indus، أي "ثيوفيلوس الهندي"، من جزبرة سرنديب أي سيلان إلى العربية الجنوبية للتبشير بالنصرانية بين الناس. وقد تمكن من انشاء كنيسة في عدن وأخرى في ظفار وثالثة في هرمز،وعين للمتنصرين رئيساً ثم رحل. وصارت ظفار في سنة 356م مقراً لرئيس اًساقفة يشرف على شؤون نصارى نجران وهرمز وسقطرى. وقد عثر على مقربة من خرائب ظفار على أعمدة من الطراز "الكورنثي" وعلى بقايا تيجانها وعليها نقوش صلبان يظهر أنها من مخلفات تلك الكنائس القديمة التي شيدت بمساعدة البعثات التبشيرية وفي أيام الحبشة في اليمن.
وزعم "فيلوستورجيوس" Philostorgius ان هذا الشعب الذي بشّر "ثيوفلوس" بين أفراده بالنصرانية، شعب هندي، وكان يدعى سابقاً باسم شعب "سبأ" نسبة إلى عاصمته سبأ ويعرف اليوم باسم حمير Homeritae. وقد توهم عدد من الكتبة "الكلاسيكيين" فحسبوا الحميريين من الهنود، كما ان بعضاً منهم ظنوا ان السبئيين من "الكوشيين" الحبش، والذي أوقعهم في هذا الوهم هو صلات هؤلاء بافريقية وبالهند، ولوقوع بلادهم على المحيط الهندي وعلى مقربة من افريقية.
وجاء في رواية أخرى ان القيصر"قسطنطين" الثاني أرسل "ثيوفيلوس" إلى ملك حمير Homeritae ونجاشي الحبشةAxume وذلك في عام "356"للميلاد. برسائل كتبها القيصر إلى الملكين. فلما أنهى مهمته لدى ملك حمير، انتهز هذه الفرصة فزار وطنه الهند، ثم عاد فذهب إلى الحبشة. وعاد منها فذهب إلى أنطاكية Antiochia ومنها إلى القسطنطنية. ويظهر من هذه الرواية ان مهمته هذه لم تكن مهمة دينية، انما كانت ذات طابع سياسي، الغاية منها ضم حمير والأحباش إلى معسكر البيزنطيين.
وقد كان من مصلحة الحكومة البيزنطية بعد دخول القيصر"قسطنطين"في النصرانية عام "313" م للميلاد واتخاذها ديانة رسمية للدولة، ان ينشر هذا الدين ويكثر أتباعه، لما في ذلك من فوائد سياسية ومصالح اقتصادية،فضلا عن الأثر العميق الذي يتركه هذا العمل في نفوس أتباعه المؤمنين مما يرفع من مكانة القياصرة في نفوس الشعب ويقوي من مراكزهم ونفوذهم على الكنيسة والرعية. وبمساعدة هؤلاء القياصرة تمكن المبشرون من انشاء ثلاث كنائس في "ظفار" و "عدن" و"هرمز".
ولم يكن يقصد "قسطنطين" كما يرى المستشرق "روسيني" من إرسال الوفد الذي ترأسه "ثيوفيلوس" إلى ملك حمير، هدفاً دينياً محضاً، وإنما أراد أن يعقد معاهدة تجارية مع الحميربين ويحقق له منافع اقتصادية وسياسية، بأن يحقق له التجارة البحرية، ويحرض اليمانيين على الفرس ويدخلهم في معسكره بدخولهم في النصرانية التي تجمع عندئذ بينهم وبين الروم.
وورد في رواية أخرى ان الحميربين Homeritae دخلوا في عهد"انسطاس" "انسطاسيوس" "491 - 8 1ه م" في النصرانية. وذكر أيضاً أنه كان في جملة من قصدوا القديس "سمعان العمودي" رجال من عرب حمير، وقد رآهم "تاودوريطس" في القرن الخامس للميلاد.
وأما الموارد السريانية، ومنها الموارد النسطورية، فتزعم أن تاجراً من أهل نجران اسمه "حنان" أو "حيّان"، قام في أيام "يزدجرد " الأول "399 - 420 للميلاد" بسفرة تجارية إلى القسطنطنية، ثم ذهب منها إلى الحيرة،وفيها تلقن مبادىء النصرانية ودخل فيها. فلما عاد منها إلى نجران، بشر فيها بالنصرانية حتى تمكن من نشرها بين حمير. وترجع تواريخ البطارقة هذه الحادثة إلى أيام بطرقة "معنى" Ma'na الموافقة لحوالى سنة"420" بعد الميلاد. وذكر أنه في عهد البطريق "سيلاس" Silas "505 - 523م"، هرب لاجئون من اليعاقبة Jakobiten الى الحيرة، غير أن النساطرة أجلوهم عنها،فذهب قسم منهم إلى نجران، فنشروا مذهبهم بين السكان.
وتشير الأخبار الكنسية أيضاً إلى أن رسولي الكلدان الأولين: "ادي" و "ماري" كانا قد سارا إلى بلاد العرب سكان الخيام. والى نجران وجزائر بحر اليمن. وجاء في المصحف الناموسي: "وبشر الجزيرة والموصل وأرض السواد كلها وما يليها من أرض التيمن كلها وبلاد العرب، سكان الخيام والى ناحية نجران والجزائر التي في بحر اليمن مارى الذي من السبعين".

الأحباش يوون قصة أنتشار النصرانية فى اليمن
وللحبش قصص عن انتشار النصرانية في نجران، خلاصتها: ان قديساً اسمه "ازفير" Azkir، أقام كنيسة ورفع الصليب وبشّر بالنصرانية في نجران، وذلك في ايام الملك "شرحبيل ينكف" ملك حمير، فاستاء من ذلك "ذو ثعليان" و "ذو قيفان"، وأرسلا رجالهما إلى المدينة لهدم الكنيسة وانزال الصليب والقبض على القديس، ففعلوا وألقوا به في غياهب السجن. وفي اثناء اقامته فيه هدى قوماً من السجناء إلى النصرانية بفعل المعجزات التي قام بها، فغضب الملك "شرحببل" عليه، وأرسل إلى القيلين اللذين كانا في نجران ان يرسلا اليه هذا الرجل الذي فتن الناس، فأرسل مخفوراً اليه. وفي اثناء اجتيازه الطريق إلى عاصمة الملك ظهرت منه معجزات خارقة، آمن بها عدد ممن رافقوه أو وقفوا على احواله وتعمّدوا على يديه. فلما وصل إلى "ظفار" عاصمة "شرحبيل"، انتهره الملك وحاجه في دينه وعرض عليه كتب "يهود"، ثم أغراه بالذهب والمال، فقال له القديس: "الذهب والفضة فانيان، أما كرستس ساكن السماء فباق". وقد حرضه عليه أحد الأحبار، فأمر الملك عندئذ بارساله إلى نجران لقتله. فلما بلغ المدينة، قتله اليهود، فمات شهيداً في سبيل دينه.
وتزعم الرواية الحبشية ان نصارى اليمن كانوا يرسلون بهداياهم إلى النجاشى بالضرائب يدفعونها اليه.
وذكر ان احد الاساقفة ممن كان في اليمن، كان قد اشترك في أعمال مجمع "نيقية" الذي انعقد سنة325 للميلاد. وإذا صح هذا الخبر، فإنه يعني ان النصرانية كانت قد وجدت لها سبيلاً إلى اليمن في القرن الرابع للميلاد.
يتبين من هذه الأخبار أن النصرانية لم تدخل العربية الجنوبية من طريق واحد، وإنما دخلتها من البر ومن البحر، دخلتها من البر من ديار الشام إلى الحجاز فاليمن، ومن العراق أيضاً مع القوافل التجارية المستمرة التي كانت بين اليمن والعراق. ودخلتها من البحر بواسطة السفن اليونانية ودخلتها مع الحبشة كذلك الذين كانوا على اتصال دائم باليمن وببقية العربية الجنوبية منذ أيام ما قبل الميلاد.

تعذيب نصارى نجران
وقد كانت نجران أهم موطن للنصرانية في اليمن، ولعلها الموطن الوحيد الذي رسخت هذه الديانة فيه في هذه البلاد. وقد اشتهرت نجران بالحادثة التي وقعت فيها، حادثة تعذيب النصارى، وبما ذكره أهل الأخبار عن الكنيسة التي أنشأها الأحباش فيها وعرفت ب "كعبة نجران" عند الأخباريين كما عرفت ب "بيعة نجران" أيضاً. وفي رواية تنسب إلى ابن الكلبي "أنها كانت قبةّ من أدم من ثلاث مئة جلد، كان اذا جاءها الخائف أمن، أو طالب حاجة قضيت، أو مسترفد أرفد. وكانت لعظمتها عندهم يسمونها كعبة نجران، وكانت على نهر نجران، وكانت لعبد المسيح بن دارس بن عدي بن معقل، وكان يستغل من ذلك النهر عشرة آلاف دينار، وكانت القبّة تستغرقها". وكان ينفق عليها من غلّة ذلك النهر.
ووردفي رواية أخرى أنها كانت بناء بني على بناء الكعبة.وقد بناها بنو عبد المدّان بن الدياّن الحارثي، بنوها على بناء الكعبة، وعظموها مضاهاة لها.
وكان فيها أساقفة معتمون، وهم الذين جاؤوا إلى النبي، ودعاهم إلى المباهلة.
وتذكرنا قصة "ابن الكلبي" عن أصل كعبة نجران، وأنها كانت من أدم، بما نعرفه عن خيمة "يهوه" إله العبرانيين، وتعبد الاسرائيليين له فيها قبل بناء الهيكل، واعتقادهم أنها خيمة مقدسة، وبما نعرفه من خيم القبائل المقدسة، وذلك لأنها كانت بيوتاً توضع فيها الأصنام ويتعبد أفراد القبيلة بها، فإذا ارتحلوا إلى مكان جديد نقلوا خيمتهم معهم. والظاهر ان كعبة نجران المذكورة،إن صحت رواية ابن الكلبي، كانت من هذا النوع، خيمة مقدسة في الأصل وذلك قبل دخول أهل نجران في النصرانية، فلما دخلوها، لم تذهب عنها قدسيتها، بل حولوها إلى كنيسة، ثم بنوا بيعة في موضعها فيما بعد.

قُس بن ساعدة الايادي كان أسقفاً على نجران
وفي رواية ان قُس بن ساعدة الايادي كان أسقفاً على نجران، وهي رواية تحتاح إلى سند موثوق به، وقد أخذ بها "شيخو" وأمثاله ممن يرجع كل شيء من هذا القبيل في الجاهلية إلى النصرانية.
وقد كانت نجران المركز الرئيس للنصرانية في اليمن عند ظهور الإسلام، لها نظام سياسى واداري خاص تخضع له، وعليها: "العاقب"، وهو كما يقول أهل السير: "أمير القوم، وذو رأيهم، وصاحب مشورتهم،والذي لا يصدرون إلا عن رأيه"، و "السيد"، وهو "ثمالهم، وصاحب رحلهم ومجتمعهم"، و "الأسقف"، وهو " حبرهم، و إمامهم، وصاحب مدر اسهم". ويقصدو ن به رئيس نجران الديني الذي اليه يرجعون في أمور الدين. أما العاقب والسيد، فإليهما ادارة الجماعة، والإشراف على شؤونهم السياسية والمالية، وتدبير ما يحتاج المجتمع اليه من بقية الشؤون.

الجزية لنصارى نجران
وقد صالح أهل نجران خالد بن الوليد، في زمن النبي، في السنة العاشرة من الهجرة، وبذلك دخل أكثر سكان المدينة في الإسلام. أما من بقي على دينه من النصارى، فقد فرضت عليه الجزية.

وفد نجران النصرانى الذى ناقش محمد فى نسب مريم وأنها ليست بنت عمران
ويذكر أهل السير ان اسم عاقب نجران في ايام النبي، هو "عبد المسيح" رجل من كندة. وقد قدم على رأس وفد من أهل نجران إلى يثرب، فقابل الرسول، وتحدث معه. وكان معه "الأيهم" وهو سيد نجران يومئذ، وأبو حارثة بن علقمة احد بني بكر بن وائل، وكان أسقفهم وحبرهم وإمامهم يومئذ، وله مقام عظيم عندهم، "وقد شرف فيهم، ودرس كتبهم حتى حسن علمه بدينهم، فكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه وموّ لوه، وأخدموه، وبنوا له الكنائس، وبسطوا عليه الكرامات، لما يبلغهم عنه من علمه وأجتهاده في دينه".
وإذا صح ما رًواه أهل الأخبار من أن عاقب نجران كان كندياً، وأن اسقفها كان من "بكر بن وائل"،فإن ذلك يدل على أن الرئاسة عند النصارى العرب، لم تكن تتبع العرف القبلي في الزعامة، وإنما كانت عن تنسيب واختيار، وأنا لا استبعد احتمال وجود مراجع دينية عليا، كانت هي التي تتولى النظر في ادارة الكنائس وفي تعيين رجال الدين وفي النظر في المشكلات التي تقع بين النصارى، أو بين النصارى وغيرهم، وفي أمر مساهمة النصارى العرب في المجامع الكنسية التي تنظر في المسائل العامة للطوائف.

السيد والعاقب أسقفي نجران اللذين أرادا مباهلة محمد
ويرى بعض أهل الأخبار أن "السيد والعاقب أسقفي نجران اللذين أرادا مباهلة رسول الله" هما من ولد الأفعى بن الحصين بن غنم بن رهم بن الحارث الجرهمي، الذي حكم بين بني نزار بن معد في ميراثهم، وكان منزله بنجران.
ويذكر علماء اللغة، أن "العاقب" من كل شيء آخره، والعاقب السيد، وقيل الذي دون السيد، وقيل الذي يخلف السيد، وقيل: الذي يخلف من كان قبله في الخير كالعقوب. والذي أوحى اليهم بهذا التأويل والتفسير، ظاهرلفظة "عقب" في عربيتنا التي منها اشتقت لفظة "العاقب" على رأيهم، والصحيح أنها لفظة عربية جنوبية وردت في المسند، بمعنى "رئيس" وممثل قوم، أي رسول قوم، فورد "عقبت نشقم"، أي "رئيس" مدينة "نشق"، وبمعنى ممثل مدينة"نشق".
وذكر ان نصارى نجران، أرسلوأ العاقب والسيد في نفر لمحاججة رسول الله فيما نزل عليه في المسيح، من انه عبدالله، حيث كبر ذلك عليهم سماعه،فاخذوا يخاصمونه ويجادلونه فيه، وألحوا عليه بالجدل والخصومة، فدعاهم إلى الملاعنة، فامتنعوا ودعوا إلى المصالحة، فصالحهم. وانه إلى ذلك أشير في القرآن الكريم: ) فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم. فقل: تعالوا: ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساء كم وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين (.

وفد أهل نجران يناقش محمد عن المسيح
وورد ايضاً انه لما بعث رسول الله وسمع به أهل نجران أتاه منهم أربعة نفر من خيارهم منهم العاقب والسيد، و "مار سرجس"، و "مار يحز"، "فسألوه ما يقول في عيسى. فقال: هو عبد الله وروحه وكلمته. قالوا هم: لا، ولكنه هو الله نزل من ملكه، فدخل في جوف مريم، ثم خرج منها، فأرانا قدرته وأمره، فهل رأيت قط انساناً خلق من غير أب ? فأنزل الله، عز وجل، إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له: كن فيكون".

تعليق من الموقع : القرآن أخطأ فى موضوع المسيح وآدم الفرق أن آدم مخلوق من تراب أما المسيح فمولود  من دم مريم , وفى هذا الموقع صفحة خاصة بهذا النفسير

الكنيسة أصبحت جامع صنعاء
وقد كان لنصارى اليمن كنائس أخرى غير كنيسة "نجران": فقد كانت لهم كنيسة عظيمة في "صنعاء"، هي "القليس" التي اكتسبت شهرة عظيمة في كتب الأخبار والتواريخ وهي كنيسة "أبرهة"، من أصل "اكلسيا"Ecclysia اليوناني بمعنى الكنيسة، وموضعها الآن جامع "صنعاء" على ما يظن. وقد أبدع الأحباش في تزيينها وتجميلها، وأنفقوا عليها مبالغ طائلة.

الأسقف العربى اليمنى جرجنسيوس
كما كانت لهم كنائس في "مأرب" و "ظفار". وقد عهد الأحباش بتدبير شؤون كنيسة "ظفار" إلى أسقف شهير يقال له "جرجنسيوس" "جورجيسيوس" "جرجيسيوس". وهو مؤلف كتاب شرائع الحميريين. وله مناظرات مع اليهود.

النصرانية ظلت فى اليمن حتى القرن الثالث عشر الميلادى
وقد بقيت النصرانية قائمة في اليمن في أيام الإسلام، ففي الأخبار الكنسية أن رئيس البطارقة النساطرة "طيموثاوس"، نصب في أواخر القرن الثامن للميلاد أسقفاً لنجران وصنعاء، اسمه "بطرس". وفي "الفهرست" لابن النديم، أنه التقى براهب من نجران يدعى حساّن، كان قد انفذه الجاثليق إلى الصين، ليتفقد مع خمسة أناسي من النصارى أحوال نصاراها، فعاد منها سنة "377" للهجرة، وأخبره بعجائب تلك البلاد. وذكر أنه في حوالي سنة1210 للميلاد كان في منطقة صنعاء خمسة أساقفة، وأسقف في مدينة زبيد وأسقف في نجران، وأنه كان في حوالى سنة 1250 للميلاد أسقف في عدن.
إن بقاء النصرانية في نجران وفي مواضع من اليمن وأنحاء أخرى من جزبرة العرب، وبقاء اليهود في اليمن إلى زمن غير بعيد ، يشير إلى أن ما ذهب اليه كثير من المؤرخين من إجلاء أهل الكتاب بأمر الخليفة "عمر" عن جزيرة العرب ثم بقية الخلفاء الذين ساروا على حكم: "لا يجتمع دينان في جزبرة العرب" فيه مبالغة. والظاهر أن الاجلاء كان قاصراً على المواضع التي تعرضت فيها جاليات أهل الكتاب فيها للاسلام بسوء. فطبق على جاليات يهود يثرب ومن كان يسكن إلى الشمال منهم، لوقوفهم موقفاً معادياً شديداً من الإسلام، ولعملهم في إثارة الفتن على المسلمين. ومن يدري فلعلهم،ولعل أهل الكتاب عموماً ساعدوا في قيام الردة وتشجيع المتنبين والمرتدين للقضاء على الخطر الذي زعموه، خطر ظهور الإسلام وانتشاره في جزيرة العرب وفي خارجها، وقيام دولة موحدة كبيرة فيها.

This site was last updated 12/05/09