Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

التنظيم الدينى للنصارى العرب

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
المسيحية فى العربية
النصارى العرب فى الشام
النصارى العرب فى العراق
النصارى العرب بأطراف العربية
النصارى العرب باليمن ونجران
معتقدات طوائف العرب النصرانية
التنظيم الدينى للنصارى العرب
أثر النصرانية على العرب

Hit Counter

 

  جارى العمل فى هذه الصفحة

********************************************************************************************************

الجزء التالى للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى فى موضع آخر من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثالث 1980م الفصل الحادي والثمانون - التنظيم الديني- ص  807 - 811  نقلنا هذه الصفحة بدون تغيير ولكننا وضعنا لكل فقرة عنوان
***********************************************************************************************************************************


وكان لنصارى العرب تنظيمهم الخاص بدور العبادة وبالتعليم والإرشاد، وهو تنظيم أخذ من تنظيم الكنيسة العام، ومن التقاليد التي سار عليها آباء الكنيسة منذ أوائل ايام النصرانية حتى صارت قوانين عامة. فللكنيسة درجات ورتب،وللمشرفين عليها منازل وسلالم، وقد اقتبست هذه التنظيمات من الأوضاع السياسية والاجتماعية التي عاشت فيها النصرانية منذ يوم ولادتها، والتي وضعها رؤساؤها لنشر الديانة ولتنظيم شؤون الرعية، حتى صارت الكنيسة وكأنها حكومة من الحكومات الزمنية، لها رئيس أعلى، وتحته جماعة من الموظفين، لها ملابس خاصة تتناسب مع درجاتهم ومنازلهم في مراتب الحكومة، ولهم معابد وبيوت وأوقاف وسيطرة على أتباعهم، جاوزت أحياناً سيطرة الحكومات.
ومن الألفاظ التي لها علاقة بالدرجات والرتب الدينية عند النصارى لفظة"البطرك" و "البطريق". وقد وردت لفظة "البطريق" في شعر ينسب إلى "أمية بن أبي الصلت".
وقد ذهب علماء اللغة إلى ان "البطرك"، هو مقدم النصارى، وهو في معنى "البطريق" أيضاً. وقالوا أيضاً إن البطريق مقدم جيش الروم. و "البطرك" من أصل يوناني هو؛Patriakhis، "بثريارخيس"، ومعناه "أبو الآباء"، وذلك لأنه الأب الأول والأعلى للرعية، فهو أب الاباء ورئيس رجال الدين. اما لفظة البطريق، فإنها من أصل لاتيني، هو Patrikios، وهو يعني وظيفة حكومية وتعني درجة "قائد" في المملكة البيزنطية. فلا علاقة لها اذن بالتنظيم الديني للنصرانية.
وبين البطريق "البطرك" والأسقف منزلة يقال لشاغلها "المطران"، وقد عرف بأنه دون البطرك وفوق الأسقف. وقد وسمه "القلقشندي"، بأنه القاضي الذي يفصل الخصومات بين النصارى. واللفظة من الألفاظ المعربة عن اليونانية، أخذت من "متروبوليتيسى"، Mtropolitis، أي مختص بالعاصمة، أو المدينة. وقد ذكر علماء اللغة ان لفظة "المطران"، ليست بعربية محضة. والأسقف من الألفاظ التي تدل على منزلة دينية عند النصارى، وقد وردت في كتب الحديث. وقد ذكر بعض علماء اللغة انه انما سمي أسقف النصارى أسقفاً لأنه يتخاشع. واللفظة من الألفاظ المعربة المأخوذة عن اليونانية،فهي "ابسكبوس" " Episkopos، في الإغريقية، وقد نقلت منها إلى السريانية، ثم نقلت منها إلى العربية. وقد وردت في كتب التواريخ والسير، حيث ورد في شروط الصلح الني عقدما الرسول مع أهل في ان، شرط هو: "لا يغير أسقف عن أسقفيته ولا راهب عن رهبانيته.
والقس من الألفاظ الشائعة ببن النصارى، ولا تزال مستعملة حتى الآن. ويقال لها "قسيس" في الوقت الحاضر أيضاً. وهي من أصل آرامي هو، Gachicho، ومعناه، كاهن وشيخ ا. وقد جمعها "أمية بن أبي الصلت" على "قساقسة". وذكر بعض علماء اللغة أن القس والقسيس العالم العابد من رؤوس النصارى" وأن " أصل القس تتبع الشيء وطلبه بالليل. يقال تقسست أصواتهم بالليل، أي تتبعتها. وقد وردت لفظة "قسيسين" في القرآن الكريم: )ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى. ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون(. ويدل ذلك على أن موقف النصارى تجاه الإسلام كان أكثر مودة من موقف يهود. وقد نسب ذلك إلى القسيسين والرهبان.
وترد لفظة "شماس" في جملة الألفاظ التي لها معان دينية عند نصارى الجاهلية. وهي من الألفاظ الحية التي لا تزال تستعمل في هذا اليوم أيضاً. وتعد من الألفاظ المعربة عن السريانية. وهي "5 Chamacho، في الأصل، وتعني خادم،. ومنها البيعة. فهي اذن ليست من الوظائف الدينية الكبيرة، وإنما هي من المراتب الثانوية في الكنيسةْ. وقد ذكر بعض العلماء بأن الشماس يحلق وسط رأسه ويجعل شعره من جوانب رأسه على شكل دائرة، وهو الذي يكون مسؤولاً عن الكنيسة، ويكون مساعداً للقسيس في أداء واجباته الدينية، وفي تقديس القداس أيام الاحاد والأعياد. يعمل كل ذلك للتعبد، وليس لأخذ المال والتكسب.
وورد في كتاب رسول الله إلى سادة نجران: "لا يغير أسقف.عن سقيفاه، ولا راهب عن رهبانيته، ولا واقف عن وقفانيته". و يظهر من هذا الكتاب ان للواقف منزلة من المنازل الدينية " التي كانت في مدينة نجران. والظاهر انها تعني الواقف على أمور ا لكنيسة، أي الأمور الادارية والمالية والمشرف على أوقافها وأملاكها. فهو في الواقع.مسؤول اداري، اختصاصه الاشراف على الامور المتعلقة بامور الكنيسة واموالها اذ لا يعقل ان يكون الواقف بمعنى خادم البيعة الذي يقوم بالخدمة بمعنى التنظيف والاعمال البسيطة الاخرى اذ لا يعقل النص على مثل هذه الدرجة في كتاب صلح الرسول مع سادة نجران وقد ذكر بعض علماء اللغة الواقف خادم البيعة لأنه وقف نفسه على خدمتها ولا يعني هذا هذا التفسير بالضرورة الخدمة على النحو المفهوم من الخدمة في الاصطلاح المتعارف.
فقد كان الملوك.والسادات يلقبون أنفسهم ب "خادم الكنيسة" و "خادم ألمعبد"، أي بالمعنى المجازي. ولا يكون خادما صارفاَ وقته كله في تنظيف الكنيسة وفي القيام بالأعمال التي يقوم بها لخادم الاعتيادي.
وهناك لفظة أخرى لها علاقة بالكنيسة وبالبيعة وبالنواحي الادارية منها، هي لفظة "الوافه" و "الواقه". وقد عرفوا صاحبها ب "قيم البيعة التي بها صليب النصارى، وفي هذا المعنى ايضا لفظة "الواهف" حيث قالوا: "الواهف سادن البيعة التي فيها صليبهم و وقيمها كالوافه وعملهم الوهافة"،والوهفية والهُفيّة. والظاهر انها كلها في الأصل شيء واحد، وانما اختاف علماء اللغة في ضبط الكلمة، فوقع من ثم هذا الاختلاف بينهم الوظيفة إذن هي بمنزلة الخازن القيم على شؤون الصليب، يحفظه من السرقة، ويضعه في خزانة أمينة"، فإذا حانت أوقات العبادة وضعه في موضعه. فالصليب ثمين،فيه ذهب في الغالب، لذلك يكون هدفاً للسراق.
ويلاحظ أن علماء الحديث والتأريخ والسير، ليسوا على اتفاق فيما بينهم في تدوين نص كتاب الصلح الذي أعطاه الرسول لأهل نجران، إذ تراهم يختلفون في ضبط نصه: وفي جملة ما اختلفوا فيه جملة: "ولا واقه من وقاهيته"، فقد كتبوها بصور شتى كما رأيت، كما كتبوا. النص بأشكال متباينة، مما يدل على أن الرواة قد اعتمدوا على نسخ متعددة للكتاب، وعلى أن أهل نجران كانوا قد نسخوا منه نسخاً، تحرفت نصوصها بالاستنساخ، لعدم تمكن الناسخ من ضبط العبارات ضبطا صحيحاً. فلما دون العلماء صورة النص تباينوا في تدوينه، وأوجدوا لهم تفاسير للفظة "واقف" و "وافه" و "واقه"، وهي لفظة واحدة في الأصل، قرأها النساخ ثلاث قراءات.، فظهرت وكأنها ألفاظ مختلفة. وحاروا في تعليل المعنى، فقال بعضهم الوافه: قيم البيعة بلغة أهل الجزيرة، وقال بعض آخر بلغة أهل الحيرة، وقال بعض: كلها في معنى واحد. وهناك مصطلحات دينة أخرى استعملها النصارى للدلالة على درجات رجال دينهم، مثل "بابا"،وهي كلمة "رومية" وهو أعلى مرجع في نظر النصارى "الكاثوليك"، و "والجاثليق"، وهو رئيس أساقفة بلد ما، والأعلى مقاماً بينهم، وقد أطلقت اللفظة على رئيس نصارى بغداد في العهد العباسي وهي من أصل يوناني هو "كاثوليكوس"،، Katholikos ومعناه عامْ. والساعي من الألفاظ التي تتناول المنازل والدرجات عند النصارى، وتشمل اليهود أيضاً. ويقصد بها الرئيس المتولي لشؤون اليهود أو النصارى، فلا يصدرون رأياً إلا بعد استشارته، ولا يقضون أمراً دونه. وقد ورد في حديث حذيفة في الأمانة:".إن كان يهودياً أو نصرانياً ليردنه على ساعيه".
ولفظة "بابا" وما بعدها، هي من الألفاظ التي شاع استعمالها في العربية في الإسلام، وليس لدينا ما يفيد استعمالها بين الجاهليين.
وذكر علماء اللغة أن من الألفاظ المعروفة بين النصارى لفظة "العسطوس"، و يراد بها القائم بأمور الدين، وهو رئيس النصارى.
أما "الراهب"، فهو المتبتل المنقطع إلى العبادة. وعمله هو الرهبانية. وقد ذكر بعض علماء، اللغة ان الرهبانية غلوٌ في تحمّل التعبد من فرط الرهبنة. وقد ذكرت الرهبانية في القرآن الكريم، وذكرت في الحديث. وقد نهى عنها الإسلام: ) لا رهبانية في الإسلام (. وقد ندد القران الكريم في كثير من الأحبار والرهبان، فورد: )إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل(. ويظهر من ذلك ان جماعة منهم كانت تتصرف بأموال الناس التي تقدم إلى الأديرة و البيع، فيعيشون منها عيشة مترفة، لا تتفق مع ما ينادون به من التقشف والزهد والعبادة. كما ان منهم من عاش عيشة رفيهة وبطر، فتكبر عن الناس وترفّع، حتى جعلوا أتباعهم يحيطونهم بهالة من التقديس والتعظيم، إلى درجة صيرتهم أرباباً على هذه الأرض. فتقربوا اليهم وقدّسوهم قدسية لا تليق إلا للخالق. ) اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أرباباً من دون اللّه ْ(. ذلك انهم كانوا يحلّون لهم ما حرم اللّه فيستحلونه ويحرّمون ما أحل الله لهم فيحرمونه. أما انهم لم يكونوا يصومون لهم ولا يصلون لهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه واذا حرموا عليهم شيئاً أحله الله لهم حرموه، فذلك كانت ربوبيتهم. وكانوا يطيعونهم طاعة عمياء، ويأخذون عنهم،ويقدسونهم، ويقبلون أيديهم ولا يعصون أمراً لهم. وذكر ان "عدي بن حاتم" الطائي، قال لرسول الله لما سمعه يقرأ: )اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله(، " يا رسول الله ! إنّا لسنا نعبدهم. فقال: أ ليسو يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله، فتحلونه قال: قلت بلى. قال فتلك عبادتهم". ويظهر من روايات أهل الأخبار، أن من الرهبان من بالغ في الترهب وفي الزهد، فخصى نفسه ووضع السلاسل في عنقه أو في يديه أو رجليه ليحبس نفسه، وامتنع عن المأكل والأطايب، مكتفياً بقليل من الماء وبشيء من الخز الخشن، وأن منهم من امتنع عن الكلام وصام معظم أوقاته، وابتعد عن الناس متخذا من الكهوف والجبال والمواضع النائية الخالبة أماكن للتأمل واتعبد. وذلك كما يظهر من نهي الرسول عن الرهبنة و الرهابنة، وحمل الإسلام عليها. لأنها تبعد الناس عما أحل اللّه وقد عوض الإسلام عنها بالجهاد في سبيل الله.
ومن عادات الرهبان وتقاليدهم التي وقف عليها أهل الجاهلية، الامتناع عن أكل اللحوم والودك، أبداً أو أمداً، وحبس النفس في الأديرة والصوامع، والكهوف، والاقتصاد على أكل الصعب من الطعام والخشن من الملبس، ولبس السواد والمسوح. وهي عادة انتقلت الى الأحناف أيضاً والى الزهّاد من الجاهليين الذين نظروا نظرة زهد وتقشف إلى هذه الحياة. كما كانوا لا يهتمون بشعورهم فكانوا يطلقونها ولا يعتنون بها ولذلك كانت شعورهم شعثاً. وعبّر عن الراهب بالأشعث، لأنه كان يطلق شعر رأسه ولا يحلقه ولا يعتني به.
ومن الرهبان من ساح في الأرض، فطاف بلاد العرب وأماكن أخرى،وهام على وجهه في البوادي وبين القبائل، لا يهمه ما سيلاقيه من أخطار ومكاره، ومنهم من ابتنى له بناءً في الفيافي وفي الأماكن النائية، واحتفر الآبار وحرث البقول، وعاش عيشة جماعية، حيث يعاون بعضهم بعضاً في تمشية أمور الدير الذي يعيشون فيه. ومنهم من عاش في قلل الجبال، بعيداً عن المارة والناس.
قال الشاعر: لو عاينت رهبان دير في القلل لانحدر الرهبان يمشي وينزل
وقد وقف بعض أهل الجاهلية على أخبار هؤلاء الرهبان وعرفوا بعض الشيء عنهم، وبهم تأثر بعض الحنفاء على ما يظهر فأخذوا عنهم عادة التحنث والتعبد والانزواء والانطواء في الكهوف والمغاور والأماكن النائية البعيدة للتنسك والتعبد مبتعدين بذلك عن الناس منصرفين إلى التأمل والتفهم في خلق هذا الكون دون أن يدخلوا النصرانية.
وقد نهى الرسول بعض الصحابة مثل "عثمان بن مظعون"،وهو من النصارى في الأصل من تقليد الرهبان في الاخصاء وفي الاقناع عن الزواج ومن التشدد في أمور أحلها الله للناس. ويظهر أن هذا التشدد إنما جاء به وإلى أمثاله من وقوفهم على حياة الرهبان وعلى رأيهم وفلسفتهم بالنسبة لهذه الحياة. وفي حق هؤلاء نزلت الآية: ) يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحلّ الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين(. وذكر أن الرسول لما سمع بابتعاد "عثمان" من أهله، دعاه، فنهاه عن ذلك. ثم قال: "ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والنوم ألا اني أنام وأقوم وأفطر وأصوم وأنكح النساء، فمن رغب عن سنتي، فليس مني. فنزلة الآية: )يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا(. يقول لعثمان لا تجب نفسك،فإن هذا هو الاعتداء. وورد في الحديث: "لا صرورة في الإسلام"، والصرورة التبتل وترك النكاح، أي ليس ينبغي لأحد أن يقول لا أتزوج، لأن هذا ليس من أخلاق المسلمين، بل هو من فعل الرهبان. وهو معروف في كلام العرب. ومنه قول النابغة: لو أنها عرضت لأشمط راهب عبد الإله صرورة متعـبـد
يعني الراهب الذي ترك النساء.
وقد أشير إلى الرهبان في شعر امرىء القيس، اذ أشار فيه إلى منارة الراهب الذيّ يمسي بها يتبتل فيها إلى الله، وعنده مصباح يستنير بنوره. كما أشار فيه اليه وهو في صومعته يتلو الزبور ونجم الصبح ما طلعا، دلالة على تهجده وتعبده في وقت لا يكون الناس فيه نياماً. كما أشير الهم في شعر شعراء جاهليين اخرين مثل "النابغة الذبياني"، الذي أشار إلى ركوع الراهب يدعو ربه فيه ويتوسل اليه. كما أشار إلى موقف الراهب من رؤية امرأة جمِيلة، وكيف سيرنو اليها حتى وان كان راهباً اشمط. وقد أشار إلى "ثوبي راهب الدير" والى الحلف بثوبيه.
وورد في الشعر ما يفيد بانقطاع الرهبان في الأماكن الصعبة القصيّة مثل قلل الجبال وذراها، حيث لا يأتيهم الناس، فيعيشون في خلوة وانقطاع عن البشر. ومن الأماكن التي اشتهرت بوجود الرهبان فيها أرض مدين. ووادي القرى ومنازل تنوخ وصوران وزبدْ.
وقد سبح الرهبان ورجال الدبن، اللَه، في الكنائس وفي الاديرة بألحان عذبة جميلة، ورتلوا الزبور والأسفار المقدسة الأخرى. وقد عرف الجاهليون ذلك عنهم، وأشاروا الى ذلك في شعرهم، وربما كان بعضهم يحضر تلك التراقي ويستأنس بها على الرغم من وثنيته وعدم اعتقاده بالنصرانية.
ويقال للراهب الزاهد، الذي ربط نفسه عن الدنيا الربيط. وقيل له: الحبيس. وذكر أن الربيط، هو المتقشف الحكيم وأن الحبيس هو اللذي حبس نفسه في سبيل الله، فقبعوا في الأديرة وابتعدوا عن الناس. فصاروا كالحبساء.
ويقال للراهب: المقدسي. والمقدس الراهب. وصبيان النصارى يتبركون به،ويتمسحون بملابسه تبركاً. كما قيل له: المتعبد، و الأعابد ونسب الى امرئ القيس هذا البيت: فأدركنه يأخذن بالساق والنسا كما شبرق الولدان ثوب المقدسـي
ويروى المقدس، وهو الراهب ينزل من صومعته الى بيت المقدس، فيمزق الصبيان ثيابه تبركا به.
وأما "النهامي"، فهو صاحب الدير، أو الراهب في الدير.
ومن الألفاظ التي شاعت بين النصارى ووصل خبرها إلى الجاهليين، لفظة: "الأبيل"، وقد اتخذوهها للدلالة على رئيس النصارى. وذكر بعض أهل الأخبار انها تعني أيضاً "المسيح"، وقد كانوا يعظمون الأبيل فيحلفون به كما يحلفون بالله. وهي من الألفاظ المعربة عن السريانية "كابيلو" Abilo، و معناها في السريانية الزاهد والناسك والراهب. وكانوا يتخذون عادة رؤساءهم من الرهبان المتبتلينْ. وقد وردت لفظة "الأبياط" في الشعر الجاهلي، في شعر: الأععشى وفي شعر عدي بن زيد. وورد "أبيل الأبيلين"، وأريد بذلك المسيح. وذكر ان "إلابيل" هو صاحب الناقوس، والراهب أيضا. وان "الأببلي"، هو صاحب الناقوس. و "ا الأيبل"، العصا التي يدق بها الناقوس. قال الأعشى: وما أيبلي عـلـى هـيكـل بناه وصلب فـيه وصـارا
يراوح من صلوات الملـيك طوراً سجوداً وطوراً جؤارا
يعني بالجؤار الصياح. إما بالدعاء وإما بالقراءة.
والساعور من أسماء المسيح وهو من أصل "سوعورو" Soouro، بمعنى زائر. وتطلق اللفظة على من يزور القرى ويطلع على أحوالها وذلك بأمر من الأسقف. وذكر علماء اللغة أن اللفظة من الألفاظ المعربة عن السريانية،وأن الأصل "ساعورا"، ومعناه متفقد المرضى، وتطلق اللفظة على مقدم النصارى في معرفة علم الطب.
و يقال لخادم البيعة: الجلاذي. وذكر أن "الجلذي" الراهب والصانع والخادم في الكنيسة. قال ابن مقبل صوت النواقيس فيه ما يفرطه أيدي الجلاذيّ جون ما يغضبناْ
و "الكنيس" و "الكنيسة" موضع عبادة اليهود والنصارى، فهما في مقابل "المسجد والجامع" عند المسلمين. والكلمة من الألفاظ المعربة عن الآرامية، وتعني لفظة، Knouchto "كنشتو" "كنشت" في السريانية، اجتماع، ومجمع وأطلقت بصورة خاصة على كنيس اليهود. ولهذا نجد العرب يطلقونها على معبد اليهود كذلك. ويقال في العبرانية للكنيس "كنيستا"،بمعنى محل الصلاة. ونجد الكتب العربية تفرق بين موضع عبادة اليهود وموضع عبادة النصارى، فتطلق الكنيس" على موضع عبادة اليهود و"ا!كنيسة" على موضع عبادة النصارى. وقد ذهب بعض علماء اللغة، إلى أن الكنيسة، هي متعبد اليهود، وأما "البيعة"،، فهي متعبد النصارى. وقد عرف علماء اللغة العرب، أنها من الألفاظ المعربة فقالوا:وهي معربة،أصلها كنست.
وقد زوّق النصارى كنائسهم، وجملوها، وزينِّوها بالصور وبالتماثيل ووضعوا الصلبان على أبوابها وفي داخلها. ووضعوا بها المصابيح لإنارتها في الليل وكانوا يسرجون فيها السرج، وجعلوا بها النواقيس، لتقرع، فترشد المؤمن بأوقات الصلوات، ولتشير اليهم بوجود مناسبات دينية، كوفاة، أو ميلاد مولود، أو عرس وأمثال ذلك. ومن اللكنائس التي اكتسبت حرمة كبيرة عند النصارى العرب: كنيسة القيامة، وكنيسة نجران، وكنيسة الرصافة. وقد أشير في شعر للنابغة إلى "صليب على الزوراء منصوب"، أي على كنيسة.
والتمثال الشيء المصنوع مشبهاً بخلق من خلق اللّه، أي من انسان أو حيوان أو جماد. وأدخل العلماء الصور في التماثيل. وقد كانت الكنائس مزينهْ بالتماثيل والصور، نمثل حوادث الكتاب المقدس وحياة المسيح. ونظراً إلى محاربة الإسلام للاصنام، والى كل ما يعيد إلى ذاكرة الإنسان عبادة الأصنام والصهور، وا النهي عنها في الإسلام. جاء في الحديث: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون".
وقد كان الروم يمدون الكنائس والمبشرين بالمال وبالفعلة وبالمساعدات المادية لبناء الكنائس والأديرة. والكنائس والأديرة وإن كانت بيوت تقوى وعبادة كانت بيوت سياسة ودعوة وتوجبه. ونشر النصرانية مهما كان مذهبها ولونها مفيد للروم، فالنصراني مهما كان مذهبه لا بد ان يميل إلى اخوانه في العقيدة والدين، فقي انتشار النصرانية فائدة من هذه الناحية كبيرة للبيزنطيين.
وفي العربية لفظة أخرى للكنيسة، الا أنها لفظة خصصت بكنيسة معينة،و الكنيسة التي بناها أبرهة بمدينة صنعاء، واللفظة هي: "القُلّيس". وللاخباريين اراء في معناها وفي أصلها، بنيت على طريقتهم الخاصة في ايجاد التفاسير للكلمات القديمة من عربية ومن معربة، التي لا يعرفون من أمرها شيئاً. وهي لذلك لا تفيدنا شيئاً. والكلمة أعجمية الأصل، عربت، وشاع استعمالها، حتى ظن انها اسم تلك الكنيسة. أخذت هذه اللفظة من أصل يوناني هو "أكليسيا" "Ekklesia، ومعناه في اليونانية المجمع، أي الكنيسة. والظاهر أن أهل صنعاء سمعوا اللفظة من الحبش. حينما كانوا يذهبون إلى الكنيسة، فصيروها اسم علم على هذه الكنيسة ولم يدروا أنها تعني الكنيسة، أي موضع عبادة. والصوامع والبيع هما من الألفاظ الي استعملها الجاهليون للدلالة. على مواضع العبادة عند النصارى. وقد ذهب العلماء إلى أن البيعة من الألفاظ المعربة أخذت من السريانية. وأصل اللفظة في السريانية، هو "بعتو" بمعنى بيعة، وقبة، لأنها كانت قبة في كثير من الكنائس القديمة. وقد استعملت في الحبشية كذلك ولذلك ذهب بعضهم إلى أنها من الحبشية. وقال علماء اللغة العرب: الصومعة كل بناء متصمع الرأس،، أي متلاصقه، والأصمع اللاصقة اذنه برأسه. وقد أشير إلى "البيع" في القران: )ولولا دفع الله الناس، بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع (. وقد ذهب بعض علماء اللغة، إلى أن البيعة متعبد اليهود. ولكن اغلبهم على انها متعبد النصارى.
وقد وردت لفظة "بيعة".في نص "أبرهة" الشهير الذي دوّنه على سد مأرب. ففي هذا النص جملة: "وقدس.البيعة"، أي "وقدس البيعة". وذكر ان لفظة "البيعة" قد وردت في شعر ينسب إلى ورقهّ بن نوفل، حيث زعم انه قال: أقول إذا صليت في كل بـيعة تباركت قد أكثرتَ باسمك داعياً
كما ذكر انها وردت في كلام أناس من الجاهليين والمخضرمين. وقد أشير إلى ورودها في الشعر الجاهلي وفي بعض الأخبار المنسوبة إلى الجاهليين. وردت في شعر منسوب إلى "عبد المسيح بن بقيلة"، و هو كما يظهر من اسمه من النصارى. ووردت في بيت منسوب إلى لقيط. بن معبد، وفي شعر يحسب إلى الزبرقان بن بدر التميمي. ولا بد،ان تكون هذه الكلمة من الكلمات المألوفة عند الجاهليين المتنصرين، وعند غيرهم ممن كانوا على الوثنية، غير انهم كانوا على اتصال بالنصارى، ذلك لأنها من الألفاظ الشائعة المعروفة عند النصارى وقد كانت البيع منتشرة في المدن وفي القرى والبوادي، وطالما قصدها الأعراب للاحتماء بها من الحر والبرد وللاستعانة برجالها لتزويدهم بما عندهم من ماء أو زاد أو للتنزه بها واحتساء الشراب.
والصومعة من أصل حبشي هو"صومعت"على رأي بعض المستشرقين وقد خصصت ب "قلاية" الراهبْ. أي مسكن الرهبان. وبهذا المعنى وردت في القران. ويقول علماء اللغة، أنها على وزن فوعلة، أي صومعة، لأنهي دقيقة الرأس. وهي صومعة النصارى. وذكر بعض منهم أن الصومعة كل بناء متصمع الرأس، أي متلاصقة. وقد سميت صومعة لتلطيف أعلاها. ويدل ورود هذه اللفظة بصورة الجمع في القرآن الكريم، على وقوف الجاهليين على الصوامع ووجودها بينهم. وقد كان الرهبان قد ابتنوا الصوامع وأقاموا بها للعبادة بعيدين في مختلف انحاء جزيرة العرب، ومنها الحجاز. وقد وقف الجاهليون عليها، ودخلوا فيها. أما تجارهم ممن قصد بلاد الشام والعراق، فقد رأوا في طريقهم إلى تلك الأرضين، وفي تلك الارضين بالذات، حيث انتشرت فيها النصرانية صوامع كثيرة. وتجد في كتب الأخبار أمثلة عديدة تشير إلى دخول تجار مكة الصوامع في بلاد الشام وفي وادي القرى، للحصول على ملجأ أو عون. والقلاّية، وهي كالصومعة، يتعبد فيها الرهبان، وهي من الألفاظ المعربة، عربت من أصل يوناني هو "Kelliyon "ومعناه غرفة راهب أو ناسك. ومن هذا الأصل انتقلت اللفظة إلى السريانية فصارت "قلّيتا"، فانتشرت بين نصارى بلاد الشام بصورة خاصة ثم بقية النصارى، منها دخلت العربية. وقد عرف علماء العربية انها من الألفاظ المعربة، فقالوا: هي تعريب كلاذة، وهي من بيوت عباداتهم، أي عبادات النصارى. وقد وردت في الحديث، كما ورد ذكرها في صلح عمر مع نصارى الشام، حيث كتبوا له كتاباً: إنّا لا نحدث في مدينتنا كنيسة ولا قلية. والظاهر ان النصارى توسعوا في المعنى، فأطلقوها على المنازل التي يسكنها الرهبان، ثم توسعوا فيها فأطلقوها على دور المطارنة والبطارقة، وأصلها بمعنى الأكواخ.
ولفظة "الدير" هي من الألفاظ النصرانية الشهيرة المعروفة بين العرب. وهي أكثر اشتهاراً من الألفاظ الأخرى التي لها علاقة بمواضع العبادة أو السكن عند النصارى، وذلك لانتشارها ووجودها في مواضع كثيرة من العراق وبلاد الشام وجزيرة العرب. ولمرور ااتجار وأصحاب القوافل والمارة بها، واضطرارهم إلى الاستعانة بأصحابها وباللجوء اليها في بعض الأحيان. كما كانت محلاً ممتازاً للشعراء ولأصحاب الذوق والكيف،حيث كانوا يجدون فيها لذة ومتعة تسر العبن والقلب، من خضرة ومن ماء بارد عذب ومن خمر يبعث فيهم الطرب والخيال، ولذلك أكثر الشعراء في الجاهلية والاسلام من ذكر الأديرة في شعرهم. حتى الشعراء النصارى مثل "عدي بن زيد العبادي"، يترنم في شعره بذكر الدير، لأنه نادم فيه "بني علقما"، وعاطاهم الخمر ممزوجة بماء السماء.
ولفطة "الدير" هي مثل أكثر الألفاظ النصرانية من الألفاظ المعربة. عربت من أصل سرياني، هو "دير" Dayr ""، بمعنى دار، أي بيت الراهب. ومسكنه، ولا سيما المحصن، ثم خصوا بها مسكن الرهبان. وقد عرف علماء العربية أن الدير هو مسكن النصارى، يتعبد فيه الرهبان ويسكنون به، وقد ذكر "ياقوت الحموي" أن الدير بيت يتعبد فيه الرهبان، ولا يكاد يكون في المصر الأعظم، وإنما يكون في الصحاري ورؤوس الجبال، فإن كان في المصر الأعظم فإنه كنيسة أو بيعة غير أن الأديرة تكون في كل مكان، تكون في القرى وتكون في المدن كما تكون في البوادي وفي رؤوس الجبالْ.
و "الديراني"، صاحب الدير، وقد ذكر بعض العلماء أن الديراني صاحب الدير الذي يسكنه ويعمره. نسب على غير قياس. ويقال للرجل اذا رأس أصحابه هو رأس الدير.
ولا تقتصر الأديرة على الرجال، فللراهبات أديرة أيضاً. ويقضي أصحاب الأديرة وقتهم في الزهد والتقشف والعبادة. والقيام بالأعمال اليدوية التي يوكلها رئيس الدير اليهم. وقد عرف الراهب المعتكف بالدير ب "الديراني" و"الديرانية"، هي الراهبة. وقد عرفت أديرة الراهبات ب "أديرة ألعذارى" كذلك.
واذ كان لهذه الأديرة حرمة في نفوسهم، فقد كانوا يعقدون فيها عقودهم ويحلفون بها على نحو ما كان يفعله الوثنيون في.معابدهم حيث كانوا يقسمون الايمان ويتعاقدون أمام الأوثان، فكان للنصارى في الحرة دير السوا، وفي هذا الدير كانوا يتناصفون ويحلفون بعضهم لبعض على الحقوق.
وفي الارامية لفظة هي "عمرو" Oumro، و قد صارت "العمر" في العربية. ويراد بها البيعة والكنيسة والدير ودار. وقد وردت في شعر "المتلمس"، حيث جاء: أ لك السد يرُ وبارق ومبايض ولك الخورنق
والعمر ذو الأحساء واللذات من صاع وديسق
وعرفت العربية لفظة "الكرح"،. و "الأكيراح"،وقد عرفها علماء العربية بقولهم: "الأكيراح: بيوت ومواضع تخرج اليها النصارى في بعض أعيادهم". واللفظة من أصل سرياني هو "كرحو" "Kourho "، بمعنى كوخ، ومسكن حبيس، وبيت ناسك وراهبْ. وذكر ياقوت الحموي: ان " الأكيراح بيوت صغار تسكنها الرهبان الذين لا قلالي لهم". هناك دير اسمه "الأكيراح"،ورد في شعر لأبي نؤاس، ويقع بظاهر الكوفة كثير البساتين والرياحين، وبالقرب منه ديران، يقال لأحدهما دير عبد، وللآخر دير هند.
والمحراب من الألفاظ التي استعملها النصارى في أمور دينهم كذلك،إذ أطلقوها على صدر كنائسهم. وقد استعملت في الإسلام أيضاً،حيث يشير إلى القبلة، ويؤم الإمام فيه المصلّين. وقد ذكر بعض علماء اللغة، ان محاريب بني اسرائيل مساجدهم التي كانوا يصلون فيها. وقد وردت لفظة المحراب في أشعار بعض الجاهليين. كما وردت في القرآن الكريم، وفي الشعر الجاهلي. وذكر علماء التفسير أن المحراب كل موضع مرتفع. وقيل الذي يصلي فيه: محراب، وذكروا أن المحاريب دون القصور، وأشرف بيوت الدار. قال عدي ابن زيد العبادي: كدمى العاج في الـمـحـاريب أو كالبيض في الروض زهره مستنير
وذكر علماء العربية لفظة "التامور" "التأمور"، في جملة الألفاظ المتعلقة بالرهبان والرهبنة. وقد عرفها بعضهم بأنها صومعة الراهب وناموسه.
وذكر أن "القوس"، بمعنى الدير والصومعة أو موضع الراهب. أو معبد الراهب. وذكر أن أصل الكلمة من الفارسية.
وذكر أن "الغربال"، هو مكان أيضاً من أمكنة الرهبان، وأنه كهيئة الصومعة في هندسة بنائه وارتفاعه. وأنه كل بناء مرتفع. ويظهر أنها من الألفاظ المعربة.
والاسطوانة، وهي السارية من الألفاظ النصرانية التي وقف عليها الجاهليون. وقد اتخذها العرب بمعنى العمود الذي كان يتعبد فوقه بعض الرهبان المعروفين بالعموديين Stylites. وقد أشير إلى "اسطوان" في شعر نسبوه إلى "ذي الجدن". وفسرت لفظة "الاسطوان"، و "الاسطوانة"، بأنها موضع الراهب المرتفع.
و "المنهمة" مسكن النّهام،والنهامي،هو الراهب. وأما المنهمة فموضع الراهب.
ووردت في شعر للأعشى لفظة "الهيكل". إذ قال: وما أيبلى على هيكـل بناه وصلب فيه وصارا
ويذكر علماء اللغة، ان الهيكل: بيت النصارى فيه صورة مريم وعيسى، وربما سميّ به.ديرهم. وان الهيكل:العظيم واستعمل للبناء العظيم، ولكل كبير، ومنه سمي بيت النصارى الهيكل. واللفظة من الألفاظ المعربة، وهي ترد في العبرانية "هيكل" وفي الآرامية "هيكلو". وتعني في اللغتين المعبد الكبير ومعبد الوثنيين.
وقد كان الرهبان وبقبة رجال الدين وكذلك الأديرة والكنائس يستعملون المصابيح. والقناديل للاستضاءة بهما. ويعبر عن المصباح بالسراج كذلكْ. وقد تركت مصابيحهم وقناديلهم أثراً ملحوظاً في مخيلة الشعراء فأشير اليها في شعر "مزرد بن ضرار الذبياني" حيث قيل انه قال: كأن شعاع الشمس في حجراتها مصابيح رهبان زهتها القنادل
وذكر علماء اللغة ان الزيت الذي له دخان صالح ويوقد في الكنائس،، هو "1لسليط".
ولفظة: قنديل من الألفاظ ألمعربة، أصلها يوناني هو Candela. وقد دخلت إلى العربية قبل الإسلام، عن طريق الاتصال التجاري بين جزيرة العرب ببلاد الشام.
وكان النصارى العرب يتقربون إلى رجال دينهم ويتبركون بهم ويحترمونهم حتى قيل إن الصبيان منهم كانوا إذا رأوا الراهب ينزل ليذهب إلى بيت المقدس أو غيره خرجوا له فتمسحوا به ولثموا ثيابه، حتى يمزقوا ثيابه. والى ذلك أشير كما يقول أهل الأخبار في شعر امرىء القيس: فأدركنه يأخذن بالساق والنـسـا كما شبرق الولدان ثوب المقدس
ولبس رجال.الدين ملابس خاصة لتميزهم عن غيرهم، غلب عليها السواد. وقد اختصت لفظة "المسح" و "المسوح" بالملابس التي كان بلبسها الزهّاد و الرهبان.
ومن أهم العلامات الفارقة التي ميزت معابد النصارى عن معابد اليهود والوثنيين: "الناقوس"، الذي ينصب فوق سطوح الكنائس وفي منائرها، للاعلان عن أوقات العبادات ولأداء الفروض الدينية، وهو عند الجاهليين خشبة طويلة يقرع عليها بخشبة أخرى قصيرة يطلقون عليها لفظة "الوبيلة" و "الوبيل". وهو في مقابل البوق عند يهود يثرب، أذا أرادوا الاعلان عن موعد العبادة. وقد عرف هذا البوق بين عرب يثرب ب "القنع" أيضاً، وب "الشبور". وقد ذكر علماء اللغة ان الشبور "شيء يتعاطاه النصارى بعضهم لبعض كالقربان يتقربون به. وقال بعضهم: هو القربان بعينه " وذكروا ان الشبور شيء ينفح فيه، فهو البوق عند اليهود، وهو معرّب وأصله عبراني.
وقد وردت كلمة "الناقوس" في الشعر الجاهلي. وردت في بيت للشاعر المتلمسْ، وفي شعر للمرقش الأكبر، وللاعشى، وللاسود بن يعفر. وقد أشير في هذه الأبيات إلى قرع النواقيس بعد الهدوء إيذاناً بدنو الفجر وحلول وقت الصلاة.
وقد كانت هذه النواقيس في القرى وفي الأديرة، يقرعها الرهبان والراهبات و القسيسون. وقد أدخل بعض علماء اللغة هذه الكلمة في جملة الألفاظ المعربة التي دخلت العربية من أصول أعجميةْ. واللفظة من أصل "سرياني" هو "ناقوشا"،
اعياد النصارى
وقد ذكر أهل الأخبار أسماء أعياد نصرانية ترجع أصول تسميتها في الأكثر إلى لغة بني إرم، و يظهر أن أولئك الأخباريين تعرفوا عليها في الإسلام باختلاطهم وباتصالهم بالنصارى، إذ لم يشيروا إلى ورود أكثرها في الشعر الجاهلي، ومن عادتهم أنهم إذا عرفوا شيئاً كان معروفاً عند الجاهليين جاءوا ببيت أو أبيات يستشهدون بها على ورودها عند الجاهليين.
ومن الأعياد التي ورد فيها شاهد في الشعر الجاهلي، "السباسب"، وهو "يوم السعانين" و "الشعانين". وقد وردت كلمة السباسب في بيت للنابغة قاله في عيد السعانين عند بني غساّن، هو: رقاق النعال طيب حجزاتهـم يحيون بالريحان يوم السباسب
و."السعانين" و "الشعانين" من أصل عبراني "هو شعنا". وقد وردت هذه الكلمة في صحيفة صلح "عمر" مع نصارى الشام، وردت معها لفظة أخرى من الألفاظ النصرانية كذلك هي "الباعوث"، و هي رتبة تقام في اليوم الثاني من عيدَ الفصح، وصلاة لثاني عيد الفصح في بعض الطوائف. وقد ذكرها علماء اللغة في جملة الألفاظ المعربة، والإرمية الأصل، وجعلها بعضهم "الباعوث". وذكروا انها "استسقاء النصارى"، وان "عمر" لما صالح نصارى الشام، كتبوا له ان لا نحدث كنيسة ولا قلية ولا نخرج سعانين ولا باعوثا.
و "خميس الفصح" من أعياد النصارى كذلك. وهو بعد السعانين بثلاثة أيام، وكانوا يتقربون فيه بالذهاب إلى الكنائس والبيع..
وقد أشير إلى عيد "الفصح" في بيت للاعشى يمدح فيه "هوذة بن علي" لتوسطه لدىَ الفرس بالافراج عن مئة أسير من أسرى بني تميم هم الفرس بقتلهم، وذلك لمناسبة يوم الفصح. وقد كان نصارى الجاهلية يحتفلون به، فيوقدون المشاعل، ويعمرون القناديل، و يضيئون الكنائس بالمسارج ويقصدونها للاحتفال بها، حتى قيل للقنديل الذي يعمر لهذا اليوم "قنديل الفصح".
وقيل لاجتماع النصارى واحتفالهم "الهنزمن"، و ذكر أن هذه اللفظة من أصل فارسي هو "هنجمن" أو "أنجمن"، ومنها دخلت إلى السريانية فأطلقت على اجتماع النصارى واحتفالهم وتعييدهم.
وقد أشار امرؤ القيس في بعض شعره إلى عيد النصارى، ولبس الرهبان فيه ملابس طويلة ذات أذيال.
وكانت الكنائس والأديرة والأضرحة والمقابر الأماكن التي يقصدها النصارى في أعيادهم. فتكون موضع تجمع ولقاء. كانوا يقصدونها للتقرب إلى الرب وللصلوات له. وللتوسل اليه بان يمن عليهم ويبارك فيهم. وكانوا يقصدون المقابر اظهاراً لشعورهم بأن موتاهم وان فارقوهم وليتعبدوا عنهم، غير انهم لا زالوا في قلوبهم. وأيام الأعياد من أعز الأيام على الإنسان،. لذلك فهي أجدر الأيام بأن تخصص لزيارة بيوت الأرباب وبيوت الموتى: القبور.
 

This site was last updated 12/05/09