جريدة وطنى 1/7/2007م السنة 49 عن مقالة بعنوان " نزاع مدني يأخذ شكلا طائفيا حول قطعة أرض " تحقيق:نادر شكري
عائلة العماري:لم نستغل نفوذنا وانتظرنا حكم القضاء
عائلة رضا فهيم:نستأجر الأرض منذ عشرات السنين
الأرض قلب منظومة الحياة بالريف-حولها تتمحور أنشطة الناس من علاقات وتعاملات وزيجات وبسببها تنشب النزاعات حتي داخل العائلة الواحدة...لكن أن يقع النزاع بين طرفين أحدهما مسلم والآخر مسيحي فهذا ما يصوره البعض بالنزاع الطائفي نظرا لطبيعة المناخ الذي اصطبغ به المجتمع المصري في الآونة الأخيرة.
استقظت قريةالمدامودالواقعة علي بعد10كيلو مترات إلي الشمال من مدينة الأقصر بأقصي الصعيد صباح السبت 16يونية الماضي علي أصوات صراخ النساء بعد أن سالت الدماء..
لنبدأ قصة النزاع الذي صوره البعض بالطائفي بينما هو في الحقيقة نموذج لتلاحم المصريين وعمق الروابط التي تجمعهم حيث رفض كثير من المسلمين الاعتداء علي عائلة رضا فهيم من قبل عائلة العماري.
وطنيانتقلت للقرية التي زج باسمها ضمن مواقع الأحداث الطائفية لنعرض الصورة علي حقيقتها:
النزاع الذي تسبب في إصابة13شخصا إصابة بعضهم خطيرة لم يبدأ بين ليلة وضحاها فهو ممتد منذ سنوات حين قام أحد أفراد عائلة العماري ويدعي صادق أبو المجد العماري برفع دعوي قضائية بأحقية الملكية في قطعة أرض زراعية بمساحة ثلاثة أفدنة ونصف فدان بحوض سرب تحت رقم28في حين أن عائلة رضا فهيم تقوم بزراعة قطعة الأرض محل النزاع منذ عشرات السنين.
ما أجج الصراع علي الأرض بعد سنوات صدور حكم قضائي بأحقية صادق العماري في قطعة الأرض فوقع ما وقع من اشتباك صوره البعض علي أنه الحادث الطائفي الخامس خلال الشهرين الماضيين(بعد أحداث العياط والعليقات والإسكندرية وبني سويف)...
وطنينجحت في الاتصال بمجدي رضا فهيم ابن صاحب الأرض أثناء هروبه عقب الحادث قبل أن يقوم بتسليم نفسه الأحد قبل الماضي لقسم الشرطة وكان قد هرب عقب الحادث مباشرة من أجل الاطمئنان علي شقيقه الذي أصيب بإصابات خطيرة أثناء الاشتباكات التي أدت لإصابة 11من عائلته قال إن هذه الأرض تقعبنجع النصاري-الذي تقطنه أغلبية مسيحية لكننا فوجئنا بتقديم عقد يثبت فيه المدعي صادق أبو المجد العماري ملكية الأرض وأنه يقوم بتأخيرها لهم علما بأن الشاهد الموقع علي عقد الإيجار متوفي قبل توقيعه علي العقد بأربع سنوات حيث إن العقد المبرم تم توقيعه في1998/11/19والشاهد يدعي أحمد حسان متوفي منذ عام1984 لكن المحامي الموكل منا للدفاع عنا قام بخداعنا ولم يقدم الأوراق للمحكمة.
ورغم قيامنا باستئناف القضية بعد توكيل محام آخر إلا أن الحكم صدر لصالح العماري!
أضاف مجدي:فوجئنا يوم السبت9يوينة الماضي بقيام عائلة العماري بصحبة قوة من الشرطة بتسلم الأرض المتنازع عليها بالقوة وقاموا بحرق وحرث محصول القصب والذرة بالأرض دون أن يتم إبلاغنا بذلك عن طريق قلم المحضرين قبل تسليم الأرض بــ15يوما وفقا للقانون.
ثاني يوم-والكلام لايزال علي لسان مجدي-توجهنا للأرض وقمنا بزراعتها مرة أخري حتي يوم السبت قبل الماضي عندما حدث الاشتباك بعد هجوم عائلة العماري علينا بالسلاح والشوم وحدثت إصابات عديدة وأصيب شقيقي سعد رضا بإصابات خطيرة.
قامت الشرطة بالتحفظ علي والدتي التي تبلغ من العمر60عاما حتي أقوم بتسليم نفسي ولكن عادت للبيت في نفس اليوم.
بشهادة الجيران المسلمين.
كانت نيابة الأقصر قد قامت بحبس 16متهما(11متهما من عائلة رضا فهيم وخمسة من عائلة العماري)أربعة أيام علي ذمة التحقيق وتم التجديد لهم15يوما أخري,وأثناء ترحيلهم إلي قسم شرطة مركز طيبة عقب قرار النيابة حدثت بعض التجمعات من العائلتين لمساندة المتهمين.
قالهابيل مجلع عوض:هذه الأرض ملك أجدادناوكانت تسمي بساقية متيوبشهادة الجيران المسلمين,ولدينا عقود الملكية ومنها العقد الأخضر الأصلي.
انتقد هابيل تعامل الأمن السئ مع المصابين من عائلته فقال:لم يتلق المصابون من عائلتنا العلاج اللازم وتم ترحيلهم مباشرة إلي قسم الشرطة ثم النيابة.
بالسلاح والشوم!
توجهنا لمنزل رضا فهيم وتحدثنا في البداية مع ابنته تريزا رضا التي تم الإفراج عنها عقب الحادث وقد تعرضت لإصابة في الذراع اليسري حيث قالت:في يوم السبت قبل الماضي سمعنا إطلاق أعيرة نارية وكان ذلك الساعة6.30صباحا وخرجنا نصرخ أنا وأختي آمال نلهث وراء أخينا سعد الذي ذهب مبكرا إلي الأرض وفوجئنا بأن سعد سايح في دمهثم قامت عائلة العماري بضرب آمال بالشوم فوقعت علي الأرض وحدث لها كسر في كتفها.
الجيران المسلمونوقفوا معنا
قالت آمال رضا سمعت طلق النار فخرجت وراء سعد ولكن شخص من العماري قام بضربي بالعصا فوقعت علي الأرض ولكنوجدنا كثيرا من المسلمين الجيران وقفوا معنا ودافعوا عنا وهم عارفين حقنا ومش راضين علي اللي حصل.وأكد نفس الرواية أنصاف نصيف(60عاما) وأشرف أمينابن عم رضا.
مستند بالجمعية الزراعية
لدي عائلة رضا فهيم مستند صادر عن مديرية الزراعة بالأقصر نصه كالآتي:تشهد الجمعية التعاونية الزراعية بناحية المدامود أنه لا توجد حاليا علاقة إيجارية بين كل من رضا فهيم إبراهيم وصادق أبو المجد العماري أما سابقا فلم توجد أيضا أية علاقة إيجارية بين رضا فهيم إبراهيم وصادق أبو المجد أو ورثته.وكذلك العقد رقم 1049المسجل في1988/11/19 لا يوجد في سجلات العقود الإيجارية الخاصة بالجميعة الزراعية بناحية المدامود وقد أعطيت هذه الشهادة بناء علي الخطاب الوارد من محكمة الأقصر الكلية في الجلسة المنعقدة يوم الثلاثاء2006/7/25والقضية الواردة بالجدول العمومي 2006تحت رقم 22.
ورغم ذلك يقول أشرف أمين إن المحكمة لم تأخذ بهذه الشهادة حيث إن عقد الإيجار المقدم قديم ومؤجر من أبو المجد العماري وليس صادق العماري وأن هناك تلاعبا بأرقام الأرض محل النزاع لأنها علي المشاع.
لولا التحرك السريع للشرطة
صرح مصدر أمني لوطني:أن الحادث يدخل في إطار النزاع المدني علي أرض زراعية وقع بين عائلتين بعد صدور حكم قضائي بتسليم الأرض لعائلة العماري.وقد قامت قوة من الشرطة بناء علي حكم المحكمة بتسليم الأرض يوم9يونية ولكن وقعت اشتباكات بينهما وتحركت الشرطة علي الفور وتم احتواء الموقف وفرضت حراسة علي أرض النزاع وقامت بالقبض علي22متهما أفرج عن6أشخاص منهم وأمرت النيابة بحبس16علي ذمة التحقيق.
وأكد المصدر أنه لولا التحرك السريع للشرطة لكان الوضع قد وصل إلي مرحلة صعبة فقد كان الاشتباك محصورا في استخدام الشوم والطوب ولم يصل لحد استخدام أي أسلحة نارية وحول خروج المصابين قبل استكمال علاجهم قال المصدر إن قرار خروج المصابين يسأل عنه الطبيب الذي أمر بخروجهم والشرطة لا تتدخل في هذا فهو يقع بين أمر النيابة وموافقة الطبيب.
وأكد المصدر أن هذا الحادث لا يدخل في إطار الطائفية كما أشارت بعض وسائل الإعلام ومن الأفضل أن تعالج مثل هذه النزاعات سليما من خلال جلسات الصلح وهو ما يتم السعي إليه الآن بين العائلتين.
مالك...ومستأجر
توجهنا إلي الطرف الثاني في النزاع وهو عائلة العماري وقابلنا في البداية الحاج مصطفي الجبلي شيخ البلد ابن عم صادق العماري قال:الأرض محل النزاع كان يقوم باستئجارها رضا فهيم من أبو المجد العماري واستمرت هذه العلاقة بين الطرفين رغم صدور قانون تحديد العلاقة بيم المالك والمستأجر.وفوجئنا في بداية التسعينيات أن رضا فهيم قال إنه قام بشراء الأرض وامتنع عن تسديد قيمة الإيجار,ودخلت الأرض أمام القضاء في صراع دام أكثر من17عاما.
وفي خلال هذه الفترة عرض العماري علي رضا فهيم أن يسترد أرضه مقابل إعطائه فدان تنازل لكنه رفض وتم صدور حكم القضاء لصالح صادق العماري وقام باستلام أرضه.ولكن رضا فهيم قام بالتعدي علي الأرض وقام بغمرها بالمياه مما أدي لحدوث مشاجرة بين الطرفين.
كانت هناك مساندة وتعاطف من المسلمين في النجوع المجاورة مع رضا فهيم واقتصرت المشاجرة علي استخدام الطوب والعصي.ولكن قوات الشرطة استطاعت احتواء الأمر.
تساءل الجبلي إذا كان رضا فهيم قام بنقل تكليف للأرض في عام1997فما صفته علي الأرض قبل هذه الفترة؟وإذا كان قام بشراء فدان و18قيراطا فما صفته علي المساحة الأخري؟مشيرا إلي أنه ليس صحيحا أن عائلته العماري استغلت نفوذها لاسترداد الأرض بل قامت بانتظار صدور حكم القضاء العادل وإن كان لها هذه النية لقامت بهذه الخطوة منذ سنوات.
وشاية
وأضاف الجبلي أن العلاقة قوية بين عائلتي رضا فهيم والعماري منذ تاريخ طويل والذي أثار هذا الموضوع مواطنون مسلمون حتي لا يتم تسليم أراضيهم في قضايا مشابهة.
انتقد الجبلي موقف الشرطة في تأخرها لعدم تحرير محضر تعدي لعائلة رضا ورغم ذلك فإنه من المتوقع عقد جلسة صلح لحل هذه القضية داخل الأسرة الواحدة بين الطرفين.
مراحل تقاضي كاملة
توجهنا لديوان العماري بنجع منشأة العماري وتقابلنا مع الدكتور حمادة العماري عضو مجلس الشعب الذي قال إن هذا الحادث لا يندرج تحت مصطلح الطائفية؟لأن الأرض ملك لجدهم أبو المجد العماري وقد دخلت تحت حكم القضاء ومرت بجميع مراحل التقاضي(ابتدائي واستئناف ومستعجل)وتم تنفيذ مراحل التسليم بالطرق الشرعية عن طريق الدراسة الأمنية التي استمرت لشهرين بعد صدور الحكم.وأن هذا النزاع يمكن أن يحدث بين المسلمين وبعضهم البعض أو المسيحيين وبعضهم البعض, نفي د.العماري ما يقال إن عقد الإيجار مزور لأنه العقد يخضع لتوقيع الطرفين ومر بكل مراحل التقاضي وإشراف الخبراء ولا يمكن التشكيك في أحكام القضاء لأنه هو القادر علي الفصل في هذه الأمور والحكم عنوان الحقيقة.
وأشار إلي أن عائلة العماري لها علاقات طيبة مع المسيحيين وقد قام جده أبو المجد بالتبرع بفدانين لجبانات الأقباط بدير الشايب وتشرفت عائلتهم بزيارة قداسة البابا شنودة لهم عام1972ودائما ما تجمعهم كافة المناسبات بين المسلمين والمسيحيين دون تمييز.
علاقة إيجارية حتي1997
قال هشام سعد العماري محامي عائلة العماري إن الأرض محل النزاع قائمة علي علاقة إيجارية بين العمدة أبو المجد العماري وفهيم إبراهيم واستمرت هذه العلاقة بعد ذلك مع الوراثة حتي عام1997حيث رفض رضا فهيم دفع القيمة الإيجارية وبعد فشل كافة المساعي الودية لإنهاء المشكلة تداولت القضية أمام المحاكم منذ عام2001.
وقبل هذه الفترة قام رضا فهيم بتسجيل مساحة فدان و18قيراطا وأخذ صحة توقيع ونفاذ في عام1997وقام بنقل تكليف للملكية مدعيا أنه صاحب الأرض وهو إجراء غير قانوني لأنه جاء بعد توقيع عقد الإيجار ولذا لا يحق البيع والشراء في ملك الغير لذا صدر حكم بتمكين صادق العماري من الأرض محل النزاع بعد تقديم كافة الإجراءات التي تثبت حقهم في ذلك ونفي ما يتردد من جانب عائلة رضا حول وجود تزوير بعقد الإيجار بحجة أن الشاهد متوفي حيث إن العقد المقدم للمحكمة يختلف عن ما في حوزة عائلة رضا وأن العقد المقدم قائم علي علاقة التوقيع بين الطرفين من العائلتين ولا يوجد توقيع شهود به.
وأكد هشام العماري ضرورة صدور قرار بتمكين صادق العماري من الأرض وأخذ كافة التعهدات علي رضا فهيم بعدم التعرض للأرض محل النزاع.
تجاوزات للأرض!
أما عزمي رمزي محامي عائلة رضا فهيم:فقال إنه تولي القضية بعد صدور الحكم لصالح العماري وذكر أن عائلة العماري قدمت عرضا قبل صدور الحكم بالتنازل عن فدان لصالح رضا فهيم علي أن يتم النظر في المساحة الأخري في مدي إمكانية تأجيرها لصالح رضا الذي رفض قبول العرض وتمسك بحقه في الأرض وبعد صدور الحكم تم تحديد يوم التنفيذ.ولكن لم يتم إعلام رضا به بمخالفة القانون.
أقوال متضاربة!
أضاف رمزي أن رضا فهيم قام بتسجيل مساحة فدان و18قيراطا بموجب عقد مسجل من شخص يدعي مهني بشاي من البلينا ولو تم تقديم هذا المستند للمحكمة لتم وضعه في الاعتبار ولكن لا يعرف أسباب عدم تقديمه من قبل المحامي السابق وتوقع أن النقض سوف يتم قبوله لأنه لا يوجد عقد إيجار بين صادق العماري ورضا فهيم وأن ما تم تقديمه للمحكمة عبارة عن صورة ضوئية لعقد الإيجار ولم يتم تقديم العقد الأصلي.
******************************
المصرى اليوم ٢٤/٦/٢٠٠٧ م عن مقالة بعنوان " إخلاء سبيل ١٧ متهما في أحداث قرية «المدامود» بعد مصالحة بين المسلمين والأقباط " كتب نيفين سلامة
أمر قاضي المعارضات، بمحكمة جنح الأقصر، بإخلاء سبيل ١٧ متهماً، كانوا محتجزين علي ذمة التحقيقات في أحداث قرية المدامود شمال الأقصر. كانت القرية شهدت في ١٦ يونيو الجاري، نزاعا علي قطعة أرض بين عائلتين مسلمة وقبطية، أصيب فيه ١٣ شخصا،
بينهم ٦ مسلمين و٧ أقباط، وبدأت المشكلة بنزاع قضائي علي قطعة أرض تملكها العائلة المسلمة، وتستأجرها العائلة القبطية، وجاء قرار النيابة بعد المصالحة، التي نجح في إتمامها نخبة من الرموز الإسلامية والقبطية، تقدمهم الدكتور محمد أبوالمجد العماري نائب الأقصر ووكيل لجنة الصحة بمجلس الشعب، وممدوح فيليب رجل الأعمال القبطي المعروف.
كان المواطن رضا فهيم، الذي يقيم بقرية المدامود شمال الأقصر، يستأجر قطعة أرض مساحتها ثلاثة أفدنة ونصف الفدان من المواطن يحيي أبوالمجد، وحاول الأخير استرداد أرضه فرفض الأول، استنادا إلي قوانين قديمة، تم إلغاؤها، فلجأ أبوالمجد للقضاء الذي انتصر للقوانين الحديثة،
التي تسمح للملاك باسترداد أراضيهم من المستأجرين، وحصل بالفعل علي حكم قضائي لصالحه، تم تنفيذه بالقوة الجبرية قبل أسبوع، إلا أن العائلة القبطية حاولت استرداد قطعة الأرض، فوقعت المشاجرة بين الطرفين.
************************