الشيخ على يوسف

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الشيخ على يوسف صاحب جريدة المؤيد

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
جريدة الأهرام
الشيخ يوسف وجريدة المؤيد
أول صحفى يسجن
أول احتجاب للصحف المصرية
الصحافة والسلطة
‘إنشاء صحافة بمصر
روز إليوسف
مصطفي أمين والأخبار
جريدة‏ '‏الصاعقة
تاريخ المجلات والجرائد المسيحية
الصحف والأحزاب
محمد حسنين هيكل
مجلة صباح الخير
صحف أباظية
دنيا الفن
على أمين
مجلة الأطفال ميكى
جريدة ‏مصر
مجلة إبداع
جريدة ‏المقطم‏
صحافة الأقباط
جريدة الوقائع
أول نقيب لصحفيين
New Page 7350

Hit Counter

 

في شارع محمد علي، وكان في ذلك الوقت يكاد يكون الشارع الرئيسي في القاهرة، وفي وسط الشارع تقريبا نجد «دار المؤيد» (1) كبري الجرائد اليومية في ذلك الوقت، فإذا دخلنا الدار، وصعدنا إلي حجرة صاحب الجريدة ورئيس تحريرها وجدنا فيها شيخا أنيقا يجلس إلي مكتب كبير، وقد تربع علي مقعده في جلسة أزهرية، وثني ركبته وأخذ يكتب مسنيدا الورق إليها.. إنه الشيخ علي يوسف، الرائد الأول للصحافة المصرية الكبيرة وكان علي يوسف قد ترك قريته النائية في الصعيد «بلصفورة» فقيرا غاية الفقر، وجاء إلي القاهرة علي ظهر مركب في النيل ليتلقي العلم، لعله إن أفلح، يصبح فقيهاً أو معلماً، و إن فشل يكتسب الرزق بقراءة القرآن علي المقابر!
علي أن آمال الفتي الفقير، الزري الهيئة، كانت أعظم جدا مما يظن الناس، فهو لا يلبث أن يتوقف عن مواصلة الدراسة في الأزهر ويهتم بالمسائل العامة، فيجرب قلمه في رسائل يبعثها إلي الصحف، ثم تغريه الصحافة فيدخل في ميدانها ويعمل في مجلة «القاهرة الحرة»، ثم يصدر مجلة «الآداب» ثم لا تمضي سنوات حتي ينشيء أكبر جريدة يومية في مصر هي «المؤيد» يكتب فيها كتاب الطليعة في ذلك الوقت قاسم أمين وسعد زغلول ومصطفي لطفي المنفلوطي ومصطفي كامل، الطالب بكلية الحقوق، قبل أن يتخرج ويصدر جريدة «اللواء».
كان علي يوسف أول صحفي يصل بقلمه إلي مركز أدبي رفيع في الدولة، فقد توثقت صلالة بأكبر الشخصيات المصرية واتصلت أسبابه بعد ذلك بالخديو عباس الثاني ثم بالخليفة التركي في القسطنطينية، وازدان صدره بأرفع أوسمة الدولة ونياشينها، وأصبح رجلا مرموقاً مرغوباً، إلي جانب كونه صاحب قلم جبار، يغرسه كل صباح في صدور الإنجليز..
كذلك كان علي يوسف أول صحفي يحاكم في قضية صحفية مهمة، ذلك أنه أصدر «المؤيد» بعد شهور قليلة من صدور «المقطم»، التي كان يمولها ويوجهها الاحتلال، وكان طبيعيا أن يحارب الإنجليز جريدة «المؤيد» التي تنافس «المقطم» وتعارضها.. فحرمتها من الأخبار المهمة، لكن «المؤيد» دأبت علي نشر البرقيات السرية التي كان قائد الجيش المصري في ذلك الوقت يرسلها إلي وزير الحربية المصري عن حالة الجيش المصري في السودان.
وكان آخرها برقية لكتشنر بأن الوباء يفتك بالجنود المصريين هناك، وكان لنشر البرقية دوي كبير، فانطلق الجنود يبحثون عن المسؤول عن تسرب هذه البرقية حتي عثروا عليه، موظف وطني صغير يعمل في مكتب تلغراف القاهرة اسمه «توفيق أفندي كيرلس» وأخذت النيابة تحقق مع علي يوسف وتوفيق كيرلس وكان الذي يحقق معهما وكيل نيابة شاب بدين يضع علي عينيه نظارة مذهبة اسمه محمد فريد، فلم يلبث أن حفظ القضية لعدم كفاية الأدلة وثار الإنجليز من جديد، وأصدروا أوامراهم بنقل وكيل النيابة «محمد فريد» إلي الصعيد فاستقال وانضم لمصطفي كامل وأعيد التحقيق من جديد وقدم علي يوسف وتوفيق للمحاكمة، التي كانت تحظي باهتمام الرأي العام، وجاء الحكم ببراءة علي يوسف وحبس توفيق كيرلس ثلاثة أشهر.
ولم يرض الإنجليز بهذه النتيجة، فقدموا طعنا في الحكم، وإذا بمحكمة الاستئناف تبرئ الاثنين وتهجم الجماهير علي قفص الاتهام- كما روت المؤيد- حاملة علي يوسف علي الأعناق إلي سلم المحكمة الخارجي، وكان حظ الشيخ علي يوسف أن يقدم مرة أخري إلي المحاكمة في أواخر أيامه، لأنه طبع كتابا بذيئا جدا اسمه «المسامير» وضعه ثائر قديم اسمه عبدالله النديم، مهاجما فيه مفتي الباب العالي في تركيا.
هذا إذا.. هو «العريس»
وكان علي يوسف قد تزوج في شبابه زيجة «متواضعة» تناسب شبابه، المجاهد الفقير، فلما وصل إلي هذا المركز الكبير والثراء العريض أيضا.. فكر كعادة المصريين أن يتزوج مرة ثانية، زوجة ترضي مكانته الممتازة، تكون جميلة وثرية من بيت حسب ونسب، فهداه البحث إلي بيت «السادات»، فهو بيت ثراء وعراقة من وقت بعيد وهم «أشراف» من سلالة الحسين وأحفاد النبي.
وكان قد أتيح له أن يري في بعض المناسبات «صفية» صغري بنات السيد «السادات»، وأن يعرف عنها أنها نالت قسطا معتبراً من الثقافة، إذا قيست إلي مستوي نساء عصرها، وتقدم الشيخ يخطب صفية، التي كانت بيضاء اللون، جميلة الوجه، بدينة جدا!! علي طراز الجمال الذي كان مفضلا عند الشرقيين في ذلك الزمان، ولم يرض السادات بسهولة إلا بعد أن توسط «للعريس» الوسطاء من الكبراء والوزراء والأمراء، وتمت الخطبة وقدم الشيخ علي يوسف الهدايا- المهر والشبكة- وكانوا يسمونها النيشان، ومرت سنة واثنتان وأربع والشيخ علي يوسف لا يكف عن سؤال الأب متي يزف إلي عروسه، والسيد السادات يماطل ويسوّف ويخلق العراقيل، وضاف الشيخ علي يوسف بالأمر، ورأي أن الوضع أصبح مهيناً لكرامته.. كما ضاقت العروس بالأمر مثله،
وقرر الشيخ في نفسه أمرا، وانطلق الرسل بينه وبين خطيبته، وبعض أهلها ممن كانوا يؤيدونه، وفي يوم معلوم خرجت صفية من بيت أبيها مع بعض أهلها، في زيارة بريئة لبيت السيد البكري، من أقارب أسرة السادات، وفي بيت البكري كان القسم الثاني من الخطة الموضوعة، كان الشيخ علي يوسف جالسا ومعه المأذون، وجاءت العروس وعقد المأذون القران، واحتفل الحاضرون احتفالا سريعا بالزفاف، وخرجت العروس مع عريسها تشيعها الزغاريد إلي بيت الزوجية في حي الظاهر واستيقظ والد العروس السيد «السادات» في اليوم التالي ليقرأ في المقطم نبأ زفاف ابنته إلي الشيخ علي يوسف، فقد الرجل لبه وجن جنونه: أتهرب ابنته من بيته بغير علمه؟ أتتزوج من رجل غريب رغم أنفه؟ أيأخذها علي يوسف علي هذا النحو قسرا، ويخطفها لبيت الزوجية خطفا.
كان هذا الحادث منذ خمسين سنة يبدو أخطر جدا مما نستطيع نحن أبناء هذا العصر أن نتصوره، وقد زاد من خطورته أن الهاربة كانت من هذا البيت العريق.
قدم السادات بلاغا إلي النيابة يتهم فيه الشيخ علي يوسف بأنه غرر بابنته وبحثت النيابة الموضوع، فوجدت أن السيدة صفية قد بلغت سن الرشد فمن حقها شرعا أن تزوج نفسها وقد حضر القرآن عدد كبير من أقارب العروس، فليست هناك أي شبهة في أن علي يوسف غرر بالسيدة صفية، وحفظت النيابة البلاغ ولم يسكت السادات عن هذا القرار، فرفع دعوي أمام المحكمة الشرعية يطلب فيها الحكم بإبطال الزواج، استنادا إلي أن الشريعة تشترط لصحة الزواج وجود تكافؤ بين الزوجين في الإسلام والنسب والمال والحرفة، وأحيلت القضية إلي محكمة قاضيها هو الشيخ «أبوخطوة» وتحددت لنظرها يوم ٢٥ يوليو سنة ١٩٠٤م، وانقسم الرأي العام إلي معسكرين متخاصمين أحدهما مع الشيخ علي يوسف، وعلي رأسهم الخديو عباس حلمي نفسه وفريق يهاجمه، يضم الجامدين الذين يؤمنون بالأخلاق القديمة كلها.
وفي اليوم الموعود انعقدت الجلسة، وكان الشيخ أبوخطوة معروفا بتزمته الشديد، وفي الجلسة الأولي حكم بتسليم السيدة صفية إلي أبيها لمنع المخالطة الزوجية حتي يفصل نهائيا في الدعوي، ووافق علي يوسف ولكن السيدة صفية رفضت، واهتدي علي يوسف إلي حل يوفق بين قرار المحكمة وإصرار زوجته، فاتفق معها علي أن تترك بيت الزوجية وتذهب لبيت رجل محايد «مؤتمن» وخيرها بين بيت القاضي أبو خطوة نفسه ومفتي الديار المصرية الشيخ النواوي، أو بيت عالم جليل معروف بحسن السمعة، وهو الشيخ الرافعي فاختارت الأخير.
وفي الجلسة الثانية أعلن الشيخ أبوخطوة إيقاف القضية وإضرابه عن نظر الدعوي، حتي ينفذ حكم إرسال السيدة صفية لبيت أبيها ولو بالقوة، لكنها رفضت رغم رسائل زوجها لها يرجوها بالرضوخ لحكم أبي خطوة، وتوالت الاجتماعات في وزارة الحقانية بين الوزير ووكيل الوزارة وكبار رجال القضاء الشرعي، وبدأت القضية باستجواب الشهود بعد الضغط الوزاري علي أبي خطوة بالعدول عن الإضراب
وأصدر الشيخ أبوخطوة حكمه أخيرا وبفسخ عقد الزواج والتفريق بين الزوجين وجاء حكم محكمة الاستئناف مؤيدا الحكم الأول، وانسحبت القضية من علي المسرح لتبقي ذيولها في الكواليس، وبعد أن صدر الحكم علي هذا النحو وشعر السادات أن كرامته ردت إليه اتصلت المساعي بينه وبين علي يوسف، حتي رضي السادات بأن تتزوج ابنته صفية من الشيخ علي يوسف بعقد جديد، وتم الزواج فعلا لتعود صفية لبيت زوجها.
من كتاب «أيام لها تاريخ» الصادر عام ١٩٥٤م

 

==============

المـراجع

(1) جريدة المصرى اليوم تاريخ العدد الجمعة ١٤ سبتمبر ٢٠٠٧ عدد ١١٨٨

 

This site was last updated 12/16/10