Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الشاعر زيد بن عمرو بن نفيل
إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس ستجد تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 3000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
الشاعر أمرئ القيس
القرآن والشاعر زيد
القرآن وشعر أمية
القرآن وشعر إبن ساعدة
شعر الشعراء بالقرآن

Hit Counter

 

زيد بن عمرو بن نفيل لم يسجد لحجر ولم يقدم ذبائح للأصنام ولم يأكل لما ذبح للأصنام ولكن محمد فعل هذا
يقول عنه سيد القمنى فى ( الحزب الهاشمى ) فصل جذور الأيديولوجيا الحنفية :
تعود أرومته إلى قصي بن كلاب وأمه هي أمية بنت عبد المطلب وعنه يقول ابن كثير :
" إنه اعتزل الأوثان ، وفارق الأديان ؛ من اليهود والنصاري والملل كلها ، إلا دين الحنيفية ، دين إبراهيم ، يوحد الله ويخلع من دونه .. وذكر شأنه للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : هو أمة وحده يوم القيامة .. يبعث يوم القيامة أمة وحده .. وكان يحيي الموءودة ؛ يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته : لا تقتلها ، أنا أكفيك مئونتها فيأخذها .. وكان يقول : يا معشر قريش إياكم والزنا ، فإنه يورث الفقر .. فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يحشر ذاك أمة وحده ، بيني وبين عيس ابن مريم – إسناده جيد – وأتى عمر بن الخطاب وسعيد بن زيد إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فسألاه عن زيد بن عمرو بن نفيل : فقال غفر الله له ورحمه ، فإنه مات على دين إبراهيم .. مات زيد بمكة ، ودفن بأصل حراء .. قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل دوحتين " (ابن كثير : البداية والنهاية ، ج2 ، ص 221 ، 224 . ) .
فى قصيدة له نجده يسلم وجهه لله الذى دحى الارض وارسى عليها الجبال
أسلمت ؟! أسلمت وجهي لمن أسلمت , له الأرض تحمل صخرا ثقالا , دحاها فلما رأها استوت , على الماء ، أرسي عليها الجبالا , وأسلمت وجهي لمن أسلمت , له المزن تحمل عذبا زلالا , إذا هي سيقت إلى بلدة , أطاعت فصبت عليها سجالا , (ابن كثير : البداية والنهاية ، ج2 ، ص 225 .)
( وفي السيرة النبوية ) لابن هشام ؛ نجد زيداً دخل الكعبة وقال :
" اللهم لو أني أعلم أي الوجوه أحب إليك لعبدتك به ، ولكنني لا أعلمه “
ثم يسجد على الأرض " (ابن هشام : السيرة ، ج1 ، ص 206 .) .

أكل الذبائح المقدمة للوثن
ويؤكد ( ابن هشام ) أن زيد بن عمرو بن نفيل حرم على نفسه أموراً – نقلها الناس عنه من بعد كتشريعات ؛ لانبهارهم بشدة ورعه وعلمه وتقواه – مثل تحريم الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير ، وما أهل به لغير الله من ذبائح تذبح على النصب (ابن هشام : السيرة ، ج1 ، ص 208 . وانظر أيضا البيهقي ، ج2 ، ص 125 ، 126 . وقد ذكر ابن الكلبي في كتاب الأصنام ص 12 إن النبي ذكر العزي يوما ، فقال :
( لقد أهديت للعزي شاة عفراء وأنا علي دين قومي) .
وتروي لنا الأخبار أن زيدا قد عاصر النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وأنه إلتقاه ؛ عن عبد الله بن عمر : أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لقي زيدا بأسفل بلدح ، فدعاه إلى تناول طعام مما يذبح للأرباب ، فقال زيد للنبي : " إني لست أكل ما تذبحون على أنصابكم " ؟!
ويعلل ابن هشام أكل النبي قبل بعثه نبياً ، لأضحيات أو قرابين الأصنام بقوله : " إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كان يأكل مما ذبح على النصب ، فإنما فعل أمراً مباحاً ، وإن كان لا يأكل فلا إشكال " !! (الشهر ستاني : الملل والنحل ، ج2 ، ص 248 . وانظر أيضا ابن هشام السيرة ج1 ، ص 208 و209 .)
ويورد لزيد شعره القائل في فراق الوثنية :
أربا واحدا أم ألف رب , دين إذا تقسمت الأمور , عزلت اللات والعزى جميعا , كذلك يفعل الجلد الصبور , فلا العزي أدين ولا ابنتيها , ولاصنمي بن عمرو أزور , ولكن أعبد الرحمن ربي , ليغفر ذنبي الرب الغفور , فتقوي الله ربكم احفظوها , متى تحفظوها لا تبوروا , تري الأبرار دارهم جنان
وللكفار حامية السعير , وخزي في الحياة وإن يموتوا , يلاقوا ما تضيق به الصدور
وقال حجير بن أبي إهاب : رأيت زيد بن عمرو بن نفيل ، وأنا عند صنم بوانة – بعدما رجع من الشام – وهو يراقب الشمس ، فإذا استقبل الكعبة ، فصلى ركعة وسجدتين ثم يقول :
هذه قبلة إبراهيم وإسماعيل ، لا أعبد حجراً ولا أصلي إلا إلى هذا البيت حتى أموت ،
وكان يحج فيقف بعرفة ، وكان يلبي فيقول : لبيك لا شريك لك ، ولا ند لك ،
ثم يدفع من عرفة ماشياً وهو يقول : " لبيك متعبداً لك مرقوقاً "
(الأصفهاني : الأغاني ، دار الكتب المصرية ، القاهرة ، د.ت ج3 ، ص 123 .) .
وقالت أسماء بنت أبي بكر : " رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائماً ؛ مسنداً ظهره إلى الكعبة ، يقول :
يا معشر قريش ، ما منكم أحد على دين إبراهيم غيري ، وكان إذا خلص إلى البيت استقبله ثم قال : لبيك حقاً حقاً ، تعبدا ورقاً
ثم قال :
عذت بما عاذ به إبراهيم , مستقبل الكعبة وهو قائم , يقول أنفي لك عان راغم , مهما تجشمني فإني جاشم
(ابن هشام : السيرة ، ج1 ، ص 227 . )
ويقول أيضاً :
إلى الله أهدي مدحي وثنائيا , وقولا رصينا لا يني الدهر باقيا , إلى الملك الأعلى الذي ليس فوقه , إله ولا رب يكون مدانيا , رضيت بك اللهم ربا فلن أرى , أدين إلهاً غير الله ثانياً
(ابن كثير : البداية والنهاية ، ج2 ، ص 205 .)

********************

 زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه

هو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزي بن رياح بن عبد الله بن قرظ بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي، وكان الخطاب والد عمر بن الخطاب عمه، وأخاه لأمه، وذلك لأن عمرو بن نفيل كان قد خلف على امرأة أبيه بعد أبيه، وكان لها من نفيل أخوه الخطاب‏.‏ قاله الزبير بن بكار، ومحمد بن إسحاق‏.‏
وكان زيد بن عمرو قد ترك عبادة الأوثان وفارق دينهم، وكان لا يأكل إلا ما ذبح على اسم الله وحده‏.‏
قال يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق‏:‏ حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر قالت‏:‏ لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسنداً ظهره إلى الكعبة يقول‏:‏ يا معشر قريش والذي نفس زيد بيده ما أصبح أحد منكم على دين إبراهيم غيري، ثم يقول‏:‏ اللهم إني لو أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به، ولكني لا أعلم، ثم يسجد على راحلته‏.‏
وكذا رواه أبو أسامة، عن هشام به‏.‏ وزاد‏:‏ وكان يصلي إلى الكعبة، ويقول‏:‏ إلهي إله إبراهيم، وديني دين إبراهيم، وكان يحيي الموؤدة، ويقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته‏:‏ لا تقتلها، ادفعها إلي أكفلها، فإذا ترعرعت فإن شئت فخذها وإن شئت فادفعها‏.‏ أخرجه النسائي من طريق أبي أسامة‏.‏
وعلقه البخاري فقال‏:‏ وقال الليث‏:‏ كتب إلى هشام بن عروة، عن أبيه به‏.‏
وقال يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، وقد كان نفر من قريش زيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وعثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى، وعبد الله بن جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن برة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسعد بن أسد بن خزيمة، وأمه أميمة بنت عبد المطلب وأخته زينب بنت جحش التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مولاه زيد بن حارثة، كما سيأتي بيانه‏.‏
حضروا قريشاً عند وثن لهم كانوا يذبحون عنده لعيد من أعيادهم، فلما اجتمعوا خلا بعض أولئك النفر إلى بعض وقالوا‏:‏ تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض، فقال قائلهم‏:‏ تعلمن والله ما قومكم على شيء، لقد أخطؤا دين إبراهيم وخالفوه، ما وثن يعبد‏؟‏ لا يضر ولا ينفع، فابتغوا لأنفسكم، فخرجوا يطلبون ويسيرون في الأرض يلتمسون أهل كتاب من اليهود والنصارى، والملل كلها، الحنيفية دين إبراهيم‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 2/ 297‏)‏
فأما ورقة بن نوفل فتنصر واستحكم في النصرانية، وابتغى الكتب من أهلها، حتى علم علماً كثيراً من أهل الكتاب، ولم يكن فيهم أعدل أمراً، وأعدل ثباتاً من زيد بن عمرو بن نفيل، اعتزل الأوثان، وفارق الأديان، من اليهود والنصارى والملل كلها، إلا دين الحنيفية دين إبراهيم، يوحد الله ويخلع من دونه، ولا يأكل ذبائح قومه، فإذا هم بالفراق لما هم فيه قال‏:‏ وكان الخطاب قد آذاه أذى كثيراً حتى خرج منه إلى أعلى مكة، ووكل به الخطاب شباباً من قريش، وسفهاء من سفهائهم‏.‏
فقال‏:‏ لا تتركوه يدخل، فكان لا يدخلها إلا سراً منهم، فإذا علموا به أخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم دينهم، أو يتابعه أحد إلى ما هو عليه‏.‏
وقال موسى بن عقبة‏:‏ سمعت من أرضى يحدث عن زيد بن عمرو بن نفيل‏:‏ كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول‏:‏ الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء ماء، وأنبت لها من الأرض، لم تذبحوها على غير اسم الله‏؟‏ إنكاراً لذلك وإعظاماً له‏.‏
وقال يونس، عن ابن إسحاق‏:‏ وقد كان زيد بن عمرو بن نفيل قد عزم على الخروج من مكة، فضرب في الأرض يطلب الحنيفية دين إبراهيم، وكانت امرأته صفية بنت الحضرمي كلما أبصرته قد نهض للخروج وأراده، آدنت الخطاب بن نفيل، فخرج زيد إلى الشام يلتمس ويطلب في أهل الكتاب الأول دين إبراهيم، ويسأل عنه، ولم يزل في ذلك فيما يزعمون، حتى أتى الموصل والجزيرة كلها‏.‏
ثم أقبل حتى أتى الشام، فجال فيها حتى أتى راهباً ببيعة من أرض البلقاء، كان ينتهي إليه علم النصرانية فيما يزعمون، فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم، فقال له الراهب‏:‏ إنك لتسأل عن دين ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم، لقد درس من علمه وذهب من كان يعرفه، ولكنه قد أظل خروج نبي وهذا زمانه‏.‏
وقد كان شام اليهودية والنصرانية، فلم يرض شيئاً منها، فخرج سريعاً حين قال له الراهب ما قال يريد مكة، حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه‏.‏
فقال ورقة يرثيه‏:‏
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما * تجنبت تنوراً من النار حاميا
بدينك ربا ليس رب كمثله * وتركك أوثان الطواغي كما هيا
وقد تدرك الإنسان رحمة ربه * ولو كان تحت الأرض ستينا واديا
وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة‏:‏ حدثنا أحمد بن طارق الوابشي، ثنا عمرو بن عطية، عن أبيه، عن ابن عمر، عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه كان يتأله في الجاهلية، فانطلق حتى أتى رجلاً من اليهود فقال له‏:‏ أحب أن تدخلني معك في دينك‏.‏
فقال له اليهودي‏:‏ لا أدخلك في ديني حتى تبوء بنصيبك من غضب الله‏.‏
فقال‏:‏ من غضب الله أفر‏.‏
فانطلق حتى أتى نصرانياً فقال له‏:‏ أحب أن تدخلني معك في دينك‏.‏
فقال‏:‏ لست أدخلك في ديني حتى تبوء بنصيبك من الضلالة‏.‏
فقال‏:‏ من الضلالة أفر‏.‏
قال له النصراني‏:‏ فإني أدلك على دين إن تبعته اهتديت‏.‏
قال‏:‏ أي دين‏.‏
قال‏:‏ دين إبراهيم‏.‏
قال‏:‏ فقال‏:‏ اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم، عليه أحيى وعليه أموت‏.‏
قال‏:‏ فذكر شأنه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ هو أمة وحده يوم القيامة‏.‏
وقد روى موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر نحو هذا‏.‏
وقال محمد بن سعد، حدثنا علي بن محمد بن عبد الله بن سيف القرشي، عن إسماعيل، عن مجالد، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال‏:‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 2/ 298‏)‏
قال زيد بن عمرو بن نفيل شاممت اليهودية والنصرانية فكرهتهما، فكنت بالشام وما والاها، حتى أتيت راهباً في صومعة فذكرت له اغترابي عن قومي، وكراهتي عبادة الأوثان، واليهودية والنصرانية، فقال له‏:‏ أراك تريد دين إبراهيم يا أخا أهل مكة، إنك لتطلب ديناً ما يوجد اليوم أحد يدين به، وهو دين أبيك إبراهيم، كان حنيفاً لم يكن يهودياً ولا نصرانياً، كان يصلي ويسجد إلى هذا البيت الذي ببلادك، فالحق ببلدك فإن الله يبعث من قومك في بلدك من يأتي بدين إبراهيم الحنيفية، وهو أكرم الخلق على الله‏.‏
وقال يونس، عن ابن إسحاق‏:‏ حدثني بعض آل زيد بن عمرو بن نفيل‏:‏ إن زيداً كان إذا دخل الكعبة قال‏:‏ لبيك حقاً حقاً تعبداً ورقا، عذت بما عاذ به إبراهيم وهو قائم إذ قال‏:‏ إلهي أنفي لك عان راغم، مهما تجشمني فإني جاشم، البر أبغي لا أنحال، ليس مهجر كمن قال‏.‏
وقال أبو داود الطيالسي‏:‏ حدثنا المسعودي، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي، عن أبيه، عن جده‏:‏ أن زيد بن عمرو، وورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل فقال لزيد بن عمرو‏:‏ من أين أقبلت يا صاحب البعير‏؟‏ فقال‏:‏ من بنية إبراهيم‏.‏ فقال‏:‏ وما تلتمس‏؟‏ قال‏:‏ ألتمس الدين‏.‏
قال‏:‏ ارجع، فإنه يوشك أن يظهر في أرضك‏.‏
قال‏:‏ فأما ورقة فتنصر، وأما أنا فعزمت على النصرانية فلم يوافقني، فرجع وهو يقول‏:‏
لبيك حقا حقا * تعبدا ورقا
البر أبغي لا أنحال * فهل مهجر كمن قال
آمنت بما آمن به إبراهيم وهو يقول‏:‏ أنفي لك عان راغم، مهما تجشمني فإني جاشم، ثم يخر فيسجد‏.‏
قال‏:‏ وجاء ابنه يعني سعيد بن زيد أحد العشرة رضي الله عنه فقال‏:‏ يا رسول الله إن أبي كما رأيت وكما بلغك فاستغفر له‏.‏
قال‏:‏ نعم، فإنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة‏.‏
قال‏:‏ وأتى زيد بن عمرو بن زيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة، وهما يأكلان من سفرة لهما، فدعواه لطعامهما فقال زيد بن عمرو‏:‏ يا ابن أخي أنا لا آكل مما ذبح على النصب‏.‏
وقال محمد بن سعد‏:‏ حدثنا محمد بن عمرو، حدثني أبو بكر بن أبي سبرة، عن موسى بن ميسرة، عن ابن أبي مليكة، عن حجر بن أبي أهاب قال‏:‏ رأيت زيد بن عمرو وأنا عند صنم بوانة، بعد ما رجع من الشام، وهو يراقب الشمس، فإذا زالت استقبل الكعبة فصلى ركعة سجدتين‏.‏
ثم يقول‏:‏ هذه قبلة إبراهيم وإسماعيل، لا أعبد حجراً، ولا أصلي له، ولا آكل ما ذبح له، ولا أستقسم الأزلام، وإنما أصلي لهذا البيت حتى أموت، وكان يحج فيقف بعرفة، وكان يلبي فيقول‏:‏ لبيك لا شريك لك ولا ند لك‏.‏ ثم يدفع من عرفة ماشياً وهو يقول‏:‏ لبيك متعبدا مرقوقاً
وقال الواقدي‏:‏ حدثني علي بن عيسى الحكمي، عن أبيه، عن عامر بن ربيعة قال‏:‏ سمعت زيد بن عمرو بن نفيل يقول‏:‏ أنا أنتظر نبياً من ولد إسماعيل، ثم من بني عبد المطلب، ولا أراني أدركه، وأنا أؤمن به وأصدقه وأشهد أنه نبي، فإن طالت بك مدة فرأيته فأقرئه مني السلام، وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفى عليك‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 2/ 299‏)‏
قلت‏:‏ هلم‏!‏ قال‏:‏ هو رجل ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بكثير الشعر ولا بقليله، وليست تفارق عينه حمرة، وخاتم النبوة بين كتفيه، واسمه أحمد، وهذا البلد مولده ومبعثه، ثم يخرجه قومه منها، ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب، فيظهر أمره، فإياك أن تخدع عنه، فإني طفت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم، فكان من أسأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون‏:‏ هذا الدين وراءك، وينعتونه مثل ما نعته لك، ويقولون‏:‏ لم يبق نبي غيره‏.‏
قال عامر بن ربيعة‏:‏ فلما أسلمت أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم قول زيد بن عمرو، وأقرائه منه السلام، فرد عليه السلام وترحم عليه، وقال‏:‏ ‏(‏‏(‏قد رأيته في الجنة يسحب ذيولاً‏)‏‏)‏‏.‏
وقال البخاري في صحيحه ذكر زيد بن عمرو بن نفيل‏:‏ حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عقبة، حدثني سالم عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح، قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سفرة فأبى أن يأكل منها‏.‏
ثم قال زيد‏:‏ إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه، وأن زيد بن عمرو يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول‏:‏ الشاة خلقها الله وأنزل لها من السماء ماء وأنبت لها من الأرض، ثم يذبحونها على غير اسم الله إنكاراً لذلك وإعظاما له‏.‏
قال موسى بن عقبة‏:‏ وحدثني سالم بن عبد الله ولا أعلمه إلا يحدث به، عن ابن عمر أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالماً من اليهود فسأله عن دينهم فقال‏:‏ إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني‏.‏ فقال‏:‏ إنك لا تكون على ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله‏.‏
قال زيد‏:‏ وما أفر إلا من غضب الله تعالى، ولا أحمل من غضب الله شيئاً ولا أستطيعه، فهل تدلني على غيره‏؟‏
قال‏:‏ ما أعلمه إلا أن تكون حنيفاً‏.‏ قال زيد‏:‏ وما الحنيف‏؟‏
قال‏:‏ دين إبراهيم عليه السلام، لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا يعبد إلا الله‏.‏
فخرج زيد فلقي عالماً من النصارى فذكر مثله‏.‏ فقال‏:‏ لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من على غيره‏.‏ قال‏:‏ ما أعلمه إلا أن تكون حنيفاً‏.‏ قال‏:‏ وما الحنيف‏؟‏ قال‏:‏ دين إبراهيم لم يكن يهودياً ولا نصرانياً، ولا يعبد إلا الله، فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم خرج فلما برز رفع يديه فقال‏:‏ اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم‏.‏
قال‏:‏ وقال الليث كتب إلى هشام بن عروة عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر قالت‏:‏ رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائماً مسنداً ظهره إلى الكعبة يقول‏:‏ يا معشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري‏.‏
وكان يحيي الموؤدة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته‏:‏ لا تقتلها أنا أكفيك مؤنتها، فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها‏:‏ إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤنتها‏.‏ انتهى ما ذكره البخاري‏.‏
وهذا الحديث الأخير قد أسنده الحافظ ابن عساكر من طريق أبي بكر بن أبي داود، عن عيسى بن حماد، عن الليث، عن هشام، عن أبيه، عن أسماء فذكر نحوه‏.‏
وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء قالت‏:‏ سمعت زيد بن عمرو بن نفيل وهو مسند ظهره إلى الكعبة يقول‏:‏ يا معشر قريش إياكم والزنا، فإنه يورث الفقر‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 2/ 300‏)‏
وقد ساق ابن عساكر هاهنا أحاديث غريبة جداً، وفي بعضها نكارة شديدة‏.‏
ثم أورد من طرق متعددة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏‏(‏يبعث يوم القيامة أمة واحدة‏)‏‏)‏‏.‏
فمن ذلك ما رواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر قال‏:‏ سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه كان يستقبل القبلة في الجاهلية، ويقول‏:‏ إلهي إله إبراهيم، وديني دين إبراهيم، ويسجد‏.‏
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏(‏‏(‏يحشر ذاك أمة وحده، بيني وبين عيسى بن مريم‏)‏‏)‏‏.‏
إسناده جيد حسن‏.‏
وقال الواقدي‏:‏ حدثني موسى بن شيبة، عن خارجة بن عبد الله بن كعب بن مالك قال‏:‏ سمعت سعيد بن المسيب يذكر زيد بن عمرو بن نفيل فقال‏:‏ توفي وقريش تبني الكعبة، قبل أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنين‏.‏
ولقد نزل به وإنه ليقول‏:‏ أنا على دين إبراهيم، فأسلم ابنه سعيد بن زيد واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتى عمر بن الخطاب وسعيد بن زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألاه عن زيد بن عمرو بن نفيل فقال‏:‏
‏(‏‏(‏غفر الله له ورحمه فإنه مات على دين إبراهيم‏)‏‏)‏‏.‏
قال‏:‏ فكان المسلمون بعد ذلك اليوم لا يذكره ذاكر منهم إلا ترحم عليه واستغفر له‏.‏ ثم يقول سعيد بن المسيب رحمه الله وغفر له‏.‏
وقال محمد بن سعد عن الواقدي‏:‏ حدثني زكريا بن يحيى السعدي عن أبيه قال‏:‏ مات زيد بن عمرو بن نفيل بمكة، ودفن بأصل حراء‏.‏ وقد تقدم أنه مات بأرض البلقاء من الشام لما عدا عليه قوم من بني لخم، فقتلوه بمكان يقال له ميفعة، والله أعلم‏.‏
وقال الباغندي عن أبي سعيد الأشج، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏
‏(‏‏(‏دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل دوحتين‏)‏‏)‏‏.‏
وهذا إسناد جيد، وليس هو في شيء من الكتب‏.‏
ومن شعر زيد بن عمرو بن نفيل رحمه الله، ما قدمناه في بدء الخلق من تلك القصيدة‏:‏
إلى الله أهدي مدحتي وثنائيا * وقولا رضيا لا يني الدهر باقيا
إلى الملك الأعلى الذي ليس فوقه * إله ولا رب يكون مدانيا
وقد قيل‏:‏ إنها لأمية بن أبي الصلت، والله أعلم‏.‏
ومن شعره في التوحيد ما حكاه محمد بن إسحاق، والزبير بن بكار وغيرهما‏:‏
وأسلمت وجهي لمن أسلمت * له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما استوت شدها * سواء وأرسى عليها الجبالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت * له المزن تحمل عذبا زلالا
إذا هي سيقت إلى بلدة * أطاعت فصبت عليها سجالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت * له الريح تصرف حالا فحالا
وقال محمد بن إسحاق‏:‏ حدثني هشام بن عروة قال‏:‏ روى أبي أن زيد بن عمرو قال‏:‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 2/ 301‏)‏
أرب واحد أم ألف رب * أدين إذا تقسمت الأمور
عزلت اللات والعزى جميعاً * كذلك يفعل الجلد الصبور
فلا العزى أدين ولا ابنتيها * ولا صنمي بني عمرو أزور
ولا غنما أدين وكان ربا * لنا في الدهر إذ حلمي يسير
عجبت وفي الليالي معجبات * وفي الأيام يعرفها البصير
بأن الله قد أفنى رجالاً * كثيرا كان شأنهم الفجور
وأبقى آخرين ببر قوم * فيربل منهم الطفل الصغير
وبينا المرء يعثر ثاب يوماً * كما يتروح الغصن النضير
ولكن أعبد الرحمن ربي * ليغفر ذنبي الرب الغفور
فتقوى الله ربكم احفظوها * متى ما تحفظوها لا تبوروا
ترى الأبرار دارهم جنان * وللكفار حامية سعير
وخزي في الحياة وإن يموتوا * يلاقوا ما تضيق به الصدور
هذا تمام ما ذكره محمد بن إسحاق من هذه القصيدة‏.‏
وقد رواه أبو القاسم البغوي عن مصعب بن عبد الله، عن الضحاك بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال‏:‏ قال هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر قالت‏:‏ قال زيد بن عمرو بن نفيل‏:‏
عزلت الجن والجنان عني * كذلك يفعل الجلد الصبور
فلا العزى أدين ولا ابنتيها * ولا صنمي بني طسم أدير
ولا غنما أدين وكان رباً * لنا في الدهر إذ حلمي صغير
أرباً واحداً أم ألف رب * أدين إذا تقسمت الأمور
ألم تعلم بأن الله أفنى * رجالا كان شأنهم الفجور
وأبقى آخرين ببر قوم * فيربو منهم الطفل الصغير
وبينا المرء يعثر ثاب يوما * كما يتروح الغصن النضير
قالت‏:‏ فقال ورقة بن نوفل‏:‏
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما * تجنبت تنوراً من النار حاميا
لدينك ربا ليس ربا كمثله * وتركك جنان الجبال كما هيا
أقول إذا أهبطت أرضا مخوفة * حنانيك لا تظهر علي الأعاديا
حنانيك أن الجن كانت رجاءهم * وأنت إلهي ربنا ورجائيا
لتدركن المرء رحمة ربه * وإن كان تحت الأرض سبعين واديا
أدين لرب يستجيب ولا أرى * أدين لمن لا يسمع الدهر واعيا
أقول إذا صليت في كل بيعة * تباركت قد أكثرت باسمك داعيا
‏(‏ج/ص‏:‏ 2/ 302‏)‏
تقدم أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام، هو وورقة بن نوفل، وعثمان بن الحويرث، وعبيد الله بن جحش فتنصروا، إلا زيداً، فإنه لم يدخل في شيء من الأديان، بل بقي على فطرته من عبادة الله وحده لا شريك له، متبعاً ما أمكنه من دين إبراهيم على ما ذكرناه‏.‏
وأما ورقة بن نوفل فسيأتي خبره في أول المبعث‏.‏
وأما عثمان بن الحويرث فأقام بالشام حتى مات فيها عند قيصر، وله خبر عجيب ذكره الأموي، ومختصره‏:‏
أنه لما قدم على قيصر فشكى إليه ما لقي من قومه، كتب له إلى ابن جفنة ملك عرب الشام ليجهز معه جيشاً لحرب قريش، فعزم على ذلك فكتبت إليه الأعراب تنهاه عن ذلك، لما رأوا من عظمة مكة وكيف فعل الله بأصحاب الفيل‏.‏ فكساه ابن جفنة قميصاً مصبوغاً مسموماً فمات من سمه، فرثاه زيد بن عمرو بن نفيل بشعر ذكره الأموي تركناه اختصاراً‏.‏ وكانت وفاته قبل المبعث بثلاث سنين أو نحوها‏.‏ والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

راجع البداية والنهاية البداية والنهاية  - الجزء الثاني  - ( 30 من 239 )

    http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=251&CID=30

 ========================

المــــــــــــــراجع

(1) راجع هذا الموقع http://www.ladeeni.net/pn/PrintArticle332.html

 

This site was last updated 04/14/10