Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

(2) قرارات مجمع أورشليم

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up

 

العلاقات فى التقليد الموسوى بين اليهودى والغريب المقيم مع اليهودى فى الأرض

الجماع مع الأقارب. وكما قيل في سفر اللاويين يجب ان يحافظ على هذه المحرمات بنو اسرائيل و"جير" ( الجار في العربية وفعل جاور) أي الغريبُ الذي يقيم وسط شعب الله. حيث أن الفرائض والواجبات المذكور القواعد المذكورة تساعد على خلق علاقات حسنه بينهما

 كان اليهود الذين أصبحوا مسيحيين في القرن الأولى المسيحي يفهم هذه العلاقات ونفهم من المعطيات التالية أن  .
المعطية الأولى:  تعنى لفظة "جير" أى الجار ترجمت في اليونانية إلى "بروساليتوس" أي الذي جاء حديثاً إلى البلاد (رج لا 17: 8 حسب السبعينية). وعند فيلون الاسكندراني تعنى هذه  اللفظة الوثني المرتدّ والذي صار بالختان يهودياً بكل معنى الكلمة. أما في الترجمة السبعينية، فهذه الصفة الدينية (مرتد مختون) لم تظهر بوضوح. ولم يذكر فلافيوس يوسيفوس المؤرخ اليهودى الكلمة المكتسبة. واحتفظ ترجوم نيوفيتي (في البنتاتوكس) بالمعنى الأصلي للكلمة فدلّ "جير" على الغريب المندمج (لا 17-18). وبعد ذلك، ماثلت اليهودية بين "جير" والمرتدّ المختون. نجد أن الأمر لم يكن كذلك قبل دمار الهيكل. فالإهتمام بالغريب الذي لا يعبد الأوثان ظلّ كبيراً. وحين كان اليهود يحترسون من الأمم (الوثنية)، وتغير الفكر اليهودة المجامع في القرن الأول المسيحي: الله لا يجابي الأشخاص (لا يفضّل شخصاً على شخص) بمن فيهم الغرباء. هذا ما نجده في القديميات البيبلية لفيلون المزعوم. وفي اش 56: 1- 9 و57: 19 كما يقرأ في أيام السبت.
المعطية الثانية: إذا كانت يهودية الشتات لا تطرح بالعبارات نفسها وضع الغريب المقيم، الوضع المتعلق بخائفي الله (المتّقون الذين يظلّون دون ختان، وبهذا يختلفون عن المرتدّين)، فهذا ما زال يطرح مسألة مماثلة. فهؤلاء الناس يُعتبرون يهوداً لانهم تخلّوا عن عبادة الأصنام واعتادوا على ارتياد المجامع. أما في نظر اليهودي، فلا يشكّل هؤلاء المتقون مجموعة محدّدة، بل أفراداً يجب حثّهم على الإرتداد ارتداداً كامل، وبالتالي على قبول الختان.
المعطية الثالثة: عد دمار الهيكل، برزت سلسلة من سبع محرمات نُسبت إلى نوح وفُرضت على الجميع: التجديف، عبادة الأوثان، الزنى مع الأهل، القتل، أكل حيوان حي. ونجد أيضاً في كتب الترجوم لائحة دينية عن عبادة الأصنام وعن كشف عورة الأقارب (أو الجماع مع الأهل)، وعن سفك الدم. نلاحظ في كل هذه الحالات تشديداً على الطابع الأخلاقي لفرائض سفر اللاويين الطقسية. مثل هذه الظاهرة في العالم اليهودي تذكرنا بإتجاه مماثل يعبر عنه النصّ الغربي في أع 15: 20، 29. يتحدث عن الإمتناع عن نجاسات عبادة الأوثان، عن الحياة اللاأخلاقية (بالمعنى العام للكلمة)، عن الدم (أي عن القتل). و"لا تصنع للآخرين ما لا تريد ان يصنع لك". يستعيد هذا العنصر الأخير القاعدة الذهبية (وإن بصفة سلبية) المتعلقة بالغرباء المندمجين التي نقرأها في لا 19: 34: تعاملون الغريب المقيم عندكم كواحد منكم. تحبه كنفسك.
 الممارسة مشكلة المائدة (أي جلوس اليهود والوثنيين إلى مائدة واحدة) دون تفرقة دينيّة بطريقة مباشرة؟ هل تحاول أن تنظّم علاقات المشاركة في المائدة بين المسيحيين الهلينين والمسيحيين المتهودين؟  فالامتناع عن الخنزير يميّز اليهودي في نظر الوثنيين في القرن الأول المسيحي، وهو من هذا القبيل على مستوى ممارسة الختان وحفظ السبت. إذاً،  المائدة هي من الأمكنة المميّزة التي فيها تتعرف جماعة إلى نفسها في وحدتها وحدودها. وها نحن نقدم في خطّ المحرّمات المتعلقة بالغرباء المندمجين ( لا 17- 18) الإفتراض التالي: لا تتوخّى المحرّمات الأربع المذكورة أعلاه ان تحدد وضع المسيحيين الهلينيين بالنسبة إلى اليهود الذين آمنوا بالمسيح. ان احترام هذه القواعد هو تصرف اجتماعي في ممارسة تساعد على تمييز مجموعة خاصة والتعرف إليها.
وإذا أردنا أن ندرك الوضع إدراكاً دقيقاً نقدّم ملاحظتين. الأولى: كانت مسألة الإعتراف القانوني جوهرية في العالم الهلنستي لتستطيع مجموعة من المجموعات أن يكون لها وجود في نظر السلطة فلا تلاحقها الشرطة. كانت السلطة تهتمّ بحقّ التجمّعات وتحدّد لها قواعد تسير عليها. من هذا القبيل لعبت الشريعة دوراً كبيراً، فاعطت الجماعات اليهودية المشتتة الإعتراف الشرعي (اعترفت بها السلطة). الملاحظة الثانية وهي الأهم. ، رغم نموّها في وسط المتقين (لله) الذين يدورون في فلك المجامع (التي كان يرتادها المسيحيون). بل نحن في وقت لم تع "الكنيسة" بعد أنها تشكّل مجموعة مستقلة وشعباً جديداً. وإذا تتبعنا الكرونولوجيا الأدبية لرسائل بولس، نستطيع القول

وبدأت الكنيسة تتميز على أرض الواقع بين السنة 51 (1 تس) وسنة 54 (1 كور، غل) وفي الكنائس البوليسية بادىء ذي بدء. قد نفهم خطألأ حين نقرأ ما كتبه لوقا عن العنصرة. ولكن هذا النصّ يقدّم لاهوت الكنيسة خلال السنوات 80- 90 م وقد جعله الكاتب في بداية التاريخ الكنسي كخطّ اول يُحتذى به. فقبل هذا الوقت، ظلّت الجماعات المسيحية (التي لم تكن كلها بولسيّة) منقسمة حول مسألة الوجود الكنسي ولاسيّما حول الوضع الذي يُمنح للوثنين. هناك ثلاث طرق:
الطريق ألأول: ظل الختان، وهو طقس الدخول في شعب العهد، دائماً ضرورياً لكي يستطيع الغرباء المعترفون بالمسيح أن ينتموا إلى شعب الله (15: 1: "لا حظّ لكم إلا إذا اختتنتم"؛ 15: 5: "يجب أن يختتن الوثنيون ويعملوا بشريعة موسى"). عليهم أن يصيروا "مرتدّين مختونين" حسب ممارسة الكتبة الفريسيين في ذلك الوقت. وهو إختيار يمكن أن يكون مطبقاً على المسيحيين من الأصل اليهودى أو حتى المصريين الذين أعتنقوا المسيحية حيث كانت عادة الختان منتشرة فى مصر الوثنية
والأسباب هى :

أولاً: بدون الاختتان لا ينتمي الوثنييون المعترفون بيسوع إلى أي شعب. يكونون بلا شعب، يُقتلعون من وثنيتهم ولا يُزرعون في مكان آخر. وهذا يعني أنهم ليسوا مسيحيين لأن أصل المسيحية وجذورها الأولى هم اليهود.

 ثانياً: حينئذ يصبح الطريق إلى المسيحية خياراً دينياً من النمط الفردي لا بد وأن يمر عبر اليهودية ، دون أن يكون له أي بعد اجتماعي.

 ثالثاً: وفى هذا يظهر الفكر اليهودى القديم  حول وحدة شعب الله وتواصل شعب الوعد، وأمانة الله وآنيّة تعليمه؟ كل هذا تظهر من خلال تعاليم الكتب المقدّسة.

رابعاً: هناك خطر على الرسالة المسيحية إذا لم يكن الرسول مع اليهود كاليهود ليربح اليهود (1 كور 9: 20).

خامساً: هناك خطر الوصول إلى فقدان الشريعة: يصيرون "بلا شريعة" (2: 23؛ روم 2: 12) كالوثنيين.

سادساً: في إطار إسرائيل السياسي العائش غلياناً وطنياً قبل هجوم تيطس الرومانى على هيكل سليمان سنة 70 م، لم يكن من الموافق أن يتهرّب المسيحي "من صليب المسيح" (غل 6: 12)، أن يتهلين (أي أن يترك تراثه ويتعلق بقيم العالم الهليني). ولكن بولس رفض أن تُسلب حرية المسيحيين مهما كان الثمن.
الطريق الثانى :  وكان الحل الأمثل للكنيسة الأولى هو أن تعطي الوثنيين المرتدين وضعاً مشابهاً للغريب المندمج (كما في سفر اللاويين). وهكذا يعيش يهود اعترفوا بيسوع وظلّوا متعلقين بشعب الوعد، بجانب وثنيين صاروا مؤمنين واعتبروا غرباء مندمجين. هؤلاء الوثنيون يشاركون في الإيمان عينه دون أن يرتبطوا بالدرجة نفسها بالشعب المسيحاني. إذاً، كانت القرارات مع أنها لم ترضى المسيحيين من أصل وثنى تماما لأنها لم تساويهمع من هم من أصل يهودى لكن هذه القرارات كان لا بدّ منها و التي اتخذت (حسب أع 15) في إطار مجمع أورشليم، أرضت الجميع من خلال الناموس الموسوى وشريعة الحب فى المسيح وتعايشت الفئتين ذات الجذور المختلفة وطعمت معاً لتصبح شعباً جديداً للمسيح

وحدث  بعد هذا، أنه أختلف المسيحيون الهلينيون عن المتقين (الرب الإله ) الذين يرتادون المجامع بطريقة فردية، فيُعتبرون مجموعة خاصة دون أن يُفرض عليهم الختان؛

وإختلف حقليَ نشاط الخدمة الرسولي فاصبح هناك تخصص فمن يتوجّه إلى اليهود غير من يتوجّه إلى الوثنيين (غل 2: 9). في هذا الإطار، ساعدت القرارات الأربعة (جمعها التفسير المسيحي المتهود في قراءته لنصّ لا 17: 18 وفي تقليد المجمع) على تمييز هؤلاء "المتقين" (لله) الذين هم من نوع خاصّ، تمييزاً اجتماعياً.

مساندة إلهية لقرارات مجمع أورشليم " لى شعب فى هذه المدينة "

ومع صدور هذه القرارات لم تتنظّم علاقات تماما ًالمائدة: قبل حدث أنطاكية، ظلّ الناس يتوزعون على المائدة حسب جذورهم الأصلي.
 برهنة يعقوب نقرأها في أع 15: 13- 20 . فحسب تقديم لوقا للأمور، شدّد تدخّل بطرس (إن بطرس كما يحدّثنا عنه لوقا يأخذ باسلوب بولسي تام) على أن الإيمان ينقي بعد الآن الوثنيين النجسين، وأن النعمة تخلّصهم دون نير الشريعة (15: 7- 11). واستعاد يعقوب عنصراً من هذه الخطبة، وبرّرها منطلقاً من الكتب المقدسة: "إهتمّ الله بأن يتخذ من بين الأمم شعباً لاسمه" (15: 14). لا يسبق كلمة "شعب" أل التعريف كما في 18: 10: "لي شعب كبير في هذه المدينة". إن كلمة "لاوس" تدلّ عادة عند لوقا على شعب اسرائيل ما عدا في هاتين الحالتين: منذ الآن صارت الأمم الوثنية، شعب (الرب الإله) دون ان تكون شعب اسرائيل. يبدو مثل هذا التأكيد غريباً وشاذاً كيف نفسّر هذه الوحدة التي ظهرت في إستعمال كلمة لاوس لندلّ على اسرائيل المسيحي والأمم المرتدّة، وهذا التمايز الذي عبّر عنه غياب أل التعريف؟
 تستند البرهنة إلى نصّ عا 9: 11- 12 اليوناني والقريب من السبعينية. فلو عدنا إلى العبرانية لوصلنا إلى نتيجة معاكسة لتلك المعروضة هنا. نقرأ في العبرية: "في ذلك اليوم أقيم مسكن دواد... لكي يرثوا بقيّة آدوم (شعب في شرقي الأردن، في العبرية "أدم") وجميع الأمم الذين دُعي اسمي عليهم". أما صاحب أع فكتب: "بعد هذا سأرجع وأقيم (أبني) خيمة داود المتهدّمة. يسعى سائر البشر (آدم في العبرية، رج آدم الذي يدلّ على البشرية) إلى الربّ وجميع الأمم الذين دُعي اسمي عليهم" (أع 15: 16- 17).

إذن، إن القيام المسيحاني لاسرائيل المجدّد، يؤدّي إلى إرتداد الأمم. ففي قطعة من مغارة قمران الرابعة نقرأ تفسيراً مسيحانياً لنصّ عاموس هذا: كما كتب: "أقيم خيمة داود التي سقطت. خيمة داود هذه التي سقطت هي التي ستقوم من أجل خلاص اسرائيل". في أع، تدلّ خيمة داود على الشعب المسيحاني بصورة خاصّة أي اسرائيل الذي صار مؤمناً. ولكن نتيجة هذا القيام أو بالأحرى غايته هي ارتداد الوثنيين: لكي يسعى سائر البشر. فلو انطلقت برهنة يعقوب من نصّ عاموس العبري، لأدّت بنا إلى الضرورة بأن يضمّ شعب اسرائيل الذي يعترف بالمسيح، أن يضمّ في حضنه الوثنيين الذين آمنوا. هذا ما نقرأه في زك 2: 15 القريب من أع 15: 14: "في ذلك اليوم، يتعلّق شعوب عديدون بالرب، يكونون له شعباً". وحدّد الترجوم: "وتُزاد شعوب كثيرون على شعب الرب، ويكونون شعباً أمامي". أما برهنة يعقوب فتحافظ على التمايز بين اسرائيل و"الشعب" الذي خرج من بين الأمم. إن اسرائيل المسيحي هو جزء من الكنيسة، ولم يسمّه لوقا يوماً "اسرائيل الجديد". لا شكّ في أن هناك أولانية لاسرائيل المؤمن. ويبقى الرباط الرسالي هدف قيامته المسيحانية. غير أننا لم نعد على مستوى ما قاله الترجوم (زيادة، دخول شعب آت من الخارج)، بل على مستوى انضمام شعب اسرائيل والشعوب الوثنية إلى الكنيسة التي هي سابقة انطولوجيا (على مستوى الكيان) للشعوب والأمم.
 وقرارات مجمع أورشليم  لم تتكلّم عن دمج أو انضمام، بل مشاركة. أجل، لم يعد للمسيحيين المتقين (لله) أن يصيروا من المرتدين أي أن يختتنوا ليصيروا يهوداً قبل أن يصيروا مسيحيين.
و برزت اعتراضات خطيرة وإحدى علاماتها ما حدث في أنطاكية (غل 29: 11- 21). ما الذي حدث في انطاكية؟ كان بطرس يأكل مع غير المختونين دون أن يهتمّ بقواعد الطهارة الطقسية. فلما وصل رجال من عند يعقوب، إعتزل مائدة المسيحيين الهلينيين. وكانت المائدة كانت حينذاك اسمى مكان بالنسبة إلى الجماعة المسيحية في الكلمة والطعام معاً.
إن التعدّي على قواعد الطعام لم يكن غريباً في ذلك الوقت حتى في محيط يهودي (ولا ننسى بطرس في بيت كورنيلويس،: 3). ولكن اعتزال بطرس مائدة المسيحيين الهلينيين (غل 2: 12) دلّ بوضوح على أن المسيحيين الأمميين (أي من أصل وثني) لا ينتمون إلى شعب العهد، بل ليسوا مسيحيّين بشكل كامل (هم أنصاف، مسيحيين). فكأني ببطرس يدفعهم إلى أن يتهوّدوا أي أن يعودوا إلى شرائع العالم اليهودي. فقد قال بولس: "إذا كنت أنت اليهودي تعيش كالوثنيين لا كاليهود، فكيف تُلزم الوثنيين أن يتهوّدوا، أدن يعيشوا كاليهود" (غل 2: 14)؟ فلم يبقَ بعد هذا إلاّ حلّ واحد هو حلّ بولس الذي يقوم جوهرياً بأن يجعل المسيحيين الهلينيين يعون أنهم ينتمون هم أيضاً إلى شعب الوعد: الكنيسة موجودة وهي تتميّز منذ اليوم عن اسرائيل القديم. وهكذا، ما طالب به المسيحيون الهلينيون قد حصلوا عليه وأقرّ به المجمع: "لم تعودوا غرباء أو دخلاء (أو ضيوفا أو مهاجرين أي غرباء دمجوا في الشعب اليهودي) بل أنتم مواطنون مع القديسين ومن أهل البيت" (أف 2: 19). لا شكّ في هذا الخيار مزّق الجماعات المسيحية ووضع أمام الكنيسة مشكلة علاقاتها مع اسرائيل.

الروح القدس ونحن قرّرنا" (15: 28)
 لا يمكن إعتبار موقف بولس (وبتعبيره "انجيله" أى بشارته ) فرض نفسه في كل مكان. فقد تأخّر الفكر البولسي ليدخل (جزئياً) إلى الكنيسة. فقد انتقلت الكنيسة تدريجياً إلى التساوى هذا إذا وضعنا جانباً بعض الجماعات المسيحية المتهودة فنحن نلاحظ أن القرن الثاني ما زال يعمل بقرارات مجمع أورشليم. فأكل الدم ظلّ أمراً مكروهاً وكذلك الحيوان المخنوق. إذن، اتبعت الكنائس مدة طويلة فرائض أورشليم، وإن فسّرتها تفسيراً اخلاقياً ودمجتها في نهج كنسي.
وكانت القرارات كانت سارية في زمن لوقا. وهذا واضح من أع قد ذكر في كتاب يسيطر عليه الروح هذه القرارات وأسبقها بالعبارة التالية "الروح القدس ونحن قرّرنا" (15: 28). إن قرارات الروح آنية دائماً. وإن بولس (كما نراه عند لوقا) قد نقل هذه القرارات بأمانة (16: 4). وهذا ما يذكره أع أيضاً في 21: 25: "أما الوثنييون الذين اًمنوا، فكتبنا لهم برأينا". وعلى مستوى الكتاب، يتوجّه هذا التذكير لا إلى بولس، بل إلى قراء أع. أجل. لا يُعلم يعقوب بولس بوجود رسالة المجمع (15: 23- 29)، بل هو يُعلم المؤمنين العائشين حوالي سنة 85.
. فحين يورد بولس في غل 2: 1- 10 ما حدث في أورشليم، فهو يعلن بوضوح أنه "لم يُفرض عليه شيء" (غل 2: 6). وهو يدلّ بذلك على الفرائض المذكورة أعلاه. ثم إن حادثة أنطاكية لم تكن لتحصل لو كانت الفرائض الأربع قد أعلنت في أورشليم. هذا رأي من الآراء، ولكن هناك رأياً معاكساً نفضلّه.

أنفصال الموائد
سبق وقلنا إن الفرائض المختلف عليها لا تنظّم علاقات المشاركة في المائدة بين المسيحيين المتهودين والمسيحيين الهلينيين، بل بالعكس: فحين. أعطت قرارات أورشليم المسيحيين الهلينين وضعاً قانونياً (إنهم مشاركون لهم)، أسندت موقفَ "قسمة الموائد"، كما انقسم المؤمنون إلى موائد منفصلة بعد الصعوبات بين العبرانيين والهلينين بالنسبة إلى الخدمة (6: 1-7). وقد ذكر بولس انفصال الموائد وتجاوزه الموقف على يد بطرس خلال حادثة انطاكية وحالا بعد وفاق أورشليم (غل 2: 2). ونقول أيضاً: أوجز بولس النتائج الرسالية لوفاق أورشليم بهذه الكلمات: "رأوا ان الله عهد إليّ في تبشير غير المختونين (أي غير اليهود) كما عهد إلى بطرس في تبشير المختونين" (أي اليهود) (غل 2: 7). فكيف استطاعت الجماعة المسيحية التي تحفظ حسّ الوحدة بيد ممدودة للوفاق (غل 2: 9)، كيف استطاعت أن تميّز حقلين رساليين (وبالتالي أن تفصل الجماعة المسيحية إلى مائدتين) دون اكليزيولوجيا (نظرة كنسيّة) قريبة من تلك التي عبرّ عنها يعقوب في أع 15: 13- 21؟ إن "شعب" المسيحيين المتّقين ظلّ متحداً بالشعب المسيحاني بعقد مشاركة يدلّ على اولوية اسرائيل المسيحي وتبعية الأمم (الوثنية) المؤمنة، ولكنه ظلّ أيضاً منفصلاً عنه: وهذا ما تشهد عليه الكلمة من أجل فقراء أورشليم التي يتكلم عنها بولس في غل 2: 10 (نتذكّر الفقراء). ولكن يعترض معترض: إن بولس يعلن أنه لم يُفرض عليه شيء في أورشليم إلاّ هذه الكلمة. وفي الواقع لم يكن للمسيحيين الهلينيين أن يتحمّلوا كما في الماضي نير الشريعة. ولكن هذا لم يمنع بولس من أن يكتب: "ليس الختان شيئاّ، ليست الغرلة (عدم الختان) شيئاً، بل الخير كل الخير في العمل بوصايا الله" (1 كور 7: 19). فعلى كل واحد أن يبقى في وضعه الأصلي (إن كان يهودياً يبفى يهودياً، وإن كان وثنياً لا يأخذ بعوائد اليهود) دون آن ينسى القواعد الأساسية التي تطبّق أيضاً على المتقين لله. والضرورات (لا بدّ) التي يتكلم عنها الكتاب (أع 15: 20، 28-29) ليست وصايا بالمعنى الحرفي للكلمة: إنها تحدّد وضعاً قانونياً يفتح للمسيحيين الهلينيين امكانية وجود اجتماعي (هم يؤلفون جماعة وليسوا افرداً متفرقين). إنها تفتح طريق الحرية دون أن وضع المؤمن لنير جديد. ثم لا ننسى أن غل دوّنت يوم كان بولس يصارع من اجل الخيار الثالث: إن المسيحيين الهلينيين هم ايضاً شعب الموعد ووارثو ابراهيم. وفي إطار هذا الحلّ الجذري، لا يتردّد بولس في ان "يقفز" فوق الفرضية التقليديّة التي تتعلّق باللحوم المقدّمة للأصنام (1 كور 8- 10). لن يكون هذا الأمر سهلاً في ما يخصّ الأخلاق (1 كور 5: 1- 2، 9- 10؛ 6: 9؛ 7: 2). إن مثل هذه العلاقة بين لحوم الاوثان والقضايا الاخلاقية يذكرنا بنصّ أع 15: 20، 25 ورؤ 2: 14، 20. ولكن بولس، في غضبه، لم يذكر هذه القرارات التي يحملها اناس يُعتبرون من كبار المؤمنين (غل 2: 6) والتي تعارض انجيله... إن قبلَ بهذه القرارات، عارض جوهر ما أعلنه للغلاطيين: أنتم حقاً كنيسة المسيح وشعب الوعد. غير أن الكنائس قبلت بهذه القرارات وإن عملت على تفسيرها. وجماعات لوقا لم تتبع مباشرة منطق بولس الجذري. ففي انطاكية نفسها تردد برنابا في اتباع بولس.

تعبيرات منطوقية تقليديه
 وأهم هذه التعبيرات والمنطوقات الإيمانية نجدها في ما يُسمَّى ”قانون الإيمان الرسولي“ (الذي كان يُستخدم في طقوس المعمودية) منسوباً إلى الرسل الاثني عشر، وقد كتب فيه كل رسول بنداً من بنوده. هذا القانون كان مُستخدماً في كل الكنيسة قديماً، وهو أحد ثلاثة قوانين إيمان مسكونية استُخدِمَت بالأكثر في القسم الغربي من الكنيسة، وذلك قبل صدور قانون إيمان نيقية عام 325م.

================

المــــــــــــــراجع

(1) قرارات مجمع أورشليم ( أع 15: 19- 21، 28- 29 ) الخوري بولس الفغالي  http://www.paulfeghali.org/index.php

(2) من تفسير وتأملات - الآباء الأولين -أعمال الرسل - القمص تادرس يعقوب ملطي - كنيسة الشهيد مار جرجس باسبورتنج -

 

This site was last updated 07/01/11