Viceroy Said Pasha of Egypt

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

محمد سعيد بـاشا : إلغاء الجزيـة - منح إمتياز حفر قناة السويس

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
مرييت باشا والفراعنة
قصر سعيد باشا حليم
التعليم الكاثوليكى الأجنبى
زوجات سعيد باشا وأولاده
محمد سعيد أحب مصر
قناة السويس وسعيد باشا

 محمد سعيد باشا بن محمد بن على 1854م -واستمرت فترة حكمه حتى 1863م * --------- صورة سنة 1859م------>

محمد سعيد باشا ابن محمد على واليا على مصر فى 14 يوليو 1854 إلى 18 يناير هو عم سلفه عباس الأول ولكنه أصغر منه سنا

تولى سعيد باشا الحكم بقرار صادر من الباب العالى فى الأسيتانة وقد حكم فى الفترة ما بين 1854م حتى 1863م وقد ولد محمد سعيد باشا فى الإسكندرية فى عام 1822 م وأعتنى محمد على الكبير بتربيته ونشأته   وألحقه أبوه بالبحرية، فتدرب فيها دون تمييز له عن زملائه، ولما أتم دراسته التحق بالأسطول، وظل يترقى حتى صار فى أواخر عهد أبيه قائداً عاماً للأسطول، وقد جاء سعيد باشا على سدة الحكم فى مصر فى ٢٤ يوليو ١٨٤٥،  وكان يحب المصريين ويكره الأتراك والشراكسة، فيما كان يميل للأوروبيين، خاصة الفرنسيين ويحسب لسعيد فى عهده أنه خفض الضرائب على الأرض الزراعية، وأسقط المتأخرات المستحقة على الفلاحين، ومنحهم حق تملك الأرض، طبقاً لقانونه الشهير «اللائحة السعيدية»، الصادرة فى ٥ أغسطس ١٨٥٨، كما ألغى ضريبة الدخولية، التى كانت تحصل على المحاصيل والمتاجر، وكانت سبباً فى الغلاء فجاء إلغاؤها تخفيفاً عن كاهل الأهالى وتحريراً للتجارة الداخلية، كما طهر ترعة المحمودية، وأتم الخط الحديدى بين القاهرة والإسكندرية، ومد خطا آخر بين القاهرة والسويس، واهتم بالملاحة الداخلية والخارجية، وأصدر لائحة المعاشات للموظفين المتقاعدين، ومنع نقل الآثار المصرية إلى الخارج، التى كانت نهباً لتجار الآثار وجمعها فى مخازن فى بولاق وحدد مدة الخدمة العسكرية وعممها على الشباب باختلاف طبقاتهم، وجعل متوسطها سنة واحدة، وكان ميالاً لترقية الضباط المصريين.
لكن مما يؤخذ على عهده أن مصر خاضت حربين، الأولى حرب القرم التى استمرت بعد وفاة عباس باشا، وأرسل سعيد باشا نجدة إلى الجيش المصرى واستطاعت تركيا وحلفاؤها، بفضل الجيش المصرى، التفوق على الروس وإبرام الصلح بينهما فى ١٨٥٦ فى مؤتمر باريس، فيما كانت الثانية هى حرب المكسيك، والتى لم يكن لمصر فيها ناقة ولاجمل غير أن ميول سعيد تجاه نابليون الثالث، إمبراطور فرنسا آنذاك، وصداقته دفعته لتلبية طلبه، بمده بقوة مصرية لدعم الجيش الفرنسى هناك، كما أنه هو صاحب مقولة: «أمة جاهلة أسلس قيادة من أمة متعلمة» ولذا أغلق المدارس العليا (الكليات)،

وكان كوال فترة حكم والده محمد على باشا يعيش فى الأسكندرية وكان يعيش فى الأسكندرية فى ذلك الوقت بيت القنصل الفرنسى فى الأسكندرية وكان أبن نائب القنصل الفرنسى هو فردينان دي ليسبس , وكان سعيد اثناء طفولته يذهب للعب فى بيت هذا القنصل مع ابن النائب فتوطدت الصداقة بين أبن نائب القنصل فردينان دي ليسبس وسعيد , وحدث أن نائب القنصل الفرنسى نقل إلى فرنسا وبالطبع معه إبنه إلى باريس . وكان، حين تولى الحكم، قد أرسل يستضيف فردينان ديليسبس، صديق طفولته فى الإسكندرية، فلما حضر اصطحبه فى رحلة إلى الإسكندرية ليستعيدا سوياً ذكريات طفولتهما، وفى هذه الأثناء عرض فردينان ديليسبس فكرة إنشاء مشروع قناة السويس ووافق سعيد على هذه الفكرة على الفور، وأسرف فى التساهل معه إلى أن توفى سعيد باشا فى ١٨٦٣.

 وعندما جلس محمد سعيد باشا على عرش مصر فى عام 1854م أرسل رسالة إلى فرنسا ليستضيف فردينان دي ليسبس صديق طفولتة ابن نائب قنصل فرنسا الذى نقل إلى باريس فى القاهرة وعندما حضر أصطحبة فى رحلة إلى الأسكندرية ليستعيداً سوياً ذكريات طفولتهما , وفى هذه الأثناء عرض فردينان دي ليسبس فكرة أنشاء مشروع قناة السويس ووافق سعيد  .

فى عام 1856 م منح سعيد باشا حق أمتياز شركة قناة السويس

ومما يؤسف أن الباب العالى أصدر فى عهدة الخط الهمايونى لبناء الكنائس فى فبراير 1856م

فى عام 1856م عقد مؤتمر فى باريس لإنهاء الحرب التى إندلعت بين الدولة العثمانية وروسيا , ومما يذكر أن إنجلترا وفرنسا كانتا فى صف السلطان عبد المجيد سلطان الدولة العثمانية مما جعله ينتصر على روسيا وسقطت سباستيول , وسألت الدول الأوربية السلطان العثمانى لأصدار الفرمان الهمايونى الذى ينظم بناء وترميم الكنائس لجميع الطوائف المسيحية فى السلطنة العثمانية كمجاملة أو تحت ضغط فرنسا وأنجلترا المعروف بالخط الهمايونى وذلك فى فبراير 1856م . والخط الهمايونى صدر كبرنامج أصلاحى عام لجميع لجميع الولايات والأقطار التى تخضع للأمبراطورية العثمانية ولجميع الطوائف غير الإسلامية النى منها اليهودية .

وكان يعتلى كرسى مار مرقص الرسول ( بطريركية ألأقباط ألأرثوذكس ) البابا كيرلس الرابع الذى مكث فى الرعاية فى الفترة ما بين 1854م حتى 1861م وقد اطلق المسيحيين على هذا البابا ابو الأصلاح لنه اول بابا ينشأ مطبعة أهلية ومدرسة للبنات وأول من اقام مكتبة قومية .

سعيد باشا‏,‏ أحدث انقلابا في بنيان المجتمع المصري‏..‏ أصدر عام‏1858‏ اللائحة السعيدية التي أباحت حق الملكية الخاصة للأطيان‏,‏ وحرية التصرف فيها بيعا أو رهنا‏,‏ فأقبل المصريون علي حيازة الأطيان‏,‏ لتتشكل منهم طبقة الأعيان وزاحموا طبقة الذوات الأتراك‏,‏ كما توسع في تعيين المصريين في الوظائف الكبيرة‏:‏ حتي يخدم الشعب المصري بلاده خدمة نافعة‏,‏ ويستغني بنفسه عن الأجانب‏..‏ واتهمته أسرته بالغفلة والبلاهة عندما رقي المصريين في الجيش‏,‏ فقفز النفر المجند أحمد عرابي الي رتبة قائمقام‏(‏ عقيد‏)‏ في ست سنوات

 

الأقباط فى عصر سعيد باشا :-

 1- كان الأقباط فى العصور السابقة ممنوعين من التجنيد والمساهمة فى الدفاع عن مصر طبقاً لنظام الشريعة الأسلامية سمح سعيد باشا للأقباط بالتجنيد فى الجيش والأشتراك فى التضحية والزود عن الوطن فقام بتطبيق قانون الخدمة العسكرية وأصدر أمراً بضرورة تجنيد الأقباط مثل أخوتهم المسلمين .

 2- إلغاء الأفراح التى كان المسلمون يقيمونها فى حالة إعتناق القبطى للديانة الأسلامية .

 3- فى ديسمبر 1855م أصدر سعيد باشا أمراً بألغاء الجزية بعد ان ظلت ذلاً لأقباط مصر منذ الإحتلال الأسلامى العربى لمصر

 4- لأول مرة يعين مسيحى حاكما مسيحيا على أقليم مصوع بالسودان

 5- سمح للجنود المسيحيين المصريين أن يمارسوا ديانتهم المسيحية علانية .

 6- فى عام 1855 وافق سعيد باشا على أنشاء كلية للأقباط الأرثوذكس وقد انشأت الكلية فى حارة النصارى

وقالت مسز بتشر : " وفى أيامه ثارت الفيوم على الحكومة فأخمد ثورتها وبنى قلعة عند القناطر الخيرية سماها القلعة السعيدية سنة 1271 ه - وأدى فريضة الحج , وولى البرنس حليم باشا حكمدار على السودان - وزار سوريا سنة 1859 م - 1271 هـ .. وكان أثناء مروره فى شوارع بيروت ينثر الذهب على الناس " كتاب تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الرابع 354

كيف منح سعيد باشا حق إمتياز حفر قناة السويس إلى ديلسيبس ؟

ذكرت المؤرخة أيريس حبيب المصرى منح سعيد باشا حق أمتياز حفر قناة السويس قد تم خلال رحلة صحراوية من غير تمحيص ولا تفكير , وقد علق ديلسيبس نفسه بشئ من السخرية على هذا الواقع فقال (2) : " جمع سعيد باشا قواد جنده وشاورهم فى الأمر , ولما كانوا على إستعداد لتقدير من يجيد ركوب الخيل ويقفز بجواده على الحواجز والخنادق أكثر من تقديرهم الرجل العالم المثقف فإنحازوا إلى جانبى , ولما عرض عليهم الباشا تقريرى عن المشروع بادروا إلى القول بأنه لا يصح أن يرفض طلب صديقه " وكانت النتيجة أن منحنى الباشا ذلك الإمتياز العظيم " كما أوردها عبد الرحمن الرافعى  فى كتابه (3) فقال : " ولقد أسرف سعيد باشا فى التساهل مع صديقة الفرنسى حتى لقد خول الشركة التى ألفها مزايا تجعلها تشارك الحكومة المصرية فى حقوق ملكيتها وسيادتها " .

وقد رأى الأجانب أنفسهم فأـن مصر دفعت ثمناً باهظاً فى حفر قناة السويس فيقول مسيو كوشيرى (Cocheris ) الفرنسى (4) : " إن بدء الإرتباكات المالة والتدخل الأوربى المشئوم فى شئون مصر يرجع فى الحقيقة إلى سنة 1854 وهى السنة التى منح فيها أمتياز قناة السويس إلى مسيو ديلسيبس "                                                                                      مسيو ديلسيبس 

وعندما بدأ البعض من حول سعيد باشا يلومه ويؤاخذه على إعطاء ديليسبس حق حفر قناة السويس بهذه الشروط كان يقول (5) : " إنما أعطيت الإمتياز بلا ترو لصديق وهو فرنساوى , فخاطبوه أو خاطبوا حكومته , أما أنا فلا أستطيع سحب إمتياو أعطيته "

طبق المكرونة الذي غير تاريخ مصر
من الصفحات المثيرة في الوثائق (*) علاقة أسرة ديليسبس بأسرة محمد علي ‏,‏ فنابليون لم ينس مصر بعد أن عاد الي فرنسا بعد‏13‏ شهرا من اقامته بها‏,‏ وبعد أن عاد جيشه مهزوما في‏1801‏ ارسل دبلوماسيا اسمه ماتيو ديليسبس الي مصر لاختيار مصر اموالا لفرنسا يحكمها بعد أن قام الانجليز باختيار البرديسي‏,‏ فوقع اختيار ماتيو ديليسبس علي هذا الضابط الألباني القريب من شيوخ الأزهر فاصطفاه وقدم له المشورة والمساعدة حتي يبرز محمد علي الذي لم ينس ماتيو ديليسبس‏,‏ وعندما مات هذا الأخير جاء إليه الشاب فردينان كقنصل مساعد لبلاده في الاسكندرية واستقبله محمد علي بحفاوة كبيرة وعرض عليه ان يعمل في القصر مربيا ومعلما لأحب أبنائه اليه وبعد أن توطدت عري الصداقة بين الدبلوماسي الفرنسي الشاب والأمير الذي لم يكن يعرف أن محمد علي أراد أيضا أن يقوم ديليسبس بعملية تخسيس صعبة للأمير الذي كان سمينا الي الحد الذي أقلق الباشا علي مستقبل ابنه‏,‏ ومن هنا بدأ ديليسبس برنامجا رياضيا شاقا يرويه بالتفصيل في مذكراته التي تعرضها الوثائق كاملة‏,‏ وتكشف الوثائق أن محمد علي أصدر أمرا بمنع طبخ أو تناول المكرونة في القصر حتي لا يغري ذلك الأمير الذي كان يعشق المكرونة علي الطريقة الايطالية‏.‏
ولكن ديليسبس كان يسمح للأمير الشاب بتناول اطباقه المفضلة من المكرونة خلسة ودون علم الأب‏,‏ متحملا بذلك مسئولية خطيرة أمام الباشا‏.‏
ومرت الأيام وولي عصر محمد علي ثم عباس حلمي الأول وجاء سعيد الي الحكم في وقت كانت أسرة ديليسبس تعاني الفقر والعزلة منذ سقوط امبراطورية نابليون‏,‏ فما كان من ديليسبس إلا أن ركب أول سفينة متجهة للاسكندرية ليصلها في صباح السابع من نوفمبر عام‏1854‏ ويلتقي بالأمير الذي أصبح عزيز مصر في خيمة بصحراء العامرية بالقرب من الاسكندرية في‏11‏ نوفمبر‏,‏ وهنا يعرض ديليسبس مشروع حفر القناة علي سعيد الذي قبل فورا ما رفضه والده وكأن سعيدا أراد أن يعبر عن امتنانه لمن قدم له طبق المكرونة الممنوع ليفتح بذلك صفحة جديدة وخطيرة في تاريخ مصر والعالم‏.‏
والواقع أن هذه القصة وإن كانت طريفة إلا أنها تكشف أن سعيدا الذي كان بالفعل أول من أدخل العنصر القومي المصري في الجيش وكان مولعا بجيشه لم تكن لديه اية مصادر مالية للمشروع‏,‏ ولم تكن لديه أي قوة سياسية‏,‏ فقد كان يعرف أن الأمر والكلمة هي للسلطان العثماني وهذا هو بعينه الذي جعل المؤرخين يعتقدون أن ديليسبس استطاع الحصول علي امتياز حفر القناة بفضل طبق المكرونة‏.‏
رسائل ديليسبس الي فوازان بك رئيس مهندسي موقع حفر القناة
أكثر من ألف صفحة مثيرة تضمها مراسلات فردنان ديليسبس مع المهندس الفرنسي فوازان‏,‏ الذي كان سعيد قد منحه رتبة البكوية وتكشف الحياة اليومية في موقع الحفر بكل التفاصيل من تقدم عملية الحفر الي النفقات الي العلاقات بين العمال من مختلف الجنسيات‏,‏ الي مسألة السخرة الواقعة علي الفلاحين المصريين وحتي المشاعر الشخصية لديليسبس تجاه هذه القضايا والأوامر التي يصدرها الي فوازان بك باعتباره رئيس شركة قناة السويس البحرية العالمية التي كان قد أسسها لتولي عمليات الحفر في الموقع‏.‏
وتكشف المراسلات الحياة اليومية القاسية للعمال وتعود مرارا لمسألة السخرة التي يري ديليسبس ان انجلترا وراء حملة مبالغة في موضوع السخرة الهدف منه هو وقف المشروع لأن وراءه فرنسا‏.‏
وان السخرة التي وقعت بالفعل وتسببت في موت عدة آلاف من العمال قد فرضها فرضا نظام اجتماعي شرقي يتعامل بالسخرة في كل الانشاءات المدنية كالطرق والترع وغيرها‏.‏
وتظهر المراسلات أن ديليسبس تعرض لضغوط واتهامات عن حق وعن باطل حتي من قبل الفرنسيين أنفسهم خصوصا السان سيمونيين الذين كانوا يعتقدون أنه سرق منهم مشروع القناة الذي كانوا قد عرضوه علي محمد علي ورفضه‏,‏ إلا أن أهم ما في مراسلات ديليسبس وفوازان بك هو أنها تكشف أن السخرة لم تدم سوي نحو عامين من عمر الحفر الذي استمر عشر سنوات‏,‏ وانه تم احلال الآلة محل اليد العاملة وتم تقديم الفرنسي الذي كان يستخدم السخرة للمحاكم في باريس‏.‏
ولكن كما يقول ديليسبس في احدي رسائله إن هناك أخطاء تلبس مسوخ الخطايا في ذاكرة الشعوب‏.‏
‏*‏ الكسندر دوماس الحائر بين الأمير عبدالقادر والخديوي إسماعيل
‏*‏ مشروع ضرب أوبرا عايدة
تقفز الوثائق عبر مئات الآلاف من التفاصيل الي احتفال افتتاح قناة السويس التي أثارت خيال الكتاب والفنانين من جميع أنحاء العالم‏,‏ خاصة في فرنسا التي رأت في قناة السويس انجازا فرنسيا خالصا‏,‏ وهدية قدمتها للعالم المتحضر وفتحت بها عصرا أصبحت فيه الكرة الأرضية امبراطورية واحدة‏,‏ كما يقول روائي فرنسا الشهير الكسندر دوماس في أحد أهم الوثائق الخاصة بالقناة‏.‏
وإن كان تعبير امبراطورية واحدة يناسب القرن‏19‏ ـ ويجب ألا ننسي أننا في عصر الامبراطور نابليون الثالث زوج الامبراطورة أوجيني وابن أخ نابليون بونابرت ـ فإن التعبير الذي نطلقه علي عالم اليوم انه أصبح قرية واحدة بفضل الإنترنت والأقمار الصناعية والفضائيات يثير نفس ما أثارته قناة السويس عند افتتاحها من فرحة وتفاؤل بعالم جديد مزدهر تتفتح فيه آفاق جديدة أمام الحرية والسفر والثراء‏,‏ خاصة أنه قد بدأ تعميم السفن التجارية والقطار‏,‏ ولنا أن نتصور ما أثارته قناة السويس في خيال فلاسفة وفناني وأدباء نهايات القرن‏19‏ في فرنسا والعالم‏,‏ ومن هنا تأتي أهمية الرسالة التي كتبها الروائي الذي ترك أعمالا خالدة في تاريخ الأدب الفرنسي والعالمي وأشهرها علي الاطلاق الكونت دي مونت كريستو والفرسان الثلاثة وعقد الملكة وغيرها‏,‏ لقد ألهب افتتاح قناة السويس خيال الروائي الفرنسي الكبير فسجل في رسالة تقع في صفحتين ونصف أحلام فناني وأدباء ذلك العصر في عالم تسوده المحبة والسلام والرخاء‏.‏                                                              فيليسيان دافيد
ويقول الكسندر دوماس إنه سيشرع في كتابة عمل بعنوان‏15‏ يوما في سيناء وان الموسيقي السان سيموني الفرنسي فيليسيان دافيد سيضع لها موسيقي لتصبح أوبرا تضاهي أوبرا عايدة لفيردي‏,‏ فقد كان دوماس فرنسيا متعصبا‏,‏ ويري أنه لا ينبغي أن يكون ايطاليا هو الذي يقوم بعمل أوبرا لافتتاح القناة‏.‏
وتكشف وثائق أخري أن فيليسيان دافيد قام بالفعل بتلحين العمل‏,‏ ولكنه عرض بدلا منه سيمفونية غنائية مستوحاة من مصر أيضا اسمها الصحراء اكتسبت شهرة فائقة اكتفي بعدها دافيد بهذا العمل ليتفرغ لأشياء أخري‏.‏
ويكشف الروائي الفرنسي الكبير‏,‏ أن الخديو إسماعيل وقد حاز اعجاب العالم والامبراطورة أوجيني‏,‏ قد أثاره أن يدعو الامبراطور نابليون الثالث والامبراطورة أوجيني والأمير عبدالقادر الجزائري بطل مقاومة غزو فرنسا للجزائر عام‏1832‏ والذي أصبح صديقا للامبراطور بعد ذلك‏,‏ وكانت فرنسا تنوي أن تؤسس مملكة عربية اسلامية في المغرب العربي يحكمها الأمير عبدالقادر باسم فرنسا‏.‏
ومن هنا كانت غيرة اسماعيل من الأمير عبدالقادر وعدم ارتياحه لوجوده بين المدعوين‏,‏ خاصة أنه كان يعرف اعجاب الامبراطور بالأمير الجزائري‏,‏ ولعل هذا يفسر عدم خروج الأمير عبدالقادر خلال زيارته لمصر عن منطقة الاحتفالات بالاسماعيلية وسفره بعد ذلك للبنان مباشرة‏.‏
تأميم القناة والعدوان الثلاثي وبركة طبق المكرونة
في وثيقة شديدة الحيوية بعنوان مفاوضات الحكومة المصرية وشركة قناة السويس عام‏1958‏ كتب جان بول كالون شهادته علي مفاوضات تعويض المساهمين في شركة القناة بعد التأميم وكان الجنرال ديجول قد عينه في المفاوضات الصعبة مع مصر عقب تولي الجنرال الحكم في فرنسا خلفا لحكومة جي موليه التي قادت العدوان الثلاثي علي مصر‏.‏
يقول جان بول كالون إن الأجواء بين فريقي المفاوضات كانت متوترة بل شديدة التوتر‏,‏ وكان هذا هو أول لقاء رسمي بين مسئولين مصريين وفرنسيين منذ الحرب‏,‏ ومع هذا كان الفريق المصري بقيادة الدكتور العمري الذي كان محافظا للبنك المركزي ويضم في عضويته حسن بغدادي المحامي ود‏.‏ علي الجريتلي الاقتصادي الشهير ود‏.‏ عبدالحليم الجندي مستشار بالحكومة المصرية ود‏.‏ برهان سعيد الذي كان عضوا بشركة القناة قبل التأميم ود‏.‏ محمد عبدالقادر القانوني بوزارة الخارجية‏.‏
ويفرد كالون صفحات طوالا للحديث عن د‏.‏ مصطفي الحفناوي منظر عملية تأميم القناة‏,‏ برغم أنه لم يكن عضوا بالوفد المصري إلا أن عبدالناصر أرسله ليكون مستشارا له‏.‏
ومن خلال تفاصيل كثيرة ينتقد جان بول كالون الذي أصبح فيما بعد وحتي وقت قريب رئيسا للجمعية الفرنسية لاصدقاء قناة السويس والأب الروحي لقناة السويس في فرنسا‏,‏ ما يسميه الغفلة التي عاشت فيها شركة قناة السويس اداريين وقادة ومهندسين وعمالا وظنوا أنهم سيعيشون الي الأبد كدولة داخل الدولة في مصر‏,‏ ناسين أن الحركة الوطنية المصرية قد تأججت في مصر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية‏,‏ وان المد الوطني قادم لا محالة لاسترداد القناة‏.‏
ويقول إن أحدا في الشركة أو في فرنسا لم يفكر لحظة واحدة في استباق الأحداث باسترضاء العنصر القومي المصري أو بتعديل شروط الامتياز لصالح مصر وكأنهم ـ يقول كالون ـ يرون كل ما يحدث في العالم وقد عميت قلوبهم تماما عما يجري في مصر‏.‏
ويعود كالون الي وقائع المفاوضات ونأخذ منها طرفتين مثيرتين‏:‏
الأولي عندما تعذر التوصل لاتفاق فلم تكن مصر تريد أن تدفع الا تعويضات صورية وكانت فرنسا ممثلة في الشركة تريد استرداد كل شيء من مصر‏,‏ وعند جولة المفاوضات الأولي في روما في فبراير‏1958‏ كانت المفاوضات تتم بانعزال كل فريق في غرفة ويقوم بدور المكوك بينهما خبراء من البنك الدولي‏,‏ مما يدل علي التوتر الشديد بين الفريقين وانتهت الجولة بفشل ذريع‏,‏ وتعبيرا عن حسن النيات قبل الوفد الفرنسي القيام بجولة ثانية بالقاهرة نزولا علي دعوة من جمال عبدالناصر‏,‏ وحدث هذا بالفعل في مايو من نفس العام‏,‏ وبدأت الأجواء تقل توترا ولكن بقي الخلاف علي ما هو عليه‏.‏
وفي هذه الجولة‏,‏ يقول جان بول كالون في شهادته ان المساهمين الفرنسيين طلبوا من عبدالناصر اعطاءهم حق استخدام اسم السويس علي أي شركة سيقومون بإنشائها في فرنسا بعد ذلك‏,‏ فكان رده عليهم مادمت قد استرددت القناة يمكنكم الاحتفاظ بمجرد الاسم‏.‏
أما الواقعة الثانية فقد حدثت في جنيف عند الجولة الثالثة والأخيرة وأصر كل فريق علي مواقفه‏,‏ وكادت المفاوضات تفشل بعد أن تجاوزت الساعة الواحدة ليلا وشعر الجميع بجوع شديد فخرجوا في مدينة جنيف في هذه الساعة المتأخرة باحثين دون جدوي عن أي شيء يمكن تناوله فوقعوا مصادفة علي مطعم فدخلوه‏,‏ وكانت المفاجأة أنه لم يكن قد بقي بمطابخ المطعم سوي صنف المكرونة الايطالي فتناولوه بشهية‏,‏ وفي أثناء الطعام وعلي المائدة انفرجت الأزمة ووجدوا حلولا لها بسرعة‏,‏ ويسمي كالون هذا بركة طبق المكرونة الذي كان السبب في حفر القناة وكان السبب في عودة العلاقات مع مصر‏.‏

سعيد باشا بن محمد علي باشا

(1237-1279هـ =1821-1862م)

سعيد باشا بن محمد علي باشا: والي مصر. ولد بالاسكندرية سنة 1237هـ ، وكان محبا للعلم، بارعا فيه وعلى الخصوص اللغات الشرقية، والعلوم الرياضية، وكان يتحدث الفرنسية جيدا.

تولى زمام الحكم 1270 بعد وفاة عباس باشا ابن اخيه، وكان محبا للعدل والفضيلة، مهتما بالاصلاح الاداري، ومن اعماله اتمام الخطوط الحديدة والتلغرافية بين الاسكندرية ومصر، والشروع في مد غيرها، وقد عدل الضرائب وجعلها عادلة، وتمت في عهده معاهدة ترعة السويس، وقد نشطها تنشيطا كبيرا، واقام على طرفها الشمالي مدينة دعيت باسمه (بور سعيد)، وغلاس الاشجار في طريق الكمنشية. وفي ايامه ثارت مديرية الفيوم على الحكومة، فاخمد ثورتها، واعطيت السودان بعض الامتيازات، وتولى عليها البرنس حليم باشا ، وفي سنة 1276 توجه لزيارة سورية، فمكث في بيروت ثلاثة أيام، وكان اثناء مروره في الطرقات ينثر الذهب على الناس. توفي بالاسكندرية 1279 ودفن بها.

(اعيان القرن الثالث عشر:123)

 

موتــــــــــــه
وفى يوم السبت 26 رجب سنة 1279 هـ أو 17 يناير 1863 م توفى سعيد باشا
فى مدينة الإسكندرية ونقل إلى مدفن العائلة فى القاهرة

 

*******************************************************

المــــــــــــراجع

(1) أيريس حبيب المصرى - قصة الكنيسة القبطية - طبعة 1998 م - مكتبة كنيسة مار جرجس بأسبورتنج - أسكندرية الجزء الثالث حاشية أسفل الصفحة ص 326 ..

(2) من كتاب ديليسبس - أصول قناة السويس ص 15

(3) عبد الرحمن الرافعى فى كتابه "عصر أسماعيل " ج 1 ص 60

(4) كتاب المركز الدولى لمصر والسودان ص 67 - وراجع أيضاً عبد الرحمن الرافعى فى كتابه "عصر أسماعيل " ج 1 ص 51 - 69

(5) كتاب تذكارات أربعين عاما لـ فردينان دليسبس أورده إلياس الأيوبى فى كتابة : " تاريخ مصر فى عهد الخديوى إسماعيل باشا " ج1 ص 242

(*) جريدة الأهرام 28/10/2006م السنة 131 العدد   مقالة بعنوان " الأهرام ينفرد بنشر أهم ما يكشفه أرشيف ووثائق قناة السويس - نابليون والقناة‏..‏ حلم لم يتحقق - الرسائل اليومية بين ديليسبس وفوازان بك رئيس موقع الحفر " رسالة باريس‏:‏ د‏.‏ أحمد يوسف

This site was last updated 08/29/11