Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

البابا يوحنا السادس عشر البطريرك رقم 103

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
البابا يؤنس فى أورشليم
الأراخنة والمخطوطات
مخطوطات عصر البابايؤنس

 

إنتخاب البابا

ونشأ هذا البابا فى بلدة طوخ النصارى وكان أسمه إبراهيم وكان أبواه بارين يعيشان فى خوف الرب ومحبته وربياه تربية مسيحية وعلماه من صغره العلوم الدنيوية ولما كبر أشتغرل صرافاً (1) , وحدث أن أنتقل أبوية إلى الفردوس , فجلس مع نفسه وناقشها عن عمله , فوجد أن عمله هو جمع المال , وهذا لا يتفق مع الكمال المسيحى , ففكر أنه قد يظلم أحداً عمداً أو سهوا لأنه كان على جامع الأموال أن يحدد مقدارها على الشخص , أو قد يضطره رئيسه بفرض أموال إضافية على الناس وكان هذا أمراً شائعاً فى هذا العصر , فكره أن يأخذ مالاً من الفقراء وهم فى حاجة شديدة إليه فقرر أن يترك العالم ويذهب ليعيش فى البرية فوزع كل ما لديه وذهب إلى الدير .

وقصد إبراهيم دير الأنبا أنطونيوس أبى الرهبان فعاش زاهداً عابداً دارساً فى الكتب الكنسية والنمو الفضائل المسيحية , وكان محباً للجميع فأحبه رهبان الدير وطلبوا من البابا متاؤس الرابع رجوه أن يرسمه قساً عليهم , وقد تت رسامته فى كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة , وأحتفظ بعد أن رهبنته وكهنوته بإسمه الأول , فإزداد نسكاً وزهداً , فشاعت فضائلة وتخطت أسوار الدير وسمع به الكثيرين , فلما أنتقل البابا متاؤس ذهب وفد من الأساقفة والأراخنة إلى دير الأنبا أنطونى (2) أقترح شيوخ ألاباء القس إبراهيم رأى الوفد الشعبى أن يختار معه بعضاً من أخوته الرهبان , ثم قرروا وهم فى الدير إقامة ثلاثة قداسات متتالية يمارسون بعدها القرعة الهيكلية إسترشاداً بروح الرب , وفعلاً صلوا القداسات الثلاثة وفى كل مرة كان أسم " القس إبراهيم " هو الذى تحملة الورقة المسحوبة من بين الأسماء الموضوعة على المذبح , فلما وجدوا أن أسمه هو الذى برز بعد كل من الثلاثة قداسات تيقنوا أنه هو المختار من الرب , فإستصحبو معهم الراهب إبراهيم إلى القاهرة وقدموه وبارك الأساقفة الإختيار .

كرس البابا يوحنا السادس عشر بطريركا فى 12 برمهات سنة 1392 ش التى توافق 1676 م فى عهد السلطان محمد , وذكر سنكسار دير الأنبا أنطونى : " لقد تمت رسامته فى 9 برمهات سنة 1392 ش بإسم يؤنس السادس عشر - وإمتلأت القلوب فرحاً وإستبشاراً برسامته (3)

الرحــــــلة الرعوية

وقام البابا يؤنس السادس بزيارة كنائس القاهرة وأقام شعائر القداس الإلهى تبعاً لما سار عليه الآباء البطاركة من قبله , وبعد أن انتهى من زياراته , توجه إلى الصعيد ووصل فى زياراته الرعوية إلى إسنا وتبرك بزيارة المكان المحفوظ فيه أجساد القديسين , وتعرف الشعب القبطى بالصعيد على راعيه وعرف الراعى إحتياجات شعبه , ثم عاد إلى القاهرة وبعد أنقضاء عدة أيام أخذ يتنقل فى قرى الدلتا ومدنها إلى أن

 

 وصل إلى مدينة الإسكندرية وذهب فوراً إلى الكنيسة المرقسية وأقام صلوات القداس الإلهى فيها .

قحط وجوع ووباء

فى سنة 1686 جاء فيضان النيل ناقصاً وطبيعى أن يعقب هذا النقص فى المياة قحط وجوع وإنتشار الوباء فعم الضيق وتضاءل عدد السكان (4)

وكان القحط الزراعى الذى أستمر سنتين أثراً على الأقباط , فأبدى البابا يؤنس السادس عشر محبته من فقراء شعبه والمعوزين بالتنقل بينهم لمواساتهم ومعاونتهم , ووعظ الأغنياء بمحبة الفقراء والمحتاجين فقال آحد الآباء : " .. كان المعلمون الآراخنة بمصر يتغايرون فى الصالحات فى أعمال الرحمة " (5)

موقف شجاع من شيخ الإسلام لحماية مزارات الأرثوذكس الشرقيين

حاول الغربيون التآمل بالسعى لدى البابا العالى فى الأسيتانة ليحصلوا على إمتيازات تعطيهم الحق فى السيطرة على المقدسات المملوكة للأرثوذكس , ولكن شيخ الإسلام أصدر فتوى قال فيها : " إنه ليس حقاً مشروعاً ولا من مبادئ السلاطين الشريفة أن تداس فرامانات السلاطين العظام فتعطى مزارات الأرثوذكس للغربيين ... (6)

إضطهاد الأقباط فى العصر العثمانى

يلبس الرجــال كل قبطى جلجالين من الحديد ويلبس اليهود جلجالا واحداً حول رقبته عند دخول الحمام .

أن يلبس عمامة سوداء , لا يرتدى الملابس المصنوعة من الجوخ أو الصوف

تلبس المرأة القبطية إن شاءت الخروج ليس مسموحاً لها أن تتزر بمئزرة بيضاء بل تستعمل المآزر السوداء

الكـــاثوليك يحاولـــون نشر عقيدتهم بين الأقباط

وسقط الغالبية العظمى من الأقباط صريعى الفقر والعوز والحـــاجة فى فترة الحكم العثمانى , وكانت هذه المحنة الفرصة التى إنتهزها الكاثوليك , فبدأ الكاثوليك فى بناء كنائس ومدارس , فبنى الفرنسيسكان آنذاك ديراً بإسم القديسة كاترين فى الإسكندرية (7)

 

زيارة البابا لدير القديس الأنبا انطونيوس 

وبعد إنفراج الضيقة التى أصابت البلاد عامة والأقباط خاصة إشتاق البابا الأنبا يؤنس لزيارة أخوته الذين عاش معهم أيام رهبنته فذهب لزيارتهم فى دير الأنبا أنطونيوس , فوصل إلى الدير قبل عيد الميلاد بأسبوع وقضى هذا الوقت فى الصلاة والعبادة الروحية بعيداً عن مشاغل العالم وهمومه ومضايقاته التى لا تنتهى وظل هناك إلى ما بعد عيد الغطاس بخمسة أيام

البابا يؤنس والبناء

كان البيت الملاصق لكنيسة السيدة العذراء بحارة الروم يقيم به الكاهن , ولم يسعف الوقت البابا الاسبق الأنبا متاؤس الميرى لأن يوسع المقر الباباوى أو يبنى غيره إلى جواره , فقرر البابا أن يقوم ببناء " القلاية " (8) الباباوية وأوقف عليه المرتبات والأوقاف للصرف منها على ما يحتاجه المقيمون فيها وعلى المصروفات اليومية (9) للعاملين بها من عمال وخدام وكهنة والبابا نفسه , وفرض على البابا أن يدفع مبلغاً لبيت المال سنوياً .

وفى سنة 1405 ش الموافقة سنة 1689 م ذهب الشماس المبارك المعلم لطف الله أبو يوسف الذهاب إلى الأستانة (10) مع أستاذه ( الأمير الملوك ) الملحق بخدمته وقبيل سفره أعطاه الأنبا يؤنس وبعض الأراخنة عددا من التحف القيمة والهدايا الثمينة ليقدمها إلى سلطان تركيا ويرجوا منه رفع المال الذى يدفع عن كنيسة السيدة العذراء بحارة الروم وملحقاتها لبيت المال , فحمل المعلم لطف الله الهدايا , وقدمها إلى السلطان ونجح فى أن ينال منه الإعفاء المطلوب . (11)

مجـــاعة وقحط يصيب البلاد

وأستمر الرخاء بعد الوباء السابق , وفى 1695 هبط منسوب النيل ثم أعقبة قحط وغلاء وجوع ثم أنتشر الوباء فمات عدد كبير من الناس (12) وقد ذكر أحد المؤرخين بأنه كان حينما يمر إنسان فى المساء فى شارع من شوارع القاهرة يجد العدد الكبير منطرحاً على الأرض أو مستنداً على حائط من جدران المنازل , فإذا مر فى نفس الطريق صباح اليوم التالى يجدهم ماتوا (13)

صلاتة على المياة من أجــل إنتهاء قحط البلاد فى كنيسة العذراء المعروفة بالعدوية

فى هذه الضيقة أخذ البابا يؤنس عدد من الكهنة والأراخنة وذهبوا إلى كنيسة العذراء بالعدوية , وأخذ يقيم القداسات الإلهية يومياً وكان يصلى على ماجور صغير به ماء وبعد الإنتهاء من الصلوات المقدسة كل يوم يرشم الماء بالميرون المقدس ويخرج حاملاً الماجور وبصحبته كهنته وأراخنته ويصب الماء فى النيل , وبعد ذلك يرجع إلى الشعب ويتفقدهم ويوزع على المحتاجين منهم طعاماً وملابس , ولما كانت له لجاجة فى صلاته من أجل شعبه ومن أجل مصر كلها سمع الرب إلى صلواته وجاء النيل فى السنة التالية وافياً فإنتهى القحط وعم الرخاء .

شكر للرب فى دير القديس العظيم الأنبا انطونيوس

ذهب البابا يؤنس إلى دير القديس الأنبا انطونيوس ليشكر الرب فى صلاة يسميها الأقباط صلاة الشكر لأنه سمع لصلاته وقد صحبه فى هذه الزيارة التى تعتبر الثانية له القس البتول يوحنا البتول خادم كنيسة السيدة العذراء بحارة الروم , كما صحبة بعض الأراخنة وقضوا هناك أسبوعاً فى سكون الصحراء فى فترة خلو وصلاة حارة رفعها هناك .

الشيطان يهيج قلوب المسلمين

وألقى الشيطان فى قلوب المسلمين البغض والكره فذهبوا إلى الباشا الجديد ( الوالى المرسل من السلطان لحكم مصر ) وأسمه أحمد قرة محمد باشا وأشتكوا أن النصارى قد جددوا كنائسهم ( وهذا الأمر حسب الشريعة الإسلامية غير مسموح به فأرسل الباشا واحد من أغواته ومعه قضاة الشرع المسلمين وبعض الجند ليفحصوا حقيقة الشكوى , فأبلغوه أنه تم بالفعل تجديد بعض الكنائس , على أن مراحم الرب يسوع قد حركت قلوب بعض الأمراء فتشفعوا للقبط فلم يمس الكنائس بضرر ولكنه فرض غرامة على البابا يؤنس .

فجمع الأراخنة وعرض عليهم الأمر ,  فإقترحوا أن خير وسيلة هى ان يزور البابا القبطى بيوت أولاده ويطلعهم على حقيقة الموقف , فتعونت الكنيسة كلها على دفع المبلغ المطلوب , وحمله الأراخنة إلى  أحمد قرة محمد باشا , وبقيت الكنائس مفتوحة وظل تجديد الكنائس كما هو , وفرح الرب قلوب شعبه وأرتفع شكرهم إلى رحمته لأنه آزرهم ومكنهم من الإحتفاظ بكنائسهم ومن إقامة شعائرهم (14)

وإذا بالرب الإله يتدخل إذ جاء أمر السلطان بعزل قرة باشا من الولاية على مصر وهو الذى أستمر يثقل على الأقباط بالغرامات فى كل مناسبة (15)

البابا يذهب إلى دير الأنبا أنطونى للمرة الثالثة

وكان قلب البابا يؤنس 16 متعلق بدير الأنبا أطونيوس ليمارس فيه صلاته وروحانياته فذهب إلى دير الأنبا أنطونيوس للمرة الثالثة وإستمر هناك سعيدا وسط عبير القديسين فمرت الشهور حتى تعدت أربعة أشهر فقلق الشعب والأراخنة لغياب راعية خاصة أنه لم تكن هناك وصائل أتصال سريعة ليطمئنوا عليه فإنتدبوا ثلاثة من الأراخنة للسؤال عن باباهم والإطمئنان عليه , فذهبوا إلى دير الأنبا أنطونيوس ووجدوا باباهم بخير , وأنه بقى هناك لما سعد به من الهدوء النفسى والإختلاء الروحى هناك , وكان وصول الأراخنة الثلاثة هو يوم عيد القديس مرقوريوس ( أبى سيفين) فحضروا القداس الإلهى وصلوا معاً , وعادوا بعد ذلك إلى القاهرة ومعهم أبيهم الروحى فتلقاة شعبه بالفرح وأحتفلوا بعودته إحتفالاً كبيراً .

تعمير دير الأنبا بولا

بعد أن رمم الأنبا غبريال السابع دير الأنبا بولا لم يسكن به أحد من الرهبان , وكان رهبان دير الأنبا أنطونيوس يذهبون إليه مرة فى السنة ومعهم اللوحة المكرسة (16) والأوانى اللازمة للخدمة فيقيمون به القداس ثم يعودون إلى ديرهم , وأفضى البابا يؤنس إلى رئيس دير الأنبا انطونيوس برغيته فى تعمير دير الأنبا بولا ولا شك أنهما تحدثا عن أن الدير ظل خراباً لمدة 119 سنة وتحدثا عن صاحب الدير أبى السواح والمتوحد الأول وأتفقا على وجوب تعمير دير الأنبا بولا .

وفى السنة التالية لهذا الحديث أى فى سنة 1418 ش فوجئ البابا يؤنس 16 بحضور رئيس رئيس دير الأنبا أنطونيوس وإبلاغة بإستعداده هو وبعض رهبان دير الأنبا أنطونيوس بتعمير دير الأنبا بولا , فأعطاة الأنبا يؤنس كمية من الأخشاب الازمة للبناء .

وعندما عاد الأب مرقس رئيس الدير أخذ معه القمص تادرس والقس شنودة وجماعة رهبان الدير الأشداء , ومعهم بناء وعدد من قاطعى الأحجار فبنوا الأسوار اولاً ثم الجوسق (17) بعد ذلك وعندما أكملوا البناء أرسلوا إلى البابا فأرسل أحجبة للكنائس التى أقاموها داخل الدير وطاحونة لطحن الغلال والأدوات اللازمة الأخرى التى طلبوها لأستكمال البناء مع بعض النجارين .

وجهز البابا المرقسى أوانى المذبح وأدوات الكنيسة من كؤوس وصلبان وستور وبخور ومفارش وأبسطة وناقوس وكساوى وآلة تكريس , وصحب البابا القمص سمعان خادم كنيسة السيدة العذراء بحارة الروم , والقمص عبد المسيح كاتب القلاية الباباوية , وأربعة من الأراخنة , وذهبوا يحملون الهدايا , فوصلوا إلى دير الأنبا أنطونى فى يوم 8 بشنس حيث قضوا ستة أيام , ثم غادروا دير الأنبا أنطونى فى طريقهم إلى دير الأنبا بولا ومعهم الكهنة ورهبان الدير فوصلوا إليه غروب الشمس فى يوم الخميس 16 بشنس .

وفى صباح الجمعة قام البابا بنفسه بفرش الكنيسة وتعليق الستائر والقناديل , ثم وصل صباح السبت عدد آخر من آراخنة الشعب ليشتركوا مع باباهم وأخوتهم الرهبان ليحضروا تعمير الدير ويحتفلون مع باباهم فى فرحته والصلاة فى هذا الدير الجديد , وبدأ البابا يؤنس الصلاة , فأدى شعائر التكريس للكنيسة والمذبح والهياكل والأوانى والأيقونات , وإنتهى من الصلوات المقدسة فى الساعة الثالثة صباحاً , أقام بعدها القداس الإلهى وتناول الجميع من الأسرار المقدسة , ثم قاموا جميعاً بزيارة مقبرة الأنبا بولا وطلبوا شفاعته من أجلهم ومن أجل الكنيسة .

وفى عشية يوم الإثنين كرس البابا كنيسة ثانية بإسم مار مرقس وإنتهى القداس الإلهى فجر الأثنين , وطلب أربعة من الرهبان أن يقيموا بدير الأنبا بولا ويكونوا هم الرواد الأوائل والخميرة التى ستملئ الدير من الرهبان وأقام البابا القس بشارة عليهم رئيساً , ثم زودهم بالنصائح الروحية ومنحهم البركة الرسولية وتركهم قاصداً دير الأنبا أنطونى مع كل من صحبوه ثم إستراحوا يومين وفى صباح اليوم الثالث أقاموا القداس الإلهى فرحاً بعيد الصعود , ثم غادروا دير النبا أنطونى ورجعوا إلى القاهرة , ثم رأى البابا أن يفصل بين وقف دير الأنبا أنطونى ودير الأنبا بولاحتى لا يحدث خلاف بين مديرى الأوقفاف أو بين الديرين .

إقــــــــامة شعــائر الميــــرون المقدس

وحينما نفذ الميرون وإحتاجت الكنيسة لعمل المزيد منه قام مقدم الأراخنة جرجس أبو منصور الطوخى , فأحضر كل المواد التى تدخل فى الميرون وفى أسبوع البسخة لسنة 1419ش إجتمع ستة من ألساقفة تلبية لدعوة البابا للإشتراك فى عمل وإعداد واقامة شعائر الصلاة فى كنيسة السيدة العذراء المغيثة بحارة الروم وحضر معه شيوخ الرهبان وجمهور الشعب , فصلى البابا وأساقفته وكرسوا الميرون (18)

الصلاه للرب وصوم من أجل أن يرسل الرب مياة النيل

وفى سنة 1422 ش أنتظر المصريين فيضان النيل ولكن حدث أن مياة النيل كانت تعلو ثم تنقس منسوبها فى نفس اليوم وهذا كان أمراً غريباً لأن مياة النيل لم تفيض وكان هذا شيئاً غريباً فمعناه أن البلاد ستصاب بالقحط وموت الناس , فإمتلأت قلوب الناس ذعراً , ولما وجد البابا يؤنس أن شعبه قلق فإلتجأ إلى الرب فطالب الأنبا يؤنس الشعب بالصوم الإنقطاعى ثلاثة أيام إبتداء من يوم الأثنين 27 مسرى إلى يوم الأربعاء مسرى , فإزدحمت الكنائس يالمصليم ولما سمع المسلمين بما يفعله القباط أصدر شيوخ المسلمين أمرهم للشعب المسلم أن يصوموا ايضاً , وكذلك فعل اليهود , وإذا بالنيل يعلوا آتياً بماء فيضانه فى هذه السنة 12 من شهر توت التى وافقت ليلة عيد الملاك ميخائيل رئيس جند السمائيين (19) كما هطلت أمطار غزيرة إلى حد أن الأمطار روت الأماكن العالية وعبر أحد الزجالين عن فرحته وفرحة المصررن فقال :

النيل فى مصر وافى ,,, فى توت حادى وعاشر

والناس قد أرخوه ,,, لله جبر الخواطر (20)

وفى سنة 1422 ش ذهب البابا إلى الإسكندرية وأقام القداس الإلهى فى كنيسة مار مرقس رسول المسيح إلى أرض مصر .

أحداث سيــــــاسية

فى سنة 1422 ش عزل البابا العالى (السلطان) الباشا (الوالى الذى يحكم مصر) محمد باشا رامى , وبعد سنة من عزله تولى حسنين باشا كتخدا , وكان يشغل وظيفة شيخ البلد (21) فى هذا الوقت الأمير قاسم عيواط رئيس المماليك القاسميين وكان حاكما عادلاً على الشعب .

المماليك فى هذا العصر :

كان المماليك منقسمين إلى حزبين متساويين وكل حزب له أسم :

الأول أسمه القاسميين , وكان يرأسه الأمير قاسم عيواط

والثانى أسمه الفقاريين , وكان يرأسه ذو الفقار بيك .

وكان الحزبين يتنافسان ويريد كل منهما السيطرة على ألاخر والإسئثار بالسلطة الدنيا أى بحكم البلاد تحت سلطة الإحتلال العثمانى , وكان العثمانيين يزيدون الفتنة أحياناً بين الحزبين خوفاً من الأستقلال بمصر إذا إستطاعوا الوحدة أو إستطاع واحد منهم جمع القوة فى يده .

وفى عصرة حدث وفاق بين حزبى المماليك وحين قدم حسين باشا لتولى الحكم , خشى على سلطتة من تفاهمهما وتقاربهم , فأوقع بينهما الشقاق ووصلا بالمماليك الأمر أنهما ظلا يتقاتلا ثلاثة شهور (22) متصلة , ونزلا يتقاتلان فى شوارع القاهرة والإستيلاء على مناطق منها فإختبأ الناس فى بيوتهم فلم يخرج أحد من بيته إلا إذا للضرورة القصوى و وقتل الكثير من الناس من الطرفين أو بطريق الخطأ بسبب معاركهم الدامية وحرق المماليك منازل كثيرة ونهبوها .

والعجيب أن فى هذه المعارك الدامية لم يصب أحد من القباط حسب ما ذكر المخطوط (23) : " ... وبعد السبعين يوماً أراد الرب تعالى أن يفرج عن العباد .. فإطمأنت الرعية .. ولم تحصل أذية لأحد من النصارى بصلاة الأب القديس لأن الرضاء والمواهب التى منحها الرب لهذا البابا لم تحصل لغيره من الآباء البطاركة من مدة الأب القديس الجليل أنبا متاؤس البطريرك 87 إلى هذا الأب القديس , لأنه كان موفقاً من الرب فى جميع ايامه وفعاله "

زيارة البابا لأورشليم وضعناه فى صفحة منفردة لضيق المساحه فى هذه الصفحة

أعمــــــال البابا يؤنس 16

قام البابا يؤنس بتعمير وتكريس عدد كبير من الكنائس فى مختلف بلاد مصر بعد ترميمها .

قام برسامة عدد كبير من الكهنة والقسوس والشمامسة .

أعاد بناء دير الأنبا بولا وتعميره بالرهبان .

لأول مرة يوصى البابا الكهنة بأن يحملوا الذخيرة المقدسة للمرضى والمقعدين والكهول الذين ليس لديهم المقدرة للذهاب إلى الكنيسة حتى لا يحرموا من هذا الغذاء الروحى المقدس (24)

البابا يؤنس 16 يسند إدارة الكنائس إلى الآراخنة

وقام البابا يؤنس 16 البطريرك الـ 103 بإسناد إدارة الكنائس (الناحية الإدارية بما يعنى النواحى المالية والبناء وسائر إحتياجات الكنيسة الأخرى من ستائر وأثاث وغيره ) نظارة الكنائس إلى أراخنة معلمين وكانت من قبل تسند إلى أصحاب الحرف , ويوصف الأراخنة بأنهم مسيحيون كاملون فى فعل الخير والمعروف (25)

نياحتـــــة

وفى سنة 1710 م أنتشر الوباء الثالث وتلفت البابا يؤنس حولة فوجد أن كثير من أولاده ماتوا والبعض سقط مريضاً فدخل فى صراع روحى يطلب من الرب يسوع أن يرفع عن شعبه هذا الوباء فزال الوباء ولكن أنتقل البابا إلى أحضان القديسين بعد أن كان راعياً صالحاً لمدة 42 سنة وعدة شهور وكان أنتقاله فى 10 من بؤونة 1427 ش وبعد الصلاة دفن فى مقبرة الباباوات بكنيسة القديس الشهيد العظيم مرقوريوس (أبى سيفين) بمصر العتيقة , ومن العجيب أن الأرخن الوحانى جرجس أبو منصور الطوخى لحق بباه بعد أنتقاله بعشرة أيام , ولحق الإبن بأبيه الروحى ليكون الإثنان معاً فى العالم السماوى كما كانا معاً فى هذا العالم البائد .

المعلم جرجس أبو منصور
من اراخنة الكنيسة القبطية العظماء

نزح مع عمه المعلم داود الطوخي من بلدتهما طوخ النصارى وسكنا في حارة الأرمن بدرب الجنينة حتى يكون إلى جوار كنيسة السيدة العذراء المغيثة التي كانت وقتها المقر البابوي ولما توفي ابنه الوحيد لم يستسلم للحزن بل كرَّس حياته وجهوده لخدمة الكنيسة . فقام البابا يؤنس ال١٦ لاقم 103 بتعيينة ناظرًا للكنيسة، ففتح بيته لكل قاصدٍ وكل محتاجٍ وكان من عادتة ان كل يوم احد بعد القداس يستصحب البابا والكهنة إلى بيته كما يحضر الفقراء ويقدم للجميع الإفطار وفي أيام الأعياد يقيم الولائم للفقراء والغرباء.
أما اعمالة فى تعمير وبناء الكنائس فقد سجلته كتب المؤرخين فقام بإعادة تعمير كنيسة مار جرجس بحارة الروم وكنيسة السيدة العذراء المعلقة فقام بترميمها وزخرفتها وأعاد إليها رونقها الأثرى وأستكمل مكتبتها , فكان عملاً شاقاً وجباراً قام به هذا الرجل البار
وحين إحتاجت الكنيسة إعداد الميرون فكان قد مرَّ على عمل آخر ميرون مدة ٢٤٢ سنة فتكفل المعلم جرجس بإحضار كل مستلزماته على حسابة الشخصى
ولما انتهى عمل الميرون المقدس قدم لكل من البابا والأساقفة الذين اشتركوا معه في الصلاة بدلة كهنوتية كاملة وكأسًا وصينية للأسرار المقدسة
وذات يوم إستدعى القمص عبد المسيح كاتب قلاية البطرك وأخبره برغبته فى ان يصتحب البابا يؤنس على نفقته الى الأراضى المقدسة وفي سنة ١٧٠٩ م قام المعلم جرجس الطوخى بأستصحاب البابا الى القدس ومعه بعض الأساقفة وكثير من القمامصة والقسوس والأراخنه عن طريق البر السلطاني ثم رجعوا الى المحروسة بعد ان نالوا بركة الاماكن المقدسة
ونحن فى القرن الواحد والعشرين بعد مرور اكثر من ٤٠٠ عام مازلنا نتذكر المعلم جرجس ..كان شخص عادى استطاع بمحبتة للكنيسة ان يخلد اسمة فى تاريخ كنيستنا القبطية لنعطى مثل حى على العطاء ومحبة الفقراء
 النسدر : تاريخ الاقباط المنسى - ابرام راجى

=========================

المراجـــــــــــع

(1) كان الصراف أو جامعى الأموال للدولة سواء أكانت خراج أو جوالى أو جزية يسمى مباشر فى عصر الدولة العثمانية

(2) راجع سلسلة تاريخ البطاركة - الحلقة الرابعة - للمؤرخ صالح كامل نخلة ص 134 .. وراجع أيضاً تاريخ البطاركة المخطوط للقمص شنودة البراموسى ج2 ص 205 : -

أما الراهب شنودة الصوامعى البراموسى فلم يذكر فى النسخة التى خطها بيده نقلاً عن النسخة المحفوظة بديره أنه قد أجريت قرعة , بل قال ان الوفد الذى وصل إلى الدير قبل تزكية الآباء من غير تردد ومن غير إلتفات إلى اى راهب آخر .

(3) سنكسار دير الأنبا أنطونى رقم 343 طقس " التوفيقات الإلهامية ص 544

(4) مصر الهلال الخصيب - هولت ص 84

(5) تاريخ البطاركة المخطوط للقمص شنودة البراموسى ج2 ص 504

(6) القدس عبر التاريخ - للعلامة ميخائيل مكس ص 74 نقلاً عما أورده عارف باشا فى كتابة تاريخ القدس .

(7) جرجس سلامة " تاريخ التعليم الأجنبى فى مصر " ص 23

(8) أطلق على المقر الباباوى أسم القلاية فى كل المخطوطات القديمة إذ ظل الآباء البطاركة على تواضعهم الرهبانى ولم يبنوا بيوتاً ضخمة فخمة , بل كانت قلاية البابا القبطى بسيطة وبها مكان متسع لضيوفهم أو لمن يأتونهم من الأساقفة والرهبان للمبيت عندهم .

(9) سنكسار دير الأنبا أنطونى رقم 343 طقس

(10) الأسيتانة أو أستابيول هى القسطنطينة التى أستولى عليها التراك بقيادة آل عثمان , كان بعض من المؤرخين ظلوا يطلقون عليها القسطنطينية معانده وكرها فى الحكم التركى أو كانوا يسمونهم الروم الترك وحتى الآن لا يحسبون العرب المسلمين أن الترك مسلمين نفسهم ويتجاهلونهم تماماً لأصلهم الأوربى .

(11) كتاب رقم 128 طقس - المحفوظ بمكتبة المتحف القبطى .

(12) كثر نقص النيل فى العصر التركى وعصر المماليك لهذا نجد أن آباؤنا وضعوا صلوات ضراعة إلى الرب أن يفظهم من الغلاء والوباء والفناء وسيف الأعداء .

(13) التوفيقات الإلهامية ص 553 - 554

(14) كتاب رقم 391 طقس بمكتبة دير الأنبا اطونيوس موجز .. ج2 ص 70

(15) التوفيقيات ... ص 558

(16) هذه اللوحة توضع على المذبح وتعتبر مذبح متنقل يستطيع من يحملها أن يقيم صلوات القداس الإلهى فى أى مكان بدون الحاجة إلى وجود مذبح مكرس , وهى لوحة مربعة الشكل من الخشب يتوسطها صليب محفور تحيد به أسماء الرب يسوع المسيح وتقام على هذه اللوحة صلوات خاصة بتكريسها . ويعتقد أن الآباء الأولين هم من فكروا أن يكرسوا هذه الألواح المقدسة حيث أنهم كثيراً ما كانوا يصلون فى أماكن وعندما يكتشف الوثنيين كنائسهم يتركون المنزل ويهربون حاملين هذا اللوح المقدس ليستخدموه فى أى مكان آخر

(17) الجوسق معناه القصر أو بناء كبير به عدد من الحجرات والقاعات

(18) توجد الآن أربع نسخ من كتاب عمل الميرون الذى قام به البابا يؤنس , النسخة الولى تتضمن شرحاً مفصلاً لما جرى فى تلك المناسبة ويرجع تاريخها 1420 ش وهى محفوظة بالمكتبة الباباوية بالقاهرة , ونسخة ثانية منقولة منها لا تحمل تاريخاً , ونسخة ثالثة عليها تاريخ سنة 1493 ش , والنسخة الرابعة بدير السيدة العذراء (البرموس) بتاريخ 1627 ش .

(19) قطمارس شهر بؤونة المخطوط المحفوظ بمكتبة السيدة العذراء الأثرية بحارة الروم المسجل برقم 15 - 70 .. المؤرخ فى 21 هاتور سنة 1422 ش

(20) الكــافى ج 3 ص 109

(21) شيخ البلد هو كبير المماليك الذى يلى الوالى مباشرة فى السلطة أثناء حكم العثمانيين مصر .

(22)  جاء فى تاريخ بطاركة الأسكندرية للقمص شنودة الصوامعى البراموسى ج2 ص 506 - 507 : أنهما أقتتلا 70 يوماً فى حين قال كامل صالح نخلة يقول فى كتابه : سلسلة .. ش 151 - 152 أن القتال أستمر 80 يوماً , وليس هناك إلا تفسير واحد لهذا الإختلاف وهو أن بعض المناطق أستمر فيه القتال عن مناطق أخرى . 

(23) تاريخ بطاركة الإسكندرية للقمص شنودة الصوامعى البراموسى ج2 ص 507

(24) راجع سلسلة تاريخ البطاركة - الحلقة الرابعة - للمؤرخ صالح كامل نخلة ص 158

(25) جاء فى تاريخ بطاركة الأسكندرية للقمص شنودة الصوامعى البراموسى ج2 ص 502

 

This site was last updated 07/21/23