Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

البابا يؤنس التاسع البطريرك رقم 81

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
شجرة الدر
البابا أثاسيوس الـ 76
هولاكو يهاجم مصر
البابا غبريال الـ 77
البابا يؤنس الـ 78
البابا ثيودسيوس الـ 79
السلطان قلاوون
البابا يؤنس الـ 80
الملك الأشرف
الملك الأشرف وإضطهاد الأقباط
البابا يؤنس الـ 81
ثلاثة مماليك ملوك
الملك الناصر المرة الثالثة
الملك الناصر وإضطهاد الأقباط
البابا ينيامين الـ 82
أطول أزمنة الإضطهاد
ثمانية ملوك أخوة
البابا بطرس الـ 83
البابا مرقس الـ 84
البابا يوحنا الـ 85
آخر ملوك المماليك البحرية
البابا غبريال الـ 86
المماليك يحكمون مصر

 

  البابا يؤنس البطريرك الـ 81 وهو من أهالى نفيه بالمنوفية كرز بطريركا فى أول شهر بابه سنة 137 ش

وفى أيامه جرت شدائد كثيرة على الأقباط - قتل منهم وحرق منهم وسمروا عيونهم وأشهروهم (زفوهم) على الجمال , وألبسوهم العمائم الزرقاء , ثم زال الرب يسوع الإضطهاد برحمته

مدة هذا البطريرك كانت ستة سنين وخمسة شهور ونصف وتنيح فى 2 من برمودة سنة 143 ش - ودفن بدير النسطور وخلى كرسى مار مرقس بعده أيام

وقد تفشى الطاعون البقرى والآدمى والقحط والزلازل ومات مئات الألوف من السكان وألوف الماشية وقد عزى الملك قلاوون نزول هذه المصائب على مصر فى أول سنة من حكمه الثانى إلى المسيحيين (مثل نيرون أمبراطور روما) وكانت هذه حجه واهية وكان يريد أن يتخلص منهم لتشاؤمه من وجودهم تحت حكمه وسلطته وكان قاضى القضاه هو الذى أوحى له بهذه الفكرة ووسوس فى أذنه بها , وكان قاضى القضاه فى الأصل هو أبن  أحد المسيحيين قد ترك دينه وأعتنق الإسلام ( وربما هو أحد الكتبه الذين أسلموا ) وأرتقى لهذا المنصب وكان يكره الديانة المسيحية كرها شديداً فكن يضطهد المسيحين ولا يترك فرصة للإيقاع بهم وإذلالهم

وتقول مسز بتشر كتاب تاريخ ألأمة القبطية  مسز بتشر كتاب تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الثالث من ص 280 : " وبالأجمال فإن أول سنين الحكم الثانى للملك الناصر أبن قلاوون كانت أشأم وأنحس السنين بل وأكثرها حزنا من كل السنين التى تقدمتها فى تاريخ الكنيسة القبطية "

الأضطهاد الإسلامى للأقباط واليهود فى عصر البابا يوحنا الثامن

وحاول الأقباط تكرارا ومرارا أن يحصلوا على حريتهم كبشر , وبالرغم من تميزهم بأنهم فى مراكز كبرى توجه أقتصاد البلاد , ورفضوا معاملة الشريعة الإسلامية التى أمرت بتمييز أهل الذمة (غير المسلمين) بملابس مختلفه عما يلبسه المسلمين , فلبسوا ملابس بيضاء بدل الملابس التى أجبرهم المسلمين فى بعض العصور على لبسها , وبمرور الوقت ساروا فى شوارع مصر وأزقتها راكبين الخيل بدلاً من الحمير الذى نصت عليها شريعة الإسلام العنصرية , وكان يقبلهم الكثير من مقدمى العرائض والطلبات والشكاوى يطلبون قضاء المصالح العمومية والخصوصية .

وأصبحت من الأمور المألوفة لدى المسلمين أن يروا ألأقباط الذين يعملون مع المماليك يقومون بأعمالهم , ولكن العنجهية الأسلامية بالتعالى على المسيحيين وأعتقادهم أنهم خير أمة أخرجت للناس جعلتهم يعقدون النية على أتخاذ الوسائل للإيقاع بالأقباط وأتخاذ الوثيقة العمرية كمستند يعتمدون عليه لمعاملة الأقباط معاملة عنصرية لأذلالهم , فطالب كبار المسلمين

1- هدم كل الكنائس المسيحية

2- تنفيذ كل ما جاءت به الشريعة الإسلامية على الشعب القبطى ,

وقدموا الطلبين السابقين لتنفيذ العهدة العمرية إلى والى (محافظ القاهرة) , فلم يوافق عليهم فى الطلب الأول وهو هدم الكنائس المسيحية ولكنه لم يجسر على رفض الطلب الثانى , فأمر بإحضار البطريرك الأنبا يوحنا الثامن وكبار أغنياء القبط واليهود وأخبرهم أنه لن يكون مسئولاً عن العواقب الوخيمة التى ستحل بهم إذا لم يرضخوا أو لم ينفذوا القوانين والشرائع التى طلب المسلمون تنفيذها .

وكتب البابا يوحنا الثامن رسائل إلى جميع الإيبروشيات بضرورة تنفيذ أوامر المسلمين والتشديد على الشعب القبطى ** بلبس العمامة وحزام لونهما أزرق

** عدم ركوب الخيل أو البغال مطلقاً ومن يخالف هذه الأوامر يحرم من عضوية الكنيسة القبطية الرثوذكسية وأنه لا بد من الرضوخ لأوامر القوة الحاكمة .

تخريب وهدم كل كنائس القاهرة

ولكن حقد الشيطان على المسيحية هيج المسلمون  وهدموا بعض الكنائس بالقاهرة كانت مبنية حديثاً , ثم طلبوا من البطريرك غلق كل الكنائس الباقية بلا تخريب وعدم الصلاة فيها , ولم يلحوا عليه بالتنفيذ كما أنه أهمل هذا الأمر , فقام بين المسلمين هياج شديد وقاموا بتخريب كل الكنائس

وأنتقل التعصب إلى دواوين الحكومة فطردوا كل الموظفين والكتبة منها .

أما رعاع المسلمين وعامتهم كانوا يزدرون ويستهزأون بالأقباط ويقذفن الطوب على المارييين من الأقباط ويرجمونهم ويتحرشون بهم خاصة الذين يركبون حماراً صغيراً ( وهى الركوبة الوحيدة التى صرح للأقباط بركوبها للأنتقال من مكان إلى آخر ) ويطرحون راكبها أرضاً بوحشية وركلونه بأرجلهم ويمثلون به أفظع تمثيل لأنه قبطى .

وأنتشرت هذه الإضطهادات وأشتدت خاصة فى مدينتى والإسكندرية والفيوم وأستفحل أمرها حتى لم يكن فى وسع الحكومة منعه أو تحاشيه .

منع الإحتفال بعيد الشيهد  

وكان المصريين يحتفلون بعيد النيل كل سنة فى 8 بشنس وقد قالت مسز بتشر أن الأقباط أبدلوه بعيد الشهيد وحرم الإسلام على الأقباط الإحتفال بعيد الشهيد ( وقد وجدنا أن الشهيد الوحيد فى هذا اليوم هو الشهيد القديس يحنس السنهوتى - راجع مخطوط السنكسار القبطى اليعقوبى - ترجمة ونشر رينية باسيه 1929م تنسيق وتعليق دياكون د/ ميخائيل مكسى إسكندر رقم الإيداع 12511 /2003 م ) وعلقت مسز بتشر كتاب تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الثالث من حاشية ص4 - 5 قائلة : " أمر الملك بأبطال عيد النيل بحجة أفراط الأقباط فى شرب الخمر أثناء هذا العيد وذلك لأن الأقباط كانوا يحتفلون فى 8 بشنس من كل سنة فى جهه شبرا بجوار النيل ويسمونه عيد الشهيد وكانوا يزعمون نقلاً عن آبائهم الفراعنة أن : النيل لا يفى بالفيضان إلا إذا ألقوا فيه تابوت من خشب فيه أصابع آبائهم المائتين فكانوا يجتمعون من سائر القرى القريبة على إختلاف فئاتهم وينشدون بالتراتيل والبعض الاخر كان يكثرون الغناء وشرب المسكر وكانوا ينفقون مبالغ طائلة - وكان فلاحوا شبرا يعتمدون على وفاء المطلوب لهم من الجزية من بيع الخمر فى هذا العيد .

وأستمر أضطهاد المسلمين لأقباط مصر فى شدته لمدة ثلاث سنين .

حريق بالقاهرة  الذى تسبب فيه الملكيين
 ذكر كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي : " وفيها وقع الحريق بالقاهرة ومصر فابتدأ من يوم السبت خامس عشر جمادى الأولى وتواتر إلى سلخه‏.‏
وكان مما احترق فيه الربع الذي بالشوايين من أوقاف البيمارستان المنصوري واجتهد الأمراء في طفيه فوقع الحريق في حارة الديلم قريبًا من دار كريم الدين الكبير ودخل الليل واشتد هبوب الرياح فسرت النار في عدة أماكن وبعث كريم الدين ابنه عبد الله للسلطان فعرفه فبعث السلطان لإطفائه عدة كثيرة من الأمراء والمماليك خوفًا على الحواصل السلطانية فتعاظم الأمر وعجز آق سنقر شاد العمائر والنار تعمل طول نهار الأحد وخرج النساء مسيبات وبات الناس على ذلك وأصبحوا يوم الاثنين والنار تلف ما تمر به والهدم واقع في الدور المجاورة للحريق‏.‏
وخرج أمر الحريق عن القدرة البشرية وخرجت ريح عاصفة ألقت النخيل وغرقت المراكب ونشرت النار فما شك الناس في أن القيامة قد قامت وعظم شرر النيران وصارت تسقط الأماكن البعيدة فخرج الناس وتعلقوا بالموادن واجتمعوا في الجوامع والزوايا وضجوا بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى‏.‏
وصعد السلطان إلى أعلى القصر فهاله ما شاهده‏.‏
وأصبح الناس في يوم الثلاثاء في أسوأ حال فنزل أرغون النائب بسائر الأمراء وجميع من في القلعة وجمع أهل القاهرة ونقل الماء على جمال الأمراء ثم لحقه الأمير بكتمر الساقي بالجمال السلطانية ومنعت أبواب القاهرة أن يخرج منها سقاء ونقلت المياه من المدارس والحمامات والآبار وجمعت سائر البنائين والنخارين فهدمت الدور من أسفلها والنار تحرق في سقوفها‏.‏
وعمل الأمراء الألوف وعدتهم أربعة وعشرون أميرًا بأنفسهم في طفي الحريق ومعهم مضافوهم من أمراء الطبلخاناه والعشرات وتناولوا الماء بالقرب من السقائين بحيث صار من باب زويلة إلى حارة الروم بحرًا فكان يومًا لم ير أشنع منه بحيث إنه لم يبق أحد إلا وهو في شغل ووقف الأمير أرغون النائب وبكتمر الساقي حتى نقلت الحواصل السلطانية من بيت كريم الدين ناظر الخاص إلى بيت ولده علم الدين عبد الله بدرب الرصاصي وهدم لأجل نقل الحواصل سبع عشرة دارًا وخمدت النار وعاد الأمراء‏.‏
فوقع الصياح في ليلة الأربعاء بحريق آخر وقع بربع الملك الظاهر بيبرس خارج باب زويلة وبقيسارية الفقراء وهبت الرياح مع ذلك‏.‏ فركبت لحجاب والوالي فعملوا في طفيها عملًا إلى بعد ظهر يوم الأربعاء وهدموا دورًا كثيرة فما كاد أن تفرغ الأمراء من إطفاء ربع الملك الظاهر حتى وقعت النار في بيت الأمير سلار بخط بين القصرين وإذا بالنار ابتدأت من أصل البادهنج وكان ارتفاعه من الأرض زيادة على مائة ذراع بذراع العمل ورأوا فيه نفطًا قد عمل فيه فتيلة كبيرة فما زالوا بالنار حتى أطفئت من غير أن يكون لها أثر كبير‏.‏
فنودي أن يعمل بجانب كل حانوت بالقاهرة ومصر زير أو دن كبير ملآن ماء‏.‏
ثم في ليلة الخميس وقع الحريق بحارة الروم وبموضع آخر خارج القاهرة وتمادى الحال على ذلك لا يخلو وقوع الحريق بالقاهرة ومصر فشاع بين الناس أن الحريق من جهة النصارى لما أنكاهم هدم الكنائس‏.‏
ثم وقع الحريق في عدة مساجد وجوامع ودور إلى أن كان ليلة الجمعة حادي عشرينه قبض على راهبين خرجا من المدرسة الكهارية بالقاهرة وقد أرميا النار بها فأحضروا إلى الأمير علم الدين سنجر الخازن والي القاهرة وشم منهما رائحة الكبريت والزيت فأحضرهما من الغد إلى السلطان فأمر بعقوبتهما حتى يعترفا‏.‏
فلما نزل الأمير علم الدين بهما وجد العامة قد قبضت على نصراني وهو خارج والأثر في يديه من جامع الظاهر بالحسينية ومعه كعكة خرق وبها نفط وقطران وقد وضعها بجانب المنبر فلما فاح الدخان أنكروا ووجدوا النصراني وهو خارج والأثر في يديه كما ذكر فعوقب قبل صاحبيه‏.‏
فاعترف أن جماعة من النصارى قد اجتمعوا وعملوا النفط وفرقوه على جماعة ليدوروا به على المواضع‏.‏
ثم عاقب الأمير علم الدين الراهبين فاعترفا بأنهما من دير البغل وأنهما اللذان أحرقا سائر الأماكن نكاية للمسلمين بسبب هدم الكنائس وكان أمرهم أنهم عملوا النفط وحشوه في فتائل وعملوها في سهام ورموا بها فكانت الفتيلة إذا خرجت من السهم تقع على مسافة مائة ذراع أو أكثر‏.‏
فأمر السلطان كريم الدين الكبير بطلب البترك فطلبه وبالغ في إكرامه على عادة القبطية وأعلمه كريم الدين بما وقع فبكى وقال‏:‏ هؤلاء سفهاء قد عملوا كما فعل سفهاؤكم بالكنائس من غير إذن السلطان والحكم للسلطان ثم ركب بغلة وتوجه إلى حال سبيله فكادت الناس أن تقتله لولا حماية المماليك له‏.‏
ثم ركب كريم الدين من الغد إلى القلعة فصاحت عليه العوام وأسمعته ما يكره‏.‏
فلما طلع كريم الدين عرف السلطان بمقالة البترك واعتنى به وكان النصارى أقروا على أربعة عشر راهبًا بدير البغل فقبض عليهم وعملت حفيرة كبيرة بشارع الصليبة وأحرق فيها أربعة منهم في يوم الجمعة‏.‏
واشتدت العامة عند ذلك على النصارى وأهانوهم وسلبوهم ثيابهم وألقوهم عن الدواب إلى الأرض‏.‏
وركب السلطان إلى الميدان في يوم السبت وقد اجتمع عالم عظيم وصاحوا‏:‏ نصر الله الإسلام انصر دين محمد بن عبد الله‏.‏
فلما استقر السلطان بالميدان أحضر والي القاهرة نصرانيين قد قبض عليهما فأحرقا خارج الميدان‏.‏
وخرج كريم الدين من الميدان وعليه التشريف فصاحت به العامة‏:‏ كم تحامي للنصارى وسبوه ورموه بالحجارة فعاد إلى الميدان فشق ذلك على السلطان واستشار السلطان الأمراء في أمر العامة فأشار عليه الأمير جمال الدين آقوش نائب الكرك بعزل الكتاب النصارى فإن الناس قد أبغضوهم فلم يرضه ذلك وتقدم السلطان إلى ألماس الحاجب أن يخرج في أربعة أمراء ويضع السيف في العامة حتى ينتهي إلى باب زويلة ويمر كذلك إلى باب النصر ولا يرفع السيف عن أحدث وأمر والي القاهرة أن يتوجه إلى باب اللوق وباب البحر ويقبض على من وجده من العامة ويحمله إلى القلعة وعين لذلك أيضًا عدة مماليك فخرجوا من الميدان فبادر كريم الدين وسأل السلطان العفو فقبل شفاعته ورسم بالقبض على العامة من غير قتلهم وكان الخبر بلغ العامة ففرت العامة حتى الغلمان وصار الأمير لا يجد من يركبه وانتشر ذلك فغلقت الأسواق بالقاهرة فكانت ساعة لم يمر بالناس أبشع منها وهي من هفوات الملك الناصر‏.‏
ومر الوالي بباب اللوق وبولاق وباب البحر وقبض على كثير من الكلابزية وأراذل العامة بحيث إنه صار كل من رآه أخذه وجفل الناس من الخوف وعدوا في المراكب إلى بر الجيزة‏.‏
فلما عاد السلطان إلى القلعة لم يجد أحدًا في طريقه وأحضر إليه الوالي من قبض عليه وهم نحو المائتين فرسم السلطان جماعة منهم للصلب وأفرد جماعة للشنق وجماعة للتوسيط وجماعة لقطع الأيدي فصاحوا‏:‏ يا خوند ما يحل لك ما نحن الغرماء وتباكوا‏.‏
فرق لهم بكتمر الساقي وقام ومعه الأمراء وما زالوا به حتى أمر بصلب جماعة منهم على الخشب من باب زويلة إلى قلعة الجبل وأن يعلقوا بأيديهم ففعل بهم ذلك وأصبحوا يوم الأحد صفًا واحدًا من باب زويلة إلى تحت القلعة فتوجع لهم الناس وكان منهم كثير من بياض الناس ولم تفتح القاهرة وخاف كريم الدين على نفسه ولم يسلك من باب زويلة وطلع القلعة من خارج السور وإذا بالسلطان قد قدم الكلابزية وأخذ في قطع أيديهم فكشف كريم الدين رأسه وقئل الأرض وباس رجل السلطان وسأل السلطان العفو عن هؤلاء فأجابه بمساعدة الأمير بكتمر وأمر بهم فقيدوا وأخرجوا للعمل في الحفر بالجيزة ومات ممن قطع يده رجلان وأمر بحط من علق على الخشب‏.‏
وفي الحال وقع الصوت بحريق أماكن بجوار‏.‏
مع أحمد بن طولون وبوقوع الحريق في القلعة وفي بيت بيبرس الأحمدي بحارة بهاء الدين قراقوش وبفندق طرنطاي خارج باب البحر فدهش السلطان وكان هذا الفندق برسم تجار الزيت الوارد من الشام فعمت النار كل مات حتى العمد الرخام وكانت ستة عشر عمودًا طول كل عمود ست أذرع بالعمل ودوره نحو ذراعين فصارت كلها جيرًا وتلف فيه لتاجر واحد ماقيمته تسعون ألف درهم وقبض فيه على ثلاثة نصارى ومعهم فتائل النفط آعترفوا أنهم فعلوا ذلك‏.‏
فلما كان يوم السبت تاسع عشرين جمادى الأولى المذكور ركب السطان إلى الميدان فوجد نحو العشرين ألفًا من العامة في طريقه قد صبغوا خرقًا بالأزرق والأصفر وعملوا في الأزرق صلبانًا بيضاء ورفعوها على الجريدة وصاحوا صيحة واحدة‏:‏ لا دين إلا دين الإسلام نصر الله دين محمد بن عبد الله يا ملك الناصر يا سلطان الإسلام أنصرنا على أهل الكفر ولا تنصر النصارى‏.‏
فخشع السلطان والأمراء وتوجه إلى الميدان وقد آشتغل سره وركبت العامة أوسوار الميدان ورفعوا الخرق الزرق وهم يصيحون‏:‏ ‏"‏ لا دين إلا دين الإسلام ‏"‏‏.‏
فخاف السلطان الفتنة ورجع إلى مداراتهم وتقدم إلى الحاجب أن يخرج فينادي‏:‏ من وجد نصرانيًا فدمه وماله حلال فلما سمعوا النداء صرخوا صوتًا واحدًا‏:‏ نصرك الله فارتجت الأرض‏.‏
ثم نودي عقيب ذلك بالقاهرة ومصر‏:‏ من وجد نصرانيًا بعمامة بيضاء حل دمه ‏"‏ وكتب مرسوم بلبس النصارى العمائم الزرق وألا يركبوا فرسًا ولا بغلًا ولا يدخلوا الحمام إلا بجرس في أعناقهم ولا يتزيوا بزي المسلمين هم ونساؤهم وأولادهم ورسم للأمراء بإخراج النصارى من دواوينهم ودواوين السلطان وكتب بذلك إلى سائر الأعمال‏.‏
وغلقت الكنائس والأديرة وتجرأت العامة على النصارى حيث وجدوهم ضربوهم وعروهم فلم يتجاسر نصراني أن يخرج من بيته ولم يتحدث في أمر اليهود فكان النصراني إذا عن له أمر يتزيا بزي اليهود فيلبس عمامة صفراء يكتريها من يهودي ليخرج في حاجته‏.‏
وآتفق أن بعض كتاب النصارى حضر إلى يهودي له عليه مبلغ كبير ليأخذ منه شيئًا فأمسكه اليهودي وصاح‏:‏ أنا بالله وبالمسلمين فخاف النصراني وقال له‏:‏ ‏"‏ أبرأت ذمتك وكتب له خطه بالبراءة وفر‏.‏
واحتاج عدة من النصارى إلى إظهارهم الإسلام فأسلم السني ابن ست بهجة الكاتب وغيره واعترف بعضهم على راهب دير الخندق أنه كان ينفق المال في عمل النفط للحريق ومعه أربعة فأخذوا وسمروا‏.‏
وانبسطت عند ذلك السنة الأمراء في كريم الدين أكرم الصغير وحصلت مفاوضة بين الأمير قطلوبغا الفخري وبين بكتمر الساقي بسبب كريم الدين الكبير لأن بكتمر كان يعتني به وبالدواوين وكان الفخري يضع منه ومنهم‏.‏
قلت‏:‏ ولأجل هذا راح كريم الدين الكبير من الدنيا على أقبح وجه وأخرب الله دياره بعد ذلك بقليل‏.‏
واستمر الفخري على رتبته بعد سنين عديدة‏.‏
قال‏:‏ وصار مع كل من الأميرين جماعة وبلغ السلطان ذلك وأن الأمراء تترقب وقوع فتنة وصار السلطان إذا ركب إلى الميدان لا يرى في طريقه أحدًا من العامة لكثرة خوفهم أن يبطش السلطان بهم فلم يعجبه ذلك ونادى بخروج الناس للفرجة على الميدان ولهم الأمان والاطمئنان فخرجوا على عادتهم‏.‏
ثم لما كانت ليلة الأحد ثاني عشريه وقع الحريق بالقاهرة واشتد أمره إلى أن طفىء‏.‏
وسافر كريم الدين الكبير إلى الإسكندرية وشدد على النصارى في لبسهم وركوبهم حتى يتقرب بذلك إلى خواطر العامة‏.‏
.‏ " انتهى‏.‏

 

هل هؤلاء قديسين مسيحيين كانوا جنوداً فى الجيش الرومانى وإستشهدوا لأنهم آمنوا بالمسيحية ؟ 

 ذكر كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي : " ثم غير السلطان موضع دار العدل التي أنشأها الملك الظاهر بيبرس وهدمها وجعلها موضع الطبلخاناه الآن وذلك قي شهر رمضان سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة‏.‏
ولما هدم الموضع المذكور وجد في أساسه أربعة قبور فنبشت فوجد بها رمم أناس طوال عراض وأحدها مغطاة بملاءة دبيقي ملونة إذا مس منها شيء تطاير لطول مكثه وعليهم عدة القتال وبهم جراحات وفي وجه أحدهم ضربة سيف بين عينيه عليها قطن فعندما رفع القطن نبع الدم من تحته وشوهد الجرح كأنه جديد فنقلوا إلى بين العروستين وجعل عليهم مسجد‏.‏ "

وفد من برسلونه (أسبانيا) يهوله ما رأوه من إضطهاد المسلمين لأقباط مصر

وأصبحت أرواح الأقباط واليهود فى خطر .. هكذا هى كانت حالة مصر مدة ثلاث سنوات حتى وفد إلى مصر وفد من ملك برسلونه يقدمون فدية للسلطان لأنه قد اسر أحد أفراد عائلته فى حرب (والأغلب فى حرب سوريا) .

فأنذعر من شدة اضطهاد المسلمين لأقباط مصر وسوء حالتهم فحاولوا بدافع الشفقة ونخوة المروءه والعاطفة الدينية أن يسمح بإعادة فتح الكنائس للأقباط مقابل أن يقدم له مبالغ مالية كبيرة بصفة هدية فوق الفدية التى يقدمونها له فدية عن أسيرهم , فقبل السلطان الهدايا وتسامح فى فتح بعض الكنائس وتخفيف الإضطهاد على الأقباط , ولكن المقريزى ذكر فى تاريخه بأن السلطان لم يسمح إلا بفتح كنيستين فقط , ثم أثبت أيضاً أن السلطان الناصر بعد أن أعتق الأسير البلرشلونى وأطلقه ليرحل بسلام مع أصحابه عاد فأمر بأقتفاء أثرهم وهم فى الطريق ولحقوهم وأوقفوهم ونهب رجال السلطان كل ما كان معهم وأسترجعوا ما أعطاهم السلطان وأخذوا الأسير ثانية وألقوه فى السجن مكبلاً بالسلاسل الحديدية .

ثورة المسلمين فى الصعيد يروح ضحيتها الأقباط

وفى أثناء أضطهاد المسلمين للأقباط قامت ثورة من مسلمين الصعيد من قبائل العرب الذين كانوا ضاربين فيها بعد أن هاجروا من بلاد العرب إليها وتمردت هذه القبائل على المماليك , فأرسل السلطان الناصر حملة من الأمراء والمماليك المدربين على القتال لقمع تلك الثورة فى الصعيد فقام هؤلاء المماليك بالقضاء على التمرد بوحشية وقسوة وعنف إذ أعملوا السيف وقطعوا أعناق معظم السكان حتى أمتلأ الفضاء بالجثث وألقى المماليك القبض على عشر ألآف من أصحاب الأراضى ووضعوا أيديهم على الأراضيهم وأموالهم , وقتل فى هذه المذابح المسلم والقبطى والبرئ والمذنب وفى بعض البلاد لم يبقى رجل واحد على قيد الحياة ما عدا النساء والأطفال وقد أخذهم المماليك أسرى وأرقاء .

وأعقب هذه الأعمال الوحشية الخراب حيث حدثت زلازل وخربت مدينة قوص عن آخرها وتقول مسز بتشر كتاب تاريخ ألأمة القبطية - أ . ل . بتشر صدر فى 1889م - الجزء الثالث من حاشية ص4 - 5 معلقة على خراب البلاد فقالت : " أما المدن الأربعة التى هى مصر والقاهرة ومصر القديمة وبابليون فلم يصبها شئ من الزلزلة لأن يد الأعداء المماليك المسلمين قد سبقت الزلزلة فخربتها وأهلكت فيها "

This site was last updated 12/31/11