Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

محمد على موضوعات تاريخية أخرى

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
تاريخ التعليم

 

 

لنهضه التعليمية التى قادها محمد على

وقد نهض محمد علي بالتعليم الحديث نهضة عظيمة وضعت الأساس لمصر الحديثه ولمثقفيها، متعلميها العصريين من الأفندية [أي غير الأزهريين].. كان عدد طلاب مدرسة الطب البشري 700 طالب، والبيطري 350 طالبا، ومدرسة الفنون والصناعات 600، ومدرسة الهندسة والمعادن 150، وكان مجموع طلاب المدارس الخصوصية أي المتخصصة 4500 طالب.
كما أنه فتح أبواب مصر أمام بعثة من السان سيمونيين قوامها ستون رجلا وامرأة، وحدد لهم برنامجاً يتضمن إنشاء مدرسة للزراعة، الاسهام في بناء القناطر الخيرية، إنشاء شبكة من الترع والرياحات، إدارة مدرسة الهندسة العسكرية، إنشاء نفق في شبرا، عمل تمثال نصفي للوالي، إعداد إحصاء جغرافي، إلقاء محاضرات في الفن والأدب، إقامة حفلات موسيقية.. الخ ولقد كان السان سيمونيين الذين أتوا إلي مصر من مهن مختلفة تستطيع أن تلبي متطلبات هذا البرنامج الطموح: عشرة مهندسين، تسعة اطباء، ثلاثة مهندسين زراعيين وغيرهم من الأدباء والموسيقيين والرسامين والنحاتين.. وقد تعلق هؤلاء الخبراء بمصر ، سحرهم سحرها، ومارسوا كل ما حلموا به من إنشاءات وهوايات، ويسجل رئيس البعثة برتلمي أنفانتان مدي تعلقه بمصر قائلا: إن الشرق الغامض غموض الصحراء.. كلمة ساحرة مليئة بالضياء والغموض، والشرق معناه مصر، مصر الساحرة، أرض فرعون وموسي والنيل.
محمد على يرسل بعثات تعليمية من مصر إلى فرنسا

وأعتمد محمد على من التنورين من رجال الأزهر وتحديث مصر ويقول د/ رفعت السعيد فى جريدة الأهالى 2/2006 م فى هذا الصدد : " فقام  حسن العطار بترشيح تلميذه رفاعة الطهطاوى لـ  لعزيز مصر [محمد علي باشا] كي يسافر مع ثلاثة مشايخ آخرين ليكونوا هم الأربعة حراساً أو حماة دينيين لحفنة من المبعوثين اأرسلوا إلي باريس لدراسة العلوم الحديثة في مدرسة البوليتيكنيك تحت إشراف عدد من الأساتذة الفرنسيين المرموقين.. سيلفستر دي ساسي، وكوسان دي برسفال، وفرانسواز جومار. والأخير كان عضواً في الأكاديمية الفرنسية، وشارك في الحملة الفرنسية علي مصر، وفي إعداد كتاب وصف مصر. وكما إلتصق رفاعة الطالب الأزهري.. بأستاذه حسن العطار، التصق في باريس بفرانسواز جومار.
.. وقبل أن ينطلق الفتي إلي الاسكندرية ومنها إلي باريس.. جلس أمام حسن العطار ليتلقي منه آخر نصائحه.. وكان من بينها أن يسجل مذكراته أولا بأول.. فشرع حتي وهو في المركب المتجهة إلي فرنسا في تدوين هذه المذكرات التي أسماها فيما بعد تخليص الابريز في تلخيص باريز.

رفاعة الطهطاوي، وهو الذي أتي إلي القاهرة علي مركب في النيل بعد أن باعت أمه كل ما تمتلك من حلي مقابل جنيهين، ترك لورثته أكثر من 700 فدان

ويعود رفاعة من باريس ليعينه الوالي مدرساً في مدرسة طره وكانت مدرسة عسكرية، لكنه وقد أتيحت له مقابلة محمد علي كي يهدي إليه ترجمته لجزء من كتاب ملطبرون، انتهز فرصة هذا اللقاء في أن يقنع الوالي بأمرين كانا بالغي الأثر في مستقبل مصر.. الأول إنشاء صحيفة علي نمط الجرنالات الفرنسية، والثاني الاهتمام بتعليم اللغات الأجنبية، واقتنع الوالي بالأمرين، وجعله رئيسا لتحرير الوقائع المصرية، وناظراً لمدرسة الألسن.
كانت مدرسة الألسن مصنعاً لهذا الجيل. تجول رفاعة بنفسه عبر قري مصر في رحلة نيلية، يدخل الكتاتيب يمتحن التلاميذ، يختار أكثرهم ذكاءً ونجابة ويأخذهم معه. في البداية كان عدد التلاميذ 50 تلميذا ثم ارتفع العدد إلي 150 المدرسة داخلية، ورفاعة مقيم مع تلاميذه ليلا ونهاراً.. فهو معهم باستمرار يناقش، يحاضر، يصحح الترجمات. وربما بدأ الدرس بعد صلاة العشاء ليستمر ثلاث ساعات أو أربعة ثم يبدأ الدرس التالي بعد صلاة الفجر ليستمر ساعات عدة. ألم نقل إنها مصنع..
وينتج هذا الجهد المضني قائمة كبيرة من مثقفين عصريين كانوا البداية..
صالح مجدي يقدم لنا نماذجً منهم مصطفي البياع مترجم كتاب مطالع شموس السير في وقائع كرلوس الثاني عشر وخليفه محمود الذي أصبح رئيس فرع العلوم الاجتماعية والأدبية بقلم الترجمة، وله ترجمات عديدة في التاريخ، كما ترجم تنوير المشرق بعلم المنطق، وإتحاف الملوك الألبا بتقدم الجمعيات في بلاد أوربا ومقدمة كتاب تاريخ الامبراطور شارلكان للمؤرخ الانجليزي روبرتسون وليم الذي إختار له عنوان إتحاف ملوك الزمان بتاريخ الامبراطور شارلكان وصدر في ثلاثة أجزاء. وعبد الله أبو السعود ناظر قلم الترجمة صاحب جريدة وادي النيل ومن مترجماته تاريخ الفلاسفة اليونانيين. وتاريخ مصر القديمة لمريت باشا. أما صالح مجدي وهو واحد من أشهر تلاميذ رفاعة.. وصاحب الكتاب الشهير حلية الزمن في سيرة خادم الوطن رفاعة بك رافع فقد تخصص في ترجمة كتب الرياضيات والفنون الحربية، وإشترك في ترجمة القانون الفرنسي. ويقول عنه علي باشا مبارك في خططه التوفيقية أن تراجم ومؤلفاته بلغت خمسة وستين كتابا، وكتب بيده من الكراريس ما لا يدخل تحت حصر. وسالم باشا سالم كان تلميذاً أيضا لرفاعة وترجم كتباً عديدة في الطب، وكان أشهر أطباء عصره وترجم وسائل الابتهاج إلي الطب الباطني [أربعة مجلدات] وينابيع المحتاج في الطب والعلاج والينابيع الشفائية والمياه المعدنية. وأيضا أشهر المشرعين المصريين آنذاك محمد بك قدري مؤلف مرشد الحيران إلي معرفة أحوال الإنسان والأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية.
ويبقي أن نقول إن عملية الترجمة هذه أثمرت ترجمه ألفي كتاب ]فقط نقارن بين الرقم وبين مشروع ترجمة الألف كتاب الذي إستغرق منا في زماننا الأخير عديداً من السنوات، وتمويلا هائلا.. و.. لم يتم[.
ويبقي أن نتوقف لنتأمل مسألتين هامتين، لأنهما تركتا بصمات فاعلة علي مستقبل المثقف المصري ومقدرته علي خوض غمار معركة الليبرالية.
الأولي هي أن رفاعة اختار تلاميذه من أطفال كتاتيب القري.. أي من أبناء الفلاحين الفقراء، تعلموا، ثم توظفوا، ثم أصبحوا وبشكل سريع جداً موظفين كباراً، ثم وبفضل الراتب السخي وإنعامات ولي النعم أصبحوا أيضاً ملاكاً كباراً. وهكذا كان أبناء هذا الجيل جميعاً.
ولنأخذ مثالا واحداً لعله يكفي ويزيد ابراهيم بك النبراوي، ترقي في الرتب الديوانية إلي أن بلغ رتبة المتمايز، وفي أول أمره أرسله أهله إلي كُتَّاب البلدة فتعلم فيه الخط وبعض القراءة، ثم تعلق بالبيع والشراء وترك الكُتَّاب، وأرسلوه مرة إلي المحروسة (القاهرة) ليبيع بطيخاً فلم تربح تجارته، بل لم يحصل علي رأس المال، فخاف من أهله ولم يرجع، ودخل الأزهر،.. وفي تلك المدة طُلب من الأزهر شبان برغبتهم لتعلم الحكمة (الطب) فرغب في ذلك، وإلتحق بمدرسة أبي زعبل فأقام بها مدة، وترقي إلي رتبة الملازم، ثم تعلقت الإرادة السنية بإرسال جماعة إلي بلاد فرنسا ليتقنوا الحكمة، فانتخب فيمن إنتخب، فنجب في ذلك الفن، وترقي بعد عودته إلي رتبة يوزباشي بوظيفة خوجه (مدرس) بمدرسة الطب.. ولنجابته وحسن درايته في فنه اختاره العزيز محمد علي حكيمباشي لنفسه، وتخصص به، وبلغ رتبة أميرآلاي وكثرت عليه إغداقات العزيز وانتشر ذكره بين الفامليات والأمراء، ولما مات ترك ألفا وسبعمائة فدان.
وهؤلاء التلاميذ جميعاً تولوا وظائف هامه في الإدارة الحديثة التي نسجها محمد علي وورثها عنه خلفاؤه..
ونطالع بعضاً من أسماء .. عبد الجليل بك وهو الآن بالمعيه، وهو أول من يشار إليه في التحريرات الافرنجية بالبنان ويثني عليه رؤساؤه بكل لسان.. وأحمد بك عبيد وهو الآن وكيل مجلس التجارة بالمحروسة. ويورد علي مبارك ذات الاسمين قائلا وسبب نعمتهما السيد رفاعة بك فإنه أدخلهم المكاتب أول إنشائها ثم أدخلهم المدارس فتربوا فيها.
والاسماء عديدة:
- عثمان باشا فوزي وكيل إدارة كريمة الوالي محمد علي.
- عبد الله بك السيد رئيس مجلس التجار بمدينة الإسكندرية.
- محمد بك قدري الأوحد بمعية أكبر أنجال ولي النعم.
 

جريدة الوقائع العربية
وعندما صدرت الوقائع المصرية كانت تطبع بلغتين ]العربية والتركية[ نسخة واحدة بلغتين. وكان محمد علي قد أمر أن تحتل الكتابة التركية يمين الصفحات.. واللغة العربية يسارها. وبهدوء شديد صحح رفاعة الوضع، العربية يميناً والأخري يساراً. ويستمر الحال كذلك عاماً وبعض عام، ثم يسعي الوشاه إلي ولي النعم ويستدعي رفاعة غاضباً.. ويعتصم رفاعة من غضب محمد علي الهائج بالدين.. فالعربية لغة القرآن الكريم. ويهدأ غضب الوالي، وإن كان قد أمر بإعادة الوضع إلي ما كان عليه.

 

*********************

الأهرام  يوم الخميس 18من جمادى الاخرة 1427هـ - 13من يوليو 2006 م السنة 130 العدد 43683 الحلقة 653 ديوان الحياة المعاصرة مظهر التقديس بنشر ثقافة الفرنسيس‏!!‏
بقلم : د‏.‏ يونان لبيب رزق
الثقافة الفرنسية التى عمقت جذورها فى مصر ويمكن أن نعزو ذلك إلي مجموعة من الأسباب‏:‏
‏1)‏ أن أغلب البعثات التي أرسلتها مصر علي عهد واليها المرموق محمد علي باشا قد وجهت إلي فرنسا‏,‏ ومن إحصاء لأبناء ثمان بعثات تم إرسالهم في هذا العهد‏,‏ بلغ عدد من ذهبوا إلي باريس‏372‏ مبعوث كان منهم عدد من كبار المثقفين من أمثال رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك‏,‏ بينما بلغ عدد من أرسلوا إلي إنجلترا‏47‏ لتعلم بعض الصناعات المتقدمة‏,‏ حتي أن البعثة الثانية وكان عدد أعضائها‏21‏ ذهبوا لتعلم فنون النجارة‏(!),‏ أما النمسا فلم تحظ إلا بسبعة مبعوثين‏,‏ بمعني آخر أن الكتلة الأساسية من المبعوثين المصريين إلي أوربا في عهد هذا الباشا قد توجهت إلي فرنسا‏,‏ إلي الحد الذي أقامت لهم الحكومة المصرية معه نزلا مخصوصا كان يشرف عليه المسيو مانجان أحد علماء الحملة الفرنسية‏.‏
‏2)‏ أوكل محمد علي باشا الإشراف علي المدارس العليا التي أقامها علي أساس عسكري للفرنسيين‏,‏ الكولونل سيف‏(‏ سليمان باشا الفرنساوي للحربية‏),‏ وكلوت بك للطب‏,‏ والمسيو سيريزي للبحرية‏,‏ وغيرهم كثير‏,‏ فقد تصادف أن بدأ محمد علي في بناء النظام التعليمي الحديث في مصر مع سقوط نابليون بونابرت‏(1815)‏ وتسريح أعداد كبيرة من ضباط الجيش الفرنسي‏,‏ الذين رحب بهم الباشا المتطلع إلي تحديث البلد الذي حكمه‏.‏
وكان من الطبيعي أن يضفي هؤلاء علي برامج مدارسهم الصبغة الفرنسية‏,‏ وأن يستعينوا بالمراجع والمناهج التي سبق لهم وأن تعلموها أو علموها في معاهدهم‏,‏ الأمر الذي سارت معه حركة الترجمة من الفرنسية إلي العربية أو التركية علي قدم وساق‏,‏ والذي استتبعه أن كانت مدرسة الألسن من أولي المدارس التي أنشئت جنبا إلي جنب مع المدارس العسكرية لتؤدي هذه المهمة‏.‏
‏3)‏ إن ما عرفته مصر خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر من نشوء طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية قد ترتب عليه أن أرسل هؤلاء بأبنائهم إلي المدارس الفرنسية‏,‏ التي انتشرت بطول البلاد وعرضها‏,‏ خاصة مدارس الجزويت والفرير للأولاد‏,‏ ومدارس الساكركير والبون باستير وغيرها للبنات‏,‏ الأمر الذي أشاع أكثر الثقافة الفرنسية بين أبناء هذه الطبقة‏,‏ حتي أصبحت اللغة المتداولة في بعض دورهم أكثر من العربية‏,‏ ثم أن كثيرا من هؤلاء أرسلهم ذووهم لإتمام تعليمهم في جامعات فرنسا نفسها‏,‏ خاصة في كليات الحقوق في كل من السوربون ومونبلييه‏.‏
‏4)‏ ولما كانت مدرسة الحقوق من أكثر مراكز الثقافة الفرنسية‏,‏ فقد وصل بهم الأمر في وقت من الأوقات‏,‏ وبعد أن شعر الفرنسيون بأن نفوذهم يتضاءل في‏'‏ مدرسة الحقوق الخديوية‏'‏ أن أقاموا إلي جوارها‏'‏ مدرسة الحقوق الفرنسية‏'‏ التي شهدت إقبالا كبيرا من أبناء هذه الطبقة‏,‏ هذا فضلا عن أن الثقافة القانونية التي برع فيها الفرنسيون كانت الباب الملكي لكل من أراد أن يتبوأ منصبا كبيرا في سلك القضاء‏,‏ ثم في العمل السياسي‏,‏ الأمر الذي استفاد منه عديد من المصريين الذين شقوا طريقهم في السلكين‏;‏ سعد زغلول‏,‏ مصطفي كامل‏,‏ محمد فريد‏,‏ قاسم أمين‏,‏ أحمد لطفي السيد‏,‏ وغيرهم كثيرون‏.‏
‏5)‏ تبع ذلك أن أصبحت الفرنسية اللغة الأجنبية الأولي في مكاتبات وزارات الحكومة المصرية‏,‏ خاصة الحقانية والخارجية‏,‏ ونلاحظ من متابعة جولات المفاوضات المختلفة التي بدأت منذ عام‏1920,‏ فيما هو معروف بمفاوضات سعد‏-‏ملنر‏,‏ وحتي عام‏1936‏ في المفاوضات التي انتهت إلي معاهدة الصداقة والتحالف بين البلدين‏,‏ أنه بينما كان المفاوض المصري يستخدم الفرنسية كان المفاوض البريطاني يستخدم الإنجليزية‏.‏
‏6)‏ فضلا عن ذلك فإن متابعة الصحافة الأجنبية التي كانت تصدر في ذلك العصر تؤكد أن بعضا منها كان يقبل عليه المصريون جنبا إلي جنب مع أبناء الجالية التي تتكلمها‏,‏ وقد حظيت الفرنسية بالنصيب الأكبر في هذا الشأن‏,‏ ويكفي أن نذكر في هذا الصدد أن الأهرام أول ما صدرت أصدرت معها طبعة بالفرنسية هي ‏LePyramides‏ وأن الصحف الفرنسية الأخري مثل البروجريه إجبسيان ولاريفورم والدبيش أجبسيان كانت مقروءة علي نطاق واسع بين المصريين‏.‏
‏7)‏ بالمقابل فلم يكن للثقافة الإنجليزية نصيب مماثل‏,‏ فدولة الاحتلال نفسها لم يكن لديها الإرساليات القوية التي يمكن أن تنافس بها الإرساليات الفرنسية في مجال التعليم‏,‏ وكأن أقصي ما فعلته أن أقامت كلية فيكتوريا بالإسكندرية والتي كان أغلب طلابها من أبناء الجالية الإنجليزية في البلاد مع أعداد قليلة من المصريين‏.‏ صحيح أن الإرساليات الأمريكية كانت أنشط في هذا المجال‏,‏ غير أنها صرفت جهودها لحث أقباط المصريين علي تغيير مذهبهم الأرثوذكسي إلي الإنجيلي‏,‏ الأمر الذي أدي إلي أن تعاديها الكنيسة الوطنية‏,‏ هذا من ناحية‏,‏ وإلي أن تنشئ مدارسها في مناطق تجمعهم‏,‏ في أسيوط في الوجه القبلي وطنطا في الوجه البحري‏,‏ من ناحية أخري‏,‏ ثم أن تجتذب أبناء الطبقة الوسطي الصغيرة من هؤلاء من ناحية ثالثة‏,‏ ممن لم يكن لهم تأثير اجتماعي أو ثقافي كبير كما كان الحال بالنسبة لأبناء الأرستقراطية الذين انخرطوا في المدارس الفرنسية‏,‏ وحتي عندما قامت إحدي جمعياتهم التبشيرية بتأسيس‏'‏ الجامعة الأمريكية‏'‏ في القاهرة عام‏1920,‏ فإنها لم تلق اهتماما كافيا لأنها كانت في بدايتها أقرب إلي المدرسة الثانوية‏,‏ ولأنها لم تكن مقصدا للمصريين بقدر ما كانت مقصدا لبعض الأقليات مثل الأرمن واليونانيين واليهود‏.‏
‏8)‏ ملاحظة أخري للتأكيد علي تفوق الثقافة الفرنسية بدت في الحرب التي شنتها دار المندوب السامي في القاهرة وقت انتقال تبعية إدارة الجامعة الأهلية لوزارة المعارف المصرية عام‏1925‏ وتحولها إلي جامعة أميرية‏,‏ فقد سعي اللورد لويد‏,‏ المندوب السامي البريطاني‏,‏ بكل الوسائل لتكون الغلبة في كلياتها لأعضاء هيئة التدريس من الإنجليز‏,‏ وهو وإن كان قد نجح في ذلك بالنسبة لكليتي الطب والعلوم فإنه لم يستطع بالنسبة لكليتي الآداب والحقوق التي ظلت الغلبة فيها لأبناء الثقافة الفرنسية سواء من المصريين أو من الفرنسيين‏.‏

‏9)‏ ملاحظة أخيرة وإن بدت شكلية لكنا نراها علي قدر كبير من الأهمية‏,‏ فقد تسلل كثير من المفردات الفرنسية إلي أحاديث المصريين العاديين‏,‏ فقد استخدمت‏'‏ بونجور‏'‏ و‏'‏بونسوار‏'‏ و‏'‏أورفوار‏'‏ وغيرها‏,‏ أكثر مما استخدمت مثيلاتها الإنجليزية‏,‏ وهو أمر لا زلنا نشاهده في حوارات الشرائط السينمائية التي ظهرت في ذلك العصر‏.‏
‏***‏
هذه المقدمة التاريخية الطويلة تفسر ما حدث خلال الفترة التي أعقبت معاهدة‏1936,‏ فهذه المعاهدة وإن سوت كثيرا من المشاكل التي ظلت قائمة بين مصر ودولة الاحتلال إلا أنها في نفس الوقت قد أزالت كثيرا من العقبات التي ظلت السلطات البريطانية في العاصمة المصرية تبثها في طريق العلاقة الطبيعية بين القاهرة وباريس‏.‏
فالملاحظ أن الفترة التي أعقبت توقيع المعاهدة قد شهدت عودة النشاط في العلاقات الثقافية بين الدولتين علي نحو غير مسبوق‏,‏ صحيح أن الاتفاقية الفرنسية‏_‏ الإنجليزية المعقودة عام‏1904‏ والمعروفة‏'‏ بالوفاق الودي‏EntenteCordiale'‏ قد ضمنت لفرنسا بعضا من المزايا التي تحفظ لها علاقاتها الثقافية مع مصر‏,‏ خاصة فيما يتصل بالمدارس الفرنسية وباستمرار شغل فرنسي لمنصب مدير مصلحة الآثار‏,‏ إلا أن قيام الحرب العظمي‏,‏ وما تبعها من تعاظم الحركة الوطنية‏,‏ قد دفع السلطات البريطانية إلي سحب أغلب هذه الامتيازات التي احتفظ بها الجانب الفرنسي‏,‏ وكانت الحجة دائما جاهزة‏..‏ أنه قد توفر عند المصريين من الكفاءات ما يمكنهم من شغل الأماكن التي كان قد اتفق علي تركها للفرنسيين‏!‏
المهم أنه بعد المعاهدة عادت العلاقات المصرية‏-‏ الفرنسية لتحتل مكانتها القديمة بإرادة الطرفين المعنيين هذه المرة‏,‏ وكان لـ‏'‏ الأهرام‏'‏ دور في هذا التغيير‏.‏
بدا هذا الدور في الرحلة التي نظمتها جريدتنا للراغبين في زيارة معرض باريس الدولي‏,‏ الذي افتتح في‏16‏ يونيو‏1937,‏ وقد شارك في افتتاح القسم المصري كل من الملك الشاب فاروق الأول ورئيس الجمهورية الفرنسية‏,‏ المسيو لوبران‏,‏ حيث تم تبادل الخطب بين محمد محمود خليل بك قوميسير القسم المصري في المعرض‏,‏ والمسيو لابيه القوميسير العام للمعرض‏,‏ وقد احتلت العلاقات الثقافية بين البلدين المساحة الأكبر في كلمتي الرجلين‏..‏
في الكلمة التي ألقاها خليل بك قرن بين‏'‏ مصر أم الفنون‏'‏ وبين‏'‏ آثار نابليون‏'‏ التي خلفها فيها‏..‏ قال عن الأولي أن‏'‏ آثار إيزيس التي مجدها هنا الفنانون المصريون وتجديد ضريحها في أنس الوجود هي التي تتكلم عنا بمثل هذه اللهجة‏',‏ أما عن الثانية فقد وضع أمامه مجلدين من موسوعة‏'‏ وصف مصر‏'‏ ووصفها بالعمل البديع الذي يجب‏'‏ أن يعرفه جميع الذين يحبون بلادكم وبلادنا‏'!‏
أما كلمة المسيو لابيه فقد حفلت بتمجيد الحضارة المصرية‏,‏ وأن اشتراك المصريين في المعرض‏'‏ يظهر بأجلي دليل أنكم جديرون أن تكونوا خلفاء مصر القديمة والبلاد العظيمة المكون منها الوطن المصري صاحب المدنية التي أنشأها منذ‏6000‏ سنة‏..‏ مدنية الفنون والصناعات التي نحتفي بها في هذه السنة بمظهرها المجيد في ظل السلام بين الإجلال والوقار‏'.‏
مناسبة أخري واتت في احتفال نهاية العام بمدرسة الآباء اليسوعيين في باريس‏,‏ وكان محمود فخري باشا وزير مصر المفوض حاضرا بمناسبة نجاح نجله في البكالوريا بدرجة جيد جدا‏,‏ فنوه أنه بدوره خريج فرع نفس المدرسة بالإسكندرية‏'‏ وقد كان عملها في وادي النيل مثمرا وناجحا علي وجه خاص‏.‏ فهناك كثيرون من العلماء ورجال الدولة وكبار الرجال هم من خريجي مدارس الآباء اليسوعيين‏.‏ وفي شهر مايو الماضي افتتحت المدرسة الفرنسوية العربية في هليوبوليس وخطب في هذه المناسبة أحمد زيور باشا أحد رؤساء الوزارة المصرية السابقين قائلا أنه ما من بلد أكثر استعدادا من مصر لهذا التعليم‏.‏ فجعل الروح والفكر قبل المادة هو من أخلص تقاليد المدنية المصرية القديمة‏'.‏
مناسبة ثالثة أتاحها‏'‏ المؤتمر الدولي لكتاب اللغة الفرنسية من الأجانب‏',‏ وكان نصيب مصر فيها المحاضرة التي ألقاها الأستاذ جورج قطاوي تحت عنوان‏'‏ أدباء مصر والأدب الفرنسي‏',‏ وكان في مقدمة هؤلاء‏'‏ واصف غالي باشا‏'‏ وزير الخارجية المصرية وقتئذ‏,‏ وهو وإن بدأ بتسجيل الدور الوطني للباشا‏-‏ ابن بطرس باشا الكبير وعم الدكتور بطرس غالي السكرتير العام السابق للأمم المتحدة‏,‏ والذي قال لكاتب هذه السطور ذات مرة أن واصف باشا ظل المثل الأعلي الذي يقتدي به في حياته‏-‏ غير أنه‏'‏ لم يهمل حرفة الأدب والبحوث التاريخية وقرض الشعر‏,‏ فإن آثاره القلمية معدودة من محاسن النثر وعيون الشعر‏,‏ وقد بين أن الغرب والنصرانية اقتبسا كثيرا من الحضارة الإسلامية‏'.‏
ولم يقتصر الأستاذ قطاوي علي واصف غالي فرصد في كلمته آخرين من المصريين ممن كان لهم باع في الكتابة بالفرنسية فيما جاء في قوله أنه‏'‏ ما من أديب في مصر كلطفي السيد وطه حسين وأحمد ضيف ومنصور فهمي لم ينشر نبذا باللغة الفرنسية علي هامش مؤلفاته العربية النفيسة‏.‏ وحسبنا أن نذكر أسماءهم‏.‏ وأظن أن اسمي عدس وجوزيبو فتشي مستحقان أن يكونوا علي رأس جدول أسماء هؤلاء‏,‏ فإن كتابهما‏(‏ جحا الساذج‏)‏ قد بلغ بهما إلي أوج البلاغة‏.‏ وكتب أحمد ضيف بالاشتراك مع الفرنسي بون جان قصة‏_‏ منصور‏-‏ وغيرها فوصف الأول محاسن الريف المصري ومعيشة النوتية في النيل ومرفأ الإسكندرية‏,‏ واشترك معه بون جان في وصف جامعة الأزهر‏'.‏
شارك في نفس المؤتمر‏'‏ أحمد راسم بك‏'‏ وكيل محافظة القاهرة‏,‏ وعرفته الأهرام بأنه‏'‏ الشاعر المعروف في عالم الأدب الفرنسي‏',‏ وجعل موضوع تقريره‏'‏ الشعراء المصريون الذين يقرضون الشعر باللغة الفرنسية‏',‏ ويندهش القارئ من كثرة من أورده راسم بك عن هؤلاء‏..‏حيدر فاضل من أحفاد محمد علي وله ديوانان بالفرنسية‏;‏ الورود الملطخة بالدم وحزمة شرقية‏.‏ عبد الخالق ثروت السياسي الشهير وله ديوان‏'‏ الحب عند العرب‏'‏ والذي شاركه فيه شاعر فرنسي اسمه دي مارتينو‏.‏ ماريوس شميل بك الذي وصفه بصاحب مجلة‏'‏ العالم المصري‏'‏ له ديوان‏'‏ ضد النسيان‏',‏ فؤاد أبو خاطر الذي نشر ديوانين شعريين‏'‏ تغني فيهما بلهجة موسيقية بأفراحه وأتراحه وسويدائه وشكه‏'.‏ومحمد ذو الفقار‏'‏ الذي أطلق العنان لقريحته وشق طريقا لم يسبقه إليه أحد في أسلوبه الذي استرشد فيه بالثقافة الشرقية‏'.‏
وقد رصد راسم بك في نهاية دراسته القيمة أسماء مجموعة من الكاتبات الأديبات اللاتي ساهمن في الحركة الأدبية في مصر وكان لهن شأن عظيم‏..‏ مدام نللي زنانيري‏:‏ شاعرة رقيقة وكاتبة دقيقة‏,‏ مدام ايمي خير اللبنانية الأصل‏:‏ روائية وشاعرة وقد تغنت بمحاسن مصر‏,‏ الأميرة قدرية حسين‏:‏ لها منظومات بعنوان‏'‏ أشباح ملكية‏'‏ تفتن الألباب بجودة سبكها‏,‏ الآنسة مي زيادة الكاتبة العربية الكبيرة‏:‏ ولها كتابات فرنسية نفيسة‏.‏
‏***‏
مثل‏'‏ أدب الرحلات‏'‏ جانبا آخر من العلاقات الثقافية بين القاهرة وباريس‏,‏ فقد انتهز أحد المشاركين في الرحلة التي نظمتها الأهرام‏,‏ محمد عوض جبريل‏,‏ الفرصة ليكتب مقالا طويلا عن رحلة ذهابه إلي باريس‏,‏ وكانت بطريق البر‏!‏
العنوان‏'‏ من القاهرة إلي باريس‏-5500‏ كيلومتر في خمسة أيام ونصف يوم‏',‏ وقد اخترق خلالها فلسطين ولبنان وسوريا وتركيا وبلغاريا ويوغوسلافيا وإيطاليا وسويسرا حتي وصل إلي فرنسا دون‏'‏ أن يركب متن الهواء أو تسير به الباخرة فوق لجة الماء‏'‏ رصد خلالها كل ما اعتبره غريبا أو عجيبا‏..‏ طريق طوروس الذي يبدأ من طرابلس‏'‏ ويجتاز الأناضول بين جبال مغطاة بالثلوج يبلغ ارتفاع بعضها‏1500‏ متر‏,‏ وظل القطار يسير بين هذه المناظر حوالي‏26‏ ساعة اجتزنا فيها‏42‏ نفقا ومررنا خلال ذلك بأنقرة عاصمة تركيا الحديثة ثم مدينة إيسكي شهر التي اتخذت مقرا للطيران‏'.‏
ولم يستطع الأستاذ جبريل أن ينكر إعجابه بعد أن انتقلت الرحلة إلي أوربا‏'‏ إذ نحن نسير في جنات فيحاء فمن رياض تكللت أشجارها بالزهر النضير إلي جبال شاهقة ينبثق منها الماء وبحيرات واسعة وسهول منبسطة‏,‏ ولكن أجمل ما رأت العين جبلين اكتسيا من الشجر حلة خضراء‏,‏ وقد ضاق ما بينهما فلم يتسع إلا لمرور القطار والنهر الذي يجري إلي جانبه‏..‏ حتي إذا اجتزنا نفق سمبلون وهو أطول نفق في العالم ويبلغ طوله‏16‏ كيلومترا و‏700‏ متر‏_‏ مررنا بمونترو ولوزان وفالورب وديجون إلي أن بلغنا باريس‏'!!‏
في العاصمة الفرنسية انتقل القلم من يد الأستاذ جبريل إلي مندوب الأهرام الخاص المرافق للرحلة‏,‏ وكان أول ما لفت نظره السرعة البالغة التي يتحرك بها الباريسيون في حياتهم والتي بلغت في رأيه حد الجنون‏'‏ كما يبدو لنا نحن الغرباء وقد ألفنا في بلادنا حياة غير هذه الحياة‏'.‏
لفت نظره أيضا خلو العاصمة من الترام الكهربائي لأنه أصبح من أشد العوامل التي تعرقل المرور‏,‏ وصار التنقل به تحت المدينة‏,‏ حتي قال أن باريس أصبحت ثلاث مدن‏,‏ إحداها تحت الأرض والثانية علي السطح والثالثة في السماء‏.‏
وكانت السرعة التي تميز المجتمعات الصناعية المتقدمة محل دهشة صاحبنا‏;‏ فسرعة السيارات بالغة حد الجنون‏'‏ وليس سيرها في الشارع مقيدا بمثل النظام الموجود في مصر‏.‏ وقد تذكرت وأنا أشاهد هذه الحركة وهذه السرعة أولئك الكونستبلات الذين يتنقلون علي دراجاتهم البخارية في شوارع القاهرة فيلتقطون نمر السيارات المسرعة‏_‏ ولو قليلا‏-‏ ويقدمون سائقها للمحاكمة ودفع المخالفات‏..‏ ومن المدهش‏_‏ وأنت في مثل هذا الازدحام والإسراع‏-‏ لا تسمع نفيرا ولا بوقا‏.‏ وكل واحد يعرف واجبه وما عليه‏.‏ وكل شخص يحافظ علي النظام والقانون ومن المستحيل أن تجد إنسانا يجتاز الشارع في غير المكان المخصص للاجتياز ولذلك قلما يقع حادث وقلما تقع ضحايا للسيارات في هذه العاصمة المكتظة بالملايين علي عكس الحال عندنا‏',‏ ويبقي الحال علي ما هو عليه‏!!‏
توقف الرجل بعد ذلك عند نهر السين ورأي أنه لا يقاس البتة‏'‏ بالنيل‏'‏ من حيث الكبر والاتساع والجمال‏'‏ ومع ذلك فإن الفرنسويين يستفيدون منه بما قد لا يصدقه الذين لم يروه‏,‏ يستفيدون بالملاحة وتوليد الكهرباء والتنقل والتنزه وإقامة المقاهي وكل ما يمكن الاستفادة وما يوحي به العلم والعقل والابتكار‏.‏ أما في مصر فيتمني الجمهور أن يجد مكانا يجلس فيه لكي يتمتع بجمال النيل وعظمته التي يحسدنا عليها الأجانب‏',‏ ومن حسن حظ الرجل أنه لم يعش حتي يري المصريين وقد اكتظوا علي جانبي الكباري التي تربط جانبي النيل بحثا عن نسمة هواء في صيف القاهرة الحار‏!‏
وخصص مندوب الأهرام المرافق للرحلة مقالا طويلا آخر لأسواق باريس وملاهيها‏,‏ وكعادة المصريين في مثل هذه الرحلات الجماعية يلتقون بعد عملية التسوق التي يعشقونها ليحاول كل منهم أن يؤكد للآخر أنه غلب علي أمره بأثمان ما اشتري ويأخذ غيره في التقليل من قيمة ما ابتاع زميله وهكذا‏!!‏
أما عن الملاهي فقد تحدث الرجل ولا حرج‏..‏ تحدث عن الحي اللاتيني حيث توجد خمارات في السراديب تحت الأرض التي تصطف فيها بنوك من الخشب وموائد مستطيلة وأكواب الشمبانيا‏,‏ ومنه إلي مرقص آخر الراقصون فيه شبان ينامون النهار بأكمله ويسهرون الليل بطوله‏'‏ غير أن رقصهم لا يفرق شيء عن أي رقص آخر من وجهة الحشمة والأدب‏',‏ زاروا بعدها أشهر ملهيين في باريس‏;‏ الـ‏'‏ بال تابارين‏'‏ و‏'‏المولان روج‏'‏ وبعد مشاهدة ما راق لهم كتب يقول أن‏'‏ المسارح والملاهي في فرنسا لا تخضع لرقابة الحكومة ولذلك تجد باب الابتكار أمام الجمهور غير مقيد بشكل مقرر‏'!!‏
وقد تضمنت الرحلة زيارة إلي جامع باريس‏,‏ وبدلا من أداء الصلاة فقد جلسوا في حديقته يتناولون القهوة العربية‏'‏ وكان بعض المطربين من المغاربة يغنون علي عزف العود والقانون وقرع الطبلة أغاني عربية ولكنها ليست علي شيء من الطرب والتفنن الموسيقي الذي ألفناه في مصر‏.‏ ولكنه علي أية حال كانت شيئا أدخل السرور الكبير إلي نفوسنا بعد أن قضينا أياما في محيط إفرنجي بحت‏',‏ ويبدو أنها كانت‏'‏ ساعة لربك‏'‏ ولكن علي الطريقة الفرنسية‏!!‏

***********

محمد على وأولاد الشوارع

ان اطفال الشوارع يمثلون صداعاً مقيماً بالنسبة لمحمد علي باشا حاكم مصر.. اذ بلغ عددهم وقتها حوالي 300 ألف مشرد و مشردة ينتشرون في شوارع مصر من اسكندرية لأسوان , و قد أدرك بحسه السياسي ان هؤلاء الاطفال سيكونوا العامل الرئيسي في سقوط الدولة المصرية العظمى التي يحلم بها ..
فقام بالقبض عليهم جميعاً و نقلهم الي معسكر بالقرب من الكلية الحربية التي انشأها في اسوان لمدة ثلاث سنوات أو يزيد ذكور واناث .
ثم أمر قائد الجيش "سليمان باشا الفرنساوي" في ذلك الوقت بأن يأتي بأعظم المدربين الفرنسيين في شتى المهن والحرف اليدوية ليعكفوا على تدريب هؤلاء المشردين .
ثلاث سنوات او يزيد قليلاً و بعدها خرج لمصر أعظم الصناع المهرة في تاريخها الحديث يجيدون جميع الحرف اليدوية واللغة الفرنسية والعربية .
احتفظ محمد علي باشا بالنوابغ واستعان بهم في انشاء مصر الحديثة وارسل من تبقي ليعملوا كخبراء للدول التي تفتقر لتلك الحرف و انشأ لهم المواني ( البلدية ) حتى يستطيعوا ان يتواصلوا بانتاجهم مع الدول المطلة على المتوسط لصالح مصر , و من المدهش ان نعرف ان احد هؤلاء الحرفيين المهرة كان والد عبدالله النديم و قد
عينه محمد علي كرئيس للنجارين في الاسطول البحري الذي صنعه محمد علي و واجه به بلدانا كثير

 

This site was last updated 06/21/14