Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الملك الكامل 2

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
من هم الأيوبيين؟
الإحتلال الأيوبى
ظهور صلاح الدين
الأيوبى يقتل الخليفة العاضد
مشكلة دير السلطان
حروب صلاح الدين
رسائل صلاح الدين
البابا يؤنس 6 الـ 74
الرحالة عبد اللطيف
عبدالله بن ميمون
الملك العزيز
الملك العادل الأول
الملك الكامل 1
الملك الكامل 2
البابا كيرلس ال 75
الملك العادل الثانى
الملك الصالح
الحملة الرابعة للفرنجة
الحملة الخامسة للفرنجة
مشاهير وعظماء وقديسى القبط
الحملة السادسة
الحملة السابعة للفرنجة
الحملة الثامنة للفرنجة
الحملة التاسعة
موت الملك الصالح
الأيوبيين يحكمون مصر
العثور على عملة ذهبية
قدرة الملك ريتشارد على النصر
إيلات وصلاح الدين وبيبرس
قلعة حلب
New Page 5293
New Page 5294
New Page 5295
New Page 5296
New Page 5297
New Page 5298
New Page 5299
New Page 5300

Hit Counter

 

محاولة لأقامة بطريرك

فى سنة  939 ش تحدث بعض الأراخنة مع وزير مصر لأقامة البطريرك فطلب من الحبيس الذى بأبيار توريد مبلغ 500 دينار لبيت المال , ولما كان الحبيس راهب وفقير فإبتدأوا فى جمع المبلغ المطلوب وقسطوه على الكنائس فلم يقدروا على جمعه فتوقفت فكرة إقامة حبيس أبيار كبطريرك .

وفى سنة 941 ش كان الملك الكامل مقيم بقلعته فى القاهرة والملك المسعود معه والأمير أبن شكر الحاكم فى ألأمور مستقلاً والكنيسة بغير بطريرك .. وبلغ الملك الكامل وشاية عن بعض الأمراء فإعتقل بعضهم ونفى بعضهم وأخذ أملاكهم وأقتطع أقطاعياتهم وطالب بعضهم المال

 

محاولة أخرى لأقامة بطريرك

وفى الصوم المبارك تقدم المستوفيين للجزية إلى الملك الكامل وقالوا له : " أنك أصلحت كل شئ إلا بأمر المسيحيين الأقباط  فإنهم بغير بطريرك وقد أنضروا وإنحلت نواميسهم " فقال لهم لا بد من شئ يأخذه السلطان " وأتفقوا معه على 500 دينار " فكتب الملك سجلاً بذلك وأستأذنوه القباط فقال لهم : " أختاروا .. "

فإختار رعاع القبط والمستوفيين راهباً أسمه بولس البوشى , وقد كان قد جاء من ديره ليتداوى من مرض الكبد وأيدهم على ذلك الوزير , وأختار آخرون القس المشهور داود المعروف بأبن لقلق ولم يظهروا تأييدهم لأن القس داود صديق شيخ قبطى أسمه نشو الخلافة بن المنقاط , والشيخ نشو الخلافة كان على خلاف مع الوزير , حتى أن الوزير المسلم كان عندما يسمع أن أحداً قابل الشيخ القبطى نشو الخلافة فى الشارع وسلم عليه كان يسعى لأذيته لمجرد أنه يسلم على الشيخ القبطى لا سيما من يكون صديقه وصاحبه , فكان كل من يريد أن يصبح القس داود بطريركا كان يخفيه خوفاً من الوزير وجاء ألساقفة وكتبوا محضراً يتأييدهم بترشيح بولس البوشى خوفاً من الوزير وكتب أكثر الناس بالرضى للبوشى , حتى وقف على باب القلعة مجموعة من الأقباط ليس لهم اهمية وقالوا : مولانا نحن لا نرضى بهذا البوشى وعندنا من يصلح سواه " .. فقال : " من هو ؟ " قالوا : " داود بن لقلق ونطلب من مولانا أن يحضر الثنين إلى بين يدية ويسمع حديثهما وعلمهما ومن رجحه فقد رضينا به لأن مولانا نائب الله فى أرضه "

فقرر الملك الكامل إحضار الإثنين ورفع المبلغ المطلوب إلى 1000 دينار وقد كان الشيخ نشو الخلافة قد تحدث مع الملك الكامل وأستقر الأمر على ذلك , وجمع أصحاب القس داود مبلغ الألف دينار ولم يكلفوا احد شيئاً أما المؤيدون لبولس فقرروا أن يجمعونها من أقباط الوجه البحرى والقبلى وجميع الأقباط , وحدد الملك يوم معين لأنهما كانا فى مصر وأن يكون موجوداً بطريرك الأروام الملكيون فحضروا جميعاً وأحضر الملك الكامل الفقهاء وكبار الناس ودخل مع داود أثنان من أصحابه أما بولس فلم يدخل معه أحد وخرج داود زائداً فى علمه على بولس , ورجحوا داود على بولس إلا أنه توقف الأمر لتدخل فخر الدين عثمان لأجل عرض الوزير الذى لا يحب الشيخ نشو الخلافة ورجع الأقباط على ما كانوا عليه من فرقة وبغضه وتعدى بعضهم على بعض وإعداد المحاضر المزورة ضد القس داود وإرسالها إلى الملك حتى أوغروا صدر الملك عليه ومر الوقت وحل العيد بدون بطريرك .

وغى نغس السنة توفى الوزير الذى كان يعارض فى رسامة القس داود ودفن بالقاهرة فى مدفن قريب من داره عمره لنفسه فى جنازة كبيرة وخرج للتعزية كل من فى المدينتين مصر والقاهرة كما أمر السلطان أن يسير فى الجنازة أولاده وأقربائه .

مزيد من الإعتقالات

أما الملك الكامل فقد كثر تخيله من الأمراء فأعتقل المزيد منهم وقبض على أولاد الوزير المتوفى وغلمانه وطالبهم بالأموال وكان وقتاً صعباً لأن الملك طلب من الناس المتأخرات ( الأموال المؤجلة) , وكان فى هذا الوقت مقيم بالقلعة ومعه أبنه ملك اليمن يسكن فى القاهرة .

وخرج الجيش بكامله إلى ظاهر القاهرة ( الظاهر) وخيموا اياماً ولبسوا ملابس الحرب وعرض كل أمير نفسه وأمرهم ألا يخرج احد إلى الريف ولا زالوا بالقاهرة , وأفتتح الملك الكامل دار لضرب ( سك العملة) بالقلعة ودار اخرى بمصر مع الدار التى بالقاهرة وأدى أفتتاح هذه الدور إلى علاء فى سعر الذهب

 الراهب الواشى

ترك راهب الديانة المسيحية من رهبان دير أبى مقار وأعتنق الإسلام ووشى بالرهبان عند الملك الكامل قائلاً : " أن فيهم من يحتمى بالرهبنة ممن لهم حقوقاً ومواريث وأعمال " فأمر الملك بأن يخرج معه اميراً للكشف عن عن هذه المخالفات والتحقيق فيها " فخرج معه أمير أسمه أبن سيروين وذهبوا إلى وادى النطرون فلم يجعله يحقق فى الأمر بل أمسك الرهبان وضربهم وعلقهم وعاقبهم وأمر أن يعطوه 600 دينار فدفعوا له 400 دينار فاخذها منهم وكتبهم إقرار بدفع 200 دينار فيما بعد , وقال للملك : " أنى ذهبت إلى الدير وقلت للرهبان : إحلفوا أنه ليس للملك عندكم حق فأشتروا يمينهم بـ 600 دينار وقد أحضرت منها 400 دينار والبقية أنا أحضرها منهم وبمجرد أن تركتهم قاموا بتحصيلها من مشايخ الرهبان , إلا أن جماعة من الرهبان وقفوا  أمام باب القلعة وشكوا لهم قضيتهم فلما عرف ما حدث أمر بأن يعاد لهم ما أخذه الأمير اين سيروين فأخذوه ووضعوه على سينية واوقدوا الشموع وداروا بها فى شوارع القاهرة ليعلنوا عدل الملك الكامل ورفع الظلم عنهم .

وجائت رسل ملك الفرس خوارزم شاة ولم يعلم لماذا جائوا الرسل إلى مصر

محاولة ثالثة لرسامة بطريرك

وجاء الصوم المقدس لسنة 942 ش وبدأ أصدقاء القس داود فى الحركة ليرسم بطريركاً وقابلوا انسان رومى تاجر يتردد عكا وغيرها وكان أسمه مفرجاً وكان يعرف السلطان وكذلك الأمير فخر الدين أستاذ الدار السلطانية فطلب منهما ألفين دينار فطلب منهم الألف فى الحال وألفا أخرى بعد القسمة فذهب سبعة من أصحابه إلى تاجر أسمه الحلى وأستدانوا ألف دينار بالربا على أن يردوها بألف ومايتى دينار وسلموها إلى مفرج وطال الحال وسمع الذين ضدهم فتجمعوا وتحزبوا وكتبوا شكاوى الملك بأنهم غير راضيين وتفاقم الأمر بين الحزبين كما هو العادة وأقتبلوا يدفع الألفى دينار على أن داود لا يذكر ويقسطوها على الكنائس ورفعوا هذا الأتفاق لعرضه على الملك فلم يقبل هذا التفاق وقال لهم : " أتفقوا فيما بينكم " ولم يزل الأمر كذلك ورقعة أللاف دينار مع مفرج السلطان ولم يرجها أو يأخذها لأن السلطان ينتظر إتفاقهم وفى أثناء ذلك قبض الملك على المستوفيين (جباة الضرائب ) الأقباط الذين ضد داود ويعاندونه وكان أن عرض على الأقباط ان تجرى قرعة هيكلية من أربعة رقاع (أوراق) ويكتب المتقدمين وفيهم داود ويرفع الصلاة على الهيكل ومن طلع اسمه قدمناه ورسمناه إلا أن اصحاب داود : ليس عندنا إلا داود فمن هو مثلة يمكن أن تقدموه ونقارن بينهما " وتناحر الأقباط وإحتالوا وتنازعوا .

ولما قبض على المستوفيين الذين كانوا يعادون داود وتوقف تدخلهم فى أمر البطريركية لأنهم كتبوا اقرارات فمنهم من وقع ‘لى ان يدفع 10 ألاف دينار وآخر خمسة ألاف وأقلهم ثلاثة ألف دينار

وصول رسول من بغداد

فى هذه السنة وصل رسول أمير المؤمنين أبى النصر الظاهر بأمر الله القايم بعد أن توفى أبيه الناصر ومعه خلع سنية لونها أسود لون الخلافة العباسية وكانت مذهبة وحلل أخرى مفصلة بالذهب باسم الخليفة الكبير للملك الكامل وحلل لأولاده ومن كان يلبس عماكه أعطاه عمامة ومن كان منهم يلبس شربوشاً (طربوش) أعطاه شربوشاً

وصول رسول الروم ملك قونية ورسول الكرج ورسل من كل جهه

ووصل أيضاً رسول رسول ملك الروم أمير قونية , وأيضاً أقصرا ورسول الكرج ورسل كثيرة من كل جهة , ووردت الأنباء أن ملك الفرس هزم جيش الكرج وأستولى على تفليس وإيجارا

إعادة الألف دينار

وبعد أن طالت المدة على أصحاب القس داود الذين أقترضوا الألف دينار جاء ميعاد دفعها بالربا طالبهم صاحبها بها وبربحها فقد أتفقوا معه أن يردوا الألف فى مدة شهرين وعليها مائتين دينار فشاوروا السلطان وأستعادوا الألف دينار وأعادوها مع فائدتها وسكن أمر إختيار البطريرك وأنقطع القيل والقال بين الأقباط .

ملك مصر يذهب إلى الشام للقتال

وتوجه الملك الكامل إلى الشام لخلاف وقع بينه وبين أخيه ملك دمشق وأمر الأمراء أن يجهزوا أنفسهم والجيش للخروج فى هذه السنة ودفع الناس بما يقدروا على دفعة وخرجوا إلى البركة فى يوم ألأربعاء 26 من مسرى الموافق 23 من شعبان سنة 623 هـ .

موت الخليفة الجديد ألإمام الظاهر أبى نصر محمد الخليفة

وفى أول نسئ من هذه السنة وردت الأخبار من بغداد بموت الخليفة الإمام الظاهر أبى نصر محمد الخليفة الجديدة وقد مكث فى الحكم ستة أشهر فقط وذبحت ضحيته ببركة الحب فى اليوم المذكور وهو يوم ألأثنين أول النسئ وكان الملك الكامل فى الشام والخليفة الإمام المنتصر أبى جعفر المنصور وهو أبن الأمام الظاهر أبى نصر محمد المتوفى ودعى المسلمون له وضربت (سكت) العملة بإسمه  .

صلح الملك الكامل مع أخيه

وحدث أتفاق بين الملك المعظم ملك دمشق مع الملك الأشرف ملك دمشق مع الملك الكامل وزال الشقاق بينهما وعاد الملك الكامل بالجيش إلى مصر من العباسة إلى القاهرة .

سفر الملك المسعود ملك اليمن آخذاً معه الصناع المصريين لليمن

أراد الملك المسعود ملك اليمن الذهاب إلى بلاده فجهز الملك الكامل أكبر قماشة ( مركب) فى البحر ليسافر عن طريق البحر حسب رغبته ولكنه غير رأيه فأخرج خيمته وصمم السفر عن طريق البر , وقال أبن المقفع : " وأخذ معه صناع من يسافر معه إلى بلاده فى اليمن " وجهز من معه للسفر البعض الإبحار عن طريق البحر والآخر معه عن طريق البر , وفى نفس السنة أرسل الملك المسعود من اليمن رجلاً من أهل الهند له شكل آدمى ويغطى وجهه وجسمه شعر وصوف كثيف يشبه صوف الدب حتى لحيته لا يمكن تميزها من شعر وجهه وكان معه ترجمان يكلمه بالهندى وسألوه هل يوجد فى الهند آخرين مثله فذكر ان أهل بيته (عائلته) كلهم هكذا الرجال والنساء , وأكرمه الملك الكامل وأسكنه فى بيت وأعطاه مرتب ..

الملك الكامل والبركة

وتردد الملك الكامل كل ليلة ليشاهد البركة ( هل هى بركة الحبش؟ ) المشهورة بمناظر البركة والمعروفة بأسم مناظر سيف الدين !! وأمر السكان المحبطبن بها أن ينيروها بإيقاد النيران فى الليل وكان يطلق الصواريخ النارية فتنعكس على صفحة المياة , وكان يسير فى دروبها ويهب الناس دنانير والدراهم والطعام والشراب والفاكهة وغيرها , وتقرب إلى الناس وعاداتهم , وكان الناس يتفنون فيها فيما يعملون من وقيد النيران وغيره مما جلب السعادة واللهو وكان الملك الكامل يتردد بين الجزيرة والبركة ويقول أبن المقفع عنها ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 160 : " وكانت ليالى البركة عجيبة مبدعة إلى الغاية " .

الملك الكامل وقضية ظلم فيها قبطى

كان أحد الكتاب وأسمه الأسعد بن الكردوش كان يخدم كاتباً ببيت المال وكان فى العادة ينقل متاع من ثغر الإسكندرية وأمسى عليهم المساء عن أن يفتحوه فتركوه فى الصناديق فى الخارج وناموا وفى الصباح قارنوا ما هو موجود فى الرسالة المصاحبة على المتاع والأشياء الموجودة بالصناديق فلم يجدوا فيه شيئاً أسمه سوسية (نوع من أنواع القماش ) , فقالوا : " من كان فى بيت المال أمس عند وضع القماش فى الصناديق " فذكر البعض أنه الأسعد ين الكردوش .. فكتب بن رمضان صاحب الديوان إلى الملك بما حدث فأمر الملك الكامل بإعتقالهم وإعتقال كل عائلاتهم وأمسك ولد السعد بن الكردوش وعوقب وعذب فأقر أنه ابيه الذى فعل هذا وأنه أخذها .

وظهرت السوسية بعد ذلك عند شخص يعمل فى بيت المال وذكر أن أمرأة ألقتها عليهم لسبب ومعها رقعة (رسالة) وتركتهم وهربت وأنهم أطلعوا على الرسالة ووجدوا أنها من بيت الأسعد بن الكردوش وأن الرسالة من عندهم وقرأوها وفيها : " أستروا ما ستر الله وأرحموا ترحموا وكلام آخر مثل هذا الكلام " يلاحظ أن هذه الكلمات إسلامية وسلم السوسية القماش إلى الملك  ولما كان ابن الأسعد اقر فأمر الملك أن تقطع يده اليمنى فشفع فيه كل الأمراء بأن يعفوا عنه الملك فقطعت يده يوم الأحد ومات فى يوم الأحد التالى وكان صابراً شاكراً للرب ولم يقر بشئ على نفسه وأذل الملك الكامل الأقباط وخاصة الكتبه الذين يعملون عنده .

إستعراض الملك الكامل الجيش

وفى يوم الثلاثاء 14 من شوال سنة 624 هـ أمر الملك الكامل أمراء الجيش والجند بأن يخرجوا إلى ظاهر القاهرة ويلبسوا ملابسهم العسكرية حتى يخرج للعرض على خيولهم من الجبل وخرج معهم العرب والأصحاب والرحالة وأجتمع الناس من كل مكان ليروا هذا العرض وتزين الجنود فى ميمنة وميسرة الجيش وأستمروا يسيرون من باب القاهرة إلى بركة الحبش وعبر الملك عليهم راكباً ومر يطلب نمرهم وأعدادهم ويتركهم وينتقل بينهم  من واحد إلى آخر وأمرهم ان يعودوا من الجبل وينام كل أمير وجنوده فى منطقته بغير خيام وفى الصباح يعبرون عليه ولم يعطى الأمراء إلا خبمة واحدة له وباتوا وفى الصباح عبروا على خيمة الملك الكامل التى كانت موجودة على التل القريب من باب النصر وكان بداير الخيمة شبابيك من خشب وقد سمرت سقفها وهو جالس داخل الشبابيك مع خواصه والمعممين رؤساء الدولة , ومر الأمراء يعبرون أمامه بالترتيب الذى وضعه وكان أةل من عبر أمامه هو الأمير أبن الملك الصالح لأنه رئيس الميمنة وظلوا يمرون أمامه من صباح يوم الأربعاء 15 شوال من صلاة الصبح حتى أذان العشاء ولم ينقطع مرور الجند وألمراء لحظة واحدة وفى ألأواخر الجنايب والهجن والعدد والزرد والنشاهير والأكواس والبوقات وأمرهم أن يكونوا جاهزين أيضاً لظهور الملك العادل ولده الأصغر يوم الأحد فلبسوا ولكن ليس كاليومين الماضيين وخرجوا أمام جامع ابن طولون تحت القلعة وصنعوا سماط (نوع من الخبز الجاف ما زال يصنع فى مصر حتى اليوم) ولعبوا بالأسلحة ونزل الملك الكامل من القلعة راكباً , وامر بالسماط ان يوزع فتخاطفه الناس وطلع إلى القلعة وظهر ولده وختن وختن معه خلقاً كبيراً من اولاد الناس الفقراء وذلك ليكسب الملك ثوابهم

موت الملك المعظم ملك دمشق - الملك الكامل فى زيارة لأديرة وادى النطرون

وذهب الملك الكامل إلى مدينة الأسكندرية لتدبير أمور المدينة والميناء فقد وردت الأخبار أن العدو من الفرنجة فى نشاط  ويتحرك بمراكبه فى البحر .

 كما وردت الأخبار فى ذى الحجة سنة 624 هـ بوفاة الملك المعظم ملك دمشق وملك ولده واطلق عليه الملك الناصر مكان أبيه وأقام العزاء بمدينة ألإسكندرية .

وعند عودة الملك الكامل من مدينة الإسكندرية فى أواخر كيهك جعل فى طريق عودته برية وادى النطرون ليزور الأديرة هناك فذهب إلى دير ابى مقار بوادى هبيب ونزل بها فى ضيافة الرهبان وكل من معه وأكثر الرهبان لهم الخير مما يوجد لديهم وأنعم عليهم الملك الكامل بعطايا هى 500 أردب غلة (قمح) , 300 أردب (شعيراً) ومائة اردب فولاً ومائة جلباناً , وأكرم الملك الرهبان وقربهم منه ورفع الحجاب وتكلم معهم وكتب لهم منشوراً بأن :-

كل من ترهب لا يدفع جزية

وإن مات راهب كان ميراثة للرهبان لا للمواريث الجسدية وليس للديوان السلطانى الحق فى الإعتراض

وتحدث الرهبان معه فى امر البطريرك فقالوا له : " يا مولانا نحن بغير بطريرك وقد تلفت أحوالنا وكان بهذا الدير نيف (أكثر) من ثمانين قساً واليوم لا يوجد فيه إلا أربعة لأنه لا يوجد من تقدم للرهبنة بدلاً منهم , فقال لهم : " إختاروا ما شئتم وأنا أقدمه لكم " فقالوا : " يا مولانا نحن ليس معنا مال والبطريرك مطلوب منه مال " فقال لهم أتفقوا على من أردتم ولن يطلب أحداً منكم شيئاً " ولكن رهبان دير ابى مقار لم يختاروا أحداً , وتركهم الملك الكامل وشكرهم كثيراً وشكروهم أيضاً كل الجنود الذين معه .

وصول رسول الأمبرور وتبادل الهدايا مع الفرنجة

ووصل رسول الملك الكامل الذى ذهب مع رسول الأمبراطور السنة الماضية ووصل معه رسول آخر من الأمبراطور وأحضر فى صحبته هدايا خيل وقماش ومصاغ وجوارح (صقور) ونزل فى ضيافة الملك وذهب عائداً إلى بلاده

وتحرك الملك الكامل بجيشه فى بوم 29 أبيب ونصب الخيام على تل العجول بين الداروم وغزة وترك أبنه الملك الصالح يحكم مصر فى غيابه نائباً عنه وأنتقل الملك من مكان إلى آخر إلى أن وصل إلى نابلس وأقام بها وكان مقدمة جبشه قد جاوزت قصر بن معين الدين وترك القدس والساحل وكانت المساحة التى يغطيها جيشة من الداروم إلى القصر وفى اثناء هذا وصل الإمبراطور من المغرب إلى قبرص ومن قبرص إلى عكا وجاءت رسله إلى الملك بهدايا نفيسة وبأحمال كبيرة وكانوا اثنين من عظماؤهما أحدهما ملك صيدا وألاخر للكندتماس نائب ملك عكا وأستقبلهم الملك أستقبالاً حافلاً , وأرسل الملك الكامل هدايا إليهم من الحجورة والبغال والهجن والنجابى والأقمشة وغيرها من التحف التى يتبادلها الملوك فى العادة , ورحل الملك من نابلس وعاد إلى مجدليا ونزل بها وأنتقل ليسكن فى المنازل التى تقرب من عسقلان وهناك وصل أخوه الملك الأشرف ملك الشرق وكان ذلك يوم عيد الأضحى سنة 625 هـ وكانت رسل الأمبراطور لا تنقطع بالهدايا وأمر الملك بإحضار الفيل الذى ظل حيا من مصر الذى كان الملك المسعود ملك اليمن والحجاز قد أحضرثلاثة فيله مات أثنان منهما , وأهدى هذا الفيل إلى الأمبراطور, ورحل الأمبراطور من عكا وذهب إلى يافا يعمرها وبعد أن عمر قيسارية .

الأسعار فى مصر كانت رخيصة وحدث غلاء فى الشام فباع عسكر مصر خيولهم وأسلحتهم .

ورجع الملك إلى تل العجول وأقام بها ومعه الملك ألشرف ورجع الملك الناصر أبن الملك المعظم ملك دمشق إلى دمشق ولم بكن بيد الملك الكامل من الشام سوى غزة والداروم ووصل الملك المجاهد ملك حمص وأقام عنده مده ورسل ألمبراطور تتردد على يافا ورسل السلطان تتردد عليه , ثم رحل الملك الأشرف ومعه ملك حمص وكان الوافدون من عسكر دمشق كثيرين يريدون خدمة الملك الكامل وكان يرحب بهم ويعطيهم عطايا ويهديهم هدايا وكانوا كثيرين وأخرهم أمبر أسمه عز الدين أيدمر أعطاه الملك من الهدايا والنعم مالا يوصف ومن جملة ما أعطاه أعطاه بيت الوزير شكر فى القاهرة ليسكن فيه وأحسن إليه كثيراً .

الإمبراطور يتسلم القدس  

وكان نتيجة لحالة السلام بين الملك الكامل وأمبراطور الفرنجة أنه تصالحوا على أن يعطى المسلمين الفرنجة القدس والبلاد التى تتبعها وهى التى على طريق عكا وبيت لحم , وتسلم الأمبراطور مدينة القدس وبيت لحم ولد والرملة وما إلى ذلك من القدس إلى عكا ويافا وكان ذلك فى أوائل صوم القيامة وكان يوماً عظيماً وتسلموا أيضاً الصخرة , ومكث إمبراطور الفرنجة يومين بالقدس وخرج منه إلى عكا ويقى بها إلى أن إنتهى عيد القيامة المجيد وأقام حكام فى البلاد التى أخذها وسافر إلى بلاده عن طريق البحر ( راجع تاريخ البطاركة لأبن المقفع ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص163 ).

 أسرع الملك (الكامل) سلطان مصر وتنازل له عن بيت المقدس وجزء من أرض فلسطين يمتد من الساحل إلى البلد المقدّس، ووقّع معاهدة بذلك في 18 شباط 1229 م، كتاب: (صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين) للسيد حسـن الأمين ص 130 - 131

وفي سنة 1244 م وهب أيوبي آخر هو الصالح إسماعيل ملك دمشق، فجعل للصليبيين الملكية الكاملة لبيت المقدس، وسلم لهم قبة الصخرة
 

قتال للأستيلاء على دمشق

وكان الملك الأشرف قد أخذ جزء من جيش وذهب إلى دمشق وحاصرها وذهب وراءه الملك الكامل بجيشه وأجتمعت جيوش الشام وضيقوا عليها الحصار لأستيلاء أبن أخى الملك الكامل عليها وأستمر حصار دمشق وقتالها والرسل تذهب من الطرف للآخر إلأى أن أتفقوا أن يسلم دمشق ويكتفى بالكرك ونابلس والغور والبلقا وبقية بلاد القدس فأستلمها الملك الكامل فى 8 من شعبان سنة 626 هـ وكان شروط الإتفاق أن يسلم إلي الملك ألأشرف الرها وحران وسروج والوزر وما حولها وتوجه الأمراء لأستلامها على أن يتم تسليم دمشق إلى الملك الكامل بعد تسلمها وأمر الملك الكامل بأن يتوجه جيشه إلى حماه وحصارها وتسليم حماة إلى الملك المظفر بن الملك المنصور بن تقى الدين لأنه كان يوجد عهد بينه وبين أخيه وأن حماه لأخيه , وقد كان أيام وجود الفرنجة فى دمياط فى مصر أن أستولى على حماه أبن أخ آخر للملك الناصر فأراد الملك الكامل أن يعطى لكل ذى حق حقه فحاصروها وضيقوا عليها ولكن كان الملك الناصر قد حصنها وخزن فيها الحبوب والقمح ما يكفى لسنين عديده من الحصار ولكن أستمر القتال حولها

رجوع الملك مسعود ملك اليمن إلى مصر بكل كنوز اليمن

وردت الأخبار بوفاة الملك المسعود ملك اليمن والحجاز فى  وكان الملك المسعود قد ترك اليمن فيما يبدوا ليقيم فى مصر بصورة مستديمة وأرسل كل ما إستولى عليه من كنوز وأموال  وتحف وجميع ما أقتناه من هدايا وأشياء لا يمكن وصفها أو حصرها خلال مدة حكمه فيها وأرسل هذه الكنوز إلى مصر عن طريق البر والبحر ووصلت أمواله وخزائنة إلى القاهرة وكان شيئاً لم تره عين من قبل ووصل مع كنوزه نساؤه وأولاده وخدمه ولكنه لم يصل ليستمتع بها

الإستيلاء على حماة وحصار بعلبك

وفى أول توت سنة 946 ش أستولى الملك الكامل على حماة سلماً لأن ملكها طلب أن يكون تحت أمر ملك مصر ولكن كان كبار القلعة من قواد العسكر وغيرهم لم يرضوا بهذا الإتفاق فأرسلوا إلى الملك المظفر وسلموا له القلعة فى أول شوال من هذه السنة وعاد الجيش المصرى وقائدة الأمير فخر الدين لحصار بعلبك لأن ملكها كا شيخاً طاعناً فى السن ومنع جيش الملك الشرف أى أنسان يذهب إلى القلعة كما منع دخول الغذاء إليها , وتوجه الجيش الذى تحت أمره الملك الكامل إلى حاران , فقد اخذ الملك الكامل مناطق حران والرها وسروج والرقة وراس عين وظل مقيما بهذه البلاد يديرها ويدبر أحوالها ويقيم عليها حكام .

الفرس يستولون على خلاط

وحدث أن خوارزم شاة ملك الفرس ذهب إلى خلاط وحاصرها وقطع عنها الإمداد وحاصرها وكانت جيشة لا يعد ولا يحصى من الجنود وظل يحاصرها فترة الشتاء وبعد إنتهائة هجم عليها وأستولى عليها بالسيف وقنل الكثير من سكانها ثم رفع السيف عنهم

الملك الكامل يغضب من نشو الخلافة ويرمية فى الجب

 ولما سمع الملك الكامل بإستيلاء الفرس على خلاط عاد إلى القاهرة فى شهر بؤونة سنة 946 ش وكان يوافق شهر رجب ووصل إليها سوم 18 - وكان قد ولى أبنه مكانه ليحكم ويدير مصر فظلم الرعيه وكان شرساً على العامة فقد سخرهم ( أجبرهم على السخرة أى العمل بدون أجر) لإقامة بستان وصنعوا مناظر فيه , ولما علم الملك الكامل بما حدث أزال البستان وهدم ما فيه , وأعتقل كل من كان حول أبنه من الذين أشاروا عليه بهذا الفعل فأعتقلهم , وضرب آخرين وصادر أموال مجموعه منهم , ونفى المجموعة الرابعة .

وألقى الشيخ نشو الخلافة فى الجب مرة ثانية - فقد امره أن يذهب إلى الإسكندرية ليدبرها ويخبره عن أحوالها فأعتذر نشو الخلافة وطلب إعفائه (لأنه لم يرضى أن أذيه للناس ) فحنق عليه وغضب منه فأمر برميه فى الجب

هزيمة الخوارزمى

فى يوم 16 من شوال الموافق من الرابع من النسئ وصل رسول ببشارة بانه تمت هزيمة الخوارزمى وخلع على الرسول الذى وصل من دمشق بخلع سنية وأعطى فرساً وشرفسار (قلادة) من ذهب كما أعطى ألف دينار فى كيس وركب هذا الفرس وطاف القاهرة ومصر ليعلن الخبر فى البلاد .

الملك الكامل يأمر بحفر الترع وإقامة الجسور

 يعتبر الملك الكامل من القلة النادرة من حكام المسلمين الذى أهتم بالبنية الساسية للأقتصاد الأول فى مصر فقد أمر فى سنة 947 ش بحفر خليج القاهرة ووزع التكاليف على أصحاب المساكن والمزارع والبساتين التى تطل عليه وتستفيد منه ويقول أبن المقفع راجع تاريخ البطاركة لأبن المقفع ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 167: " ووقع على الناس غرامة مالية كبيرة وكانت الدار تغرم ثلاثين دينار وما دونها على قدر حجم الدار وعرضها , وأمر فى أواخر أمشير بأن يحفر بحر مصر من أتجاه بيت الملك حتى فم الخليج ووضع تكاليف الحفر على البيوت بمصر والجزيرة التى على الضفتبن وأمر بأن تجمع التكاليف بطريقة غريبة فأحضروا قصبة ( وهو مقياس من نبات البوص له طول معين ) والقصبة 7 أذرع فى عرض أربع قصبات أو خمس قصبات على حسب بعد المكان أو قربه من الشاطئ فكان مالك المكان يعمل 15 عشر ذراعاً يدفع عشرة دنانير على كل قصبة .

رجل مسيحى اسلم من اهل الشام ينقذ قس أمر الملك الكامل ببيعه فى سوق العبيد

وحدث أن رجلاً قساً راهباً أسمه أبى سعيد بن العفيف وكانت زوجة أخبه قد أشترت جارية رومية من رجل أفرنجى ثم باعتها إلى رجل من التجار المترددين من بلاد الفرنجة وبلغ ما فعلته هذه المرأة الملك الكامل فغضب وأستنكر ما فعلته وأمر أن يباع القس وأمرأة اخيه واختها ( من الواضح أن أخي الراهب توفى), ووقفوا فى سوق العبيد ونودى عليهم فى سوق الرقيق ويقول أبن المقفع راجع تاريخ البطاركة لأبن المقفع ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 168- 169 : " وكانت شدة لم يسمع بمثلها " وأشتراهم رجل مبارك من أهل الشام من المارونية وأعتنق الإسلام بمبلغ 60 دينار وجمع الناس هذا المبلغ وخاصوهم وكان هذا الرجل محسناً إليهم للغاية , وذهب القس إلى دير العربة وأقام به والمرأتان أحدهما كانت راهبة وكان كلاهما قديسين .

الملك الكامل يذهب بجيش مصر ليدافع عن بغداد

وحدث أن عدواً كان قد هاجم بلاد الفرس والعراق بجيش لا يحصى فى العدد أسمه كتفر الترك وهزم خوارزم شاه وأستولى على بلاد كثيرة وخربها ووصل إلى أطراف بغداد فأرسل الخليفة الإمام المنتصر ابو جعفر المنصور من بغداد إلى الملك الكامل رسولين على مستوى عالى أحدهما معمم والآخر مشريش ( كانت المراكز طبقاً للباس الرأس من الواضح أن المعمم فى رتبة أعلى من الذى معه ) وهم من أخص مماليك الخليفة ولم يصل مصر رسول مثلهما من قبل وأحضرا معهما خلع الشريفة على الملك الكامل وأخوته وأقاربة كما أن الملك الكامل أهتم بهما وأعطاهما مكان للأقامة فيه كما صرح لهما برواتب - هلالية ذهب الملك الكامل بجيشة إلى دمشق ومن دمشق إلى الشرق , ووصل الشام فى  يوم عيد الفصح سنة 949 ش الموافق جمادى ألاخرة سنة 629 هـ وقصد الشرق فهرب العدو من أمامه وحاصر أمد وأستولى عليها .

وردت الأخبار بأن الملك الكامل بعد استولى على أمد أستولى على جميع حصونها وكان عددها 72 حصناً ولم يبق سوى حصن واحد أسمه حصن كيفا ظل يقاوم , ولكنهم سلموا له الحصن فى النهاية , وقام الملك الكامل بتعيين نواب عنه ليحكموا هذه البلاد التى أستولى عليها فى الشرق وأمد وما حولها وحران وسروج وغيرها .

وصل الملك الكامل إلى القاهرة  فى جمادى الآخرة سنة 630 هـ ووصل بعده الملك مسعود الذى كان ملك أمد ومعه أهله وخصيانه ومماليكه وماله وحرمه فأحسن إليه الملك الكامل وأعطاه أموال وكساوى وأوانى لم يعطها لأحد من قبله وأعطى له بلاداً تأتى بغلال كثيرة أى تغل 40 ألف دينار فى السنة ومائتى فارس لحمايته , وأسكنه فى قسم من دار الوزارة يطلق عليه باب السر .

محاولة إختيار بطريرك

ذهب جماعة من الأراخنة من مدينة مصر وإجتمعوا مع رهبان دير أبو مقار فى وقت الصيام وأتفقوا على إختيار الشيخ يوحنا بن المؤتمن بن أبو بدر شماس كنيسة المعلقة , وكان متدين وناسك عارف بالكتب وله اعمال جميلة وكتبوا محاضر ووقعوا وقدموها إلى الملك الكامل وجاء الأمر من الأمير صلاح بأنه : " إذا إتفقوا عليه تقدم لهم كبطريرك " ثم تجادل الأراخنة وإختلفوا فيما بينهم ولم يستقروا على رأى واحد وفشلت القضية التى يريدون نجاحها وخرج رهبان ابى مقار ليرجعوا إلى ديرهم وظلت الكنيسة بلا رئاسة .

إلا أن هذه اليام كانت أيام بركة وكان الأقباط يملأون الكنائس بإنتظام فى النهار وكان الفقهاء والنصارى يكرمون بعضهم بعضاً ويؤكد أبن المقفع راجع تاريخ البطاركة لأبن المقفع ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 171 هذه المعاملة فقال : "  وكان النصارى مكرمون ومعززون يركبون الخيل والبغال , لا يطالبهم أحد بغيار (لبس خاص يهين كرامة رجال القبط ونساؤهم) وراعى الملك الكامل الرهبان وأنعم عليهم وأحسن إليهم وأرثهم لبعضهم البعض لا يدخل بينهم حاشراً نفسه بينهم وكان المسيحيين واليهود تقبل أقوال كبراؤهم وأنسابهم ومن ذكروا أنه أهل لم يعارض أحداً "

الملك الكامل يذهب إلى الشرق بجيش

بدأ الملك الكامل فى تجهيز الجيش فى سنة 630 هـ للذهاب إلى الشرق وأنفق على العساكر والجنود أموال طائلة ودفع الناس تكاليف الحملة حتى ان الدراهم التى كانت تدفع كانت تحمل فى أقفاص على ظهر الحمالين إلى مساكن الأمراء لأن كل أمير معه مائة فارس وكان يعطى كل فارس 20 دينار اى ان كل امير يدفع لفرسانه 2000 دينار وكان هناك من يأخذ أكثر تبعاً لمكانته والذين لم يأخذوا أجورهم للحرب القادمة هم المجردون بالحجاز وولاه العمال , وخرج الملك الكامل بجيش من القاهرة فى 21 - 22 من بشنس من هذه السنة وخرج قبله الملك الأشرف أخوه بأيام , وأمر بأن يكون أبنه الأصغر العادل نائباً عنه فى حكم مصر .

أمير مسلم يطلب مالاً ليكون واسطة لأقامة بطريرك

وكانت مجموعة من الأقباط تتكلم عن إقامة بطريرك وسمع منهم أميراً أسمه الصلاح الأريلى فطلب منهم 5 ألاف دينار ووعدهم أن يعطيهم من 5 ألاف شيئاً فلم يقدروا ان يدفعوا شيئاً ولم يتحركوا فى هذا الأمر بل قالوا أن الملك الكامل أوصى أبنه الملك العادل بأنهم إذا أوردوا المبلغ يقدم لهم ما يختارونه , وبقى رأى بعض الناس أن يجمعوا المبلغ ورأى الآخرون هو : ما هو مصلحة الأمير ؟ ولم يتحرك احداً لأن نية الأقباط خالصة ولم يتفقوا فيما بينهم إلا فى الظاهر وسرعان ما ينقلبوا !

الملك الكامل بهاجم أراضى الروم

وذهب الملك الكامل إلى بلاد الروم ودقت بشائر فى القلعة بأنتصاره وقد أستولى على حصن أسمه حصن منصور ثم عبر على قرية قى طريقة أسمها رعبان ومنها إلى بلده تسمى الدريندات ويسميها العرب الدروب , وفى النهاية وصل إلى الدريند الثالث بالجيش وكان عدد الجند 27 الف جندى عدا الغلمان الذين يساعدون فى الحمل والعربان وصرف الجنود مبالغ كبيرة لأنه كان موسم غلاء لأنه فى بلاد الروم لم يساعدوهم ولم يخرجوا شئ لأمداد الجيش من قراهم وبعدوا عن مصدر إمدادهم بالغذاء فى الشام ولما وجد أن الأمر صعب وأن جيش الروم امامه رجع من هناك وعدى على جسر الخشب , وذهب إلى الشرق وكان ملك خرت برت معه وهو الذى أرشده طريق سهل من بلادة إلى بلاد الروم فقصد الملك الكامل أن يعبر من هذا الطريق إلى بلاد الروم .

وفى سنة 951 ش وسمع ملك الروم المسلم ملك قونية وأقصريا أن الملك الكامل يقصد مساعدة خرت برت فذهب بالرم والطم ( يعتقد أنها أسلحة) ولما كان الملك الكامل بعيد عن أرض المعركة فأرسل قوة صغيرة لحمايتها ومساعدتها فأرسل أبن أخته الملك المظفر بن تقى الدين ملك حماة نجدة لملك خرت برت ومعه قيادة من كبار الأمراء مثل الباناياسى وآخر أسمه صواب الخادم فكانوا هناك قبل وصول الملك الرومى ووقفوا بينه وبين القلعة وجعلوا القلعة فى ظهرهم ووصل الرومى وجيشة فقاتلوه ولكنهم إنهزموا امامه فقد كانوا 3 ألاف فارس لأن كثر عدد المقاتلين أمامهم وهرب ملك حماة والأمراء من امامه وإحتموا بالقلعة أما الجند والمشاة والغلمان والجمع الذين معهم فمنهم من أسر ومنه من هرب ومنهم من قتل ومنهم من دخل القلعة مع الأمراء وكان معهم ملك خرت برت وكان أعطاهم فكرة أنه بالقلعة كل ما يحتاجوه فلم يجدوا بها شيئاً وقال بعضهم انها مكيدة ولكنهم تجلدوا وصبروا على ضنك وجوع أياماً وصل عددها 20 يوماً .

ولما اصبحوا أنهم على وشك الهلاك أرسلوا امير من بينهم أسمه بهاء الدين بن ملكيشوا الذى كان يعمل والياً القاهرة إلى ملك الروم الذى يحاصر القلعة يطلب ألمان على انفسهم وأن يسلموا القلعة , فأعظاهم المان على نفوسهم وخرجوا وهم بأسوأ حال ولم يعطهم شيئاً إلا الملك المظفر وصواب الخادم فقد اكرمهم وأعطى كل منهم فرساً ليذهب إلى معسكر السلطان وكان فى طريقهم الدير المعروف بدير بارصوما فخرج إليهم الرهبان وقسيسان وإستضافوهم وأطعموهم وزودوهم بالخيرات وحملوهم على بغال الدير إلى أن أوصلوهم إلى العسكر  , وأصبح جيش المسلمين يتكلم عن المعروف والإحسان الذى صنعه رهبان الدير للمسلمين .

وعاد الملك الكامل إلى مصر وذهب إلى إلى القلعة فى يوم الأثنين 8 من جمادى الأول سنة 632 هـ الموافق 4 من امشير سنة 951 ش وكان أول صيام أهل نينوى , وقد حدث أن كثير من الجنود والفرسان الذين رجعوا من الحرب بإصابات فى أجسادهم وأصبحوا معوقين فقد وقعت أصابع الكثير من الثلج ومات الكثير من صعوبة الطريق ومنهم الإكرام بن ونبور الذى تجمدت أطراف يديه ورجله ومات فى حران ليلة عيد الميلاد وكثير مثله .

الثياب الصوف وجزية الرهبان

وحدث أن صبيان القبط المسيحيين لبسوا ثياب من الصوف ويتزينون بزى الرهبان وهم يعيشون فى المدن ليهربوا من دفع الجزية , فوصل امرهم إلى الملك الكامل , فأمر بأنه : " أى راهب لا يكون فى داخل الدير أو فى البرية معروفاً ومشهود له من الجميع تؤخذ جزيته ما دام خارج الدير " ويقول ابن المقفع  راجع تاريخ البطاركة لأبن المقفع ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 175 لم يحتاج النواب والمستخدمون من جامعى الجزية أكثر من هذه الكلمة ومدوا ايديهم إلى الرهبان وأعتقلوا الصالح والطالح وأخذوا المشايخ الذين لهم خمسون سنة فى البرية مع أن الجزية لا تفرض على المشايخ وأخذوا منهم الجزية وحصلوا جزية كبيرة وصلت غلى ألف دينار خاصة فى منطقة الغربية لأنه كان فيها ناظر من اهر الإسكندرية أسمه أبن القرمسينى كان هذا الرجل مبغضاً للنصارى فنكد على الرهبان لأن اكثرهم كان فى منطقة الغربية وهى بلاد جرايتهم وأديرتهم فنالهم اذى عظيم منه وكان هذه الأعمال أدباً من الرب لأنهم لم يكونوا مستقيمين فى طريق الرهبنة , أما الصغار الذين لبسوا ملابس الرهبان فإنهم قلعوا ثياب الرهبان لأنهم لم تغنيهم عن دفع الجزية"

وأجتمع رهبان الأديرة وأحضروا هدية إلى الملك الكامل على قدر حالهم مما يليق برهبان تركوا العالم وعاشوا فى فقر فكتب لهم أمراً بأخذ 150 أردب غله (قمح) لمساعدتهم , وعندما سمع رهبان دير القصير الملكية فحملوا هدية فأمر بإعطائهم 100 أردب قمح ووقف الرهبان ملاومين باب الملك الكامل مدة فخرج أمر من الملك بأن : " يرجعوا إلى عادتهم القديمة بشرط ألا يخفون عندهم أحداً إلا بعد معرفة الديوان وممن يسنحقون الرهبنة ويدخل فيها لطلب الله تعالى ليس لأجل الجزية أو لشدة لحقته " فأخذوا الأمر المذكور وذهبوا غلى الغربية ولكن لم يفدهم شيئاً وأستمر أبن القرمسينى على ما هو عليه وظل الرهبان فى شدة وضيق وكانت هذه التجربة من الرب لأجل سوء تصرفهم السئ فى الرهبنة .

This site was last updated 05/18/08