Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الكرسى الشاغر

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
الكرسى الشاغر
البابا كيرلس الـ 75 ج1
البابا كيرلس الـ 75 ج2
البابا كيرلس الـ 75 ج3
المسلمون وكنيسة أبو سرجة
نياحة الأنبا كيرلس الـ 75
قبطى سكران يتلفظ بالإسلام

Hit Counter

 

عندما أختلف الأقباط على إختيار البابا ولجأوا إلى الملك     

 تركهم الرب 20 سنة بدون بطريرك

حدث خلاف بين الأقباط فى مصر على من يقسموه بطريركاً ممن يصلح ويكون كامل الأوصاف تنطبق عليه الصفات التى تليق أن يكون بطريركاً والشروط التى تنطبق عليه قانون البطريركية ومنها أن يكون بتولاً لا يعرف له سقطة ولا يشهد عليه بخلطة مشهود له بالعفة والديانة وكثرة الأمانة والعلم والإتضاع ويعلم الإنجيل سواء أكان العهد القديم او العتيق وكان ذلك فى حكم الملك العادل

قديس فى صومعة الحبيس

وخرج الملك الكامل للصيد والترويح عن نفسه فذهب إلى الغربية وقاصداً مدينة الإسكندرية فعدى بحر يسمى بحر أبيار فرأى صومعة الحبيس الذى كانت فى هذه المنطقة فوقف تحت منها وصاح لينادية , فكلمة من فوقها ودعا له , فشكا الملك الكامل عن أوجاع فى فؤاده , فصلى له على زيت مقدس وأعطاه له وقال له : " إذا دهنت موضع الوجع والرب هو الوحيد الشافى " فدهن به موضع وجعه فى جسمه فبرئ فى ساعته وأستراح من وجعة فوهبه شئ من يده وأحبه وصارت فى قلبه موده .

بداية الخلاف بين الأقباط على قسمة البطريرك

 ولما عاد الملك الكامل إلى القاهرة وجد رجلاً من القبط أسمه ابو الفتوح وكان الملك الكامل أطلق عليه نشو الخلافة وكان يعرف بأسم أبن المقياظ وقد أستخدمه الملك فى ديوان الجيوش وكان ابو الفتوح يتصدق بكل ما يملك ولا يدخر شيئاً ويعمل الخير لكل من يطرق بابه من المسلمين والنصارى ولم يكن متزوج قط وهو كامل بكل أعمال حسنة فآوى عنده رجل قس أسمه داود ويطلق عليه الناس أبن لقلق من أهل الفيوم وكان خيراً عالماً قد قرأ وتعلم ووعى العهد القديم والعهد الجديد وجادل المسلمين وتفوق عليهم وصار معلم لـ نشو الخلافة أبو الفتوح وكان يعترف عنده , وكان أبو الفتوح يعرف الأنبا يؤنس قبل أن يتنيح , ولكن الأنبا يؤنس البابا السابق رقم 74 يكره داوود لأنه مقيم عند ابو الفتوح وقد كرههما معاً ومات وهو غير راضى عنهما .

 القس داوود كان يريد أن يشترى أسقفية الحبشة

ولما مات مطران الحبشة فى حياة الأنبا يوحنا السادس وجاء رسول من ملك الحبشة يطلب رسامة اسقف لهم وعندما سمع الملك القس داود فحمل معه مبلغ من المال وقدره 200 دينار إلى الملك الكامل وطلب منه أن يتوسط له لدى البابا القبطى ليرسمه مطران للحبشة فأرسل الملك رسول يامر فيه البابا برسامة داود مطران للحبشة , فقال البطرك لرسول الملك : " قول لمولانا السلطان أن هذا لا يصلح لأن أيمانه فاسد بالرب لآنه يقول فى الرب ما يؤمن به الروم فإن ذهب كمطران إلى بلاد الحبشة , فسيفسدهم ويضمهم إلى الروم ويخرجوا عن طاعة الكنيسة القبطية الرثوذكسية فى مصر , وربما دفعهم لمحاربة المسلمين الذين هم جيرانهم فى البلاد ويسفك بين الطرفين دماء كثيرة ويكون فى عهد السلطان وأنا وشعبى بريئين  " فعاد الرسول إلى السلطان وأعلمه بما قاله البابا فلم يضغط عليه ورسم البطريرك مطران غيره

ترشيح القس داوود للبطريركية

ولما تنيح الأنبا يوحنا أراد نشو الخلافة أبو الفتوح أبن المقياظ أن يساعد القس داوود عند الملك الكامل والشعب الموافق عليه أن يقسمة بطريركاً فأجتمع مع الكتاب (الموظفين) الأقباط فى مكاتب الحكومة وتكلم معهم على قسمة داوود فوافقةقليل منهم وعانده الكثيرين ولم يقدر أن يقنعهم جميعاً بمرشحة داوود ولكنه لم يياس فأرسل رسائل غلى الساقفة فى أماكن كراسيهم بالوجه البحرى وإلى أسقف طمبدى بالوجة القبلى الذى كان خيراً وعالماً , فإجنمع منهم سبعة أساقفة وذهبوا إليه فإستضافهم وأكرمهم ووهبهم وطلب منهم أن يكتبوا موافقتهم بأن داود يصلح بطريركاً , وكان بينهم أسقفين فقراء أحدهم أسمه هدية اسقف دميرة والبرمون والآخر أسمه أصطفن أسقف البنوان ودفه لهما شئ من المال فكانا يقفان للسلطان فى خروجه ودخوله من القلعة ويطلبوا منه أن يقسم لهم داود بطركاً ويقولوا للسلطان : " قد وقع الأساقفة ومجموعة من الشعب على أنه يصلح بطريركاً "    

الملك الكامل يريد حبيس ابيار ليكون بطريركاً

وعندما سمعهم الملك الكامل قال : " أنا آمركم ان يكون حبيس ابيار بطركاً لكم وأنا أرضاه لكم " وكتب كتاب ( أمر) إلى شمس الدين والى الغربية أن يذهب إلى أبيار وينزل الحبيس من صومعته ويحضرة إلى القاهرة , فلما سمع نسو الخلافة أبو الفتوح ذلك أتفق مع الأمير فخر الدين عثمان وزير الملك الكامل أن يقولوا للسلطان عنه أنه يسألت مولانا الملك أن لا يزعجوه ولا ينزلوه من صومعته فأرسل رسل ليردوه بعد أن كان وصل إلى قليوب , وعندما رجع إلى ابيار فرح برجوعه أهل أبيار وطلعوا به إلى صومعته 

المحاولة الأولى للقس داود ليكون بطريركاً

خرج الملك العادل قاصداً الإسكندرية فإستأذنه ابو الفتوح فى قسمة داود بطريركاً فقال له الملك العادل : " إجعله بطريركاً وإلحقنى إلى الإسكندرية ولا تبطئ " فلما سمع القس داوود بذلك أعد عكازين أحدهما عليه صليب موشى بالذهب والآخر موشى بخيوط من فضة وفصل ثياب , وغفافير حرير , وتهيأ وأستعد لما يحتاجه فى قسمته , وأخذه ابو الفتوح مع الأساقفة وطلعبه على مصر لقسمتة بطريركاً فسمع بهذه الأخبار رجل مسيحى من أهل القاهرة اسمه الأسعد أبن صدفة ضامن دار التفاح يقول عنه أبن المقفع : وغار للرب غيرة فنحاس وأخذ معه مجموعة من الأقباط ووقف أمام القلعة للملك وعاند نشو الخلافة أبو الفتوح فى قسمة داوود " ولما خرج الملك الكامل قال له عن داوود : أنه يدفع مالاً حتى بقسم علينا بطريركاً ونحن لا نرضى وقد دفع للملك العادل مالاً كثيراً حتى يأمر البطريرك السابق أن يقسمه مطراناً على الحبشة وإذا كان لم يصلح أن يكون مطرانا فإنه لن يصلح لن يكون بطريركاً , فإنه يفسد لدين المسيحى ويجعل قبط مصر كلها روم ويخرجها من ايدى المسلمين "

 فارسل الملك الكامل عندما سمع هذا الكلام إلى والى مصر يقول له : " إن أنت مكنت أبو الفتوح وأصحابه أن يقيموا لهم بطريركاً بغير أمرى شنقتك " فلما سمع الوالى أنه فىالمعلقة ركب فى الحال ومعه جنوده وذهب إلى الكنيسة المعلقة وهاجمهم وفرق شمل أبو الفتوح وداوود فهربوا أما الأساقفة فذهب كل واحد إلى كرسيه

 

كان يحكم مصر فى ذلك الوقت الملك العادل وإذا غادرالعادل مصر إلى الشام ينيب عنه أبنه الملك الكامل وقد وصل الأقباط فى أيام حكمهم إلى مراكز كبيرة فكان طبيب الملك العادل والملك الكامل الخاص قبطىأسمه الحكيم ابى شاكر بن ابى سليمان , وكان أيضاً كاتب الملك العادل قبطى أطلق عليه نشو الخلافة أبو الفتوح .

وتحدث الأقباط فيما بينهم عمن يقسموه بطريركاً فقوم إختاروا بولس البوشى  وآخرون إختاروا القس داوود بن يوحنا الفيومى وآخرون إختاروا الشيخ ابا الكرم إرشيدياكون كنيسة المعلقة فى مصر , وكان القاضى الأعز الوزير له كاتب أسمه أبى الفضايل سنى الدولة تعصب له القاضى وأيده , وتشعبت وأنقسمت آراء الأقباط ولم يتمسك فيهم بمرشحة إلا الأقباط الذين أختاروا القس داوود بن يوحنا .

وعندما وصل الملك العادل من دمشق ومكث فى مصر وتصادف أنه يوم دفن الأنبا يوحنا البابا السابق وكان بوم جمعة, إجتمع مؤيدوا القس داود  وأتفقوا على أن يدوروا ليلاً على بيوت الأقباط ليحصلوا على توقيعاتهم  بالموافقة عليه وانه يصلح لهذه الرئاسة , وذهبوا من ضمن ذهبوا إليه إلى بيت قبطى اسمه شمس الرياسة بن صفى الملك بن المرصفاوى وحاولوا أخذ توقيعه فلم يرضى وأعتذر وقال لهم : " من انا حتى أقيم بطريركاً فلست مثل الحكيم ابى شاكر أو الشيخ ابى الفتوح " وكان مع هذه المجموعة حكماء فأقنعوهم ألا يذهبوا إلى غيره حتى لا يثيروا كلاما ضد القس داوود فيكثر أعدائهم وينقلبوا عليهم وعرف الأقباط فى مصر بما فعلته هذه الجماعة فإغتاظوا جداً .

أما القاضى الأعز الوزير أرسل إلى الكتبه من الأقباط وأحضرهم وتحدث معهم بأن يؤيدوا صاحبه السنى كاتبه المقدس أبا الفضايل وعرضوا الموضوع على الأقباط لم يوافقهم أحد عليه .

وفى صباح الأحد أجتمعت مجموعة القس داود وذهبوا إلى كاتب يعرف بالمعتمد بن حشيش وأخذوا منه رسالة إلى الشيخ الوجيه بن الجندى كاتب السلطان الملك الكامل , وكان مضمون الرسالة : أن الحضرة تعلم ما يلزم من حق الشيخ الأجل الرئيس المالك السيد نشو الخلافة وما يريده القس داود وقد أمكنت الفرصة والحضور بعلم مكانة الشيخ المذكور من السلطان عز الله نصرة والحضرة قريبة العهد به وما يؤمن ما يجرى على من يتحدث لغيره ..

ورسالة اخرى وصلت من الفارس أخى طبيب الملك الكامل الحكيم ابى شاكر يقول فيها : أن القاضى الأعز قد تحيز لكاتبه السنى ابى الفضائل وربما تم له الأمر وذكر فى الرسالة أن أبن الحكيم أبا العلا مريض " وسبب ذكر هذا السبب حتى يقلقة .

وأجتموا عند القس داود وأكلوا وشربوا وأخذ هذه الرسائل الصائغ صديق القس داود فى صباح الأثنين إلى الملك قاصداً خيمة الملك وكان خارج مدينة القاهرة , كما أختار المصريين مجموعة منهم ليتكلموا عن مرشحهم الشيخ أبى الكرم المشهور بأسم إبن زينور إرشيدياكن الكنيسة المعلقة , ووصلت هذه الرسائل  والمتكلمين إلى الملك وكان الطبيب : الحكيم أبى شاكر عنده عندما بلغه وفاة البطريرك فقال له : " يا حكيم كيف تختارون فى البطرك الذى تقيمونه " قال يا مولاى نختار ثلاثة رجال ونكتب أسمائهم فى أوراق ونكتب فى ورقة رابعة أسم السيد المسيح ويترك الجميع على المذبح ونصلى ثلاثة أيام بطلبات كثيرة وإبتهالات شديدة وعند أنقضاء الثلاثة ايام نحضر طفلاً لم يبلغ بعد ونتركه يأخذ واحدة من الأوراق فى حضور جميع الشعب فإن وجدنا فيها أسماً من ألأسماء المختارة الثلاثة قسمناه بطرك علينا وإن أخذ ورقة السيد المسيح علمنا ان الرب لم يرضى عن أحد من أولئك الذين إخترناهم فنرفضهم ونرجع نختار ثلاثة آخرين ولا نزال كذلك حتى يخرج أسم من الأسماء فنقسمة , فتعجب الملك وأعجب بما سمع وقال : " أفعلوا كما إعتادتم أن تفعلوا "

ووصلت الرسائل لى الملك ووصلت الرسالة الخاصة بالوجية بن الجندى إليه فقرأها وأخذها معه ودخل إلى الحكيم أبى شاكر فى خيمته وأعلمه بالرسالة فإغتاظ  غيظاً شديداً وقال : " كان البطاركة يقدمون بمثل ما قلت " وقال : أنت تعلم ما يلزم فى حق فلان وأنت تريد أن تقدم آخر لهذا ما سمعنا قط بما قلت .

وأخذ الرسائل ونسخوها عدة نسخ ثم قرأ رسالة أخيه التى فيها أن ابنه مريض فقلق وأخذ أذنا من الملك وغادر المكان وذهب إلى القاهرة , فسمع أشياء قبيحة عن القس داود وظل مصراً على رأيه فى القرعة الهيكلية , أما القس داود ومجموعته كانوا يريدون أخذ الأمور بالقوة والسلطان ولا يبالون بمن يرضى على أعمالهم أو من يغضب من الشعب وإجتمع أبا يوحنا بن وهب بن يوحنا بن يحى أبن بولس بالحكيم وكاتب سيرة البابا كيرلس فى مخطوط أبن المقفع ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 111 وإتفقوا على أن ترفع القرعة الهيكلية ويكون القس داود من ضمن الثلاثة مرشحين لأنه كان بارعاً فى الكهنوت حسناً وكان يترجم لغات ولكنه كان مكروهاً تهافته وتظاهرة بطلب البطريركية وكان كثير الحديث فى هذا الأمر , وكان قد نصح بأن يتظاهر بالتعقل وبأنه لا يريد أن يكون بطريركاً ولكنه لم يسمع .

وكان من المفروض أن يبدأ فى أمر الرقاع يوم الجمعة ويجمع الأساقفة ولما عرف الحكيم أن أبنه صحيح ولم يمرض وخداع مجموعة القس داود رجع  إلى خيمة الملك خارج القاهرة وكان بين الرأى صادق الحكمة .

22 قساً فى القاهرة يوقعون على وثيقة برفض ترشيح القس داود

وأجتمع المصريين ووقعوا على وثيقة أن القس داود المختار لمركز البطريركية ممنوع من ألأنبا بطرس أسقف الفيوم الذى كان كرزه قساً بسبب الإعتراف وأحدث فتنه فى الشعب وفرقة وخرج من الفيوم مطروداً من الأسقف , كما أن البطريرك السابق منعه أيضاً من أن يقيمه مطراناً للحبشة عندما عرف أن عقيدته فاسدة , ووقع ضده 22 قساً من قسوس القاهرة وضواحيها فى هذه الوثيقة , وقد كتب الوثيقة مصطفى الملك أبى يوسف بن الخطاب .

وكثر القيل والقال وأصبح الشعب يعيش فى محنة وبلية , وأتهم الناس القس أتهامات كثيرة وقال قوم : أن القس داود من الفيوم والفيوم من الصعيد لهذا لا يجوز تقدمته ليكون بطريركاً , وقال آخرون : أنه طلب ليكون مطراناً للحبشة ولم يرضى , ورد قوم عليهم فقالوا : أن البابا السابق لم يرى أن يصلح لأن يكون مطران لأنه يقيم بدير العربة لأنه ذهب إليه ونزل به منه وقد صعب عليهم أنه لم يسأل عن البابا السابق عندما كان مريضاً قبل نياحته ولم يحضر جنازته , وأستمر الشعب يتقولوا عليه أشياء أخرى غير لا ئقة .

أربعة اساقفة يحرمون القس داود ويدعون عليه أمام الهيكل

وفى نفس هذا الشهر أجتمع خمسة من الأساقفة وهم الأنبا مهنا ابو صير وكان كبير الأساقفة فى هذا الوقت وأخوه الأنبا مرقس أسقف لقانة وأنبا ميخائيل أسقف طلخا المعروف باسم هدية , والأنبا غبريال أسقف أطفيح , وأنبا مرقس أسقف مليج وصلوا على البطريرك الأنبا يوحنا السابق فى يوم السبت الموافق 4  من أمشير ولما عادوا إلى كنيسة القديس سرجيوس وواخس حيث كانوا مقيمين بها , وعند عودتهم وجدوا رسل الأمير أمين الدين والى مصر يطالبهم بالحضور امامه , وعندما ذهبوا إليه قال لهم : " أنتم صليتم على بطرككم يخرج كل واحد منكم إلى بلده ولا تمكثوا هنا ساعة واحدة " فقالوا : يا مولاى نحن نقيم حتى الغد لا غير حتى نصلى على قبره ونمضى "

وكان كاتب الوالى هو الذى أوعز لوالى مصر بأن يفعل هذا العمل لأنه خشى أن يتفقوا على تقدمة أنسان آخر غير القس داود , وعادوا إلى موضعهم وهم فى كآبة وضبق , وقال القس أبو منصور كاهن كنيسة أبو سرجة والشيخ السنى أبو المجد ابن القسيس أبو الفرج : " أنهم ذهبوا إلى الهيكل ما عدا الأنبا مرقس أسقف مليج وحرموا القس داود ومنعوه ودعوا عليه وحلفوا انهم لن يضعوا عليه يده ابداً لما جرى عليهم من إهانة من والى مصر بسببه " ثم ذهبوا بعد ذلك إلى قبر البابا المتنيح وصلوا هناك  ثم غادر كل أسقف منهم مصر قاصداً كرسيه .

ووصل الملك العادل مصر ومعه الشيخ نشو الخلافة , وتكلم الشيخ نشو الخلافة مع الحكيم أبو شاكر وقت وصوله فى أمر القس داود فرد عليه الحكيم قائلاً : " لا يصلح " وزار نشو الخلافة الحكيم فى داره فى القاهرة ورد عليه الحكيم بنفس الرد السابق وقال : " لا يصلح " وبقيت خلافات الأقباط على حالها والبغضاء فيما بينهم .

وعندما أقترب الصوم إجتمع الشيخ نشو الخلافة بالشيخ نشو الإمام بن عز الكفاه بن ابى يوسف وطلب منه أن يكتب تذكية للقس داود فلم يوافق ومضى غاضباً منه , ثم أجتمع بكاتب سيرة الأنبا كيرلس وذكره بالوده التى بينه وبين القس داود وطلب منه ان يكتب تذكية فقال فى نفسه هذه ورقة ليس على فيها شئ للرب إن رضى الرب ورضى الناس وأتفقوا رضيت بما يرضاه الناس والرب وإن لم يذكونه الناس فلم افعل ذنباً وإنما ذكيت شخصاً أعتقد أنه يصلح , فكتب أربع نسخ من التذكية واحدة للأساقفة وواحدة للقسوس وثالثة للرهبان والرابعة للأراخنة , ثم كتبنا واحده للأسكندرانيين

وكلف نشو الخلافة القس مرقس بن رجال بحمل رسالتين بالتذكية الموجهتين إلى الأساقفة والرهبان إلى الوجة البحرى فحضر ومعه إثنا عشر أسقفاً من أساقفة الوجه البحرى بعد ان وقعوا على التذكية منهم أسقف لقانة وأخوه الكبير وأسقف طلخا , ثم وصل أسقف طمبدى إلى مصر فوصل عدد الساقفة 13 اسقفاً , ووقع على تذكية الرهبان 40 راهباً , ووقع على تذكية القسوس الكثير من كهنة القاهرة والوجة البحرى أما القسوس الذين كتبوا الوثيقة فلم تكتب أسماؤهم فى التذكيات أصلاً وظلوا ممتنعين عن تذكية القس داود لمنصب البطريركية , وفى تذكية الأراخنة وقع الكثيرين وبقيت مجموعة قليلة لم توقع .

ولما رأى الحكيم أبو شاكر ومجموعته حضور الأساقفة خافوا أن يتم قسمة داود فذهب جماعة كبيرة منهم ووقفوا فى طريق الملك الكامل وأشتكوا من لإقامة بطريرك لا يرضون به عليهم وأن ما يحدث مخالف لعقيدتهم ورغبتهم , فقال لهم الملك الكامل : " طيبوا قلوبكم لن يقام بطريركاً إلا ما تريدونه بطريركاً "

وتردد الشيخ نشو الخلافة متودداً على الحكيم شاكر ليلاً يسأل عنه ولا يقول له شيئاً وظل الحكيم رافضاً تذكية القس داود والشعب منفصل الآراء , ثم كلف الملك العادل القاضى الأعز الوزير الذهاب إلى مصر وجمع الأقباط وسماع وجهات نظرهم فذهب إلى مصر وذهب معه الحكيم أبو شاكر , وذهب إلى دار الوكالة العادلية وأرسل فى طلب من كبار الأقباط وسألهم .. فقالوا : " القس داود لا نريده اصلاً وذكروا فى حقه أشياء قبيحة لا يليق ذكرها " فقال لهم : " من تريدون إذاً " .. فقالوا : " عندنا رجل شيخ يقصدون الشيخ ابا الكرم وكذلك عندنا الشيخ الصنيعة أبو غالب بن السكرى وكان يعمل كاتب الخزانة العادلية وهو من سلالة كبار عائلات أهل الإسكندرية , كما ذكروا جماعة من الرهبان ومنهم حبيس ابيار .. وإتفق رأيهم جميعاً على القرعة الهيكلية فكتب محضراً بما تم ووقع الغالبية عليه وأخذ الملك الكامل المحضر وعرضه على أبيه الملك العادل , وكان نشو الخلافة قد قال للملك العادل من قبل عنما ذكر له الملك القرعة الهيكلية قال له : " يا مولانا هذه سنة الأفرنج وليست بسنتنا " فلما ذكر الملك الكامل موضوع موافقة ألغلبية على القرعة قال الملك العادل رافضاً : " لا قرعة ولا صداع , بل تختارون واحداً يقام لكم " .

وذهب الأقباط إلى الملك الكامل مرتين أخريتين قائلين له : " لا نريد هذا القس داود " .. وكان الملك يطيب خاطرهم ويقول لهم : " لن يقام عليكم إلا ما تريدون "

ويوماً بعد يوم واسبوعاً بعد اسبوع تراخت الهمم حتى جاءت الجمعة السابعة وأضطر الأساقفة أن يعودوا لكراسيهم حتى يعيدوا العيد مع أهالى إيبروشياتهم وذلك بعد ان وقع ثمانية من الأساقفة بأيديهم أنهم لن يقدموا إلا القس داود للبطريركية .. وحدث أن نقل الملك العادل الصنيعة أبو غالب السكرى ليتولى ديوان ميناء الإسكندرية ويساعده فى الإدارة القاضى الأكرم بن نهار .. وأعطى الشيخ نشو الخلافة أبو الفتوح تذكية أهل الإسكندرية بالموافقة على القس داود للقاضى الأكرم ليأخذ موافقة أهل الإسكندرية لأن الصنيعة كان مرشحاً لأهل الإسكندرية أمام القس داود وكان صنيعة حائز على موافقة أهل الإسكندرية ولما قام القاضى بجمع التذكيه للقس داود بدأ بعض الناس يوقعون للقس داود فإنقسمت الآراء .

وبعد أيام وقع أختيار الشيخ نشو الخلافة على سائح بجبال طرابلس أسمه بطرس المرشاد ووافقت عليه مجموعة من الناس وقد أختار هذا الراهب ليمتحن بعض الناس ويشتت إناس آخرين .

وأنتهت الخمسين يوماً أيام الفرح وأشار نشو الخلافة إلى بعض من المؤيدين للقس داود أن يقفوا للملك الكامل كما كان يقف المعارضين أمام موكبه عند ذهابه إلى خدمة ابيه فقال لهم : " أين هو هذا الذى أخترتموه ؟ أحضروه " ثم ذهبوا .. ورجعوا ووقفوا أمام موكبه مرة اخرى فى دار السلطان فقال : هاتوا المحاضر بالموافقة " وكان ذاهباً إلى دار أبيه فأرسل الشيخ نشو الخلافة أبو الفتوح المحاضر مع واحد من غلمان السلطان وكان محضر الإسكندرية , وعندما خرج الملك الكامل من عند أبيه فأوقفه مجموعة القس داود وسألوا ‘ن إجابته فقال : " جوابكم مع أبى الفتوح " فدخل الشيخ نشو الخلافة ابو الفتوح إلى الملك العادل وقال له : " يا مولانا .. مولانا الملك الكامل قال للنصارى كذا وكذا بماذا يجيبهم عبدك المملوك " فقال الملك العادل : " إذا أحضرت ألف دينار قدمته " فخرج واعلم مجموعته ذلك

محاولة قسمة حبيس ابيار بطريركاً

وكان الحكيم أبو شاكر قد أخذ كتاب من الملك الكامل إلى والى الغربية بأن يجمع الأساقفة وينزل حبيس أبيار ويسيرة معهم إلى ثغر الإسكندرية ليصيره بطريركاً فلما خرج يومه من عند ابيه بعد وقوف النصارى له وموافقه أبيه على القس داود نزل إلى مصر ليذهب إلى قصرة فى الجزيرة فوقف له المصريون وقالوا : " يا مولانا أنت كنت أنعمت علينا ببطرك ونريد تمام الإنعام " فقال : " لقد قلنا لكم هذا , أذهبوا أعملوا طقوسكم " ثم وقع لهم على الموافقة وأعطاها لهم , فأخذة الشيخ بو منصور بن القس بو المعانى المرسوم على كنيسة القديسين سرجيوس وواخس بقصر الشمع بمصر والأسعد هبة بن صدقة الشماس الذى كان يورد الفاكهة إلى مصر والقاهرة , وذهبا بعد ان أعدا ثياب البطريرك وأعطاهما إلى الحكيم أبو شاكر ليرسم حبيس ابيار , وتركوا مصر عشية الثلاثاء .

وفى صباح الأربعاء بلغ الشيخ ابو الفتوح ما حدث فقلق كل من حوله من مؤيدى القس داود فذهب إلى السلطان العادل وأعلمه بما حدث , فكتب الملك العادل رسالة إلى والى الغربية بأن لا ينزل الحبيس من مكانه ولا يغير أى شئ , وكتب رسالة إلى والى الإسكندرية بأن لا يقدم إلا من معه كتاباً وأرسل الرسالة مع رسول من عنده فلما علم الحكيم هذه الأخبارذهب هو الاخر إلى الملك الكامل فعظم عليه هذا الأمر وكتب كتاباً ثانياً بأن يحضر الحبيس إلى القاهرة بدلاً من ألسكندرية وأرسله مع احد من غلمانه , وما حدث فى الغربية أنه وصل الأقباط إلى المحلة فى نهار يوم الخميس ومعه أمر من الملك الكامل بأخذ الحبيس وأجتمعوا بالأمير فرحب بهم وأنزلهم عند كاتبه , وفى الحال أرسل رسائل بإحضار الأساقفة , وفى الليل وصل أمر الملك العادل بإبطال رسالة الملك الكامل , وفى صباح الجمعة وصلت رسالة الملك الكامل بإحضار حبيس ابيار , فأمر الأمير بتنفيذ آخر رسالة التى للملك الكامل وأرسل الأقباط إلى المنطقة التى فيها الحبيس ومعهم من يساعدهم فى الطريق , ووصلوا إلى الحبيس فى عشية النهار يوم الجمعة فأنزل لهم من اعلى ما يأكلون وهو رجل معروف بالكرم والخير , فباتوا عنده يقنعوه , فلما أصبح الصباح حاولوا ينزلوه فلم يوافق , وكان حاضراً اسقف أبيار فقال له : " أمر السلطان لا يخالف " فقال  الحبيس : " يا ابى .. أكتب لى بخطك وتوقيعك .. أنك أذنت لى بالنزول .. وأن هذا الحبس لى إذا عدت إلى هنا مرة اخرى سكنت فيه ولا يمانع احداً " .. فكتب له له ما قاله .. ثم صلوا وقدس القس بومنصور على الهيكل الذى هناك وأعطوه القربان فتقرب من الأسرار المقدسة ووضع قفة كانت عنده وجلس فيها باكياً , وحزن اهل البلدة على بكاءه وحزنه وأشتد حزنهم بالأكثر على فراقة لأنهم كانوا يشعرون ببركته فى وجوده فى منطقتهم , فاخذوه وساروا معه فخلع والى ابيار المسلم سرموزته ( نعله حذائة ) من رجله وأعطاه له ليلبسها فلم يفعل , أما غلام الملك الكامل المكلف بإحضاره فقد كان يمنع أى واحد من الإقتراب إليه .

ووصلوا إلى بلدة قليوب القريبة من القاهرة فى صباح الأحد فدخلوا الكنيسة فأزدحمت الكنيسة بالمصليين وأقام القداس القس أبو منصور وقد قدم الحمل ثلاثة عشر قربانة كبيرة وقرب الناس باعطائهم قطعاً صغيرة وفرح به الناس فرحاً عظيماً وأضافوه فى قليوب ضيافات كثيرة ثم غادروا قليوب ووصلوا إلى القلعة , وقابلهم الأمير شمس الدين أخو والى القاهرة فعزل الحبيس من بينهم وقال لهم : " يا نصارى فعلتم ما أمر به الملك أمضوا إلى سبيلكم , فتركوه ومضوا " وبعد ان ذهبوا كلهم أركبه بغلة وامر الرسول الذى معه أن يعيده على الفور إلى مكانه فى أبيار , فأخذه ورجع به ورجع به إلى ابيار واطلعه غلى حبسه ففرح به اهل أبيار بروجوعه إليهم ثانية .

    تلفيق التهم للأقباط بإتهامات إجبارهم على ترك المسيحية

تلفيق تهمة  لكاتب قبطى (يقوم بعمل الحسابات) بأنه يراود جارية على نفسها

وكان اميراً من الأمراء أسمه بهاء الدين شريحا وكان له كاتب قبطى يعرف بالسنى ابى المجد ابن سنى الدولة , وحدث أن هذا المير ذهب إلى اليمن , وكانت له جارية محرومة , وكان الكاتب يمنعها التطرف فى التبهرج وفعل مالا يجب فى الظهور أمام الرجال , فكرهته ودخلها فكر شيطانى لتتخلص منه وتفعل ما تريد , فذهبت إلى والى القاهرة وذكرت أن هذا الكاتب راودها عن نفسها , فقبض عليه وأودعه الحبس ولكنه لم يجد دليلاً وشاور السلطان ولكنه خرج من الحبس , ولما جاء الأمير من اليمن وذهب الكاتب لأستقباله فى حلوان وكانت الإشاعة قد وصلت إلى الأمير وسار قدامه فجرى المير وضربه بالسيف فقطع عمامته وشج راسه وضربه ضربة اخرى فحمى الكاتب نفسه بيده فجرحت يده , وحمله أصحاب الأمير إلى بيته مثخن بالجراح فى القاهرة , وأعتقله الأمير فى مكان ضيق فى داره مدة , وأجبره ان يعمل له حساباته بدون أجر وهو مقيد وكان يمنع أهله واصحابه من التردد على بيته لرؤية الكاتب كل يومين مرة ثم كل ثلاثة مرة , وفى النهاية حاول أهله واصحابه أن يحضروا له أكل كما أعتادوا وكان عبيد الأمير يأخذون الطعام منهم ليعظوه للكاتب المسجون فى دار الأمير و فلم يأخذوه اليوم وقالوا لأبنه : أبيك مات منذ يومين .. تعالوا خذوه .. ,أجتموعوا أخوته وأهله وجماعة من المسيحيين ووقفوا للملك الكامل لينصفهم فقال لهم : " هذا هو الشرع " وعندما الحوا عليه أجابهم إجابه غير عادلة قائلاً : أدفنا ميتكم .. فذهبوا ليلاً واحضروا حمالين ليحملوا ميتهم فوجدوه مسكين مقيد وقد أنتفخ وجهه وأسود ولسانه مدلى على صدره بما لا يدع مجالاً للشك أنه خنق , فحملوه بعد جهد لأنه قد تجمد وذهبوا غلى الحبش ودفنوه .. وذهبوا إلى الملك الكامل وهو لا يقول عنه أكثر من : " هذا هو الشرع " فسكتوا فإحتسبوه شهيداً لأنه فى هذه الحالات يعرض عليه المسلمين الإسلام وعندما يرفض يقتلوه فاين المحاكمة والعدل فى الإسلام , ولكن يكفى أن يعيش هذا الأمير وجاريته تفعل الفحشاء وقتل الذى كان يريد أن يحمى عرض سيده هذا هو الإسلام وهؤلاء هم المسلمين .

تلفيق تهمة لصبى قبطى وعدالة السماء

وفى نفس هذا الوقت فى ايام حكم الملك العادل لفق المسلمين تهمة لصبى قبطى قادم من الصعيد ويعمل فى معاصر الزيت الحار (زيت بذر الكتان) , وأتهم مسلم الصبى بأنه أعتدى على أبنه الصغير وقال أنه طفلة جاء إليه وهو متألم وذكر أن الصبى القبطى هو الذى أعتدى عليه , فأعتقل المسلمين الصبى القبطى أياماً وعرضوا عليه الإسلام فابى أن يترك مسيحيته , وأستفتوا فيه فقهاء المسلمين , فأفتوا برجمه , بعمل دائرة من الناس ويوضع فى الوسط ويرجم فإذا خرج حياً صحيحاً فلا يعارض ويكون بريئاً وإن مات يعنى أنه مات بذنبه وفعلوا ذلك .

وكان أول من ضربة عبد كان لأبى الصبى , ضربه هذا العبد بحجر كبير جاء على فكة فكسرة فخر صريعا وظلوا يرجمونه إلى أن مات , وحمل الأقباط شهيدهم ودفنوه فى مدافن الحبش .

وبعد مدة طلع الطفل المسلم إلى سطح منزله فتعلقت ملابسه بقفص كيزان الذرة وسقط هو والقفص من أعلى ميتا , وقال المسلمين والأقباط أن الصبى القبطى كان بريئاً وأكتشفوا أن الفاعل بهذا القبح هو العبد الذى قتله باول حجر ولأن العبد مسلم فلم يقتص منه الإسلام وهذه هى شريعة وعدل الإسلام ولكن إله المسيحة له عدالة ويقول لى النقمة أنا أجازى يقول الرب .

الملك العادل يريد أن يستولى على تركة البطريرك المتنيح

ذهب الشيخ السنى بو المجد بن القسيس بو فرج إلى القوصية لأنه كان يجمع ضرائبها وجزيتها وكان من أكبر المعارضين للقس داود فى البطريركية , ثم قبض على القاضى الأعز الوزير وحبس وأعتقل فى دار السلطان , ثم قبض على ابو سعيد ابن أخت البطريرك المتنيح وأدخلوه على الملك العادل فقال له الملك : " أريد أرث البطريرك " فقال له : " لا سا مولاى لم يكن له شئ وقد أشهد الناس على نفسه قبل موته " فقال الملك : " هذا هذيان أريد ثلاثين الف دينار " وأمر بأعتقاله فى دار السلطان , فخاف الأقباط وتأكد نشو الخلافة من هذه الإعتقالات وكتب للقس داود بتذكية لمن لم يكن موافقاً فى المرة الأولى فوافقوا جميعه ولم يبق غير موافق من الأقباط إلا عدداً يعدون على الأصابع

بعثة من أثيوبيا ( الحبشة )

ووصل القس نصير الراهب الذى كان البطريرك المتنيح أرسله إلى أثيوبيا ( الحبشة) بكتاب ( رساله) من الوصاية على المسلمين الذين هناك والمترددين على أثيوبيا من التجار كما امره الملك الكامل وكان مع الأسقف رسول من أثيوبيا أسقف من اثيوبيا نفسها ومعه رجل من اهل أخميم أسمه ابى الفضل ابن ابى منصور ومعهم هديه إلى الملك وهدية أخرى إلى البطريرك , فأعطوا هدية الملك إليه , أما هدية البطريرك فلم يعلم عنها شيئاً لأنه لم يكن هناك بطريركاً فى ذلك الوقت وسكن القس وأسقف الحبشة ومن معهم فى بيت على شاطئ النيل ولم يجدوا احد يحتفل بهم وشاهدوا إختلاف الشعب وتفرقهم فإنصرفوا عائدين إلى أثيوبيا .

الحكيم ابو شاكر الذى لم يكن موافقاً على القس داود يتنيح

  وفى فصل الخريف مرض الناس كلهم فى مصر وفى سنة 933 للشهداء كان أبو شاكر مقيم فى القلعة وينام فيها لأن المرض أنتشر فى أهل بيت الملك وكانت له مكانة عظيمة بحيث أنه كان يدخل راكبا من باب القلعة إلى الباب الداخلى ولم يكن أحد يدخله راكباً إلا الملك فقط , وكان فى أغلب الأحوال وهو راكب حصانه يرى أخوة الملك وأكابر الأمراء وقاضى القضاة والفقهاء ورجال الملك يمشون فى هذه المنطقة وهو راكب فلا يتزل من على حصانه , وهم يعذرونه لأن الملك صرح له بذلك من كثرة تجوالة فى القلعة فمن غير المعقول أن ينزل ويمشى من مكان إلى آخر ليعالج مرضاه ووصل ألمر أنه كان يركب حصانه فى الصحن الداخلى للقلعة لمتابعة المرضى من افراد الأسرة المالكة , وإنتقل إليه المرض فسكن فى قاعة من قاعات القلعة (المسكن) الذى اعد له فى القلعة ثم ظل أياماً مريضاً وأخيراً توفى , فحملوه على سريره الذى مات عليه وحملوه وذهبوا  ودفنوه فى دير الخندق وصلى عليه هناك ودفن بجانب أخيه أبى سعيد فى كنيسة بالدير. .. وخرج أمر من الملك بأن يتولى أبن أخيه وأبن ابنه مركزه بعد موته لأنه كان علمهما صناعة الطب وأوصى بتوليهما منصبه قبل موته

محاولة أخرى لأقامة بطريرك بسؤال الملك

وأستدعى الشيخ نشو الخلافة كاتب تاريخ البطريرك وقال له : " نريد ان نكتب رسالة إلى الملك مضمونها أن مولانا قد أنعم على كافة شعب مصر فقوم الفاسد ولكن ظل المماليك ( يقصد الأقباط ) أحوالهم فى إختلال بغير بطريرك ويسئلونك النظر فى أحوالهم " فاخذ الراسلة وعرضها على الملك وكانت قبل عيد الفطر فقال الملك : " بعد عيد الفطر ننظر فى حالهم " .. وفى يوم الجمعة 18 طوبة الموافق الثالث من شوال وتقدم نشو الخلافة إلى السلطان وقال : " يا مولانا النصارى يطلبون مراحم السلكان بما وعدهم به من النظر فى حالهم  " .. فقال : " نعم أجمعهم حتى نقرر حالهم " فقال : " يا مولانا من أنا من هؤلاء أرباب بيوتات ولن يلتفتون إلى بل ليأمر مولانا والى مصر ووالى القاهرة ليفعلوا هذا الأمر ويحضروا الأقباط بين يدى مولانا فى يوم بعينه " ولما خرج من عند الملك رأى والى مصر على الباب فرجع غلى الملك وقال له : " يا مولانا هوذا والى مصر على الباب يريد ان يراك إن كان مولانا يريد أن يأمره بشئ فهو موجود " فقال الملك : " نعم صيحوا به " ( كان يقف على باب الملوك منادياً ينبه مجلس الملك بمن هو الداخل فيصيح والى مصر فلان الفلانى ) فإستدعاه وأمره بأن يجمع النصارى ويحضرهم فى صحبته يوم الأثنين 21 من طوبة ليتفقوا على إختيار البطريرك الذى سيقيمونه فأمر والى القاهرة بأن يفعل بمثل ما امر والى مصر , فنادى المنادى فى شوارع القاهرة وأعلموا الأقباط بالإجتماع الشعبى فى مساء السبت وليلة الأحد وليلة الأثنين وارسلوا إلى كل قسيس فى كل كنيسة لأن يعلم شعب كنيسته ويأخذهم ويحضر معهم فى صباح الأثنين .. أما والى مصر فارسل كاتبه الخاص وحاجبه إلى كبار رجال الأقباط بذلك , فإجتمع المصريون فى دار أمين الدين والى مصر والقاهريون ذهبوا إلى دار السلطان وذهب والى مصر بالمصريين وإجتمعوا بالقاهريون وكان عددهم مائة رجل ودخلوا جميعاً إلى دار الملك فوجدوا أن الواليين جالسين على مصطبة ( جالسين على درجه واحدة تشبه درجه سلم واسعة ) فإستدعيا كبارهم وقالا لهم : " من تريدون أن يكون بطريركاً لكم " فقالا : " القس داود الذى كتبنا له الخطوط " فإنتدبوا واحداً من المصريين أسمه أبو العز أبن وكيل الجناح وكان شماساً من شمامسة المعلقة وقال : " يا مولانا نحن لا ترضى بالقس داود , ونحن نرشح آخر أسمه ابو الرضا بن قسيس كنيسة أبى شنودة بالساحل " فحاول الشيخ نشو الخلافة مع أبى العز فأرسل فى طلبة ليحضر إليه فى الخزانة ولاطفة ولكنه بقى على رايه فى ترشيح أبو الرضا .

ودخل الواليان على الملك وقالا له أن الأقباط مختلفين فقال الملك : " أحضروا لى جماعة من هؤلاء وجماعة من هؤلاء حتى أسمع كلامهم " فدخلوا إليه وقالت المجموعة الذين لا يريدون القس داود : " بقى من اصحابنا شيخ وهو كبيرنا قس بحارة الروم بالقاهرة وأسمه يوسف فأمر والى القاهرة بإحضارة فحضر ودخل إلأى الملك وكان أرشيبايا ( رئيس القسوس ) بالقاهرة وكان أرشيبايا ( رئيس القسوس) بمصر وجماعة القسوس تكلموا جميعاً وهاجموا بعضهم امام الملك فزجرهم وأستقر المصريين على أن يكون القس بركات نائباً يتكلم عنهم وأستقر القاهريون على أن يكون القس يوسف متكلم عنهم فأمر الملك جميع الأقباط بالخروج فخرجوا وأمر القسين بالبقاء معه .

قادة القساوسة فى هذا الوقت لا يعرفان شريعة المسيح بتكافؤ الجميع امامه

وإلتفت الملك إلى القسين وقال لهما : " كم يحصل البطريرك كل سنة من المال " فقالوا : " 400 دينار كل سنة " .. قال لهما : " وماذا يفعل بهما " ..  قالا : " ينفقها على نفسه وينصدق بالباقى " ثم قال الملك : " أى شئ كان قبل بطريركيته " قالا : " كان تاجراً " قال فمن خلف من ورثته" قالا : " أخته " قال : " فكم لها من الميراث " قالا : النصف" وكان هذا خطأ لأن كبار القساوسة فى هذا الوقت لم يكن لهما علم لأن المسيحية لا تقلل من المرأة وتعطيها النصيب كله وبهذا تصير أخته لها جميع الميراث إذا لم يكن أحد غيرها وهاذين القسيسين عملا بشرع المسلمين ثم قال الملك والنصف الثانى لمن قال القسيسين : " لك يا مولانا " فقال : " إذاً فأنا اطلب منكما نصيبى لأنكما كبار القبط  الجماعة " ولما وقعا فى فخ الملك المسلم الذى يريد أن ينهب مال البطريرك فقالا : " يا مولانا نحن لم نكن معه ولا نعلم عنه شيئاً ولا نعلم مما كان يفعله " فقال : " هذا شئ لا اعرفه " وتشدد معهما حتى قالا : " يا مولانا أولاد أخته أولى بسؤالهما منا " فقال : " أنا لا أعرف إلا إبن أخت واحدا محبوس عندنا " قالا : يا مولانا يوجد آخر أسمه مكارم وهو مقيم فى مصر "   وقال لساعيه أحضره الآن فأحضروه وسجنوه مع أخيه الذى كان معتقلاً فى دار الملك  , وكان الملك سلم ابنى أخت البطريرك المتنيح للصمصام مشد الدواوين فعصرهما ( وضعهما فى معصرة للتعذيب) وهددهما وعاقبهما حتى وافقا على فداء انفسهما بثلاثة ألاف دينار فسدداها وخرجا من السجن .

ثم قال الملك لهما : " من تريدان ان يكون بطريركاً فقالا : " نحن لنا عادة أن نعمل قرعة هيكلية ونكتب ثلاثة أسماء مختارة ومن يختار من هذه القرعة قدمناه وقسمناه

وقال الملك : " من الثلاثة تختارون " فقالا : " الصنيعة أبى غالب بن السكرى " فقال الملك هذا كاتبنا لا تختاروه فمن غيره " فقال الشيخ ابو الكرم : " هناك رجل من مصر شيخ وعالم " قال ومن " قال : " هو حبيس أبيار " قال الملك العادل : " أكتبوا أسماؤهم بخطكم " فكتبوا فقال ومن الثالث قالوا : " صاحب هذا المحضر " يقصدون القس داود قال : هذه الساعة نقيتموه وقلتم عليه مالا يجب " فقالوا : " يا مولانا هذه الرقاع نحن نعتقد أنه إذا لا يختار فيها إلا من يختاره الله فلن نبالى بما كتبنا ونحن نختراه حتى لا نعطى مجالاً للشر وحتى لا يبقى أحد من الأقباط فى قلبه شر " وألتفت الملك إلى والى مصر ووالى القاهرة وقال أحضرا خمسة من عظماء القبط المصريين وخمسة من عظماء القبط فى القاهرة وكبارهم فحضروا وجلست كل مجموعة فى جانب , فرفع الملك راسه إليهم وقال : هاذان مقدما كنائسكما لقد قررا قراراً ألا ترضون به " فقالا : " نحن لا نعلم ما هو القرار " فقال : " لقد ذكرا اسماء لتلقى عليها القرعة " قالوا : " ما هى الأسماء ؟ " قال الملك للقسيسين قولا لهم الأسماء فقالا .. الشيخ أبا الكرم قالت الجماعة هذا شيخ كبير وطاعن فى السن ولا يصلح للقيام بمهام هذا العمل .. ثم قالا : حبيس أبيار فقالا كبار الأقباط لسنا نعرفه حتى تزكياه فقالا القسيسين الملك الكامل يعرفه هو الذى إختاره فقال السلطان الملك الكامل يدخل بينكم دعوه عنكم فكثر بكاء شيوخ القبط فأمرهم الملك العادل بالسكوت فقال لكاتب المحاضر فقال لوالى القاهرة إعطيها لهم ( هذه المحاضر هى تذكيات وترشيحات وقعوا عليها من قبل بترشيح القس داود ) فقال الأقباط هذه خطوطنا وتوقيعاتنا قال الملك العادل : " ليست هى توقيعاتكم أنتم فقط وبكن توقيعات الأساقفة والرهبان فقالوا : " نعم يا مولانا " فإلتفت إلى القاهرين وقال : " ما رايكم ماذا ستقولون؟ " فقالوا : " نحن راضون وموافقون " وإلتفت إلى القسيسين وقال وأنتم ماذا تقولون فسكت القس بركات أما القس يوسف فقال : " إذا رضى هؤلاء وهؤلاء فماذا نقول نحن " فقال الملك : " أخرجوا وأتفقوا مع الشعب الذى فى الخارج وقدموا بطرككم , ووحياة رأسى وتربة السلطان إن لم تتفقوا فلن أقدم لكم بطريرك أبداً فقاموا وخرجوا , ولما اخبروا الشعب بإجماع الآراء على القس داود صاحوا من الفرحةوخجل الذين ضده وإقتنع معظمهم ورضوا به وحرجوا من عنده إلى بيت القس يهنئونه ويخدمونه ولم تسعهم داره من كثرة الزوار , والكل متيقن أنه البطرك القادم وأنه يبقدم يوم الأحد بين الرفاعين (رفاع هو اليوم الذى قبل الصيام ) فى اليوم 27 من طوبة .

وأرسل نشو الخلافة رسائل لأحضار الأساقفة وأجتمع القس داود بكاتب تاريخ البطاركة فى هذا الوقت لتحضير كتب التقليد فقال أن كتب الكنيسة الخاصة فى هذا الأمر موجودة مع قريبى فخر الدولة أبى سعيد كاتب البطريركية ولم يكن يريد القس داود " فقال القس داود : " فخر الدولة لا نستطيع أن نكلمه فى هذا الموضوع وربما لن يفعل ويعطينا الكتب " فقال كاتب تاريخ البطريرك : " أنا سأكتبهم بشرط أن الأب لا يغير أو يضيف عليها شيئاً " فقال القس داود : " سمعاً وطاعة " فكتب نسخة التقليد عربياً وأطلق أسم كيرلس على البطريرك الجديد ونسخها ونقلوها غلى اللغة القبطية وراجع النسخة القبطية .. ثم قام بتفصيل الثياب والفقاقير الخاصة بمراسم تنصيب البطريرك وأحضر كرسى البطريرك كان مصنوع من قديم الزمان خاصاً للبطريرك ودهن , وأحضر العكاكيز وأشترى الدواب , وقام القس ومن معه بالتحضير للذهاب إلى الإسكندرية بعد أن يرسم قمصاً ولكن العبد فى التفكير والرب فى التدبير .

وكان الشعب يظنون أن نشو الخلافة الشيخ ابو الفتوح قد استخرج ترخيص بتقدمة القس داود بطريركاً من السلطة الحاكمه كما كانت العادة متبعة , وأول من وصل أسقف لقانة الذى كان يتلوا الرشيابسقوبو وقال أن أخاه الكبير الأسقف لم يتمكن من الحضور لأنه مريض  ووصل بعده ثلاثة أساقفة وهم أسقف اشمون وأسقف مليج وأسقف شطانوف , وتأكد الشعب القبطى أن القس داود قد اصبح على وشك أن يكون بطريركا ولكن المضاضين له قالوا : " سنفعل كذا ونعمل كذا ونصنع أشياء ولكنهم لم يقدروا على فعلها لو كان خرج الأمر بتكريز البطريرك من قبل الملك "

وحدث فى عشية السبت ليلة الحد أجتمعت الأساقفة والأراخنة وتحدثوا وقالوا : سنبدأ بتكريز البطريرك فى الغد " فرد عليهم البعض : " لا لن يكرز فى الغد لأننا لم نتشاور مع الملك ولم نأخذ منه كتاباً إلى والى الإسكندرية"  فسكتوا وفى صباح اليوم التالى ذهب الذين لا يعرفون إلى القاهرة لإصطحاب القس داود فعلموا بعدم الحصول على الأمر فرجعوا .

وفى نهار الثلاثاء من جمعة الرفاع خرجت مجموعة من القساوسى ومعهم مجموعة من الأراخنة ممن لا يريدون القس داود ليقابلوا الملك عند خروجه من القلعة ليعلموا الملك انهم لا يريدون القس , وفى اليوم التالى يوم الأربعاء دفع نشو الخلافة الشيخ أبو الفتوح مجموعة مؤسده للقس داود ليقفوا امام باب القلعة ليقولوا للملك أنهم يريدون القس داود فوجدوا فى طريقهم الأسقف المعروف بهدية فى قليوب قادماً لتكريز البطريرك فعرفوه بما حدث فمشى معهم وكان معه جماعة من شعبه حضروا معه لمشاهدة تكريز البطريرك فساروا معا وأصبحوا شعباً كبيراً ووجدوا الملك على كوبرى دجوة فى صباح يوم الخميس وكان مطراً فوقفوا فقال الملك : " ماذا تريدون " واخذ الأسقف منهم فقال : " يا مولانا كنت أنعمت علينا بتقدمة بطريرك ولما وصلت لم اجد معهم أمر ونحن لا نعمل شيئاً بدون أمر وأنا اسأل مولانا من إنعامهه وأن يكتب لنا أمراً " قال نعم تعالوا غلى المنزل ونقضى حاجتكم , وفى الطريق لقيه الجماعة المضادة فقال : " ما هؤلاء " فقالوا : " يا مولانا أنت امرت أن نتفق ونحن فما رشينا بالقس داود " فقال الملك من أحضر عشرة ألاف دينار جعلناه بطريركاً " وأقفوه عدة مرات فى الطريق وهو يعيد لهم ما قاله وبقى الآخرين سائرين معه منتظرين ما وعدهم به .

ومكث نشو الخلافة الشيخ ابو الفتوح  فى القاهرة وفى يوم احد الرفاع تقرب من الأسرار المقدسة هو والأساقفة فى كنيسة الفخارين بالقاهرة وبعد إنتهاء الصلاة اخذ الأساقفة معه وذهب إلى دار القاضى الأشرف بن القاضى الفاضل ودخلوا جميعا فقال لهم : " ما الأمر " قالوا يا مولانا قد فسدت أحوالنا بغير بطريرك ونحن وافقنا على القس داود " فقال لهم : " طيبوا قلوبكم " أنا سأذهب إلى السلطان لهذا الأمر وسأعرفه بما سمعت منكم وأحل لكم قضيتكم " ورجع الأقباط أما نشو الخلافة ومعه مجموعة من الأراخنة فقد خرج هو والقاضى قاصدين السلطان وأنضم إليهم أساقفة آخرون ووصلوا إلى الإسكندرية وفى آخر جمعة من الصوم الكبير وجدوا الملك العادل وهو خارج من الإسكندرية إلى ميناء دمياط فتقدم إليه الشيخ نشو الخلافة وقال هؤلاء يا مولانا هؤلاء النصارى قد طالت مدتهم ومولانا أول من يقضى حاجتهم " فأمر الملك العادل بكتابة أمر ملكى أو سلطانى بتقديم القس داود عليهم ولم يبقى إلا ختم السلطان على الأمر وكان موجوداً رجل أسمه الرضى ابى الرضا بن ددراق ويعمل كاتبا للحسابات للملك فكتب شكوى للملك قال فيها : أن هذا القس داود لا يصلح وان الترشيحات التى كتبت له كتبت خوفاً أما الأساقفة فهو الذى يحركهم وهم لا يرغبون ودخل بهذه الشكوى يقصد عرضها على الملك فوجد الملك وحيداً على باب القاعة فقال له مالك ابا الرضى فناوله الشكوى فقرأها ثم امر بتبطيل الأمر وقال : عندما نذهب مصر نكشف الأمر المخفى عنا .

وحدث فى نهار يوم الجمعة وكانت الجمعة السابعة من الصوم المقدس أن الملك العادل غير رأيه فى الذهاب إلى دمياط وذهب إلى القاهرة , وفى نهار سبت ألعازر أخذ نشو الخلافة الأساقفة إلى الملك وكانوا سبعة وأربعة آخرين كانوا مقيمين فى القاهرة مع نشو الخلافة فى بيته ومعهم القس داود وثلاثة كانوا يسيرون وراء الملك لهذا الأمر فإستفهم عن القس داود فقالوا : " نحن موافقون وما زلنا عند رأينا فى القس داود كما وقعنا فى الماضى " فقال الملك أخرجوا وأشهدوا شهوداً عليكم بما قلتوه " فخرجوا وكتبوا شهاداتهم بموافقتهم على القس داود برضائهم عليه فأرسل نشو الخلافة الشهادات إلى الملك فخرجت موافقة الملك وعليها توقيعة , فأخذ نشو الخلافة موافقة الملك وأرسلها غلى والى مصر فى العشاء لكى يخبر الشعب بأن يخرجوا باكراً للقاء بطريركهم وليوقدوا الكنيسة المعلقة ويزينوها .

وخرج الأسعد بن صدقة وحث الأقباط على الوقوف على باب الملك فى القلعة وصار يجمعهم من كنيسة إلى كنيسة إلى أن صار وراؤه جمع كبير من الأقباط وذهبوا إلى القاهرة ومعهم جميع قساوسة جميع الكنائس ما عدا كنيسة ابو مرقورة , واوقدوا الشمع وذهبوا إلى القلعة ليلاً فلبوا (لبيك) وأستغاثوا وصاحوا وصرخوا إلى أن سمعهم الملك الكامل وعندما عادوا ليدخلوا القاهرة وجدوا باب زويلة أقفل فناموا على الباب ولم تزف الزيتونه فى تلك الليلة ولم تقرأ الأبصلمودية فى جميع كنائس القاهرة , ولما أستيقظوا ذهبوا إلى بيت القاضى الأشرف قبل ركوبة حصانه ودخل قوم منهم إلى القاضى عماد الدين بن أخى المعلم صاحب الديوان وذكروا له أن البطريرك مات وله فى جهة سنة وهذه السنة بعد موته والسلطان يرثة فأطلبها منهم ومقدارها ألفين ومايتين دينار وذهبوا إلى دار السلطان ومنهم من عبر إلى الضفة الأخرى ومنهم من بقى يصيح , وكان بعض الأقباط يريدون أن يذهبوا إلى مصر لتكريز البطريرك , فكتب رسالة إلى الملك بما جرى , فقال السلطان : " هذا هذيان إن تعرض إليهم أحد ضربت عنقة أى شئ أسكتهم عنهم هذا الزمان كله فقد رفع التوكيل عنهم " فركب الأقباط جميعاً مطمأنين ومعهم القس وأجتمع معهم كثير من ألأقباط عدد لا يحصى , وأنتقلت الأخبار إلى مصر , وكانت الكنيسة المعلقة مزدحمة جداً ليس لأى أحد مكان لوطأة قدم , وكان والى القاهرة قد مضى إلى الملك الكامل وقص عليه ما حدث فقال له : مهما أمر الملك العادل تصنعه 

ولما صرخ النصارى فى تلك الليلة أستدعى والى القاهرة وأرسل معه رسالة إلى والده الملك العادل .

وخرج القس وجماعته ضد القس داود من باب الخوخة متوجهين إلى مصر فوصلوا إلى الميمونة ومعهم نائب والى القاهرة وأستقبلهم أبن والى مصر هناك , وإذا برسل قادمة عدواً ( جرياً ) تطلب الأساقفة ليقابلهم الملك , وفى نفس الوقت جاء سهم الدين والى القاهرة جرياً فأستعاد الأمر الذى أصدره الملك العادل بموافقة الحكومة التى فيها توقيعة المؤيدة بموافقة الأساقفة وأخذ الأساقفة معه وعاد إلى باب بيت السلطان وفى الطريق أمسك الناس الحجارة ليرجموا الأساقفة فحماهم سهم الدين وقال : " والله إن تعرض لهم أحد قطعت يده "  .. فكفوا عن رمى الحجارة ولكنهم أستمروا فى شتيمتهم وسبهم وتعييرهم ودخلوا إلى دار السلطان وظلوا مدة هناك أما القس وجماعته المضادة للقس داود دخلوا كنيسة حارة الروم الحمرا وظل بعضهم على البر على الطريق وظل البعض الآخر منتظرين لما يحدث , وحدث أن ذهب الملك الكامل إلى ابيه فوقف الأقباط على الباب ولما خرج وقفوا له ودعوا له وطالت مدة وقفهم على الباب وفى الساعة التاسعة وفى العشاء خرج الأساقفة فأمضى الليل معظمهم فى القاهرة أما القس داود فاقام بكنيسة الحمرا فى حارة الروم حتى العشية ثم عاد إلى بيته ولم يعيد الأقباط عيد احد الشعانين ولم تقام قداسات فى هذا اليوم الذى يسميه المصريين أحد الزعف , وفى صباح الأثنين أول أيام البصخة المقدسة ( أسبوع ألآلام ) وكان يوافق عيد ألضحى الذى للمسلمين فوقفوا للملك بالمجامر والأناجيل والصلبان يدعون له , أما الأساقفة فقد خرجوا فى ذلك النهار كل منهم إلى كرسيه , ورجع الناس إلى كنائسهم وعيدوا بها

الجـــــــــزية يثقلها الملك العادل على الأقباط

 وبعد هذه الأحداث السابقة ذهب وكيل الملك العادل إلى قصر الشمع وأمر الناس أن يدفعوا عن كل دار مقدار من النقود على حكم الحكر وأخذ أموال من الكثير منهم وحدد عليهم حكراً مضاعفاً ووضع أموال على أوقاف الكنائس وعن كل دار أخذ 5 دنانير جزية , ووقع الأقباط فى شدة عظيمة وضيقة شديدة , وكان القسوس هم المسؤولين عن جمع هذه الجزية ودفعت المعلقة وابو سرجة حوالى خمسون دينار .

طلب الجزية مرة أخرى

  وكرروا طلب الجزية مرة ثانية على الأوقاف وحدث أن حدث إجحاف بالكنيسة فى هذه اليام العصيبة .

الملك الكامل يجبر مسيحى على الإسلام ويضرب عنقة

وقبل عيد الميلاد المقدس وأمر الملك بعرض المسجونين وكان منهم رجل أسمه أسداً وكان عمله صانع الثياب وتخاصم هذا الرجل مع زوجته وأشتكته بسبب الشرع الإسلامى بسبب لفظة الشهادتين أو قال انا ساسلم وشهد عليه بالإسلام وأنكره فأعتقل وسجن لمدة سنة وعندما أحضره الملك رغبه بالإسلام وعرض عليه أموال كثيرة وكسوة إن هو بقى على الإسلام فقال : " ما أنا إلا نصرانى وعلى نصرانيتى أموت " فقال له الملك الكامل : " ويلك أنطق بالشهادتين قدامى وأينما أردت أمضى أنجو بنفسك " قال أسد : " لا يكون هذا أبداً " ولم يزل النقاش بينهم وبينه حتى يوم الغطاس المجيد فأمر الملك بضرب رقبته فأحضرة والى القاهرة وعند باب زويلة وأحضر شهود وعرض عليه الإسلام قدامهم فأمتنع وقال : " خلصوا ما تريدونه منى ولا تعيدونى إلى الحبس " فتقدم أحد مماليك الملك ونخسه بالسيف ودخل السيف فى جسمه حوالى أربعة اصابع فقال له أسد : " أكمل " فقال مد عنقك فمده فضربه ضربه طارت بها رأسه عن جسمه وعلق جسمه على باب زويلة , ومجد الناس صبر ومحبة هذا الرجل لمسيحه وهكذا طبق وصيه سيده الذى قال : من ينكرنى قدام الناس أنكره قدام ابى " وظل جسده معلقاً على الباب وبعد ذلك أنزلوه وأخرجوه خارج المدينة ليحرقوه ولم يلقوا عليه من الوقود ما يناسب إحراقه فبقى جسده سليماً , وإجتمع الأراخنة الأقباط وسألوا الوالى فى إعطائهم جسده الكريم فاخذوه ودفنوه فى كنيسة الملكيين التى بحارة الروم الحمرا .

هرج ومرج فى كنيسة أثناء الصلاة

وعندما جاء الصوم كان الأراخنة أصحاب القس داود يصطحبونه فى كل أحد فى كنيسة ويقدس بها ويفرحون معه لأنه كان كاهناً حسناً عالماً خبيراً محبوباً وكان يخاف الرب وكان الذين ضده ولا يريدونه أن يصبح بطريركاً لأسباب كثيرة فى نفوسهم منها, من كان يحسده , ومن يخاف من أن يصبح بطريركا من أجل أشياء أرتكبها , أو من مكروه قد فعله مع القس داود فيخاف من عقابه , ومنهم من ظن أن الأشاعات التى تطلق عليه صحيحة وأنه غير مستحق فوقف منه موقف الضد تديناً وحباً فى الكنيسة .. وفى الحد الثالث ذهبوا إلى كنيسة أبو سرجه فى مصر وقد أتفقوا مع قس الكنيسة فحضر وحضرت الأراخنة وشعب كثير جداً وعندما حضر ضرب له قس الكنيسة مطاونة فقدس وعند قراءة الإبسالطس وإذا برجل أسمه أبن صدقة دخل الكنيسة ومعه جنود الوالى وأحدث شغباً وصاح وأفترى على قس الكنيسة وأراد تبطيل القداس بعد أن أخذ القربان وأجتمع جمهور كبير على باب الكنيسة ليشاهدوا ماذا يحدث , ودار نقاش ومفاوضات بأن يكمل القس داود القداس ووالى مصر المسلم جالس فى وسط الكنيسة على دكة ليحافظ على القس داود حتى لا يتعرض إليه أحد لأن أبن صدقة وأصحابه كانوا يريدون أن يرجموا القس داود وهو على الهيكل , وأكمل القس القداس الكيرلسى ثم خرج وركب دابته ووالى مصر معه يحرسه إلى أن أوصله لمكان قريباً من القاهرة وذهب إلى بيته ولم يمسه أحداً .

أما الصعايده الذين يعملون فى مصر فى بيع الزيت الحار والأشنان صدقوا الإشاعات التى تطلق على القس داود فذهبوا إلى القلعة وظلوا وقوف للملك ومعهم شكاوى وأدخلوها ولم يخرج لهم جواباً وكانوا يظنون لجهلهم أن ما يفعلونه ديناً   

ظهور قديسين فى الكنائس

ذكر القس بانوب وصفه أبن المقفع ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 123 قائلاً أنه " رجل مسيحى فاضل " أنه ذهب لصلاة القداس بكنيسة سمرنية فى مديرية ( محافظة أو منطقة ) الغربية  وكان موافق عيد الفتية الثلاثة الموافق 10 من بشنس وكان فى أثناء قراءة صلاة الصلح ( الأسبسمس ) .. ظهر فى قبة الكنيسة التى فوق الهيكل شخص جالس على كرسى وأمامه شخص واقف وفى يده مجمرة وهو يبخر ولهيب النار صاعد من المجمرة ثم ظهر بداير القبة ( الجزء الواسع من القبة ) كلها خيالة يركبها قديسين لهم أشكال مثل الصور التى فى الكنائس وكانوا يدورون حول القبة من الداخل وأذناب ( ذيول هذه الخيل تتحرك ) ورأى الشعب الذين يحضرون فى الكنيسة هذا الظهور , فإذا وصلوا إلى الكرسى عبروا وأختفوا ولم يزال هذا الظهور حتى وقت تقديم القربان وظهر مثل هذا الظهور فى كنيسة حانوت من وقت طويل مضى .

وفى كنيسة شباس وفى كنيسة السيدة العذراء مريم بظاهر منية عمرو وفى كنيسة الشهيد ابو يحنس بشبرا الخيمة حيث رأى هذا الظهور المسلمين ايضاً .

وقد أخبر ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الثالث ص 122 القس بانوب عن رؤيا فقال : " أنه رأى فى منامه كأنه واقف فى كنيسة يصلى وكأن صليباً قد ظهر فى المشرق وكأنه كله نار يتقد فى وسطه صورة السيد المسيح فسجد له بعد أن خاف وقال كيرياليسون ورفع رأسه فرأى الصليب قد أمتد إلى الجهات الأربع إلى أن ملأ آفاق الأرض وغطى كل الأرض .

وفى منام آخر رأى : " أن الفتنة قد ثارت بين الناس وخاف الأقباط وكان مكان الرؤيا كأنه فى الكنيسة وجاء إلى القس رجلاً فقال له القس : كلم ملك الهنكر فحضر بين يديه .. فقال له أمضى إلى أخوتنا المسيحيين الأقباط وطمن قلوبهم وهديهم وأخبرهم أن الفرنجة لم يحضروا إلا لينتقموا من أعدائهم ولم نجئ لنؤذيهم وسوف يبقون على أرثوذكسيتهم ثم أستيقظ من نومه .

This site was last updated 10/31/08