Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

بداية الأسرة العباسية فى حكم المسلمين خلافة العباسية - الخليفة أبي العباس السفاح

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة 133 و 134
سنة135 و 136 موت السفاح

أبو العباس السفاح (عبد الله بن محمد الأمام ) أبوالعباس السفاح :أربع سنين وتسعة اشهـر توفي في ذي الحجة سنة136هـ عن 32عاما

 بداية نشأة العباسيين

كتب المتمردون إلى رجل يكون من بنى هاشم هو "أبى هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية بن على بن أبى طالب" أحد العلماء الثقات، وكان مقيمًا بالشام قريبًا من دمشق عاصمة الخلافة الأموية.. ووصلت أخبار المكاتبة إلى الخليفة الأموى "سليمان بن عبد الملك  سنة 99هـ/ 718م."، فخشى أبو هاشم على نفسه من  بطش الخليفة وكانت قد تقدمت به السِّنّ- فانتقل إلى "الحميمة" من أرض الشام ؛ حيث يقيم عمه "عليّ السَّجَّاد بن عبد الله بن عباس"، وهناك حضرته منيته ، فأوصى إلى "محمد بن على بن عبد الله بن عباس" بما كان من أمر الناس معه، ودفع إليه الكتب التى كتبوها إليه، وقال له: أنت صاحب هذا الأمر ، وهو فى ولدك. ثم مات .
وأخذ محمد العباسى فى تنفيذ ما أوصاه به أبوهاشم ، فاتصل بالناس، واختار من بينهم دعاة لخلافته فى ربوع الدولة الأموية، يشهرون بها وينتقدون عيوبها، ويدعون إلى ضرورة أن يتولى أمر الخلافة رجل من آل البيت قادر على أن يملأ الأرض عدلا ، وأنتشرت دعوتهم وإلتف حولهم كثير من الناس
ومات محمد بن على بن عبد الله بن عباس سنة 124هـ/742 م  وأوصى ابنه إبراهيم الملقب بالإمام بمواصلة الدعوة للخلافة من بعده.
ونظم إبراهيم الإمام الدعوة العباسية للخلافة ووضع لهم قادة , من أمثال أبى سلمة الخلال على الكوفة، وأبى مسلم الخراسانى على خراسان.وقد كانت الكوفة وخراسان مهد لنشر الدعوة للخلافة العباسية ، فالكوفة كانت مهد التشيّع لأهل البيت , و خراسان كانت قريبة من الفرس الّذين كانوا سئموا من حكم بني أميّة وتطلعوا إلى قيام حكم بني العباس وخاصة سكّان مقاطعة سيستان الّتي كانت دائمًا معقل الثوار ومركز المؤامرات ضدّ العرب , فقد كان العنصر العربي هم عصب الدولة الأموية والجنس الأعلى المسيطر على باقى الأجناس , فلم يكن يتولى أحد من الفرس شيئًا من الولايات العامّة , وكان بنو أميّة يعاملونهم معاملة السّادة للعبيد كما إعتادوا أن يعاملوا باقى الشعوب .

 وفى عهد آخر خلفاء بنى أمية "مروان بن محمد" صدر الأمر إلى أبى مسلم الخراسانى بالجهر بالدعوة لخلافة العباسيين، ولم يلبث أبو مسلم أن هاجم "مرو " عاصمة خراسان ، وكاد أن يستولى عليها إلا أنه لم يتمكن من ذلك، فق أسرع الوالى على خراسان من قبل بنى أمية، وهو "نصر بن سيار" ويطلب من الخليفة الأموى مروان بن محمد مددًا، وينبه رجال الدولة إلى الخطر المحدق فأنشد شعراً قال فيه :
أَرى خَلَلَ الرَّمادِ وَميِضَ نــــارٍ ويُوشكُ أن يَكُونَ لَهَا ضِـرَامُ
فإن النارَ بالعودين تُذْكــــــى وإن الحربَ مبدؤها كـــــلامُ
فقلت من التعجب ليتَ شِعرى أأيقاظ أمية أم نيـــــــــام؟
ولم يهتم بنو أمية بهذا الأمر فلم يمدُّوا واليهم "نصر بن سيار" على خراسان بشىء، فأدرك أبو مسلم الخراسانى أن الوالى الأموى لن يستطيع صد هجومه طويلا، وأنه سيغزو "مرو" يومًا ما قريبًا .

فى سنة 130هـ/ 748م. أخذ ابو مسلم الخراسانى يجمع العرب من حوله ، ثم هاجم "مرو" فسقطت له، وهرب واليها "نصر بن سيار"
وواصل أبو مسلم غزواته، فدانت له "بلخ" و"سمرقند" و"طخارستان" و"الطبسين" وغيرها، وتمكن من بسط سيطرته ونفوذه على خراسان جميعًا، وراح يتطلع إلى غيرها ، وكان كلما فتح مكانًا أخذ البيعة من أهله على كتاب الله-عز وجل-وسنة نبيه ( "وللرضا من آل محمد"، أى يبايعون إمامّا مرضيًا عنه من آل البيت من غير أن يعِّيَنهُ لهم.

الخليفة "مروان بن محمد" يعتقل الإمام "إبراهيم بن محمد"
 وحدث أن وقع فى يد الخليفة (مروان بن محمد) كتاب من "الإمام إبراهيم العباسى" يحمل تعليماته إلى الدعاة لخلافة بنى العباس ، وعرف الخليفة مروان خطتهم وتنظيمهم، كان منشغلا بتوطيد سلطان خلافته ، واكتفى الخليفة "مروان بن محمد" بأن أمر القائم بالأمر فى دمشق بالقبض على الإمام "إبراهيم بن محمد" "بالحميمة" وإيداعه فى السجن ، وقبض عليه وأودع السجن، ولما علم "إبراهيم" أن مصيره الموت أوصى لأخيه "أبى العباس" بالإمامة طالبًا منه أن يرحل إلى الكوفة ومعه أهل بيته ؛ لينزل على داعى العباسيين بها وهو "أبو سلمة الخلال"  وظل الإمام إبراهيم العباسى حبيسًا إلى أن مات فى خلافة مروان بن محمد سنة 132هـ/750م.

إلى أن التقى الجيشان العباسي والأموي على ضفة نهر الزّاب قرب مدينة الموصل في شهر جمادى الآخرة عام مائة واثنين وثلاثين هجريّة , ودارت بينهما الحرب حتى انتصر الجيش العبّاسي بقيادة أبي مسلم الخرساني

********************************************************************************************

 الجزء التالى من تاريخ كتاب البداية والنهاية لــ أبن كثير الجزء العاشر- السنة 921 ( 123 من 239 ) وضعنا له فقط رؤوس مواضيع .

********************************************************************************************

أول ظهور أبي مسلم الخراساني

وفي هذه السنة‏:‏ رد كتاب إبراهيم بن محمد الإمام العباسي بطلب أبي مسلم الخراساني من خراسان، فسار إليه في سبعين من النقباء لا يمرون ببلد إلا سألوهم‏:‏ إلى أين تذهبون ‏؟‏

فيقول أبو مسلم‏:‏ نريد الحج‏.‏

وإذا توسم أبو مسلم من بعضهم ميلاً إليهم دعاهم إلى ما هم فيه فيجيبه إلى ذلك، فلما كان ببعض الطريق جاء كتاب ثان من إبراهيم الإمام إلى أبي مسلم‏:‏ إني بعثت إليك براية النصر فارجع إلى خراسان وأظهر الدعوة، وأمر قحطبة بن شيب أن يسير بما معه من الأموال والتحف إلى إبراهيم الإمام فيوافيه في الموسم‏.‏

فرجع أبو مسلم بالكتاب فدخل خراسان في أول يوم من رمضان فرفع الكتاب إلى سليمان بن كثير وفيه‏:‏ أن أظهر دعوتك ولا تتربص‏.‏

فقدموا عليهم أبا مسلم الخراساني داعياً إلى بني العباس، فبعث أبو مسلم دعاته في بلاد خراسان، وأمير خراسان - نصر بن سيار - مشغول بقتال الكرماني، وشيبان بن سلمة الحروري، وقد بلغ من أمره أنه كان يسلم عليه أصحابه بالخلافة في طوائف كثيرة من الخوارج، فظهر أمر أبي مسلم وقصده الناس من كل جانب، فكان ممن قصده في يوم واحد أهل ستين قرية، فأقام هناك اثنين وأربعين يوماً ففتحت على يديه أقاليم كثيرة‏.‏

ولما كان ليلة الخميس لخمس بقين من رمضان في هذه السنة‏:‏ عقد أبو مسلم اللواء الذي بعثه إليه الإمام، ويدعى‏:‏ الظل، على رمح طوله أربعة عشر ذراعاً، وعقد الراية التي بعث بها الإمام أيضاً، وتدعى‏:‏ السحاب، على رمح طوله ثلاثة عشر ذراعاً، وهما سوداوان، وهو يتلو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 39‏]‏‏.‏

ولبس أبو مسلم وسليمان بن كثير ومن أجابهم إلى الدعوة السواد، وصارت شعارهم، وأوقدوا في هذه الليلة ناراً عظيمة يدعون بها أهل تلك النواحي، وكانت علامة بينهم فتجمعوا‏.‏

ومعنى تسمية إحدى الرايتين بالسحاب‏:‏ أن السحاب كما يطبق جميع الأرض كذلك بنو العباس تطبق دعوتهم أهل الأرض، ومعنى تسمية الأخرى بالظل‏:‏ أن الأرض كما أنها لا تخلو من الظل فكذلك بنو العباس لا تخلو الأرض من قائم منهم‏.‏

وأقبل الناس إلى أبي مسلم من كل جانب، وكثر جيشه‏.‏

ولما كان يوم عيد الفطر أمر أبو مسلم سليمان بن كثير أن يصلي بالناس، ونصب له منبراً، وأن يخالف في ذلك بني أمية، ويعمل بالسنة، فنودي للصلاة‏:‏ الصلاة جامعة، ولم يؤذن ولم يقم خلافاً لهم، وبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وكبر ستاً في الأولى قبل القراءة لا أربعاً، وخمساً في الثانية لا ثلاثاً خلافاً لهم‏.‏

وابتدأ الخطبة بالذكر والتكبير وختمها بالقراءة، وانصرف الناس من صلاة العيد وقد أعدَّ لهم أبو مسلم طعاماً فوضعه بين يدي الناس، وكتب إلى نصر بن سيار كتاباً بدأ فيه بنفسه ثم قال‏:‏

إلى نصر بن سيار‏.‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏:‏ أما بعد فإن الله عيَّر أقواماً في كتابه فقال‏:‏ ‏{‏وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ‏}‏ إلى قوله ‏{‏تَحْوِيلاً‏}‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 42-43‏]‏‏.‏

فعظم على نصر أن قدَّم اسمه على اسمه، وأطال الفكر، وقال‏:‏ هذا كتاب له جواب‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/34‏)‏

قال ابن جرير‏:‏ ثم بعث نصر بن سيار خيلاً عظيمةً لمحاربة أبي مسلم، وذلك بعد ظهوره بثمانية عشر شهراً، فأرسل أبو مسلم إليهم مالك بن الهيثم الخزاعي، فالتقوا فدعاهم مالك إلى الرضا عن آل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبوا ذلك فتصافَّوا من أول النهار إلى العصر، فجاء إلى مالك مدد فقوي فظفر بهم مالك، وكان هذا أول موقف اقتتل فيه جند بني العباس وجند بني أمية‏.‏

وفي هذه السنة‏:‏ غلب حازم بن خزيمة على مرو الروذ، وقتل عاملها من جهة نصر بن سيار، وهو‏:‏ بشر بن جعفر السعدي، وكتب بالفتح إلى أبي مسلم، وكان أبو مسلم إذ ذاك شاباً حدثاً قد اختاره إبراهيم لدعوتهم، وذلك لشهامته وصرامته وقوة فهمه وجودة ذهنه، وأصله من سواد الكوفة، وكان مولى لإدريس بن معقل العجلي، فاشتراه بعض دعاة بني العباس بأربعمائة درهم، ثم أخذه محمد بن علي ثم آل ولاؤه لآل العباس، وزوجه إبراهيم الإمام بابنة أبي النجم إسماعيل بن عمران، وأصدقها عنه، وكتب إلى دعاتهم بخراسان والعراق أن يسمعوا منه، فامتثلوا أمره، وقد كانوا في السنة الماضية قبل هذه السنة ردوا عليه أمره لصغره فيهم، فلما كانت هذه السنة أكَّد الإمام كتابه إليهم في الوصاة به وطاعته، وكان في ذلك الخير له ولهم، ‏{‏وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 38‏]‏‏.‏

ولما فشا أمر أبي مسلم بخراسان تعاقدت طوائف من العرب الذين بها على حربه ومقاتلته، ولم يكره الكرماني وشيبان لأنهما خرجا على نصر وأبو مسلم مخالف لنصر كحالهما، وهو مع ذلك يدعو إلى خلع مروان الحمار، وقد طلب نصر من شيبان أن يكون معه على حرب أبي مسلم، أو يكف عنه حتى يتفرغ لحربه، فإذا قتل أبا مسلم عادا إلى عداوتهما، فأجابه إلى ذلك، فبلغ ذلك أبا مسلم فبعث إلى الكرماني يعلمه بذلك فلام الكرماني شيبان على ذلك، وثناه عن ذلك، وبعث أبو مسلم إلى هراة النضر بن نعيم، فأخذها من عاملها عيسى بن عقيل الليثي، وكتب إلى أبي مسلم بذلك، وجاء عاملها إلى نصر هارباً، ثم إن شيبان وادع نصر بن سيار سنة على ترك الحرب بينه وبينه، وذلك عن كره من الكرماني، فبعث ابن الكرماني إلى أبي مسلم‏:‏ أني معك على قتال نصر‏.‏

وركب أبو مسلم في خدمة الكرماني، فاتفقا على حرب نصر ومخالفته‏.‏

وتحول أبو مسلم إلى موضع فسيح وكثر جنده وعظم جيشه، واستعمل على الحرس والشرط والرسائل والديوان وغير ذلك مما يحتاج إليه الملك عمالاً‏.‏

وجعل القاسم بن مجاشع التميمي - وكان أحد النقباء - على القضاء وكان يصلي بأبي مسلم الصلوات، ويقص بعض القصص فيذكر محاسن بني هاشم ويذم بني أمية، ثم تحول أبو مسلم إلى قرية يقال لها‏:‏ بالين، وكان في مكان منخفض، فخشي أن يقطع عنه نصر بن سيار الماء، وذلك في سادس ذي الحجة من هذه السنة، وصلى بهم يوم النحر القاضي القاسم بن مجاشع‏.‏

وصار نصر بن سيار في جحافل كالسحاب قاصداً قتال أبي مسلم، واستخلف على البلاد نواباً وكان من أمرهما ما سنذكره في السنة الآتية‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 10/35‏)‏

  الجزء التالى من تاريخ كتاب البداية والنهاية لــ أبن كثير الجزء العاشر- السنة 136 ( 123 من 239 ) وضعنا له فقط رؤوس مواضيع .

خلافة أبي العباس السفاح
لما بلغ أهل الكوفة مقتل إبراهيم بن محمد، أراد أبو سلمة الخلال أن يحول الخلافة إلى آل علي بن أبي طالب، فغلبه بقية النقباء والأمراء، وأحضروا أبا العباس السفاح وسلموا عليه بالخلافة، وذلك بالكوفة، وكان عمره إذ ذاك ستاً وعشرين سنة‏.‏
وكان أول من سلم عليه بالخلافة‏:‏ أبو سلمة الخلال، وذلك ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر من هذه السنة، فلما كان وقت صلاة الجمعة خرج السفاح على برذون أبلق، والجنود ملبسة معه، حتى دخل دار الإمارة، ثم خرج إلى المسجد الجامع وصلى بالناس، ثم صعد المنبر وبايعه الناس وهو على المنبر في أعلاه، وعمه داود بن علي واقف دونه بثلاث درج‏.‏
وتكلم السفاح، وكان أول ما نطق به أن قال‏:‏ الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه ديناً، وكرمه وشرفه وعظمه، واختاره لنا، وأيده بنا، وجعلنا أهله وكهفه والقوام به والذابين عنه والناصرين له، وألزمنا كلمة التقوى وجعلنا أحق بها وأهلها، خصنا برحم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته، ووضعنا بالإسلام وأهله في الموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتاباً يتلى عليهم فقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 33‏]‏‏.‏
وقال‏:‏ ‏{‏قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 23‏]‏
وقال‏:‏ ‏{‏وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏ 214‏]‏‏.‏
وقال‏:‏ ‏{‏مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 7‏]‏ الآية‏.‏
فأعلمهم عز وجل فضلنا وأوجب عليهم حقنا ومودتنا، وأجزل من الفيء والغنيمة نصيبنا تكرمة لنا، وتفضلة علينا، والله ذو الفضل العظيم‏.‏
وزعمت السبابية الضلال أن غيرنا أحق بالرياسة والسياسة والخلافة منا، فشاهت وجوههم‏.‏
أيها الناس ‏!‏ بنا هدى الله الناس بعد ضلالتهم، ونصرهم بعد جهالتهم، وأنقذهم بعد هلكتهم، وأظهر بنا الحق وأدحض بنا الباطل، وأصلح بنا منهم ما كان فاسداً، ورفع بنا الخسيسة، وأتم النقيصة وجمع الفرقة، حتى عاد الناس بعد العداوة أهل تعاطف وبر ومواساة في دنياهم، وإخواناً على سرر متقابلين في أخراهم، فتح الله علينا ذلك منَّة ومنحة بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلما قبضه إليه قام بذلك الأمر بعده أصحابه، وأمرهم شورى بينهم، فحووا مواريث الأمم فعدلوا فيها، ووضعوها مواضعها، وأعطوها أهلها، وخرجوا خماصاً منها‏.‏
ثم وثب بنو حرب ومروان فابتزوها لأنفسهم، وتداولوها‏.‏
فجاروا فيها واستأثروا بها، وظلموا أهلها، فأملى الله لهم حيناً ‏{‏فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 55‏]‏، فانتزع منهم ما بأيديهم بأيدينا، ورد الله علينا حقنا، وتدارك بنا أمتنا، وتولى أمرنا والقيام بنصرنا ليمنَّ بنا على الذين استضعفوا في الأرض، وختم بنا كما افتتح بنا، وإني لأرجو أن لا يأتيكم الجور من حيث جاءكم الخير، ولا الفساد من حيث جاءكم الصلاح، وما توفيقنا أهل البيت إلا بالله‏.‏
‏(‏ج/ص‏:‏ 10/45‏)‏
يا أهل الكوفة ‏!‏ أنتم محل محبتنا ومنزل مودتنا، وأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا، وقد زدتكم في أعطياتكم مائة درهم، فاستعدوا فأنا السفاح الهائج والثائر المبير‏.‏
وكان به وعك فاشتد عليه حتى جلس على المنبر، ونهض عمه داود فقال‏:‏ الحمد لله شكراً الذي أهلك عدونا، وأصار إلينا ميراثنا من بيتنا‏.‏
أيها الناس ‏!‏ الآن انقشعت حنادس الظلمات وانكشف غطاؤها، وأشرقت أرضها وسماؤها، فطلعت شمس الخلافة من مطلعها، ورجع الحق إلى نصابه، إلى أهل نبيكم أهل الرأفة والرحمة والعطف عليكم‏.‏
أيها الناس ‏!‏ إنا والله ما خرجنا لهذا الأمر لنكنز لجيناً ولا عقياناً، ولا لنحفر نهراً ولا لنبني قصراً، ولا لنجمع ذهباً ولا فضة، وإنما أخرجتنا الأنفة من انتزاع حقنا والغضب لبني عمنا، ولسوء سيرة بني أمية فيكم، واستذلالهم لكم، واستئثاركم بفيئكم وصدقاتكم، فلكم علينا ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس، أن نحكم فيكم بما أنزل الله، ونعمل بكتاب الله، ونسير في العامة والخاصة بسيرة رسول الله‏.‏
تباً تباً لبني أمية وبني مروان، آثروا العاجلة على الآجلة، والدار الفانية على الدار الباقية، فركبوا الآثام وظلموا الأنام، وارتكبوا المحارم، وغشوا الجرائم، وجاروا في سيرتهم في العباد، وسنتهم في البلاد التي بها استلذوا تسربل الأوزار، وتجلبب الآصار، ومرحوا في أعنة المعاصي، وركضوا في ميادين الغي، جهلاً منهم باستدراج الله، وعمياً عن أخذ الله، وأمناً لمكر الله، فأتاهم بأس الله بياتاً وهم نائمون، فأصبحوا أحاديث ومزقوا كل ممزق، فبعداً للقوم الظالمين‏.‏
وأدان الله من مروان، وقد غره بالله الغرور، أرسل عدو الله في عنانه حتى عثر جواده في فضل خطامه، أظنَّ عدو الله أن لن يقدر عليه أحد‏؟‏ فنادى حزبه وجمع جنده، ورمى بكتائبه، فوجد أمامه ووراءه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته من مكر الله وبأسه ونقمته ما أمات باطله، ومحق ضلاله، وأحل دائرة السوء به، وأحاط به خطيئته، ورد إلينا حقنا وآوانا‏.‏
أيها الناس ‏!‏ إن أمير المؤمنين نصره الله نصراً عزيزاً، إنما عاد إلى المنبر بعد صلاة الجمعة لأنه كره أن يخلط بكلام الجمعة غيره، وإنما قطعه عن استتمام الكلام شدة الوعك، فادعوا الله لأمير المؤمنين بالعافية، فقد أبدلكم الله بمروان عدو الرحمن، وخليفة الشيطان، المتبع للسفلة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، المتوكل على الله، المقتدي بالأبرار الأخيار الذين أصلحوا الأرض بعد فسادها بمعالم الهدى، ومناهج التقى‏.‏
‏(‏ج/ص‏:‏ 10/46‏)‏
قال‏:‏ فعج الناس له بالدعاء، ثم قال‏:‏ واعلموا يا أهل الكوفة ‏!‏ أنه لم يصعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين هذا - وأشار بيده إلى السفاح - واعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج عنا، حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم عليه السلام، والحمد لله رب العالمين على ما أبلانا وأولانا‏.‏
ثم نزل أبو العباس وداود حتى دخلا القصر، ثم دخل الناس يبايعون إلى العصر، ثم من بعد العصر إلى الليل‏.‏
ثم إن أبا العباس خرج فعسكر بظاهر الكوفة واستخلف عليها عمه داود، وبعث عمه عبد الله بن علي إلى أبي عون بن أبي يزيد، وبعث ابن أخيه عيسى بن موسى إلى الحسن بن قحطبة، وهو يومئذ بواسط يحاصر ابن هبيرة، وبعث يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس إلى حميد بن قحطبة بالمدائن، وبعث أبا اليقظان عثمان بن عروة بن محمد بن عمار بن ياسر إلى بسام بن إبراهيم بن بسام بالأهواز، وبعث سلمة بن عمرو بن عثمان إلى مالك بن الطواف‏.‏
وأقام هو بالعسكر أشهراً، ثم ارتحل فنزل المدينة الهاشمية في قصر الإمارة، وقد تنكر لأبي سلمة الخلال، وذلك لما كان بلغه عنه من العدول بالخلافة عن ابن العباس إلى آل علي بن أبي طالب، والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

*******************

  الجزء التالى من تاريخ كتاب البداية والنهاية لــ أبن كثير الجزء العاشر- السنة 136 ( 123 من 239 ) وضعنا له فقط رؤوس مواضيع .

ترجمة أبي العباس السفاح أول خلفاء بني العباس

هو‏:‏ عبد الله السفاح - ويقال له‏:‏ المرتضى، والقاسم أيضاً - ابن محمد بن الإمام بن علي السجاد بن عبد الله الحبر بن العباس بن عبد المطلب، القرشي الهاشمي، أمير المؤمنين، وأمه‏:‏ ريطة - ويقال‏:‏ رايطة - بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد الدار الحارثي‏.‏

كان مولد السفاح بالحميمة من أرض الشراة من البلقاء بالشام، ونشأ بها حتى أخذ مروان أخاه إبراهيم الإمام فانتقلوا إلى الكوفة‏.‏

بويع بالخلافة بعد مقتل أخيه في حياة مروان يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول بالكوفة كما تقدم‏.‏

وتوفي بالجدري بالأنبار يوم الأحد الحادي عشر، وقيل‏:‏ الثالث عشر من ذي الحجة، سنة ست وثلاثين ومائة‏.‏

وكان عمره ثلاثاً، وقيل‏:‏ ثنتين، وقيل‏:‏ إحدى وثلاثين سنة، وقيل‏:‏ ثمان وعشرين سنة‏.‏ قاله غير واحد‏.‏

وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر، وكان أبيض جميلاً طويلاً، أقنى الأنف، جعد الشعر، حسن اللحية، حسن الوجه، فصيح الكلام، حسن الرأي، جيد البديهة‏.‏

دخل عليه في أول ولايته عبد الله بن حسن بن حسن بن علي ومعه مصحف وعند السفاح وجوه بني هاشم من أهل بيته وغيرهم، فقال له‏:‏ يا أمير المؤمنين ‏!‏ أعطنا حقنا الذي جعله الله لنا في هذا المصحف‏.‏

قال‏:‏ فأشفق عليه الحاضرون أن يعجل السفاح عليه بشيء أو يترك جوابه فيبقى ذلك مسبة عليه وعليهم‏.‏

فأقبل السفاح عليه غير مغضب ولا منزعج، فقال‏:‏ إن جدك علياً، كان خيراً مني وأعدل، وقد ولي هذا الأمر فأعطى جديك الحسن والحسين وكانا خيراً منك، شيئاً قد أعطيتكه وزدتك عليه، فما كان هذا جزائي منك‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/64‏)‏

قال‏:‏ فما رد عليه عبد الله بن حسن جواباً، وتعجب الناس من سرعة جوابه وجدته وجودته على البديهة‏.‏

وقد وقال الإمام أحمد في مسنده‏:‏ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا الأعمش، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏يخرج عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له‏:‏ السفاح، يكون إعطاؤه المال حثياً‏)‏‏)‏‏.‏

وكذا رواه زائدة وأبو معاوية، عن الأعمش، به‏.‏

وهذا الحديث في إسناده عطية العوفي وقد تكلموا فيه‏.‏

وفي أن المراد بهذا الحديث هذا السفاح نظر، والله أعلم‏.‏

وقد ذكرنا فيما تقدم عند زوال دولة بني أمية أخباراً وآثاراً في مثل هذا المعنى‏.‏

وقال الزبير بن بكار‏:‏ حدثني محمد بن سلمة بن محمد بن هشام، أخبرني محمد بن عبد الرحمن المخزومي، حدثني داود بن عيسى، عن أبيه، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس - وهو‏:‏ والد السفاح - قال‏:‏ دخلت على عمر بن عبد العزيز وعنده رجل من النصارى فقال له عمر‏:‏ من تجدون الخليفة بعد سليمان ‏؟‏

قال له‏:‏ أنت ‏!‏

فأقبل عمر بن عبد العزيز عليه فقال له‏:‏ زدني من بيانك‏.‏

فقال‏:‏ ثم آخر، إلى أن ذكر خلافة بني أمية إلى آخرها‏.‏

قال محمد بن علي‏:‏ فلما كان بعد ذلك جعلت ذلك النصراني في بالي فرأيته يوماً فأمرت غلامي أن يحبسه عليَّ، وذهبت إلى منزلي فسألته عما يكون في خلفاء بني أمية فذكرهم واحداً واحداً، وتجاوز عن مروان بن محمد‏.‏

قلت‏:‏ ثم من ‏؟‏

قال‏:‏ ثم ابن الحارثية، وهو ابنك‏.‏

قال‏:‏ وكان ابني ابن الحارثية إذ ذاك حملاً‏.‏

قال‏:‏ ووفد أهل المدينة على السفاح فبادروا إلى تقبيل يده غير عمران بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع العدوي، فإنه لم يقبل يده، إنما حياه بالخلافة فقط‏.‏

وقال‏:‏ والله يا أمير المؤمنين ‏!‏ لو كان تقبيلها يزيدك رفعة ويزيدني وسيلة إليك ما سبقني إليها أحد من هؤلاء، وإني لغني عما لا أجر فيه، وربما قادنا عمله إلى الوزر، ثم جلس‏.‏

قال‏:‏ فوالله ما نقصه ذلك عنده حظاً من حظ أصحابه، بل أحبه وزاده‏.‏

وذكر القاضي المعافى بن زكريا‏:‏ أن السفاح بعث رجلاً ينادي في عسكر مروان بهذين البيتين ليلاً ثم رجع‏:‏

يا آل مروان إن الله مهلككم * ومبدل أمنكم خوفاً وتشريدا

لا عمَّر الله من أنسالكم أحداً * وبثكم في بلاد الخوف تطريدا

وروى الخطيب البغدادي أن السفاح نظر يوماً في المرآة - وكان من أجمل الناس وجهاً - فقال‏:‏ اللهم لا أقول كما قال سليمان بن عبد الملك‏:‏ أنا الخليفة الشاب، ولكن أقول‏:‏ اللهم عمرني طويلاً في طاعتك ممتعاً بالعافية‏.‏

فما استتم كلامه حتى سمع غلاماً يقول لآخر‏:‏ الأجل بيني وبينك شهران وخمسة أيام‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/65‏)‏

فتطير من كلامه وقال‏:‏ حسبي الله لا قوة إلا بالله عليه توكلت وبه أستعين‏.‏ فمات بعد شهرين وخمسة أيام‏.‏

وذكر محمد بن عبد الله بن مالك الخزاعي‏:‏ أن الرشيد أمر ابنه أن يسمع من إسحاق بن عيسى بن علي ما يرويه عن أبيه في قصة السفاح، فأخبره عن أبيه عيسى، أنه دخل على السفاح يوم عرفة بكرة فوجده صائماً، فأمره أن يحادثه في يومه هذا ثم يختم ذلك بفطره عنده‏.‏

قال‏:‏ فحادثته حتى أخذه النوم فقمت عنه وقلت‏:‏ أقيل في منزلي ثم أجيء بعد ذلك‏.‏

فذهبت فنمت قليلاً ثم قمت فأقبلت إلى داره فإذا على بابه بشير يبشر بفتح السند وبيعتهم للخليفة وتسليم الأمور إلى نوابه‏.‏

قال‏:‏ فحمدت الله الذي وفقني في الدخول عليه بهذه البشارة، فدخلت الدار فإذا بشير أخر معه بشارة بفتح إفريقية، فحمدت الله فدخلت عليه فبشرته بذلك وهو يسرح لحيته بعد الوضوء، فسقط المشط من يده ثم قال‏:‏ سبحان الله، كل شيء بائد سواه، نعيت والله إليَّ نفسي، حدثني إبراهيم الإمام، عن أبي هشام، عن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏‏(‏يقدم عليَّ في مدينتي هذه وافدان‏:‏ وافد السند والآخر وافد إفريقية بسمعهم وطاعتهم وبيعتهم، فلا يمضي بعد ذلك ثلاثة أيام حتى أموت‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ وقد أتاني الوافدان فأعظم الله أجرك يا عم في ابن أخيك‏.‏

فقلت‏:‏ كلا يا أمير المؤمنين ‏!‏ إن شاء الله‏.‏

قال‏:‏ بلى ‏!‏ إن شاء الله، لئن كانت الدنيا حبيبة إليَّ فالآخرة أحب إلي، ولقاء ربي خير لي، وصحة الرواية عن رسول الله بذلك أحب إلي منها، والله ما كَذبت ولا كُذبت‏.‏

ثم نهض فدخل منزله وأمرني بالجلوس، فلما جاء المؤذن يعلمه بوقت الظهر خرج الخادم يعلمني أن أصلي عنه، وكذلك العصر والمغرب والعشاء، وبت هناك، فلما كان وقت السحر أتاني الخادم بكتاب معه يأمرني أن أصلي عنه الصبح والعيد ثم أرجع إلى داره، وفيه يقول‏:‏ يا عم ‏!‏ إذا مت فلا تعلم الناس بموتي حتى تقرأ عليهم هذا الكتاب فيبايعوا لمن فيه‏.‏

قال‏:‏ فصليت بالناس ثم رجعت إليه فإذا ليس به بأس، ثم دخلت عليه من آخر النهار فإذا هو على حاله غير أنه قد خرجت في وجهه حبتان صغيرتان، ثم كبرتا، ثم صار في وجهه حب صغار بيض، يقال‏:‏ إنه جدري، ثم بكرت إليه في اليوم الثاني فإذا هو قد هجر وذهبت عنه معرفتي ومعرفة غيري، ثم رجعت إليه بالعشي فإذا هو انتفخ حتى صار مثل الزق، وتوفي اليوم الثالث من أيام التشريق، فسجيته كما أمرني، وخرجت إلى الناس فقرأت عليهم كتابه فإذا فيه‏:‏ من عبد الله أمير المؤمنين إلى الأولياء وجماعة المسلمين، سلام عليكم أما بعد فقد قلد أمير المؤمنين الخلافة عليكم بعد وفاته أخاه فاسمعوا وأطيعوا، وقد قلدها من بعده عيسى بن موسى إن كان‏.‏

قال‏:‏ فاختلف الناس في قوله‏:‏ إن كان، قيل‏:‏ إن كان أهلاً لها، وقال آخرون‏:‏ إن كان حياً‏.‏

وهذا القول الثاني هو الصواب، ذكره الخطيب وابن عساكر مطولاً‏.‏ وهذا ملخص منه‏.‏ وفيه ذكر الحديث المرفوع وهو منكر جداً‏.‏

وذكر ابن عساكر أن الطبيب دخل عليه فأخذ بيده فأنشأ يقول عند ذلك‏:‏

انظر إلى ضعف الحرا * ك وذله بعد السكون

ينبيك أن بيانه * هذا مقدمة المنون

فقال الطبيب‏:‏ أنت صالح‏.‏

فأنشأ يقول‏:‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/66‏)‏

يبشرني بأني ذو صلاح * يبين له وبي داء دفين

ولقد أيقنت إني غير باق * ولا شك إذا وضح اليقين

قال أهل العلم‏:‏ كان آخر ما تكلم به السفاح‏:‏

الملك لله الحي القيوم، ملك الملوك، وجبار الجبابرة‏.‏

وكان نقش خاتمه‏:‏ الله ثقة عبد الله‏.‏

وكان موته بالجدري في يوم الأحد الثالث عشر من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة بالأنبار العتيقة، عن ثلاث وثلاثين سنة‏.‏

وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر على أشهر الأقوال‏.‏

وصلى عليه عمه عيسى بن علي، ودفن في قصر الإمارة من الأنبار‏.‏

وترك‏:‏ تسع جبات، وأربعة أقمصة، وخمس سراويلات، وأربعة طيالسة، وثلاث مطارف خز‏.‏

وقد ترجمه ابن عساكر فذكر بعض ما أوردناه، والله أعلم‏.‏

وممن توفي فيها من الأعيان‏:‏ السفاح كما تقدم، وأشعث بن سوار، وجعفر بن أبي ربيعة، وحصين بن عبد الرحمن، وربيعة الراعي، وزيد بن أسلم، وعبد الملك بن عمير، وعبد الله بن أبي جعفر، وعطاء بن السائب، وقد ذكرنا تراجمهم في التكميل ولله الحمد‏

 This site was last updated 07/12/11