Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

موقف الكنائس المصرية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 3000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان
تقرير وزارة الخارجية الأمريكية
حقوق الأنسان 2003م
Freedom Report 2005
مركز أبن خلدون 2005
الإتجار بالبشر
معاداة السامية بمصر
حقوق الإنسان 2004
حقوق الإنسان وبحب السيما
الكنائس والعهد الدولي للحقوق
المجلس القومي لحقوق الإنسان
الحريات الدينية 2007م
نجيب جبرائيل المحامى
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
الأقباط وأجازة الحج
عودة المسيحي لديانته بعد إسلامه
ودة المسيحي لديانته بعد إسلامه
تقرير حقوقى عن 2009
برلمانى الأمانى واللأقباط
حقوق الإنسان 2006م
تقرير الحريات 2007
انتهاكات" الحريات الدينية
التقرير الأمريكى السنوى 2008
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية:
لجنة الحريات الدينية 2010م
المحافظين لبناء وإصلاح الكنائس
ال
Untitled 3218
Untitled 3219
Untitled 3220
Untitled 3241
Untitled 3242
Untitled 3243
Untitled 3244
Untitled 3245
Untitled 3246
Untitled 3247
حقوق الإنسان بمصر

Hit Counter

 

مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء
المؤتمر السنوي الثاني


حقوق الإنسان في مصر
من جنيف 2002- جنيف 2004

الأحد والاثنين 25 -26 مايو 2003
(قاعة اللوتس – فندق بيراميزا "60 ش الجيزة" - القاهرة )
موقف الكنائس المصرية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
(نحو لاهوت تحرير الأقباط من ثلاثية قهر الدولة ، والتعصب، والكنيسة)
سليمان شفيق باحث وصحفي
تعددت الكتابات حول هموم المواطنين المصرين الأقباط منذ تصاعد أعمال العنف ضدهم أو ضد الوطن ككل وبروزا مما اصطلح علي تسميته بـ "الأحداث الطائفية " بدءا من أحداث الخانكة 1972 وغلب على معظم هذه الكتابات على تنوعها الدفاع عن الأقباط بمنطق التآخي ، وذلك فى إطار استحضار الثوابت التاريخية على قاعدة أساسية هى الجماعة الوطنية ، ومقولات أخرى مثل الدين لله والوطن للجميع أو مقولة مكرم عبيد الشهيرة "أنا قبطى دينا مسلم وطنا" . وعامة ، فقد غلب على كل ذلك ، تأكيد الهوية المصرية القبطية فى إطار الجماعة المصرية ، وذلك كله فى حالة من الدفاعية فى مواجهة التيارات المتطرفة . واستمر الأمر على هذا المنوال حتى منتصف الثمانينات وبروز مناخ حقوق الإنسان ، حيث برزت على السطح كتابات علمية قيمة على قاعدة مدنية ، سواء لمفهوم المواطنة أو لحقوق الإنسان خاصة العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية ، وكتب فى ذلك الشأن كتاب بارزين ، مثل د. إسماعيل صبرى عبد الله ، والأستاذ / أبو سيف يوسف ، و د. سعد الدين إبراهيم، والمستشار الراحل / وليم سليمان قلادة ، و د. سليم العوا ، والأستاذ / فهمى هويدى ، و د.مصطفى الفقى ، و د. ميلاد حنا ، و د . يونان لبيب رزق ، وآخرين . ومنذ بداية التسعينيات ، اكتسيت هذه الكتابات الطابع المطلبى ، وارتفعت أصوات تتحدث عن ما يسمى بمطالب الأقباط سواء على صفحات جريدة وطنى ، أو للدكتور / فرج فودة ، والدكتور / رفعت السعيد ، والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان ، أو مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية . ومنذ الألفية الثالثة وما صاحبها من توقف لأعمال العنف ضد الوطن والأقباط ، ومنذ الانفراج النسبى فى علاقة المواطنين المصرين مع الدولة من جهة ، وتقهقر عمل مؤسسات المجتمع المدنى من جهة أخرى ، خاصة منظمات حقوق الإنسان من قضية مركز ابن خلدون وما صاحب ذلك على الصعيد الدولى من تزايد معدلات الهيمنة الإمبريالية الأمريكية من جهة ثالثة ، كل ذلك أدى إلى انكفاء الجميع ، خاصة مع بروز تيار آخر من المواطنين الأقباط المصرين الداعين لرفض الهيمنة الأمريكية والدفاع عن المواطنة لعنصرى الأمة ( ).

في إطار الكتابات حول هموم الأقباط أيضاً ، برز هناك تيار لاهوت التحرير ( ) للأب وليم سيدهم اليسوعى والذي اجتهد فيه نحو لاهوت تحرير مصرى عربى ، سنتحدث عنه فى حينه ( ). وفى مرحلة جديدة حملت الكتابات العديد من المؤشرات المهمة التى يجب أن تناقش بعض الأدوار ، مثل دور المؤثر الخارجى فى ظل المتغيرات العالمية الجديدة وتأثيرها على الجماعة الوطنية . وكان التركيز على أن معالجة الثغرات فى المشاكل المحلية –الوطنية– هو الذى يسد الطريق أمام التدخل الأجنبى بعيدا عن ما يسمى بالثوابت أو استحضار التاريخ لخلق مناخ من الطمأنينة الفكرية للحاضر ، وان نقطة البدء الجديدة لمناقشة موضوع الأقباط هى القلق بشأن مستقبل مصر فى إطار كافة الهواجس التى لا نحتاج لنفيها بل وضعها تحت المجهر وتحليلها حيث لم يعد الأمر تآخيا ونسيجا وسبائك وثوابت ، بل مواطنون مصريون لا يعانون بسبب مصريتهم فحسب شأنهم شأن اشقائهم المسلمين فى الوطن ، بل يعانون إضافة لذلك بسبب عقيدتهم من جهة أو يعانون بسبب التمييز القبطى...القبطى من جهة أخرى وفى كل الأحوال ، فان مشكلاتهم وهمومهم ليست بسبب الدين الإسلامى الحنيف ، بل بسبب بعض المتطرفين ، ولا بسبب الدين المسيحى الداعى للمحبة ، بل بسبب اللاهوت المهيمن لبعض الكنائس المسيحية . وفى هذا الإطار سوف نناقش الأمر على قاعدة العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية أى على قاعدة المدنية والمساواة والمواطنة شبة المنقوصة للمواطنين المصرين الأقباط . وتنقسم تلك الدراسة إلى أربعة مستويات هي : ( )
أولاً : أزمة المواطنة فى القانون
ثانياً : الدولة وأزمة المواطنة
ثالثاً : المناخ السائد وعلاقته بالأزمة
رابعاً : الكنائس المصرية وعلاقاتها بالأزمة
وقبل التعاطى مع المحاور الأربعة المطروحة لابد من الإشارة إلى ان المواطنين المصرين الأقباط اكبر تجمع مسيحى فى الوطن العربى ، فرغم انهم أقلية محدودة لا تتجاوز عشرة فى المائة من سكان مصر ، إلا أن حجمهم المطلق يزيد الآن عن 7 مليون نسمة اى اكثر من أربعة أمثال عدد المسيحيين فى لبنان ، واكثر من ضعف عدد المسيحيين فى السودان ، ولأنهم كانوا الأغلبية قبل الفتح الإسلامى العربى لمصر (640 م) وفى القرون الأربعة الأولى التالية لهذا الفتح ، فقد نشأت يبنهم وبين العرب المسلمين الفاتحين علاقات ود حكمتها قواعد الشريعة الإسلامية ، فيما يتعلق بأهل الكتاب ( أى اليهود والمسيحيين) وهذا يفسر التحول البطئ لأبناء هذه الأغلبية القبطية من المسيحيين إلى الإسلام ، والذى استغرق حوالى أربعة قرون فالعرب المسلمون الفاتحون لم يمارسوا أى ضغوط تذكر لتحويل الأقباط إلى الإسلام ، كما أن الأقباط بدورهم لم يلمسوا تضيقا يذكر على حرياتهم الدينية اعتقادا وممارسة ، ومع ذلك فقد حدث تحول منظم للأقباط إلى الإسلام بحيث أصبحت أغلبية سكان مصر من المسلمين مع نهاية القرن العاشر الميلادى وبداية القرن الحادى عشر وحكمت هذا التحول عوامل واعتبارات اجتماعية – اقتصادية – سياسية – ثقافية .
ولكن رغم روح المودة والتعاون إلا أن الأقباط ظلوا يعاملون بدرجة اقل من المساواة فى الحقوق والواجبات ، شأنهم شأن بقية أهل الكتاب ( الذميون ) فى دار الإسلام كما انهم تعرضوا فى لحظات تاريخية ، وان كانت قصيرة وعابرة لصنوف مختلفة من التفرقة والاضطهاد .
ولم يندمج الأقباط اندماجا كاملا في المجري الرئيسي للحياة السياسية في مصر إلا مع ميلاد الدولة الحديثة وإرهاصات الحياة المدنية بداء بعصر محمد على (1801- 1884) ووصل الاندماج إلى أقصاه فيما يسمى بالعصر الليبرالي الأول الذي بدأ بثورة 1919 وانتهى بثورة 1952 في تلك الحقبة تبوأ الأقباط كل المناصب السياسية الذى تبوأها المسلمون من النواب في البرلمان إلى وزراء إلى رؤساء وزراء . مع ثورة يوليو1952 استفادت الطبقات الوسطى والدنيا القبطية شأنها شأن مثيلاتها من المسلمين بالتغييرات المجتمعية الواسعة التي حدثت. ولكن دورهم في الحياة السياسية كان أقل حظا ، شأنهم في ذلك أيضا شأن المسلمين ، ومع الحقبة الساداتية والانفتاح الاقتصادى الرأسمالي استفادت الفئات العليا من الأقباط . ولكن الاحتقان الاجتماعي المتراكم منذ هزيمة 1967 تفاقم في السبعينات وأدى إلى ظهور حركات إسلامية متشددة ومتطرفة داهنها نظام السادات في البداية، ثم اصطدم بها. وكان الأقباط هم أهم ضحايا هذا الاحتقان الاجتماعي وما صاحبه من حركات التطرف الإسلامية ، ولكن الأقباط هم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع المصري فإن ما يصيب الأغلبية المسلمة يصيبهم أيضا ، وإن يكن عادة بدرجة أشد.
أولاً : أزمة المواطنة في القانون ..التمييز المقنن
وبعد أن فرغنا من رؤيتنا للحالة القبطية في سياق الحالة المصرية، نعود إلى رباعية المواطنة شبه المنقوصة للأقباط المصريين أو أزمة المواطنة الخاصة بهم في ضوء فهم وتفهم جوهر مواثيق حقوق الإنسان بشكل عام والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بشكل خاص.
وفي البدء سوف نتعرض للتمييز المقنن ( أي التمييز غير الدستوري والمستند على تشوه في البيئة القانونية المصرية )، وتجدر الإشارة إلى أن التشوه في البيئة القانونية المصرية لا يطال المواطنين المصريين الأقباط وحدهم بل يطال على سبيل المثال المرأة بسبب "النوع” أو سائر المواطنين فيما يسمى بالقوانين المقيدة للحريات، إلا أن حالة المواطنين المصريين الأقباط هي الأشد حدا كونهم يعانون من التمييز بسبب انتماء أولي لم يختاروه وهو ( الدين ) مثلهم مثل المرأة التي لم تختار نوعها ، في حين أن القوانين المقيدة للحريات يعاني منها مواطنون مصريون بسبب اختياراتهم السياسية وهي انتماءات حديثة، وفي كل الأحوال ، ونحن ندعو لإزالة كافة أشكال التمييز والتشوه في البيئة القانونية المصرية. أما عن التمييز ضد الأقباط فهو :
1- الخط الهمايوني والشروط العشرة لبناء الكنائس الصادرة من وكيل الداخلية سنة 1934 . ورغم أن رئيس الجمهورية قد خفف من وطأة تلك الإجراءات وأسند الأمر إلى الوحدات المحلية والمحافظين من القرارات الجمهورية، إلا أن التمييز باق في جوهره ، إذ هناك فرق في إجراءات بناء دور العبادة ما بين المسجد والكنيسة .
2- اختصار فترة التجنيد بالقوات المسلحة ستة اشهر لمن حفظ القرآن الكريم، ونحن نحترم كلام الله ونجل ونقدس القرآن الكريم ، ولكن لماذا لا تختصر نفس المدة للمسيحي الذي يحفظ من الإنجيل المقدس ما تقرره الكنيسة ؟!
3- الميزانية السنوية التي تقرر للأزهر الشريف والدعوة الإسلامية بشكل قانوني من المال العام ( وهو الذي يشارك ويساهم فيه الأقباط دون أن ينالوا أي نصيب ) بمعنى عدم قبول جامعة الأزهر للطلاب المسيحيين وعدم السماح للمسيحيين بإقامة جامعة، وبالطبع نحن نرفض المنطق الطائفي ، ولكن التعرض له للاستدلال على التمييز المقنن.
4- يشعر الأقباط بالإحباط إزاء التمييز القانوني الذي يمارس ضدهم في قضايا الأحوال الشخصية ، بحيث أن أي نزاع ينشأ بين زوجين مسيحيين بسبب اعتناق أي من الطرفين للدين الإسلامي الحنيف بعد الزواج تطبق أحكام الشرعية الإسلامية الغراء ، وهو أمر يرى الأقباط أنه يتنافى مع مبدأ قدسية التعاقد الأصلي الذي تم طبقا لقانون الأحوال الشخصية للكنيسة القبطية، كما أن الأقباط يتعرضون للكثير من المعاناة إضافة للإضرار بمصالحهم من وجهة نظر بعض القضاة المسلمين الذين كثيرا ما تجئ أحكامهم في هذه الحالات لتؤكد رفعة الإسلام وتحط من قدر المسيحية ومن أمثلة ذلك :
أ - ففي أحد الأحكام جاء "أن المسلم هو الشخص الشريف وأن من ليس مسلما فهو يفتقد إلى الشرف " (القضية رقم 2473 سنة 1953 السيدة زينب ).
ب - حكم آخر جاء لإنهاء حضانة أم قبطية لأبنها الصغير عندما أسلم زوجها وقالت المحكمة : "أنه يخشى أن يتأثر الطفل بعادات الكفر ان بقى مع الأم " (القضية رقم 17سنة 1961 محكمة استئناف إسكندرية).
ج - ألغيت وصاية أب قبطي على ولديه عندما أسلمت الأم وحسب حكم المحكمة : " يتعين أن يتبع الأولاد الدين الأصلح ، والإسلام هو أصلح الأديان " (القضية رقم 462 سنة 1958 محكمة الإسكندرية الابتدائية ).
د - وللباحث العديد من الأمثلة المعاصرة ... ولكن ذلك يتطلب إعادة النظر في القانون 462 لسنة 1955، الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم المحلية وإحالة الدعاوي للمحاكم الوطنية المدنية، بما يكفل تواجد قضائي قبطي عند النظر في الدعاوي ، ولعل التطورات الأخيرة التي أسست بشأنها محكمة الأسرة تستوعب تلك الإشكالية.
هـ – أما فيما يخص الأوقاف الأهلية، فقد ألغيت الأوقاف الأهلية سنة 1953 وأستبقت الأوقاف الخيرية وأنصبة الخيرات في الأوقاف الأهلية، وأنشئت هيئة الأوقاف المصرية التابعة لوزارة الأوقاف لتدبير الأوقاف الخيرية الإسلامية دون أن تتغير بشروط الواقفين، كما أنشئت هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس لتشرف على الأوقاف الخيرية القبطية ، وتم تعيين أعضاء هذه الهيئة بقرار جمهوري، ولكن الأوقاف المصرية إبتداءا من عام 1962 أخذت تستولي على أوقاف الأقباط فتم لهم الإستيلاء على نحو مائتي فدان من أوقاف الأديرة والكنائس من الأوقاف الخيرية القبطية ( وإن كانت اغلب الأفدنة قد عادت في السنوات الأخيرة).
إلا أننا نلاحظ في هذا الصدد أمرين : -
(1) أن وزارة الأوقاف كانت هي المشرفة أصلا على أوقاف المسلمين، ولكن لم تكن المشرفة إطلاقا في يوم من الأيام على أوقاف الأقباط وبهذا استولت عليها جهة غير منوط بها ذلك
(2) أن وزارة الأوقاف بعد استيلائها على أوقاف المسيحيين أهملت شروط الواقفين ، بأنها استمرت على كل حال في صرف ريعها على أغراض إسلامية، لكنها لا تصرف ريع أوقاف الأقباط المستولية عليها على أغراض قبطية.
تلك هي الأمثلة البارزة للتمييز المقنن ( بالقانون ) الذي يعاني منه المواطنون المصريون الأقباط. الأمر الذي يتطلب من دعاة الإصلاح السياسي والدستوري والقانوني أن ينال هذا الإصلاح تلك التشوهات القانونية ذات البعد الطائفي.
ثانيا : التمييز من قبل الدولة (بدون سند قانوني(
1- التمييز ضد الأقباط في أجهزة الدعاية والإعلام المملوكة للدولة ، حيث أن 20% من برامج الإذاعة والتليفزيون برامج دينية إسلامية أو أعمال درامية متعلقة بالدعوة الإسلامية ، ولا توجد مساحة تذكر للأقباط في هذه الأجهزة سوى نصف ساعة أسبوع لإذاعة قداس الأحد بالإذاعة، ومثلها بإحدى القنوات المتخصصة، بالإضافة لإذاعة قداس عيد الميلاد وعيد القيامة المجيد على الهواء في الآونة الأخيرة.
2- من زاوية الثقافة الوطنية ، يلاحظ أنه لا يوجد في المناهج الدراسية الخاصة بتاريخ مصر أي شئ يذكر عن العصر القبطي، كذلك لا يوجد بإحدى الجامعات المصرية قسم خاص بالدراسات القبطية المتصلة بالعصر القبطي ( لغة - آداب - آثار - فن - حضارة إلخ...) بينما نجد أقسام للدراسات القبطية في كثير من الجامعات الكبرى في عدة بلاد أجنبية.
3- فيما يتعلق بالوظائف العامة ( ) ، يقول مريت غالي :
كان المعتاد أن يبعد المسيحيين من الوظائف العليا بوزارة الداخلية في العاصمة والأقاليم ، لكن هذه الظاهرة قد امتدت للوظائف العليا في الوزارات الأخرى وخاصة في التعليم وفي الخارجية، فلا يكاد الأقباط يعدون على أصابع اليد الواحدة في مجموع أعداد عمداء الكليات الجامعية ورؤساء أقسامها ومديري المعاهد العليا والسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية، وغني عن البيان أن الأمر لا ينفذ إلى الوظائف التي يتم اختيار شاغليها بالانتخاب ( كعضوية المجالس المحلية ومجالس المحافظات ومجالس الشعب وتتعدد الوظائف التي يتم الاختيار والتعيين فيها بمعرفة الحكومة وحدها ، مما يحمل الحكومة مسئولية التمييز بين المواطنين في شغل الوظائف القيادية.
ويقول الباحث محب زكي( ) : ونظرة سريعة على شاغلي المراكز العليا في الدولة يتبين مدى التفرقة التي تمارسها الدولة ضد الأقباط، فمن بين 600 وكيل وزارة ، فإن عدد الأقباط منهم لا يزيد عن ( 15) كما يوجد ( 10 ) أقباط بين رؤساء الشركات المملوكة للدولة والتي يزيد عددها عن ( 360 ) شركة ، ويوجد سفير قبطي واحد وربما سفيران لمصر من بين ( 127 ) سفيرا لمصر ، كما تشير المصادر إلى أن نسبة موظفي وزارة الخارجية من الأقباط 2.5 %.
ويضيف الدكتور ميلاد حنـا ( ) : والذين يوجدون في مجلس الشعب لا يوفون النسبة العددية ولا التمثيل السياسي وكذلك في مجلس الشورى . من هنا أعتقد ان نظام الحكم قد أخطأ في حق نفسه وليس في حق الأقباط، ومن أجل أن يصلح هذا الأمر فإن عليه ان يغير الكثير من المفاهيم ، وبخلاف الأجهزة الرسمية، فإن تمثيل الأقباط في مجلس الوزراء محدود ، والقبطي الوحيد في وزارة سيادية هو يوسف بطرس غالي، وهو أبن أخ بطرس غالي ، وهو منتدب من البنك الدولي وصار وزيرا إرضاء للبنك الدولي وليس إرضاء للأقباط ، ووجود الأقباط في المخابرات العامة صفر، وفي مباحث أمن الدولة صفر، وفي الـ 12 جامعة سواء من حيث وظيفة رئيس الجامعة أو نوابـه، أو العمداء، صفر، والحزب الحاكم لا يذكر . وهكذا فإن الأقباط مستبعدون تماما عن مراكز اتخاذ القرار.
ثالثا : دور المناخ السائد وعلاقته بالأزمة
يتشكل المناخ السائد في التمييز ضد الأقباط في جزئين أساسيين همـا :
1- الخطاب الديني التمييزي ضد الأقباط والذي ينعتهم ( غير المسلمين ، أهل الذمة، الصليبيين ...إلخ ) ويتركز هذا الخطاب في بيانات ومقولات الجماعات المتطرفة المتسترة بالدين.
وينسحب ذلك على فتاوى بعض مشايخنا الأجلاء التي قد يفهم منها الربط بين غير المسلم والكافر ، وللأسف فإن مثل هذه الفتاوي أو الشهادات نشرت أو أذيعت في وسائل إعلام رسمية، وكذلك عشرات الكتب التي تزدري العقيدة المسيحية . وعلى سبيل المثال كتاب يوزع في الأسواق علانية بعنوان : " خمسين ألف خطأ في الإنجيل " ! وأشرطه وخطب بعض الدعاة والتي تحظر على المسلم حتى إلقاء التحية على غير المسلم له .
ويرتبط بذلك من جهة أخرى " التديين " والفرقة التي تمارسها الخطابات الطائفية لبعض الأحزاب المصرية سواء بالحديث أو التعامل مع ما يسمى بالصوت الانتخابي " الإسلامي " أو " القبطي " .
إن كلا اللهجتين في الخطاب الديني سواء التي تنفي القبطي بسبب عقيدته، أو التي تذكره هي تمييز ضد المواطنة للمواطنين المصريين الأقباط، بل وتزداد عوامل التعرية والنحر للمواطنة تجاه الأقباط حتى أن المخيلة الشعبية البسيطة والبريئة بدأت تظن أن الأديرة والكنائس مليئة بالأسلحة، وأن الأقباط يريدون أن يقيموا وطنا لهم في أسيوط، وأنهم طابور خامس لأمريكا ، ووصل الأمر إلى الأطفال ، وربما هذا المزاج الشعبي يحتاج لدراسة أخرى .
2 - العنف الطائفي الموجه ضد الأقباط : ( ) خاضت الجماعات المتطرفة حرب استنزاف حقيقية ضد الدولة المصرية طوال الفترة من 1972 - 1995 ، كانت بداية العنف المستتر في أحداث الخانكة 1972، وامتدت حتى 1976 ، ثم انتقل مسلسل العنف 1977 - 1981، إلى المواجهة المسلحة والإيذاء البدني للأقباط مثل حادث قتل قسيس بسمالوط بالمنيا 1978 ، تلك المرحلة التي إنتهت بقتل الرئيس السادات في 6 أكتوبر 1981
وغلب على العنف الديني 1972 –1981 مظاهر العنف الطائفي المضاد للأقباط . وفي عهد الرئيس مبارك استمرت الفترة من 1982 - 1985 في حالة من الهدوء الحذر ، وانتظار تقديم حلول لجذور المشكلة بما فيها من جوانب اجتماعية واقتصادية ، بالإضافة لضيق الهامش الديموقراطى . ونتيجة عدم البدء في الحل ، عاد العنف من جديد منذ 1986 في تطور مطرد ، وتجاوز شكله الطائفي الموجه للأقباط وتعددت أوجه العنف من قبل المتطرفين ، وطالت رموزا للدولة ذاتها مثل مقتل رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب (أكتوبر 1990) ، وجرت محاولات اغتيال لوزراء داخلية سابقين حسن أبو باشا (مايو 1987) ، وزكي بدر (ديسمبر 1989) ، والنبوي إسماعيل (أغسطس 1987)، ووزير الإعلام صفوت الشريف (1993) ، و اللواء حسن الألفي (1993) ، ونجاته من الحادث ومقتل وإصابة عشرة مواطنين . وصولا إلى محاولة اغتيال رئيس الوزراء د. عاطف صدقي (25/11/1993) وأخيرا محاولة اغتيال الرئيس مبارك في أديس أبابا في )26/6/1995).
وطالت رصاصات الإرهاب كتابا مدنيين مثل محاولة إغتيال مكرم محمد أحمد رئيس مجلس إدارة دار الهلال ورئيس تحرير المصور في أغسطس 1987 ، واغتيال المفكر د. فرج فودة 1992 . وبلغت أحداث العنف في الفترة 1972 - 1993 ، 508 حادث ، بلغت نسبة حوادث العنف الطائفي الموجه ضد الأقباط 30% تقريبا ، وكانت نسبة حوادث العنف الموجهة ضد رجال الأمن 40% وما تبقى كان ضد السياحة والمدنيين العزل ، وبلغت نسبة الطلاب من مرتكبي العنف 47% والخريجين 22% ليشكل الشباب 69% من مرتكبي هذه الحوادث.
وشهدت الفترة من 82 وحتى 1990 ( 105 ) حادثة منها ستة حوادث فقط ضد الأقباط أي بنسبة 14% في ثماني سنوات ، وهي فترة تراجع ملحوظ مقارنة بباقي الفترات ، وهي الفترة التي شهدت تمثيل الإسلاميين في البرلمان وزحفهم السلمي على النقابات المهنية ، مما يؤكد على أن سياسة احتواء الإسلاميين في البناء الديمقراطي تتناسب عكسيا مع العنف .
وبعد أن استعرضنا ثلاثية شروخ المواطنة للمواطنين المصريين الأقباط، آن لنا أن نتوقف أمام خطورة استمرار هذا الوضع من خلال الجوانب التالية :
الحرمان وشروخ النسيج :
ويسترد د. وليم سليمان قلادة مشاكل أو مطالب الأقباط ويحذر من مغبة عدم الإسراع بطرح الحلول قائلا ( ) :
" أن حرمان بعض مكونات الجماعة المصرية من حقهم الدستوري باعتبارهم مصريين ...ويذكر مقتبسا من الدستور " إليهم وحدهم يعهد بالوظائف العامة مدنية كانت أو عسكرية " (م 3 دستور 1923 ) . ويضيف :
" إن حرمانهم ( أي الأقباط ) من تولي بعض هذه الوظائف خاصة القيادية منها ، وفي بعض قطاعات العمل الوطني ، مع استمرار هذا الحرمان بهذه الصورة والسكوت عنه والرضا به ، يشكل في حقيقة الأمر شرخا خطيرا في الضمير الجمعي الوطني . وهو شرخ يسمح بالسكوت عن انحرافات اجتماعية أخرى بل والرضا بها واعتبار الوضع المنحرف هو السلوك الطبيعي ، فالضمير واحد لا يتجزأ - وحين يفسد في أمر ، فلابد أن يشمل الفساد باقي أجزائه - إننا لا نبالغ إذ قلنا أن القضاء على الفساد والظلم والمحاباة لهذا السبب أو ذاك ، واستعادة العدل والاستقامة في الحياة المصرية ، هذا كله يبدأ بوقفة شجاعة أى جانب مبدأ المواطنة وتطبيقه بحسم ..."
وأهمية هذا الاقتباس وهذا الحسم هو ارتباط ذلك بنقطتين في غاية الأهمية هما :
الأولى هي الاستشهاد الذي أورده قلادة مقتبسا من كتاب المفكر أبو سيف يوسف( ) والذي يقول فيه:
- ذلك إن " القسمات الإثنية تخلق ( بضم التاء وفتح اللام ) في داخل مجتمع معين ، ومن ثم فهي متحركة - بمعنى أن قسماتها تتأكد في ظروف معينة ، كما أنها يمكن أن تتراجع أو تخفت ، بل ويتم تذويبها في ظروف أخرى " .
والنقطة الثانية : هي نظرية الحرمان النسبي والتعبئة الاجتماعية التي ذهب إليها كتاب الملل والنحل والأعراق . ( ) وهي تأخذ مظاهر عديدة منها الهجرة إلى المدن وتحول الإنتاج من مظاهره البدائية الكفافية التقليدية إلى اقتصاديات السوق ، وإنتاج السلع والمحاصيل النقدية ، والاندماج في الاقتصاد الوطني والعالمي ، والحراك الاجتماعى أفقيا ورأسيا والتعرض لوسائل إعلام جماهيرية ، والاختلاط والتفاعل مع جماعات بهذا المعنى تنطوي على مزيد من " السيولية " بين الجماعات الإثنية وغير الإثنية ، أو الدخول في أنماط وعلاقات اجتماعية جديدة ، مهنية وطنية وسياسية وجودية ، مغايرة للعلاقات والأنماط التقليدية الإثنية والعشائرية والقبلية والحرفية ، كما تضع الأفراد في تفاعل مع السلطة السياسية مباشرة ، أو من خلال الجماعات الجديدة، والتركيز في الفقرة السابقة على " السيولية" " والتهيـؤ “ بين أفراد الجماعات الإثنية للدخول في علاقات وأنماط جديدة ، طالما لم تكن هذه العلاقات والأنماط من النوع الذي يعوض ، عن تآكل العلاقات والأنماط القديمة ، طالما تكن هذه العلاقات والأنماط الجديدة تشبع الاحتياجات والتوقعات والطموحات ، التي تختلج عقول وقلوب أبناء هذه الجماعات الإثنية ، ما لم يحدث الشيئان أو أحدهما على الأقل ، فإن أبناء هذه الجماعات يصابون بعدم الرضا والإحباط ، ويتعمق عدم الرضا والإحباط في ضوء المقارنات المستمرة والممكنة بين أبناء الأغلبية والجماعات الإثنية الأخرى . والذي يجعل المقارنات ممكنة ومستمرة هو انهيار أسوار العزلة حقيقة ومجازا – حقيقة من خلال الحراك الأفقي ، مثل الهجرة ، ومجازا من خلال التعرض لوسائل الإعلام الجماهيرية ، فأسلوب حياة وتطلعات وإنجازات أبناء كل جماعة تصبح في متناول الملاحظة المباشرة وغير المباشرة للجماعات الأخرى . كما يتعمق عدم الرضا والإحباط في ضوء التوقعات والطموحات العالية التي تغذيها حركات النضال من أجل الاستقلال قبيل هذا الاستقلال ، والحكومات الوطنية الجدية بعد الاستقلال مباشرة ، فهذه التغذية للتوقعات والطموحات ، قبيل وبعد الاستقلال تكون موجهة لجميع أبناء الوطن بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية أو النسبية أو الاجتماعية ، وحيث يكون التأكيد في لغة الخطاب السياسي والاجتماعي هو على "وحدة المصير " و " المساواة " وتطلع إلى مستقبل أفضل للجميع ، فإذا كان أبناء الجماعات الإثنية ، بخاصة ، قد استجابوا لدواعي الكفاح ، وشاركوا في النضال الوطني ، فإن حجم توقعاتهم يزداد طرديا مع حجم المشاركة ، ومن ثم يزداد حجم إحباطاتهم إذ لم تتحقق مشاركة متكافئة في الثروة والسلطة والمكان ، وأسوأ من ذلك إذ لم تتحقق لهم شروط المواطنة الكاملة .
نعود مرة أخرى للحرمان النسبي ، وشروخ النسيج ، والتعبئة الاجتماعية . فالدكتور وليم سليمان قلادة يحذر من السكوت عن الشرخ الذي يسمح بالسكوت عنه ، ومع استمرار هذا الحرمان فترات طويلة متصلة يشكل في حقيقة الأمر " شرخا خطير في الضمير الجمعي الوطني ... "
والمفكر أبو سيف يوسف يرى أن " القسمات الإثنية تحلق في داخل مجتمع سعيد ، ومن ثم فهي متحركة - بمعنى أن قسماتها تتأكد في ظروف معينة ، كما يمكن أن تتراجع في ظروف معينة " .
ولكن ماذا تعني كل هذه الاقتباسات التحذيرية الخطيرة ، والتي تتكرر فيها كلمة الحرمان ، التمييز ، التفريق ، الاضطهاد ، رد الفعل ، الشروخ الاجتماعية للضمير الجمعي ، أنها تعني العودة مرة أخرى وبشكل علمي لكتاب الملل والنحل والأعراق - هموم الأقليات في الوطن العربي خاصة نقطة التعبئة الاجتماعية ، والتي حرصنا على سردها كاملة حتى يتسنى لنا بعد استعراض محاذير قاضينا الفاضل وليم سليمان قلادة نتوقف أمامها مرة أخرى .
إن هناك اندماج للأقباط فى النسيج ، وقد حدث ذلك على الأقل بشكل كامل منذ تأسيس الدولة الحديثة لمحمد على (1801-1884) وتحولهم إلى اقتصاديات السوق ، والاندماج فى السوق الوطنى والعالمى ، والانحراف الاجتماعى أفقيا وراسيا ، حيث أنهم يتواجدون فى كافة ( الطبقات والفئات الاجتماعية ، والمزيد من "السيولة" . فهناك العديد من الأسر المختلطة (مسلمين ومسيحيين) ، بل وتذكر بعض المصادر الغربية أن أكثرية معتنقى الإسلام من بين المسيحيين فى مصر هم من الأقباط الارثوكس ( ) ، وذلك بمعدل سبعة آلاف مواطن سنويا ، مما يؤكد أن الاختلاط قد وصل إلى أقصى مدى بين المسلمين والأقباط ، مما يجعل الأفراد مهيئين للدخول فى أنماط اجتماعية جديدة ، مهنية ، وطبقية ، وسياسية مغايرة للأنماط القديمة ، وتضع الأفراد والجماعات الإثنية في تفاعل مع السلطة السياسية مباشرة . ولكن هذه السيولة التي تحدثنا عنها والتي تبلغ مداها باختلاط الأسر ، " والتهيؤ " الاقتصادي والطبقي التي تؤكد على أن الأقباط جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني والاجتماعي يصبح غير ذي فائدة ، ما لم تكن هذه العلاقات والأنماط الجديدة من النوع التي تعوض المواطنين الأقباط المصريين عن إشباع التوقعات والاحتياجات والطموحات - وكما أشرنا فإن توقعات وطموحات واحتياجات الأقباط على الأقل محل خلل - ولذلك يرى علماء الاجتماع أن أبناء تلك الجماعات ( وفي حالتنا الأقباط ) يصابون بعدم الرضا والإحباط ، ويتعمق عدم الرضا والإحباط في ضوء المقارنات المستمرة والممكنة وبينهم وبين أشقائهم المسلمين ، والذي يجعل هذه المقارنات مستمرة هي أنها جزء من النسيج ( راجع مطالب الأقباط من وظائف وخلافه ) .
ويتعمق الشعور بعدم الرضا لدى المواطنين المصريين الأقباط في ضوء التوقعات والطموحات العالية ، التي غذتها مشاركتهم الدائمة في حركات النضال سواء من أجل الاستقلال ( 1999 - 1952 ) أو التحرير الوطني ( 1956 - 1967 - 1973) ، وصولا لرفض الكنيسة المصرية التطبيع مع العدو الصهيوني .
ويقارن الأقباط بين ما كانوا عليه بعد ثورة 1919 ، وما آل إليه وضعهم الآن ، ويقارنون أيضا بين شعارات ثورة يوليو التي تحدثت بخطاب سياسي لجميع أبناء الوطن ، بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية أو الاجتماعية ، والذي ارتكز على وحدة "المصير " و "المساواة " لجميع أبناء الوطن ، وبين مصادراتها للأوقاف القبطية ، والإصرار على خانة الديانة في البطاقة الشخصية ، وبداية التفرقة في الوظائف العامة , وقد احتدم ذلك عقب هزيمة يونيو 1967 . وتزداد حدة المقارنة بين التوقعات والواقع المعاش ، إذ ما تذكروا أنهم استجابوا لدواعي الكفاح وشاركوا في النضال الوطني ، وعلى العكس يجدون أن حجم توقعاتهم يزداد طرديا مع حجم مشاركتهم ، ومن ثم تزداد حجم احباطاتهم إذ لم تتحقق لهم مشاركة متكافئة في الثروة والسلطة والمكانة، وأسوأ من ذلك إذ لم تتحقق لهم شروط المواطنة الكاملة .
المشاركة السياسية والاقتصادية للأقبـاط :
حتى لا يعدو الأمر مجرد تحذير إنشائي ، هل لنا أن نتوقف أمام المشاركة المجتمعية خاصة الاقتصادية (أي المكانة في الثروة) مقارنة بالمشاركة ( أي المكانة في السلطة ) منذ 1919 وحتى الآن ، لكي نبرهن على انحدار مكانة الأقباط ، وزيادة حجم إحباطاتهم ؟
عكست قرارات يوليو الاشتراكية 1961 – والتي لم تفرق حسب الديانة – حجم الثروة القبطية من مطلع القرن وحتى تأميمها ومصادرتها وهي كالآتـي :
75% من قطاع النقل والمواصلات الداخلية .
44% من الصناعة .
51 % من البنوك .
34 % من الأراضي الزراعية .
- ( أي ما يبلغ وفق إحصاء بعض الاقتصاديين ( تقرير غير منشور للكاتب ماجد عطية ( إلى 15% من إجمالي الثروة القومية ( .
وبعد صدور القانون 47 لسنة 1974 الخاص بالانفتاح الاقتصادي ورأس المال العربي والأجنبي ، عادت أجزاء من الرأسمالية المصرية التقليدية القديمة من جديد ، وكان الحصر لنسب المواطنين المصريين المسيحيين في الشركات المساهمة أو غيرها التي أسست من 1974 حتى بداية 1995 هو 22.5% من إجمالي هذه الشركات ككل ، وإذا عرفنا أن الأعضاء المسيحيين في النقابات المهنية ( المحاميين - الصيادلة - الأطبـاء – الصحفيين – البيطريين وغيرهم ) ، تصل إلى 25% في المتوسط من إجمالي العضوية ، ويتبقى من المسيحيين في الطبقات دون المتوسطة والدنيا 52.5% تقريبا ، وهكذا يبدوا جليا توزيع المسيحيين شأنهم شأن المسلمين في النسيج الاجتماعي المصري .

* العلاقة بين المكانة والثروة والمشاركة السياسية
( أولا) 1924 – 1952
حلت ثورة 1919 الإشكالية الخاصة بعلاقة مكانة الأقباط وثروتهم بالمشاركة السياسية في الهيئات النيابية بشكل نسبي ، وفي بعض الأحيان حاز الأقباط على تمثيل سياسي أكثر من مكانتهم مثل برلمان 1929 - وبرلمان 1942 كانت نسبة الأقباط في البرلمان كالآتـي :
* 1929 : 9.8 % *1926 : 8 % *1925 : 7.5% *1924 : 8 %
* 1942 : 10.2% * 1938 : 2.3% *1936 : 8.5% * 1931 : 2.5 %
* 1950 : 3% *1945 : 4.5%

- وكانت جميع البرلمانات باستثناء برلمان 1950 والتي حاز فيها الأقباط على اقل من 8% كانت برلمانات أحزاب الأقلية ، كما تجدر الملاحظة أن متوسط نسبة تمثيل الأقباط منذ البرلمان الأول وحتى العاشر تعادل 6.5% ، وأعتقد أن هذه النسبة كانت متوازنة مع مكانتهم في الثروة والحياة الاجتماعية ..والأهم أن انتخابهم كان يتم على انهم مصريين وليسوا أقباط ، وكان بعضهم ينجح في دوائر كلها مسلمين .أما عن المناصب الوزارية فلا يحتاج الأمر لإحصائيات كثيرة ، فقط سوف نضرب بعض الأمثلة لتبوء الأقباط لمناصب وزارية سيادية ، غير منصب رئاسة الوزراء الذي تبوأه الأقباط مرتين .
فقد تبوأ الأقباط وزارة الخارجية سبع مرات ، ووزارة الأشغال والمواصلات ست مرات ، والمالية ست مرات ، والزراعة ثماني مرات، ووزارة الحربية مرة واحدة ، والتجارة والصناعة سبع مرات ، والتموين مرتين ، والصحة مرتين .
(ثانيـا( 1952 – 1995 :
ارتبطت تلك الفترة بانخفاض معدلات الثروة والمشاركة ، وإن كانت عوامل التعبئة شملت معظم الأقباط ، إلا أن ثورة يوليو لم تحل إشكالية المشاركة السياسية سوى “ بالتعيين “ ، وهو ما يراه بعض المحليين حلا يقترب من الحلول التي رفضها الأقباط سنة 1923 ، وحتى لا يبدو الأمر مجرد حديث فإن هناك إحصاءات هامة :
* لم ينجح بالانتخاب منذ 1952 - 1963 سوى نائب قبطي واحد هو فريد فايق فريد ، وذلك في برلمان 1955 (أعتقل عام 1958 في حملة الثورة على الشيوعيين ) .
* برلمان 64 - 68 : نائب منتخب وثمانية معينون .
* برلمان 69 - 71 : نائبان بالانتخاب وسبعة معينون .
* برلمان71 - 76 : ثلاثة بالانتخاب وتسعة بالتعيين .
* برلمان 79 - 84 : أربعة بالانتخاب وعشرة بالتعيين .
* برلمان 84 - 87 : أربعة بالانتخاب وخمسة بالتعيين .
* برلمان 87 - 90 : ستة بالانتخاب وأربعة بالتعيين .
* برلمان 90 - 95 : واحد بالانتخاب وستة بالتعيين .
* برلمان 95 - لم يرشح الوطني أحد ولم ينجح أحد وعين ستة.
ونظرة سريعة لهذه الإحصائيات تؤكد أن عدد الأقباط الذين انتخبوا في ثماني برلمانات 22 نائب ، وعدد المعينين 47 نائب ومتوسط وجود الأقباط في البرلمان الواحد 5.8 نائب ، وإذا قيست هذه النسبة بإجمالي عدد النواب فإنها لن تشكل سوى أقل من الواحد الصحيح في المائة ، وأما عن الوزارات ، فلا يوجد ولا قبطي واحد تبوأ وزارة سيادية في الفترة من 1952 - وحتى الآن سوى يوسف بطرس غالي ، وتزداد الأمور فقامة إذا تحدثنا عن نسبة تمثيل الأقباط في النقابات .
وما يهمنا الآن هو تأكيد على نظرية التعبئة الاجتماعية ، والتي أوردناها سريعا ، ويصبح السؤال : هل مشاركة الأقباط سواء في الكفاح الوطني من أجل الاستقلال ، أو التحرر من الاحتلال البريطاني أو الإسرائيلى ، وكذلك وجودهم ومكانتهم في النسيج الاجتماعي بمختلف الطبقات ، ومشاركتهم في الثروة تتناسب مع مشاركتهم في السلطة ، وتتواكب مع حقوقهم السياسية والمدنية ؟
بالاختصار ، إن الإحصائيات السابقة تؤكد العكس ، وليس العكس فقط ، بل نجد أن مكانتهم في الثروة والنسيج الاجتماعى في تصاعد ومشاركتهم في السلطة وتمتعهم بحقوقهم المدنية والسياسية في تناقص مستمر سواء في التمثيل الوظيفي في مراكز الدولة العليا ، أو تمثيلهم النيابي الذي أنخفض من 6.5% إلى أقل من الواحد الصحيح مع إضافة المعينين !
ورغم ذلك تجدر الإشارة أنة كما ذكرت د.أمانى قنديل ( ) فى دراسة ميدانية قامت بها على الجمعيات الأهلية فى مصر(1991) تبين لها أن نسبة الجمعيات الإسلامية تصل إلى حوالى 27% من اجمالى عدد الجمعيات فى ذلك التاريخ ، كما تبين أن نسبة الجمعيات المسيحية تصل إلى 5% من الإجمالي في نفس العام .
وهذا يعني أن المواطنين المصريين الأقباط رغم القيود القانونية على العمل الأهلي ، والتي تطال كافة المواطنين المصريين لديهم الرغبة في المشاركة في العمل العام الأهلي والمدني ، الأمر الذي يبدو واضحا من مقارنة نسبتي تعيينهم في السلطة (أقل من 1% ) بينما في المجتمع المدني أكثر من 5% ، أي أنه شبه متحققين مدنيا ويعانون من التهميش في التمثيل السياسي لأسباب تدعو للجدل ، الأمر الذي سنتطرق إليه في منهج آخر بالورقة .
والسؤال الآن ماذا عن العهد الدولي :
كنت أود أن أتحدث عن طبيعة انتهاكات الدولة المصرية لحقوق مواطنيها الأقباط خاصة في المواد ( 2 ، 4 ، 14 ، 18 ، 20 ، 22 ، 24 ، 25 ، 26 ، 27 ) . وكذلك انتهاك بعض الجماعات الإسلامية المسلحة للمواطنين المصريين الأقباط في المواد ( 18 ، 20 ) على الأخص . إلا أن كل ذلك يكاد يختل ويتهاوى إذا ما قرأنا في الجريدة الرسمية العدد (15) في 15 أبريل 1982 ، الخاصة بقرار رئيس الجمهورية رقم ( 536 ) بشأن الموافقة على الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية ( السياسية ) وتحت عشرات ( مادة وحيدة ) :
" مع الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارضها معها - ذلك مع التحفظ بشرط التصديق " !!
رابعاً : الكنائس المصرية وعلاقاتها بالأزمة …المواطن القبطي من الدولة إلى الكنيسة
والآن هل نخوض في حقل الألغام ؟! نترك الأمر لرجل دين قبطي وهو الأب اليسوعي المفكر وليم سيدهم ( ) :
من أول وظائف الدين منذ فجر البشرية تحقيق العدالة بين أصحاب الدين الواحد من جهة وبين أصحاب هذا الدين وغيرهم من جهة أخرى ، ومع ذلك فعندما نتحدث عن الديانات وحقوق الإنسان فكأننا نسير في حقل ألغام . وبالرغم من سمو الديانات وقداستها ، إلا أنه يصعب أن نجد مجتمعا بشريا أيا كانت ديانته استطاع أن يحقق العدالة بين مواطنيه أو بينهم وبين من هم على دين آخر . وليس ذلك لأن الشرائع الدينية التي تنظم الحقوق والواجبات قاصرة ، بل لأن طريقة تفسير هذه النصوص الدينية تختلف باختلاف مفسريها وأهوائهم وتاريخهم ونيتهم وضعفهم وقوتهم ، وما إلى ذلك . ويكفي أن نلقي نظرة إلى ما يدور حولنا لنتحقق من صدق هذه المقولة ، فأصحاب الدين الواحد يتقاتلون في أفغانستان وأيرلندا وبورندى والكونغو والصومال ، والجزائر . وتداس كرامة الإنسان وحقوقه في كثير من البقاع باسم الدين وتحت مظلة حقوق الإنسان .
أي أن الدين -أي دين- غير مسئول عن ممارسة القيادة الدينية ، كما ان المؤسسة الدينية أيضا غير مسئولة في اصلها عن الممارسة كون ان القيادة الدينية تضع نفسها عبر آليات تفسير وتأويل النص بحكم مكانتها ومسئوليتها ومصالحها فوق المؤسسة ذاتها . وفي الدين المسيحي بشكل خاص قد يصل الأمر ليس لتأويل وتفسير النص وفق ما تراه القيادات الكنسية ، بل قد تضفي على قرارات مثبتة لهذا التأويل والتفسير الحق الإلهي في الحكم !!
وقبل الحديث عن الكنائس المسيحية في مصر لابد من التوقف أمام هذه الكنائس ، حيث يتبع المسيحيين المصريين الآن ثلاث معتقات رئيسية : الأرثوذكسية ، الإنجيلية ( البروتستات ) ، الكاثوليك . وسوادهم الأعظم يتبع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والتي تعرف أيضا بكنيسة الإسكندرية والكنيسة المصرية ، وهي أقدم الكنائس في مصر ويرجع التقليد القبطي الأرثوذكسي إنشاءها إلى القديس مرقص الرسول ، الذي تفيد المصادر أنه جاء إلى مصر في فترة يرجح أنها تقع ما بين عام 48، 64 بعد الميلاد . وفيما يتعلق بالمذهب الكاثوليكي ، فعلى الرغم من أن الرهبان الفرنسيسكان قد بدءوا نشاطهم في مصر 1519 – م كما يقدر البعض ( )- إلا أنه لم يبدأ تنظيم الكنيسة الخاصة بالأقباط الكاثوليك في مصر إلا عام 1895 ما أن المجتمع المسيحي المصري قام بتنظيم أول كنيسة انجيلية في مصر سنة 1860 ( ) . وعلى الرغم من أن للكنيسة الكاثوليكية " بطريرك " يرعى شئون الطائفة الدينية ، إلا أن الكنيسة تظل في النهاية تابعة لقيادة الفاتيكان الروحية . أما الكنيسة الإنجيلية ، فهي لم تستقل نهائيا عن المحفل العام للكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة إلا في عام 1958 ( ).
وتتدرج السلطات الدينية في كل طائفة من الطوائف الثلاثة . ويعتبر المجمع المقدس هو أعلى سلطة في الكنيسة المصرية ، وسنودس النيل الانجيلي هو السلطة العليا بالنسبة للانجيليين ، والفاتيكان هو المرجع الروحي الأعلى للكنيسة القبطية الكاثوليكية . وهذه السلطات الخاصة التي يعترف بها القانون مستقلة في ممارسة السلطتين التشريعية والقضائية ، فيما يتعلق بموضوع الأحوال الشخصية للقبط ، وذلك ضمن الجدول التي يرسمها دستور البلاد وقوانينها ، وكما أنها تشرف بالتعاون مع المجالس المحلية على إدارة الأوقاف وكافة المؤسسات التي تغطي الاحتياجات الدينية والاجتماعية لكل طائفة .
أى أن الكنائس الثلاث لها استقلالية عن الدولة ، فيما يخص الأحوال الشخصية ، والوقوف والاحتياجات الدينية والاجتماعية ، إلا أنها حقيقة الأمر مسئولة فقط عن الأحوال الدينية الشخصية والدينية . أما الأوقاف فقد سبق ذكر اشكالياتها والاحتياجات الاجتماعية وممارسة العمل الأهلى فهي غير مستقلة شأنها شأن سائر المنظمات الأهلية التي ينظمها قانون واحد للعمل الأهلي .
ننتقل الآن إلى موقف الكنائس الثلاث من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وسوف نتبع ذات المنهج السابق :
1- أزمة المواطنة فى القانون الكنسي .
2- المؤسسة الكنسية وأزمة المواطنة .
3- المناخ السائد للوسط القبطى ما بين الطوائف الثلاثة .
ولنبدأ بالكنيسة الأم الكنيسة المصرية الأقدم والتى تضم السواد الأعظم من القبط ، وهى الكنيسة المصرية الأرثوذكسية . وقبل أن نبدأ نتوقف قليلا مع الفقيه الدكتور وليم سليمان قلادة ،( ) وحديثه عن حماية الحقوق فى الكنيسة الأولى يقول ( وفى الحياة الكنسية الداخلية احترمت الكنيسة قوانين الإنسان ورأيه ، وضمنت له مشاركة حقيقية فى اختيار رعاة الكنيسة وخدامها) ويضيف الراحل دكتور وليم سليمان فى المرجع نفسه :
ويرجع هذا المبدأ إلى أعمال الرسل بعد صعود المسيح ، ويشير إلى سفر الأعمال حيث كثر عدد المؤمنين فاحتاج الأمر إلى تنظيم الخدمة وإقامة من يتولونها فدعت الاثنا عشر رسولا جمهور التلاميذ وقالوا ... انتخبوا أيها الاخوة سبعة رجال منكم مشهود لهم .. فنقيمهم على الأمر ... فاستحسنت الجامعة كلها هذا الرأي واختاروا اسطفانوس ( أعمال الرسل الانجيل – الاصحاح السادس من 1 إلى 6 ).
ترى هل تطبق الكنائس الثلاث ذلك المبدأ ، أي الديمقراطية فى الحياة الداخلية لها أو فى علاقتها مع مواطنيها أي أعضاء الكنيسة أو تحتفظ لهم بحقوقهم المدنية والسياسية ؟ ذلك ما سوف نحاول الإجابة عنه ..
1 – التمييز الكنسي المقنن
كما فى الدولة ، هناك تمييز فى المؤسسة الكنسية الأرثوذكسية . وسنتوقف هنا قليلا أمام بعض النماذج التى تنتج عن قرارات المجمع المقدس ولها قوة القانون ، مع الأخذ فى الاعتبار أنه باستثناء منصب البابا لا يقع أي انتخابات فى اختيار أعضاء المجمع . وحتى انتخاب البابا ، فالانتخاب يتم على مرحلة واحدة لاختيار أعلى ثلاثة حاصلين على أعلى الأصوات تجرى بينهم من القرعة الهيكلية ، وهى أن توضع أسماء الثلاثة فى صندوق ويختار طفل أحد الأوراق فيكون البابا . وهذا النظام لم يطبق منذ 1883م - وتاريخ صدور لائحة انتخاب البطريرك – إلا منذ 1957م تاريخ انتخاب البابا كيرلس السادس وسلفه البابا شنوده مما دفع أسقف البحث العلمي الراحل الأنبا غورغوريوس لكتابة دراسة بين فيها أن هذا النظام غير مسيحي . كما ذهب دكتور وليم قلادة إلى أن هذا النظام لم يطبق فى المسيحية سوى مرة واحدة فى اختيار تلميذ ، ثم اختفى هذا التلميذ ، ولم يذكر له عمل فى أعمال الرسل مما جعل الأنبا غورغوريسو يصف هذه البدعة بأنها غير مسيحية ، ويذهب بعض المحللين إلى أن هذه الطريقة كانت لا بد أن تتبع بعد ثورة يوليو 1952م ، حيث أن رئيس الدولة ذاته الزعيم الراحل عبد الناصر لم يكن منتخبا فكيف يكون قائد الكنيسة المصرية بالانتخاب.
أما لو تطرقت إلى بعض نماذج التمييز المقنن الكنسي الأخرى سنجد :
أ - حدث انتهاك هو المنشور المعلق فى الكنائس الأرثوذكسية ، بقرار من المجمع المقدس وموقع من الانبا بيشوى – سكرتير المجمع – حول منع الأقباط الارثوذكس (كهنة وشعب) من المشاركة فى الصلاة بالكنائس المسيحية الأخرى حتى أثناء المجاملة فى واجب العزاء والأفراح والاكتفاء بالحضور الصامت فقط !!
ب- منع المواطن الأرثوذكسي أو المواطنة الأرثوذكسية من الزواج حتى بعد حصوله على حكم قضائي بذلك ، إذا ما اتبع ملة مسيحية أخرى .
ج - كذلك حرمان الراهب الذي قرر ترك حياة الرهبنة والعودة إلى الحياة المدنية من الزواج ، ولعل ذلك الانتهاك يذكرنا بواقعة الراهب المشهور صاحب الفضيحة الشهيرة ، فلو تزوج بعد طرده لما حدث ذلك.
د - الحرمان من التنقل ، والحرمان الكنسي ، مثلما حدث فى حرمان الباب شنوده الثالث لكل من ذهب إلى القدس من تناول الأسرار المقدسة بالكنيسة ، الأمر الذي دعا الآلاف من الاعتذار علانية على صفحات الصحف المصرية ، وان كنت ضد التطبيع مع إسرائيل إلا أن الأمر لم يكن يحتاج لأكثر من نداء كنسى دونما عقوبات دينية .
هـ – هناك أمثلة كثيرة على ذلك مثل رفض الصلاة على جثمان الكاهن إبراهيم عبد السيد ، لكونه من المعارضين للقيادة الكنسية ، والخلاف الشهير مع واحد من أهم الآباء وهو الأب متى المسكين ، وعدم إعطاؤه رتبة أسقف ، رغم انه من أبرز لاهوتي الكنيسة ورئيس دير معروف عالميا بالإنجازات العلمية وهو دير القديس مقار ، وفى المؤسسات الدينية المصرية سواء المسيحية أو الإسلامية !
2 - التمييز الكنسي بدون سند قانوني
(مجلة مدارس الأحد نموذجا)
على الرغم من أن البابا شنوده الثالث هو الذي أسس "مدارس الأحد" ، وتولى رئاسة تحريرها لفترة ما ( قبل أن يتدرج فى الرتب الدينية ) ، فإنها قد وجهت له نقدا شديدا الآن ، كما وجهت له نقدا شديدا جدا فى نهاية النصف الثاني من القرن العشرين على اعتبار أن القائمين على المجلة من دعاة الإصلاح الكنسي.
ولن ندخل هنا فى قضية مدى صحة إطروحاتهم فى قضية الاصلاح الكنسي ، بالقدر الذي نلاحظ فيه حدة التعبيرعن اختلافهم مع القيادة الكنسية ( ) ، وهو ما ظهر بوضوح فى المقالات التى نشرتها المجلة طيلة عام 1994م ، حيث تطرقت إلى موضوعات حساسة جدا ، وعلى سبيل المثال :
الخطاة والإصلاح الكنسي – التأديبات الكنسية – القوانين الكنسية – المرأة والإصلاح الكنسي – المحاكمات الكنسية .
وسوف نلاحظ فى هذه الموضوعات التى أخذ بعضها الشكل العلمي للأبحاث القانونية الكنسية .. أنها قد ظهرت فى توقيت ارتفعت فيه صوت وكتابات من أطلقوا عليهم – أو أطلقوا على أنفسهم – لقب : المعارضة الكنسية .. مما تسبب بصورة أو بأخرى فى تفاقم هذه القضية. وهو ما أدى إلى صدور القرار البابوي 22/23 ، والذي ينص على عدم الاعتراف بها كمجلة قبطية دينية ، وأنها لا تمثل مدارس الأحد فى شئ ، وفصل كل محرر يعمل بها من كل مجالات الخدمة والتعليم فى الكنائس!!
المشاركة القبطية فى الانتخابات الملية
وكما أفرزنا الكثير حول انتهاكات الدولة ضد حقوق المشاركة السياسية للأقباط ، وحتى لا نكيل بمكيالين ، نتوقف مرة أخرى أمام الانتهاكات الكنسية فى انتخابات المجالس الملية ، ونأخذ على سبيل المثال ما حدث فى شهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر 1995م من جدل عنيف فى الوسط القبطي ، حول انتخابات المجلس الملي العام للأقباط الارثوذكس (13/10/1995م) حيث شارك فيه أربعة آلاف ناخب سجلوا أسمائهم فى جداول الناخبين مقابل 1200 ناخب فقط فى انتخابات 1990م (انظر التقرير الأول لهموم الأقليات مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية) . وهكذا يكشف تزايد الاهتمام بالطفل بالنسبة للمجلس الملي حيث حضر فى انتخابات 1990 م 750 ناخبا من 1200 ، وبعد أن انتهى الناخبون من التسجيل بدأت جموع الناخبين فى كافة المحافظات انتخابات تمهيدية لاختيار ممثليهم فى المجالس الملية الفرعية فى موعد أقصاه أول أكتوبر 1995م ، واختار الناخبون 5 أعضاء فى كل محافظة ما عدا الإسكندرية 7 والجيزة 6 وكانت قد تشكلت لجان لقيد أسماء الناخبين فى كل محافظة وترأس كل لجنة ضابط شرطة لا تقل رتبته عن عميد واشترط فى الناخب أن يكون مصريا أرثوذكسيا حاصلا على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها ، وان كان الناخب موظفا يشترط ألا يقل راتبه عن 120جنيه ، كما يشترط قيد الناخب فى جداول الانتخابات العام ، وجرت الانتخابات وأعلنت لجنة الانتخاب أسماء الخمسة الحاصلين على أعلى الأصوات بعد الفرز ، واجتمعت اللجان الفرعية الجديدة واختارت من بين أعضائها ثمانية تمهيدا فى الاشتراك فى المجلس الملي العام التى جرت فى القاهرة يوم 13/10/1995م ، ودفعت القيود المفروضة على قيد الناخبين إلى إقامة دكتور سامي عبد الملاك حنا دعوى أمام محكمة القضاء الإداري لإيقاف الانتخابات بصفة مستعجلة لعدم مشروعية قرار وزير الداخلية بدعوى الناخبين للقيد لمخالفته للدستور . فقد اشترط قرار وزير الداخلية إلا يقل سن الناخب عن 25سنة ، فى حين أن الدستور يعطى حق الانتخاب لمن يبلغ 18سنة ، كما اشترط القرار فى الناخب أن يكون من أصحاب الأملاك أو الأراضي الزراعية أو المحلات التجارية ، مما يعنى حرمان العمال والفلاحين من الانتخاب ، كما تضمن القرار حرمان أعضاء المجالس الملية الفرعية بالمحافظات من حق الترشيح ، وطالب الطاعن بوقف الانتخابات .
الحملة الانتخابية
أهمية المجلس :
شهدت الانتخابات طول شهر سبتمبر والأسبوع الأول من أكتوبر معركة ساخنة ، فى التنافس بين مختلف التيارات داخل الكنيسة للفوز بمقعد فى المجلس ، الذي يترأسه الأنبا شنوده الثالث . ورغم أن الانتخابات لا تحظى باهتمام ملايين الأقباط المحرومين من حق التصويت ، إلا أنها لازالت تتمتع ببريق لدى النخبة القبطية التى يرى بعضها أن عضوية المجلس المنتخب تمهد لتولي المناصب سواء الوزارية أو التشريعية فى التعيين بمجلس الشعب منذ يوليو 1952م.
مهام المجلس :
يتولى المجلس الإشراف والإدارة على كل ما يتعلق بالأوقاف الخيرية التابعة للأقباط والتصرف فيها ، وتعيين المديرين والعمال لتسيير دفة العمل بالديوان البابوي ، ورسم القس ورسامته وترقيته . وكان المجلس الملي يتألف من العلمانيين والمدنيين ، طبقا لنص المادة 12من تعديلات الأمر العالى فى ابريل 1894م ، والتى اشترطت فيمن ينتخب عضوا ألا يكون ممن يديرون عملا بأجر تحت إشراف المجلس الملي العام ، مما يعنى عدم ترشيح الكهنة ، ولكن فى قرار 715 لسنة 1973م ألغيت هذه المادة مما أتاح لرجال الدين الترشيح ، وكانت مدة المجلس الحالي قد انتهت فى مايو 1995م ، قبل أن تنتهى مدته القانونية بإكمال السنوات الخمسة فى 16 يوليو 1995م وان كانت المادة السادسة من اللائحة نصت على عقد جمعية لإجراء الانتخابات قبل انتهاء مدته بشهرين ، كما أكدت على استمرار أعضاء المجلس فى أداء عملهم حتى يتم اختيار الأعضاء الجدد ، ونظرا لعدم إجراء الانتخابات فى موعدها فقد صدر القرار الجمهوري بتعيين هيئة المجلس الملي العام ابتداء من يوليو 1995م لمدة ثلاثة شهور ، لحين انتخاب المجلس الجديد.

انتهاكات الكنيسة :
فى 24سبتمبر 1995م أعلنت وزارة الداخلية نتائج انتخابات المجالس الملية الفرعية ، بعد أن شاهدت منافسة ساخنة تطورت إلى صراع وبلاغات فى أقسام الشرطة ، بسبب تدخل الأساقفة والمطارنة فى تأييد بعض المرشحين ، كما كتب سامي فهمى فى صحيفة الأهالي الأربعاء 27/9/1995م . وأكدت الأهالي أن التدخلات وصلت إلى حد إعداد مطرانية بنها وقويسنا بقيادة الانبا مكسيموس أسقف القليوبية لقائمة من المرشحين أكدوا تزكية ومباركة هذه القائمة ، وكانت القائمة قد صدرت مختومة بخاتم المطرانية ، وأكد طلعت جاد الله مدير المركز الإعلامى بالمرقسية الكبرى بالعباسية عدم توافق ذلك مع أكده الأنبا شنوده من أهمية المساواة التامة بين كل المرشحين وعدم الانحياز لمرشح دون الآخر " فكل المرشحين أولادي " .
وأضاف جاد الله ، أن أسلوب القوائم غير ديمقراطي . وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت فى 27/9/1995 انتهاء الموعد المقرر لقيد أسماء الناخبين بجداول الانتخاب القاهرة .
وتلى ذلك أن شهد الأسبوع الأول من أكتوبر وحتى عشية الانتخابات 12/10/1995م ، ازدياد المنافسة ، ولم يعلن حتى ذلك الوقت قداسة البابا شنودة الثالث عن قائمة المرشحين ، مثلما فعل عام 1985م ، 1990م إلا أن صحيفة وطنى نشرت صباح الأحد 8/10/1995م قائمة بأسماء بعض المرشحين عليها صورة البابا شنودة ، مما أعطى إيحاء بأنها قائمته ، وأدى ذلك إلى بلبلة وسط المرشحين ، خاصة وأنها تضمنت اسم د. وسيم السيس الذي لم يقيد اسمه فى قوائم الناخبين ، وقد كيف أغلب المرشحين دعايتهم التى اتخذت أشكالا متعددة، بينما رفض المرشح المهندس وليم ميتاس وكيل وزارة الإسكان الدعاية ، واعتبرها تفضيلا لمرشح عن الآخر ، فى حين رشح د. زكي شنودة مدير معهد الدراسات القبطية نفسه مستقلا ، ومن الوجوه الجديدة رجل الأعمال ألفي أنور عطا الله ، وطلعت جاد الله ، وتفرد المستشار وصفى ناشد رئيس محكمة أمن الدولة العليا بوجود اسمه فى كافة القوائم، فى حين اعتذر عن الترشيح الوزير السابق فؤاد اسكندر ، والمستشار ناجى اسحق رئيس هيئة قضايا الدولة ، كما قررت محكمة القضاء الإدارى الخميس 12/10/1995م رفض دعوى إيقاف الانتخابات.
يوم الانتخاب
كما كتب الصحفي سامى فهمي المراقب للانتخابات فى صحيفة الاهالى 18/10/1995 التقرير التالي :
جرت الانتخابات وسط أجواء متوترة ، بعدما فوجئ المرشحون بقائمة الرئاسة الروحية التى تولى الكهنة توزيعها على الناخبين أمام لجان الانتخابات الخمس بالقاهرة ، وتركز تواجد الكهنة بلجنة شبرا ولجنة مصر الجديدة ، حيث اغلب أصوات المقيدين فى جداول الناخبين، وبهما حوالى 3200صوت من بين أربعة آلاف لهم حق التصويت ، وحاصر القساوسة لجان الانتخاب التى أقيمت داخل الكنائس ، وانتشروا داخل اللجان وخارجها ، لإقناع الناخبين بقائمة الرئاسة الروحية ، وان عدم اختيار المرشحين بالقائمة يعنى عصيان أوامر الكنيسة وعدم الخضوع للآباء الكهنة ، واضطر عدد كبير من الناخبين إلى مغادرة لجان الانتخاب وعدم التصويت خوفا من الحرمان الكنسي فى حالة عدم اختيار مرشحي القائمة . بلغ عدد اللذين لم يدلوا بأصواتهم أكثر من ألف ناخب ، وشهدت لجان الانتخاب مشادات عنيفة بين مرشحين وبعض الكهنة الذين أصروا على دعم القائمة التى ظهرت صباح يوم الانتخابات، فى طباعة فاخرة وعليها صورة البابا شنودة والقديس مارمرقص وأسماء أربعة وعشرين مرشحا . وكان البابا شنودة قد أعلن قبل المعركة وأثناء فترة الترشيح كما ذكر ، عن عدم إعداد قائمة للمرشحين تحت شعار "كلهم أولادي" ، ليفاجئ الأقباط صباح يوم الانتخاب بالقائمة وتكشف أسماء الـ 23 الفائزين بعضوية المجلس الملي عن أن 21 منهم كانت أسماؤهم ضمن القائمة التى نشرت بجريدة وطنى. أما المرشحون الثلاثة الآخرون الذين كانوا ضمن قائمة وطنى ولم يفوزوا فقد اعتذر أحدهم عن الترشيح ، وهو المستشار ناجى اسحق نائب رئيس محكمة النقض ، وتبين عدم وجود اسم د. وسيم السيسي فى جداول الناخبين فلا يحق له الترشيح ، وتم استبعاد المرشح الثالث من القائمة فى الساعات الأخيرة قبيل إجراء الانتخابات بسبب المشاكل والأزمات التى ثارت . ويبدو أن ضرورة حذف ثلاثة أسماء من المرشحين بقائمة وطنى للمبررات السابقة كانت وراء إعداد القائمة التى ظهرت صباح يوم الانتخاب إنقاذا للموقف ، وضمت القائمة الجديدة ثلاثة مرشحين جددا هم المستشار نبيل مرهم نائب رئيس مجلس الدولة ، والمستشار وليم بدوي نائب رئيس محكمة النقض سابقا ، والمهندس مراد محب استينوا ، واكتسحت القائمة صباح الانتخابات ، وحقق أعضائها الفوز بمقاعد المجلس ، وحصل على أعلى الأصوات المستشار ادوارد غالي 2706صوتا.
وضم المجلس 17 من الفائزين الجدد ، بينما فاز من أعضاء المجلس السابق 7 أعضاء من بين ثمانية من القدامى تقدموا للترشيح .
وتبرز أهمية هذه الشهادة ، كونها من صحفي وصحيفة مقربة من الكنيسة وقداسة البابا شنودة ، ولذلك فقد استقال احتجاجا على ما حدث من انتهاكات طلعت جاد الله مسئول الإعلام بالمقر البطريركي ، وكتب منددا بما حدث . أكد ذلك تقرير ودعوى أمام القضاء الإدارى ، تطالب ببطلان الانتخابات للمجلس الملي العام ، وتستند الدعوى التى أقامها ممدوح نخلة المحامى ناشط حقوق الإنسان إلى عدم التزام الكهنة بالحيدة أثناء عملية التصويت ، وتدخل القساوسة لتأييد قائمة من المرشحين بدعم من الرئاسة الروحية موقع عليها الكهنة بالقاهرة ، إلا أن محكمة القضاء الإدارى رفضت الدعوى ، ونجح فى القائمة د. أنجيل بطرس التى تم تعيينها فيما بعد عضوا مجلس الشعب الذي لم ينجح فيه قبطى واحد وهذا نموذج لما حدث ويحدث للمشاركة القبطية الداخلية فى إدارة شئون المؤسسة الكنسية ، والذي يدعو للدهشة أن الأمر العالى الذي تجرى به الانتخابات للمجلس الملي العام والصادر فى 14مايو سنة 1883م بشأن ترتيب اختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكس ، هو بذاته الخط الهاميوني الذي نشكو منه مر الشكوى نحن المواطنين الأقباط المصريين فيما يخص حقوقنا فى بناء الكنائس .
* * *
أما عن الأقباط الكاثوليك فهم ليسوا اسعد حظا من أشقائهم الأرثوذكس فالأقباط الكاثوليك ( باستثناء بعض الرهبانيات مثل الآباء اليسوعيين والفرانسسكان والدونيمكان) اذ ما أرادوا أن يتشدقوا بالديمقراطية فلديهم مجمع الفاتيكان الثاني 1965- 1968م وغيره من الوثائق ذات الديمقراطية الراقية وحقوق الإنسان ، وإذا ما أرادوا ألا يطبقوا تلك المواثيق العظيمة فإنهم يتحدثون عن خصوصية ووطنية كنيستهم ، ويفرغون الوثائق العالمية الكنسية من مضمونها .
* * *
تبقى كنيسة الأقباط الإنجيليين ، وهى كنيسة غالبا بحكم تكوينها لا تعاني من أزمة الكهنوت ، ويغلب على أداءها الطابع المدني المؤسسي ، وتقوم بالمزج بين نشاط الهيئة القبطية الانجيلية ، وهى جمعية أهلية، وبين طائفة الأقباط الإنجيليين بطريقة غير مباشرة تلعب فيها الهيئة القبطية الإنجيلية دور المؤسسة القابضة ، وهى بذلك تعطى ما لله لله وما للحكومة للحكومة فى توازن بدأ يختل فى الآونة الأخيرة ، الأمر الذي جعل الغالبية من شباب الطائفة نتيجة عدم تطور الصيغ الديمقراطية المتعارف عليها داخل أسوار كنائس الطائفة إلى استقطابهم نحو كنيسة قصر الدوبارة بقيادة القس د. منسي عبد النور لانفتاح تلك الكنيسة على العالم الخارجي من جهة مما يساير ما يسميه بعولمة التدين الانجيلي ، الأمر الذي ينعكس على ما يراه الشباب الانجيلي حداثة وتلبية لاحتياجاتهم الروحية والاجتماعية على عكس الأداء الكلاسيكي فى الكنائس الانجيلية الأخرى ، الأمر الذي ينبأ بخلاف قد يؤدي إلى أزمة عميقة ربما ينتج عنها الصدام بين الطائفة وقصر الدوبارة.
* * *
نعود إلى الأب وليم سيدهم مرة أخرى حيث يحدثنا عن الكنائس المسيحية فى مصر ، وكيف تكفر بعضها بعضا . فبرغم وجود مؤسسات مسكونية مثل مجلس كنائس الشرق الأوسط ، اللجنة المسكونية لمكافحة الأمية – لجنة الشباب ، فإن بعض الارثوذكس كأغلبية عددية يمارسون القهرعلى بقية التقاليد بصفتها أقلية وهذا القهر على مستويات:
نفى صفة المواطنة إطلاق صفات الكنيسة الغربية على الكنائس الأخرى ، إلى التكفير العقائدي ، وتحفيظ المؤمنين التابعين للتقليد الارثوذكسي قائمة من الأسباب التى تضع حدودا عقائدية وطائفية بين المسيحيين ، وكأن المواطنين من الرعايا الارثوذكس والكاثوليك والانجيليين ينقصهم أسباب النفي والعزل والتحقير التى تطال جميع المصريين على اختلاف مآربهم ومشاربهم ، وبعض الكاثوليك يتشدقون بانتسابهم إلى بابا روما وقوة الكثلكة فى العالم وبعض الانجيليين لهم أمريكا والجامعة الأمريكية.
خاتمـــــــة
أولا : دونما الحاجة إلى ترديد نصوص الإعلان ، هل أضحى من المفهوم موقف الدولة والأقباط منه من المادة 2 إلى المادة 26 .
ثانيا : المواطن بين مطرقة الدولة وسندان المؤسسات الكنسية ونار المجتمع .
فهل يدعو كل ذلك المواطن المصري القبطي إلى البحث عن مخلص من هذه الثلاثية القهرية إما خارج الحدود فى ارض الخلاص فى الغرب أو بالانكفاء على ذاته والهروب إلى السماء إعمالا بالنص القائل " مملكتي ليست من هذا العالم " .
ولكن يبقى كما يقول الإمام الغزالى " قد يكون فى الجحيم نافذة على الجنة " ، فهل ستأتي يوما تلك الانفراجة فى الانتقال من اللاهوت التقليدي العبودي إلى محاولة تحرير المواطن من ثنائية تلك العبودية (الدولة – الكنيسة ) بلاهوت التحرير * الأمر الذي يتطلب من المؤسسات الكنسية الثلاث المستقلة الآتي :
1- الكنيسة الأرثوذكسية آلام عليها أن تعقد مجمعا لبحث اشكاليات التناقض فى الحقوق الإنسانية للقبطي خارج الكنيسة وداخلها.
2- الكنيسة الكاثوليكية أن تعقد مجمعا محليا تحدد موقفها الحقيقى والواقعي من قرارات الفاتيكان الثاني والمواثيق المحلية الأخرى واعمالها فى الواقع دون ازدواجية.
3- أن الكنيسة القبطية الإنجيلية فيتطلب الأمر عقد " سمودس " لها لمناقشة النحر الذي تحدثه آثار عولمة التدين فى شواطئها الوطنية.
اللهم إني قد أبلغت اللهم فاشهد
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولهم

This site was last updated 11/09/10