أبناء مارمينا: من القلاية إلي كرسي الأسقفية... وطنى 21/11/2009م عندما يضئ السراج يوضع علي المنارة لينير للكل
ملائكة أرضيون بشر سمائيون شهوة قلوبهم المختارة طلبت حب الأبرع جمالا من بني البشر.. واستجابوا لنداء الرب عندما قال تعالوا إلي أيها الراغبون في وأشبعوا من ثماري فإن روحي أحلي من العسل وميراثي ألذ من شهد العسل. من أكلني عاد إلي جائعا ومن شربني عاد ظامئا. من سمع لي فلا يخزي. ومن عمل بإرشادي فلا يخطئ من شرحني فله الحياة الأبدية (يشوع بن سيراخ 24:26-31). فأقبلوا إليه لأنهم يعرفون وصاياه ويحفظونها... فهؤلاء الذين اختاروا طريق الرهبنة يحبون الرب لا بالكلام ولكن بالعمل والفعل لذلك فإن المبدأ الرهباني الانحلال من الكل والارتباط بالواحد أي أن القلب ينحل من كل شئ ومن كل أحد. لكي يرتبط بالواحد الذي هو الله... وهذا الواحد الذي يشبعه ويملأ كل كيانه ويكون سبب سعادته وفرحه... ولأن السراج عندما يضئ لا يوضع تحت المكيال بل علي المنارة ليضئ للكل... هكذا آباءنا الذين اختارهم الرب من قلاية مارمينا إلي كرسي الأسقفية والذين ينطبق عليهم قول بولس الرسول في كل مكان أيضا ذاع إيمانكم بالله حتي ليس لنا حاجة أن نتكلم شيئا (1تس1:8) فجهادهم ما زال مستمرا وقلوبهم أمينة في عملهم كأساقفة ووكلاء لله علي الأرض (رسالة بولس الرسول إلي تيطس 1:7). ويضيف الرسول بولس في وصف الأسقف بأنه يكون محبا للخير, متعقلا, بارا ورعا. ضابطا لنفسه غير معجب بنفسه ولا غضوب (تي1:7, 8)... وهكذا من رحاب مارمينا الناسك البتول والشهيد خرج أساقفة عظماء رعاة حسب قلب الله يرعون المؤمنين بالمعرفة والفهم... أضاء نورهم فوق المنارة.
الأنبا إرميا ترنيمة الروح والذهن
أرتل بالروح وأرتل بالذهن أيضا هكذا وصف بولس الرسول في رسالته الأولي (لكورنثوس 14:15) كيفية تضفير عمل الروح وعمل العقل... وهذه الآية تعبر بجدارة عن نيافة الأنبا إرميا الذي جمع بين سيرة الملائكة والترتيل بالروح وعمل العلماء (الترتيل بالذهن) فعندما ارتبط منذ شبابه المبكر بالأنبا شنودة أسقف التعليم - قداسة البابا - حيث كان يواظب علي حضور كل محاضراته... كان يحيا حياة التلمذة فكرا وروحا واستمد من نسك الأنبا شنودة حب الوحدة وحياة الخلوة. وبعد حصوله علي بكالوريوس الصيدلة ترك العالم وكل مغرياته واتجه إلي دير الشهيد مارمينا العجايبي بمريوط. فهو منذ صباه عاشق لدير مارمينا وأيضا لأنه كان يريد الرهبنة لذاته وكان معروفا أن دير مارمينا كان لا يعطي للرهبان أي رتب كهنوتية وعندما ترهبن بدير مارمينا بمريوط وهو دير - يعد حديثا - كان الدير يخلو من المكتبات والمخطوطات وضع نصب عينيه أثناء فترة الاختبار الوصول بكتب التراث القبطي وكتابات الآباء إلي الدير وقد شجعه المتنيح الأنبا مينا علي هذا الأمر وطلب منه أن يحضر مكتبته الخاصة وكان مسئول مكتبة الدير وقتها هو الأب أرشليدس آفا مينا - نيافة الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين حاليا - وفكر مع مجموعة من الرهبان منهما الآباء سلوانس آفا مينا وتيموثاؤس آفا مينا في كيفية سد الفراغ الموجود بمكتبة الدير وفي هذا الوقت تعرف علي الدكتور فيكتور غبريال صاحب إحدي شركات الميكروفيلم وبما قدمه من أجهزة للدير وجد فيه ضالته المنشودة حيث بدأت فكرة عبقرية تتمثل في تصوير المخطوطات القبطية وحفظها علي الميكروفيلم وبدأ في استعارة المخطوطات من الأديرة ثم القيام بترميمها ثم تصويرها وإعادتها مرة أخري إلي الأديرة بعد ترميمها ولقيت الفكرة النجاح من كل ناحية فالأديرة تستفيد بترميم مخطوطاتها ودير مارمينا يستفيد بتصويرها والاحتفاظ بصورة منها... وبدأ الأمر بإيبارشيات البحيرة والمنوفية مركز الشيخ ودير القديسة دميانة ببراي بلقاس وأديرة أخميم وتجمع لدي الدير عدد كبير جدا من المخطوطات - بل أصبح فيه أهم مخطوطات الأديرة والإيبارشيات بمصر - وعندما جاء عام 1990 كان دير مارمينا يمتلك نحو 1200 مخطوطة مصورة علي الميكروفيلم وأصبح الدير بفضل الراهب النشيط المبدع إرميا يضم مكتبة تراثية ضخمة وبعد أن تكونت مكتبة المخطوطات عكف الراهب الذي يرتل بالروح والذهن علي دراسة كل المخطوطات ومواكبة لدخول الكمبيوتر مصر عام 1988 ومسايرة لثورة المعلومات خاصة لأهمية الكمبيوتر في فهرسة الكتب والمخطوطات وتعلم في مكتبة الدير كل هذه الأمور وأرشده الرب إلي الدكتور عادل إسكندر الذي قدم له المهندس رضا عزت وتعاونا معا في عمل برنامج للكتاب المقدس... وفي عام 1990 ذهب قداسة البابا شنودة الثالث لزيارة الدير ورأي قداسته الجهد المبذول في ترميم المخطوطات وتصويرها بالميكروفيلم وأشاد بالمكتبة وأبدي إعجابه الشديد لمواكبة الكنيسة للتقدم العلمي... وكانت زيارة البابا مشجعة وحافزا لنا. وأمضي الأب إرميا سنوات معتكفا بقلايته لوضع الكتاب المقدس وحساب الأبقطي وقطمارس الكنيسة القبطية علي الكمبيوتر... وفي عام 1995 طلب قداسة البابا شنودة من الأنبا مينا آفا مينا إرسال الأب إرميا وبالفعل ذهب لمقابلة البابا الذي ضمه إلي السكرتارية وكان أول تكليف من قداسته تكوين مركز لتكنولوجيا المعلومات بالكاتدرائية وبدأ المركز يباشر عمله بعدد قليل من العاملين ولكن نشاطه اتسع سريعا وبدأ في إذاعة محاضرة البابا الأسبوعية علي الإنترنت وصمم موقعا للكنيسة القبطية. وفي عام 2004 قام قداسة البابا بسيامة الأنبا إرميا أسقفا عاما. ومازال نيافته يعمل بجهد ودأب في إنهاء الثقافة والمعرفة القبطية وكان له دور بارز وحيوي في إنشاء المركز الثقافي القبطي والذي انتهت المرحلة الأولي منه في نوفمبر 2008 ومازال يتابع باقي المراحل ومازال قلبه في قلايته بدير مارمينا حيث بدأت سيمفونية الترتيل بالروح والذهن.
الأنبا ثيئودوسيوس خدمة من المسيح
لست أحتسب شئ ولا نفسي ثمينة عندي حتي أتمم بفرح سعيي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع المسيح لأشهد ببشارة نعمة الله (أع20-24) علي هذه الآية المقدسة يسير نيافة الأنبا ثيئودوسيوس الأسقف العام بالجيزة. الذي نمت علاقته بمارمينا في بداية الثمانينيات وذلك عن طريق الأنبا دوماديوس مطران الجيزة والذي له محبة عظيمة لدير مارمينا لأنه عندما كان راهبا باسم القس متياس السرياني أرسله قداسة البابا كيرلس السادس ليعمر الدير عام 1961 ولم يكن في ذلك الوقت هناك أي إمكانيات للمعيشة وكان الأب متياس هو أول ربيته بالدير. ومكث بالدير حتي سيامته أسقفا للجيزة عام ...1963 وفي هذه الفترة شرب الأب متياس حب الشهيد مارمينا كماء الراحة في ظل تلك الحياة المقفرة في برية موحشة حيث كان يرسل البابا كيرلس سيارة تحتوي علي بعض الأطعمة كل 15 يوما... وعلاقة نيافة الأنبا دوماديوس بمارمينا تعود لأبعد من ذلك حيث أنه كان يذهب في الخمسينيات مع الأنبا ثاؤفيلس رئيس دير السريان العامر ويقومان بعمل القربان في الاستراحة الخاصة بالآثار ويصلون القداس الإلهي علي مذبح مارمينا في عيد استشهاده... وفي إحدي المرات كانت الأمطار تسقط بغزارة وكان الأنبا ثاؤفيلس مصمما علي الذهاب لنوال بركة مارمينا وبسبب غزارة الأمطار انقلبت السيارة وكان الأنبا دوماديوس (أبونا متياس السرياني) هو الذي يقودها فنزلوا منها وتم عدل السيارة بسهولة ببركة مارمينا وعادت للسير بدون أي أعطال...
وفي الفترة التي كان فيها الأنبا ثيئودوسيوس شماسا مكرسا يخدم مع الأنبا دوماديوس سمع منه الكثير عن مارمينا ودير مارمينا فحدث في نفسه اشتياق عظيم لحياة الملائكة الرهبانية... قام بالتشجيع والحث عليها نيافة الأنبا دوماديوس... وعندما عرض عليه أن يلتحق بدير مارمينا رحب جدا ووصل إلي الدير مع القمص صرابامون آفا مينا ووصل إلي الدير وقت الفجر. وفي الصباح التقي بنيافة الأنبا مينا أول أسقف بالدير وكان هناك عرف في الدير وهو اصطحاب الأخ الجديد إلي جسد مارمينا وإقامة تمجيد للشهيد... كان ذلك في عام ...1984 واستلم المحب الجديد عمل الأباركة بالدير وخدمة الزوار والنذور والمنطقة الأثرية وكنائس الدير بالإضافة إلي عمل القربان صباح كل يوم وخدمة نيافة الأنبا مينا. وفي سبت لعازر 2 أبريل ...1988 وبعد سنوات من الخدمة والبذل والمحبة ذهب قداسة البابا شنودة والأنبا مينا والأنبا مكسيموس وبعض الأساقفة حيث تمت رسامة 10 من الإخوة تحت الاختبار من بينهم نيافة الأنبا إرميا سكرتير قداسة البابا... وظل الراهب بالدير عاشقا حياة الملائكة يخدم بكل همة وفرح بكنائس الدير والمعصرة ومخازن الكنائس وترتيب صلوات المنطقة الأثرية في الأعياد.
وفي نهاية عام 1988 أصيب نيافة الحبر الجليل الأنبا دوماديوس بمرض أقعده فاتصل نيافة الأنبا دوماديوس بقداسة البابا يطلب نزوله لخدمة نيافته. وكان الأنبا مينا آفا مينا ضد نزول الآباء لخدمة العالم أو سيامتهم كهنة. ولكنه وافق فسلم الأب كل ما كان في عهدته للآباء عن طريق الأنبا مينا... ونزل بالفعل بعد عيد الغطاس عام 1989 وطلب الأنبا دوماديوس من قداسة البابا سيامته كاهنا لخدمة المطرانية وفي هذا الوقت ذهب مع الأنبا دوماديوس لقضاء خلوة بالدير,وتقابلوا مع نيافة الأنبا مينا وكان بالدير نحو 40 راهبا لم ينالوا الكهنوت ولكن الأنبا مينا خاطبه قائلا لما سيدنا البابا يقولك تترسم كاهنا قوله آمين لأن هذه هي مشيئة الرب وأنا موافق وممكن تستلم الذبيحة في الدير وبالفعل تمت السيامة في 23 مايو ...1989 لقد زرع فيه دير مارمينا الحب للمكان والآباء والأبوة ومن هذا الحب الديري للمكان انطلق إلي حب الخدمة بكل معانيه حيث أكمل خدمة الأنبا دوماديوس في تعمير وبناء وتشييد الكنائس وإشعال خدمة التربية الكنسية... كل هذه الارتباطات بالدير لا تنقطع حيث كان يذهب للدير كل أسبوعين أو كل شهر, يسترجع حياة السكون والتأمل, وفي عام 1990 تمت ترقيته إلي رتبة قمص, وفي يونية 2009 استجاب قداسة البابا لتزكية المجلس الملي الفرعي ومجمع الكهنة وقام بسيامة الأب ثيئودوسيوس أسقفا عاما مساعدا بالجيزة... ورغم مرور كل هذا الوقت إلا أن دير مارمينا مازال في قلبه... يذهب إلي قلايته في خلوات خاصة للارتواء من عبق الآباء القديسين والتنعم بالهدوء والنظر والبحث عن موضوعات الإيبارشية بصفاء وسكينة... حيث يتزود ببركة الشهيد العظيم مارمينا وبركة البابا كيرلس السادس وبركة الأنبا مينا آفا مينا وكل آباء الدير... ويخدم لمجد المسيح.
الأنبا بطرس... قداسة الصمت
يقول القديس مار إسحق السرياني شهية جدا أخبار القديسين في مسامع الودعاء كالماء للغروس الجديدة. فلتكن مرسومة عندك صورة تدبير الله مع القدماء كالأدوية الكريمة للعين الضعيفة. وأحفظ ذكرهم عندك في كل أوقات النهار وتفكر لتتحكم منهم وهذه المقولة صارت دستور حياة للشاب زكريا ناشد الذي اختار النصيب الصالح وقرر أن يحمل الصليب ويسير خلف مخلصه في حب وصمت مقدس. ولأنه أدرك مبكرا أن القديسين هم الترجمة العملية للإنجيل ترك العالم ودخل إلي دير الناسك الشهيد مارمينا العجايبي حيث تمت رسامته راهبا في عام 1978 وكان مسئولا عن بيت الخلوة بالدير والإخوة تحت الاختبار وكان قول الإنجيل المقدس ينطبق عليه كل كاتب متعلم في ملكوت السموات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جدد وعتقاء فالشاب الذي يذهب إلي الدير في خلوة ليتذوق حلاوة العشرة مع المسيح ويجد بالراهب المسئول المسيح حيا قد تلقي في داخله بذرة حب واشتياق للحياة الملائكية ولهذا خرج من عباءة هذا الراهب الصامت التقي جدد وعتقاء وفي يونية الماضي قام قداسة البابا شنودة الثالث بسيامته أسقفا لإيبارشية شبين القناطر بعد أن أقام بدير مارمينا 30 عاما متواصلة في حياة الصلاة والتسبيح والتعليم لم يخرج من الدير ولا مرة واحدة للعلاج أو لأي زيارة... ولا يعلم كثيرون أن نيافة الحبر الجليل الأنبا بطرس هو شقيق نيافة الأنبا كيرلس أسقف ميلانو وهو أمر يؤكد علي قوة التقوي المسيحية التي صاحبت نشأة هذا الأب المبارك... كما أن هذه الأسرة المتأصلة في الإيمان كبيوت مبنية علي الصخر وأغصان مثمرة في كرمة المسيح السمائية. أمر رائع يعيد للأذهان تاريخ الكنيسة الممجد والذي اشتمل علي أسر كاملة من القديسين نذكر منهم القديس غريغوريوس النيصي وأخاه القديس باسيليوس أسقف قيصرية. مما يعني أن كنيستنا المقدسة ذات ميلاد متجدد وهي ولود لعمالقة في الروح منهم نيافة الأنبا بطرس.
الأنبا مينا... الوداعة وتواضع القلب
في عينيه تجد الراحة وكأنك تشعر بسكون الإيمان وفرحة القرب من المسيح... إنه رجل مملوء بالروح والحق... عن الأنبا مينا الأسقف العام نتحدث. هذا الأب المكرم الذي تعلق بقداسة البابا كيرلس السادس وعشق السير في أثر خطاه التي اختارت طريق السمائيين, كان يحب كثيرا القراءة في كتب معجزاته تلك التي تعبر عن قلوب الملايين المحبة والتي تعلقت به واختارته شفيعا لنفوس حائرة... ولذلك عندما أخذ قرار ترك العالم اختار دير مارمينا بمريوط الدير الذي أعاد مجده وعمره بالروح والبناء ودفن فيه البابا القديس كيرلس السادس. هكذا انطلق بكل الحب يبحث عن الحب الخالص والذي لا يجده الإنسان في غير المسيح. وفي ديسمبر عام 1980 دخل الدير السمائي وظل تحت الاختبار نحو ثلاث سنوات حيث رسم راهبا في مارس ...1984 وكان طوال هذه الفترة يخدم بكل تواضع في مضيفة الدير كتعليمات نيافة الأنبا مينا آفا مينا أول أسقف للدير واستمر في هذه الخدمة بكل نشاط وفرح وبذل حتي اختير للخدمة في أيرلندة بناء علي طلب الأنبا أنطوني الذي استأذن قداسة البابا شنودة الثالث لكي يصحب معه هذا الراهب النشيط المحبوب. وكانت خدمة في وسط ظروف صعبة للغاية حيث لم تكن هناك كنيسة بل لم تكن هناك قاعة للصلاة. بل مجرد مجموعات من الأسر القبطية المهاجرة 30 أسرة في منطقة ونحو 20 أسرة في منطقة أخري ومسافات بعيدة جدا تفصل بين هذه الأسر... ولم تكن الخدمة ذات أساس... ومع القدرة علي المحبة التي تصنع المستحيل والبذل والعطاء استطاع أن يقيم كنيسة علي اسم الشهيد العظيم مارمينا - الذي ينتمي إليه اسما وعمقا - في منطقة تدعي كير... والآن نمت وكبرت وأتت هذه الكنيسة بثمار وفيرة ثلاثين وستين ومائة وأصبحت الكنيسة تملك ثلاثة أفدنة وتقدم كل الخدمات الروحية من قداسات وعشيات ومعمودية واجتماعات حيث بركة الرب التي تغني ولا يحتاج معها الإنسان شيئا... وفي ظل هذه الخدمة المثمرة المبهرة للأب الراهب الباذل ذاته من أجل الخراف في تلك البلاد البعيدة... يتصل به نيافة الحبر الجليل الأنبا كيرلس آفا مينا ويطلب منه النزول إلي القاهرة ويأتي الراهب في طاعة وخضوع ليكتشف أن قداسة البابا شنودة الثالث - أدام الله عمره - قد اختاره لسيامته أسقفا عاما - كان ذلك في يونية الماضي - حيث رنت في قلبه نصيحة قداسة البابا شنودة الثالث للآباء الأساقفة في هذا اليوم المبارك... فقد قال لسان العطر: أريد أن أقول لكم إذا أراد الأسقف أن ينجح فلينس أنه أسقف, فعندما يفكر أنه أسقف سيفكر في الكرامة الخاصة للأسقف والأولوية الخاصة للأسقف ويطالب الناس بشئ لا يصح أن يطالبهم به, انس أنك أسقف وأنا قلت العبارة دي في إحدي المرات لأحد الآباء الأساقفة قلت له انس انك أسقف وافتكر أنك مجرد خادم,زمان كانوا يعتقدون أن الأسقف شخص يجلس علي كرسي عال يمنح البركات وصالح الدعوات نحن ألغينا هذا الموضوع... لم نلغ الكرسي العالي... لم نلغ البركات وصالح الدعوات.أقول لكم يا أحبائي إن العظمة سهلة لكنها لا تخلص نفس الأسقف... البساطة والتواضع صفتان لازمتان لكل أسقف لكي ينجح.
نصيحتي لكم أن تكلموا الناس كشخص عاد ليس كأسقف وأنا أتذكر أني قد كتبت هذا الموضوع شعرا... قبل أن أصبح أسقفا قلت في القصيدة:
كل من يعتز بالألقاب إن صحا في فخر أعظم مني؟...
أنت في الأصل تراب تافها... هل سينسي أصله من قال إني...
وأكد قداسته علي المعني قائلا إحنا في الأصل تراب انس أنك أسقف... أوعي عمة الأسقفية دي تنسيك أنك تراب.
ولكن لا يقتصر علي هذه الصفة فقد أصبح الأسقف الحقيقي هو الإنسان المتواضع الذي يتصل بكل أحد ويعامل كل أحد بمحبة... وأضاف قداسته عندما رسمت أنا أسقفا لم أعامل نفسي كأسقف وأحيانا كانوا يرونني جالسا علي سلالم الإكليريكية أتحدث مع الطلبة... وأنا أتذكر أول أسبوع في زيارتي للإكليريكية لاحظت أن حوض المياه غير نظيف فجلست أنظف فيه, وأبونا إبراهيم عطية قال لي إزاي تعمل كده قلت له يا أبونا في إيه؟ إحنا جري لنا إيه؟ حتي الآن أنا أتذكر دائما أني خادم ويمكن أن تسمعوا طفلا صغيرا يقول لكم أنا صديق البابا شنودة.
وأقول لكم اهتموا بكل نفس, في ناس يعتقدون أن الأسقف مخطط للخدمة ومنفذ الخدمة هو الكاهن والشماس عليك أن تشتغل أسقفا وقسيسا وشماسا.
وعلي هذه النصائح يسير نيافة الأنبا مينا الأسقف العام الذي لم ينس يوما سفينة نجاته... دير مارمينا.
الأنبا كيرلس آفا مينا أول أسقف لدير مار مينا بالعصر الحديث
فى صباح السبت 12-6-2004
قام قداسة البابا شنوده الثالث بزيارة رعوية للدير العامر وألبس الإسكيم الكبير لحضرة صاحب النيافه الحبر الجليل الأنبا كيرلس أفامينا