Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

 دَخِيل 

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up

 

قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية

دَخِيل


تطلق هذه الكلمة في العهد الجديد على الشخص الذي يدخل الديانة اليهودية من بين الوثنيين. وكان للفريسيين غيرة شديدة على اكتساب الدخلاء (مت 23: 15). ويذكر الشاعر الروماني هوراس أن اكتساب الدخلاء إلى الديانة اليهودية كان من أبرز الخاصيات التي تميز بها اليهود في عصره. وقد أوصت الشريعة الموسوية بحسن معاملة الأجانب الساكنين في الأرض المقدسة (تث 10: 18 و19) وكذلك أوصت بحماية مدن الملجأ شريطة أن يمتنع الأجانب عن التجديف وعبادة الأوثان (لا 20: 2 و24: 16) وكان يباح للأجانب والغرباء بأن يشتركوا في شعائر يوم الكفّارة (لا 16: 29) وعيد الأسابيع (تث 16: 11) وعيد المظال (زك 14: 16-19) غير أنه لم يكن يباح لهم الاشتراك في شعائر عيد الفصح ما لم يختنوا (خر 12: 48 وعد 9: 14) كي يتّم دخولهم في الديانة اليهودية وعبادتها. وقد دخل عدد غفير ممن لم يكونوا يهودًا أصلًا إلى الديانة اليهودية. وقد كان عدد من هؤلاء موجودًا في يوم الخمسين عندما انسكب الروح القدس (أعمال 2: 10) وكان أحد الرجال الذين انتخبوا ليعنوا بأمر الفقراء في الكنيسة الأولى دخيلًا من إنطاكية واسمه نيقولاوس (أعمال 6: 5). ويذكر يوسيفوس (حروب: الكتاب الثاني والفصل العشرون والفقرة الثانية) بأنه كان في إنطاكية عدد كبير من الدخلاء، ويرّجح أن رئيس حاشية الملكة كنداكة ملكة الحبشة كان قد دخل الديانة اليهودية قبل أن يلقاه فيلبس في الطريق ويرشده إلى طريق الخلاص بالإيمان بالرب يسوع المسيح (أعمال 8: 27) ويحدثنا يوسيفوس أيضًا أن الأسرة المالكة في اديابيني شرقي الفرات كانت قد دخلت الديانة اليهودية (يوسيفوس: آثار، الفصل العشرون فقرات 2-4) وكان في إنطاكية بيسدية دخلاء كثيرون وقد ذكر الربيون نوعين من الدخلاء:

(أ) النوع الأول وهو ما أطلق عليه اسم دخلاء البرّ. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). وهؤلاء الدخلاء هم الذين قبلوا أن يختتنوا وأن يعتمدوا وأن يقدموا الذبائح. وقد قبلوا الديانة اليهودية بفروضها وطقوسها ونواميسها.

(ب) النوع الثاني وهو ما أطلق عليه اسم "دخلاء الباب" أو (الدخلاء النزلاء" وكان هؤلاء أقل مرتبة من سابقيهم فقد قبل هؤلاء أن يحفظوا فرائض أو وصايا نوح السبع (انظر كلمة نوح) ولكنهم رفضوا أننهم رفضوا أن يختتنوا أو يقبلوا الديانة اليهودية برمتها. وقد سمى هؤلاء في العهد الجديد المتعبدين (اع 13: 43 و50 و16: 14 و17: 4 و17 و18: 7). وكانت نواة الكنائس التي أسسها بولس في الغالب من هؤلاء. ومن ضمن أفراد هذا الصنف كرنيليوس وليدية وتيموثاوس وتيطس.

الدخيل هو من دخل في قوم وانتسب إليهم وليس منهم.
(1) الدخيل في العهد القديم:
لم تكن ثمة عراقيل أو عقبات أمام أي شخص يرغب في الاستقرار في إسرائيل، فكان يمكن لكل الغرباء من الجيل الثلاث من المصريين والأدوميين -باستثناء العمونيين والموآبيين- أن يدخلوا في جماعة الرب. وكان يسمح للغريب الذي في أبواب إسرائيل أن يأكل اللحوم المحرم أكلها على بني إسرائيل (تث 14: 21). أما إذا أراد الأجنبي أن يشترك في أكل الفصح، فكان يجب عليه أن يختتن، أما حفظ يوم السبت وسائر الأعياد، فكان يعتبر امتيازًا أكثر منه واجبًا (خر 23: 12؛ تث 6: 11و14). وطبقًا لما جاء في سفر اللاويين (16: 29)، كان على الغريب أن ينفذ كل ما كان يلتزم به اليهودي في عيد الكفارة، كما كان الرجم جزاءه إذا جدف على اسم الرب (لا 24: 16)، وكان هذا جزءاه أيضًا إذا قدم أولاده ذبيحة لمولك (لا 20: 2). أما إذا أراد أن يقدم ذبيحة محرقة، فكان ينطبق عليه نفس الشرائع كالإسرائيلي سواء بسواء (لا 16: 7؛ 22: 18). ومع أن شريعة الختان لم تكن مفروضة على الغريب، إلا أنه يبدو أن الناموس كان يهدف إلى تقريب الأجنبي إلى العبادة الإسرائيلية للمحافظة على بني إسرائيل من أي أفكار غريبة تتهدد عبادتهم بالخطر.

ورغم أن إله إسرائيل هو إله كل البشر، وقد اختير إسرائيل من بين الشعوب لبركة كل الأمم، وعلى الرغم من تذكر إسرائيل مرات عديدة بأن المسيا سيأتي معه بالبركة لكل الشعوب، على الرغم من كل هذا، ومع أننا نجد بعض الوثنيين قد آمنوا بالرب، ولكن لم تكن هناك دعوة صريحة لنشر معرفة الله بين الأمم (فيما عدا ما يتضمنه سفر يونان)، فلم تكن هناك حركة تبشيرية باليهودية، وإن كنا نقرأ في سفر نحميا (10: 28) عن "الذين انفصلوا من شعوب الأراضي إلى شريعة الله". أما في نبوة إشعياء (56: 3) فنقرأ عن الغريب الذي اقترن بالرب"، وهو الوصف الدقيثق الوحيد عن الدخيل في العهد القديم. أما في سفر عزرا فنجد فكرة "الانغلاق" (عز 4: 3)، وكان ذلك -بدون شك- لعزل العناصر المريبة، كما مُنع التزاوج مع شعوب الأرض (عز 9، 10، نح 13: 23-31). أما العمل على اكتساب دخلاء فقد بدأ بعد ذلك بقرن من الزمان.

(2) العمل على اكتساب دخلاء:
إن التبشير بالإنجيل، قد سبقه ومهد له تشتت اليهود وتبيشيرهم باليهودية في كل نواحي المسكونة. ففي القرن الخامس قبل الميلاد، كان هناك معبد لليهود في جزيرة ألفنتين قرب أسوان. وقد اسكن الإسكندر الأكبر ثمانية آلاف يهودي في طيبة في بلاد اليونان. كما كان اليهود يكونون حوالي ثلث سكان الإسكندرية. أما بطليموس الأول (320 ق.م.) فقد استقدم عددًا كبيرًا منهم من فلسطين، فانتشروا تدريجيًا في مصر على طول الساحل الإفريقي للبحر المتوسط، وبعد الاضطهاد المرير الذي ذاقوه من يد أنطيوكس أبيفانس (170 ق.م.)، تبعثروا في كل مكان. وجاء في الأقوال السبيلينية (160 ق.م.): "لقد ازدحم بهم كل مكان سواء في البحر أو البر"، فلم يكن يوجد ميناء أو مركز تجاري في آسيا الصغرى ومقدونيا وبلاد اليونان، أو أي جزيرة في بحر إيجة، يخلو من التجمعات اليهودية. ويقتبس يوسيفوس ما قاله "سترابو" (Strabo): "من الصعب أن تجد مكانًا في كل المسكونة يخلو من هؤلاء الناس"، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. ورغم الازدراء والكراهية اللتين قوبلت بهما "اليهودية" في كل مكان، فإنه لسموها وحزمها ورفعة مبادئها الروحية، أصبحت معروفة في كل العالم، وكان لها تاثير كبير على الذين لم يجدوا شبعهم في الديانات المعاصرة. وفي تلك الفترة امتلأ اليهود بحماس تبشيري امتد إلى كل العالم، فخرجت كتب عن "اليهودية" (مثل الأقوال السبيلينية)، كتبها يهود مجهولون رغبوا في التأثير على الوثنيين. وقد فتح المجمع اليهودي - الذي كان مركز العبادة اليهودية - أبوابه أمام العالم الوثني (انظر أع 15: 21). وقد استهدفت غالبية العظات التي كانت تلقى في المجامع تبشير الوثنيين،فقد شعر اليهود بأن عليهم أن يكونوا "قادة للعميان ونورًا للذين في الظلمة" (رو 2: 19).

ولم يكن يوسيفوس فقط، بل وسينكا (Seneca) و"ديوكاسيوس" (Dio Cassius)، و"تاسيتوس" (Tacitus)، و"هوراس" (Horace)، و"جوفينال" (Juvenal) وغيرهم من الكتاب اليونانيين والرومانيين، يشهدون بالآثار الواسعة للدعوة التبشيرية لليهود. فكثر الذين يترددون على المجامع اليهودية ويحفظون بعض الفرائض والعادات اليهودية، وكان بين هؤلاء الرجال الذين قيل عنهم إنهم "يخافون الله" كما جاء في سفر الأعمال (انظر أع 10: 2). وقد دعوا هكذا لتمييزهم عن غيرهم من "الدخلاء" الذين اعتنقوا اليهودية تمامًا. ولعله لهذه الجماعات سجلت التحذيرات على لوحات باللغتين اليونانية واللاتينية ووضعت في مدخل الهيكل.

وهناك فئة أخرى حفظت كل الشرائع والعادات اليهودية فيما عدا الختان، وهناك من ختنوا أطفالهم فقط. ومن العادات اليهودية التي يحفظها هؤلاء المتعاطفون مع اليهود، الصوم والتطهير والامتناع عن أكل لحم الخنزير، وإيقاد الشموع مساء يوم الجمعة، وحفظ يوم السبت. ويؤكد "شورر" (Schurer) أنه كانت هناك اجتماعات لليونانيين والرومانيين في آسيا الصغرى، بل ومن المحتمل أنها كانت في روما أيضًا، ولو أنه لم يكن لهذه الاجتماعات صلة بالمجامع اليهودية، إلا أنها تشكلت على نمط المجامع اليهودية مع حفظ بعض العادات اليهودية. ومن المحتمل أنه كان من بين هؤلاء من اختتنوا، وقد خضع أولئك المختتنون لهذه الطقوس حبًا في الزواج من يهوديات، أو للتمتع بالحقوق والامتيازات التي منحها الحكام السوريون والمصريون والرومانيون لليهود. ويتضح من كلمات الرب يسوع المسيح في إنجيل متى (مت 23: 15) أن عدد الدخلاء لم يكن كبيرًا. وقد أجبر "هركانوس" (Hyrcanus) المكابي، الأدوميين في 129 ق.م. على اعتناق اليهودية والاختتان، كما نشرت الدعوة بالقوة في فترات أخرى. ويروي لنا يوسيفوس القصة المثيرة لاعتناق الملكة هيلانة ملكة "أديابين" وولديها لليهودية. فقد اعتنق ابناها اليهودية على يد تاجر يهودي يدعى "حنانيا" لم يجبرهم على الختان، ولكن بعد أن تقابلا مع أليعازار اليهودي الجليلي وأوضح لهما أنه لا تكفي قراءة الشريعة بل عليهما أن يحفظاها (أي يتمماها) فاختتن الأميران. ومن هذا يتضح لنا أنه كثيرًا ما كان يختلف الداعون إلى اليهودية في صرامة التمسك بالشريعة اليهودية.

(3) الدخلاء في العهد الجديد:
تكررت كلمة "دخيل" في العهد الجديد أربع مرات، مرة في إنجيل متى (23: 15) حيث أشار الرب يسوع المسيح إلى غيرة الفريسيين في اكتساب الدخلاء، ثم تأثيرهم الضار عليهم، وثلاث مرات في سفر أعمال الرسل، فقد كان هناك بعض الدخلاء في يوم الخمسي (أع 2: 10). وكان "نيقولاوس" -أحد الشمامسة الذين عينتهم الكنيسة الأولى في أورشليم- "دخيلًا أنطاكيًا" (أع 6: 5)، وفي أنطاكية بيسيدية لما انفضت الجماعة، تبع كثيرون من اليهود والدخلاء المتعبدين الرسول بولس وبرنابا (أع 13: 43). ونلاحظ أن أولئك الدخلاء وصفوا بأنهم "المتعبدون"، وهي كلمة تُسْتَعمَل لوصف -بصورة عامة- فئة آخرين فهناك بعض الدخلاء قيل عنهم في سفر الأعمال أنهم "يتقون الله" أو "يخافون الله" (أع 10: 2 و22 و35؛ 13: 16 و26). والمتعبدات أو "المتعبدون" (أع 13: 50؛ 16: 14؛ 17: 4و17؛ 18: 7). ويبدو أن هؤلاء كانوا متعاطفين مع اليهود واشتركوا معهم في العبادة في المجمع ولكنهم لم يختتنوا. لقد ربح الإنجيل عددًا من هؤلاء الدخلاء من الأمم، أما الدخلاء المتهودون تمامًا، فالأرجح أنهم كانوا يقاومون الإنجيل كسائر اليهود.

(4) الدخلاء في التلمود:
كان الختان -حسب رأي الفريسيين- إلى جانب المعمودية وتقديم الذبائح، أمورًا أساسية لا غنى عنها، ["فكل إنسان مختتن، ملتزم أن يعمل بكل الناموس" (غل 5: 30)]. فكان على الداخلين إلى اليهودية، الخضوع خضوعًا كاملًا للشريعة الموسوية والناموس التقليدي. ولقد ميز الربيون (معلمو اليهود) بين "الدخيل النزيل" و"دخيل البر"، ولكنه لم يكن سوى تمييزًا نظريًا، ويرى "شورر" أن هذا التمييز نشأ في زمن متأخر.

وكان "دخيل البر" أو "دخيل العهد" يعتبر إنسانًا إسرائيليًا كاملًا، أما "دخيل الباب" (نزيلك الذي داخل أبوابك - خر 20: 10) فكان يعتبر أمميًا أكثر منه يهوديًا، إذ قد اعترف فقط بإيمانه بالله، إله إسرائيل، والتزم بمراعاة مبادئ نوح السبعة القديمة، وهي: الامتناع عن التجديف على الله، وعن عبادة الأوثان، والقتل، والزنا، والسرقة، وأكل لحم احيوان ميت ميتة طبيعية، وعصيان السلطات اليهودية.

وكان يلزم لقبول الدخيل ثلاثة أمور: الختان، والمعمودية وتقديم الذبائح. أما النساء فكان عليهن إتمام المعمودية وتقديم الذبائح فقط. ولذلك كانت الدخيلات أكثر عددًا من الرجال. وقد ذكر يوسيفوس أن نساء دمشق كن شغوفات بالديانة اليهودية. وهناك من يشك في وجود شرط المعمودية للدخيل، إذ لم يذكرها الرسول بولس أو فيلو أو يوسيفوس، ولكن الأرجح أن الأممي -الذي كان يعتبر نجسًا- لم يكن يسمح له بدخول الهيكل دون أن يتطهر.

وتتلخص خطوات قبول الدخيل فيما يلي: يُسأل أولًا عن سبب رغبته في اعتناق اليهودية، ويخبرونه أن إسرائيل الآن في محنة، فإذا أجاب بأنه يعلم ذلكن ومع ذلك فإنه يشعر بعدم استحقاقه للمشاركة في تلك المحنة، فإنهم يقبلونه. ثم يلقنونه بعد ذلك بعض الوصايا الهينة والثقيلة، وقواعد جمع الحصاد، والعشور، والعقوبات التي توقع في حالة كسر الوصايا. فإذا كان مستعدًا لقبول كل ما سبق، فإنه كان يختن. وبعد شفائه، يعمدونه بالتغطيس دون تأخير.

وعند الاحتفال بمعموديته، كان يقف بجانبه اثنان من الحكماء يلقنانه المزيد من الوصايا الهينة والثقيلة مرة أخرى. وعندما يخرج من المعمودية، يقول له المجتمعون: "لمن سلمت ذاتك؟ مبارك أنت لأنك سلمت نفسك لله. إن العالم قد خلق من أجل إسرائيل، والإسرائيليون فقط هم المدعوون أولاد الله. أما ما أخبرناك به عن محنة إسرائيل، فلكي نجعل مكافأتك أعظم". وكان يعتبر -بعد المعمودية- إنسانًا جديدًا، كأنه "طفل حديث الولادة" ويُعطى اسمًا جديدًا مثل "إبراهيم بن إبراهيم" أو تفتح الأسفار المقدسة عفويًا ويعطى أول اسم يذكر في النص. ومن تلك اللحظة - يتخلى عن كل ماضيه بما فيه زواجه.

ورغم أنه أصبح شرعيًا رجلًا جديدًا تمتدحه قصائد التلمود، إلا أنه كان يُنظر إليه باعتباره أقل من أي شخص وُلد يهوديًا، ويقول الربي اليهودي تشلب (Chelbo) عن "الدخيل ضار بإسرائيل كالجرب" (انظر في 3: 5).
************************
المراجع
(1) موقع ألأنبا تكلا
 
 
 

 

 

 

This site was last updated 04/03/14