Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

م

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
Untitled 6101
القرآن لم يذكر إسم يشوع
Untitled 6103

يهوشع فى التوراة أم يوشع بن نون فى القرآن !!!!

 

 من هو يشوع بن نون فى التوراة!!
تستطيع أيها القارئ أن تقرأ قصة النبى يشوع ين نون بالتفصيل فى التوراة بأسلوب قصصى رائع كأنك تعيش الأحداث
معه فى حبكة قصصية دقيقة أما فهى تختلف عن التوراة جملة وتفصيلاً  لهذا الإختلاف يمكن القول ان القرآن ليس إمتدادا للكتاب المقدس وأن الإله الذى أوحى فى الكتاب المقدس وذكر قصة يشوع ليس له علاقة من قريب ومن بعيد بالقرآن

  ********

 من هو يشوع بن نون فى التوراة؟!!

فى التوراة اسمه "هوشع" أي الوسع والخلاص (عد 13 : 8)  أعطاه موسى اسمًا آخر: يهوشع: الربّ يوسّع، الربّ يخلّص (عد 13: 16). يشوع وهى كلمة من مقطعين ياه شوع أو "يسوع" كلمة عبرية تعنى "يهوه هو الخلاص "هوشع"، "يهوشع" (1اى 7 : 27) .

كان تلميذا وخادما لموسى النبي  حاضر منذ بداية مسيرة الرب مع موسى وشعب بنى إسرائيل
في مثل هذا اليوم من سنة 2570 للعالم تنيح النبي العظيم يشوع بن نون . ولد في مصر سنة 2460 للعالم ( أي قبل خروج الشعب الإسرائيلي من عبودية فرعون بثلاث وخمسين سنة )  الذي بعد أن أخرج شعب الله بقوة الذراع الإلهي والعجائب العظيمة وأوصلهم إلى قرب جبل سينا صعد إلى الجبل آخذا معه يشوع خادمه لسماع الوحي واستلام الوصايا . وفي أثناء حرب إسرائيل ضد عماليق كان يشوع قائدا للجنود ، فلما انتخب موسى اثني عشر رجلا ، واحدا من كل سبط وأرسلهم ليتجسسوا أرض الميعاد كان يشوع واحدا منهم وقد أتم خدمته بكل أمانة، وقرر هو وكالب وحدهما الأخبار الصادقة عن أرض الميعاد . ولذلك دخل الاثنان فقط تلك الأرض دون جميع الشعب الإسرائيلي الذي خرج من مصر الذين لكونهم تذمروا وشكوا في صدق مواعيد الله فقد اقسم تعالي أنهم لا يدخلون إلى راحته ، ولكن أولادهم الذين ولدوا لهم بعد خروجهم من مصر هم الذين دخلوا تلك الأرض مع يشوع وكالب .

ولما تنيح العظيم موسى سنة 2553 للعالم خاطب الله يشوع قائلا " أن موسى عبدي قد مات فالآن قم أعبر هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته كما كلمت موسى من البرية ولبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات جميع أرض الحثيين والي البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك كما كنت مع عبدي موسى أكون معك . لا أهملك ولا أتركك تشدد وتشجع لأنك أنت تقسم لهذا الشعب الأرض التي حلفت لآبائهم أن أعطيهم إنما كن متشددا وتشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا ولا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه . لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح " (يش 1 : 1 – 8) فتقوي قلب يشوع وأرسل جاسوسين سرا تجسسا الأرض ودخلا بيت راحاب الزانية فخبأتهما ثم أنزلتهما من الكوة لان بيتها كان بحائط السور وذلك بعد أن أمناها علي نفسها وعلي كل أهل بيتها (يش 2 : 1 – 15)

ثم فتح أريحا بعد أن طاف حول أسوارها مرات متعددة وهو يهتف فأنهدمت أسوارها العظيمة . وصعد الشعب إلى المدينة وقتلوا كل من كان فيها من إنسان وحيوان بعد ما أخرجوا راحاب وأباها وأمها واخوتها وكل من لها وعشيرتها خارج المحلة . وأحرقوا المدينة بالنار فقد جعلوها في خزانة بيت الرب واستحيا يشوع راحاب الزانية وكل بيت أبيها لأنها خبأت الرسولين

وكان الرب مع هذا الصديق فقتل ملوكا وفتح مدنا كثيرة فخافته الأمم، ولعظم الخوف احتال أهل جبعون فلبسوا ثيابا بالية ونعالا مرقعة وصيروا خبز زادهم فتاتا . ومضوا إلى يشوع وقالوا له نحن جيئا من أرض بعيدة نريد منك الأمان والعهد فأجابهم يشوع ومشايخ بني إسرائيل : " انظروا لئلا تكونوا ساكنين في هذه الأرض " فأجابوهم : " من أرض بعيدة جئنا علي اسم الرب إلهكم . هذا خبزنا سخنا تزودناه من بيوتنا يوم خروجنا لكي نسير إليكم : وها هو الآن يابس قد صار فتاتا . وهذه ثيابنا ونعالنا قد بليت من طول الطريق جدا" فأمنوهم وحلفوا لهم وبعد ثلاثة أيام سمعوا أنهم قريبون إليهم وأنهم ساكنون في وسطهم فلعنهم يشوع وجعلهم عبيدا ينقلون الحطب لخدمة بيت الرب .

وحارب يشوع خمسة ملوك الأموريين حيث ساعدته يد الرب بنزول الحجارة كالمطر علي الأعداء وكان الشعب يقاتلهم أمام مدينة جبعون فأوقف الشمس إلى أن أباد الخمسة الملوك مع كل عساكرهم وحسب أوامر الله قسم الأرض بين بني إسرائيل وأعطي الكهنة بلادا لسكناهم وأرضا لمواشيهم ثم افرد خمس مدن يلتجئ إليها كل قاتل بغير قصد ولما أكمل نحو مئة وعشر سنين ووصل إلى شيخوخة صالحة استدعي الشيوخ والرؤساء والقضاة والمعلمين ووعظهم ونبههم أن لا يحيدوا عن عبادة الله تعالي . ووضع لهم الرسوم والفرائض اللازمة ثم تنيح بسلام . صلاته تكون معنا . آمين

يشوع بن نون

في صحابة موسى وفي خلافته

هذا الذي كان اسمه "هوشع" أي الوسع والخلاص، أعطاه موسى اسمًا آخر: يهوشع: الربّ يوسّع، الربّ يخلّص (عد 13: 16). وذلك حين أرسله مع الذين أرسلهم لكي تعرّفوا إلى أرض الموعد التي ارتبطت بإبراهيم وإسحق ويعقوب. صفات بشريّة رائعة. ولكنّ هذا لا يكفي. فشاول تميّز بصفات الرجولة ولكنّه رُذل في النهاية. وأليآب بكر يسّى لفت نظر صموئيل "فالتفت إلى منظره وطول قامته" (1 صم 17: 7). ولكنّ الله رفضه. "هو لا ينظر كما ينظر الإنسان". أجل، الربّ لا ينظر إلى المظهر، بل إلى القلب. ماذا نقص هوشع لكي يصير يهوشع أو يشوع في العربيّة: أن يعرف أنّ الربّ اختاره، كما اختار اثني عشر مثله، فكانوا أوّل الداخلين إلى أرض الموعد والمدهوشين بعظمتها وغناها. ولكنّه ميّز حين بدّل له اسمه، فأفهمه أنّ الرسالة التي لا تستند إلى الربّ لا يمكن أن تدوم. هو من يساعد في بناء البيت، من يعين في حراسة المدينة. واسمه كافٍ من أجل النصر، دون حاجة إلى العربات والخيل.

نتعرّف إلى يشوع بن نون الذي كان من قبيلة أفرائيم: في صحابة موسى. في خلافة موسى. وبين الصحابة والخلافة نسمع نداء الربّ له: إحفظ أحكام الشريعة. لا تحِدْ عنها يمينًا ولا شمالاً. هكذا تنجح.

1- في صحابة موسى

أوّل ما نقول عن يشوع: صاحب موسى. رافقه ولازمه. عاش بقربه. عرفه عن كثب. ولبث معه حتّى موته، فعرفه كما لم يعرفه أحد غيره. لهذا دُعي "م ش ر ت" موسى. ذاك الذي اشتراه موسى، أخذه له. صار يخصّه. لهذا قيل في الترجمات: خادم موسى، صاحبه.

يشوع حاضر منذ بداية المسيرة مع موسى، من أجل إبرام العهد مع الله. فحين تلقّى موسى "لوحي الحجارة وعليهما الشريعة والوصايا" التي كتبها الربّ لتعليم شعبه (خر 24: 13)، كان يشوع خادمُه معه، برفقة "شيوخ بني إسرائيل". أتُرى صعد معه إلى الجبل؟ لا يقول النصّ شيئًا. غير أنّ موسى طلب فقط من الشيوخ أن ينتظروا هنا. وبقي مع الشيوخ هرون وجور. لهذا يبدو لي أنّ يشوع كان مع موسى ساعة "غطّى السحاب الجبل، وصل مجد الربّ... كنار آكلة" (آ 15-17). "ما يُسند هذا الكلام، خبرة العجل الذهبيّ. فحين نزل موسى من الجبل (خر 32: 15)، "سمع يشوع صوت صياح الشعب" (آ 17). وكلّم موسى وهو نازل معه إلى حيث تقيم الجماعة في السهل.

كان يشوع "مرافق" موسى، ويده الحربيّة منذ البداية. وهذا ما ظهر في حرب عماليق الذين ارتبطوا بأدوم (أو عيسو، أخي يعقوب) عبر أليفاز وسريّته تمناع (تك 36: 12-16). هذا الشعب "العملاق" الذي خاف العبرانيّون منه، قهره يشوع لا بقوّته الحربيّة، ولا بعدد جهوده، بل بقدرة الله. يرفع موسى يده للصلاة فينتصر يشوع ورجاله. تسقط يدا موسى، فتسقط همّةُ المقاتلين (خر 17: 9-13). هنا لا نقول كما يقول بعض الأصوليّين: تعلّم يشوع الحرب "في جيش مصر" فالكلام عن الحرب هنا يرمز إلى حرب أخرى فيها يستعدّ العبرانيّون لتقبّل الوصايا على سيناء، بعد أن "صار" عماليق يشير إلى قوى الشرّ. فقال أوريجانس مثلاً: "من توقّف عن الصلاة، أعطى قوّة للعدوّ. ومن ترك الصلاة كلّيًّا خضع للسلطة المعادية وبالتالي أبغض مصلحته وساند مصلحة الخصم. وهكذا يصبح عدوَّ نفسه حين لا يريد أن يتوسّل دومًا لكي يجد حماية من عدوّ الجنس البشريّ. وكانت بداية عظته عن موسى: "وقف موسى على الجبل، فهو بالصلاة يحارب، لا بالسلاح هو حارب بالصلاة، لا بالسلاح. وقف ويداه مرفوعتان إلى السماء وصلّى بحرارة. طلب عونًا من العلاء، لا من الأرض". نفهم منذ البداية، أنّنا لن نتكلّم عن يشوع رجل الحرب، الذي حرّر وقتل وأفنى السكّان. فالحرب كلّها حرب روحيّة من أجل إزالة الأصنام وإبعاد عابديها من الأرض المقدّسة.

************

سفريشوع
تحقيق الوعود الإلهية

(النجاح ، الإيمان ، الإرشاد ، القيادة ، الغلبة).

يشوع
أو "يسوع" كلمة عبرية تعنى "يهوه هو الخلاص" اسمه في الأصل "هوشع" (عد 13 : 8) ، "يهوشع"
(1اى 7 : 27) .

+ يشوع بن نون ، من سبط إفرايم ولد في مصر ، وخرج مع موسى .

+ يشوع بن نون جاء بعد موسى في قيادة العبرانيين وقد عبر بهم الأردن و هو في سن الرابعة والثمانين .

+ أول ذكر له في معركة رفيديم ضد عماليق (خر 17 : 9) حيث لم يكن ممكنا لموسى كممثل للناموس أن يقود
المعركة ، إنما قام يشوع ممثلا ليسوع المسيح الذي اختار أولاده الروحيين بعد أن خرج إليهم من خلال
إخلاء نفسه ، وقاد المعركة ضد إبليس واهبا لهم النصرة .

+ نجح في مهمته مع كالب (قلب) كجاسوسين . يشوع يمثل الإيمان بيسوع ، وكالب يشير إلى الجهاد بقلب
نقى.

+ استلام يشوع القيادة بعد موسى (يش 1 : 2) يشير إلى إن لقائنا مع يسوع ربنا تحقق بعد عجز الناموس
عن الدخول بنا إلى ارض الميعاد " الحياة الجديدة " (رو7 : 1-4) .

+ أعطى يشوع الشعب مهله 3 أيام لإعداد الزاد قبل العبور إشارة إلى الحاجة لإمكانية القيامة مع المسيح فى
اليوم الثالث للتمتع بالمعمودية (عبور الأردن) و الدخول إلى الملكوت .

+ أرسل يشوع جاسوسين إلى أريحا ، خبأتهم راحاب الزانية التي ترمز لكنيسة الأمم التي قبلت الإيمان ، أما
هياج ملك أريحا عليها فيرمز إلى هياج الشيطان ضد الكنيسة .

كاتبه:

+ يذكر التلمود أن كاتبه يشوع بن نون فيما عدا القليل من عباراته ، كتبها الكاهن فينحاس.

سماته:

+ ابرز أمانة الله في تحقيق مواعيده ، كما ابرز قداسته ، فلا يطيق الله الخطية سواء كان المرتكب شعبه أو
الأمم .

 

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)

 

 

يَشُوعُ بْنُ نُونٍ (عند المسيحيين) أو يُوشَعُ بْنُ نُونٍ (عند المسلمين) يقال أنه نبي من أنبياء الله (יְהוֹשֻׁעַ يَهُوشُوع بالعبرية) هو شخصية في العهد القديم المذكور في سفر يشوع. إذا كان يشوع شخصية تاريخية، لكان عائش بين القرنين ال13 ق م وال12 ق م. اسمه يشوع بن نون من قبيلة إفرايم بن النبي يوسف، وكان قائد إسرائيل بعد موت موسى.

تقسيم الإسم: يوش – هو – ياه

وقد تسمّى به فتى موسى يوشع بن نون بن أفراييم بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم الخليل الذي ذكره الله في سورة الكهف في قصة الخضر في قوله {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} (60) سورة الكهف؛ومعناه ( يَهْوَه هو الخلاص) و"يهوه" هو إسم من أسماء الله عند اليهود ولذلك تجد فرقة من فرق النصارى تسمَّت ب إسم الذين زعموا أنهم شاهدوا الرب لما كلّم الله موسى وهم (شهود يهوه), ومعنى إسم يوشع قريب من إسم المسيح الآرامي (ياه – سوع) أو (يسوع) الذي يعني (الله يخلِّص) وأيضا ً من (شيع – ياه) أو (إشعياء) والذي يعني (خلاص الرب) و اليشع الذي يعني (الرب هو خلاصي) وتصريف فعل "الخلاص" في كل هذه الأسماء يدل على تعلُّق بني إسرائيل بالخلاص الحقيقي أو الـ Salvation الذي كانوا ينتظروه على يد مسيّا وقد وقع على يد النبي محمد (ص) الذِّي جاء بشريعةٍ تقوم بكتابٍ يهدي إلى الحق ويخلِّص الناس

*******

 « و إذ قال موسى لفتاه » أكثر المفسرين على أنه موسى بن عمران و فتاه يوشع بن نون و سماه فتاه لأنه صحبه و لازمه سفرا و حضرا للتعلم منه و قيل لأنه كان يخدمه و لهذا قال له « آتنا غداءنا » و هو يوشع بن نون بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب و قال محمد بن إسحاق يقول أهل الكتاب إن موسى الذي طلب الخضر هو موسى بن ميشا بن يوسف و كان نبيا في بني إسرائيل قبل موسى بن عمران إلا أن الذي عليه الجمهور أنه موسى بن عمران و لأن إطلاقه يوجب صرفه إلى موسى بن عمران كما أن إطلاق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ينصرف إلى نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) قال علي بن إبراهيم حدثني محمد بن علي بن بلال قال اختلف يونس و هشام بن إبراهيم في العالم الذي أتاه موسى أيهما كان أعلم و هل يجوز أن يكون على موسى حجة في وقته و هو حجة الله على خلقه فكتبوا إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يسألونه عن ذلك فكتب في الجواب أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزائر البحر فسلم عليه موسى فأنكر السلام إذ كان بأرض ليس بها سلام قال من أنت قال أنا موسى بن عمران قال أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما قال نعم قال فما حاجتك قال جئت لتعلمني مما علمت رشدا قال إني وكلت بأمر لا تطيقه و وكلت بأمر لا أطيقه الخبر بطوله « لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين » معناه لا أزال أمضي و أمشي و لا أسلك طريقا آخر حتى أبلغ ملتقى البحرين بحر فارس و بحر الروم و مما يلي المغرب بحر الروم و مما يلي المشرق بحر فارس عن قتادة و قال محمد بن كعب هو طنجة و روي عنه إفريقية و كان وعد أن يلقى عنده الخضر « أو أمضي حقبا » أي دهرا عن ابن عباس و قيل سبعين سنة عن مجاهد و قيل ثمانين سنة عن عبد الله بن عمر « فلما بلغا مجمع بينهما » أي فلما بلغ الموضع الذي يجتمع فيه رأس البحرين « نسيا حوتهما » أي تركاه و قيل إنه ضل الحوت عنهما حين اتخذ سبيله في البحر سربا فسمي ضلاله عنهما نسيانا منهما له و قيل إنه من النسيان و الناسي له كان أحدهما و هو يوشع، فأضيف النسيان إليهما كما يقال نسي القوم زادهم إذا نسيه متعهد أمرهم و قيل إن النسيان وجد منهما جميعا

فإن يوشع نسي أن يحمل الحوت أو أن يذكر موسى ما قد رأى من أمره و نسي موسى أن يأمره فيه بشي‏ء فصار كل واحد منهما ناسيا لغيره ما نسيه الآخر و قوله « فاتخذ سبيله في البحر سربا » أي فاتخذ الحوت طريقه في البحر مسلكا يذهب فيه و ذلك أن موسى و فتاه تزودا حوتا مملوحا عن ابن عباس و قيل حوتا طريا عن الحسن ثم انطلقا يمشيان على شاطى‏ء البحر حتى انتهيا إلى صخرة على ساحل البحر فأويا إليها و عنده عين ماء تسمى عين الحياة فجلس يوشع بن نون و توضأ من تلك العين فانتضح على الحوت شي‏ء من ذلك الماء فعاش و وثب في الماء و جعل يضرب بذنبه الماء فكان لا يسلك طريقا في البحر إلا صار الماء جامدا فذلك معنى قوله « فاتخذ سبيله في البحر سربا » « فلما جاوزا » ذلك المكان « قال » موسى « لفتاه آتنا غداءنا » قيل إنهما انطلقا بقية يومهما و ليلتهما فلما كان من الغد قال موسى ليوشع آتنا غداءنا أي أعطنا ما نتغدى به و الغداء طعام الغداة و العشاء طعام العشي و الإنسان إلى الغداء أشد حاجة منه إلى العشاء « لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا » أي تعبا و شدة قالوا إن الله تعالى ألقى على موسى الجوع ليتذكر حديث الحوت « قال » له يوشع عند ذلك « أ رأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت » و معناه أن يوشع تذكر قصة الحوت لما دعا موسى بالطعام ليأكل فقال له أ رأيت حين رجعنا إلى الصخرة و نزلنا هناك فإني تركت الحوت و فقدته و قيل نسيته و نسيت حديثه و قيل فيه إضمار أي نسيت أن أذكر لك أمر الحوت ثم اعتذر فقال « و ما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره » و ذلك أنه لو ذكر لموسى (عليه السلام) قصة الحوت عند الصخرة لما جاوزها موسى و لما ناله النصب الذي أشكاه و لم يلق في سفره النصب إلا يومئذ « و اتخذ سبيله في البحر عجبا » أي سبيلا عجبا و هو أن الماء انجاب عنه و بقي كالكوة لم يلتئم و قيل إن كلام يوشع قد انقطع عند قوله « و اتخذ سبيله في البحر » فقال موسى عند ذلك عجبا كيف كان ذاك و قيل إن معناه و اتخذ موسى سبيل الحوت في البحر عجبا عن ابن عباس و المعنى دخل موسى الكوة على إثر الحوت فإذا هو بالخضر « قال ذلك ما كنا نبغ » قال موسى (عليه السلام) ذلك ما كنا نطلب من العلامة « فارتدا على آثارهما » أي رجعا و عادا عودهما على بدئهما في الطريق الذي جاءا منه يقصان آثارهما « قصصا » أي و يتبعانها و يوشع أمام موسى (عليه السلام) حتى انتهيا إلى مدخل الحوت.

“ القصة ”

سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أخبرني أبي بن كعب قال خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم قال أنا فعتب الله عليه إذا لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه أن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك قال

********************

تفسير القرطبى

لآية: 60 {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا}
قوله تعالى: "وإذ قال موسى لفتاه" الجمهور من العلماء وأهل التاريخ أنه موسى بن عمران المذكور في القرآن ليس فيه موسى غيره. وقالت فرقة منها نوف البكالي: إنه ليس ابن عمران وإنما هو موسى بن منشا بن يوسف بن يعقوب وكان نبيا قبل موسى بن عمران. وقد رد هذا القول ابن عباس في صحيح البخاري وغيره. وفتاه: هو يوشع بن نون. وقد مضى ذكره في "المائدة" وآخر "يوسف". ومن قال هو ابن منشا فليس الفتى يوشع بن نون. "لا أبرح" أي لا أزال أسير؛ قال الشاعر:
وأبرح ما أدام الله قومي بحمد الله منتطقا مجيدا
وقيل: "لا أبرح" لا أفارقك. "حتى أبلغ مجمع البحرين" أي ملتقاهما. قال قتادة: وهو بحر فارس والروم؛ وقال مجاهد. قال ابن عطية: وهو ذراع يخرج من البحر المحيط من شمال إلى جنوب في أرض فارس من وراء أذربيجان، فالركن الذي لاجتماع البحرين مما يلي بر الشام هو مجمع البحرين على هذا القول. وقيل: هما بحر الأردن وبحر القلزم. وقيل: مجمع البحرين عند طنجة؛ قال محمد بن كعب. وروي عن أبي بن كعب أنه بأفريقية. وقال السدي: الكر والرس بأرمينية. وقال بعض أهل العلم: هو بحر الأندلس من البحر المحيط؛ حكاه النقاش؛ وهذا مما يذكر كثيرا. وقالت فرقة: إنما هما موسى والخضر؛ وهذا قول ضعيف؛ وحكي عن ابن عباس، ولا يصح؛ فإن الأمر بين من الأحاديث أنه إنما وسم له بحر ماء.
وسبب هذه القصة ما خرجه الصحيحان عن أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن موسى عليه السلام قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم فقال أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك قال موسى يا رب فكيف لي به قال تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم...) وذكر الحديث، واللفظ للبخاري. وقال ابن عباس:(لما ظهر موسى وقومه على أرض مصر أنزل قومه مصر، فلما استقرت بهم الدار أمره الله أن ذكّرهم بأيام الله، فخطب قومه فذكرهم ما آتاهم الله من الخير والنعمة إذ نجاهم من آل فرعون، وأهلك عدوهم، واستخلفهم في الأرض، ثم قال: وكلم الله نبيكم تكليما، واصطفاه لنفسه، وألقى علي محبة منه، وآتاكم من كل ما سألتموه، فجعلكم أفضل أهل الأرض، ورزقكم العز بعد الذل، والغنى بعد الفقر، والتوراة بعد أن كنتم جهالا؛ فقال له رجل من بني إسرائيل: عرفنا الذي تقول، فهل على وجه الأرض أحد أعلم منك يا نبي الله؟ قال: لا؛ فعتب عليه حين لم يرد العلم إليه، فبعث الله جبريل: أن يا موسى وما يدريك أين أضع علمي؟ بلى إن لي عبدا بمجمع البحرين أعلم منك...) وذكر الحديث. قال علماؤنا: قوله في الحديث (هو أعلم منك) أي بأحكام وقائع مفصلة، وحكم نوازل معينة، لا مطلقا بدليل قول الخضر لموسى:(إنك على علم علمكه الله لا أعلمه أنا، وأنا على علم علمنيه لا تعلميه أنت) وعلى هذا فيصدق على كل واحد منهما أنه أعلم من الآخر بالنسبة إلى ما يعلمه كل واحد منهما ولا يعلمه الآخر، فلما سمع موسى هذا تشوقت نفسه الفاضلة، وهمته العالية، لتحصيل علم ما لم يعلم، وللقاء من قيل فيه: إنه أعلم منك؛ فعزم فسأل سؤال الذليل بكيف السبيل، فأمر بالارتحال على كل حال وقيل له احمل معك حوتا مالحا في مكتل - وهو الزنبيل فحيث يحيا وتفقده فثم السبيل، فانطلق مع فتاه لما واتاه، مجتهدا طلبا قائلا: "لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين". "أو أمضي حقبا" بضم الحاء والقاف وهو الدهر، والجمع أحقاب. وقد تسكن قافه فيقال حقب. وهو ثمانون سنة. ويقال: أكثر من ذلك. والجمع حقاب والحقبة بكسر الحاء واحدة الحقب وهي السنون.
في هذا من الفقه رحلة العالم في طلب الازدياد من العلم، والاستعانة على ذلك بالخادم والصاحب، واغتنام لقاء الفضلاء والعلماء وإن بعدت أقطارهم، وذلك كان في دأب السلف الصالح، وبسبب ذلك وصل المرتحلون إلى الحظ الراجح، وحصلوا على السعي الناجح، فرسخت لهم في العلوم أقدام، وصح لهم من الذكر والأجر والفضل أفضل الأقسام قال. البخاري: ورحل جابر بن عبدالله مسيرة شهر إلى عبدالله بن أنيس في حديث.
قوله تعالى: "وإذ قال موسى لفتاة" للعلماء فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كان معه يخدمه، والفتى في كلام العرب الشاب، ولما كان الخدمة أكثر ما يكونون فتيانا قيل للخادم فتى على جهة حسن الأدب، وندبت الشريعة إلى ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقل أحدكم عبدي ولا أمتي وليقل فتاي وفتاتي) فهذا ندب إلى التواضع؛ وقد تقدم هذا في "يوسف". والفتى في الآية هو الخادم وهو يوشع بن نون بن إفراثيم بن يوسف عليه السلام. ويقال: هو ابن أخت موسى عليه السلام. وقيل: إنما سمي فتى موسى لأنه لزمه ليتعلم منه وإن كان حرا؛ وهذا معنى الأول. وقيل: إنما سماه فتى لأنه قام مقام الفتى وهو العبد، قال الله تعالى: "وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم..." [يوسف: 62] وقال: "تراود فتاها عن نفسه..." قال ابن العربي: فظاهر القرآن يقتضي أنه عبد، وفي الحديث:(أنه كان يوشع بن نون) وفي التفسير: أنه ابن أخته، وهذا كله مما لا يقطع به، والتوقف فيه أسلم. "أو أمضي حقبا" قال عبدالله بن عمر:(والحقب ثمانون سنة) مجاهد: سبعون خريفا. قتادة: زمان، النحاس: الذي يعرفه أهل اللغة أن الحقب والحقبة زمان من الدهر مبهم غير محدود؛ كما أن رهطا وقوما مبهم غير محدود: وجمعه أحقاب.
الآية: 61 {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا}
الضمير في قوله: "بينهما" للبحرين؛ قال مجاهد. والسرب المسلك؛ قال مجاهد. وقال قتادة: جمد الماء فصار كالسراب. وجمهور المفسرين أن الحوت بقي موضع سلوكه فارغا، وأن موسى مشى عليه متبعا للحوت، حتى أفضى به الطريق إلى جزيرة في البحر، وفيها وجد الخضر. وظاهر الروايات والكتاب أنه إنما وجد الخضر في ضفة البحر وقوله: "نسيا حوتهما" وإنما كان النسيان من الفتى وحده فقيل: المعنى؛ نسي أن يعلم موسى بما رأى من حال فنسب النسيان إليهما للصحبة، كقوله تعالى: "يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان" [الرحمن: 22] وإنما يخرج من الملح، وقوله: "يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم..." وإنما الرسل من الإنس لا من الجن وفي البخاري؛(فقال لفتاه: لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت، قال: ما كلفت كثيرا؛ فذلك قوله عز وجل: "وإذ قال موسى لفتاه..." يوشع بن نون - ليست عن سعيد - قال فبينا هو في ظل صخرة في مكان ثريان إذ تضرب الحوت وموسى نائم فقال فتاه: لا أوقظه؛ حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره، وتضرب الحوت حتى دخل البحر، فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كأن أثره في حجر؛ قال لي عمرو: هكذا كأن أثره في حجر وحلق بين إبهاميه واللتين تليانهما) وفي رواية(وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: "آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا" ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله به، فقال له فتاه: "أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره") وقيل: إن النسيان كان منهما لقوله تعالى: "نسيا" فنسب النسيان إليهما؛ وذلك أن بدو حمل الحوت كان من موسى لأنه الذي أمر به، فلما مضيا كان فتاه الحامل له حتى أويا إلى الصخرة نزلا.

****************

تفسير أبن كثير

** وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِفَتَاهُ لآ أَبْرَحُ حَتّىَ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً * فَلَمّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً * فَلَمّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـَذَا نَصَباً * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى الصّخْرَةِ فَإِنّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاّ الشّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنّا نَبْغِ فَارْتَدّا عَلَىَ آثَارِهِمَا قَصَصاً * فَوَجَدَا عَبْداً مّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا وَعَلّمْنَاهُ مِن لّدُنّا عِلْماً
سبب قول موسى لفتاه وهو يوشع بن نون, هذا الكلام أنه ذكر له أن عبداً من عباد الله بمجمع البحرين عنده من العلم ما لم يحط به موسى, فأحب الرحيل إليه, وقال لفتاه ذلك {لا أبرح} أي لا أزال سائراً {حتى أبلغ مجمع البحرين} أي هذا المكان الذي فيه مجمع البحرين, قال الفرزدق:
فما برحوا حتى تهادت نساؤهمببطحاء ذي قارعبات اللطائم
قال قتادة وغير واحد: هما بحر فارس مما يلي المشرق, وبحر الروم مما يلي المغرب, وقال محمد بن كعب القرظي: مجمع البحرين عند طنجة, يعني في أقصى بلاد المغرب, فالله أعلم. وقوله: {أو أمضي حقباً} أي ولو أني أسير حقباً من الزمان. قال ابن جرير رحمه الله: ذكر بعض أهل العلم بكلام العرب أن الحقب في لغة قيس سنة, ثم روي عن عبد الله بن عمرو أنه قال: الحقب ثمانون سنة. وقال مجاهد: سبعون خريفاً. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: {أو أمضي حقباً} قال: دهراً, وقال قتادة وابن زيد مثل ذلك.
وقوله: {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما} وذلك أنه كان قد أمر بحمل حوت مملوح معه, وقيل له: متى فقدت الحوت, فهو ثمة, فسارا حتى بلغا مجمع البحرين, وهناك عين يقال لها عين الحياة, فناما هنالك, وأصاب الحوت من رشاش ذلك الماء, فاضطرب وكان في مكتل مع يوشع عليه السلام, وطفر من المكتل إلى البحر, فاستيقظ يوشع عليه السلام وسقط الحوت في البحر فجعل يسير في الماء والماء له مثل الطاق لا يلتئم بعده, ولهذا قال تعالى: {واتخذ سبيله في البحر سرباً} أي مثل السرب في الأرض. قال ابن جريج: قال ابن عباس: صار أثره كأنه حجر. وقال العوفي عن ابن عباس: جعل الحوت لا يمس شيئاً من البحر إلا يبس حتى يكون صخرة. وقال محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس, عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر حديث ذلك: ما انجاب ماء منذ كان الناس غير مسير مكان الحوت الذي فيه, فانجاب كالكوة حتى رجع إليه موسى فرأى مسلكه, فقال: {ذلك ما كنا نبغِ} وقال قتادة: سرب من البحر حتى أفضى إلى البر, ثم سلك فيه فجعل لا يسلك طريقاً فيه إلا صار ماء جامداً.
وقوله: {فلما جاوزا} أي المكان الذي نسيا الحوت فيه, ونسب النسيان إليهما وإن كان يوشع هو الذي نسيه, كقوله تعالى: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} وإنما يخرج من المالح على أحد القولين, فلما ذهبا عن المكان الذي نسياه فيه بمرحلة {قال} موسى {لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا} أي الذي جاوزا فيه المكان {نصباً} يعني تعباً {قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} قال قتادة: وقرأ ابن مسعود أن أذكر كه, ولهذا قال {واتخذ سبيله} أي طريقه {في البحر عجباً قال ذلك ما كنا نبغِ} أي هذا هو الذي نطلب {فارتدا} أي رجعا {على آثارهما} أي طريقهما {قصصاً} أي يقصان آثار مشيهما ويقفوان أثرهما {فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً} وهذا هو الخضر عليه السلام, كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال البخاري: حدثنا الحميدي, حدثنا سفيان, حدثنا عمرو بن دينار, أخبرني سعيد بن جبير, قال: قلت لابن عباس: إن نوفاً البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر عليه السلام, ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل. قال ابن عباس: كذب عدو الله, حدثنا أبي بن كعب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن موسى قام خطيباً في بني إسرائيل فسئل: أي الناس أعلم ؟ قال: أنا, فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه, فأوحى الله إليه إن لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال موسى: يا رب وكيف لي به ؟ قال: تأخذ معك حوتاً فتجعله بمكتل, فحيثما فقدت الحوت فهو ثم, فأخذ حوتاً فجعله بمكتل, ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون عليه السلام, حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما, واضطرب الحوت في المكتل, فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا, وأمسك الله عن الحوت جرية الماء, فصار عليه مثل الطاق, فلما استيقظ, نسي صاحبه أن يخبره بالحوت, فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به, قال له فتاه: {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا} قال: فكان الحوت سرباً, ولموسى وفتاه عجباً, فقال {ذلك ما كنا نبغِ فارتدا على آثارهما قصصاً} قال: فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة, فإذا رجل مسجى بثوب, فسلم عليه موسى فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام. فقال: أنا موسى. فقال: موسى بني إسرائيل ؟ قال: نعم قال أتيتك لتعلمني مما علمت رشداً {قال إنك لن تستطيع معي صبراً} يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه. فقال موسى {ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً} قال له الخضر: {فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً}.
فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت سفينة, فكلموهم أن يحملوهم, فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول, فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحاً من ألواح السفينة بالقدوم, فقال له موسى: قد حملونا بغير نول, فعمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟ لقد جئت شيئاً إمراً {قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً ؟ قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسراً} قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله ـ فكانت الأولى من موسى نسياناً, قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة, فنقر في البحر نقرة أو نقرتين فقال له الخضر: ما علمي وعلمك في علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر.
ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان, فأخذ الخضر رأسه فاقتلعه بيده فقتله, فقال له موسى {أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكراً قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً} قال: وهذه أشد من الأولى, {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً, فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض} أي مائلاً, فقال الخضر بيده {فأقامه} فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا {لو شئت لاتخذت عليه أجراً, قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما» قال سعيد بن جبير: كان ابن عباس يقرأ {وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً} وكان يقرأ {وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين}.
ثم رواه البخاري عن قتيبة عن سفيان بن عيينة فذكر نحوه, وفيه: فخرج موسى ومعه فتاه يوشع بن نون ومعهما الحوت, حتى انتهيا إلى الصخرة, فنزلا عندها, قال: فوضع موسى رأسه فنام, قال سفيان: وفي حديث عن عمر قال: وفي أصل الصخرة عين يقال لها الحياة لا يصيب من مائها شيء إلا حيي فأصاب الحوت من ماء تلك العين, فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر, فلما استيقظ قال موسى لفتاه {آتنا غداءنا} قال: وساق الحديث, ووقع عصفور على حرف السفينة, فغمس منقاره في البحر, فقال الخضر لموسى: ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا مقدار ما غمس هذا العصفور منقاره وذكر تمامه بنحوه.
وقال البخاري أيضاً: حدثنا إبراهيم بن موسى, حدثنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال: أخبرني يعلى بن مسلم وعمرو بن دينار عن)سعيد بن جبير, يزيد أحدهما على صاحبه, وغيرهما قد سمعته يحدث عن سعيد بن جبير قال: إنا لعند ابن عباس في بيته, إذ قال سلوني, فقلت: أي أبا عباس جعلني الله فداك, بالكوفة رجل قاص يقال له نوف يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل, أما عمرو فقال لي قال: كذب عدو الله وأما يعلى فقال لي قال ابن عباس: حدثني أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «موسى رسول الله ذكر الناس يوماً حتى إذا فاضت العيون ورقت القلوب ولى, فأدركه رجل فقال: أي رسول الله هل في الأرض أعلم منك ؟ قال: لا, فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله, قيل: بلى, قال أي رب, وأين ؟ قال: بمجمع البحرين, قال: أي رب اجعل لي علماً أعلم ذلك به. قال لي عمرو: قال حيث يفارقك الحوت, وقال لي يعلى: خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح, فأخذ حوتاً فجعله في مكتل فقال لفتاه: لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت, قال: ما كلفت كبيراً, فذلك قوله: {وإذ قال موسى لفتاه} يوشع بن نون ليست عند سعيد بن جبير, قال: فبينما هو في ظل صخرة في مكان ثريان إذ يضرب الحوت وموسى نائم, فقال فتاه, لا أوقظه, حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره, ويضرب الحوت حتى دخل في البحر فأمسك الله عنه جرية الماء حتى كأن أثره في حجر, قال: فقال لي عمرو: هكذا كأن أثره في حجر, وحلق بين إبهاميه واللتين تليهما, قال: {لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً} قال: وقد قطع الله عنك النصب, ليست هذه عند سعيد بن جبير, أخبره فرجعا فوجدا خضراً قال: قال عثمان بن أبي سليمان: على طنفسة خضراء على كبد البحر, قال سعيد بن جبير: مسجى بثوب قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه عند رأسه, فسلم عليه موسى فكشف عن وجهه, وقال: هل بأرضي من سلام ؟ من أنت ؟ قال: أنا موسى, قال: موسى بني إسرائيل ؟ قال: نعم, قال: فما شأنك ؟ قال: جئتك لتعلمني مما علمت رشداً, قال: أما يكفيك أن التوراة بيديك وأن الوحي يأتيك يا موسى, إن لي علماً لا ينبغي لك أن تعلمه, وإن لك علماً لا ينبغي لي أن أعلمه, فأخذ طائر بمنقاره من البحر فقال: والله ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر, حتى إذا ركبا في السفينة وجدا معابر صغاراً تحمل أهل هذا الساحل إلى هذا الساحل الاَخر, عرفوه فقالوا: عبد الله الصالح, قال: فقلنا لسعيد بن جبير خضر, قال: نعم لا نحمله بأجر, فخرقها ووتد فيها وتداً, قال موسى {أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمراً} قال مجاهد: منكراً, {قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً} كانت الأولى نسياناً, والثانية شرطاً, والثالثة عمداً, {قال لا تؤاخذني بما نسيت, ولا ترهقني من أمري عسراً, فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله}, قال يعلى: قال سعيد: وجد غلماناً يلعبون, فأخذ غلاماً كافراً ظريفاً فأضجعه ثم ذبحه بالسكين, فقال أقتلت نفساً زكية لم تعمل الحنث ؟ وابن عباس قرأها زكية مسلمة كقولك غلاماً زكياً, فانطلقا فوجدا جداراً يريد أن ينقض فأقامه, قال سعيد: بيده هكذا ودفع بيده فاستقام, قال: لو شئت لاتخذت عليه أجراً, قال يعلى: حسبت أن سعيداً قال: فمسحه بيده فاستقام, قال: لو شئت لاتخذت عليه أجراً, قال سعيد: أجراً نأكله, وكان وراءهم ملك, وكان أمامهم, قرأها ابن عباس: أمامهم ملك يزعمون, عن غير سعيد, أنه هدد بن بدد, والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ملك يأخذ كل سفينة غصباً, فأردت إذا هي مرت به أن يدعها بعيبها, فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها, منهم من يقول سدوها بقارورة, ومنهم من يقول بالقار, كان أبواه مؤمنين, وكان هو كافراً, فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه, فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة, كقوله: {أقتلت نفساً زكية}, وقوله: {وأقرب رحماً} هما به أرحم منهما بالأول الذي قتل خضر, وزعم غير سعيد بن جبير أنهما أبدلا جارية, وأما داود بن أبي عاصم فقال عن غير واحد: إنها جارية.
قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: خطب موسى عليه السلام بني إسرائيل فقال: ما أحد أعلم بالله وبأمره مني, فأمر أن يلقى هذا الرجل فذكر نحو ما تقدم بزيادة ونقصان, والله أعلم. وقال محمد بن إسحاق عن الحسن بن عمارة, عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير قال: جلست عند ابن عباس وعنده نفر من أهل الكتاب, فقال بعضهم: يا أبا العباس إن نوفاً ابن امرأة كعب يزعم عن كعب أن موسى النبي الذي طلب العالم إنما هو موسى بن ميشا, قال سعيد: فقال ابن عباس: أنوف يقول هذا يا سعيد ؟ فقلت له: نعم أنا سمعت نوفاً يقول ذلك, قال: أنت سمعته يا سعيد ؟ قال: نعم, قال: كذب نوف.
ثم قال ابن عباس: حدثني أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن موسى بني إسرائيل سأل ربه, فقال: أي رب إن كان في عبادك أحد هو أعلم مني فدلني عليه, فقال له: نعم في عبادي من هو أعلم منك, ثم نعت له مكانه وأذن له في لقيه, فخرج موسى ومعه فتاه ومعه حوت مليح, قد قيل له: إذا حيي هذا الحوت في مكان, فصاحبك هنالك وقد أدركت حاجتك, فخرج موسى ومعه فتاه ومعه ذلك الحوت يحملانه, فسار حتى جهده السير وانتهى إلى الصخرة وإلى ذلك الماء, وذلك الماء ماء الحياة, من شرب منه خلد ولا يقارنه شيء ميت إلا حيي, فلما نزلا ومس الحوت الماء حيي, فاتخذ سبيله في البحر سربا, فانطلقا فلما جاوزا النقلة قال موسى لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا, قال الفتى وذكر: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة, فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره, واتخذ سبيله في البحر عجبا, قال ابن عباس فظهر موسى على الصخرة حتى إذا انتهيا إليها, فإذا رجل متلفف في كساء له, فسلم موسى عليه فرد عليه السلام, ثم قال له: ما جاء بك إن كان لك في قومك لشغل ؟ قال له موسى: جئتك لتعلمني مما علمت رشداً. قال: إنك لن تستطيع معي صبرا, وكان رجلاً يعلم علم الغيب, قد علم ذلك, فقال موسى: بلى. قال: {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً} أي إنما تعرف ظاهر ما ترى من العدل, ولم تحط من علم الغيب بما أعلم {قال ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً} وإن رأيت ما يخالفني, قال: {فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء} وإن أنكرته {حتى أحدث لك منه ذكرا} فانطلقا يمشيان على ساحل البحر يتعرضان الناس يلتمسان من يحملهما, حتى مرت بهما سفينة جديدة وثيقة لم يمر بهما من السفن شيء أحسن, ولا أجمل ولا أوثق منها, فسأل أهلها أن يحملوهما فحملوهما, فلما أطمأنا فيها ولجت بهما مع أهلها, أخرج منقاراً له ومطرقة, ثم عمد إلى ناحية فضرب فيها بالمنقار حتى خرقها, ثم أخذ لوحاً فطبقه عليها, ثم جلس عليها يرقعها, فقال له موسى ورأى أمراً أفظع به {أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمراً * قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا * قال لا تؤاخذني بما نسيت} أي بما تركت من عهدك {ولا ترهقني من أمري عسراً} ثم خرجا من السفينة, فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية, فإذا غلمان يلعبون خلفها, فيهم غلام ليس في الغلمان أظرف منه, ولا أثرى ولا أوضأ منه فأخذه بيده وأخذ حجراً فضرب به رأسه حتى دمغه فقتله, قال: فرأى موسى أمراً فظيعاً لا صبر عليه, صبي صغير قتله لا ذنب له, قال: {أقتلت نفساً زكية} أي صغيرة {بغير نفس لقد جئت شيئاً نكراً * قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً * قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا} أي قد أعذرت في شأني {فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض} فهدمه ثم قعد يبنيه, فضجر موسى مما يراه يصنع من التكليف وما ليس له عليه صبر فأقامه, قال: {لو شئت لاتخذت عليه أجراً} أي قد استطعمناهم فلم يطعمونا وضفناهم فلم يضيفونا, ثم قعدت تعمل من غير صنيعة, ولو شئت لأعطيت عليه أجراً في عمله, قال: {هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً * أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها, وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا} وفي قراءة ابن كعب {كل سفينة صالحة} وإنما عبتها لأرده عنها, فسلمت منه حين رأى العيب الذي صنعت بها, {وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفرا, فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة وأقرب رحما}. {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري} أي ما فعلته عن نفسي {ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا} فكان ابن عباس يقول: ما كان الكنز إلا علماً, وقال عوفي عن ابن عباس قالا: لما ظهر موسى وقومه على مصر أنزل قومه مصر, فلما استقرت بهم الدار أنزل الله أن ذكرهم بأيام الله, فخطب قومه فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعمة, وذكرهم إذ نجاهم الله من آل فرعون, وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأرض, وقال: كلم الله نبيكم تكليماً واصطفاني لنفسه, وأنزل عليّ محبة منه, وآتاكم الله من كل ما سألتموه, فنبيكم أفضل أهل الأرض وأنتم تقرؤون التوراة, فلم يترك نعمة أنعم الله عليهم إلا وعرفهم إياها, فقال له رجل من بني إسرائيل: هم كذلك يا نبي الله قد عرفنا الذي تقول: فهل على الأرض أحد أعلم منك يا نبي الله ؟ قال: لا. فبعث الله جبرائيل إلى موسى عليه السلام فقال: إن الله يقول: وما يدريك أين أضع علمي, بلى إن لي على شط البحر رجلاً هو أعلم منك. قال ابن عباس: هو الخضر, فسأل موسى ربه أن يريه إياه, فأوحى إليه أن ائت البحر, فإنك تجد على شط البحر حوتاً, فخذه فادفعه إلى فتاك ثم الزم شاطىء البحر, فإذا نسيت الحوت وهلك منك, فثم تجد العبد الصالح الذي تطلب. فلما طال سفر موسى نبي الله ونصب فيه سأل فتاه عن الحوت, فقال له فتاه وهو غلامه {أرأيت إذ أويناإلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} لك, قال الفتى: لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سرباً فأعجب من ذلك, فرجع موسى حتى أتى الصخرة, فوجد الحوت, فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى, وجعل موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء يتبع الحوت, وجعل الحوت لا يمس شيئاً من البحر إلا يبس عنه الماء حتى يكون صخرة, فجعل نبي الله يعجب من ذلك حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر فلقي الخضر بها, فسلم عليه فقال الخضر: وعليك السلام, وأنى يكون السلام بهذه الأرض, ومن أنت ؟ قال: أنا موسى, قال الخضر: صاحب بني إسرائيل ؟ قال: نعم, فرحب به وقال: ما جاء بك ؟ قال جئتك {على أن تعلمني مما علمت رشداً * قال إنك لن تستطيع معي صبرا} يقول: لا تطيق ذلك, قال: {ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً} قال: فانطلق به, وقال له: لا تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين شأنه, فذلك قوله: {حتى أحدث لك منه ذكراً}.
وقال الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى فقال ابن عباس: هو الخضر, فمر بهما أبي بن كعب فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه, فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه ؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «بينا موسى في ملأ من بني إسرائيل إذ جاءه رجل, فقال: تعلم مكان رجل أعلم منك ؟ قال: لا, فأوحى الله إلى موسى, بلى عبدنا خضر, فسأل موسى السبيل إلى لقيه, فجعل الله له الحوت آية, وقيل له: إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه, فكان موسى يتبع أثر الحوت في البحر, فقال فتى موسى لموسى: أرأيت إذ أويناإلى الصخرة, فإني نسيت الحوت, قال موسى {ذلك ما كنا نبغِ فارتدا على آثارهما قصصا} فوجدا عبدنا خضر, فكان من شأنهما ما قص الله في كتابه.

** قَالَ لَهُ مُوسَىَ هَلْ أَتّبِعُكَ عَلَىَ أَن تُعَلّمَنِ مِمّا عُلّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىَ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِيَ إِن شَآءَ اللّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً * قَالَ فَإِنِ اتّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتّىَ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً
يخبر تعالى عن قيل موسى عليه السلام لذلك الرجل العالم وهو الخضر, الذي خصه الله بعلم لم يطلع عليه موسى, كما أنه أعطى موسى من العلم ما لم يعطه الخضر {قال له موسى هل أتبعك} سؤال تلطف لا على وجه الإلزام والإجبار, وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم. وقوله: {أتبعك} أي أصحبك وأرافقك {على أن تعلمن مما علمت رشدا} أي مما علمك الله شيئاً أسترشد به في أمري من علم نافع وعمل صالح, فعندها {قال} الخضر لموسى {إنك لن تستطيع معي صبرا} أي إنك لا تقدر على مصاحبتي لما ترى مني من الأفعال التي تخالف شريعتك, لأني على علم من علم الله ما علمكه الله, وأنت على علم من علم الله ما علمنيه الله, فكل منا مكلف بأمور من الله دون صاحبه, وأنت لا تقدر على صحبتي {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} فأنا أعرف أنك ستنكر علي ما أنت معذور فيه, ولكن ما اطلعت على حكمته ومصلحته الباطنة التي اطلعت أنا عليها دونك {قال} أي موسى {ستجدني إن شاء الله صابرا} أي على ما أرى من أمورك {ولا أعصي لك أمراً} أي ولا أخالفك في شيء فعند ذلك شارطه الخضر عليه السلام {قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء} أي ابتداءً {حتى أحدث لك منه ذكرا} أي حتى أبدأك أنا به قبل أن تسألني.
قال ابن جرير: حدثنا حميد بن جبير, حدثنا يعقوب عن هارون بن عنترة عن أبيه, عن ابن عباس قال: سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل فقال: أي رب أي عبادك أحب إليك ؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني. قال: فأي عبادك أقضى ؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى. قال: أي رب أي عبادك أعلم ؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى, قال: أي رب هل في أرضك أحد أعلم مني ؟ قال: نعم قال: فمن هو ؟ قال: الخضر. قال: وأين أطلبه ؟ قال: على الساحل عند الصخرة التي ينفلت عندها الحوت. قال: فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر الله, وانتهى موسى إليه عند الصخرة, فسلم كل واحد منهما على صاحبه, فقال له موسى: إني أحب أن أصحبك, قال: إنك لن تطيق صحبتي قال: بلى. قال: فإن صحبتني {فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً} قال: فسار به في البحر حتى انتهى إلى مجمع البحرين, وليس في الأرض مكان أكثر ماء منه, قال: وبعث الله الخطاف, فجعل يستقي منه بمنقاره, فقال لموسى: كم ترى هذا الخطاف رزأ من هذا الماء ؟ قال: ما أقل ما رزأ. قال: يا موسى, فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء, وكان موسى قد حدث نفسه أنه ليس أحد أعلم منه أو تكلم به, فمن ثم أمر أن يأتي الخضر, وذكر تمام الحديث في خرق السفينة, وقتل الغلام, وإصلاح الجدار, وتفسيره له ذلك. 

This site was last updated 09/30/12