Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة ثلاثين وخمسمائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
بقية سنة529
سنة530

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

المجلد السابع
بسم الله الرحمن الرحيم
ثم دخلت سنة ثلاثين وخمسمائة
الحرب بين عسكر الراشد و عسكر السلطان مسعود
(5/4)
في المحرم من هذه السنة وصل يرنقش الزكوي من عند السلطان مسعود يطالب الخليفة بما كان قد استقر على المسترشد من المال، وهو أربعمائة ألف دينار، فذكر أنه لا شيء عنده، وأن المال جميعه كان مع المسترشد بالله، فنهب في الهزيمة المذكورة. ثم بلغ الراشد بالله أن يرنقش يريد الهجوم على دار الخلافة وتفتيشها لأخذ المال، فجمع العساكر لمنع داره، وأمر عليهم كج أبه، وأعاد عمارة السور.
فلما علم يرنقش بذلك اتفق هو و بك أبه شحنة بغداد، وهو من أمراء السلطان، على أن يهجموا على دار الخليفة يوم الجمعة، فبلغ ذلك الراشد بالله فاستعد لمنعهم، وركب يرنقش ومعه العسر السلطاني والأمراء البكجية، و محمد بن عكر، في نحو خمسة آلاف فارس، ولقيهم عسكر الخليفة و متقدمهم كج أبه واقتتلوا قتالاً شديداً، وساعد العامة عسكر الخليفة على قتال العسكر السلطاني حتى أخرجهم إلى دار السلطان، فلما جنهم الليل ساروا إلى طريق خراسان، ثم انحدر بك أبه إلى واسط، وسار يرنقش إلى البندنيجين، ونهب أهل بغداد دار السلطان.
ذكر اجتماع أصحاب الأطراف على حرب مسعود ببغداد وخروجهم عن طاعته
في هذه السنة اجتمع كثير من الأمراء وأصحاب الأطراف على الخروج عن طاعة السلطان مسعود، فسار الملك داود ابن السلطان محمود في عسكر أذربيجان إلى بغداد، فوصلها رابع صفر، ونزل بدار السلطان، ووصل أتابك عماد الدين زنكي بعده من الموصل؛ ووصل يرنقش بازدار صاحب قزوين وغيرها، والبقش الكبير صاحب أصفهان، وصدقة بن دبيس صاحب الحلة، ومعه عنتر بن أبي العسكر الجاواني يدبره، ويتمم نقص صباه، وابن برسق، وابن الأحمديلي، وخرج إليهم من عسكر بغداد كج أبه والطرنطاوي وغيرهما، وجعل الملك داود في شحنكية بغداد يرنقش بازدار، و قبض الخليفة الراشد بالله على ناصح الدولة أبي عبد الله الحسن بن جهير أستاذ الدار، وهو كان السبب في ولايته، وعلى جمال الدولة إقبال المسترشدي، وكان قد قدم إليه من تكريت، وعلى غيرهما من أعيان دولته، فتغيرت نيات أصحابه عليه وخافوه.
فأما جمال الدولة فإن أتابك زنكي شفع فيه شفاعة تحتها إلزام، فأطلق وصار إليه ونزل عنده.
وخرج موكب الخليفة مع وزيره جلال الدين أبي الرضى بن صدقة إلى عماد الدين لتهنئته بالقدوم، فأقام الوزير عنده وسأله أن يمنعه من الخليفة، فأجابه إلى ذلك، وعاد الموكب بغير وزير، وأرسل زنكي من حرس دار الوزير من النهب، ثم أصلح حاله مع الخليفة، وأعاده إلى وزارته.
وكذلك أيضاً عبر عليه قاضي القضاة الزينبي، وسار معه إلى الموصل، ثم إن الخليفة جد في عمارة السور، فأرسل الملك داود من قلع أبوابه وأخرب قطعة منه، فانزعج الناس ببغداد، ونقلوا أموالهم إلى دار الخلافة، وقطعت خطبة السلطان مسعود، وخطب للملك داود وجرت الأيمان بين الخليفة والملك داود وعماد الدين زنكي، وأرسل الخليفة إلى أتابك زنكي ثلاثين ألف دينار لينفقها.
ووصل الملك سلجوقشاه إلى واسط فدخلها وقبض على الأمير بك أبه ونهب ماله وانحدر أتابك زنكي إليه لدفعه عنها واصطلحا وعاد زنكي إلى بغداد وعبر إلى طريق خراسان، وحث على جمع العساكر للقاء السلطان مسعود.
وسار الملك داود نحو خراسان أيضاً، فنهب العسكر البلاد وأفسدوا، ووصلت الأخبار بمسير السلطان إلى بغداد لقتال الملك، وفارق الملك داود وأتابك زنكي، فعاد أتابك زنكي إلى بغداد، وفارق الملك داود، وأظهر له أن يمضي إلى مراغة إذ فارق السلطان مسعود إلى همذان، فبرز الراشد بالله إلى ظاهر بغداد أول رمضان، وسار إلى طريق خراسان، ثم عاد بعد ثلاثة أيام ونزل عند جامع السلطان، ثم دخل إلى بغداد خامس رمضان، وأرسل إلى داود وسائر الأمراء يأمرهم بالعود إلى بغداد، فعادوا، ونزلوا في الخيام، وعزموا على قتال السلطان مسعود من داخل سور بغداد.
ووصلت رسل السلطان مسعود يبذل من نفسه الطاعة والموافقة للخليفة والتهديد لمن اجتمع عنده، فعرض الخليفة الرسالة عليهم، فكلهم رأى قتاله، فقال الخليفة: وأنا معكم على ذلك.
ذكر ملك شهاب الدين ملك حمص (5/5)
في هذه السنة، في الثاني والعشرين من ربيع الأول، تسلم شهاب الدين محمود، صاحب دمشق، مدينة حمص وقلعتها. وسبب ذلك أن أصحابها أولاد الأمير خيرخان بن قراجا، والوالي بها من قبلهم، ضجروا من كثرة تعرض عسكر عماد الدين زنكي إليها وإلى أعمالها، وتضييقهم على من بها من جندي وعامي، فراسلوا شهاب الدين في أن يسلموها إليه، ويعطيهم عوضاً عنها تدمر، فأجابهم إلى ذلك، وسار إليها وتسلمها منهم في التاريخ المذكور، وسلم إليهم تدمر، وأقطع حمص مملوك جده معين الدين أنر، وجعل فيها نائباً عنه ممن يثق به من أعيان أصحابه وعاد عنها إلى دمشق.
فلما رأى عسكر زنكي الذين بحلب وحماة خروج حمص عن أيديهم تابعوا الغارات إلى بلدها والنهب له، والاستيلاء على كثير منه، فجرى بينهم عدة وقائع، وأرسل شهاب الدين إلى زنكي في المعنى واستقر الصلح بينهم، وكف كل منهم عن صاحبه.
ذكر الفتنة بدمشق
في هذه السنة وقعت الفتنة بدمشق بين صاحبها والجند. وسبب ذلك أن الحاجب يوسف بن فيروز كان أكبر حاجب عند أبيه وجده، ثم إنه خاف أخاه شمس الملوك، وهرب منه إلى تدمر، فلما كانت هذه السنة سأل أن يحضر إلى دمشق، وكان يخاف جماعة المماليك لأنه كان أساء إليهم وعاملهم أقبح معاملة، فكلهم عليه حنق، ولا سيما في الحادثة التي خرج فيها شمس الملوك، وقد تقدمت، فإنه أشار بقتل جماعه أبرياء وبقتل سونج بن تاج الملوك، فصاروا كلهم أعداء مبغضين.
فلما طلب الآن الحضور إلى دمشق أجيب إلى ذلك، فأنكر جماعة الأمراء والمماليك قربه وخافوه أن يفعل بهم مثل فعله الأول، فلم يزل يتوصل معهم حتى حلف لهم واستحلفهم وشرط على نفسه أنه لا يتولى من الأمور شيئاً.
ثم إنه جعل يدخل نفسه في كثير من الأمور، فأتفق أعدائه على قتله، فبينما هو يسير مع شمس الملوك في الميدان وإلى جانبه أمير اسمه بزاوش يحادثه، إذ ضربه بزاوش بالسيف فقتله، فحمل ودفن عند تربة والده بالعقيبة ثم إن بزاوش والمماليك خافوا شمس الملوك، فلم يدخلوا البلد، ونزلوا بظاهره، وأرسلوا يطلبون قواعد استطالوا فيها، فأجابهم إلى البعض، فلم يقبلوا منه؛ ثم ساروا إلى بعلبك، وبها شمس الدولة محمد بن تاج الملوك صاحبها، فصروا معه، فالتحق بهم كثير من التركمان وغيرهم، وشرعوا في العيث والفساد، واقتضت الحال مراسلتهم وملاطفتهم وإجابتهم إلى ما طلبوا، واستقرت الحال على ذلك، وحلف كل منهم لصاحبه. فعادوا إلى ظاهر دمشق وليدخلوا البلد.
وخرج شهاب الدين، صاحب دمشق، إليهم واجتمع بهم وتجددت الأيمان، وصار بزاوش مقدم العسكر وإليه الحل والعقد، وذلك في شعبان، وزال الخلف، ودخلوا البلد والله أعلم.
ذكر غزاة العسكر الأتابكي لبلاد الأفرنج
في هذه السنة، في شعبان، اجتمعت عسكر أتابك زنكي، صاحب حلب وحماة، مع الأمير أسوار نائبه بحلب، وقصدوا بلد الفرنج على حين غفلة منهم، وقصدوا أعمال اللاذقية بغتة، ولم يتمكن أهلها من الانتقال عنها والاحتراز، فنهبوا منها ما يزيد عن الوصف، وقتلوا وأسروا وفعلوا في بلد الفرنج ما لم يفعله غيرهم.
وكان الأسرى سبعة آلاف أسير ما بين رجل وامرأة وصبي، ومائة ألف رأس من الدواب ما بين فرس وبغل وحمار وبقر وغنم، وأما ما سوى ذلك من الأقمشة والعين والحلي فيخرج عن الحد،و أخربوا بلد اللاذقية وما جاورها ولم يسلم منها إلا القليل، وخرجوا إلى شيزر بما معهم من الغنائم سالمين،منتصف رجب، فامتلأ الشام من الأسارى والدواب، وفرح المسلمون فرحاً عظيمًا، ولم يقدر الفرنج على شيء يفعلونه مقابل هذه الحادثة، عجزاً ووهناً.
ذكر وصول السلطان مسعود إلى العراق
وتفرق أصحاب الأطراف ومسير الراشد بالله إلى الموصل وخلعه
لما بلغ السلطان مسعوداً اجتماع الأمراء والملوك، ببغداد، على خلافه، والخطبة للملك داود ابن أخيه السلطان محمود، جمع العساكر وسار إلى بغداد، فنزل بالمالكية، فسار بعض العسكر حتى شارفوا عسكره وطاردهم، وكان في الجماعة زين الدين علي أمير من أمراء أثابك زنكي، ثم عادوا، ووصل السلطان فنزل على بغداد وحصرها وجميع العساكر فيها. (5/6)
وثار العيارون ببغداد وسائر محالها،وأفسدوا ونهبوا، وقتلوا حتى إنه وصل صاحب لأتابك زنكي ومعه كتب، فخرجوا عليه وأخذوها منه وقتلوه، فحضر جماعة من أهل المحال عند الأتابك زنكي، وأشاروا عليه بنهب المحال الغربية، فليس فيها غير عيار ومفسد، فامتنع من ذلك، ثم أرسل بنهب الحريم الطاهري فأخذ منه من الأموال الشيء الكثير؛ وسبب ذلك أن العيارين كثروا فيه وأخذوا أموال الناس. ونهبت العساكر غير الحريم من المحال، وحصرهم السلطان نيفاً وخمسين يوماً فلم يظفر بهم، فعاد إلى النهروان عازماً على العود إلى همذان، فوصله طرنطاي صاحب واسط ومعه سفن كثيرة، فعاد إليها وعبر فيها إلى غربي دجلة، وأراد العسكر البغدادي منعه فسبقهم إلى العبور، واختلفت كلمتهم، فعاد الملك داود إلى بلاده في ذي القعدة وتفرق الأمراء.

خلع الخليفة الراشد
وكان عماد الدين زنكي بالجانب الغربي فعبر إليه الخليفة الراشد بالله وسار معه إلى الموصل في نفر يسير من أصحابه، فلما سمع السلطان مسعود بمفارقة الخليفة وزنكي بغداد سار إليها واستقر بها، ومنع أصحابه من الأذى والنهب. وكان وصوله منتصف ذي القعدة، فسكن الناس واطمأنوا بعد الخوف الشديد، وأمر فجمع القضاة والشهود والفقهاء وعرض عليهم اليمين التي حلف بها الراشد بالله لمسعود وفيها بخط يده: إني متى جندت أو خرجت أو لقيت أحداً من أصحاب السلطان بالسيف، فقد خلعت نفسي من الأمر؛ فأفتوا بخروجه من الخلافة، وقيل غير ذلك وسنذكره في خلافة المقتفي لأمر الله.
وكان الوزير شرف الدين علي بن طراد وصاحب المخزن كمال الدين بن البقشلامي وابن الأنباري قد حضروا مع السلطان لأنهم كانوا عنده مذ أسرهم مع المسترشد بالله، فقدحوا في الراشد ووافقهم على ذلك جميع أصحاب المناصب ببغداد، إلا اليسير، لأنهم كانوا يخافونه، وكان قد قبض بعضهم وصادر بعضاً، واتفقوا على ذمه، فتقدم السلطان بخلعه وإقامة من يصلح للخلافة، فخلع وقطعت خطبته في بغداد في ذي القعدة وسائر البلاد. وكانت خلافته أحد عشر شهراً وأحد عشر يوماً، وقتله الباطنيه على ما نذكره إن شاء الله تعالى.

This site was last updated 07/27/11