Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة خمس وعشرين ومائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة خمس وعشرين ومائة
سنة ست وعشرين ومائة

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

الجزء الثالث

ثم دخلت سنة خمس وعشرين ومائة

ذكر بيعة الوليد بن يزيد ابن عبد الملك
قيل: وكانت بيعته لست مضين من شهر ربيع الآخر من السنة، وقد تقدم عقد أبيه ولاية العهد له بعد أخيه هشام بن عبد الملك؛ وكان الوليد حين جعل ولي عهد بعد هشام ابن إحدى عشرة سنة، ثم عاش من بعد ذلك فبلغ الوليد خمس عشرة سنة، فكان يزيد يقول: الله بيني وبين من جعل هشاماً بيني وبينك. فلما ولي هشام أكرم الوليد بن يزيد حتى ظهر من الوليد مجون وشرب الشراب، وكان يحمله على ذلك عبد الصمد بن عبد الأعلى مؤدبه، واتخذ له ندماء، فأراد هشام أن يقطعهم عنه فولاه الحج سنة ست عشرة ومائة، فحمل معه كلاباً في صناديق وعمل قبة على قدر الكعبة ليضعها على الكعبة، وحمل معه الخمر، وأراد أن ينصب القبة على الكعبة ويشرب فيها الخمر، فحرمه أصحابه وقالوا: لا نأمن الناس عليك وعلينا معك. فلم يفعل.
وظهر للناس منه تهاون بالدين واستخفاف، فطمع هشام في البيعة لابنه مسلمة وخلع الولي، وألاد الوليد على ذلك، فأبى، فقال له: اجعله بعدك، فأبى فتنكر له هشام وأضر به وعمل سراً في البيعة لابنه مسلمة، فأجابه قوم، وكان ممن أجابه خالاه محمد وإبراهيم ابنا هشام بن إسماعيل، وبنو القعقاع بن خليد العبسي، وغيرهم من خاصته، فأفرط الوليد في الشراب وطلب اللذات، فقال له هشام: ويحك يا وليد، والله ما أدري أعلى الإسلام أنت أم لا! ما تدع شيئاً من المنكر إلا أتيته غير متحاش؛ فكتب إليه الوليد:
يا أيها السائل عن ديننا ... نحن على دين أبي شاكر
نشربها صرفاً وممزوجةً ... بالسخن أحياناً وبالفاتر
فغضب هشام على ابنه مسلمة، وكان سكنى أبا شاكر، وقال له: يعيرنيالوليد بك وأنا ارشحك للخلافة! فألزمه الأدب وأحضره الجماعة وولاه الموسم سنة تسع عشرة ومائة، فأظهر النسك واللين، ثم إنه قسم بمكة والمدينة أموالاً؛ فقال مولى لأهل المدينة:
يا أيها السائل عن ديننا ... نحن على دين أبي شاكر
الواهب الجرد بأرسانها ... ليس بزنديق ولا كافر
يعرض بالوليد.
وكان هشام يعيب الوليد ويتنقصه ويقصر بهن فخرج الوليد ومعه ناس من خاصته ومواليه فنزل بالأزرق على ماء له بالأردن وخلف كاتبه عياض ين مسلم عند هشام ليكاتبه بما عندهم، وقطع هشام عن الوليد ما كان يجرى عليه، وكاتبه الوليد فلم يجبه إلى رده، وأمره بإخراج عبد الصمد من عنده، وأخرجه، وسأله أن يأذن لابن سهيل في الخروج إليه، فضرب هشام ابن سهيل وسيره، وأخذ عياض بن مسلم كاتب الوليد فضربه وحبسه، فقال الوليد: من يثق بالناس ومن يصنع المعروف! هذا الأحوال المشؤوم قدمه أبي على أهل بيته وصيره ولي عهده ثم يصنع بي ما ترون؟ لا يعلم أن لي في أحدٍ هوى إلا عبث به! وكتب إلى هشام في ذلك يعاتبه ويسأله أن يرد عليه كاتبه، فلم يرده، فكتب إليه الوليد: [ج3 (2/437)]
رأيتك تبني دائماً في قطيعي ... ولو كنت ذا حزم الهدمت ما تبني
تثير على الباقين مجنى ضغينه ... فويل لهم إن مت من شر ما تجني
كأني بهم والليت أفضل قولهم ... ألا ليتنا والليت إذ ذاك لا يغني
كفرت يداً من منعمٍ لو شكرتها ... جزاك بها الرحمن ذو الفضل والمن
فلم يزل الوليد مقيماً في تلك البرية حتى مات هشام، فلما كان صبيحة اليوم الذي جاءته فيه الخلافة قال لأبي الزبير المنذر بن أبي عمرو: ما انت علي ليلة من عقلت عقلي أطول من هذه الليلة! عرضت لي هموم وحدثت نفسي فيها بأمور هذا الرجل، يعني هشاماً، قد أولع بي، فاركب بنا نتنفس. فركبا وسارا ميلين. ووقف على كثيب فنظر إلى رهج فقال: هؤلاء رسل هشام،نسأل الله من خيرهم، إذ بدا لاجلان على البريد أحدهما مولى لأبي محمد السفياني والآخر جردبة، فلما قربا نزلا يعدوان حتى دانوا منه سالم بن عبد الرحمن صاحب ديوان الرسائل. فقرأه وسأل مولى أبي محمد السفياني عن كاتبه عياض، فقال: لم يزل محبوساً حتى نزل بهشام الموت فأرسل إلى الخزان وقال: احتفظوا بما في أيديكم، فأفاق هشام فطلب شيئاً فمنعوه، فقال: إنا لله، كنا خزاناً للويلد! ومات من ساعته، وخرج عياض من السجن فتم أبواب الخزائن وأنزل هشاماً عن فرشه وما وجدوا له قمقماً يسخن له فيه الماء حتى استعاروه، ولا وجدوا كفناً من الخزائن فكفنه غالب مولاه؛ فقال:
هلك الاحول المثو ... م فقد أرسل المطر
وملكنا من بعد ذا ... ك فقد أورق الشجر
فاشكروا الله إنه ... زائد كل من شكر
وقيل: إن هذا الشعر لغير الوليد.
فلما سمع الوليد موته كتب إلى العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان أن يأتي الرضافة فيحمي ما فيها من أموال هشام وولده وعياله وحشمه إلا مسلمة بن هشام فإنه كلم أباه في الرفق بالوليد. فقدم العباس الرصافة ففعل ما كتب به الوليد إليه، وكتب به إلى الوليد، فقال الوليد
ليت هشاماً كان حياً يرى ... محلبه الأوفر قد أترعا
ويروى:
ليت هشاماً عاش حتى يرى ... مكياله الأوفر قد طبعا
كلناه بالصاع الذي كاله ... وما ظلمناه به إصبعا
وما أتينا ذاك عن بدعةٍ ... أحله الفرقان لي أجمعا
وضيق على أهل هشام وأصحابه، فجاء خادم لهشام فوقف عند قبره وبكى وقال: يا أمير المؤمنين لو رأيت ما يصنع بنا الوليد. فقال بعض من هناك: لو رأيت ما صنع بهشام لعلمت أنك في نعمة لا تقوم بشكرها! إن هشاماً في شغل مما هو فيه عنكم.
واستعمل الوليد العمال، وكتب إلى الآفاق بأخذ البيعة، فجاءته بيعتهم، وكتب إله مروان بن محمد ببيعته استأذنه في القدوم عليه. فلما ولي الوليد أجرى على زمنى أهل الشام وعميهم وكساهم وأمر لكل إنسان منهم بخادم، وأخرج لعيالات الناس الطيب والكسوة وزادهم وزاد الناس في العطاء عشرات، ثم زاد أهل الشام بعد العشرات عشرةً عشرةً، وزاد الوفود، ولم يقل في شيء يسأله إلا وقال:
ضمنعت لكم إن لم تعقني عوائق ... بأن سماء الضر عنكم ستقلع
سيوشك إلحاق معاً وزيداة ... وأعطية مني عليكم تبرع
محرمكم ديوانكم وعطاؤكم ... به تكتب الكتاب شهراً وتطبع
قال حلم الوادي المغني: كنا مع الوليد وأتاه خبر موت هشام وهنئ بولايت الخلافة، وأتاه القضيب والخاتم، ثم قال: فأمسكنا سعة ونظرنا إليه بعين الخلافة، فقال: غنوني:
طاب يومي ولذ شرب السلافه ... وأتانا نعي من بالرصافة
وأتانا البريد ينعى هشاماً ... وأتانا بخاتم للخلافة
فاصطبحنا من خمر عانة صرفاً ... ولهونا بقينةٍ عرافه
وحلف أن لا يبرح من موضعه حتى يغني في هذا اشعر ويشرب عليه، ففعلنا ذلك ولم نزل نغني إلى الليل.
قم إن الوليد هذه السنة عقد لابنيه الحكم وعثمان البيعة من بعده وجعلهما وليي عهده، أحدهما بعد الآخر، وجعل الحكم مقدماً، وكتب بذلك إلى الأمصار العراق وخراسان [ج3 (2/438)]
ذكر ولاية نصر بن سيار خراسان للوليد
في هذه السنة لى الوليد نصر بن سيار خراسان كلها وأفرده بها، قم وفد يوسف بن عمر على الوليد فاشترى منه نصراً وعماله، فرد إليه الوليد ولاية خراسان، وكتب يوسف إلى نصر يأمره بالقدوم ويحمل معه ما قدر عليه من الهديايا والأموال، وأن يقدم معه بعياله أجميعين، وكتب الوليد إلى نصر يأمره أن يتخذ له برابط وطنابير وأباريق ذهب وفضة، وأن يجمع له كل صناجه بخراسان، وكل بازي وبرذون فاره، ثم يسير بكل ذلك بنفسه في وجوه أهل خراسان.
وكان المنجمون قد أخبروانصراً بفتنة تكون، وألح يوسفعلى نصر بالقدوم وأرسل اليه رسولاٍ في ذلك، وأمره أن يستحثه أوينادي في الناس أنه قد خلع. فأرضى نصر الرسول واجازه، فلم يمض لذلك إلايسير حتى وقعت الفتنة. فتحول القصره بماجان واتخلف عصمة بن عبد الله الأسدي على خرسان، وموسى بن ورقاء بالشاش، وحسان من أهل الصغانيان بسمرقند،ومقاتل بن علي السعدي بأمل، وامرهم إذابلغهم خروجه من مرو ان يستجلبوا الترك ليعيروا ما وراء النهر ليرجع اليهم، وسار العراق.
فبينا هو يسير الى العراق طرقه مولى لبني ليث وأعلمه بقتل الوليد، فلما أصبح أذن للناس وأحضر رسل الوليد وقال لهم: قد كان من مسيري ما علمتم ، وبعثي بالهدايا ما رأيتم، وقد كان قدم الهدايا فبلغت بهيق، وطرقني فلان ليلاً فأخبرني أن الوليد قد قتل ووقعت الفتنة بالشام، وقدم المنصور بن جمهور العراقنوهرب يوسف بن عمر، ونحن بالبلاد التي علمتم وكثت عدونا. فقال سالم بنأحوز: أيها لأمير إنه بعض مكايد قريش ،أرادو تهجين طاعتك، فسر ولاتمتحنا، فقال: يا سالم أنت رجل لك علم بالحرب وحسن طاعة لبني أمية، فأما مثل هذه الأمور فيها راي أمية ورجع بالناس.
ذكر قتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين
في هذه السنة قتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بخرسان .
وسبب قتله أنه سار بعد قتل أبيه إلى خرسان، كما سبق ذكره، فأتى بلخ فأقام بها عند الحيش بن عمرو بن داود حتى هلك هشام وولي الوليد ابن يزيد. فمتب يوسف بن عمر إلى نصر بمسير يحيى بن زيد وبمنزله عند الحريش، وقال له: خذه أشد الأخذ، فأخذ نصر الحريش فطالبه بيحيى، فقال: لاعلم لي به. فأمربه فجلد ستمائة سوط.فقال الحريش: والله لوأنه تحت قدمي ما رفعتهما عنه.فلما رأى ذلك قريش بن الحريش قال:لاتقتل أبي وانا ادلك على يحيى ،فدله عليه، فأخذه نصر وكتب إلى الوليد يخبره، فكتب الوليد يأمره أنيؤمنه وخلي سبيله وسبيل أصحابه. فأطلقه نصر و أمره أن يلحق بالوليد وأمر له بألفي درهم، فسار إلى سرخس فأقام بها، فكتب نصر إلى عبد الله بن قيس بن عباده يأمره أن يسيره عنها، فسيره عنها، فسار حتى إنتهى إلى بهيق، وخاف أنيغتله يوسف بنعمر فعاد إلى نيسابور، وبها عمرو بنزرارة، وكان مع يحبى سبعون رجلاً، فرأى يحيى تجاراً، فأخذ هو وأصحابه دوابهم وقالو: علينا أثمنها، فكتب عمروابن زرارة إلى نصر يخبره. فكتب نصر يأمر بمحاربته، فقاتله عمرو، وهو في عشرة الآف ويحيى وسبعين رجلاً، فهزمهم يحيى وقتل عمراً وأصاب دواباً كثيرة وسار حتى مر بهراة، فلم يعترض لمن بها وسار عنها.
وسرح نصر بن سيار سالم بن أحوز في طلب يحيى، فلحقه بالجوز جان فقاتله قتالاً شديداً،فرمى يحيى بسهم فأصاب جبهته، رماه رجل من عنزة يقال له عيسى،فقتل منأصاب يحيى من عند أخرهم وأخذوا رأس يحيى وسلبوه قميصه.
فلما بلغ الوليد قتل يحيى متب الى يوسف بن عمر: خذ عجيل أهل العراق فأنزله من جذعه، يعني زيداً، وأحرقه بالنار ثم أنسفه باليم نسفاً، فأمر يوسف به فأحرق، ثم رضه وحمله في سفينة ثم 1راه في الفرات وأما يحيى فإنه لما قتل صلب بالجوزجان ، فلم يزل مصلوباً حتى ظهر أبو مسلم الخرساني وأستولى على خراسان فأنزله وصى عليه ودفنه وامربالنياحة عليه في خراسان، واخذ ابو مسلم جيوان بني أمية وعرف منه أسماء من حضر قتل يحيى، فن كان حياً قتله ومن كان ميتاًخلفه في أهله بسوء، وكانت أم يحيى ريطة بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنيفة.
عباد بضم العين ، وفتح الباء الموحدة المخففة  [ج3 (2/439)]
ذكر ولاية حنظلة إفريقية وأبي الخطار الأندلسي
في هذه السنة قدم أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي اللأندلسي أميراً في رجب، وكان أبو الخطار لما تبايع ولاة الأندلس من قيس قد قال شعراً وعرض فيه بيوم مرج راهط وما كان من بلاء كلب فيه مروان بنالحكم وقيام القيسين مع الضحاك بنقيس الفهري على مروان، ومن الشعر:
أفادت بنو مروان قيساً دماءنا ... وفي الله أن لم يعدلوا حكم عدل
كأنكم لم تشهدو مرج راهطٍ ... ولم تعلموا من كان ثم له الفضل
وقيناكم حر القنا بحورنا ... وليس لكم خيل تعد ولارجل
فلما بلغ شعره هشام بن عبد الملك فأعم أنه رجل من كلب،وكان هشام قد استعمل على إفريقية حنضلة بن صفوان الكلبي سنة أربع وعشرين ومأئة،فكتب إليه هشام أن يولي الخطارالأندلس، فولاه وسيره إليها، فدخل قرطبة يوم جمعة فرأى ثعلبة بن سلامة أميرها قد أضر الأف من البربر،الذين تقدم ذكر أسرهم، ليقتلهم، فلما ذخل أبو الخطار دفع الأسرى إليه، فكانت ولايته سبباً لحياتهم؛وكان لأهل الشام الذين بالأندلس قد أرادو الخروج مع ثعلبة بن سلامة إلى الشام، فلم يزل أبو الخطار يحسن إليهم ويستميلهم حتى أقامو،فأنزل كل قوم إلى شبه منازلهم بالشام، فلمارأوا بلداًيشبه بلدانهم أقاموا.وقيل:إن أهل الشام إنما فرقهم في البلاد لأن قرطبة ضاقت عليهم ففرقهم؛وقد ذكرنا بعض أخبارهم سنة تسع وثلاثين ومائة.
ذكر عدة حوادث
قيل: وفي هذه السنة وجه الوليد بن يزيد خاله يوسف بنمحمد بن يوسف الثقفي والياًعلى المدينة ومكة والطائف، ودفعإليه محمداًواباهيم ابني هشام بنإسماعيل المخزومي موثقين في عباءتين، فقدم بهما المدينة في شعبان فأقامهما للناس، ثم حملا إلى الشام فأحضرا عند الوليد، فأمر بجلدهما، فقال محمد: أسألك بالقرابة ! قال:وأي قرابة بيننا؟ قال: فقد نهى لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، لضرب ليوط إلا في حد. قال: ففي حد أضربك وقودٍ، أنت أول من فعل بالعرجي، وهو ابن عمي وابن أمير المؤمنين عثمان؛ وكان محمد قد أخذه وقيده وأقامه للناس وجلده وسجنه إلى أن مات بعد تسع سنين لهجاء العرجي إياه، ثم أمر به الوليد فجلد هو وأخوه إبراهيم، ثم أوثقهما حيدداً وأمر أن يبعث بهما إلى يوسف بن عمر وهو على العراق، فلما قدم بهما عليه عذلهما حتى ماتا.
وفي هذه السنة عزل الوليد سعيد بن إبراهيم عن قضاء المدينة وولاه يحيى ابن سعيد الأنصاري. وفيها خرجت الروم إلى زبطرة، وهو حصن قديم كان افتتحه حبيب بن مسلمة القهري، فأخربته الروم الآن، فبنى بناء غير محكم، فعاد الروم وأخربوه أيام مروان بن محمد الحمار، ثم بناه الرشيدوشحنه بالرجال، فلما كانت خلافة المأمون طرقه الروم فشعثوه، فأمر المأمون برمته وتحصينه، ثم قصده الروم أيام المعتصم، على ما نذكره إن شاء الله تعالى. فإنما سقت خبره هاهنا لأني لم أعلم تواريخ حوادثه.
وفيها اغزا الوليد أخاه الغمر بن يزيد، وأمر على يجوش البحر الأسود ابن بلال المحاذي وسيره إلى قبرس ليخبر أهلها بين المسير إلى الشام أو إلى الروم، فختارة طائفه جوار المسلمين، فسيرهم إلى الشام، واختار أخرون الروم، وسيرهم إليهم.
وفيها قدم سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم ولاهز بن قريظ وقحطبه بن شبيب مكه، فلقوا، في قول بعض أهل السير، محمد بن عبد الله ابن عباس فأخبروه بقصة أبي مسلم وما رأوه منه، فقال: أحر هو أم عبد؟ قالوا: أما عيسى فيزعم أنه عبد، وأما هو فيزعم انه حر. قال: فشتروه واعتقوه وأعطوا محمد بن علي مائتي ألف درهم وكسوه ثلاثين ألف درهم. فقال لهم: ما أظنكم تلقوني بعد عامي هذا، فإن حدث بي حدث فصاحبكم ابني ابنراهيم فإني أثق به وأوصيكم به خيراً. فرجعوا من عنده.
وقال بعضهم: في هذه السنة توفي محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في شهر ذي العقده وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وكان بين موته وموت أبيه سبع سنين.
وحج بالنالس هذه السنة يوسف بن محمد بن يوسف. وفيها غزا النعمان ابن يزيد بن عبد الملك الصائفه.  [ج3 (2/440)]
في هذه السنة مات أبو حازم الأعرج، وقيل سنة أربعين، وقيل سنة أربع وأربيعين ومائة. وفي أخر أيام هشام بن هشام بن عبد الملك توفي سماك بن حرب. وفي هذه السنة توفي القاسم بن أبي بزه، وأسم أبي بزه يسار، وهو من المشهورين بالقراءة. وأشعث بن أبي الشعثاء سليم بن أسو المحاربي. وسيد بن أبي أنيسه الجزري، مولى بن كلاب وقيل مولى يزيد بن الخطاب، وقيل مولى غني، وكان عمره ستاً وأربعين سنه، وكان فقيهاً عابداً، وكان له أخ أسمه يحيى، كان ضعيفاً بالحديث.
وفي أيام هشام مات العرجي الشاعر في حبس محمد بن هشام المخزومي، عامل هشام بن عبد الملك على المدينة ومكة، وكان سبب حبسه أنه هجاه فتتبعه حتى بلغه أنه أخذ مولى فضربه وقتله وأمر عبيدة أن يطأوا امرأة المولى المقتلول، فاخذه محمد فضربه فأقامه للناس فحبسه تسع سنين فمات في السجن العرجي بفتح العين المهملة، وسكون الراء، وأخره جيم وكان عمال الأمصار من تقدم ذكرهم.
 

This site was last updated 06/22/11