Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة ثمان وتسعين ومحاصرة القسطنطينية

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
باقى سنة 96 خلافة سليمان
سنة سبع وتسعين
سنة 78 ومحاصرة القسطنطينية
سنة 99 وموت الخليفة سليمان
سنة إحدى ومائة

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

الجزء الثالث

ثم دخلت سنة ثمان وتسعين
ذكر محاصرة القسطنطينية

في هذه السنة سار سيمان بن عبد الملك إلى دابق وجهز جيشاً مع أخيه مسلمة بن عبد الملك ليسير إلى القسطنطينية، ومات ملك الروم، فأتاه أليون من أذربيجان فأخبره، فضمن له فتح الروم، فوجه مسلمة معه، فسارا إلى القسطنطينية، فلما دنا منها أمر كل فارس أن يحمل معه مدين من طعام على عجز فرسه إلى القسطنطينية، ففعلوا، فلما أتاها أمر بالطعام فألقي أمثال الجبال، وقال للمسلمين: لا تأكلوا منه شيئاً وأغيروا في أرضهم وازرعوا. وعمل بيوتاً من خشب، فشتى فيها وصاف، وزرع الناس، وبقي الطعام في الصحراء والناس يأكلون ما أصابوا من الغارات ومن الزرع، وأقام مسلمة قاهراً للروم معه أعيان الناس خالد بن معدان ومجاهد بن جبر وعبد الله بن أبي زكرياء الخزاعي وغيرهم.
فأرسل الروم إلى مسلمة يعطونه عن كل رأس ديناراً، فلم يقبل. فقالت الروم لأليون: إن صرفت عنا المسلمين ملكناك. فاستوثق منهم، فأتى مسلمة فقال له: إن الروم قد علموا أنك لا تصدقهم القتال وأنك تطاولهم ما دام الطعام عندك، فلو أحرقته أعطوا الطاعة بأيديهم. فأمر به فأحرق، فقوي الروم وضاق المسلمون حتى كادوا يهلكون، وبقوا على ذلك حتى مات سليمان. وقيل: إنما خدع أليون مسلمة بأن يسأله أن يدخل الطعام إلى الروم بمقدار ما يعيشون به ليلة واحدة ليصدقوه أن أمره وأمر مسلمة واحد وأنهم في أمان من السبي والخروج من بلادهم، فأذن له، وكان أليون قد أعد السفن والرجال، فنقلوا تلك اليلة الطعام، فلم يتركوا في تلك الحظائر إلا ما لا يذكر، وأصبح أليون محرباً، وقد خدع خديعة لو كانت إمرأة لعيبت بها، ولقي الجند ما لم يلقه جيش آخر، حتى إن كان الرجل ليخاف أن يخرج من العسكر وحده، وأكلوا الدواب والجلود وأصول الشجر والورق وكل شيء غير التراب، وسليمان مقيم بدابق، وتولى الشتاء فلم يقدر أن يمدهم حتى مات.
وفي هذه السنة بايع سليمان لإبنه أيوب بولاية العهد، فمات أيوب قبل أبيه. وفي هذه السنة فتحت مدينة الصقالبة، وكانت برجان قد أغارت على مسلمة بن عبد الملك وهو في قلة، فكتب إلى سليمان يستمده، فأمده، فمكرت بهم الصقالبة ثم إنهزموا. وفيها غزا الوليد بن هشام وعمرو بن قيس، فأصيب ناس من أهل أنطاكية، وأصاب الوليد ناساً من ضواحي الروم وأسر منهم بشراً كثيراً. [ج3 (2/358)]
ذكر فتح جرجان وطبرستان
في هذه السنة غزا يزيد بن المهلب جرجان وطبرستان لما قدم خراسان.
وسبب غزوهما واهتمامه بهما أنه لما كان عند سليمان بن عبد الملك بالشام كان سليمان كلما فتح قتيبة فتحاً يقول ليزيد: ألا ترى إلى ما يفتح الله على قتيبة؟ فيقول يزيد: ما فعلت جرجان التي قطعت الطريق وأفسدت قومس ونيسابور ويقول: هذه الفتوح ليست بشيء، الشان هي جرجان.
فلما ولاه سليمان خراسان لم يكن له همة غير جرجان، فسار إليها ف مائة ألف من أهل الشام والعراق وخراسان سوى الموالي والمتطوعة، ولم تكن جرجان يومئذ مدينة إنما هي جبال ومخازم وأبواب يقوم الرجل على باب منها فلا يقدم عليه أحد. فابتدأ بقهستان فحاصرها، وكان ذلك، فإذا هزموا دخلوا الحصن. فخرجوا ذات يوم وخرج إليهم الناس فاقتتلوا قتالاً شديداً، فحمل محمد بن سبرة على تركي قد صد الناس عنه فاختلفا ضربتين، فثبت سف التركي في بيضة ابن أبي سبرة، وضربه ابن أبي سبرة فقتله ورجع وسفه يقطر دماً وسف التركي في بيضته، فنظر الناس إلى أحسن منظر رأوه.
وخرج يزيد بعد ذلك يوماً ينظر مكاناً يدخل مه عليهم، وكان في أربعمائة من وجوه الناس وفرسانهم، فلم يشعروا حتى هجم عليهم الترك في نحو أربعة آلاف فقاتلوهم ساعة، وقاتل يزيد قتالاً شديداً، فسلموا وانصرفوا، وكانوا قد عطشوا، فانتهوا إلى الماء فشربوا، ورجع عنهم العدو.
ثم إن يزيد ألح عليهم في القتال وقطع عنهم المواد حتى ضعفوا وعجزوا. فأرسل صول، دهقان قهستان، وإلى يزيد يطلب منه أن يصالحه ويؤمنه على نفسه وأهله وماله ليدفع إليه المدينة بما فيها، فصالحه ووفى له ودخل المينة فأخذ ما كان فيها من الأموال والكنوز والسبي ما لايحصى، وقتل أربعة عشر ألف تركي صبراً، وكتب إلى سليمان بن عبد الملك بذلك. [ج3 (2/359)]
ثم خرج حتى أتى جرجان، وكان أهل جرجان قد صالحهم سعيد بن العاص، وكانوا يجبون أحياناً مائة ألف وأحياناً مائتي ألف وأحياناً ثلاثمائة ألف، وربما أعطوا ذلك وربما منعوه، ثم امتنعوا وكفروا فلم يعطوا خراجاً، ولم يأت جرجان بعد سعيد أحد ومنعوا ذلك الطريق، فلم يكن يسلك طريق خراسان أحد إلا على فارس وكرمان. وأول من صير الطريق من قومس قتيبة بن مسلم حين ولي خراسان. وبقي أمر جرجان كذلك حتى ولي يزيد وأتاهم فاستقبلوه بالصلح وزادوه وهابوه، فأجابهم إلى ذلك وصالحهم.
فلما فتح قهستان وجرجبان طمع في طبرستان أن يفتحها فعزم على أن يسير إليها، فاستعمل عبد الله بن المعمر اليشكري على الساسان وقهستان وخلف معه أربعة آلاف، ثم أقبل إلى أداني جرجان مما يلي طبرستان فاستعمل على ايذوسا راشد بن عمرو وجعله في أربعة آلاف ودخل بلاد طبرستان، فأرسل إليه لأصبهبذ صاحبها يسأله الصلح وأن يخرج من طبرستان، فأبى يزيد ورجا أن يفتحها ووجه أخاه أبا عيينة من وجه وابنه خالد بن يزيد من وجه وأبا الجهم الكلبي من وجه، وقال: إذا اجتمعتم فأبو عيينة على الناس. فسار أبو عيينة على الناس. فسار أبو عيينة وأقام يزيد معسكراً.
واستجاش الأصبهبذ أهل جيلان والديلم فأتوه فالتقوا في سفح جبل، فانهزم المشركون في الجبل، فاتبعهم المسلمون حتى انتهوا إلى فم الشعب، فدخله المسلمون وصعد المشركون في الجبل واتبعهم المسلمون يرومون الصعود، فرماهم العدو بالنشاب والحجارة، فانهزم أبو عيينة والمسلمون يركب بعضهم بعضاً يتساقطون في الجبل حتى انتهوا إلى عسكر يزيد، وكف عدوهم من المسلمين وأن يقطعوا عن يزيد المادة والطريق فيما بينه وبين بلاد الإسلام ويعدهم أن يكافئهم على ذلك، فثاروا بالمسلمين فقتلوهم أجمعين وهم غارون في ليلة، وقتل عبد الله بن المعمر وجميع من معه فلم ينج منهم أحد، وكتبوا إلى الأصبهبذ بأخذ المضايق والطرق.
وبلغ ذلك يزيد وأصحابه فعظم عليهم وهالهم، وفزع يزيد إلى حيان النبطي وقال له: لا يمنعك ما كان مني إليك من نصيحة المسلمين وقد جاءنا عن جرجان ما جاءنا فاعمل في الصلح. فقال: نعم. فأتى حيان الأصبهبذ فقال: أنا رجل منكم وإن كان الدين فرق بين وبينكم، فأنا لكم ناصح، فأنت أحب إلي من يزيد وقد بعث يستمد وأمداده منه قريبة، وإنما أصابوا منه طرفاً ولست آمن أن يأتيك من لا تقوم له، فأرح نفسك وصالحه، فإن صالحته صير حده. على أهل جرجان بغدرهم وقتلهم أصحابه. فصالحه على سبعمائة ألف، وقيل خمسمائة ألف وأربعمائة وقر زعفران أو قيمته من العين، وأربعمائة رجل، على كل رجل منهم ترس وطيلسان، ومع كل رجل جام من فضة وخرقة حرير وكسوة. ثم رجع حيان إلى يزيد فقال: ابعث من يحمل صلحهم، فقال: من عندهم أو من عندنا؟ قال: من عندهم، وكان يزيد قد طابت نفسه أن يعطيهم ما سألوا ويرجع إلى جرجان، فأرسل يزيد من يقبض ما صالحهم عليه حيان، فانصرف إلى جرجان. وكان يزيد قد أغرم حيان مائتي ألف درهم، وسبب ذلك أن حيان كتب إلى مخلد ابن يزيد، فبدأ بنفسه، فقال له ابنه مقاتل بن حيان: تكتب إلى مخلد وتبدأ بنفسك. قال: نعم، وإن لم يرضى لقي ما لقي قتيبة. فلبعث مخلد الكتاب إلى أبيه يزيد، فأغرمه مائتي أف درهم.
وقيل: إن سبب مسير يزيد إلى جرجان أن صولاً التركي كان ينزل قهستان والبحيرة، وهي جزيرة في البحر بينها وبين قهستان خمسة فراسخ، وهما من جرجان مما يلي خوارزم، وكان يغير على فيروز بن قول مرزبان جرجان فيصيب من بلاده. فخافه فيروز فسار إلى يزيد بخراسان وقدم عليه، فسأله عن سبب قدومه، فقال: خفت صولاً فهربت منه، وأخذ صول جرجان. فقال يزيد لفيروز: هل من حيلة لقتاله؟ قال: نعم، شيء واحد إن ظفرت به قتلته وأعطى بيده. قال: ما هو؟ قال: تكتب إلى الأصبهبذ كتاباً تسأله فيه أن يحتال لصول حتى يقيم بجرجبان واجعل له على ذلك جعلاً، فإنه يبعث بكتابك إلى صول يتقرب به إليه فيتحول عن جرجان فينزل البحيرة، وإن تحول عن جرجان وحاصرته ظفرت به. [ج3 (2/360)]
فعل يزيد ذلك وضمن للأصبهبذ خمسين ألف دينار إن هو حبس صولاً عن البحيرة ليحاصره بجرجان، فأرسل الأصبهبذ الكتاب إلى صول، فلما أتاه الكتاب رحل إلى البحيرة ليتحصن بها، وبلغ يزيد مسيره فخرج إلى جرجان ومعه فيروز، واستعمل على خراسان ابنه مخلداً، وعلى سمرقند وكش ونسف وبخارى ابنه معاوية، وعلى طخارستان حاتم بن قبيصة بن المهلب، وأقبل حتى أتى جرجان فدخلها ولم يمنعه منها أحد، وسار منها إلى البحيرة فحصر صولاً بها، فكان يخرج إليه صول فيقاتله ثم يرجع، فمكثوا بذلك ستة أشهر، فأصابهم مرض وموت، فأرسل صول يطلب الصلح على نفسه وماله وثلاثمائة من أهله وخاصته وسلم إليه البحيرة، فأجابه يزيد، فخرج بماله وثلاثمائة ممن أحب.
وقتل يزيد من الأتراك أربعة عشر ألفاً صبراً وأطلق الباقين. وطلب الجند أرزاقهم فقال لإدريس بن حنظلة العمي: أحصى لنا ما في البحيرة حتى نعطي الجند. فدخلها إدريس فلم يقدر على إحصاء ما فيها، فقال ليزيد: لا أستطيع ذلك وهو في ظروف، فتحصى الجواليق ويعلم ما فيها ويعطى الجند فمن أخذ شيئاً عرفنا ما أخذ من الحنطة والشعير والأرز والسمسم والعسل، ففعلوا ذلك وأخذوا شيئاً كثيراً، وكان شهر بن حوشب على خزائن يزيد بن المهلب، فرفعوا عليه أنه أخذ خريطة، فسأله يزيد عنها، فأتاه بها فأعطاها شهراً؛ فقال بعضهم:
لقد باع شهر دينه بخريطة ... فمن يأمن القراء بعدك يا شهر
وقال مرة الحنفي:
يا ابن المهلب ما أردت إلى امرئ ... لولاك كان كصالح القراء
وأصاب يزيد بجرجان تاجاً فيه جوهر فقال: أترون أحداً يزهد في هذا؟ قالوا: لا. فدعا محمد بن واسع الأزدي فقال: خذ هذا التاج. قال: لا حاجة لي فيه. قال: عزمت عليك.
فأخذه، فأمر يزيد رجلاً ينظر ما يصنع به، فلقي سائلاً فدفعه إليه، فأخذ الرجل السائل وأتى به يزيد وأخبره، فأخذ يزيد التاج وعوض السائل مالاً كثيراً.
ذكر فتح جرجان الفتح الثاني
قد ذكرنا فتح جرجان وقهستان وغدر أهل جرجان، فلما صالح يزيد أصبهبذ طبرستان سار إلى جرجان وعاهد الله تعالى لئن ظفر بهم لا يرفع السيف حتى يطحن بدمائهم ويأكل من ذلك الطحين. فأتاها وحصر أهلها بحصن فجاه ومن يكون بها لا يحتاج إلى عدة من طعام وشراب، فحصرهم يزيد فيها سبعة أشهر وهم يخرجون إليه في الأيام فيقاتلونه ويرجعون.
فبينا هم على ذلك إذ خرج رجل من عجم خراسان يتصيد، وقيل: رجل من طيء، فأبصر وعلاً في الجبل ولم يشعر حتى هجم على عسكرهم فرجع كأنه يريد أصحابه وجعل يخرق قباءه ويعقد على الشجر علامات، فأتى يزيد فأخبره، فضمن له يزيد دية إن دلهم على الحصن، فانتخب معه ثلاثمائة رجل واستعمل عليهم ابنه خالد بن يزيد وقال له: إن غلبت على الحياة فلا تغلبن على الموت، وإياك أن أراك عندي مهزوماً. وضم إليه جهم بن زحر، وقال للرجل: متى تصلون؟ قال: غداً العصر. قال يزيد سأجهد على مناهضتهم عند الظهر.
فساروا فلما كان الغد وقت الظهر أحرق يزيد كل حطب كان عندهم، فصار مثل الجبال من النيران، فنظر العدو إلى النيران فهالهم ذلك فخرجوا إليهم، وتقدم يزيد إليهم فاقتتلوا، وهجم أصحاب يزيد الذين ساروا على عسكر الترك قبل العصر وهم آمنون من ذلك الوجه، ويزيد يقاتلهم من هذا الوجه، فما شعروا إلا بالتكبير من ورائهم، فانقطعوا جميعاً إلى حصنهم، وركبهم المسلمون فأعطوا بأيديهم ونزلوا على حكم يزيد، فسبى ذراريهم وقتل مقاتلهم وصلبهم فرسخين إلى يمين الطريق ويساره وقاد منهم اثني عشر ألفاً إلى وادي جرجان وقال: من طلبهم بثأر فليقتل. فكان الرجل من المسلمين يقتل الأربعة والخمسة، وأجرى الماء على الدم وعليه أرحاء ليطحن بدمائهم ليبر يمينه، فطحن وخبز وأكل، وقيل: قتل منهم أربعين ألفاً. [ج3 (2/361)]
وبنى مدينة جرجان، ولم تكن بنيت قبل ذلك مدينة، ورجع إلى خراسان واستعمل على جرجان جهم بن زحر الجعفي، وقيل: بل قال يزيد لأصحابه لما ساروا: إذا وصلتم إلى المدينة انتظروا فإذا كان السحر كبروا واقصدوا الباب فستجدونني قد نهضت بالناس إليه. فلما دخل ابن زحر المدينة أمهل حتى كانت الساعة التي أمره يزيد أن ينهض فيها فكبر، ففزع أهل الحصن، وكان أصحاب يزيد لا يلقون أحداً إلا قتلوه، ودهش الترك فبقوا لا يدرون أين يتوجهون، وسمع يزيد التكبير فسار في الناس إلى الباب فلم يجد عنده أحدأ يمنعه وهم مشغولون بالمسلمين، فدخل الحصن من ساعته وأخرج من فيه وصلبهم فرسخين من يميمن الطريق ويساره، فصلبهم أربعة فراسخ، وسبى أهلها وغنم ما فيها، وكتب إلى سليمان بالفتح يعظمه ويخبره أنه قد حصل عنده الخمس ستمائة ألف ألف، فقال له كاتبه المغيرة بن أبي قرة مولى بني سدوس: لا تكتب تسمية المال فإنك من ذلك بين أمرين، إما استكثره فأمرك بحمله وإما سمحت نفسه لك به فأعطاكه، فتكلف الهدية، فلا يأتيه من قبلك شيء إلا استقله، فكأني بك قد استغرقت ما سميت ولم يقع منه موقعاً ويبق المال الذي سميت مخلداً في دواوينهم، فإن ولي والٍ بعده أخذك به، وإن ولي من يتحامل عليك لم يرض بأضعافه، ولكت اكتب فسله القدوم وشافهه بما أحببت فهو أسلم. فلم يقبل منه وأمضى الكتاب، وقيل: كان المبلغ أربعة آلاف ألف.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة توفي أيوب بن سليمان بن عبد الملك وهو ولي عهد. وفيها فتحت مدينة الصقالبة، وقيل غير ذلك، وقد تقدم. وفيها غزا دواد بن سليمان أرض الروم ففتح حصن المرأة مما يلي ملطكية. وفيها كانت الزلازل في الدنيا كثيرة ودامت ستة أشهر. وفيها مات عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود وأبو عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف، ويعرف بمولى ابن أزهر. وعبد الرحمن بن زيد بن حارثة الأنصاري. وسعيد بن مرجانة مولى قريش، وهي أمه، واسم أبيه عبد الله.
وحج بالناس عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وهو أمير على مكة، وكان العمال من تقدم ذكرهم إلا البصرة، فإن يزيد استعمل عليها سفيان بن عبد الله الكندي.[ج3 (2/362)]

 

This site was last updated 06/21/11