مطران البحيرة والخمس مدن الغربية بعد قذف كنيستين الشعب القبطي في ليبيا بخير... وكنائسنا تداوم علي الصلاة وطنى 18/6/2011م اجري الحوار: نشأت أبو الخير * الأنبا باخوميوس: المطرانية تتصل يوميا للاطمئنان علي الأقباط في ليبيا... ونتابع أخبارهم من خلال الآباء الكهنة * بعد ثورة يناير لابد من تفعيل القانون... والبعد عن الجلسات العرفية... وعودة جلسات النصح والإرشاد الديني رعويا تدخل كنائسنا في ليبيا في نطاق مطرانية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية... وعلي أثر الأوضاع المشتعلة في ليبيا تعرضت كنيستان قبطيتان للقصف هناك... وكان من المهم الجلوس لنيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة والذي كان في زيارة إلي ليبيا قبل تفجر الأوضاع... وكان لنا مع نيافته هذا الحوار. * في البداية إذا عدنا للتاريخ كيف دخلت المسيحية إلي ليبيا؟ ** تقول الحقائق التاريخية إن مارمرقس الرسول ليبي المولد فلسطيني الموطن, فقد ولد في القيروان بليبيا أوائل القرن الأول الميلادي وهو أحد السبعين رسولا وبيته هو الذي صنع فيه الفصح (سر الإفخارستيا) الأول , وفي هذا البيت غسل المسيح أرجل التلاميذ وهو المكان الذي اجتمع فيه في العلية بحلول الروح القدس , وبيت مارمرقس يعد أول كنيسة مسيحية عرفها التاريخ, وقد كرز في أنطاكيا وأورشليم وقبرص وروما ثم أتي إلي الخمس مدن الغربية في ليبيا وجاء إلي الإسكندرية عام 52 م وبدأ الكرازة في مصر, وبعد ثلاث سنوات رجع إلي الخمس مدن الغربية وقضي بعض الوقت ليفتقدها ثم رجع إلي الإسكندرية واستشهد عام 68 ميلادية, الجدير بالذكر أن هناك آثارا مسيحية كثيرة تشهد بامتداد المسيحية في بطن التاريخ الليبي منذ القرون الأولي, وبعد مارمرقس استمرت المسيحية في ليبيا وكان أحد قرارات مجمع نيقية سنة 325 ميلادية أن تخضع منطقة بنتابوليس (الخمس مدن الغربية) لبابا الإسكندرية, ومنذ ذلك التاريخ كان بابا الإسكندرية يقيم الأساقفة لهذه المنطقة ويذهب لافتقادها, وكان للبابا ديونسيوس البابا 14 في تاريخ البطاركة عمل كرازي كبير هناك. وقد استمر الوجود القبطي المسيحي في بنتابوليس تحت رعاية البابا حتي القرن الثالث عشر, ثم بدأ الوجود المسيحي يتلاشي بعد الفتح العربي, وكان آخر أسقف أقيم لها من رهبان دير السريان في القرن الـ 13 فذهب ولم يستطع البقاء ورجع إلي الدير حيث تنيح في ديره, ومنذ القرن الثالث عشر حتي القرن العشرين لم يعد هناك وجود قبطي في ليبيا. * وكيف عادت الكنيسة القبطية إلي ليبيا؟ ** يرجع الفضل في ذلك لقداسة البابا شنودة الثالث, الذي كتب كتابا عن حياة مارمرقس وعبر عن اشتياقه أن تعود الخدمة لمنطقة الخمس مدن الغربية, وبعد رسامة قداسته وقع اختياره علي شخصي حيث تمت رسامتي في 71/12/12 (تاريخ رسامة الأنبا باخوميوس) لخدمة هذه المنطقة , وتم انتداب القمص مينا كامل ليصلي عيد الميلاد بطرابلس (7 يناير 1972) وأول زيارة لي كانت في عيد الغطاس 72, وكانت الصلاة تتم في أماكن مستعارة من الكنيسة الكاثوليكية, وبعدها دعا الرئيس معمر القذافي قداسة البابا شنودة الثالث في مارس 72 وأعطي الكنيسة القبطية مكانا للصلاة في طرابلس, فكانت كنيسة مارمرقس بطرابلس هي أول كنيسة قبطية, وفي بنغازي كنا نصلي في كنيسة الروم الأرثوذكس, وبعد ذلك خصصت الدولة كنيسة قبطية ثانية في بنغازي سنة 88 وسميت باسم الأنبا أنطونيوس, وفي سنة 2003 تسلمنا كنيسة باسم العذراء ومارجرجس في مصراتة, وفي زيارتي الأخيرة لمدينة البيضا في يناير 2011 تسلمنا كنيسة رابعة باسم الشهيدين مارمرقس ومارمينا وأصبح لنا في ليبيا أربع كنائس.. والجدير بالذكر أن البيضا أحدي عواصم الجبل الأخضر وبها أربع أودية تسمي وادي مرقس , وادي الإنجيل , وادي الأسد , وادي ميناس (أبو مينا), والجدير بالذكر أيضا أن مارمينا استشهد في الخمس مدن الغربية, وهي منطقة بها آثار مسيحية كثيرة. * ماذا عن وضع الأقباط والكنيسة قبل أحداث ليبيا وبعدها؟ ** قبل الأحداث في ليبيا كان يوجد عائلات مسيحية وأقباط كثيرون حوالي ألف عائلة و 30 ألف عامل, الذين يشتركون في برامج التنمية وأعمال البناء والتجارة والزراعة , أما العائلات فمنهم أطباء ومهندسون ومدرسون في الجامعة ومحاسبون وحرف مختلفة يتركزون في طرابلس وما حولها وبنغاوي ومصراتة والبيضا. أي المناطق التي فيها كنائس, وبالمناسبة لدينا خمسة كهنة اثنان في طرابلس وواحد في كل من بنغازي ومصراتة والبيضا. وكانت الكنيسة والكهنة والاقباط محل تقدير الشعب الليبي بكل أطيافه وكذلك المسئولين, والأقباط يقومون بخدمة المجتمع الليبي, والبابا شنودة له مكانة كبيرة هناك. ونتيجة الأحداث الأخيرة في ليبيا رجع الكثيرون من الأقباط إلي مصر ولكن مازال هناك عدد من العائلات القبطية موجودة في ليبيا, والكنيسة تعتني بهم وتهتم بأمورهم, ويقوم الأباء الكهنة بخدمتهم وهم بخير ونشكر الله لم يصب أحد بأذي في الفترة الأخيرة وأتابع أخبارهم يوميا من خلال الأباء الكهنة.. والكهنة بخير أيضا, إلا أنه في الاسبوع الأخير من مايو الماضي سقطت قذائف بجوار كنيسة مصراتة فحدثت إصابة للسور وبعض حوائط الكنيسة, وأيضا في كنيسة طرابلس سقطت قذائف في مكان بجوار الكنيسة فتحطم زجاج الكنيسة وواجهتها وبعض التلفيات الأخري لكن لم تحدث أي خسائر في الأرواح, والكهنة والشعب بخير والكنيسة تداوم علي الصلاة, وقد أصدرت المطرانية مع مجمع كنائس ليبيا بطرابلس بيانا فيه نداء للقوي المختلفة بتوخي الحذر والحرص بالحفاظ علي قدسية أماكن العبادة وعدم ترويع المواطنين وكبار السن والنساء والأطفال , ويشترك كل المسيحيين في الصلاة والتعاون المشترك من أجل الحفاظ علي سلامة الكنائس والمترددين عليها. والمطرانية تؤكد اهتمامها بجميع أبنائها المقيمين في الوطن الليبي وإلي هذا اليوم تطمئن كافة الأسر المسيحية علي جميع أبنائها وتتلقي المطرانية كافة الاستفسارات للاطمئنان علي أبنائنا المقيمين في ليبيا. * كانت ثورة الشباب المصري في 25 يناير نقطة بداية لتصحيح النظام.. كيف رأيتم نيافتكم الثورة وما تبعها من أحداث؟ ** نقدر ثورة 25 يناير ونكرم شهداء الثورة ونتابع بتقدير شديد الحراك السياسي نحو الحرية والعدالة والمساواة والدولة المدنية مع تقديرنا للمجهود الذي يقوم به المجلس العسكري ووزارة د. عصام شرف, ونرجو أن يكون لهذا الوطن سلاما كاملا وهذا يتحقق بالانضباط الأمني والقضاء علي الانفلات الذي أزعج المواطن في حياته اليومية, كما أن هناك ضرورة لتفعيل القانون والبعد عما يسمي بالمجالس العرفية لما تسببه من عدم عدالة ومساواة لحقوق المواطنين , كما أننا نري ضرورة التأكيد علي الدولة المدنية بمرجعية مدنية وإقرار دستور يحقق المساواة الكاملة بين المواطنين وتفعيل مبدأ المواطنة, كما أننا نناشد الجهات المسئولة بالعدالة في اختيار الممثلين لكافة أطياف المجتمع والقوي السياسية لإبداء الرأي في الدستور الجديد وفي قانون دور العبادة الموحد واقتراحات التعديل بالعرض علي الكنيسة ومناهج التعليم وكافة التشريعات والتنظيمات التي تفرضها احتياجات الساعة والتي تمس حياة المواطن المصري في معيشته واستقراره وأمن أسرته, كما أننا نناشد المسئولين لحل مشاكل الاحتقان الطائفي بإرجاع جلسات النصح والإرشاد لطالبي تغيير الدين تحت إشراف جهات محايدة مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان وسن التشريعات التي تكفل حرية العقيدة وحرية العبادة واحترام الأديان المختلفة وعدم تسليم مثل هذه الامور المصيرية في حياة المجتمع المصري ليتداولها أشخاص بفكر متعصب يحرم المواطن من حقه وإحساسه بالأمان مما يؤثر علي الوطن في كافة نواحيه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والمعاملات الدولية وخلافه, ونريد مجتمعا يشعر فيه المواطن بالحرية والمساواة والعدالة ليبذل أقصي جهد من أجل تحقيق التنمية وتحتفظ مصر بأبنائها الأكفاء في وطننا ليساهموا مساهمة جدية في تحقيق التنمية, ونستنكر كل صوت ينادي بأن يترك المواطن المصري وطنه لأن مصر بلد محبوب لدينا باركها الكتاب المقدس وجاء المسيح إليها وعاش فيها وشرب من مياهها وهي موضوع صلاة الكنيسة في طقسها اليومي , والتراث القبطي يؤكد صدق مصريتنا ودروب جذور ثقافتنا عبر سبعة آلاف سنة في تاريخها. * وماذا عن الاعتداءات الأخيرة التي حدثت في صول وإمبابة؟ ** هذه الاعتداءات ليست من طبيعة المصريين ولكن ما دخل الينا من فكر غريب يحمل ملامح الجهل والتعصب والطائفية والتفسيرات الخاطئة لنصوص دينية , كما أن عدم تفعيل القانون والانفلات الأمني واستخدام العنف وعدم حسم الأمور حسما حازما في وقت وقوعها وتغييب روح الإحساس بالمسئولية لدي البعض أحدث ما نراه من تجاوزات وهدم دور العبادة التي يذكر فيها اسم الله, وأريقت دماء بريئة وما تبعه من اضطراب أثر علي نواحي الحياة التي يعيشها المواطن المصري, كما نرجو قبل أن يصدر تشريع ينبغي أن يعرض علي المفكرين والمختصين حتي لا تولد تشريعات عرجاء لا يمكن تنفيذها وتقابل بالرفض فيمن تخصهم هذه التشريعات, ونحن نبني مصر الجديدة نأمل أن ترجع للدولة هيبتها, واختيار الشخص المناسب في المكان المناسب بصرف النظر عن دينه أو جنسه وعرفه وانتماءاته حتي تتحقق العدالة ليس من أجل المجاملات الشخصية أو الطائفية ولكن من أجل البناء الجديد لمصر علي أسس سليمة يتحقق من خلالها كل ما نتطلع إليه من أهداف, وحتي نتجاوز المشكلة الاقتصادية والاجتماعية والدينية والطائفية, وإقصاء الأقباط من المناصب العليا في الدولة التي كانت تتبناها العصور الغابرة التي من أجلها قامت ثورة 25 يناير. |