Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

حال أقباط مصر بعد الغزو العربى الإسلامى لمصر

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الغزو العربى ويوحنا النيفيوسى

فيما يلى ما أورده كتاب صدر في القاهرة عام 1999م، بعنوان‏:‏ هوامش الفتح العربي لمصر، حكايات الدخول كتبته الباحثة سناء المصري - طبعة إشعاع للنشر
ملاحظة من الموقع : وضعنا فقط بعض العناويين الجانبية لتساعد القارئ والباحث على تفهم الموضوع وتقسيمه لفقرات - كما نوضح للقارئ معلومة هامة تصحح المفهوم التاريخى الذى يقع فيه معظم مؤرخى المسلمين وكتابهم عندما يكتبون عن الغزو العربى الإسلامى للشام ومصر وشمال أفريقيا وهو أن الرومان (الإمبراطورية الرومانية) إنقسموا إلى قسمين القسم الشرقى الرومانى ويطلق عليهم أسم البيزنطيين (المناطق الملونة باللون الأخضر) وهم يتبعون الكنيسة ألأرثوذكسية بالعاصمة القسطنطينية وكان يتبعهم الشام وتركيا الآن واليونان ودول أوربا الشرقية ومصر وليبيا ويسموا تاريخيا "الروم" تميزا لهم عن الإمبراطورية الرومانية الغربية التى عاصمتها روما (اللون الأحمر) ويتبعها تونس والمغرب والجزائر ودول اوربا وشمالها وإحتفظوا تاريخيا بالإسم القديم "الرومان" ولهذا سنطلق فى موقعنا أسم الروم على الذين كانوا محتلين مصر قبل غزو العرب المسلمين لمصر.  
وقد إحتلت الخلافة الإسلامية المناطق التى كانت محتلة من الإمبراطورية الرومية الشرقية واضافت إليها الفرس (إيران حاليا)  ولكنها لم تبلغ قط الأملاك التى كانت تحتلها الإمبراطورية الرومانية قبل التقسيم 
 

 

*****************************************************************************************************************************

حال أقباط مصر

وأن كانت هذه حياة الصفوة العربية الحاكمة .. "الأشراف " كما يحلو لهم أن يسموا أنفسهم - بعد أن أزاحوا الرومان عن مقاعد السلطة ، وأتخذوا أماكنهم وتركوا قوانينهم فى الدواوين ونظام المحاسبة سارية كما هى !!

فكيف كانت حياة الشعب المحكوم المنزوى دائماً

حيث أن مصر لم تكن أرضاً منبسطة بلا شعب ، فتحها (غزاها) عمرو بن العاص من الشمال للجنوب ، ومن الشرق للغرب ، وإستولى على كل مدنها وقراها وسواحلها فى نزهة بسيطة تحت راية الإسلام ... أم أن شعبها أستقبل الجيش العربى بالترحيب والأحضان .. كما يحلو للبعض أن يصور الأمر فى تبسيط مخل وصور زائفة

والملفت للنظر أن إستقراء أحداث الفتح (الغزو) العربى من خلال مصادر التاريخ العربى "كتب التراث" يغفل وجود الشعب القبطى ، أو يأتى به فى مواضع عابرة ، كذافع للجزية ، والخراج اساساً ، أى كممول خفى لحياة الصفوة التى تعيش بسيوفها ورماحها .

فهى مصادر تقدم وجهة نظر الفاتح (الغازى) العربى المشغول بنفسه دائماً ، والحريص على إظهار صورته المعتدلة فى الحكم ، وتكرار الصورة وإعادة إنتاجها طوال الوقت ، ورفعها إلى مصاف الحقائق المطلقة .. بينما تضمر بفعل الإهمال والإضطهاد وجهة النظر الأخرى - وجهة نظر الشعب القبطى ـ فيطويها لندرتها كما لو انها لم تكن هناك أبداً ... ونبش الذاكرة لإيجاد ما ضاع ليس سهلاً - وإن كان ممكنا بالتنقيب بين طيات المراجع البالغة الندرة .

من هو المؤرخ يوحنا النيقيوسى الذى شاهد الغزو العربى الإسلامى لمصر؟

وبين أيدينا مؤرخ قبطى عاش فى أواخر القرن السابع الميلادى وبداية القرن الثامن الميلادى ، وأشارت المصادر القديمةإلى أنه كان فى سنة 698 م شيخاً كبيراً ، فعاصر فى شبابه ونضجه أحداث الفتح (الغزو) ورآها رؤى العين ، وسجلها فى مخطوطته الحاملة إسمه .

وتتكون مخطوطة "يوحنا النقيوسى" من (120 بابا ، وقد حظيت مصر بأكبر قدر من إهتمام المؤلف ، حيث لم يترك فيها عن مصر إلا إنتهزها .. وقد حظيت فترة الفتح (الغزو) بالفصل الأخير من المخطوطة ) [عمر صابر : مصر فى مخطوطة يوخنا النقيوسى]  التى تعالج أحداث العالم منذ الخليقة حتى الفتح (الغزو العربى) الإسلامى لمصر

وأنه صوت وحيد للشعب القبطى المنزوى فى خلفية الصورة ، كتب عما رآه ولمسه قبل أن تمتد أيدى الرواة إلى التاريخ وتقطعه حسب الهوى الشخصى والسياسى ، وهو يفوق من حيث السبقية مصادر التاريخ العربى .

ولم يكن "يوحنا النقيوسي" مؤرخًا قبطيًا عاديًا، بل هو رجل من رجال الكنيسة ، شغل منصب أسقف مدينة نقيوس وكان أحد أهم اثنين من الأساقفة في مصر وعُيّن في عهد البابا يوحنا الثالث رئيسًا لأساقفة مصر السفلى[ المقريزى : المواعظ والإعتبار الجزء الثانى ص 508 ] وغيرها من المناصب فقد كان مسئول عن تدبير أديرة وادى هبيب (وهو وادى النطرون ويعرف ببرية شهيت وببرية الإسقيط وبميزان القلوب فإنه كان بها فى القديم مائة دير ثم صارت سبعة ممتدة غرباً على جانب البرية القاطعة بين بلاد البحيرة والفيوم وهى رمال منقطة وسباخ مالحة  وبرار منقطة معطشة وقفار مهلكة وشراب أهلها من حفائر وتحميل النصارى النذور والقرابين وكانت قد تلاشت فى هذا الوقت  وتدهورت الرهبنة من تأثير الإضطهاد البيزنطى وقل عدد الرهبان وهرب الرهبان من الوجة البحرى ) 

   وقد ظلت مخطوطة يوحنا النقيوسى مجهولة للدارسين العرب فترة طويلة [ لا زالت المخطوطة حتى الآن لا تجد إلا التراب والعنكبوت أصدقاء لوحدتها فى مخازن جامعة القاهرة المعتمة الرطبة .. ضمن دراسة الدكتور عمر صابر ]

المؤرخون العرب والمسلمون والمؤرخ يوحنا النيقيوسى؟

ومن المثير للعجب تجاهل الدارسين العرب لفترات طويلة لتلك المخطوطة الأم.. بينما كانت الدراسات الغربية لتاريخ مصر في أواخر العهد الروماني وأوائل العهد العربي تعتمد عليها.
ومن الأعجب أيضًا فقدان النسخ الأصلية للمخطوطة "القبطية" وفقدت كذلك كلاً من النسخة اليونانية والعربية اللتان تم ترجمتهما عن القبطية!، ولم تبق إلا نسخة أثيوبية مترجمة عن القبطية حفظت بمكتبة الكنيسة بأثيوبيا حتى قام الدكتور )"زوتنبرج"  M. H. Zotenberg بتقديمها مع ترجمة فرنسية لها ولم تذكر في الدراسات العربية إلا آخرًا على يد المؤرخ المصري المعاصر عبد الرحمن الرافعي نقلاً عن زوتنبرج.

وسيدة إسماعيل الكاشف - على سبيل المثال - تذكر النقيوسى كمادح لسماحة جيش الفتح العربى (الغزو) لمصر بعد أن إقتطعت فقرة واحدة تؤكد أن عمرو لم يمس مملتلكات الكنيسة القبطية وأنه ترك لها حرية العبادة على عكس كل ما سبق تلك الفقرة وما تلاهها 
(راجع هوامش الفتح العربي لمصر - حكايات الدخول - الباحثة سناء المصري - طبعة إشعاع للنشر - ص 93).
أما جاك تاجر فيرى أن يوحنا إهتم بالشكوى من العرب ( أكثر من ذكر الأعمال التى تشرف الفاتح (الغازى) فيطلعنا فى تاريخه الغزو سيئات الفتح ) [جاك تاجر : اقباط ومسلمون منذ الفتح العربى الإسلامى إلى عام 1922 ، كرسات التاريخ المصرى 1951م] بينما قراءة الفصل رقم 122 كاملاً من المخطوطة تطلعنا على  تفاصيل المعارك الحربية وحال الجيش الرومانى اثناء الغزو ، وكيفية سيطرة الجيش العربى على المواقع والبلاد ، ومقاومة بعض المدن وإستسلام ألاخر ... فيرسم صورة حبة يغلفها إطار سميك من الحزن على القرى المقاومة وما لاقته من اهوال الجيش العربى .

تعليق على مخطوطة يوحنا النيقيوسى

ومن القراءة الأولى للمخطوطة نلاخظ عداء النقيوسى للجانب العربى من جهة ، ويسميهم بالإسماعيليين مرة وبالمسلمين مرة أخرى ، ويظهر عداءه للجانب الرومانى من جهة أخرى ، ويسمى أولئك وهؤلاء أعداء المسيح ، أما الأقباط فهم وحدهم أصحاب العقيدة الحقة من وجهة نظرة ، ويتمنى النقيوسى أن ينزل الإله عقابه الشديد على الجيش العربى وقادته بسبب كل ما فعلوه بالمصريين ، مثلما فعل الرب بفرعون موسى حينما ( اغرقه فى البحر ألأحمر مع كل جيشه بعد كثير من العقوبات التى عاقبهم بها من ألإنسان حتى الحيوان ولما كان حكم الإله على هؤلاء الإسماعيليين فقد صنع بهم كما صنع بفرعون ) [يوحنا النقيوسى : المخطوطة]

وفى ذات الوقت لا يخفى فرحة لما نزل بالرومان من هزيمة وقتل ، ويذكر فرحاً أنه عقاب السماء الذى حل عليهم بسبب كل ما أنزلوه بالقبط من العذاب الشديد ، ويسمى الرومان بالنجسين فى بعض المواقع ، وبأعداء المسيح ، أو أعداء العقيدة الحقة فى مواضع أخرى .
فالنقيوسى صوت قبطى صرف ، يرى ظلم الرومان و قسوتهم من جهة ، وضراوة العرب وشتدهم من جهة اخرى ، ويتابع سير المعارك بين الجانبين بهذه العين المصرية الخالصة ، وسرعان ما ينتابه الأسى لما يحل بشعبه القبطى على أيدى الجانبين.
ويذكر النقيوسى فى مخطوطته أحد أهم أسباب هزيمة الرومان ، وانتصار العرب عليهم ، وهو سبب انتشار عوامل الانحلال داخل المعسكر الرومانى، وتناحر قادته ومكائدهم ، بعضهم لبعض ، كأثر من أثار اختلافات المركز فى بلاط هرقل ، امبراطور الروم المريض والمشرف على الموت ، وصراع زوجته الثانيه نيابه عن ابنها ضد الابن الأخر لهرقل من زوجته الأولى ، وانقسام رجال البلاط بينهما . . . وخزانه الدوله الخاوية من النهب كل فريق ، وخصوصأ بعد سلسلة الهزائم التي حلت بالامبراطورية أمام الهجوم الفارسي من الشرق ،والهجوم السلافى من الشمال .
وقد أنعكست كل هذه الخلافات على وضع الروم فى مصر ، حيث (لم يكن هناك جيش بيزنطى موحد أثناء الفتح العربى لمصر بل وحدات متفرقة فى الأقاليم بمقتضى سياسة جستنيان القاضية بتقطيع أوصال وحدة مصر  ، ومنح جميع الحكام سلطة متسقة روعى فيها التطابق فكل واحد منهم كان يفكر فى منطقة نفوذة فقط ) [سيرها رولدبل : تاريخ مصر الهيلينية]  (وخصوصاً بعد ما طرد الرومان الفرس من مصر وأكتفوا بوضع حمايات عسكريه فى الوجه البحرى).
ويذكر النقيوسى أن الرومان كانوا منقسمين على أنفسهم ، وأنه (كان هناك نزاع كبير بين الرئيس تيودور والسادة ) [  مخطوطة يوحنا النيقيوسى - هوامش الفتح ص 143] مما يفسر فرار فرار بعض القادة المحليين أمام جيش المسلمين وإنضمام آخرين إلى جيش عمرو بن العاص خوفاً من بطش الحاكم العسكرى الرومى "تيودور"

ولقد غزا عمرو بن العاص المعسكر الرومى فى لحظة ضعف عاتية ، ويبدو أن عمرا كان ملما بتلك الأحوال عن طريق (أدلاء الشام - واليهود الموجودين بمصر) مما يفسر رغبته فى الإسراع بغزو مصر بعدما ألم بالرومان من هزائم فى الشام ، وقبل أن يفيقوا من آثار الصدمة الأولى .

وإذا حاولنا تجميع مفردات الصورة العامة كما جائت فى مخطوطة يوحنا النيقيوسى سنلاحظ تقهقر جنود الروم ووحداتهم العسكرية تباعاً من الشرق للغرب ، أو مناطق الحصون عند رأس الدلتا وغربها ، فيقول : ( سار المسلمون إلى الصحراء ، وأخذوا الكثير من الخراف والظباء من الجبل ولم يعرف أهل مصر هذا ) [مخطوطة يوحنا النيقيوسى]


This site was last updated 09/17/11