راعي كنيسة العذراء بالزمالك (بالمرعشلي)
في حوار لـوطني: كنيستنا في حي راق ولكن لا ننسي الفقراء أبدا .. لا يوجد طبقات أمام الله الكل يقف بالروح الواحدة
وطنى 18/10/2011م حوار: مايكل فيكتور
في طريقي إلي كنيسة السيدة العذراء مريم بالزمالك -المرعشلي- كنت أحلم أني ذاهب لأحاور ليس فقط القمص يوسف عبده راعي كنيستها الذي يحتفل هذا الأسبوع باليوبيل الذهبي لرسامته بل لأحاور شيخ الكهنة الذي تعلم علي يد قداسة البابا شنودة الثالث.. وكنت أعرف أن المهمة ليست سهلة فالمعروف عنه أنه منظم ودقيق ولا يتحدث إلا فيما يعنيه جيدا.. ولكن المهمة كانت أسهل مما توقعت فهو أيضا بسيط وهادئ ومتحدث جيد ولم تفارق الابتسامة وجهه طوال الحديث.. من فيض قلبه تحدث قائلا:
* * أنا من مواليد 1926 في مدينة كفر الزيات -غربية- ثم نقلنا إلي طنطا وحصلت علي التوجيهية -الثانوية العامة- ووقتهتا رحل والدي وأصبحت المسئول عن أسرتي, وكنت الولد الوحيد لأمي مع أربع شقيقات, وفضلت والدتي الانتقال إلي الإسكندرية لتوفر لي ولشقيقاتي فرصة التعليم الجامعي, والتحقت بجامعة فاروق الأول -الإسكندرية- بكلية الآداب وبعد تخرجي تقدمت للعمل بوزارة المعارف -التربية والتعليم حاليا- وعينت بمدرسة طنطا الثانوية لمدة أربع سنوات, نقلت بعدها إلي الإسكندرية وكنت سعيدا بهذا لأكون مع أسرتي, والأهم أن أكون قريبا من المتنيح البابا الأنبا كيرلس السادس الذي كان يقضي أياما كثيرة في الإسكندرية, كان هذا في الخمسينيات, ثم نقلت إلي القاهرة, وركزت خدمتي في المدرسة الفكرية لخدمة الكنيسة بالجيزة, وجذبتني الخدمة فقدمت استقالتي من التربية والتعليم لأتفرغ للخدمة وكنت خادما مكرسا بالجيزة.. بعد ذلك جاءتني منحة للسفر إلي أمريكا لإعداد الماجستير ووقتها كنت متزوجا من أجل رسامتي كاهنا بالإسكندرية وتم ترشيحي أيضا لبور فؤاد وسوهاج ولكن الله لم يشأ وقتها وسافرت لأمريكا.
* كيف تم ترشيحكم كاهنا لعذراء المرعشلي؟
* * كان مجلس الكنيسة قرر برئاسة المستشار إسكندر بك قصبجي وقتها أنها لن تدشن وتقام بها الصلاة إلا بعد الانتهاء من المباني بالكامل, وبعد الانتهاء من البناء بـ6أشهر كان موعد عودتي من الولايات المتحدة الأمريكية, وهنا يظهر ترتيب الله لحياتنا, إذ قرر مجلس الكنيسة ترشيحي لقداسة البابا المتنيح الأنبا كيرلس السادس, وعندما ذهبوا له في مقره قال لهم: تعالوا يا أولادي عندي لكم واحد كويس فانزعجوا وخشوا أن يكون هناك كاهنا آخر مرشحا ولكن قداسته استطرد وقال لهم: واحد اسمه يوسف عبده فقالوا: إحنا جايين عشانه, وتمت الرسامة بيد المتنيح الأنبا أثناسيوس الكبير مطران بني سويف في 23 أكتوبر 1960- أي مر خمسون عاما علي رسامتي.
* كيف تعاملت مع شعب الكنيسة منذ رسامتك؟
* * لقد تجاوبت مع شعب الكنيسة من اليوم الأول وحتي الآن, فالنظام الذي اتبعته داخل الكنيسة هو الدقة والتي أدين بها للفترة التي قضيتها في أمريكا, والحقيقة الشعب استجاب معي بل أحيانا كنت أتعلم منه, ومن يوم رسامتي حتي الآن -خمسون عاما- كل القداسات والخدمات مواعيد بدايتها وانتهائها بالدقيقة حتي أصبحت الدقة سمة أساسية من سمات كنيسة عذراء المرعشلي.
* معروف أنك تتلمذت علي يد قداسة البابا شنودة الثالث.. فماذا تعلمت منه؟
* * عندما التحقت بالإكليريكية عام 1955 كان الأستاذ نظير جيد -قداسة البابا شنودة- أستاذا لدراسة الكتاب المقدس, ومازلت أتذكر كل كلمة تعلمتها منه فهو الذي علمني كيف أدرس الكتاب المقدس وفقا للتعليم الأرثوذكسي الصحيح.. ومازالت أيضا أتعلم من قداسته حتي اليوم.. فعندما زار كنيستنا منذ شهور في عيد يوبيلها الفضي طلب مني قائلا: أنا خايف تنسوا الأحياء الفقيرة والمساكين من الشعب وسط هذا الحي الراقي, ومن وقتها بدأت مراعاة ملاحظات قداسته وأرسلنا خداما إلي الأحياء الشعبية المجاورة للكنيسة وأصبح لدينا اليوم -علي سبيل المثال- من حي بولاق 250 عائلة تتبناها الكنيسة.
* من المعروف أن الكثير من المصلين بكنيسة المرعشلي ليسوا من شعب الزمالك.. ما تفسيركم لهذا؟
* * كنيسة المرعشلي هي كنيسة جاذبة وبالحقيقة نحن لدينا الكثير من المصلين من أحياء مختلفة وبعيدة أيضا ولكنهم يقولون لنا: نحن لا نشعر بالصلاة والروحانية إلا داخل كنيسة عذراء المرعشلي. فلنشكر الله علي مواظبتهم علي بيت الله برغم بعد المسافات, وربما جاءت هذه الروح من النظام وأن آباء الكنيسة متحدثون بالروح الواحدة.
* ما المقصود باتحاد الآباء والروح الواحدة؟
* * يخدم معي بالكنيسة ثلاثة من الآباء الكهنة, ونحن الأربعة متفقون ومتحدون في كل الأمور الكنسية ولا يستطيع أحد منا أن يفعل شيئا بدون مراجعة كل الآباء فالاتفاق بين الكهنة شئ مهم جدا داخل الكنيسة حتي نعيش الروح الواحدة التي أوصانا بها الله.
* ما رأي قداستكم فيما يراه البعض من أن كنيسة المرعشلي هي كنيسة صفوة المجتمع ومثقفيها؟
* * لا أقدر أن أقول إنه يوجد داخل الكنيسة شعب من صفوة المجتمع بطبيعة الحي, فالكنيسة تضم شعب الله من كل الطبقات, وكنيسة المرعشلي تضم عددا ليس بقليل من العمال وتنظم لهم اجتماعا أسبوعيا.. وتذكر أننا أمام الله أسوياء فداخل الكنيسة يقف البسطاء مع الطبقة العالية يصلون جميعا بروحانية وخشوع وروح واحدة, فداخل الكنيسة وأمام الله لا يوجد طبقات.
* أثناء زيارة قداسة البابا في يونيه الماضي للكنيسة عاتب علي وجود بعض أيقونات غير طقسية.. ما موقفكم إزاء ملاحظات البابا؟
* * لقد علق قداسته علي أيقونة العشاء الأخير -أعلي الهيكل- لأن بها اثني عشر تلميذا وهي الأيقونة الشائعة بالكنائس, ولكن قداسة البابا يستند علي رسالة بولس الرسول إلي كورنثوس أنه في ليلة الخميس حدث عشاء يهودي والذين حضروا اثنا عشر تلميذا ثم حدث العشاء الأخير الذي أعطي فيه المسيح جسده ودمه وهذا العشاء لم يحضره يهوذا وحضره أحد عشر تلميذا فقط.. وأما الثانية فهي أيقونة للمسيح القائم من الأموات, والأيقونتان نقوم حاليا بإعادة رسمهما مع مراعاة ملاحظات قداسة البابا.
* وماذا عن ترميم الكنيسة؟
* * قمنا بدهان الكنيسة كلها من الداخل ورممنا الهياكل بالخشب ونعيد أيقونات الشرقيات كلها بالموازيك وفقا لقرار المجمع المقدس أن تكون كل أيقونات الشرقيات بالكنائس صورة الآب ضابط الكل وبيده الكرة الأرضية.
* بعد مرور خمسين عاما كهنوتا ما الذي تتمناه للكنيسة؟
* * أتمني أن تظل الكنيسة في نموها الروحي والخدمي وأن يزداد نشاطها وشعبها, وأن يزيل الله أي خصومات ومشاكل لنعيش في روح واحدة, وأتمني للشعب أن يظل مرتبطا ببيت الله ومواظبا علي حضور القداسات والاجتماعات, وأشكر الله علي ما عمله في حياتي.