Home Up جبل العذراء بأسيوط احتفالات دير العذراء بدرنكة | | الموسم الاحتفالي بدير العذراء بجبل أسيوط الغربي.. الأصالة والمعاصرة طوباك يا ماريا في أفواه الأسر الأسيوطية جذبت القلب العذراوي لسكني المغارة وطنى 17/8/2010م باسمة وليم - أسيوط أيقونة الترنيم ليزة الأبوتيجي عانقت بكلماتها رائحة البخور وابتهالات الزائرين الموكب الاحتفالي للعذراء بجبل أسيوط يفجر الجاذبية الروحانية التي تتملك القلوب والمشاعر أمام أيقونة العذراء وطفلها الإلهي. كنيستنا القبطية تحتفظ بذخيرة من التسبيح والتمجيد الخاص بالعذراء لأنها ذات الشفاعات كتعبير سيدنا نايفة أنبا ميخائيل مطران أسيوط في كلمته القصيرة بمناسبة بداية صوم العذراء. الترانيم والمدائح التي تغمر مناخ صوم العذراء وعيدها في أفواه طالبي شفاعتها تعد أحد عناصر تلك الجاذبية الروحانية.. تذكرت ذلك جيدا وأنا أسترجع شدو المغارة التي نظمتها المتنيحة السيدة ليزة الأبوتيجي خصيصا لدير العذراء ومغارتها بجبل أسيوط ورددتها أصوات الشماس صفوت الزيات والمتنيح القس أشعياء والمتنيحة سوسنة منذ أكثر من نصف قرن: كنيستك فوق الجبل أنت لها منار ** بدير العذراء دير الأمل في بهجة الأنوار مواكب الشعب تسير وفي سماك نستنير ** أنت لنا نعم النصير طوباك يا ماريا بجبل أسيوط في المغارة نتنسم البخور ** ومريم فخر العذاري تظهر بفرح ونور بين المديح والترتيل وصوت التسبيح والتهليل ** يسطع نورك بين القناديل طوباك يار ماريا هات مزمارك يا داود هات مزمارك غني معانا ** هات مزمارك مع العود دي العذراء حاضرة ويانا كنيستك في مصر وصعيدها طالبة يا بتول منك شفاعة ** هدية لك بخورها وتمجيدها شعبك محتاج قوة ومناعة وعن حضن جبل أسيوط.. ورحلة سنين وسنين.. يروي لنا سكان الدير الأوائل إيه اللي حصل منذ أكثر من نصف قرن من الزمان. يقول الدكتور إكرام إيليا طبيب الرمد بمستشفي أسيوط: علاقتي بالدير تمتد لأوائل الستينيات.. وترجع لجدتي لوالدتي من بيت الزيات وتعد من باكورة الأسر الأسيوطية التي انتسبت لدير العذراء بجبل أسيوط, والخدمة بمطرانية أسيوط عاصرت السنوات الأولي لبدايات حركة التعمير بالدير.. الأجواء الروحانية والهدوء كانت مجالا للعبادة والراحة بالارتباط بموسم صوم العذراء وعيدها.. جدتي المتنيحة السيدة إيملي عبده عبيد وأختها المتنيحة السيدة ليزة الأبوتيجي والتي لم ترزق بأطفال كانتا من بين الخادمات واللتان وهبتا نفسيهما للكنيسة بعد ترملهما ومنحهما سيدنا نيافة أنبا ميخائيل مطران أسيوط اسم مرثا وأختها مريم للتشابه بين خدمتهما وبين تلك الشخصيات الإنجيلية.. برزت موهبة جدتي ليزة في كتابة ونظم الترانيم المستوحاة من زيارتهما المتكررة لدير العذراء والارتباط بمغارة الدير وكنائسه وزواره زمانيا ومكانيا وشهادتهما حول الظواهر النورانية التي انبعثت من المغارة وحول كنيسة المنارة في الستينيات.. فكانت السيدة ليزة أول من نظم مثل هذه الترانيم التي صارت علامة أصيلة بارزة ومرتبطة بالدير. وأضاف: ولذا كان سيدنا نيافة أنبا ميخائيل مطران أسيوط حريصا في سنوات حبريته الأولي علي زيارة أسرتنا كعادته خلال هذه الفترة في افتقاده للأسر الأسيوطية ساعد ذلك علي ارتباطنا بالكنيسة ومن هنا جاء التقارب.. وبسرعة اكتشف سيدنا أن خالي الشماس صفوت الزيات بالقاهرة حاليا له صوت جذاب ومخارج ألفاظه واضحة فأسند له الترانيم وكانت جدتي السيدة ليزة تستقي ألحانا قديمة معروفة وتنظم عليها الكلمات.. وطلب سيدنا - يومآ ما - ترنيمة وصفية للدير فبدأت تضع كلمات ترنيمة يا جبل أسيوط يا عالي وكان من ضمن كلماتها: ومكانك داخل المغارة يصبح كنيسة علي اسمك يا مختارة العدرة القديسة.. وبدأ الجميع يترنمون بها وكان ذلك بداية لتدشين هيكل كنيسة المغارة بجبل أسيوط.. ولازالت هذه الترنيمة موجودة ومسجلة علي أسطوانات وتذاع في موسم الصوم. وأسند سيدنا نيافة أنبا ميخائيل مطران أسيوط إلي خالي الشماس فكري الزيات بالولايات المتحدة حاليا فكرة إنشاء إذاعة داخلية تكون صوتا للمكان علي أساس تعريف الزوار بالمكان.. واستكمل بالقول: كنا وقتها 4 عائلات تشغل أربع غرف مستقلة متجاورة عمودية علي سور الدير وغرفة خاصة بتقديم النذور تم تحويلها لغرفة الإذاعة.. فكان خالي فكري يذيع عدة تنبيهات عن أماكن الزيارة وقدسية المكان ومواعيد القداسات ثم يقوم خالي صفوت بالترنيم يصاحبه المعلم عطية علي آلة العود وكانت تستمر الإذاعة من السابعة حتي العاشرة مساء.. واستمر ذلك ما بين موسمين أو ثلاثة ثم قمنا بشراء ريكوردر وبدأنا في تسجيل التراتيل وإذاعتها علي أسطوانات من خلال ميكروفونات تنقلها إلي أرجاء الدير.. وكانت جدتي ليزة تكتب أيضا مقاطع كلامية مقفاة لكلمة روحية أو تأمل.. وسيدنا كان يتابع الترانيم بنفسه وفتح الباب لتشجيع هذه المواهب لخدمة الكنيسة في أسيوط.. ثم توفيت جدتي وأختها عن عمر يناهز الـ86 عاما. بدايات حركة التعمير.. ذكريات ومواقف: أضاف بالقول: ولأن عدد الأسر المرتبطة بدير العذراء كان قليلا فكان اتصالنا بسيدنا شبه يومي وكنا نجلس إليه أحيانا لسماع كلمة روحية أو إرشاد.. بعد كده بدأ ربنا يحرك القلوب لتوسيع الدير وتعميره.. فكانت هناك عدة اقتراحات منها اقتراح بردم مساحة كبيرة بالحجارة والارتفاع بالرديم من أسفل لأعلي لتوسيع مساحة الدير.. ولكن المهندس فتحي المصري وكانت تربطه بالأسرة علاقة نسب قال إن هذه العملية هندسيا شاقة ومكلفة ومجهدة واقترح أن يتم البناء بتوسيع مسطح المغارة وذلك سيعد امتدادا طبيعيا للدير ومن هنا بدأت فكرة إنشاء المباني وفقا لهذه النظرية.. وبدأنا بالدور الأول والثاني ثم الثالث للمبني القديم والذي أزيل واستحدث مؤخرا. قال: في ذلك الوقت أتعرضت عدة مشاريع كبيرة لتمهيد الطريق الصاعد من بين منازل قرية دير درنكة إلي أعلي الدير.. البعض قال نعمل سلالم تصل من أسفل لأعلي لكن معظم الطرق التي اقترحت في ذلك الوقت لم تكن تناسب الطبيعة الجبلية الصخرية ورمال جبل أسيوط, فأبلغنا سيدنا في حينه بوصول أحد المهندسين المتخصصين في تمهيد الطرق الجبلية كان قادما من الولايات المتحدة ويعمل في نفس المجال, ولما جلس هذا المهندس إلي سيدنا عرض عليه إمكانية تنفيذ الطريق الجبلي الصاعد لأعلي. وبعد ثلاثة أسابيع عاد هذا المهندس بيده التصميم الخاص بالطريق الصاعد ومن هنا بدأ العمل في إنشاء الطريق الصاعد المتدرج والذي يبدأ من أسفل عند بدايات منازل قرية دير درنكة في المنتصف صعودا إلي الدير وتم رصفه فيما بعد. المعالم الأولي.. أوائل الستينيات وعنها قال محدثنا: بالطبع أبرزها كنيسة المنارة كانت قديمة وصغيرة وحوائطها مهدمة.. ومحل إقامة سيدنا كان مجاورا لها.. وفي مواجهتها كان باب المغارة وبالقرب من مدخله كانت تتكدس كمية من الأحجار الجبلية الضخمة حتي كادت تغلق المدخل وهذا استدعي تكسيرها وتوضيبها ولما اتشالت هذه الأحجار انكشفت واجهة أكبر مغارة جبلية مساحة والتي يرجع تاريخها إلي 2500 سنة ق.م وسمعنا من أجدادنا أنه لما ابتدأ العمل كانت المغارة مليئة بالأحجار لدرجة أن مدخلها كان يكفي بالكاد لوقوف شخص واحد وده يبين ضخامة العمل وصعوبته. وامتدت بالدير عمليات التوسيع. مقومات الحياة بالدير وفي لقاء مع الدكتور أمين ميخائيل خلة طبيب الرمد بمستشفي أسيوط العام حول بدايات حركة التعمير بالدير قال: لم يكن بالدير في بدايات التعمير مقومات الوجود لحياة الرهبانية أو التكريسية في بيئة ماكانش فيها نور ولا مياه.. الميه كانت تأتي للدير حتي عام 1964 عن طريق السقا ويصعد في طريق ترابي غير مأهول حاملا القرب أمر في غاية الصعوبة وكان لسيدنا نيافة أنبا ميخائيل تعبير مشهور في هذا الصدد بأن الدير اتبني (بقرب المياه) فكانت الجمال تصعد شايلة قرب المياه ولما تطلع فوق ومن تعبها تشرب نصف الكمية وده واقع فعلا ماكانش فيه مقومات الحياة المستقرة طوال العام وبشكل مريح.. فكان الوضع ده لا يناسب الرهبانية أو التكريس ولكنه يناسب عائلات تقيم فترة الصوم أو فترات وجيزة خلال العام.. بدأ ذلك بعائلات المقدسة ليزة وأختها المقدسة إيملي عائلة الزيات وأسرة الدكتور لويس فايق وأسرة المهندس كامل عبده وأسرة الأستاذ شفيق زخاري المحامي والقمص أيوب مسيحة. واستكمل بالقول: وأنا عاصرت بيت الأستاذ ألفونس جندي وأخيه الدكتور فاروق الميري وأسرة الأستاذة جمال عجيب وشكري عجيب فيما بعد.. ونحن لحقنا بهم. وكان الصعود للدير عملية شاقة تشبه تسلق الجبال وأعتقد أن الأسر دي كان ليها بشكل أو بآخر نوع من العلاقة والخدمة داخل الكنيسة وشوية شوية بدأ يكون فيه اشتياقات لدي الكثيرين من خارج هذه الأسر أنهم يقضوا بالدير وقتا للصلاة وطلب الهدوء والسكون خاصة في فترة صوم العذراء وعيدها. واستكمل: أذكر عند بداية سكن أسرتي بالدير حوالي 1964م كانت الخدمات مستقرة نوعا ما, فأعلي سطح كل غرفة للإقامة كان يوجد برميل ليصعد السقا بالسلم الخشبي ويملأه بالمياه التي تنزل إلي الحنفيات بداخل الغرف لغاية ما تم عمل أول صهريج والموجود حاليا أعلي المبني المقابل لكنيسة المنارة.. وده كان حدث كبير احتفلت الأسر بوصوله وكان المرحوم زاهر شنودة هو المسئول عن تشغيل هذا الصهريج, من أسفل بموتور بقرية دير درنكة.. فكان يقوم بالتشغيل حتي يمتلئ الصهريج الكبير ولما توسع الدير زادت عدد الصهاريج لتتناسب مع حركة التعمير والحياة اليومية للخدمة بالدير. أيضا كان هناك ماكينة للإنارة تابعة للدير بتشغيل فقط فترة صوم العذراء من غروب الشمس حتي منتصف الليل وفي آخر ثلاثة أيام كانت تستمر الإنارة حتي الصباح وطبعا لم يكن لدينا ثلاجات كهربائية, كنا فقط نستخدم ألواح الثلج ونأتي بها من المصنع بأسيوط وأذكر أنه كان لزاما للأسر بأنه لو أعلنت عن رغبتها في الإقامة بالدير بعد موسم الصوم أو أثناء الإجازات الرسمية الحصول علي إذن خاص من سيدنا, وفي المرحلة دي كان بترحيب من نيافته, لأنه إلي حد كبير كانت مكلفة بخدمات تؤديها للمكان وكنا نتشجع للذهاب معا لنقضي سهرات روحية جميلة.. ولو الليلة قمرية يزيد ذلك من روعة وجمال المكان. كما أذكر مشهد ليلة العيد 22 أغسطس حيث كان يذاع في منتصف الليل القداس مسجلا باللغة القبطية بصوت أبينا مرقس من مطاي ويمتد حتي السادسة صباحا ليبدأ قداس العيد بالدير وتستمر بعد ذلك إذاعة الترانيم والألحان حتي يرحل الزائرون.. وأذكر مشهد الآلاف من القري المجاورة للدير الذين كانوا يتسلقون الأحجار وصولا إلي المغارة ويفترشون الساحة وكانوا يحرصون علي الإقامة بأماكنهم الثلاثة أيام الأخيرة وبصحبتهم الذبائح والنذور إذ لم يكن للدير سور فتظل هذه الأغنام والمواشي بجوارهم حتي يقدموها قبل صلاة قداس عيد العذراء إلي لجنة النذور.. وعندما كنا ننظر علي مرمي البصر من أي مكان مرتفع لا يمكن أن نجد موضعا لقدم وبعد الموكب الاحتفالي يخلي الدير تماما خلال ساعات. ظواهر روحية لا تنسي وعن الظواهر الروحية المرتبطة بالموكب الاحتفالي قال: أواخر عام 1968, وفيما كنا سائرين في الموكب الذي كانت تتوسطه أيقونة العذراء مريم حاملة طفلها الإلهي وخلف الأيقونة سيدنا نيافة أنبا ميخائيل مطران أسيوط وبعض الكهنة والشمامسة والشباب وكنا متجهين في طوافنا تجاه كنيسة المنارة فجأة أبرقت هالة نورانية حول صليب المنارة وتوقف الموكب وحملقنا جميعا ونحن صامتون, ومنذ ذلك الوقت بدأ الموكب الاحتفالي يتوقف في نفس المكان يوميا بشكل متكرر ولدقائق سواء أثناء فترة صوم العذراء أو بعدها وأضاف: أتذكر أيضا الظواهر النورانية داخل المغارة ورأيت بنفسي انبلاج الأنوار عدة مرات وكان المتواجدون ينتظمون علي السهر أمام المغارة ويرددون التراتيل والمدائح وأصبح ذلك معروفا ومتواترا ومترقبا في أواخر عام 1968 وربط البعض ذلك بزيارات العذراء بكنيستها بالزيتون. |