Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

مدينة أبو مينا الأثرية .. دليل على ازدهار الحضارة القبطية

+ إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up

ايقونة نادرة تمثل السيد المسيح مع القديس مار مينا العجايبى
مرسومة على خشب الجميز
من القرن السابع الميلادى
تم العثور عليها عام 1901
معروضة بمتحف اللوفر - فرنسا  .. ابرام .......

 

مدينة أبو مينا الأثرية .. دليل على ازدهار الحضارة القبطية
الشروق 30/05/2010 ماجد الراهب
فى المنطقة الواقعة بين وادى النطرون وجنوب الإسكندرية، يقبع أحد المواقع الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمى باليونسكو المهددة بالاندثار منذ عام 1979. من ضمن سبع مناطق مصرية مسجلة على تلك القائمة.وتعتبر مدينة أبو مينا من الآثار القبطية المنفردة التى تعطى دلالة واضحة على نظم الحضارة القبطية ومدى التقدم والازدهار الذى وصلت إليه هذه الحضارة فى فترة تمتد من القرن الرابع حتى القرن التاسع الميلادى وقد سميت باسم مدينة بو مينا أى القديس مينا ثم تحولت إلى أبو مينا بعد الفتح العربى.أما القديس مينا الذى تنسب إليه المنطقة الذى يعد من أشهر الشهداء المصريين فقد ولد حوالى سنة 285م ببلدة نقيوس مركز منوف محافظة المنوفية.
كان والده أودكسيوس حاكما للمدينة، وكان جده بلونديونوس أيضا حاكما، وقد نال أودكسيوس شهرة عظيمة بسبب فضائله وتقواه، مات والده وهو فى الحادية عشرة من عمره، ثم والدته وهو فى الرابعة عشرة، بعد سنة من نياحة والدته.
عُيّن وهو فى الخامسة عشرة من عمره ضابطا فى الجيش فى فرقة أفريقيا القديمة. ونال مركزا مرموقا لمكانة والده ومات فى إحدى المعارك فى آسيا الصغرى، ووفقا للروايات المتداولة فقد وضع رفاقه جثمانه على جمل ومتاعه على جمل لذلك فهما عادة ما يصوران رابضين إلى جواره.
وظل الجملان سائرين حتى وقفا فى غرب الإسكندرية عند بحيرة مريوط حيث استقر جثمان القديس. وبعد أن استقر جثمان القديس هناك، سريعا ما ظهرت بركاته، فشفيت أغنام مريضة لراع يسكن هناك بعد أن شربت من البئر المجاورة لقبر القديس.
وسرعان ما شاع خبر هذه المعجزات، وكانت ابنة الإمبراطور زينون مريضة، فدلها الأطباء على مياه القديس مينا، وبعد أن شفيت أجل الإمبراطور القديس، ومن ثم بنى له ديرا وكنيسة هناك، وكانت مزارا للحجاج يتزودون منها بالماء الشافى، الذى بيع لهم فى أوان خاصة تعرف بقنينات القديس مينا.
وقد احتفلت مصر ‏بمرور‏ 17 ‏قرنا‏ ‏على‏ ‏استشهاد‏ ‏القديس‏ ‏العظيم‏ ‏مارمينا‏ ‏العجايبى، ‏الذى ‏تزامن‏ ‏مع‏ ‏الاحتفال‏ ‏باليوبيل‏ ‏الذهبى‏ ‏لتأسيس‏ ‏ديره‏ ‏العامر‏ ‏بمريوط‏.
وقد كان قبر القديس مينا النواة التى نشأت حولها هذه المدينة العظيمة، فبعد دفنه فى هذه المنطقة وذلك فى الفترة بين ( 312 ـ 315م) وبعد شيوع الحديث عن قوة معجزاته وذيوع صيته، بنى الشعب كنيسة صغيرة مربعة الشكل لها قبة مقامة على أربع أعمدة وكان ذلك فى الفترة بين (320 ـ 325 م) فى عهد الإمبراطور قسطنطين الكبير.
ونظرا لشهرة المنطقة وزيادة عدد الزائرين (الحجاج) إليها، أصبحت الكنيسة الصغيرة لا تلبى احتياجات زوار المنطقة، فطلبوا من البابا اثناسيوس البطريرك العشرين إقامة كنيسة أكبر فقام فى حوالى 363م ببناء كنيسة كبيرة فوق الكنيسة القديمة التى أصبحت هيكلا للكنيسة الثانية.
ويقال إن هناك نبع ماء قد انبثق بجوار مدفن القديس لتلبية احتياجات الحجاج، وفى عهد البابا ثاؤفيلس البطريرك الثالث والعشرين (385 ــ 412م) وسلفة البابا تيموثاوس (455 ــ 477م) أقيمت كنيسة شرق الكنيسة التى بناها الأنبا اثناسيوس وكانت من الفخامة والجمال حيث استخدم فى بناها المرمر والرخام والأحجار الكريمة والفسيفساء فوصفت بأنها أجمل كنيسة فى مصر، وكانت تعد تحفة من روائع الفن المسيحى.
كانت بحيرة مريوط طريقا ملاحيا للسفن وتتصل بالفرع الكانوبى للنيل بواسطة قناة تسمى قناة نواقراطس، وكان الزوار القاصدون كنيسة الشهيد مينا سواء القادمون من الإسكندرية أو من بلاد الدلتا، يصلون بالمراكب إلى الشاطئ الغربى لبحيرة مريوط، ثم يتوجهون برا إلى الكنيسة.
فى عهد أناسطاسيوس (491 ــ 518 م ) أدرك الحاكم فيلوكسينيتى الصعوبات التى تواجه الجموع الكثيرة فى الطريق الذى يخترق المنطقة الصحراوية ما بين البحيرة والكنيسة، فأنشا بجانب البحيرة منازل لضيافة الزوار واستراحات لاستقبال الجموع.
وفى وسطها سوق لشراء احتياجاتهم ومخازن متسعة لإيداع أمتعتهم فيها، وأطلق اسمه على هذه المنطقة وعلى طول الطريق من البحيرة للكنيسة أقام استراحات للمسافرين، مزودة بجرار بها ماء للشرب، وهكذا كبرت المدينة وعظمت جدا.
بازدياد عدد المرضى الوافدين للاستشفاء أقيمت فيها الحمامات الضخمة، وكانت تصل إليها المياه عن طريق قناة طويلة تغذى مجموعة كبيرة من الأحواض والحمامات، كما أعدت أفران كبيرة تحت الأرض لتدفئة هذه الحمامات، ونسق المكان بحيث يكفل راحة الزائرين الآتين من أقاصى الأرض يتلمسون البركة.
وشيدت كنيسة خاصة أيضا بجوارها من الجهة الشمالية وامتلأت المدينة بالمرافق الحية والأسواق والمصانع المتنوعة للزجاج والأوانى الخزفية.?وهكذا تحولت إلى مدينة عظيمة تملاها القصور الرخامية والحمامات الشافية وجميع المرافق التى تفى بحاجة زوار المدينة.
وتعود محاولات كشف هذه المدينة إلى جهود كثير من علماء الآثار ويعود الفضل فى تتبع أخبار هذه المدينة إلى الرحالة الذين كتبوا عنها مثل البكرى أحد الجغرافيين العرب، الذى زار المنطقة وشاهد بقايا المدينة القديمة عام 1086م.
والرحالة باخو وكان ذلك عام 1824م حين مر بالمصادفة بالمنطقة وهو فى طريقه من أبوصير إلى قصر القطاجى، جاء بعد ذلك الرحالة يونكرز. وفى 7 يوليو من عام 1905م توصل عالم الآثار الألمانى كارل كاوفمان 1872 ــ 1951 إلى اكتشاف المدينة الرخامية بمنطقة مريوط غرب الإسكندرية.
وكانت المصادفة وحدها هى التى قادت إلى هذا الكشف المهم، عندما ذهب كاوفمان للتنقيب فى المنطقة، وفى تلك الأثناء حضر أحد الصبية البدو ومعه آنية كاملة من أوانى القديس مينا ذات الشهرة العالمية وقدمها إلى كاوفمان وأخبره أنه وجدها فى أحد أفران الفخار القديمة بالقرب من المكان الذى ينقبون فيه، وأخيرا أرشدهم أحد البدو إلى مكان يدعونه «قلعة الخليفة».
وهو كوم من الحجارة المتراكمة، وفى الحقيقة لم تكن قلعة الخليفة هذه بعد البحث والتنقيب سوى مكان كنيسة البابا ثاؤفيلس الأثرية، كان هذا اليوم 7 يوليو 1905 بمثابة أسعد أيام حياة كاوفمان.
أما تفاصيل هذا الحدث فيسجله كاوفمان بنفسه فى كتابه النفيس عن مدينة مينا بمريوط فيقول: «بعد مسيرة 30 يوما على ظهر الإبل فى دروب الصحراء الغربية وصلت البعثة الاستكشافية من وادى النطرون مخترقة صحراء أولاد على، إلى مجمع آثار أبو مينا، عادوا بعدها إلى المعسكر وهم مجهدون، خائرو الهمة، معتقدون أنهم فشلوا فى بلوغ هدفهم، وأقاموا مدة يومين فى خيام يرفرف عليها العلمان المصرى والألمانى التى وضعتها الحكومة المصرية تحت تصرفهم.
فى هذه الأثناء قابلت البعثة العديد من الأطلال التى لم تمسسها يد قط فى كوم أبو مينا. وعندما سقط كاوفمان مريضا فى معسكر أبو مينا أهداه أحد أفراد قبيلة أولاد على شقفات عثر عليها أثناء تجواله لأول مرة فى منطقة الآثار. فاعتقد كاوفمان أن هذا يؤدى إلى احتمال اكتشاف آثار أبو مينا.
وقد تعزز هذا الاحتمال عندما أهداه الصبى القارورة وكان عليها كتابات يونانية ثم قاده إلى المكان الذى عثر عليها فيه وكان عبارة عن بقايا فرن لعمل الفخار، وهنا كان اكتشاف المنطقة الأثرية».
وهكذا نحن أمام كنز أثرى يجب الحفاظ عليه وتنميته سياحيا حتى يعود إلى ما كان عليه من ازدهار ويصبح مقصدا للسياح والزائرين فقد كانت هذه المنطقة ثانى منطقة يقصدها الحجاج المسيحيون بعد مدينة القدس.

This site was last updated 06/14/13