دخول القديس الدير للرهبنة .
بينما كان القديس يقرأ فى الفلسفة ظهر له القديس لاونديوس وقال له : ( حسبك هذه القراءة هلم إتبعنى لكى تتعمق فى دراسة قوانين الله التى كان يقرأها الآباء حتى أيام نياحتهم ، إنهض يا ساويرس أعد نفسك للعمل الجديد فى الكنيسة وأسلك فى الرهبنة لتعرف الجهاد بقوة وإحمل قوس الإيمان الذى به تطفىء سهام العدو وخذ خوذة الخلاص وسيف الروح الذى هو كلمة الله .. وانك سوف تمضى إلى أنطاكية وتصرخ كأسد زائر ويهرب من أمام وجهك الجموع المقاومة للإيمان ، وعليم بدراسة كتابات القديسين باسيليوس وأغريغوريوس ).
وقليلاً قليلاً رفعته النعمة الإلهية وقرر العزم على الرهبنة والذهاب إلى دير القديس لاونديوس بفلسطين سنة 488م ، كما إنضم إليه فى هذا الدير بعض أصدقائه وسرعان ما تقدم فى الحياة الروحية .
توحد القديس:
وبعد ان مكث زماناً في دير الشهيد لاونديس اشتاق الي التوغل في حياة البر والقداسة واختار طريق التوحد في الصحراء وكان القديس يتعب جسده بالصوم والسهر ودراسة الكتاب المقدس وبالعمل حتي مرض فمضي الي دير رومانوس وهناك اخبر بواب الدير الاباء وقال لهم ((بالباب فيلسوف يدعي ساويرس يريد ان يقيم معكم )) فلنا سمع رومانس اسم ساويرس حتي قام مسرعا وكل من معه وخرجوا للقائه وما ان وقع بصره عليه حتي ابتدره قائلاً (( افرح ياراعي الانفس ومدبر الاجساد انت دعامة للحق تقوي يا ساويرس الرب معك لقد اظهر لي الرب عملك وعلمك في هذه الليلة ومقدار كرامتك )).
رؤية رومانس عن القديس :
راي انه كان في صحراء لازرع فيها ولا حرث مملؤة شوكاً وحسكاً ثم راي امراة جميلة كانت دموعها تجري علي خديها وصدرها وكانت ثيابها مهلهلة وممزقة وهي حزينة باكية وبينما كان واقفاً كان اضطراب عظيم وسمع من يقول لرفيقه: ((هوذا ياتي ساويرس ليقتلع الشوك من هذه الارض ويقدس كرماً للرب)) وخاطبوا المراة قائلين ((لاتخافي ايتها المدينة انطاكية هوذا ساويرس رجل مستقيم وسيبني علي اساس المجامع المقدسة ))
وكان ساويرس حزيناً لما سمع هذا الكلام وقال لهم((ان كلامكم قد اقلقني لان الانسان يجب ان يحزن اذا اكرم اكثر مما يستحق والله عارف بذنوبي اني بائس اكثر من الكل )) فلما سمعوا كلام القديس المملؤة قبلوه بفرح واندمج الاب ساويرس في سلك الرهبنة وراي عمل الاخوة وفرح جداً وكان ينفرد للعبادة والصلاة ولم يكن عليه من السهل ان يمارس عمل الرهبان لانه كان رقيق الجسم وكانت حياة الرهبنة وقتئذ صعبة.
وكان ساويرس منهك القوي بسبب حياة الوحدة القاسية فنصحه رومانس رئيس الدير ان يخفف من نسكه ويهتم بجسده حتي يستطيع ان يمارس الفضائل.
رؤيا :
كان هناك راهب ناسك بينما هو واقف ليصلي راي رجلين يمشيان نحو ساويرس ويعلنان سر الامانة الارذثوكسية وكل كلمة قالاها كان ساويرس يقبلها باتضاع ويشكرهما فقال الراهب للملاك (( من هذان الرجلان)) فقال له باسيليوس الكبير واغريغوريس الناطق بالالهيات وهما يرشدان ساويرس الي قواعد الايمان المستقيم لانه سيكون حارساً للكنيسة ويرعي شعب عظيم في انطاكية وفي المسكونة كلها .
القديس يجاهد في حفظ الايمان المستقيم:
بعد ان تعبد القديس سنينا طويلة في الاديرة والصحاري وراي ماحدث من الانشقاقات والمحاربات الكثيرة للكنيسة من الهراطقة صمم ان يخرج من عزلته وينطلق من وحدته ليدافع عن الايمان المستقبم كما فعل القديس انطونيوس فبدا يقاوم الهرطقات بشدة ويرد علي كل منهم مقنعاً ومهدداً ومبيناًلهم عاقبة افعالهم الرديئة .
كتب رسائل كثيرة للرد علي المبتدعين ولما وصلت رسائله الي الملك احس الجميع انه الشخص الوحيد الذي يستطيع الوقوف امام هولاء المعاندين فارسلوا اليه ان يحضر الي القسطنطينية ليحاجج ولاسيما مقدونيوس الكافر الذي كان ينادي بان الذي صلب هو المسيح الانسان .
لما علم المقامون بقدوم ساويرس انطلقوا من اماكنهم وهربوا منها ولما حضر ساويرس اضطرب مقدونيوس جداً وتوقع انه سوف يحاججة ويظهر هرطقته وانكاره الايمان الصحيح ولم ينطق مقدونيوس ببنت شفه وكان يخشي صياح الجماهير الذي كانت تصرخ وتحي ساويرس البطل اما ساويرس اقناعه بالايمان المستقيم ولما رفض انعقد مجمع وقرورا قطع مقدونيوس ونفيه .
ففرح الشعب جداً وكان يصيح نعم حضورك ياساويرس يانور المسكونة الملح الذي لايفسد .
رسامته بطريركاً:
عاد القديس بعد جهاده في القسطنطينية الي وحدته وحدث ان بطريرك انطاكية وقع في بدعة وهرطقة فاضطروا ان يعولوه فاقر الجميع اساقفة ورهبان وعلمانيون بصوت (( ان ساويرس هو الذي يجلس علي الكرسي )) ووافق الامبراطور علي هذا الاختيار.
أوفدوا إلى القديس أناساً ... ولما علم القديس الأمر فكر فى الهروب وقال : " إنى لا أصلح لهذه الوظيفة العظيمة وكيف أستطيع أنا الصغير أن أجلس على كرسى أغناطيوس الكبير ".
ولكن أقنعه الرهبان وذكرةه بالنبوات التى قيلت عنه فخضع لهم ولما علم سكان المدينة بقدوم القديس خرج الجميع إلى الشوارع لأنهم يريدون أن يروه وكانوا يرتلون تراتيل الفرح ، ولدى وصوله ألقى عظة مليئة بالمعرفة اللاهوتية الرقيقة .
وعند رسامته كانت رائحة تفوح فى كل مكان ، فأيقنوا أن الملائكة شاركت أيضاً بإبتهاج حفل تكريسه سنة 512م.
وفى سنة 513م دعا إلى مجمع فى إنطاكية أدان فيه مجمع خلقيدونية ورسالة لاون ، وتبودلت الرسائل بينه وبين كرسى الأسكندرية و ( البابا يوحنا – البابا ديوسقورس ).
إضطهاد الإمبراطور يوستينوس:
بعد جلوسه على الكرسى حوالى 7 سنين توفى الإمبراطور إلتقى أنسطاسيوس وخلفه يوستينوس أحد قادة الحراس الإمبراطورى الذى بدأ سلسلة من الإضطهادات ، وأصدر أمرأ بالإعتراف بمجمع خلقيدومية وخير الأساقفة بين القول بالطبيعتين وبين الطرد ، فأقصى 32 منهم عن كراسيهم وأنزل بالأساقفة المقاومين العذاب الليم واتخذ إإجراءات قاسية لإكراه الرهبان على القول بالطبيعتين ، فطردوا من أديرتهم .
كانت الصلة وطيدة بين البطريرك الأنطاكي والبطريرك السكندري البابا تيموثاوس في القرن السادس بخصوص دفاعهما عن الإيمان المستقيم والتمسك بعبارة القديس كيرلس السكندري الخاصة بالطبيعة الواحدة للكلمة المتجسد وتمييزها عن الطبيعة الواحدة التي نادى بها أوطيخا منكر ناسوت المسيح.
أصر الاثنان على رفض مجمع خلقيدونية المنعقد في 451 م، وصار تقليد بين الكنيستين أن يخاطب البطريركان الأنطاكي والسكندري بما يقر الإيمان المستقيم وكانت الكنيستان تذكر اسم البطريرك الآخر بعد بطريركها في أوشية الآباء
مجىء القديس إلى مصر المرة الأولى :
شدد الامبرطوار الاضطهاد علي القديس ساويرس باعتباره الراس وناله ضيق شديد كان من اثره ان جاء الي مصر وعاش بمصر حوالي 20 عاماً وفي خلالها لم يهمل كنيسته في انطاكية فكان يدبرها بنوابه ورسائله ويكتب الكتب في الدفاع عن الايمان وفي خلالها امر القيصر في سلسلة اضطهادته ان يعقد مجمع بالقسطنطينة لاجبار الارثوذكس علي اعتناق المذهب الخلقدوني ووجه الدعوة بالذات الي الانبا تيموثاوس بطريرك الاسكندرية الذي رفض الحضور الي ساويرس الذي قبل الدعوة وظهر له ملاك الرب وشجعه بالذهاب والاعتراف بالايمان السليم فتوجه القديس الي القيصر ووبخه بشدة فرد القيصر (( هل انت ساويرس الذي تحتقر كنائس الله )) فقال له القديس (( لا بل انت الذي تركت الايمان الحقيقي )) فلاطفه الملك وذكره باسلافه الذين تعرضوا للنفي والتشديد ولكنه رفض بعناد بعد محاولات كثيرة ادت الي احتدام غضب القيصر عليه فامر بالقبض عليه وبقطع لسانه واشار ايضاً احد الضباط بان يامر بقطع رقبته ليكون سلام في الكنيسة ولما علمت الملكة ثيودوره المحبة للمسيح بذلك اوعزت الي القديس بالهرب فلم يقبل وقال انه مستعد ان يموت في سبيل الامانه المستقيمة ولكنه نزل عن رغبته طاعة لاحبائه وابنائه وهرب الي مصر سنة 536م للمرة الثانية اما الامبرطوار فلما طلبه ولم يجده ارسل خيلاً ورجالاً في طلبه ولكن اسدل الله حجاباً علي ابصارهم فلم يروه مع انه كان قريباً منهم وظل في ديار مصر حتي نهاية حياته وكان لشدة اتضاعه يجول متنكراً من مكان لاخر في شكل راهب بسيط .
وامتدد الاضطهاد لمصر ايضاً ولاقي البابا ثيؤدسيوس خليفة تيموثاوس الام النفي واغلقت الكنائس في الاسكندرية وبعد طرد القديس شغل منصبه 3 اساقفة خلقيدونين علي التوالي .
فضائله ومعجزاته :
حدث ان وشي بعض الاشرار به الي الملك يوستيانوس وقالوا له ان ساويرس هو المقاوم الكبير لمجمع خلقيدونيه فاغتاظ الملك وارسل ضابطاً من قبله يدعي روفوس ومعه ستين جندياً المدينة خرج الاب ساويرس من ناحية اخري فجد الضابط في البحث عنه حتي لقيه فكلمه الضابط مستهزئاً (( يا تلميذ الرب المجاهد)) وكان يحرك راسه بسخرية وتعاظم وعند ذلك هبت ريح عاصفة وشب حريق كبير احرق روفوس ومن معه ولم ينج سوي اربعة هربوا الي القديس وصاحوا يارجل الله نجنا ورجع الاب الي انطاكية وكف الملك عن طلبه.
اختفاء القربان وقت القداس:
دخل القديس احدي الكنائس في برية شيهيت ليصلي في زي راهب بسيط غريب وعند رفع القس القربان ووضعه علي المذبح وبعد الرسائل والانجيل صعد القس الي الهيكل ورفع الابروسفارين ليقدس القربان فلم يجده فبكي والتفت الي الحاضرين قائلاً لهم (( ايها الاخوة انني لم اجد القربان ولست اعلم ان كان من اجل خطيتي او خطيتكم فبكي الحاضرون ايضاً وللوقت ظهر ملاك واعلمه ان هذا ليس من اجل خطية احد انما رفع القربان من علي المذبح لان الاب البطريرك ساويرس حاضر القداس واشار الملاك اليه وكان في احدي زوايا الكنيسة فعرف القديس بالنعمة ولما اتي اليه القس امره البطريرك ان يكمل القداس بعد ان ادخلوه الهيكل بكرامه عظيمة فصعد الكاهن فوجد القربان فمجدوا الله جميعاً .
قصة اخري مثلها :
عندما وصل انبا ساويرس مصر عبر علي كنيسة العذراء وقف بالباب وكان الكاهن يقدس علي المذبح وفيم هويرشم الشعب بالصليب اذا الملائكة قدحجبوا الصنية والكاس من علي المذبح من قدامه فلما التفت يريد ان يكمل القداس لم ير الصينية فبكي كثيراً وبقي متحيراً فاتاه صوت قائلاً (( لاجل انك رشمت الصليب علي رئيس الاحباربطريرك انطاكية )) فقال ياسيدي ماعرفت انه حاضر فخرج اليه الكاهن وصنع له مطانيه وطلب اليه ان يدخل ويبارك ويقدس وبذلك زادت المحبة بين القبط والسريان.
نياحته:
في اليوم الرابع عشر من امشير رقد في الرب سنة 538م في بيت دوريثاس حاكم مدينة سخا .
فقام بتكفينه في اكفان ثمينة وحمله الي الدير الذي كان القديس ينزل فيه ويدعي دير الزجاج (مكانه الدخيلة حالياً) وهو غرب الاسكندريةويقال انه عند نقل جسد القديس الي دير الزجاج غرب الاسكندرية ساروا به قليلاً ولم يجدوا ماء يحملهم فاضطربوا ولكن الرب حفظ جسد القديس وسير المركب 6 اميال الي الساحل .
وقيل عنه ايضاً انه بعد نياحته انهم اعدوا له قبراً لم يكن مناسبا لطوله بل كان اقصر منه بكثير ولم يتحققوا من ذلك بل صرفوا صانع القبر الذي كان غريباً ولما حضروا لكي يضعوا جسد القديس لم يستطيعوا فوقفوا متحيرين وبعد ان فكروا وكان البعض يقترح ان يثنوا ركبه والبعض يرفض ويعتبروه شيئاً مكروهاً .
حينئذ كما لو كانت قوة الهية تدفعه ونزل القبر دون ان يكسروا اي عضو او يثني قليلاً فوضعوه باكرام جزيل .
تذكاراته:
تحتفل الكنيسة يوم 2بابة تذكار مجيئه الي مصر.
14 امشير تذكار نياحته .
10 كيهك تذكار نقل جسده الي دير الزجاج.
توجد كنيسة باسمه ضمن كنائس الحصن الاثري القديم بدير السريان ببرية شيهيت.