تعليق من الموقع : فيما يلى كل ما ورد عن صلاة المسلمين لكسوف الشمس فى باب أسمه " باب النداء لها وصفته " وهى معتقدات شعبية خرافية دخلت وأصبحت فى صميم عقيدة الدين الإسلامى
*****************************************************************************
(1) أبواب صلاة الكسوف
باب النداء لها وصفته
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=253&CID=73&SW=خسوف-القمر#SR1 صلاه خسوف القمر
عن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنه قال: (لما كسفت الشمس على عهد النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم نودي أن الصلاة جامعة فركع النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم ركعتين في سجدة ثم قام فركع ركعتين في سجدة ثم جلى عن الشمس قالت عائشة: ما ركعت ركوعًا قط ولا سجدت سجودًا قط كان أطول منه).
وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: (خسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فبعث مناديًا الصلاة جامعة فقام فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات).
وعن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها قالت: (خسفت الشمس في حياة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فخرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم إلى المسجد فقام فكبر وصف الناس وراءه فاقترأ قراءة طويلة ثم كبر فركع ركوعًا طويلًا هو أدنى من القراءة الأولى ثم رفع رأسه فقال: سمع اللَّه لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ثم كبر فركع ركوعًا هو أدنى من الركوع الأول ثم قال: سمع اللَّه لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم سجد ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك حتى استكمل أربع ركعات وأربع سجدات وانجلت الشمس قبل أن ينصرف ثم قام فخطب الناس فأثنى على اللَّه بما هو أهله ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه عز وجل لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة).
وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: (خسفت الشمس فصلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فقام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة ثم ركع ركوعًا طويلًا ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا اللَّه).
متفق على هذه الأحاديث.
قوله: (لما كسفت الشمس) الكسوف لغة التغير إلى سواد ومنه كسف في وجهه وكسفت الشمس اسودت وذهب شعاعها. قال في الفتح: والمشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر واختاره ثعلب وذكر الجوهري أنه أفصح وقيل يتعين ذلك. وحكى عياض عن بعضهم عكسه وغلطه لثبوته بالخاء في القمر في القرآن.
وقيل يقال بهما في كل منهما وبه جاءت الأحاديث. قال الحافظ: ولا شك أن مدلول الكسوف لغة غير مدلول الخسوف لأن الكسوف التغير إلى سواد والخسوف النقصان أو الذل قال: ولا يلزم من ذلك أنهما مترادفان. وقيل بالكاف في الابتداء وبالخاء في الانتهاء. وقيل بالكاف لذهاب جميع الضوء وبالخاء لبعضه. وقيل بالخاء لذهاب كل اللون وبالكاف لتغييره انتهى. وقد روي عن عروة أنه قال: لا تقولوا كسفت الشمس ولكن قولوا خسفت. قال في الفتح: وهذا موقوف صحيح رواه سعيد بن منصور عنه. وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عنه لكن الأحاديث الصحيحة المذكورة في الباب وغيرها ترد ذلك.
قوله: (ركعتين في سجدة) المراد بالسجدة هنا الركعة بتمامها وبالركعتين الركوعان وهو موافق لروايتي عائشة وابن عباس.
قوله: (قالت عائشة) الراوي لذلك عنها هو أبو سلمة ويحتمل أن يكون عبد اللَّه بن عمرو فيكون من رواية صحابي عن صحابية. قال في الفتح: ووهم من زعم أنه معلق فقد أخرجه مسلم وابن خزيمة وغيرهما من رواية أبي سلمة عن عبد اللَّه بن عمرو وفيه قول عائشة هذا.
قوله: (ما ركعت) الخ ذكر الركوع لمسلم والبخاري اقتصر على ذكر السجود وقد ثبت طول الركوع والسجود في الكسوف في أحاديث كثيرة. منها المذكورة في الباب. ومنها عن عبد اللَّه بن عمرو من وجه آخر عند النسائي. وعن أبي هريرة عنده. وعن أبي موسى عند الشيخين. وعن سمرة عند أبي داود والنسائي. وعن جابر وعن أسماء وسيأتيان وإلى مشروعية التطويل في الركوع والسجود في صلاة الكسوف كما يطول القيام ذهب أحمد وإسحاق والشافعي في أحد قوليه وبه جزم أهل العلم بالحديث من أصحابه واختاره ابن سريج .
قوله: (خسفت الشمس) بالخاء المعجمة وقد تقدم بيان معنى الخسوف.
قوله: (وصف الناس) برفع الناس أي اصطفوا يقال صف القوم إذا صاروا صفًا ويجوز النصب والفاعل ضمير يعود إلى النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم.
قوله: (وانجلت الشمس قبل أن ينصرف) فيه أن الانجلاء وقع قبل انصراف النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم من الصلاة.
قوله: (ثم قام فخطب الناس) فيه استحباب الخطبة بعد صلاة الكسوف وقال صاحب الهداية من الحنفية: ليس في الكسوف خطبة لأنه لم ينقل وتعقب بأن الأحاديث وردت بذلك وهي ذات كثرة كما قال الحافظ. والمشهور عند المالكية أنه لا خطبة في الكسوف مع أن مالكًا روى الحديث وفيه ذكر الخطبة وأجاب بعضهم بأنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لم يقصد لها الخطبة بخصوصها وإنما أراد أن يبين لهم الرد على من يعتقد أن الكسوف لموت بعض الناس وتعقب بما في الأحاديث الصحيحة من التصريح بها وحكاية شرائطها من الحمد والثناء وغير ذلك مما تضمنته الأحاديث فلم يقتصر على الإعلام بسبب الكسوف والأصل مشروعية الإتباع والخصائص لا تثبت إلا بدليل. وقد ذهب إلى عدم استحباب الخطبة في الكسوف مع مالك أبو حنيفة والعترة.
قوله: (لا ينخسفان) في رواية (يخسفان) بدون نون كما سيأتي في حديث ابن عباس.
قوله: (لموت أحد) إنما قال صلى اللَّه عليه وآله وسلم كذلك لأن ابنه إبراهيم مات فقال الناس إنما كسفت الشمس لموت إبراهيم. ولأحمد والنسائي وابن ماجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان من حديث النعمان بن بشير قال: (كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فخرج فزعًا يجر ثوبه حتى أتى المسجد فلم يزل يصلي حتى انجلت فلما انجلت قال: إن الناس يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء وليس كذلك) الحديث.
وفي هذا الحديث إبطال ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من تأثير الكواكب. قال الخطابي: كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغير الأرض من موت أو ضرر فأعلم النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أنه اعتقاد باطل وأن الشمس والقمر خلقان مسخران للَّه تعالى ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما.
قوله: (ولا لحياته) استشكلت هذه الزيادة لأن السياق إنما ورد في حق من ظن أن ذلك لموت إبراهيم ولم يذكروا الحياة. قال في الفتح: والجواب أن فائدة ذكر الحياة دفع توهم من يقول لا يلزم من نفي كونه سببًا للفقد أن لا يكون سببًا للإيجاد فعمم الشارع النفي لدفع هذا التوهم.
قوله: (فإذا رأيتموهما) أكثر الروايات بصيغة ضمير المؤنث والمراد رأيتم كسوف كل واحد في وقته لاستحالة اجتماعهما في وقت واحد.
قوله: (فافزعوا) بفتح الزاي أي التجؤوا أو توجهوا وفيه إشارة إلى المبادرة وأنه لا وقت لصلاة الكسوف معين لأن الصلاة علقت برؤية الشمس أو القمر وهي ممكنة في كل وقت وبهذا قال الشافعي ومن تبعه واستثنت الحنفية أوقات الكراهة وهو مشهور مذهب أحمد. وعن المالكية وقتها من وقت حل النافلة إلى الزوال. وفي رواية إلى صلاة العصر ورجح الأول بأن المقصود إيقاع هذه العبادة قبل الانجلاء وقد اتفقوا على أنها لا تقضى بعده فلو انحصرت في وقت لأمكن الانجلاء قبله فيفوت المقصود. قال في الفتح: ولم أقف على شيء من الطرق مع كثرتها أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلاها الأضحى لكن ذلك وقع اتفاقًا فلا يدل على منع ما عداه واتفقت الطرق على أنه بادر إليها انتهى.
قوله: (نحوًا من سورة البقرة) فيه أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أسر بالقراءة.
قوله: (وهو دون القيام الأول) فيه أن القيام الأول من الركعة الأولى أطول من القيام الثاني منها وكذا الركوع الأول والثاني منها لقوله وهو دون الركوع الأول. قال النووي: اتفقوا على أن القيام الثاني وركوعه فيهما أقصر من القيام الأول وركوعه فيهما.
قوله: (ثم سجد) أي سجدتين.
قوله: (ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول) فيه دليل لمن قال إن القيام الأول من الركعة الثانية يكون دون القيام الثاني من الركعة الأولى وقد قال ابن بطال: إنه لا خلاف أن الركعة الأولى بقيامها وركوعها تكون أطول من الركعة الثانية بقيامها وركوعها.
قوله: (ثم رفع فقام قيامًا طويلًا) الخ فيه أنه يشرع تطويل القيامين والركوعين في الركعة الآخرة وقد ورد تقدير القيام في الثانية بسورة آل عمران كما في سنن أبي داود وفيه أيضًا أن القيام الثاني دون الأول كما في الركعة الأولى وكذلك الركوع وقد تقدمت حكاية النووي للاتفاق على ذلك. والأحاديث المذكورة في الباب تدل على أن المشروع في صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان. وقد اختلف العلماء في صفتها بعد الاتفاق على أنها سنة غير واجبة كما حكاه النووي في شرح مسلم والمهدي في البحر وغيرهما فذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور إلى أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان وهي الصفة التي وردت بها الأحاديث الصحيحة المذكورة في الباب وغيرها وحكى في البحر عن العترة جميعًا أنها ركعتان في كل ركعة خمسة ركوعات واستدلوا له بحديث أُبيِّ بن كعب وسيأتي. وقال أبو حنيفة والثوري والنخعي: إنها ركعتان كسائر النوافل في كل ركعة ركوع واحد وحكاه النووي عن الكوفيين واستدلوا بحديث النعمان وسمرة الآتيين.
وقال حذيفة: في كل ركعة ثلاثة ركوعات واستدل بحديث جابر وابن عباس وعائشة وستأتي. قال النووي: وقد قال بكل نوع جماعة من الصحابة وحكى النووي عن ابن عبد البر أنه قال: أصح ما في الباب ركوعان وما خالف ذلك فمعلل أو ضعيف وكذا قال البيهقي ونقل صاحب الهدى عن الشافعي وأحمد والبخاري أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطًا من بعض الرواة لأن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض ويجمعها إن ذلك كان يوم موت إبراهيم وإذا اتحدت القصة تعين الأخذ بالراجح ولا شك أن أحاديث الركوعين أصح. قال في الفتح: وجمع بعضهم بين هذه الأحاديث بتعدد الواقعة وأن الكسوف وقع مرارًا فيكون كل من هذه الأوجه جائزًا وإلى ذلك ذهب إسحاق لكن لم يثبت عنده الزيادة على أربع ركوعات.
وقال ابن خزيمة وابن المنذر والخطابي وغيرهم من الشافعية: يجوز العمل بجميع ما ثبت من ذلك وهو من الاختلاف المباح وقواه النووي في شرح مسلم وبمثل ذلك قال الإمام يحيى. والحق إن صح تعدد الواقعة أن الأحاديث المشتملة على الزيادة الخارجة من مخرج صحيح يتعين الأخذ بها لعدم منافاتها للمريد وإن كانت الواقعة ليست إلا مرة واحدة فالمصير إلى الترجيح أمر لا بد منه وأحاديث الركوعين أرجح.
وعن أسماء رضي اللَّه عنها: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلى صلاة الكسوف فأقام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع ثم سجد فأطال السجود ثم قام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع فسجد فأطال السجود ثم رفع ثم سجد فأطال السجود ثم انصرف).
رواه أحمد والبخاري وأبو داود وابن ماجه. وعن جابر رضي اللَّه عنه قال: (كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فصلى بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال ثم ركع فأطال ثم سجد سجدتين ثم قام فصنع نحوًا من ذلك فكانت أربع ركعات وأربع سجدات) رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
ومن الأحاديث المصرحة بالركوعين حديث علي عند أحمد وحديث أبي هريرة عند النسائي وحديث ابن عمر عند البزار وحديث أم سفيان عند الطبراني.
قوله: (ثم رفع ثم سجد) لم يذكر فيه تطويل الرفع الذي يتعقبه السجود ولا في غيره من الأحاديث المتقدمة. ووقع عند مسلم من حديث جابر بلفظ: (ثم رفع فأطال ثم سجد) قال النووي: هي رواية شاذة وتعقب بما رواه النسائي وابن خزيمة وغيرهما من حديث عبد اللَّه بن عمر وفيه: (ثم ركع فأطال حتى قيل لا يرفع ثم رفع فأطال حتى قيل لا يسجد ثم سجد فأطال حتى قيل لا يرفع ثم رفع فجلس فأطال الجلوس حتى قيل لا يسجد ثم سجد) وصحح الحديث الحافظ قال: لم أقف في شيء من الطرق على تطويل الجلوس بين السجدتين إلا في هذا.
وقد نقل الغزالي الاتفاق على ترك إطالته فإن أراد الاتفاق المذهبي فلا كلام وإلا فهو محجوج بهذه الرواية والكلام على ألفاظ الحديثين قد سبق وهما من حجج القائلين بأن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان.
باب من أجاز في كل ركعة ثلاث ركوعات وأربعة وخمسة
عن جابر رضي اللَّه عنه قال: (كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فصلى ست ركعات بأربع سجدات).
رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: (عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أنه صلى في كسوف فقرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم سجد والأخرى مثلها)
رواه الترمذي وصححه.
وعن عائشة رضي اللَّه عنها: (أن نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلى ست ركعات وأربع سجدات)
رواه أحمد والنسائي.
حديث جابر أخرجه أيضًا البيهقي وقال عن الشافعي: إنه غلط وهذه الدعوى يردها ثبوته في الصحيح فإنه رواه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن ابن نمير عن عبد الملك عن عطاء عن جابر عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم.
وحديث ابن عباس رواه الترمذي عن محمد بن بشار عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن حبيب ابن أبي ثابت عن طاوس عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم. وقد علل الحديث بأن حبيبًا لم يسمع من طاوس قال البيهقي: حبيب وإن كان ثقة فإنه كان يدلس ولم يبين سماعه من طاوس.
وحديث عائشة هو أيضًا في صحيح مسلم بهذا اللفظ الذي ذكره المصنف. ولعائشة أيضًا حديث آخر في صحيح مسلم ولفظه: (أن الشمس انكسفت على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فقام قيامًا شديدًا يقوم قائمًا ثم يركع ثم يقوم ثم يركع ثم يقوم ثم يركع ركعتين في ثلاث ركعات وأربع سجدات وانصرف وقد تجلت الشمس وكان إذا ركع قال اللَّه أكبر ثم يركع وإذا رفع رأسه قال سمع اللَّه لمن حمده فقام فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر) الحديث.
وهذه الأحاديث الصحيحة ترد ما تقدم عن ابن عبد البر والبيهقي من أن ما خالف أحاديث الركوعين معلل أو ضعيف وما تقدم عن الشافعي وأحمد والبخاري من عدهم لما خالف أحاديث الركوعين غلطًا وقد استدل بأحاديث الباب على أن المشروع في صلاة الكسوف في كل ركعة ثلاثة ركوعات وقد تقدم الخلاف في ذلك.
قوله: (ست ركعات وأربع سجدات) أي صلى ركعتين في كل ركعة ثلاثة ركوعات وسجدتان.
وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلى في كسوف قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع والأخرى مثلها) وفي لفظ: (صلى ثماني ركعات في أربع سجدات).
روى ذلك أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود.
الحديث مع كونه في صحيح مسلم ومع تصحيح الترمذي له قد قال ابن حبان في صحيحه: إنه ليس بصحيح قال: لأنه من رواية حبيب بن أبي ثابت عن طاوس ولم يسمعه حبيب من طاوس وحبيب معروف بالتدليس كما تقدم ولم يصرح بالسماع من طاوس وقد خالفه سليمان الأحول فوقفه وروى عن حذيفة نحوه قاله البيهقي.
قوله: (ثماني ركعات) الخ أي ركع ثماني مرات كل أربع في ركعة وسجد في كل ركعة سجدتين. (والحديث يدل) على أن من جملة صفات صلاة الكسوف ركعتين في كل ركعة أربعة ركوعات).
وعن أُبيِّ بن كعب رضي اللَّه عنه قال: (كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فصلى بهم فقرأ بسورة من الطول وركع خمس ركعات وسجدتين ثم قام إلى الثانية فقرأ بسورة من الطول وركع خمس ركعات وسجدتين ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها).
رواه أبو داود وعبد اللَّه بن أحمد في المسند. وقد روي بأسانيد حسان من حديث سمرة والنعمان بن بشير وعبد اللَّه بن عمرو أنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلاها ركعتين كل ركعة بركوع.
وفي حديث قبيصة الهلالي عنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: (إذا رأيتم ذلك فصلوها كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة). والأحاديث بذلك كله لأحمد والنسائي. والأحاديث المتقدمة بتكرار الركوع أصح وأشهر.
أما حديث أُبيِّ بن كعب فأخرجه أيضًا الحاكم والبيهقي وقال: هذا سند لم يحتج الشيخان بمثله وهذا توهين منه للحديث بأن سنده مما لا يصلح للاحتجاج به عند الشيخين لا أنه تقوية للحديث وتعظيم لشأنه كما فهمه بعض المتأخرين وروي عن ابن السكن تصحيح هذا الحديث وقال الحاكم: رواته صادقون.
وفي إسناده أبو جعفر عيسى بن عبد اللَّه بن ماهان الرازي. قال الفلاس: سيئ الحفظ. وقال ابن المديني: يخلط عن المغيرة. وقال ابن معين: ثقة.
وفي الباب عن علي عليه السلام عند البزار وهو معلول كما قال في الفتح وقد احتج بهذا الحديث القائلون بأن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة خمسة ركوعات وقد تقدم ذكرهم.
وأما حديث سمرة فأخرجه أيضًا مسلم وفيه: (قرأ بسورتين وصلى ركعتين).
وأما حديث النعمان بن بشير فأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وصححه ابن عبد البر وهو عند بعض هؤلاء باللفظ الذي ذكره المصنف عن قبيصة وأعله ابن أبي حاتم بالانقطاع.
وأما حديث ابن عمرو فأخرجه أيضًا أبو داود والترمذي ورجاله ثقات.
وأما حديث قبيصة فأخرجه أبو داود والنسائي والحاكم باللفظ الذي ذكره المصنف وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح.
وفي الباب عن أبي بكرة عند النسائي: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلى ركعتين مثل صلاتكم هذه) وقد احتج بهذه الأحاديث القائلون بأن صلاة الكسوف ركعتان بركوع واحد كسائر الصلوات وقد تقدم ذكرهم وقد رجحت أدلة هذا المذهب باشتمالها على القول كما في حديث قبيصة والقول أرجح من الفعل وأشار المصنف إلى ترجيح الأحاديث التي فيها تكرار الركوع ولا شك أنها أرجح من وجوه كثيرة منها كثرة طرقها وكونها في الصحيحين واشتمالها على الزيادة.
باب الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف
عن عائشة رضي اللَّه عنها: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم جهر في صلاة الخسوف بقراءته فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات).
أخرجاه. وفي لفظ: (صلى صلاة الكسوف فجهر بالقراءة فيها) رواه الترمذي وصححه. وفي لفظ: (قال: خسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فأتى المصلى فكبر فكبر الناس ثم قرأ فجهر بالقراءة وأطال القيام) وذكر الحديث رواه أحمد.
وعن سمرة رضي اللَّه عنه قال: (صلى بنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم في كسوف ركعتين لا نسمع له فيها صوتًا).
رواه الخمسة وصححه الترمذي وهذا يحتمل أنه لم يسمعه لبعده لأن في رواية مبسوطة له: (أتينا والمسجد قد امتلأ).
حديث عائشة أخرجه أيضًا ابن حبان والحاكم والرواية التي أخرجها أحمد أخرجها أيضًا أبو داود الطيالسي في مسنده وأخرج نحوها ابن حبان. وحديث سمرة صححه أيضًا ابن حبان والحاكم وأعله ابن حزم بجهالة ثعلبة بن عباد راويه عن سمرة وقد قال ابن المديني: إنه مجهول وذكره ابن حبان في الثقات مع أنه لا راوي له إلا الأسود بن قيس كذا قال الحافظ.
وفي الباب عن ابن عباس عند الشافعي وأبي يعلى والبيهقي قال: (كنت إلى جنب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم في صلاة الكسوف فما سمعت منه حرفًا من القرآن) وفي إسناده ابن لهيعة.
وللطبراني نحوه من وجه آخر وقد وصله البيهقي من ثلاث طرق أسانيدها واهية. ولابن عباس حديث آخر متفق عليه: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة) وقد تقدم وهو يدل على أنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لم يجهر.
قال البخاري: حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة ورجح الشافعي رواية سمرة بأنها موافقة لرواية ابن عباس المتقدمة ولروايته الأخرى والزهري قد انفرد بالجهر وهو وإن كان حافظًا فالعدد أولى بالحفظ من واحد قاله البيهقي. قال الحافظ: وفيه نظر لأنه مثبت وروايته مقامة وجمع بين حديث سمرة وعائشة بأن سمرة كان في أخريات الناس فلهذا لم يسمع صوته ولكن قول ابن عباس كنت إلى جنبه يدفع ذلك. وجمع النووي بأن رواية الجهر في القمر ورواية الإسرار في كسوف الشمس وهو مردود بالرواية التي ذكرها المصنف في حديث عائشة منسوبة إلى أحمد وبما أخرجه ابن حبان من حديثها بلفظ: (كسفت الشمس) والصواب أن يقال إن كانت صلاة الكسوف لم تقع منه صلى اللَّه عليه وآله وسلم إلا مرة واحدة كما نص على ذلك جماعة من الحفاظ فالمصير إلى الترجيح متعين وحديث عائشة أرجح لكونه في الصحيحين ولكونه متضمنًا للزيادة ولكونه مثبتًا ولكونه معتضدًا بما أخرجه ابن خزيمة وغيره عن علي مرفوعًا من إثبات الجهر وإن صح أن صلاة الكسوف وقعت أكثر من مرة كما ذهب إليه البعض فالمتعين الجمع بين الأحاديث بتعدد الواقعة فلا معارضة بينها إلا أن الجهر أولى من الإسرار لأنه زيادة وقد ذهب إلى ذلك أحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهما من محدثي الشافعية وبه قال صاحبا أبي حنيفة وابن العربي من المالكية. وحكى النووي عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة والليث بن سعد وجمهور الفقهاء أنه يسر في كسوف الشمس ويجهر في خسوف القمر وإلى مثل ذلك ذهب الإمام يحيى. وقال الطبري: يخير بين الجهر والإسرار. وإلى مثل ذلك ذهب الهادي ورواه في البحر عن مالك وهو خلاف ما حكاه غيره عنه.
واعلم أنه لم يرد تعيين ما قرأ به صلى اللَّه عليه وآله وسلم إلا في حديث لعائشة أخرجه الدارقطني والبيهقي أنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قرأ في الأولى بالعنكبوت وفي الثانية بالروم أو لقمان وقد ثبت الفصل بالقراءة بين كل ركوعين كما تقدم من حديث عائشة المتفق عليه فيتخير المصلي من القرآن ما شاء ولا بد من القراءة بالفاتحة في كل ركعة لما تقدم من الأدلة الدالة على أنها لا تصح ركعة بدون فاتحة. قال النووي: واتفق العلماء على أنه يقرأ الفاتحة في القيام الأول من كل ركعة واختلفوا في القيام الثاني فمذهبنا ومذهب مالك وجمهور أصحابه أنها لا تصح الصلاة إلا بقراءتها فيه. وقال محمد بن مسلمة من المالكية لا تتعين الفاتحة في القيام الثاني انتهى.
وينبغي الاستكثار من الدعاء لورود الأمر به في الأحاديث الصحيحة كما في حديث ابن عباس المتقدم وغيره.
باب الصلاة لخسوف القمر في جماعة مكررة الركوع
عن محمود بن لبيد رضي اللَّه عنه: (عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما كذلك فافزعوا إلى المساجد).
رواه أحمد.
وعن الحسن البصري رضي اللَّه عنه قال: (خسف القمر وابن عباس أمير على البصرة فخرج فصلى بنا ركعتين في كل ركعة ركعتين ثم ركب وقال إنما صليت كما رأيت النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يصلي).
رواه الشافعي في مسنده.
حديث محمود بن لبيد أصله في الصحيحين بدون قوله: (فافزعوا إلى المساجد) وقد أخرج هذه الزيادة أيضًا الحاكم وابن حبان.
وحديث ابن عباس أخرجه الشافعي كما ذكر المصنف عن شيخه إبراهيم بن محمد وهو ضعيف ولا يحتج بمثله. وقول الحسن صلى بنا لا يصح قال الحسن لم يكن بالبصرة كما كان ابن عباس بها. وقيل إن هذا من تدليساته وإن المراد من قوله صلى بنا أي صلى بأهل البصرة.
والحديثان يدلان على مشروعية التجميع في خسوف القمر أما الأول فلقوله فيه: (فإذا رأيتموهما كذلك) الخ ولكنه لم يصرح بصلاة الجماعة.
وأما الحديث الثاني فلقول ابن عباس بعد أن صلى بهم جماعة في خسوف القمر: (إنما صليت كما رأيت النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يصلي) ولكنه يحتمل أن يكون المشبه بصلاة النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم هو صفتها من الاقتصار في كل ركعة على ركوعين ونحو ذلك لا أنها مفعولة في خصوص ذلك الوقت الذي فعلها فيه لما تقدم من اتحاد القصة وأنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة عند موت ولده إبراهيم نعم أخرج الدارقطني من حديث عائشة: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات).
وأخرج أيضًا عن ابن عباس: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلى في كسوف القمر ثماني ركعات في أربع سجدات) وذكر القمر في الأول مستغرب كما قال الحافظ والثاني في إسناده نظر لأنه من طريق حبيب عن طاوس ولم يسمع منه. وقد أخرجه مسلم بدون ذكر القمر وإنما اقتصر المصنف في التبويب على ذكر القمر لأن التجميع في كسوف الشمس معلوم من فعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كما ثبت في الأحاديث الصحيحة المتقدمة وغيرها.
وقد ذهب مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء إلى أن صلاة الكسوف والخسوف تسن الجماعة فيها. وقال أبو يوسف ومحمد: بل الجماعة شرط فيهما. وقال الإمام يحيى: إنها شرط في الكسوف فقط. وقال العراقيون: إن صلاة الكسوف والخسوف فرادى. وحكى في البحر عن أبي حنيفة ومالك أن الانفراد شرط. وحكى النووي في شرح مسلم عن مالك أنه يقول بأن الجماعة تسن في الكسوف والخسوف كما تقدم. وحكى في البحر عن العترة أنه يصح الأمران.
احتج الأولون بالأحاديث الصحيحة المتقدمة وليس لمن ذهب إلى أن الانفراد شرط أو أنه أولى من التجميع دليل وأما من جوز الأمرين فقال لم يرد ما يقتضي اشتراط التجميع لأن فعله صلى اللَّه عليه وآله وسلم لا يدل على الوجوب فضلًا عن الشرطية وهو صحيح ولكنه لا ينفي أولوية التجمي