Home Up زيارة البابا للأقصر وأسنا | | جريدة وطنى بتاريخ 29/6/2008م السنة 50 العدد 2427 عن خبر بعنوان [ إيبارشية الأقصر ] القمص روفائيل سامي
اعتاد البعض أن ينظر إلي الأقصر كتاريخ فرعوني ممثل في الآثار والمعلومات التاريخية التي تصف لنا مصر الفرعونية وكفي, ولكن في الحقيقة حينما نتابع تاريخ هذه المدينة العريقة فنجد أنها كانت من أهم المدن والإيبارشيات التي سطرت للمسيحية منظومة من أجمل العازفين الذين عزفوا علي أوتار تاريخ مصر المسيحية في إيمانها بالإله الواحد والتعبير عن هذا الإيمان بالطرق المختلفة وفي طقوسها التي ربطت بين الجذور المصرية القديمة والحياة المسيحية التي أنارت الطريق للآباء نحو حياة أفضل فالأقصر مدينة تجمع بين الماضي العريق والحاضر الجميل والمستقبل الأفضل بعد تطويرها وانفتاحها علي العالم أجمع فقالوا عنها إنها مدينة لا يخلو فيها مكان من أثر ينطق بعظمتها. الأقصر جاء عنها في الكتاب المقدس في سفر حزقيال وأخرب فتروس وأضرم نارا في صوعن وأجري أحكاما في نو. وأسكب غضبي علي سين حصن مصر وأستأصل جمهور نو. وأضرم نارا في مصر سين تتوجع توجعا ونو تكون للتمزيق ولنوف ضيقات كل يوم (حز 30: 14-16) إنها تدعي نو أي المدينة ونو آمون أي مدينة آمون وقيل عنها أيضا نوامون الجالسة بين الأنهار حولها المياه التي هي حصن البحر ومن البحر سورها (نا 3: 8) وأطلق عليها البعض في العصور الحديثة لقب باريس الصعيد فهي تقع علي الضفة الشرقية لنهر النيل وعلي مسافة 671كم جنوبا من القاهرة فهي مدينة عريقة يحترمها كل العالم لما تحويه من معالم وآثار تظهر عظمة الإنسان المصري القديم وعراقته وفنون الهندسة المعمارية التي أتقنها وانفرد بها واستخدمها في طقوسه وعبادته, كما نري في معابدها المنتشرة في كل مكان فهي من أقدم المدن المصرية التي تحتوي علي ثلث آثار العالم. أطلق عليها الإغريق اسم طيبة والرومان دواكاسترون والعرب الأقصر وكتب عنها محمد رمزي في قاموسه الجغرافي قائلا إن مركز الأقصر أنشئ في عام 1896م وأصبحت الأقصر قاعدة له. وذكرها جوتييه في قاموسه.. إن اسمها المدني طيبة وتشمل الأقصر والكرنك وكانت قاعدة القسم الرابع بالوجه القبلي وأملينو قال عنها في جغرافيته إن اسمها القبطي pape ويقال لها aqsorein أي الأقصرين.. واسمها الحالي الأقصر وهي كلمة عربية معناها القصور وهي تشمل معابد الأقصر والكرنك. كما قيل عنها أيضا في الخطط التوفيقية إن من أسمائها طيبة أو طيوة واسمها علي لسان العامة لقصر وقال ويجل إن طيبة مركبة من مقطعين: تا ومعناها آل تضاف إلي الاسم المؤنث وأبي ومعناها مدخل أو باب ومن هنا يكون معني طيبة الباب وكانت تطلق علي القسم الغربي المعروف الآن ببيبان الملوك أو طيبة الأموات وأما الجهة الشرقية وهي الأقصر فقد كان اسمها واس أو طيبة الأحياء (القاموس الجغرافي ص162). جاء اسم الأقصر مقترنا بأحد الأساقفة الذين حضروا مجمع أفسس عام 431م ودافعوا ضد بدعة آريوس وكان له فكر كتابي من ناحية زواج الكهنة وموقف متشدد في محاكمة البابا أثناسيوس مما يدل أنها كانت أسقفية قديمة لذلك جاء عنها في المعجم الذي وضعه ابن كبر الذي تنيح عام 1324م في جدول الكراسي الأسقفية كما ورد عنها في تاريخ البطاركة كما جاء عنها في كتابات المؤرخين القدامي أمثال ابن مماتي وأبوالمكارم وياقوت الحموي وابن دقماق والمقريزي وابن الجيعان وغيرهم. جمعت الأقصر بين التاريخ الفرعوني القديم والتاريخ المسيحي الذي ترك بصماته في معابدها وفي نفوس شعبها الذي يملك روحا ملائكية تتمتع بالقلب الطيب والتاريخ الناصع. يبلغ عدد سكان الأقصر 376022 نسمة حتي عام 1999م وتشمل البلاد الآتية مدينة البياضية القبلي - قامولا - الأقالتة - الضبعية - العديسات - الطود - البغدادي - الزينية - العشي والمساحة الإجمالية 416كم مربع بما فيها الظهير الصحراوي. كرسي الأقصر يؤكد لنا البابا أثناسيوس الرسولي في رسالته الفصحية لعام 339م أنه كان يوجد كرسي أسقفي لمدينة الأقصر منذ بداية القرن الرابع الميلادي كما يؤكد لنا التاريخ استمرارية هذا الكرسي حتي منتصف القرن الثالث عشر كما يؤكد ذلك أبوالمكارم الذي كتب عن كرسي الأقصر أنه ضمن كراسي قنا. أشهر أساقفة الأقصر طيبة كان للأقصر شهرة أسقفية تمتع كل من اعتلي كرسيها بسيرة حسنة وشجاعة إيمانية وقفوا مجاهدين مع الكنيسة محتملين كل صنوف العذاب من أجل الإيمان الأرثوذكسي القويم فمنهم: الأنبا بفنوتيوس أسقف طيبة في الفترة ما بين عام 303 - 335. كان من الأساقفة الذين حضروا مجمع نيقية 325م وكان يدعي بفنوتيوس المصري الذي فقد عينه اليمني من أجل الاعتراف بالمسيح في أيام الاضطهاد كما حضر مجمع صور عام 335م. والأنبا فيلو (356م) والأنبا هرون أسقف طيبة 363م والأنبا بينتوميس القرن الرابع والأنبا أنيسيوس في عام 431م الذي كان واحدا من الأساقفة الذين حضروا مجمع أفسس الثالث عام 431م مع البابا كيرلس الأول الرابع والعشرين والأنبا بتروس أسقف طيبة في القرن السادس والأنبا أنطونيوس أسقف طيبة في بداية القرن السابع والأنبا بسامون والأنبا خريستودولوس والأنبا سين والأنبا نيقوديموس 986 - 995م والأنبا مرقورة (عام 1086م) كان آخر أساقفة الأقصر المعاصرين نيافة الأنبا أمونيوس الذي ترك الإيبارشية وذهب إلي ديره.. كما كان من شهداء إيبارشية الأقصر أغاتا وبطرس ويوحنا وآمون وآمونا ورفقة أمهم الذين جاء عنهم في سنكسار الكنيسة القبطية تحت يوم 7 توت وقال إن هؤلاء من قمولا وأيضا الشهيدة العذراء دالدسينا في 17 هاتور والقديسان أنبا سفرونيوس وأنبا شاناظوم تحت يوم 20 من هاتور وكانت لهؤلاء كنيسة في الجزء الشمالي الشرقي لمعبد الأقصر. أشهر الأماكن والمزارات المسيحية في الأقصر 1- الكنيسة التي في معبد ميدامود علي مسافة 12كم شمال الأقصر علي النيل من الناحية الشرقية تقع وسط قرية الميدامود وترجع إلي القرن الرابع والخامس الميلادي باقي من آثارها الآن أجزاء من الأعمدة. 2- دير الشايب ويبعد مسافة 10كم في الاتجاه الشمالي الشرقي علي طريق مطار الأقصر يحيط به سور أثري فيه حديقة وبه ستة هياكل يرجع تاريخه إلي القرن السابع عشر وهو مبني علي آثار دير أقدم منه عهدا. 3- صالة الملك تحتمس التي تقع في نهاية معبد الكرنك من جهة الشرق استخدمت ككنيسة قديما ويلاحظ هذا من وجود رسومات لستة من القديسين علي الأعمدة. 4- توجد آثار كنيسة علي شمال الداخل إلي معبد الأقصر يرجع تاريخها إلي القرن السادس الميلادي وكنيسة ثانية وأخري ثالثة ما بين المعبد والكورنيش كما يوجد كنيسة أخري أسفل جامع أبوالحجاج تظهر بوضوح معالمها من داخل المعبد. 5- في وادي الملوك توجد عند الدخول لمقبرة رمسيس الرابع رسومات للأنبا أنطونيوس والأنبا أمونيوس الشهيد أسقف إسنا وكتابات قبطية كما توجد رسومات كثيرة وكتابات لكثير من الآباء الشهداء والقديسين. 6- الدير البحري ويوجد بالقرب منه دير المدينة ودير إبيفانيوس. 7- كنيسة يرجع تاريخها إلي القرن السابع توجد أطلالها في معبد هابوا في البر الغربي للأقصر. 8- دير المحارب خلف معبد هابو بمسافة 1كم في الغرب يتكون من مبني كنيسة قديم وبعض القلالي وأضيف إليه جزء مستحدث يرجع إلي القرن 15م. 9- دير المدينة علي مسافة 1كم شمال مدينة هابو علي اسم الأنبا إيسيذورس. 10- دير الرومي غرب الأقصر في أعلي الجبل. 11- دير أبوفام فيبامون غرب الأقصر في غرب وادي الملكات بمسافة 8كم ويرجع إلي القرن الرابع. 12- دير إبيفانيوس ودير كبريانوس في غرب الأقصر. 13- كنيسة في الناحية البحرية الشرقية لمعبد طود. 14- دير القديسين الأنبا بشاي والأنبا بطرس شرق قرية طود هذا بخلاف أديرة أرمنت التي أشهرها دير مارجرجس الرزيقات. 15- ويوجد داخل مدينة الأقصر مزار يستقبل أعدادا غفيرة من المسيحيين للقديس ونس الموجود بمدرسة الأقباط بالأقصر. الأقصر حديثا: شهدت إيبارشية الأقصر في عهد قداسة البابا شنودة الثالث نهضة روحية ومعمارية وثقافية لا مثيل لها حيث تمت توسعات لكنائسها وتدشين لأكبر كاتدرائية بها قام قداسة البابا شنودة الثالث بتدشينها ومعه عدد كبير من الآباء الأساقفة كما حرص قداسته علي إقامة كلية إكليريكية بالأقصر للدراسات اللاهوتية وفي ظل غياب أسقفها نيافة الأنبا أمونيوس الذي ذهب إلي ديره بوادي النطرون ليتفرغ للوحدة قام قداسة البابا بتعيين لجنة باباوية من قبل قداسته لرعاية الإيبارشية لتتواكب مع متطلبات العصر. كلمة من الصميم: عزيزي كنت معك في رحلة سريعة لتاريخ إيبارشية الأقصر قديما وأهم آثارها التي نطالب أن يكون لها مكان علي الخريطة السياحية الجديدة لمدينة الأقصر من حيث الإعلام وتنشيط السياحة والثقافة ودورها في الوعي الأثري لما تحتفظ به الأقصر من آثار مسيحية عريقة يجب الاهتمام بها إعلاميا وسياحيا. المصادر: الكتاب المقدس - سنكسار الكنيسة القبطية - القاموس الجغرافي - الكنائس والأديرة القديمة من الجيزة إلي أسوان - تاريخ المسيحية والرهبنة وآثارهما في إبروشيتي نقادة وقوص وإسنا والأقصر وأرمنت - المرشد السياحي لمنطقة الأقصر وإسنا وأرمنت. |