Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

زواج الأميرة فتحية من القبطى غالى

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس  هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up

الصورة الجانبية : الأميرة فتحية مع القببطى غالى والملكة نازلى

تعليق من الموقع : فيما يلى تصورات لأحداث إعتناق الأميرة فتحية المسيحية وبعض من أعضاء الأسرة المالكة للمسيحية هذه التصورات هى نسج الحقيقة بالخيال ولكن نريد لفت نظر القارئ أنه فى حادثة إطلاق النار على الأميرة فتحية وتصويره على أن غالى هو الذى أطلق النار عليها ثم أنتحر أن مسرح الجريمة كان يوجد به علامة الكف بالدم وهذا علامة إسلامية تجدها على المساجد فى القرى فهم  يغمسون كفوفهم فى دم الذبيحة الحيوانية ثم يطبعون كفوفهم بعد غمسها بالدم على حوائط المساجد ولكن فيما يبدوا أن الذبيحة فى هذه المرة كانت ذبيحة بشرية هى الأميرة فتحية قدمت إلى الله إلاه الإسلام .

وفيما يبدوا أن جميع الذين كانوا حول الأميرة يعرفون أن الأميرة عرفوا أنها ماتت مسيحية وصلى علي جثمانها فى كنيسة مسيحية ودفنت فى مقابر المسيحيين وذهبوا لجنازتها فى كنيسة مسيحة .  

http://www.youtube.com/watch?v=82C7KLSPhJU  لقطات اخباريه انجليزيه عن زواج الاميره ،فتحيه اصغر اخوات الملك فاروق ، في سان فرانسيسكو من رياض غالي عام ١٩٥٠

********************

تزوجت الأميرة فتحية من مسيحى مصرى أسمه غالى

الأميرة فتحية شقيقة الملك فاروق التي تنصرت وتــزوجت من حارسها القبطي.. ثم تنصرت أمها الملكه نازلي

كتبها محمد بركات

البرنسيسة هي الأميرة فتحية الشقيقة الصغري للملك فاروق تزوجت «الأفندي» شاب قبطي يدعي رياض أفندي غالي

> الأميرة ضحت من أجله بكل شيء حتي بأسرتها ومصير النظام الملكي كله وتزوجت وتنصرت ثم ماتت بـ 5 رصاصات من مسدسه

> كومبارس التاريخ كما يصفه صلاح عيسي ظهر علي المسرح الملكي فجأة عام 1946 عندما تعرف علي الملكة نازلي والدة فاروق في إيطاليا > قبل أن يرتبط القبطي بالأميرة.. قطع شوطًا مع أمها الملكة نازلي حتي أصبح رقم واحد في حياتها ثم سلمت له نفسها

> عندما تجاوزت الملكة الخمسين من عمرها بدأ هو يتسلل إلي قلب الأميرة الصغيرة وكلما عاقبه فاروق ازدادت الملكة تمسكًا به
> بعد عزل فاروق سألت المحكمة أحد الضباط عن هذه العلاقة ف بناتها > فاروق صمم علي منع الزواج بكل السبل لكنه فشل فجرد الملكة والأميرة من ألقابهما الملكية > تدخل النحاس باشا لمنع الزواج وهدد بإعادتها بالقوة إلي مصر لكنها لم تهتم

> مندوب الخارجية الأمريكية طلب من نازلي مغادرة الولايات المتحدة تجنباً للإحراج من الحكومة المصرية فهددته في الصحف


كثيرة هي تلك النوعية المحرمة من الخلافات المتطرفة والجامحة إلي أبعد مدي بجنون عابر للمعتقد والزمن والمكان والقانون!

أجل هي كثيرة وتكاد لا تحصي عددًا.. رغم أنها محكومة في نهاية الأمر بمصير دموي عنيف وصاخب وذي أثر مخرب أشبه بقدر متربص فارداً ذراعيه علي بعد خطوات.

التاريخ يضن علينا رغم ذلك بشواهد.. الذاكرة الجمعية بالنسبة للمسلمين والمسيحيين لا تميل في الغالب للاحتفاظ بها.. فهو مطارد دائمًا بمحاولات طمرها بعيدًا في قصية عن الوعي أو التناول.

princessfathiyaفي المقابل تظل قصص الغرام والعشق التي تجمع بين طرفين أحدهما مسلم والآخر مسيحي تتوالد علي نحو يوحي أنه تلقائي.. تتكاثر رغم فداحة العواقب وكأنها نبت أعماق انشقت عنه الأرض ليدفع بين يديه عواصف الدمار والوبال.

تحاصرنا شواهد لا تحصي.. لمسناها عن قرب في الفترة الماضية.. شاب إلي أبعد من دفن جمراتها ملتهبة تحت الرماد.

هذه النوعية من القصص أو العلاقات الملعونة ليست وليدة سنوات قليلة فائتة.

ذاكرة التاريخ مراوغة في هذا الشأن تحديدًا ولذلك لن يك والأفندي» الذي صدر مؤخرًا عن دار الشروق في 635 صفحة من القطع الكبير جامعًا بين دفتيه سلسلة مقالات دأب علي نشرها في فترة السبعينيات في مجلة الإذاعة التي كان يترأس تحريرها آنذاك الراحل رجاء النقاش.

إذا كانت هذه العلاقة بالنسبة لأفراد عاديين تثير عواصف لا طاقة لأحد بها من الجدل والضجة والعنف والدم فلك أن تتخيل حجم ما أثارته تلك العلاقة التي فجرت عواصف سياسية واجتماعية وطائفية.

وهو بالضبط ما فعله صلاح عيسي كعادته دائمًا عندما ي مخلوطة بما عاصرها من تقلبات سياسية واجتماعية وطائفية أسفرت عنها العلاقة «المحرمة» بين أميرة مسلمة وأفندي قبطي، وما صاحب ذلك من قضايا طبقية منها زواج أولاد الذوات بمن لا أصل لهم وقبل ذلك تفضيل النزوة الدنيوية علي الدين والمعتقد.

يحكي عيسي عن البرنسيسة الأميرة فتحية والأفندي الصعلوك ر وقلب ينبض.

عيسي في كتابه لا يتورط في سرد ذلك علي عواهنه بل يذهب بعيدًا في استجلاء الأسباب التي أدت إلي ذلك وتمحيصها، ولذلك أفرد جزءًا كبيرًا من كتابه في استعراض عقد النشأة والتكوين لدي أسرة الملك فاروق التي دفعت إلي صدر الأحداث بهذا الكابوس المخيف.

لا يتورع كاتبنا الكبير صلاح عيسي في كتابه عن وصف ليقدم كوب ماء للبطلة الجليلة أو يعرض ورقة علي البطل رفيع الشأن ليختفي مرة أخري دون أن يتاح لأحد رؤية ملامحه أو حتي معرفة اسمه.

هكذا يُشِّبه عيسي بطل هذه المأساة ويقول إن اسمه ك

وكما يوضح الكتاب فإن غالي اخترق الأسرة العلوية ودمر ما ونازلي هانم صبري.

في عام 1946 وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية قررت الملكة ن إتمام مرا

المهم سافرت الملكة وابنتها ولم تكن بعد قد رأت رياض غالي لكن بعد أسبوعين اتصلت نازلي من هناك بالقنصلية لتسأل عما إذا كان هناك بريد قد وصل باسمها وكان القنصل وقتها غائبًا في جنيف ونائبه مريضًا فتم إرسال رياض. وصل رياض إلي جناح الملكة ودعته للجلوس حتي تفرغ هي من تصفح الرسائل ودار بينهما حوار سألته خلاله عن اسمه وأسرته وعمله «وكما يلمح الكاتب لا بد أن شيئًا قد حدث في هذه المقابلة العابرة»؛ فقد طلبت الملكة من القنصل المصري ضمه إلي حاشيتها. هناك رواية أخري قيل إنه ما كاد يلتقي الملكة نازلي حتي انحني كرقم 8 ليقبل يدها قائلاً: إنه عاش عمره كله يحلم بأن يأتي اليوم الذي يسعده زمانه فيه بتقبيل قدميها أما وقد قبل يديها فإنه لا يريد شيئًا آخر في الحياة!

أمضت الملكة حوالي عشرة أشهر بعد مغادرتها مصر تتنقل بين سويسرا وفرنسا وجنيف وباريس وكانت تتردد علي عيادات الأطباء لمتابعة علاجها من آلام بالمعدة وتفرغت في باقي أوقاتها لممارسة حياتها كسائحة رفيعة المستوي.

يذكر عيسي أن نازلي أحست أنها ولدت من جديد بعد أن خرجت من مقامها الرفيع. ويقول إنها كانت تشعر علي نحو ما بدرجة من التعاسة لأن سفرها اسمه رياض غالي أصبح أهم شخصية في الحاشية وقالت التقارير التي تسلمها فاروق إن هذا الأفندي الصعلوك ملتصق بالملكة ولا يتبعها كظلها فحسب بل تتعامل معه دون كلفة وبغير اهتمام بالبروتوكول. وكانت الملكة في هذه الأثناء تقدم رياض للناس باعتباره س

وتوالي في أعقاب ذلك ظهور الملكة بصحبة رياض في الكباريهات والملاهي الليلة يتراقصان ويشربان الخمر علي مرأي ومسمع من الجميع وتم التقاط صور لهما وإرسالها إلي الملك. وهكذا صعد رياض المولود في قرية «دير ترسا» إلي القمة وتحول من مجرد حارس حقائب إلي سكرتير خاص للملكة بمقدرة وصولية غريبة اكتسبها من خبرته باعتباره ابن سوق سبق له العمل في كازينوهات شارع عماد الدين بالقاهرة.

واضح أن رياض غالي نجح في أن يصبح رقم واحد في حياة الفرنكات في حساب صاحبة الجلالة في البنك الأهلي المصري وفعل والده بشاي أفندي غالي. أما فيما يخص غباء فاروق فهناك رواية علي لسان «نازلي» قالت: «لو جاءني فاروق وقال لي إنه لا يثق في رياض غالي وطلب مني أن أطرده لفعلت لكن أن يرسل لي من يقول إن رياض عشيقك فهذا يجعلني أتمسك به وأصر علي بقائه معي».

ومرت الأيام واشتعل الصدام بين الملكة وفارو الصغير»- كما يصفه الكتاب- يتسلل رويداً رويداً من جسد الملكة نازلي مباشرة إلي قلب البرنسيسة فتحية التي كانت أمها قد أدركها الكبر وفقدت أنوثتها وخصوبتها بعد أن تجاوزت الخمسين وازداد في المقابل توترها وحاجتها إلي تدليل الآخرين.

وضع الملك فاروق رياض في مرمي الاستهداف الانتقامي وقام بفصله وإحا عملية استئصال الكلية اليمني فتدخل رياض وأقنع الطبيب بتخفيض المبلغ إلي خمسة آلاف دولار فقط، وقالت الملكة فيما بعد وهي تشير إلي رياض: «لولا هذا الرجل النبيل لضعت في غربتي ومع ذلك فقد اتهم بأنه غير أمين علي مصالحي».

وسط هذه الأجواء كان رياض يتسلل خلسة بينما الجميع يتابعون علاقة الملكة بالأفندي إلي قلب فتحية إزاي؟!

في عام 1953 بعد عزل فاروق مثل الأميرلاي «عميد» أحمد بوشين.

كانت ا  وبدا طبيعيًا جدًا أن يكون رياض هو القلب العط المعجزات وفي يده الدبوس «الثمين» كما يروي صلاح عيسي.

الأميرة المفتونة بهذا الشاب أرادت أن تكافئه فقال لها إنه قد حصل علي كل ما يتمناه في العمر عندما رأي ابتسامتها والسعادة علي شفتيها.

يقول عيسي: لم يكن رياض- فضلاً عن ذلك - خاليًا من الصفات الأخري التي تجتذب البنات في مثل عمرها، كان شابًا وسيمًا قاتم الشعر متناسق الملامح وكان يكبرها بـ 12 سنة وفوق ذلك مقاتلاً يزود عن الملكة وابنتيها. ساءت الحالة الصحية للملكة ودخلت المستشفي لإجر عنهن في الوقت الذي كان فيه ريا لم تكن نازلي تعلم بقصة الحب بين الأميرة ومخدوم رياض قال للصحف إنه سكت وقتها ولم يرد خشية أن يحدث ما لا يحم تمانع ذلك بشرط حل المعضلة التي كان كلاهما يتصور أنها العقبة الوحيدة التي تقف أمام ذلك الزواج وهي اختلاف الدين فتطوع رياض لازالتها قائلاً: لقد فكرت في الموضوع وقررت أن أشهر إسلامي وهاآنذا بين يديك أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

فقالت الملكة علي بركة الله وتأكد أنني لن أدخر وسعًا في تحقيق السعادة لكما ثم استدعت فتحية واحتضنتها ثم هنأتها وتمنت لها السعادة. يتصدي صلاح عيسي لهذه الجزئية بالتحليل الذي خلص منه إلي أن هذا الزواج، ولعلها كانت صادقة تمامًا حين قالت في حديث صحفي أدلت به في ذروة الأزمة بعدإعلان الزواج إنها قاومت هذا الزواج لمدة 3 سنوات إلي أن خرج الأمر من يدها. ل  ويرجح عيسي أن نازلي تصورت أن الزمن كفيل بحل المشكلة الاعتبار إلي الصعوبات العملية التي تحول دون هذا الارتباط.

من ناحية أخري، كانت فتحية تمر بتلك المرحلة الرومانسية من العمر التي يبدو الحب فيها أهم ما في الحياة وكانت شديدة الثقة بأنها أحسنت اختيار حبيبها. كل ما فعلته نازلي هو مساندة اختيار ابنتها الذي رأته مناسبًا وهو ما أرجعه عيسي إلي ما كانت تمر به الملكة الوالدة من ظروف معيشية وصحية غير ملائمة جعلتها تنظر إلي الأمور بدرجة ما من التبسيط، فضلاً عن ثقتها بخبرتها- نازلي- بأخلاق الناس.

علاوة علي أنها كانت تعتبر نفسها ضحية زواج سياسي انتهي بأن عاشت أسوأ أيام حياتها، لذا قررت أن تشجع فتحية- صغري بناتها والمحبة لديها - علي الزواج ممن يختاره قلبها. يتوقف صلاح عيسي ليقول مبررًا هذا التساهل: الحقيقة إن الزواج ال المالكة، فيما كانت هذه الدرجة تنكمش إذا تعلق الأمر بالأميرات والنبيلات وتتلاشي نهائيًا إذا كان الطرف الآخر أجنبياً غير مسلم. ورغم ذلك ظلت الأمور معقدة لمدة عامين من 1948 وحتي 1950 إلي أن تزوجت الأميرة فاطمة شقيقة شاه إيران- زوج ابنة نازلي الكبري- من أمريكي يدعي فينست هيلر، وعقد زواجهما طبقًا للشريعة الإسلامية في السفارة الإيرانية بباريس. هكذا كان رد الملك فاروق علي الرسالة ا

صمم فاروق علي منع الملكة من إتمام هذه الزيجة.. وحاول بكل الطرق إلا طريقة واحدة وهي التفاهم.. حتي عندما فكر في إدارة الأمر بحنكة «زاد الطين بلة» فقد بعث إليها برسول قال لها: «الملك يعارض هذا الزواج لأنه ليس من طبقتها ولا من الأسرة المالكة».

ردت نازلي بعد خمس مؤكد كانت هناك ثمة دوافع تقف وراء حرص ال الزواج ساتراً لعلاقتها الآثمة مع رياض أو علي الأقل لتخفيف الضغوط من عليها.. أو لتلفت نظر ابنها إلي أن القضية خاصة بشقيقته الصغيرة وليست قضية أمه التي يكرهها ويتحداها.

في المقابل لم يكن الأميرتان «فوزية وفائ استغاث فاروق بخاله «شريف صبري باشا» فاتصل بشقيقته الملكة نازلي لإثنائها عن اتمام هذه الزيجة، لكن الملكة اعتذرت ودافعت عن رياض مؤكدة له أن الصورة التي نقلت عنه غير صحيحة ومشوهة وأنه علي استعداد لإشهار إسلامه.

كان رياض غالي آنذاك يعيش حالة من الرعب خشية أن تلين الملكة إزاء هذه الضغوط، رغم أنه كان يعتمد علي تأثيره الطاغي في فتحية، إلا أنه لم يكتف بذلك فعاود تذكير الملكة بواجبها الأخلاقي تجاهه. عاد فاروق من جديد لحل الأزمة بطريقته وحاول جعل المفاوض للانعقاد للموافقة عليه وإنها واثقة أن أغلب النواب سيوافقون علي اتمام الزواج. لم ييأس فاروق عند فشل النحاس.. وظل الأمل الأخير معقود بلد آخر لفترة قصيرة. فقالت الملكة: كيف تطلب الحكومة الأمريكية من إنسان مريض أن يغادر المقابلة إنه زوج ابنتي وإبعاده يعني إبعادها وإبعادي ثم مدت له يدها فانحني وقبلها وانصرف». ورغم ذلك أيضاً لم يكف فاروق عن التفكير في طريقة لإ البلاط يوم 20 من نفس الشهر للنظر في أمر والدته وزواج شقيقته وكانت هذه هي البداية لنزع المسامير من العرش ودقها في النعش.. وبعدها بيومين نشرت الصحف خبر زواج «البرنسيسة والأفندي».

وفي يوم

بكل استهانة واجهت الملكة قرارات المجلس وقالت للصحف الأمريكية إنها كانت تتوقع ذلك ولذلك فهو لا يهمها في شيء، أما رياض فقال إن هذه القرارات لا تهمني ولا تهم زوجتي، لكن اهتمامنا الآن منصب علي ما يمس جلالة «الملكة». لجأ فاروق مرة أخري لأمريكا لممارسة الضغط من ناحيتها، لكن بدا أ بدعوي أن الزواج لم يتم حسب الشريعة الإسلامية إلا أن تصريحات البرنسيسة والأفندي، أكدت حرصهما أن يتم الزواج طبقاً للطقوس الإسلامية، وقالت «فتحية» إن الزواج في الإسلام إيجاب وقبول وإشهار وأن الزواج المدني تتوافر فيه هذه الشروط جميعاً. في ذلك الوقت فرضت ضرورات الموازنة السياسية والطائفية ا ولايباركانه، فدين الإسلام لا يقر زواج المسلمة من المسيحي وشريعتنا لا تجيز تكليل المسيحي إلا بمسيحية. وسرعان

رياض غالي بالمنطق نفسه تحول إلي شريكها في الجريمة، بل الفاعل الأصلي رغم أن كل ما أثير - حسب صلاح عيسي - كان يعود بالأساس لأسباب شخصية وإلي العلاقة المعقدة بين فاروق وأمه، إلا أن الدوافع السياسية المختفية وراءها لم تكن أقل أهمية عن الدوافع الشخصية. في فترة سابقة علي الزواج كان الجميع يتوهمون أن السلم الذي يقود إلي القاعة الكبري مبتسماً في سعادة وتبعته فتحية وأعلن رياض أمام المأذون الباكستاني أنه مسلم ووقع رياض علي وثيقة الزواج. واجتمع مجلس البلاط مرة أخري لمناقشة الأمر وانتهي الاجتماع بأن الزواج بهذه الطريقة باطل لأن رياض أسلم إسلاماً ظاهرياً، ولذلك تم توقيع الحجر علي فتحية.

بعد قيام الثورة ومغادرة فاروق لمصر أقامت الملكة نازلي ثلاث دعاوي قضائية لرفع الحجر عنها وتسليمها أموالها وممتلكاتها، لكن قراراً صدر بحل مجلس البلاط وإحالة قضاياه إلي المحاكم العادية. وبعزل فاروق حلت أعقد المشاكل التي واجهت زواج فتحية من الوقت بدأ اسم رياض غالي يتردد باعتباره مستشاراً اقتصاد الأمريكي من العائلة، خصوصاً مع القطيعة التي استمرت بعد عزل فاروق وخروجه من مصر إلي إيطاليا، حيث لم يتصل بهم ولم تجد أي حماسة من جانبهن للاتصال به. وبقي كل منهم راضياً وكان رياض سعيداً بهذا النمط من الحياة الملوكية المترفة، وكذلك كانت فتحية أيضاً. لا يفوت اندفع رياض في المضاربة في البورصات بدأت نازلي وفتحية تنتبهان للأمر خاصة بعدما حدث للأم إحساسه بالخسارة والفقر أكثر مرارة من إحساس الملكة بالأميرتين، ثم جاء الوقت الذي طردهن جميعاً وأقام وحده عاجزاًً حتي عن استئجار خادم يعد له طعامه.

تشردت نازلي وفتحية وفاي ما حدث من رياض دفع فتحية لتقدم بطلب للملكة بالانفصال الجسدي عنه، وذلك في شهر فبراير عام 1956 تمهيداً لطلب الطلاق.

وبررت طلبها بقولها: «إن زوجها يقسو عليها نفسيًا وبدنيًا و التجارية في المساء وتمكنت من استئجار شقة في حي شعبي لها ولأولادها.

في سنة 1974 استجابت الملكة نازلي لنصائح بتسوية المحكمة إحضار ما يثبت ذلك فتم إحضار خطاب يؤكد أن رياض لم يكن سوي موظف ولم يكن لديه أي أموال للدخول في شراكة وتمت التصفية.

داعبت الأسرة أحلام العودة إلي مصر، لكن الأمور كانت ق فتحية هي الأخري وأطلقت نازلي علي نفسها اسم «ماري إليزابيث».

وتراكمت جبال الثلج بين رياض وفتحية.. وأصرت علي طلب الطلاق بعد أن توقف عن دفع النفقة وضاقت بهما الدنيا.. وضاقت بشقيقتها فايزة التي توفيت عام 1994 عن سبعين عامًا التي كانت قد اعتنقت المسيحية هي الأخري عقب طلاقها من زوجها وإقامتها مع والدتها.

لكن لم تنته الحكاية بهذا الشكل فهذا النوع من الحكايات ينقلب علي نهايات الطابع الدموي - ربما صدفة - لكنه ما يحدث غالبًا.

علوك من عامة الشعب استطاع أن يهز عرش الملك فاروق، فقد كان داعيا للذهول أن تقع شقيقة الملك في غرام شاب من العامة، ويظل العاشقان طوال السنوات الأربع السابقة علي زواجهما يتنقلان بين أمريكا وأوروبا بصحبة الملكة نازلي.
بذل الملك فاروق ورجاله جهودا جبارة لمنع الزواج، ووضعت العراقيل أمام إتمام الزواج، كان منها سفراء وقناصل الدول العربية والإسلامية في أمريكا حيث طلب منهم القصر الملكي عدم الموافقة علي أي إجراء من إجراءات الزواج، لكن فتحية تمسكت بغرامها وأعلنت تصميمها علي الزواج، وحين أشهرت القاهرة في وجه الملكة الأم سيف التهديد بتجريدها من لقبها الملكي، قالت بحزم: لن أكسر قلب ابنتي الصغيرة من أجل لقب تافه هو صاحبة الجلالة.
بعد الزواج يأمر فاروق بمنع أمه من الاتصال بمصر، بل أصدر قرارا بالحجر عليها، وقبل أن يحاصر أمه واخته تقوم ثورة يوليو لتطيح بالملك من علي عرشه، بعد الفضيحة المدوية التي تسبب فيها زواج رياض من فتحية، وهو ما عايره به الشعب المصري، حيث كانوا يهتفون ضده في المظاهرات العلنية قائلين: يا فاروق يا ويكا.. هات أمك وأختك من أمريكا.
تحول الغرام بين فتحية ورياض إلي لعنة، عمل رياض مستشارا اقتصاديا لشئون الشرق الأوسط واستثمر ما نجحت حماته الملكة في تهريبه من أموالها في البورصات الأمريكية حيث منحته الملكة نازلي توكيلا عاما بإدارة أموالها، لكن رياض يخسر كل شيء، فيبدأ في المقامرة وشرب الخمر لدرجة أنه لم يكن يفيق منها إلا لكي يتابع خسارته، فتراكمت الديون عليه.
رفض رياض أن يعترف بفشله وألقي بالمسئولية علي إسراف زوجته وأمها وبدأت المشاحنات، التي تحول رياض فيها إلي رجل قاسٍ شرس، حتي ان الأميرة تندم لأنها راهنت عليه بكل شيء فرهن كل ما تملكه وأصبحت هي وأمها العجوز رهينتين بين يديه، وتتصاعد الخلافات حتي إن رياض يطرد الملكة الأم وزوجته وأبناءه الثلاثة من بيتهم المرهون في بيفرلي هيلز، ويقيم فيه وحده عاجزا عن استئجار خادم يرعي حياته وينظف له البيت.
طلبت فتحية الطلاق من رياض مرتين بعد أن اضطرها إلي تنظيف بعض المحلات التجارية في المساء لتنفق علي نفسها وعلي أولادها، وبعد أن ماتت أمه، طلب منها رياض أن تزوره في شقته لتساعده في جمع ملابس ومقتنيات أمه، وبعد أقل من ساعة كانت سيارة الأميرة فتحية تقف أمام المنزل الذي كان الصمت يخيم عليه بعد أن غادره كل سكانه إلي أعمالهم.
في صباح اليوم التالي وحدت الأميرة وهي تجلس القرفصاء في أحد الأركان فوق بركة من الدماء المتجلطة تبدأ من جرح غائر أطاح بكل ملامح الجانب الأيسر من وجهها بشكل لا يمكن وصفه وقد فارقت الحياة، وعلي الشيزلونج في ركن الغرفة استلقي رياض غالي في غيبوبة كاملة وقد لوثت الدماء كل شيء حوله (الوسادة التي ينام عليها وحوائط الغرفة وعشرات المناشف الورقية تناثرت بين مطبخ الشقة والشيزلونج الذي ينام عليه) وبين الجثتين وجدت الشرطة مسدسا بلا طلقات.

يروي صلاح عيسي نهاية حكاية البرنسيسة والأفندي في ن الهاتف قبل أن تخرج لتجد زوجها رياض غالي يدعوها أن دفع إيجار الشقة وانصرف.. أثار تأخر فتحية قلق نازلي التي ظ من تحطيم الشراعة الزجاجية

عثرت الشرطة علي مسدس ماركة كاليار عيار 25 كانت خزينته فارغة وعندما تتبع رجال الشرطة خطا من نقط الدم علي أرض الغرفة قادهم إلي مطبخ الشقة فوجدوا كومة من المناديل الورقية المبللة بالدماء وصورًا متتالية ومتكررة لكف مطبوعة بالدماء علي الحوائط والدولاب.

كانت البرنسيسة قد فارقت الحياة بعد أن تهتك نصف وجهها الأيمن، أما الأفندي الذي كان مصابًا برصاصة في رأسه فكان لا يزال علي قيد الحياة ودخل في غيبوبة طويلة بسبب ما نزفه من دماء.

سمعت الملكة العجوز الخبر فسالت الدموع أنهارًا من عيون عاشت تتألق بالفرحة وتبحث عن المسرة واللذة.. الملكة العجوز لم تعرف البكاء إلا في خريف العمر.. سقطت مغشيًا عليها.. فمن كان يصدق أن تموت الأميرة فتحية بهذه الطريقة؟!

ماتت فتحية وعمرها «46 عامًا» في غرفة حقيرة بحي شعبي بلوس أنجلوس.. ولم يقم أحد بما ينبغي في مثل هذه الظروف.. قبل ربع قرن كانت الأميرة الصريعة متألقة هناك في فندق «الفرمونت» رفعت رأسها وهي تنزل السلم في شموخ وتحد للعالم كله كي تتزوج من الأفندي.

وظلت الوفاة غامضة حتي ظهرت التقارير الفنية ومنها التقرير الطبي الذي ألقي الضوء علي غموض الحادث مؤكدًا أن الوفاة حدثت بسبب إطلاق «5» رصاصات من المسدس الذي عثر عليه في مسرح الجريمة.

فأصابت 3 منها عظام الخدين وأطاحت الرابعة بالأنف والخامسة استقرت بالمخ.

أما رياض فقد أصيب برصاصة واحدة من المسدس نفسه أطلقت عليه من مسافة لا تتعدي سنتيمترات قليلة نحو الجانب الأيسر من الوجه وحدد زمن إطلاقها بما لا يزيد علي ساعة ونصف الساعة من اكتشاف الحادث.

لم يمت رياض.. رغم أنه حاول الانتحار بالطلقة الأخيرة في مسدسه.. فقد شفي ظاهريًا في أعقاب العملية الجراحية التي أجريت له في مركز «بوكلا الطبي».. فإنه ظل يلتزم الصمت التام عاجزًا عن الإجابة عن أسئلة الشرطة حتي بعد تقديمه للمحكمة بتهمة الاشتباه في قتل زوجته.

كانت الرصاصة

أما عن سيناريو الجريمة فقد رجح المحققون أن يكون ما جري كالتالي:

وصلت الأميرة فتحية إلي شقة زوجها.. وأثناء انشغالها بحزم أمتعة والدته الراحلة دار بينهما حديث واحتد النقاش بينهما عندما نقلا الحقيبة إلي غرفة النوم، ثم انتهي بإخراج الزوج مسدسه وإطلاق الرصاص عليها.

ومال المحققون في البداية إلي أن رياض استدرج البرنسيسة ذ

كانت الأقدار لا تزال تحتفظ له بالمزيد من العذاب، فالرصاصة لم تقتله علي الفور ولأنها كانت آخر طلقة في خزينة المسدس فقد عجز عن الإجهاز علي نفسه.

خبر مقتل الأميرة فتحية طار في جميع أنحاء العالم ووصل مصر التقطته الصحف وظلت تتابع تطوراته بشيء من الشماتة والفضول.

بعد 6 أيام من مقتلها وقبل يومين من عيد ميلادها السادس والأربعين أقيم القداس علي روح الأميرة في كنيسة «سانت بول» غرب لوس أنجلوس وازدحمت الكنيسة بأكثر من 300 شخص من الشخصيات البارزة منهم أكثر من سبعين من أعضاء الأسر المالكة السابقة.

وحضرت نازلي ودخلت الكنيسة في حال يرثي لها تتوكأ منحنية علي عصاها وإلي جوارها حفيدها.. «رفيق» «وراند».

وقال عنها القس «كندي» راعي الكنيسة إنها كانت منذ العقوبة عنه. لكنه كان ككل مرة يدخل فيها المحكمة علي مقعد متحرك لا ي رياض أصيب منذ 5 أشهر بأورام سرطانية فوق الرئة اليمني وفي رقبته قليلة مات الأفندي رياض غالي.

تاريخ نشر الخبر : 12/09/2009

**************

كتاب البرنسيسة و الأفندي صلاح عيسى الناشر:

فى مايو 1950 وفى مدينة "سان فرانسيسكو" كبرى مدن الغرب الأمريكى أعلنت "البرنسيسة فتحية" ابنة "الملك فؤاد" وصغرى شقيقات " الملك فاروق" زواجها من شاب مصرى، لا يحمل إلا لقباً متواضعاً يمنحه الناس لبعضهم البعض على سبيل المجاملة، هو "رياض أفندى غالى" الذى كان - فضلا عن ذلك كله - قبطياً ينتمى إلى الكنيسة الأرثوذكسية! وكان طبيعياً أن يثير إعلان زواج أميرة مسلمة ، من شاب قبطى ، حملة صحفية شهرت بالسلوك الجنسى للأسرة المالكة وأن يفجر أزمة سياسية ، بدأت بأمر ملكى يقضى بتجريد صاحبة السمو الملكى الاميرة "فتحية" ووالدتها صاحبة الجلالة "الملكة نازلى" من ألقابهما الملكية لتصبحا "فتحية هانم فؤاد" و"نازلى هانم صبرى" وانتهت بالقضاء على النظام الملكى بعد ذلك بثلاثة أعوام، وأن يشعل فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط ، وأن يفجر مناظرة عن المساواة بين البشر وعن حدود حرية المرأة والسقف الذى تتوقف عنده حرية السلوك الخاص للشخصيات العامة ! وهى قضايا تكرر الحوار حولها ، بعد ذلك التاريخ ب 20 سنة ، حين أطلق " رياض أفندى غالى" ثلاث رصاصات على رأس زوجته البرنسيسة " فتحية " وأطلق الرصاصة الرابعة والأخيرة على رأسه! تلك هى القصة التى يؤرخ لها هذا الكتاب على أصعدتها الشخصية والسياسية والفكرية والاجتماعية.

عن المؤلف: مؤلف الكتاب "صلاح عيسى" كاتب وصحفى وباحث فى التاريخ... ولد عام 1939 وشارك فى إصدار وإدارة ورأس تحرير عدة صحف مصرية. نشرت مقالاته وأبحاثه فى معظم الصحف العربية ، نشر 20 كتاباً فى التاريخ والفكر السياسى والاجتماعى من أبرزها "الثورة العرابية" و" مثقفون وعسكر" و" دستور فى صندوق القمامة" و"رجال ريا وسكينة : سيرة سياسية واجتماعية".

*******************

صلاح عيسي يحقق في مأساة البرنسيسة والأفندي زواج الأميرة من القبطي هز عرش مصر

السبت 18 / 4 / 2009 عزمي عبدالوهاب

لم يكن أحد يعرف اسم رياض أفندي بشاي غالي قبل ربيع‏1950,‏ حتي احتل الصفحات الأولي من الصحف المصرية والعربية والعالمية‏,‏ لأسابيع متتالية‏,‏ وتساءل الكثيرون‏:‏ ما الذي يحمله هذا الأفندي من سحر خفي أغري البرنسيسة فتحية أصغر وأجمل شقيقات الملك فاروق‏,‏ فراهنت عليه رهانها الخاسر‏,‏ بكل شئ‏,‏ بلقبها الملكي وثروتها و حياتها؟‏!‏
في تلك السنة‏-1950-‏ كان عمر رياض غالي‏32‏ سنة‏,‏ وكان مفصولا عن عمله كأمين للمحفوظات بقنصلية مصر في مارسيليا‏,‏ بتعليمات أصدرها الملك فاروق‏,‏ وبأمر ملكي من الملكة نازلي عين سكرتيرا خاصا ومستشارا سياسيا لها‏,‏ وكان رياض كما يري صلاح عيسي مؤهلا لكي يكون طبعة خاصة من النمط الانتهازي الذي جعل هدف حياته هو الصعود إلي قمة الهرم الاجتماعي بصرف النظر عن الطرق التي تقوده إلي تلك القمة‏,‏ فهو يستطيع التنازل عن دينه المسيحي في سبيل الزواج من الأميرة فتحية‏,‏ ويعتنق الإسلام‏,‏ ثم يعود إلي مسيحيته حين ينتفي الغرض من إشهار إسلامه‏.‏
ربما كانت المرة الأولي التي يذكر فيها اسم رياض غالي علي صفحات الجرائد حين كتب مكرم عبيد في جريدة الكتلة‏,‏ متهما إياه برشوة مصطفي النحاس‏,‏ عن طريق بيع سيارة لزعيم الأمة متساهلا في ثمنها‏,‏ وكانت المفاجأة تعيينه في وزارة الخارجية‏,‏ لينتقل من العمل بالقاهرة إلي الكونغو‏,‏ ومنها إلي القنصلية المصرية بمارسيليا‏,‏ وكان ذلك في العام‏.1946‏
وهناك كان علي موعد مع قدره‏,‏ حين تم تكليفه باستقبال الملكة نازلي وابنتيها فائقة وفتحية‏,‏ كان ذلك فجر الجمعة‏5‏ يوليو‏1946,‏ وكانت تلك هي البداية الرسمية للمأساة‏,‏ فلم يكن أحد يتخيل يومها أن الملكة نازلي بعد هذا اليوم لن تعود إلي مصر‏,‏ ولن تدفن في ثري بلد جلست علي عرشه سلطانة وملكة لمدة‏27‏ عاما‏,‏ ولم يكن أحد يتخيل أن الأميرة فتحية كان عمرها آنذاك‏15‏ عاما‏,‏ ستكون طرفا أصيلا في قصة عاطفية سببت التعاسة للجميع‏.‏
كان رياض غالي أثناء استقبال الملكة نازلي وابنتها يقف في الصفوف الخلفية من المستقبلين‏,‏ وهكذا لم يتعرف إلي الملكة إلا بعد ذلك التاريخ بأسبوعين‏,‏ حين طلبت من القنصلية المصرية موظفا يشرف علي نقل حقائبها إلي جنيف‏,‏ التي قررت الانتقال إليها‏,‏ وفي هذه المقابلة العابرة‏-‏ كما يقول صلاح عيسي‏-‏ انتقل رياض غالي من موقع الكومبارس الصامت إلي درجة الكومبارس المتكلم‏,‏ لتكون الخطو ة التالية هي القفز إلي بطولة المسرحية‏.‏
أمضت الملكة عشرة أشهر تتردد علي عيادات الأطباء للعلاج من آلام الكلي‏,‏ وكانت هناك فرصة للهروب من القيود الملكية‏,‏ بالسهر في الملاهي الليلية إلي الفجر‏,‏ وكانت التقارير تنهال علي القصر الملكي في مصر‏,‏ وكلها تحمل أنباء تدعو للقلق‏,‏ ويدور معظمها عن شاب اسمه رياض أفندي غالي‏,‏ أصبح أهم شخصية في الحاشية الملكية‏,‏ فهو الذي يتلقي مكالمات الملكة الهاتفية‏,‏ وهو الذي يحدد المواعيد لمن يرغبون في مقابلة جلالتها‏,‏ وهو الذي يستقبلهم في الفندق ويقودهم إلي جناحها‏,‏ وهو الذي يقود السيارة التي تقل الملكة والأميرتين فتحية وفائقة للنزهة والتسوق‏,‏ وهو الذي يتسلم ما يرد إليها من رسائل‏,‏ ويتابع في البنوك وصول التحويلات المالية الواردة باسمها‏.‏
ولفتت التقارير النظر إلي ظاهرة أخري خطيرة وهي التصاق الملكة لهذا الأفندي الصعلوك‏,‏ الذي كانت تتعامل معه من دون كلفة‏,‏ وكان رفيقها الدائم والوحيد في سهراتها التي تمضيها في ملاهي باريس وجنيف‏,‏ حيث يرقصان إلي مطلع الفجر‏,‏ كان ما يحدث طبقا لتعبير النقراشي رئيس وزراء مصر آنذاك كارثة قومية تتم في توقيت غير ملائم‏.‏
زمن التجريح العلني
وتم الضغط علي الملكة بكل السبل لتعود إلي القاهرة‏,‏ وإمعانا في التحدي سافرت الملكة إلي أمريكا‏,‏ وبدأ زمن التجريح العلني المتبادل بين الأم الملكة نازلي‏,‏ والابن الملك فاروق‏,‏ حتي إن الملكة قالت إنها لو خيرت بين صداقتها لرياض غالي وبين بنوتها لفاروق لاختارت الأولي‏,‏ فقد أثبت الثاني في كل مناسبة أنه ابن عاق‏,‏ أما الأول فأثبت أنه ولد مخلص‏.‏
وكانت بعثة مصرية لتقصي الحقائق تتحدث في تقاريرها عن الدور المريب الذي يلعبه رياض أفندي غالي إلي جوار الملكة‏,‏ وأنه يستنزف أموالها‏,‏ فهو نصاب يحترف إغواء النساء العجائز‏,‏ دون أن تنتبه هذه التقارير إلي أنه كان يتسلل إلي قلب البرنسيسة فتحية‏.‏
وتدخلت الخارجية المصرية فطلبت من رياض غالي أن يعود إلي عمله خلال فترة حددتها‏,‏ وإلا فصل من الخدمة نهائيا‏,‏ وتعمد رياض أن ينهي الخطاب بين يدي الملكة والأميرة‏,‏ فيزداد يقينهما بأنه ليس مستعدا للاستشهاد في سبيلهما‏,‏ بل إنه يفعل ذلك في صمت من دون أية إشارة إلي ذلك‏,‏ وتكررت وقائع شبيهة‏,‏ أدت إلي إعلان الملكة عن رغبتها في استثمار أموالها في أمريكا‏.‏
كانت كل الأعين موجهة إلي علاقة الأفندي بالملكة دون أن تنتبه إلي ما حدث حين دخلت الأم إلي المستشفي لتجري جراحة خطيرة‏,‏ وكان رياض غالي يتبادل السهر مع الأميرتين إلي جوار غرفة الأم المريضة‏,‏ ليثبت لهما أنه ليس موظفا يقوم بالواجب‏,‏ لكنه فرد من الأسرة‏,‏ وهنا ولد الحب المستحيل‏,‏ أثناء إقامة الملكة في مستشفي مايو كلينك‏,‏ كان عمره آنذاك‏28‏ عاما‏.‏
وحين عرفت الملكة بقصة الغرام لم تر عائقا سوي اختلاف الدين‏,‏ فتطوع رياض لإزالتها قائلا علي الفور‏:‏ لقد فكرت في الموضوع وقررت أن أشهر إسلامي‏,‏ وهأنذا بين يديك أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله‏,‏ فساندت الأم اختيار ابنتها‏,‏ وبات الزواج أهم مشروع في حياتها خصوصا بعد أن زوجت الأميرة فائقة من دون أن تنتظر موافقة الملك فاروق‏.‏
وكان أن تلقي القصر الملكي بالقاهرة طلب الملكة نازالي موافقة الملك علي زواج البرنسيسة من الأفندي‏,‏ وجرت محاولات عديدة لمنع هذه الزيجة غير المتكافئة‏,‏ ومن مفارقات القدر أن الملكة ردت علي إحدي رسائل الملك بقولها‏:‏ بعد خمس سنوات لن تبقي هناك أميرات ولا أسرة مالكة‏,‏ وأنا لا يهمني إلا أن تكون ابنتي سعيدة ولو مع شحاذ‏.‏
حملة دعائية مضادة
ووصلت المفاوضات إلي طريق مسدود‏,‏ حين شنت الملكة حملة دعائية مضادة في الصحافة الغربية‏,‏ ورأت جريدة المصري آنذاك أن الهدف من وراء ذلك هو إثارة الرأي العام الأمريكي بتصوير الملك فاروق في صورة الملك المترفع عن شعبه‏,‏ المتعصب دينيا‏,‏ وإظهار رياض أفندي غالي في صورة الإنسان المضهد بسبب دينه ووضعه الاجتماعي والذي يستحق العطف والحماية‏.‏
واجتمع مجلس البلاط الملكي‏,‏ ليصدر قراراته بالتفريق بين البرنسيسة والأفندي‏,‏ ومنع الملكة من التصرف في أموالها‏,‏ ووقف وصايتها علي ابنتها‏,‏ ليصدر فاروق بعدذلك قرارا بتجريد فتحية من لقب الإمارة‏,‏ لأنه اشترط عودتها إلي مصر‏,‏ ولم تفعل ذلك‏.‏
وبعد أسابيع من الحملات والضغوط عثر رياض غالي علي رجل باكستاني اسمه بشير أحمد‏,‏ وافق علي إشهار إسلامه وعقد قرانه علي البرنسيسة طبقا للشريعة الإسلامية‏,‏ وأعلن رياض أمام المأذون الباكستاني أنه مسلم وتلا الشهادتين‏,‏ ثم وضع المأذون يد البرنسيسة في يد الأفندي وقال لها‏:‏ قولي له زوجتك نفسي علي كتاب الله وسنة رسوله‏.‏
كانت شمس الملكية في طريقها إلي الغروب‏,‏ لتأتي مفارقة أخري في هذا الإطار‏,‏ ففي‏8‏ نوفمبر‏1953‏ أصدر مجلس قيادة الثورة قرارا بمصادرة أموال وممتلكات أسرة محمد علي‏,‏ وبذلك اعترفت الثورة بمصاهرة رياض غالي للأسرة‏,‏ ووضعت اسمه ضمن قائمة تضم‏407‏ من أفراد الأسرة العلوية‏,‏ وكان في ذلك حل لمشكلة زواجه من البرنسيسة‏,‏ فقد منحه الأمريكيون الجنسية بعد أن ولد ابنه الأول‏,‏ الذي أعقبه ولادة رءوف‏1954,‏ وراندا‏1956,‏ وبدأ اسم رياض غالي يتردد باعتباره مستشارا اقتصاديا لشئون الشرق الأوسط يقدم خدماته لبعض الشركات الأمريكية الكبري‏.‏
نجح الأفندي في أن يستثمر أموال الملكة المهربة في البورصات الأمريكية بعد أن حصل علي توكيل عام من الملكة والأميرة للتصرف باسميهما في كل ما يتصل بشئونهما المالية‏,‏ فاندفع يضارب في البورصات الأمريكية بمنطق المقامر‏,‏ فبدأ يرهن ممتلكات الملكة والأميرة ويقترض بضمانها الألوف من الدولارات‏,‏ لعلها تنجح في إنقاذ استثماراته من الخسائر‏,‏ لكنه كان يضارب فيخسر‏,‏ فيقامر ويسكر حتي أصبح لا يفيق من الخمر إلا لكي يتابع أنباء الخسارة‏.‏
كابوس مخيف
وخلال السنوات التالية تكشف الحلم عن كابوس مخيف‏,‏ فتحول الأفندي إلي وغد حقيقي‏,‏ إذ وصل إلي طرد الملكة وابنتيها وأبنائه الثلاثة من بيتهم الذي رهنه وأقام به وحده عاجزا عن استئجار خادم يعد له طعامه‏.‏
ولجأت الملكة إلي أسرة يهودية مصرية هاجرت إلي أمريكا بعد الثورة‏,‏ فآوتها وحنت علي شيخوختها‏,‏ وأخذت فتحية أولادها الثلاثة وأقامت عند إحدي صديقاتها‏,‏ وتملكت الجرأة‏-‏ بعد أن رأت الأفندي يصفع أمها علي وجهها‏-‏ لتتقدم إلي المحكمة‏,‏ تطلب الانفصال الجدي عنه تمهيدا للطلاق‏,‏ وبعد فترة تكرمت أسرة شاه إيران للإنفاق علي الملكة‏.‏
ومع التحولات التي كانت تجري في مصر برحيل جمال عبدالناصر‏1970‏ تولدت فكرة العودة إلي مصر‏,‏ إلا أن عوائق عديدة حالت دون ذلك‏,‏ أخطرها تحول الملكة نازلي إلي اعتناق المذهب الكاثوليكي‏,‏ كذلك فعلت الأميرتان فتحية وفائزة ورياض غالي نفسه‏.‏
وفي العام‏1975‏ بدأت أولي خطوات رحلة العودة إلي مصر حين طلبت الأميرة فتحية من د‏.‏ لويس عوض أن يتوسط لدي قنصل مصر في نيويورك لإعادة جوازات سفرها‏,‏ وزارته فتحية وفائزة لكي يساعدهما علي كتابة بيانات الطلب الرسمي باستخراج جواز السفر‏,‏ وخلال تلك الفترة انتقل رياض غالي للإقامة في شقة متواضعة‏,‏ منساقا إلي الخمر والقمار‏,‏ يعاني حالة اكتئاب حادة‏,‏ خطط لاستدراج البرنسيسة إلي تلك الشقة‏,‏ لينتهي حلم العودة إلي مصر‏,‏ إذ رفضت الملكة الأم أن ينتقل الجثمان إلي القاهرة‏.‏
وفي صباح الأربعاء‏15‏ ديسمبر‏1976‏ بعد ستة أيام من مصرع الأميرة أقيم القداس علي روحها في كنيسة سانت بول بغرب لوس أنجلوس قبل يومين من عيد ميلادها الـ‏46,‏ وفي صباح‏11‏ من إبريل‏1978‏ كان رياض غالي عجوزا في الستين‏,‏ ينزل من عربة السجن علي كرسي متحرك‏,‏ لتحكم عليه المحكمة بالسجن لمدة تتراوح بين خمس سنوات و‏15‏ سنة‏,‏ وبعد ستة أسابيع من صدور الحكم ماتت الملكة نازلي في أول يونيو‏1978,‏ ودفنت إلي جوار ابنتها بمدافن الكاثوليك‏,‏ وبعد أشهر قليلة مات رياض غالي‏..‏ دنيا فعلا كما يقول صلاح عيسي‏.‏

This site was last updated 06/20/12