جريدة الأهرام الخميس 11/12/2008م السنة 133 العدد 44565 عن خبر بعنوان [ علم الحاسب الآلي في خدمة علم المصريات] بقلم : د. مينا بديع عبد الملك
طالب أستاذ علم المصريات الفرنسي البروفيسور سيرج سونرون1927 ـ1976, في كتابه الشهير علم المصريات بالتالي:.. يجب السير قدما إلي تطبيق الأساليب التقنية في البحوث الأثرية وتسجيل الأشياء القديمة, وفي تنمية العلوم والتقنيات مثل سير الأعماق بواسطة الاشعة, واستعمال الحاسبات الإلكترونية.
تبرز أهمية استخدام الحاسب الآلي في علم المصريات, فقد حدث في فترة السبعينيات أن اجري مركز تسجيل الآثار بالقاهرة اتصالات مع عواصم أوروبا الغربية بخصوص500 قطعة من أحجار معبد أخناتون ضمن مجموعات متاحف زيورخ بسويسرا, وميونيخ, وهامبورج, ودوسلدورف بالمانيا, وبروكسل ببلجيكا, وامستردام بهولندا, وباريس بفرنسا, وكوبنهاجن بالدنمارك, وأرسلت القاهرة علي الفور ـ طبقا للتحقيق الصحفي الموثق الذي قام به الأستاذ محمود كامل ونشره بجريدة الأهرام ـ بعثة من الفنيين لتصوير كل قطعة من هذه الأحجار للاستعانة بها في عملية تجميع أحجار معبد اخناتون الذي تعرض للتدمير ـ بعد وفاته ـ عقب الثورة التي قامت عليه جراء مجاهرته بالتوحيد, أما علي أرض الأقصر فقد عثر علي أكثر من خمسين ألف قطعة متناثرة, وداخل صروح معبد حور محب, بالكرنك, عثر علي المئات من تلك القطع.
وقاد فريق العمل المكون من خبراء مصريين وأجانب عالم المصريات الكندي البروفيسور ردفورد أستاذ الآثار بجامعة تورنتو بكندا, وعالم المصريات المصري الأستاذ الدكتور سيد توفيق أستاذ الآثار بجامعة القاهرة فيما بعد رأس هيئة الآثار المصرية.
كانت خطة العمل تقوم كالتالي: تم إعطاء كل حجر من هذه الأحجار رقما من بين تسعة أرقام1 ـ9 يمكن به التعرف علي موقع الحجر سواء في متاحف الخارج, أو الأقصر, أو داخل صروح معبد حور محب, بالكرنك, بعد ذلك قام فريق الخبراء بتسجيل معلومات علي بطاقات الحاسب الآلي ـ اذ أنه في ذلك الوقت كانت عمليات الحاسب الآلي تتم عن طريق البطاقات المثقبة والتي من خلالها كان الحاسب الآلي يستقبل المعلومات المراد تغذيتها, وكانت كل قطعة من هذه القطع يتم تعريفها للحاسب الآلي من خلال حجم الحجر وابعاده المختلفة ومكانه وألوان نقوشه ومعاني الكتابات والنصوص المدونة عليه واسماء الملوك والملكات, وذلك حتي يتمكن الحاسب الآلي من التعرف علي كل قطعة بدقة كاملة جميع هذه المعلومات تم تغذيتها للحاسب الآلي من خلال رموز بلغ عددها سبعين رمزا.
بعد مرحلة التسجيل هذه جاءت مرحلة التجميع, وفيها تم تغذية الحاسب الآلي ببطاقات التسجيل هذه لفرزها وتحليلها حتي يمكن للحاسب الآلي بعد ذلك ان يرد علي أي استفسارات تطلب منه من فريق الخبراء, مثال ذلك: عند العثور علي حجر عليه نقش لرأس الملكة نفرتيتي ينقصه التاج الملكي, فإن الحاسب الآلي قام علي الفور بالبحث في الصندوق الخاص بالتيجان الملكية, هذا الصندوق به عشرون حجرا عليها نقوش تيجان ملكية, وهنا تنحصر مهمة الخبراء في المواءمة بين الرأس وهذه القطع العشرين لاختيار التاج المناسب من بينها لرأس الملكة, وبذلك امكن اختصار المجهود الذي يقوم به الخبراء في البحث عن التاج الملكي بين عشرين قطعة عوضا عن البحث من بين أكثر من خمسين ألف قطعة.
علي مدي خمسة أعوام تمكن فريق الخبراء من تصوير وتسجيل نحو70% من الأحجار التي عثر عليها, وبذلك تمكن الخبراء ـ بمساعدة الحاسب الآلي ـ من تجميع أجزاء معبد اخناتون المبعثرة في عواصم العالم المختلفة وداخل أرض مصر.
في تلك الفترة امكن تجميع ـ من بين ماتم تجميعه ـ لوحة لإخناتون في إحدي عرباته وكل الذي تم تجميعه من هذه اللوحة في فترة السبعينيات27 قطعة فقط, وأعتقد أنه تم حاليا استكمال بقية القطع.
نفس العمل الاكاديمي يمكن اجراؤه علي البرديات حتي يمكن استكمال المفقود منها بدول العالم المختلفة.
في قرار غير مسبوق قرر المجلس الأعلي للجامعات في جلسته المنعقدة بتاريخ7 سبتمبر2008, إلغاء تدريس مادة مدخل الحاسب الآلي من اللوائح الدراسية بجميع كليات الجامعات المصرية علي الطلاب المستجدين في العام الدراسي الحالي, واستبدالها بحصول الطالب قبل تخرجه علي الرخصة الدولية لقيادة الكمبيوتر أو ما يقابلها, وبذلك انتقل التدريس من الجامعة ـ التي يعمل بها أساتذة متخصصون ـ إلي مراكز تدريب غير متخصصة اكاديميا.
حدث في عام1968,
*****************************
المراجع
(1) د. مينا بديع عبد الملك