جريدة وطنى بتاريخ 28/5/2006م العدد 2318 عن مقالة بقلم فيكتور سلامة
البابا شنودة الثالث أول من يهتم بالمخطوطات
كانت المكتبة في حجرة صغيرة بالدور الأول من حصن الدير ولما انهار الحصن في القرون الوسطي وأعيد ترميمه انتقلت المكتبة إلي حجرة أخري في الدور الثاني بجوار كنيسة الملاك ميخائيل,واضطروا وقتها إلي وضع الكثير من أجزاء المخطوطات في صناديق,وتركت مجلدات المخطوطات في أركان الحجرة تئن من عدم التهوية ودرجات الرطوبة المتأرجحة مع تعاقب فصول السنة...ودبر الرب أن يكون من رهبان الدير في منتصف القرن الماضي الراهب أنطونيوس السرياني -قداسة البابا شنودة الثالث- فاهتم بالمكتبة ونقلها من داخل الحصن إلي مكان أرحب أكثر اتساعا.....وبدأ في ترتيبها وتجميع الأجزاء المتناثرة وفهرستها,ووضع -بخط يده- رقما لكل مخطوطة...ويحكي أنه كان يسهر الليالي,ويواصل الليل بالنهار داخل المكتبة دون أن يذهب إلي قلايته,يظل بين الكتب والأوراق حتي يدق جرس نصف الليل فيخرج إلي الكنيسة يشارك مع إخوته الرهبان في التسبحة ويعود مرة ثانية إلي المكتبة,فكان أول أمين يعتني بالمكتبة ويهتم بهذا التراث الذي أحبه وعرف قيمة كل مخطوطة فيه...ومن بعده تعاقب الآباء الرهبان الذين واصلوا الاهتمام بالمكتبة.
القمص بيجول والمخطوطات والتدبير الإلهى
..القمص بيجول درس الكيمياء في كلية علوم الإسكندرية,وبعد أن تخرج واصل دراسته في الكيمياء البحرية,ولكنه فضل حياة البرية والنسك,وترك العالم وذهب في عام 1988 إلي دير السريان,ولم يكن يدري أن الرب أعده لمهمة كبيرة...داخل الدير لم تمنعه حياة التعبد والروحانيات من أن يعظم ثقافته ودراسته,ولكن لخدمة العمل داخل أسوار الدير...في سنة 1995 حصل علي دبلوم دراسات في تاريخ الفن المسيحي من جامعة ليدن الهولندية...ومن بعدها بدأ اهتمامه بالمخطوطات في الوقت الذي كان فيه الأنبا متاؤس قد هاله ما وصل إليه حال المكتبة بعد أن تكدست بالكتب والمخطوطات,ورأي نيافته أن يخصص مكتبة للكتب وأخري للمخطوطات,وجهزهما بالأثاث المناسب...واقترب الراهب بيجول من المخطوطات أكثر وأكثر...يتعمق في دراسة تراثها,وبخبرته الكيميائية يتعامل معها..
وجاءت إلي الدير -عام 1977- بعثة هولندية لترميم الرسوم الجدارية بالكنيسة الأثرية...وكان هو أقرب رهبان الدير إلي البعثة لحصوله علي دبلوم عن دراسته للفن المسيحي في جامعة ليدن الهولندية...وخلال عمل البعثة أفصح إلي إحدي عضواتها -هيفاء برندوسكا- عن قلقه علي المخطوطات,وسألها إذ ما كان يمكن أن تساعده في صيانتها...ولم تحتاج إلي تفكير...كانت إجابتها سريعة -جاهزة- وأحس لحظتها أن الله دبر كل شئ...اقترحت عليه الاتصال بمدام إليزابيث صاحبة أكبر مركز خاص لترميم المخطوطات الورقية في لندن...وأسرع بالكتابة إليها...وطال انتظار الرد,وظل ينتظر ما يقرب من عام ولكن بإيمان كامل أن لكل شئ موعد...جاءته الإجابة في منتصف عام .1998
إليزابيث والكنز
مدام إليزابيث قالت في ردها إنها سعيدة لأنها ستساهم في الحفاظ علي هذا التراث,وسوف تنتهز أقرب فرصة لتحضر إلي مصر...ولم تكن الفرصة بعيدة...في نوفمبر من نفس العام -1998- جاءت وأقامت بالدير أسبوعا...شاهدت كل المخطوطات,وهالها ما رأته,ولم تستطع أن تخفي ذهولها وقالت:لقد وضعت يدي علي كنز وعادت إلي لندن شغلها الشاغل أن تنقذ هذا التراث وتحافظ علي ذلك الكنز...وظلت الرسائل تتبادل بينها وبين الأب بيجول بحثا عن وسيلة لإنقاذ مخطوطات الدير وإحياء مكتبته...وكان اهتمامه الكبير واضحا فاختاره أسقف ورئيس الدير -الأنبا متاؤس- أمينا لمكتبة المخطوطات...كان ذلك في عام 2001,وحرص رئيس الدير علي أن يثقل خبرته في هذا المجال فأوفده إلي إنجلترا للدراسة النظرية والتدريبات العملية علي أعمال المكتبات الأثرية واكتساب الخبرات في الترميم,والتصوير الديجيتال,والتسجيل,وخلال الشهور من يناير إلي أبريل 2002 حصل علي ثلاثة كورسات الأول في المكتبة الملكية في قلعة وندسور,والثاني في المكتبة البريطانية في لندن,والثالث في مكتبة ولكمترست وفي مايو 2003 عاد مرة أخري إلي المكتبة البريطانية لدراسة عمل كتالوجات المخطوطات...وخلال هذه المدة كان الرب قد أكمل عمله من أجل إحياء هذا التراث,ففي عام 2002 كانت مدام إليزابيث قد انتهيت من تأسيس مؤسسة خيرية أسمتها THE LEVANTINE FOUNDATION لتتولي جمع التبرعات من كل العالم لإنقاذ تراث المخطوطات بدير السريان,ومنذ هذا الوقت وهي تشارك مع مجموعة من رجال الأعمال البريطانيين وأساتذة التاريخ والآثار بالجامعات البريطانية لوضع خطة لترميم وإنقاذ مخطوطات دير السريان,وهي الخطة التي أعلنت في السفارة البريطانية بالقاهرة الثلاثاء قبل الماضي ويستغرق تنفيذها خمس سنوات وتصل تكلفتها إلي ستة ملايين جنيه إسترليني.
انتهت جلسة التعارف علي رنات الموبايل في يد القمص بيجول...المكالمة تخبره أنه قد حان موعد مغادرة مدام إليزابيث لمكتبة الدير لتتوجه إلي مطار القاهرة...وكانت فرصة أن نصعد مع القمص بيجول إلي المكتبة وأن نلتقي بمدام إليزابيث.
في عجالة تحدثنا معها...قالت إنها سعيدة جدا لأن تكون وسط هذا التراث,وأنها منذ أن تلقت رسالة أبينا بيجول أحست بإحساس داخلي أنها أمام تراث عظيم,وأنها كالطبيب عليها أن تلبي نداء المريض لإنقاذه بغض النظر عن لونه أو جنسه أو ديانته...وأنها تركت عملها في الأتيليه الذي تملكه بلندن لترميم المخطوطات الورقية...وتركت عملها أيضا كمستشارة للترميم في أشهر متاحف لندن -take galerie- وأربعة متاحف أخري...تركت كل هذا لتؤسس مؤسسة خيرية هدفها الحفاظ علي التراث المسجل علي الورق والرق في منطقة الشرق الأوسط بداية بمخطوطات دير السريان لأنها تراث عظيم,وتكاليف ترميمها عالية جدا وتحتاج إلي تعاون الكثير من كل مكان...وستبدأ المؤسسة في الإجراءات الرسمية لإنشاء فرع لها في مصر,لأن مهمتها لن تكون فقط ترميم المخطوطات,ولكن الأهم هو صيانتها فيما بعد.
صرامتها ودقتها المرسومة علي وجهها لم تخفي رقتها في الحديث...اعتذرت بشدة لارتباطها بموعد الطائرة القادمة من لندن,لتكون في استقبال ضيوفها من رجال الأعمال والمثقفين القادمين لحضور حفل الاستقبال الذي سيقام بالسفارة البريطانية بالقاهرة لإعلان بدء الحملة الدولية لإنقاذ وإحياء مخطوطات دير السريان..
ماذا يوجد فى المكتبة ؟
المكتبة تضم حوالي ألفين مصنف ما بين مجلد كامل وأجزاء من مجلدات...ومعظمها مخطوطات نادرة لما قبل القرن السابع عشر بداية من القرن الخامس الميلادي...ويرجع ثراء مخطوطات الدير ليس إلي قدمها فقط,ولكن أيضا لتعدد لغتها فهي بخمس لغات -قبطي,وعربي,وسرياني,ويوناني,وإثيوبي- وأكبر هذه المجموعات هي المجموعة السريانية,مما خطها الرهبان السريان الذين أقاموا بالدير منذ منتصف القرن التاسع,وفي بداية القرن العاشر كان رئيس الدير موسي النصبيني قد زار بغداد,وأحضر معه لمكتبة الدير حوالي 250 مجلدا باللغة السريانية في مختلف الفروع,وقد دمر من هذا التراث الكثير ولم يعد باقيا إلا حوالي 50 مجلدا وما يقرب من 300جزء أقدمها يرجع إلي عام 411 ميلادية,وهو جزء من مخطوطة حياة الشهداء ومسجل عليها أسماء بعض الشهداء من بلاد فارس.
رغم المساحة المحدودة للمكتبة إلا أن دواليب الحفظ الممتدة من الأرض إلي السقف أتاحت الفرصة لهذا الكم الهائل من المخطوطات لأن تجد مكانا...وأتنقل مع القمص بيجول من مجموعة إلي مجموعة..
المجموعة القبطية
.أمام المجموعة القبطية قال لي إن أقدمها يرجع إلي نهاية القرن الحادي عشر الميلادي وأحدثها إلي القرن التاسع عشر,وتزيد مجلداتها علي 300 مجلد...ومد القمص بيجول يده ووضع أمامي أهم هذه المخطوطات القبطية في مجلد يضم 134 صفحة من الرق طولها 18.5سم وعرضها 13.5سم وفي كل صفحة 21 سطرا...المجلد يضم كل نصوص إنجيل القديس يوحنا -وهو أقدم مخطوطة لإنجيل كامل في العالم للقديس يوحنا باللغة القبطية-,ويرجع إلي بداية القرن الثاني عشر,كتب عليه تذكارا باسم القس مركوري أبي نصار وأبو الخير في سنة 831 للشهداء-1115 ميلادي.
ونترك أقدم الأناجيل لنقف أمام مخطوطة تكريس الكنائس الجديدة,وهي كتاب من 114 صفحة منسوخة علي رق,ويعتبر أقدم نسخة تملكها الكنيسة القبطية,ويرجع تاريخها إلي بداية القرن الثاني عشر إذ نسخها فضائل أبو السرور من أهل طوخ بأعمال الغربية سنة 897 للشهداء-1181 ميلادية,وفي أولي صفحات الكتاب إهداء إلي الدير بيد الأنبا يوساب مطران أورشليم في 14 برمهات 1489ش-1773 ميلادية.
يواصل القمص بيجول جولته معي داخل المكتبة...نتوقف أمام مجلد ضخم -ربما أضخم مجلدات المكتبة- المجلد يضم 369 ورقة رق منسوخ عليها في نهرين (قبطي-عربي) كتاب الرسائل وأعمال الرسل,ويعد أقدم نسخة مضبوطة ومراجعة لفصول العهد الجديد في أربع لغات -اليونانية,والسريانية,والإثيوبية,واللاتينية- وعلي المجلد حاشية تقول:المنسوخ اشتراه الأنبا قرياقص رئيس الدير (1500-1517) من راهب ودفع مع 3 كتب أخري 10 أشرافيات ذهبية (العملة في ذلك الوقت نسبة إلي الأشرف قايتباي آخر سلاطين المماليك).
المجموعة الإثيوبية
نتوقف أمام المجموعة الإثيوبية...حقيقي أن عدد مجلداتها قليل -25 مجلدا- ويرجع معظمها إلي القرن الثامن عشر,إلا أن القمص بيجول أخرج لي من بين المجموعة أقدم هذه المخطوطات,وترجع إلي القرن الثالث عشر...من الصفحات تجمعت لي بعض المعلومات,فالناسخ هو الراهب الإثيوبي تكلاهيمانوت,واهتم به الراهب القس ميخائيل الإثيوبي من دير أبينا فيلبس بمقاطعة أريتريا,ويحتوي بعض المزامير والتسابيح للسيدة العذراء,وفي الأخري جزء من دلائل لأعياد القديسين في الكنيسة الإثيوبية.
المخطوطات اليونانية
**قال القمص بيجول عن مجموعة المخطوطات اليونانية...قال:ليس هناك مجلد كامل...كل المخطوطات اليونانية أجزاء متفرقة وجدت أثناء ترميم حصن الدير...وكل هذه المخطوطات تحت البحث والدراسة والأمل أن تتوصل مؤسسة ليفنتاين خلال خطة عملها القادمة إلي تجميع هذه المخطوطات,وعمل كتالوج لها,ومما سيسهل المهمة أن كثيرا من هذه المخطوطات اليونانية نسخها رهبان الدير مترجمة إلي اللغة السريانية.
مجموعة المخطوطات العربية
** مجموعة المخطوطات العربية,وهي أكبر مجموعة بالمكتبة,ويرجع تاريخها إلي القرن الثالث عشر وحتي منتصف القرن العشرين...ومن بين هذه المجموعة الضخمة اختار لي القمص بيجول أهمها...في البداية قدم لي أقدم مخطوطة عربية -وهي كتاب تفسير القراءات الكنسية-,وتحتوي علي تفسير نصوص من العهد الجديد,ويرجع تاريخ المخطوطة إلي القرن الثالث عشر -1254 ميلادية- نسخها راهب سرياني كان يقيم في الدير وهو الراهب أنطوني ويقع في 201 صفحة منسوخة علي عمودين,وفي كل صفحة (35سم*26سم) 24 سطرا...ثم قدم كتاب آخر المجموع الصفوي لابن العسال وهو يحتوي علي قوانين الكنيسة التي قام بتجميعها القس الصفي بن العسال,ونسخة في القرن الرابع عشر -1362 ميلادية- الناسخ القس يوحنا بن ميخائيل أحد رهبان الدير,وأهمية هذه المخطوطة أنها مقابلة علي النسخة الأصلية في حضور الناسخ مشافهة.
** أتنقل بين كنوز المخطوطات العربية من كتاب إلي آخر...أتوقف كثيرا مع نسخة لكتاب الدرجي والفردوس العقلي أهمية هذه النسخة أن ناسخها هو الأنبا يوساب أسقف فوه في القرن الثالث عشر وأهداها إلي الراهب غبريال بني فخر الكفاءة (البابا غبريال الثالث البطريرك 77 فيما بعد) عندما نصب رئيسا لدير السريان...جاء في الإهداء هذه المخطوطة من نسخ المسكين يوساب وفيها كتاب الدرج وكتاب الفردوس العقلي,نقلتهما بخطي من نسخ جيدة ذكر فيها أنها محررة علي الرومي حسب الطاقة,وقابلت بجميع ما فيها عدة نسخ,وقد حبستها بعد عيني علي الأخ الرئيس القديس الفاضل العالم العامل الراهب بالحقيقة غبريال بارك الله عليه,ولد المولي الأخ الأرخن فخر الكفاءة قدس الله روحه,ويكون له طول أيام حياته.
المخطوطات الحديثة
بعد أن قضيت وقتا طويلا وسط ذخائر المخطوطات القديمة...سألت القمص بيجول عن المخطوطات الحديثة,وكان قد قال لي في البداية,إن بعضها نسخ منذ سنوات ليست ببعيدة -منتصف القرن العشرين- وإذ بيد القمص بيجول أسرع من كلماتي...قدم لي مخطوطة تحمل عنوان كتاب بستان الرهبان نسخة الراهب أنطونيوس السرياني -قداسة البابا شنودة الثالث- ووقفت مبهورا لا أصدق نفسي...وعندما نظرت إلي القمص بيجول وفي رأسي كثير من الأسئلة رأيت في عينيه كلمات أكثر...صمت...ويبدو أنه كان أعدها مفاجأة لي في نهاية جولتي بالمكتبة...وأخذت أقلب صفحات المخطوطة...الخطوط كسلاسل الذهب...العناوين باللون الأحمر والسطور بالحبر الأسود...الصفحات أعلاها أرقام بدأت من واحد وانتهت عند 156 وأعلي الصفحة الأولي رسم دقيق لصليب باللون الأحمر...وأدعوكم لتشاركونني قراءة مقدمة المخطوطة التي نسخها قداسة البابا شنودة الثالث البطريرك السابع عشر بعد المائة من خلفاء القديس مارمرقس الرسول أثناء رهبنته في دير السريان نبتدي بمعونة الله وحسن توفيقه بنسخ سير الآباء القديسين الأطهار المكرمين المنتخبين الأبرار المجاهدين,الرهبان المتوحدين النساك والعباد الذين رفضوا اللذات الدنيوية وكل نعيمها وحلاوتها حبا لسيدهم,وتركوا مملكتهم بإرادتهم وقاسوا حر الصيف وناره وبرد الشتاء القارس,وفعلوا ذلك لأجل خلاص نفوسهم بركة صلاتهم تحفظنا آمين...والمخطوطة -كما يقول ناسخها الراهب أنطونيوس السرياني- مجموعة من أخبار الرهبان القديسين المعروفة بالبستان مفتاح باب الفردوس الذي لله,التي بها تضاء العقول والأذهان,وتنقي عقل الإنسان,وتغير طبعه وتنهضه,وتجعله يشتهي نعمة ملكوت السموات
جريدة وطنى بتاريخ 28/5/2006م العدد 2318 عن مقالة بعنوان تحقيقات صحفية السفارة البريطانية في القاهرة توجه نداء إلي العالم المساهمة في إنقاذ مخطوطات دير السريان مؤسسة خيرية في لندن ترعي مشروع ترميم المخطوطات بتكلفة 6 ملايين جنيه إسترليني بقلم فيكتور سلامة قال فيها : نظمت السفارة البريطانية مساء الثلاثاء 16/5/2006 م حفل استقبال للدعوة إلي إنقاذ وترميم المخطوطات الأثرية بدير السريان العامر بوادي النطرون الذي يعود بعضه إلي أكثر من خمسة عشر قرنا..حضر الاحتفال الذي أقامه السيد ديريك بلامبلي سفير بريطانيا في مصر وحرمه علي شرف أكثر من عشرين من المثقفين ورجال الأعمال الإنجليز المشغولين بالحفاظ علي هذا التراث والعمل علي إنقاذه من خلال مؤسسة خيرية أنشئت في لندن عام 2002 م
بعد زيارة قامت بها السيدة إليزابيث سوبسيزنسكي خبيرة الترميم لدير السريان ومشاهدتها لهذا الكنز الهائل من المخطوطات التي تضمها مكتبة الدير,وكانوا قد وصلوا إلي القاهرة خصيصا لزيارة الدير ومشاهدة ماتحتويه مكتبته من مخطوطات علي الطبيعة,وحضور هذا الحفل الذي حضره نيابة عن قداسة الأبابا شنودة الثالث نيافة الأنبا متاؤس الأسقف ورئيس دير السريان,وسفراء استراليا وبولندة والسيد أحمد ماهر وزير الخارجية السابق والدكتور عبد العزيز حجازي رئيس مجلس وزراء مصر الأسبق,والسفير المصري في إنجلترا الأستاذ محمد شاكر,والدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار,والدكتور أسعد نديم مدير متحف الحضارة المصرية,ورئيس المجلس الثقافي البريطاني بالقاهرة,ولفيف من الدبلوماسيين والمثقفين ورجال الإعلام يتقدمهم المفكر الدكتور ميلاد حنا ومن الفنانان السيدة لبني عبد العزيز.
تحدث السفير البريطاني مرحبا بالحضور مشيدا بالمجهودات المبذولة من دير السريان من جانب ومن مؤسسة ليفنتاين الإنجليزية من جانب آخر للحفاظ علي هذا التراث العظيم..وتحدث نيافة الأنبا متاؤس فقدم نبذة سريعة ومختصرة عن الدير وأهمية مكتبته بما تحويه من مخطوطات أثرية كقاعدة بحث ودراسة للمثقفين والباحثين ورهبان الدير,ووجه الشكر إلي كل الجهود التي تبذل للحفاظ علي هذا التراث من جانب الحكومة المصرية ممثلة في الدكتور زاهي حواس,ومن الجانب الإنجليزي ممثلا في مؤسسة ليفنتاين والسفير البريطاني في مصر وحرمه.
وتحدث الدكتور زاهي حواس عن إهتمام هيئة الآثار المصرية بالتراث القبطي كجزء لايتجزأ من التراث المصري الأصيل والحضارة المصرية,وأعرب عن محبته واهتمامه بشكل خاص بوادي النطرون,وروي بعضا من ذكرياته عن زياراته المتكررة لأديرة الوادي.
وبينما كان الحاضرون يتابعون علي شاشة عرض كبيرة صورا لمخطوطات مكتبة الدير كان الدكتور سبستيان بروك رئيس قسم الدراسات الأرامية والسريانية بجامعة إكسفورد سابقا يتكلم عن أهمية مخطوطات الدير وندرتها,مشيرا في كلمته بشيء من التفاصيل إلي كثير من المعلومات فجذب الجميع بكلماته..والجدير بالذكر أن الدكتور سبستيان هو الذي يقوم بعمل كتالوج عن مخطوطات دير السريان-بالاشتراك مع الدكتور لوكاس فان رومبي رئيس قسم الدراسات السريانية بجامعة دوق بولاية نوث كارولينا-ومن المقرر أن يصدر أول كتالوج في بداية عام 2007 لمجموعة المخطوطات السريانية.
وجاءت كلمة رجل الأعمال الإنجليزي جون بيل وعضو مجلس إدارة موسسة ليفنتاين في ختام الحفل للتوج الجهد الكبير الذي يبذل من أجل المحافظة علي هذا التراث الإنساني,مشيرا إلي ما قامت به خبيرة الترميم الإنجليزية-إليزابيث- عقب مشاهداتها لهذا التراث وتقديرها لقيمته التاريخية والثقافية والدينية,وكان عطاؤها من أجل إنقاذ هذا التراث,عطاء بلا حدود,
إذ تركت عملها لتتفرغ لتأسيس مؤسسة خيرية في لندن حملت اسم LEVANTINE FOUNDATION لجمع التبرعات من كل أنحاء العالم لإنقاذ هذا التراث,فضلا عن إشرافها الكامل في المرحلة القادمة علي أعمال الترميم بخربتها الفنية في هذا المجال,مشيرا إلي أن المؤسسة وضعت خطة شاملة لترميم وإعادة هذا التراث علي مدي خمس سنوات بتكلفة قدرها 5.810.000جنيه إسترليني.ووجه الشكر إلي نيافة الأنبا متاؤس أسقف دير السريان الذي حافظ علي هذا التراث حتي اليوم ويسعي إلي حمايته وإلي القمص بيجول السرياني لجهده الكبير في إعادة إحياء المكتبة ووصفه بالدينامو المحرك لكل أطراف العمل والمنسق بإيجابية وسرعة بين كل المهتمين الشغوفين بهذا التراث في مصر وإنجلترا..وشكر أيضا مؤسسة ساويرس للأعمال الخيرية وخص بالشكر الأستاذ سميح ساويرس وبعض رجال الأعمال المصريين الذين ساهموا في تمويل المشروع الذي تصل تكلفته المبدئية إلي ستة ملايين جنيه إسترليني.
وفي نهاية الحفل وجه الدعوة لحفل مماثل في لندن يوم 7يونية القادمة سيتحدث فيه الدكتور لوكاس فان عن علاقة المخطوطات السريانية الموجودة بدير السريان بالمخطوطات اليونانية,ويكشف النقاب عن أهمية مجموعة المخطوطات بدير السريان كمصدر بديل للتراث اليوناني المفقود,فهي تعد الترجمة الوحيدة -بالسريانية-عن الأصل اليوناني.