Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

 سنة سبع وستين ومائة وسنة تسع وستين ومائة وموت الخليفة المهدى

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
باقى سنة 158 خلافة المهدي
سنة159 وسنة160
سنة162 وسنة 163 وسنة 164
سنة 165 وسنة 166
سنة 167 و169 وموت المهدى

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة سبع وستين ومائة
في هذه السنة سار موسى الهادي إلى جرجان في جمع كثير وجهاز لم يتجهز أحد بمثله لمحاربة ونداد هرمز، وشروين، صاحبي طبرستان، وجعل المهدي على رسائل موسى أبان بن صدقة، ومحمد بن جميل على جنده، ونفيعاً مولى المنصور على حجابته، وعلي بن عيسى بن ماهان على حرسه، فسير الهادي الجنود إليهما، وأمر عليهم يزيد بن مزيد، فحاصرهما.
وفيها توفي عيسى بن موسى بالكوفة، فأشهد روح بن حاتم على وفاته القاضي وجماعة من الوجوه، ودفن، وكان عمره خمساً وستين سنة، ومدة ولايته العهد ثلاثاً وعشرين سنة، وقد تقدم ذكر ولايته العهد وعزله عنه.
وفيها جد المهدي في طلب الزنادقة، فأخذ يزيد بن الفيض، فأقر، فحبس، فهرب، فلم يقدر عليه. وكان المتولي لأمر الزنادقة الكلوذاني.
وفيها عزل المهدي أبا عبيد الله معاوية بن عبيد الله عن ديوان الرسائل وولاه الربيع.
وفيها كان الوباء ببغداد والبصرة، وفشا في الناس سعال شديد.
وفيها توفي أبان بن صدقة، كاتب الهادي، فوجه المهدي مكانه أبا خالد الأحول.
وفيها أمر المهدي بالزيادة في المسجد الحرام، ومسجد النبي، صلى الله عليه وسلم، فدخلت فيه دور كثيرة، وكان المتولي لبنائه يقطين بن موسى، فبقي البناء فيه إلى أن توفي المهدي، وكذلك أمر بالزيادة في المسجد الجامع بالموصل، ورأيت لوحاً فيه ذكر ذلك، وهو في حائط الجامع، سنة ثلاث وستمائة وهو باقٍ.
وفيها عزل يحيى الحرشي عن طبرستان والرويان، وما كان إليه، ووليه عمر بن العلاء، وولي جرجان فراشة مولى المهدي.
وفيها أظلمت الدنيا لثلاث مضين من ذي الحجة، حتى تعالى النهار، ولم يكن صائفة، للهدنة، وحج بالناس إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وهو على المدينة، ثم توفي بعد فراغه من الحج بأيام، وتولى مكانه إسحاق بن عيسى بن علي.
وفيها طعن عقبة بن سلم الهنائي، اغتاله رجل بخنجر، فمات ببغداد.
وكان على اليمن سليمان بن يزيد الحارثي، وعلى اليمامة عبد الله بن مصعب الزبيري؛ وكان على البصرة محمد بن سليمان، وعلى قضائها عمر بن عثمان التيمي؛ وعلى الموصل أحمد بن إسماعيل الهاشمي، وقيل موسى بن كعب، وباقي الأمصار كما تقدم.
وفي هذه السنة توفي جعفر الأحمر أبو شيبة؛ والحسن بن صالح بن حبي وكان شيعياً عابداً؛ وسعيد بن عبد الله بن عامر التنوخي؛ وحماد ابن سلمة؛ وعبد العزيز بن مسلم.
وفيها أفسد العرب في بادية البصرة بين اليمامة والبحرين، وقطعوا الطريق، وانتهكوا المحارم، وتركوا الصلاة، فأرسل المهدي إليهم جيشاً، فقاتلهم، واشتد القتال، وصبر العرب، فظفروا، وقتلوا عامة العسكر المنفذ إليهم، فقويت شوكتهم وزاد شرهم.
ثم دخلت سنة ثمان وستين ومائة
في هذه السنة، في رمضان، نقض الروم الصلح الذي كان بينهم وبين المسلمين، وكان من أوله إلى أن نقضوه اثنان وثلاثون شهراً، فوجه علي بن سليمان، وهو على الجزيرة وقنسرين، يزيد بن البدر بن البطال في خيل، فغنموا وظفروا.
ذكر الخوارج بالموصل (3/76)
وفيها خرج بأرض الموصل خارجي اسمه ياسين من بني تميم، فخرج إليه عسكر الموصل، فهزمهم، وغلب على أكثر ديار ربيعة والجزيرة، وكان يميل إلى مقالة صالح بن مسرح الخارجي، فوجه إليه المهدي أبا هريرة محمد بن فروخ القائد وهرثمة بن أعين مولى بني ضبة، فحارباه، فصبر لهما، حتى قتل وعدة من أصحابه، وانهزم الباقون.
ذكر مخالفة أبي الأسود بالأندلس
في هذه السنة ثار أبو الأسود محمد بن يوسف بن عبد الرحمن الفهري بالأندلس، وكان من حديثه: أنه كان في سجن عبد الرحمن بقرطبة من حين هرب أبوه، وقتل أخوه عبد الرحمن، على ما تقدم، وحبس أبو الأسود، وتعامى في الحبس، فصار يحاكي العميان، ولا يطرف عينه لشيء، وبقي دهراً طويلاً، حتى صح عند الأمير عبد الرحمن الأموي ذلك.
وكان في أقصى السجن سرداب يفضي إلى النهر الأعظم يخرج منه المسجونون، فيقضون حوائجهم من غسل وغيره، وكان الموكلون يهملون أبا الأسود لعماه، فإذا رجع من النهر يقول: من يدل الأعمى على موضعه ؟ وكان مولى له يحادثه على شاطئ النهر، ولا ينكر عليه، فواعده أن يأتيه بخيل يحمله عليها، فخرج يوماً ومولاه ينتظره، فعبر النهر سباحة، وركب الخيل، ولحق بطليطلة، فاجتمع له خلق كثير، فرجع بهم إلى قتال عبد الرحمن الأموي، فالتقيا على الوادي الأحمر بقسطلونة، واشتد القتال، ثم انهزم أبو الأسود، وقتل من أصحابه أربعة آلاف سوى من تردى في النهر، واتبعه الأموي يقتل من لحق، حتى جاوز قلعة الرباح، ثم جمع، وعاد إلى قتال الأموي، في سنة تسع وستين، فلما أحس بمقدمة الأموي انهزم أصحابه، وهو معهم، فأخذ عياله، وقتل أكثر رجاله، وبقي إلى سنة سبعين، فهلك بقرية من أعمال طليطلة.
وقام بعده أخوه قاسم، وجمع جمعاً، فغزاه الأمير، فجاء إليه بغير أمان فقتله.
ذكر عدة حوادث
وفيها هلك شيلون ملك جليقية، فولوا مكانه اذفونش، فوثب عليه مورقاط، فقتله، فاختل أمرهم، فدخل عليهم نائب عبد الرحمن بطليطلة في عساكره، فقتل، وغنم، وسبى ثم عاد سالماً.
وفيها توفي أبو القاسم بن واسول مقدم الخوارج الصفرية بسجلماسة فجاءةً في صلاة العشاء الآخرة، وكان إمارته اثنتي عشرة سنة وشهراً، وولي بعده ابنه إلياس.
وفيها سير المهدي سعيداً الحرشي في أربعين ألفاً إلى طبرستان.
وفيها مات عمر الكلوذاني، صاحب الزنادقة، وولي مكانه محمد بن عيسى بن حمدوية، فقتل من الزنادقة خلقاً كثيراً.
وحج بالناس علي بن المهدي الذي يقال له ابن ريطة.
وفيها توفي يحيى بن سلمة بن كهيل، وعبيد الله بن الحسن العنبري، قاضي البصرة، ومندل بن علي، ومحمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة القاضي، والحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان قد استعمله المنصور على المدينة خمس سنين، ثم عزله، وحبسه ببغداد، وأخذ ماله. فلما ولي المهدي أخرجه ورد عليه ماله، وكان جواداً إلا أنه كان منحرفاً عن أهل بيته، مائلاً إلى المنصور.
وفيها توفي بشر بن الربيع، وعبثر بن القاسم، عبثر بفتح العين المهملة، وبالباء الموحدة، والثاء المثلثة.


المجلد الرابع
حوادث سنة تسع وستين ومائة
ذكر موت المهدي

في هذه السنة مات المهدي أبوعبد الله محمد بن عبد الله المنصور بماسبذان، وسبب خروجه إليها أنه قد عزم على خلع ابنه موسى الهادي والبيعة للرشيد بولاية العهد وتقديمه على الهادي، فبعث إليه، وهوبجرجان، في المعنى، فلم يفعل. فبعث إليه في القدوم عليه، فضرب الرسول، وامتنع من القدوم عليه، فسار المهدي يريده، فلما بلغ ماسبذان أكل طعامأن ثم قال إني داخل إلى البهو أنام، فلا توقظوني، حتى أكون أنا الذي أنتبه، فدخله، فنام ونام أصحابه، فاستيقظوا ببكائه، فأتوه مسرعين، فقال: وقف على الباب رجل فقال:
كأني بهذا القصر قد باد أهله ... وأوحش منه ربعه ومنازله
وصار عميد القوم من بعد بهجة ... وملك إلى قبر علية جناد له
فلم يبق إلا ذكره وحديثه ... تنادي عليه معولات حلائله
فبقي بعد ذلك عشرة أيام ومات.
وقد اختلف في سبب موته فقيل إنه كان يتصيد، فطردت الكلاب ظبيأن وتبعته، فدخل باب خربة، ودخلت الكلاب خلفه، ثم تبعها فرس المهدي، فدخلها فدق الباب ظهره، فمات من ساعته. (3/77)
وقيل: بل بعثت جارية من جواريه إلى ضرة لها بإناء فيه سم، فدعا به المهدي فأكل منه، فخافت الجارية أن تقول إنه مسموم، فمات من ساعته.
وقيل: بل عمدت حسنة جارية له إلى كمثرى فأهدته إلى جارية أخرى كان المهدي يتخطاهأن وسمت منه كمثراة هي أحسن الكمثرى، فاجتاز بالمهدي، فدعا به وكان يحب الكمثرى، فأخذ تلك الكمثرى المسمومة، فأكلهأن فلما وصلت إلى جوفه صاح: جوفي جوفي! فسمعت صوته، فجاءت تلطم وجهها وتبكي وتقول: أردت أن أنفرد بك، فقتلتك! فمات من يومه، ورجعت حسنة وعلى قبتها المسوح، فقال أبوالعتاهية في ذلك:
رحن في الوشي وأقبل ... ن عليهن المسوح
كل نطاح من الدن ... يات له يوم نطوح
لست بالباقي ولوعم ... رت ما عمر نوح
فعلى نفسك نح إن ... كنت لا بد تنوح
وكان موته في المحرم لثمان بقين منه، وكانت خلافته عشر سنين وشهراً؛ وقيل عشر سنين وأربعين يومأن وتوفي وهوابن ثلاث وأربعين سنة، ودفن تحت جوزة كان يجلس تحتهأن وصلى عليه ابنه الرشيد؛ وكان أبيض طويلأن وقيل أسمر بإحدى عينيه نكتة بياض.
ذكر بعض سيرته
كان المهدي، إذا جلس للمظالم، قال: أدخلوا علي القضاة، فلولم يكن ردي المظالم إلا للحياء منهم لكفى.
وسعتب المهدي على بعض القواد غير مرة وقال له في آخر ذلك: إلى متى تذنب؟ قال: إلى إبد نسيء ويبقيك الله، فتعفوعنا. فاستحيا منه ورضي عنه.
وقال مسور بن مساور: ظلمني وكيل المهدي، وغصبني ضيعة لي، فكتب إلى المهدي أتظلم، فوصلت الرقعة وعنده عمه العباس، ومحمد بن علاثة، وعافية القاضي، فاستدناني المهدي، وسألني عن حالي، فذكرته، فقال: أترضى بأحد هذين؟ قلت: نعم! فاستدناني حتى التزقت بالفراش، وحاكمني، فقال له القاضي: أطلقها له يا أمير المؤمنين! قال: قد فعلت؛ فقال عمه العباس: والله لهذا المجلس أحب إلي من عشرين ألف ألف درهم. وخرج المهدي متنزهأن ومعه عمر بن ربيع مولاه، فانقطعا في الصيد من العسكر، وأصاب المهدي جوع، فقال: هل من شيء؟ فقيل له: نرى كوخأن فقصدوه، فإذا فيه نبطي، وعنده مبقلة، فسلموا عليه، فرد السلام، فقالوا: هل من طعام؟ فقال: عندي ربيثاء، وهونوع من الصحناة، وعندي خبز شعير. فقال المهدي: إن كان عندك زيت، فقد أكملت. قال: نعم،وكراث؛ فأتاهما بذلك، فأكلا حتى شبعا. فقال المهدي لعمر بن ربيع: قل في هذا شعراً؛ فقال:
إن من يطعم الربيثاء بالزي ... ت وخبز الشعير بالكراث
لحقيق بصفعة أوبثنيتي ... ن لسوء الصنيع أوبثلاث
فقال المهدي: بئس ما قلت! إمنا هو:
لحقيق ببدرة أوبثنيتي ... ن لحسن الصنيع أوبثلاث
قال: ووافهم العسكر، والخزائن، والخدم، فأمر للنبطي بثلاث بدر وسأنصرف.
وقال الحسن الوصيف: أصابتنا ريح شديدة أيام المهدي ، حتى ظننا أنها أسوقنا إلى المحشر، فخرجت أطلب المهدي، فوجدته واضعاً خده على الأرض وهويقول: اللهم احفظ محمداً في أمته! اللهم لا تشمت بنا أعداءنا من الأمم! اللهم إن كنت أخذت هذا العالم بذنبي، فهذه ناصيتي بين يديك. قال: فما لبثنا إلا يسيراً حتى انكشفت الريح وزال عنا ما كنا فيه.
ولما حضرت القاسم بن مجاشع التميمي الروزي الوفاة أوصى إلى المهدي، فكتب: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم) آل عمران: 18 الآية؛ ثم كتب: والقاسم يشهد بذلك، ويشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأن علي بن أبي طالب وصي رسول الله ووارث الإمامة من بعده. فعرضت الوصية على المهدي بعد موته، فلما بلغ إلى هذا الموضع رمي بهأن ولم ينظر فيها.
وقال الربيع: رأيت المهدي يصلي في بهوله في ليلة مقمرة، فما أدري أهو احسن أم البهو أم القمر أم ثيابه، فقرأ: (فهل عسيتهم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) محمد 22.
قال: فتمم صلاته، ثم التفت وقال: يا ربيع! قلت لبيك! قال: علي بموسى؛ فقلت في نفسي: من موسى؟ ابنه أم موسى بن جعفر، وكان محبوساً عندي؟ فجعلت أفكر، فقلت: ما هوإلا موسى ابن جعفر، فأحضرته، فقطع صلاته، ثم قال: يا موسى! إني قرأت هذه الآية، فخفت أن أكون قد قطعت رحمك، فوثق لي أنك لا تخرج علي. قال: نعم، فوثق له فخلاه. (3/78)
وقال محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: رأيت فيما يرى النائم، في آخر سلطان بني أمية، كأني دخلت مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرفعت رأسي، فنظرت في الكتاب الذي في المسجد بالفسيفساء، فإذا فيه: مما أمر به أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، وإذ قائل يقول: يمحوهذا الكتاب ويكتب مكانه اسمه رجل من بني هاشم يقال له محمد. قلت: فأنا من بني هاشم، واسمي محمد، فابن من؟ قال: ابن عبد الله. قال: قلت: فأنا ابن عبد اله، فابن من؟ قال: ابن محمد، قلت: فأنا ابن محمد، فابن من؟ قال: ابن علي. قلت: فأنا ابن علي، فابن من؟ قال: ابن عبد الله. قلت: فأنا ابن عبد الله، فابن من؟ قال: ابن عباس، فلولم يبلغ العباس ما شككت أني صاحب الأمر.
قال: فتحدثت بها ذلك الزمان، ونحن لا نعرف المهدي، حتى ولي المهدي، فدخل مسجد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرفع رأسه، فرأى اسم الوليد، فقال: أرى اسم الوليد إلى اليوم؛ فدعا بكرسي، فألقي في صحن المسجد، وقال: ما أنا ببارح حتى يمحى ويكتب اسمي مكانه؛ ففعل ذلك، وهوجالس.
وخرج المهدي يطوف بالبيت ليلأن فسمع أعرابية تقول: قومي مقترون، نبت عنهم العيون، وفدحتهم الديون، وعضتهم السنون؛ بادت رجالهم، وذهبت أموالهم، وكثرت عيالهم؛ أبناء سبيل وأنضاء طريق؛ وصية الله، ووصية الرسول، فهل من آمر لي بخير، كلأه الله في سفره، وخلفه في أهله! قال: فأمر لها بخمسمائة درهم.
وقال المهدي: ما توسل أحد إلي بوسيلة هي أقرب من تذكيري يداً سلفت مني إليه أتبعها أختهأن وأحسن ربهأن فإن منع الأواخر يقطع شكر الأوائل.
وكان بشار بن برد قد هجا صالح بن داود، أخا يعقوب، حين ولي البصرة فقال:
هم حملوا فوق المنابر صالحاً ... خاك فضجت من أخيك المنابر
فبلغ يعقوب هجاؤه، فدخل على المهدي فقال له: إن هذا الأعمى المشرك قد هجا أمير المؤمنين. قال: وما قال؟ قال: يعفيني أمير المؤمنين من إنشاده. فأبى أن يعفيه. فأنشده:
خليفة يزني بعماته ... يلعب بالدبوق والصولجان
أبدلنا الله به غيرة ... ودس موسى في حر الخيزران
فوجه في حمله، فخاف يعقوب أن يقدم على المهدي فيمدحه فيعفوعنه، فوجه إليه من يلقيه في البطيحة في الحمارة.
وماتت الياقوتة بنت المهدي، وكان معجباً بها لا يطيق الصبر عنهأن حتى إنه كان يلبسها لبسة الغلمان، ويركبها معه، فلما ماتت وجد عليهأن وأمر أن لا يحجب عنه أحد، فدخل الناس يعزونه وأجمعوا على أنهم لم يسمعوا تعزية أبلغ ولا أوجر من تعزية شبيب بن سيبة، فإنه قال: يا أمير المؤمنين! ما عند الله خير منك، وثواب الله خير لك منهأن وأنا أسأل الله أن لا يحزنك، ولا يفتنك، وأن يعطيك على ما رزئت أجرأن ويعقبك صبرأن ولا يجهد لك بلاء، ولا ينزع منك نعمة، وأحق ما صبر عليه مالا سبيل إلى ردة.

This site was last updated 07/13/11