الكنيسة المعلقة .... من الداخل

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الكنيسة المعلقة .... من الداخل !!

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 3000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
الكنيسة المعلقة من الداخل
ترميم الكنيسة المعلقة

Hit Counter

 

  يقول القمص فيلبس جورجى، راعى الكنيسة المعلقة (من ١٩٦٢ إلى ١٩٧٤) فى الكتاب الذى وضعه للتعريف بالكنيسة:

«بنيت المعلقة على الأرجح فى أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الميلادى والدليل على ذلك وجود أثر من آثار الكنيسة والباقى إلى الآن من أخشاب العمارة الأولى لها، والموجودة الآن بالمتحف القبطى وهو عبارة عن كتلة خشبية مستطيلة عبارة عن عتبة أو أفريز كان يزين غالباً أعتاب الأبواب الرئيسية الخارجية، وأروع ما فيها النقوش الزخرفية البارزة وهى تمثل السيد المسيح أورشليم فى أحد الشعانين والشعب يستقبله بالترحيب والتهليل، هذا الأثر موضح به تاريخ تشييد الكنيسة فى القرن الخامس الميلادى، واللوحة عبارة عن حفر على الخشب». تنتمى المعلقة إلى الطراز البازيلكى، البناء المستطيل المستوحى من شكل الصليب، وهى الكنيسة الوحيدة فى مصر التى لا قبة لها، لأنها ليست مبنية على الأرض مباشرة، سقفها على هيئة سفينة، ويتكون من جمالونات خشبية مقامة على أعمدة رومانية، لا يزال بعضها محتفظاً بزخارفه الرومانية، والبعض الآخر طمست معالم تيجانه، نتيجة دمار لحق بالكنيسة فى القرنين الثالث عشر والسابع عشر، ثم أعيد بناؤه طبقاً للطراز المصرى القديم، إلا أن إعادة بنائه تمت بمواد مختلفة، وكانت تعتمد أساساً على الأخشاب التى تم استيرادها فى ذلك الوقت. إذا دخلنا من الباب فلننظر إلى جهة اليمين فى صحن الكنيسة، بالتحديد إلى العمود الخامس، سيطالعنا أثر نفيس، عالى القيمة، ممعن فى القدم، صورة من الفرسك، مرسومة على رخام تمثل ملاكاً، يرجع تاريخها إلى القرن الرابع الميلادى. لنرجع إلى السلالم المؤدية من الصحن الخارجى المكشوف والمؤدى إلى الشارع وإلى محطة مترو الأنفاق، هنا كان يجرى النيل عند بناء الكنيسة، ثم انحرف مجراه باتجاه الغرب حوالى خمسمائة متر حيث يتدفق الآن، من يتصور أن النيل كان يجرى موضع شارع عماد الدين حتى العصر المملوكى، حتى الأنهار لا تثبت فى مجاريها! نصعد السلالم، إلى اليمين مكتب راعى الكنيسة، إلى اليسار جدار عليه مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة تسجل لحظات مهمة من تاريخ الكنيسة فى القرن العشرين، وهذه الصور من التراث النادر، يوجد ركن يبيع الصور والكتب والموسيقى التذكارية، وقد اقتنيت تسجيلات نادرة للقداس الباسيلى، وقداس للبابا كيرلس السادس، وتسجيلات أخرى للموسيقى القبطية، خاصة للفريق الذى كوّنه صديقى جورج كيرلس. نتوقف عند المدخل، الجدران مغطاة بزخارف بديعة، منمنمة، والأبواب من خشب الأبنوس، مطعمة بسن الفيل (العاج)، وطبقاً لما يذكره القمص فيلبس جورجى فقد كانت من خشب الأرز. يرى الواقف الكنيسة منقسمة إلى أربعة أقسام، يفصلها عن بعضها البعض صفوف من الأعمدة الرخامية، ويرجع المتخصصون تاريخها إلى القرن الثالث الميلادى، وذلك نتيجة لشكل تيجانها. بشكل عام فإن تاج العمود يحدد تاريخه وطرازه. القسم الأيمن ويشمل جزءاً من الصحن يحده ثمانية أعمدة رخامية تتوالى مرتكزة إلى أفريز خشبى من أعلى. القسم الأوسط ويشمل جزءاً من الصحن، وبين هذا الجزء والقسم الشمالى ثلاثة أعمدة، القسم الشمالى من الصحن ويبدأ بالأعمدة الثمانية الرخامية المتصلة من أعلى بأفريز خشبى مستمر، وترتكز على عقود وقد أضيف جزء من هذا القسم إلى المتحف القبطى، أما صحن الكنيسة فينقسم إلى جزأين، الأيمن للرجال والأيسر للنساء، يفصلهما حاجز خشبى من الأرابيسك. هنا نتوقف عند المدخل لنرى وندقق محتويات الكنيسة، التى تزدحم وتفيض بتفاصيل لا يوجد مثلها فى أى كنيسة بالعالم. الأنبل (المنبر) ما من شىء يحوى المعنى مثل العمارة، كم من الرسائل المنتقلة عبر العصور تنتظر من يفضها، يشرح رموزها بعد اندثارها خلال الزمن المتوالى، الممتد، نرى بمنتصف صحن الكنيسة تلك الوحدة الجميلة من الرخام، تعرف هنا بالأنبل (نلاحظ التقارب الشديد مع لفظ المنبر)، يرتكز على خمسة عشر عموداً، منها اثنان ملتصقان بجسم المنبر والأعمدة الأخرى الثلاثة عشر كل منها منفصل عن الآخر تحمل تكوين المنبر، يوجد عمود أسود رمز ليهوذا الخائن، أما بقية الأعمدة فترمز لتلاميذ المسيح عليه السلام، الأنبل بوضعه الحالى يوازى دكة المبلغ الموجودة فى صحون المساجد، والتى تلى المحراب والمنبر، وكان الهدف منها جلوس قارئ القرآن للتلاوة أو المبلغ الذى يردد التكبير خلف الإمام ليسمعه من هم فى الصفوف الخلفية، غير أن الأنبل يقترب فى الشكل من المنبر بسلالمه الصاعدة إلى أعلى، الأنبل هنا مطعَّم بقطع من الرخام الملون، كما توجد على بعض لوحاته الرخامية نقوش بارزة بعضها على شكل قوقعة وبعضها على شكل صلبان مزخرفة داخل دوائر تفيض بأشكال هندسية جميلة، للأنبل اثنتا عشرة درجة رمز لتلاميذ السيد المسيح، والمرجح أنه أنشئ وتم نحته فى القرن الثانى عشر، وكان يستخدم للقراءة وإلقاء العظات، تحته دفنت بعض التوابيت التى تحتوى على رفات بعض البطاركة مثل الأنبا أبرام السريانى، والبابا خرستو دولوس، وكان ترتيبه فى سلسلة الآباء البطاركة رقم ٦٦، وقد توفى عام ١٠٧٠ ميلادية، وبعد مدة من دفنه فى الكنيسة المعلقة نُقل جسده إلى دير الأنبا مقاريوس الكبير فى صحراء شهيتا بوادى النطرون. مما يلفت النظر هنا الأعمدة الرخامية، أطوالها المتساوية، نقوشها المستوحاة من ورقة الأكانتس، أو التيجان الكورنثية، أى أنها رومانية الطراز، ولابد أنها كانت قائمة فى معابد رومانية.. هنا نلاحظ تلك الظاهرة التى قلما نجدها فى بلد آخر، فالأعمدة العربية القديمة نجدها فى الكنائس والمساجد، كذلك الأحجار الضخمة، وقد رأيت حجارة فى جدران بعض الأديرة لاتزال تحمل العلامات الهيلوغريفية، مثل الدير الأبيض فى سوهاج.. وفى مسجد وخانقاه فرج بن برقوق بصحراء قايتباى توجد عتبة سوداء من الجرانيت منقوش عليها خرطوش رمسيس الثانى، أما سور القاهرة فمنقوشة أحجاره بالعلامات الهيلوغريفية.. وتذكر مصادر التاريخ أن بهاء الدين قراقوش، وزير صلاح الدين الأيوبى، هدم ستين هرماً صغيراً كانت إلى جوار أهرام الجيزة، هكذا تتداخل أحجار وأعمدة المعابد بالكنائس والمساجد. وإذا كان المحسوس المعاين يتداخل هكذا، فما البال بغير الموتى أو ما يمكن إدراكه من الرؤى والأفكار؟ يقول القمص فيلبس جورجى إن أعمدة الكنيسة كانت تحتوى على نقوش وصور للقديسين الشهداء والملائكة بألوانها الزاهية، لكنها زالت نتيجة القشط والصقل ولاتزال آثار هذه الصور على أحد الأعمدة، وتعلو هذه الأعمدة التيجان المزخرفة المستوحاة من أوراق الأكانتس، التى ظهرت فى العمارة لأول مرة فى الأعمدة اليونانية ثم الرومانية. من أجمل ما وصلنا من آثار فى الكنيسة المعلقة المقاعد التى تصطف فى الصحن، تفيض بالعتاقة والقدم، على هيئة دكك مزخرفة بالأرابيسك، كلها متجهة إلى الهيكل، أفضل الجلوس فى أولها بالنسبة للداخل والاستسلام للتأمل، هذا الكون الصغير من الجمال، من الرمزية، من التاريخ، هذا الضوء السلسال الملون القادم من أعماق الوجود. تماماً مثل كل دور العبادة فى مصر القديمة، وفى الأديان الأخرى، يقوم البناء على التدرج. فى آخر الصحن باتجاه الشرق يقوم حجاب من الخشب المزخرف، المطعم بنفس وحدات الأرابيسك التى نراها فى المساجد، ثلاثة أحجبة على كل منها أيقونة، هذا الحجاب فاصل.. حد. عند الوصول إلى النهاية لابد من حد، لابد من وقفة، لا يسمح هنا إلا للكهنة القائمين بالخدمة، هنا المكان الوحيد الذى لابد أن يتجرد فيه الإنسان من حذائه. خلف الحجاب توجد الهياكل الثلاثة، أهمها هيكل السيدة العذراء، التى تسمى الكنيسة باسمها. الاسم الرسمى هو كنيسة السيدة العذراء، أما المعلقة فهو الوصف الدارج، هيكل السيدة العذراء هو الأوسط، فى وسط مذبح دقيق الصنع، رهيف التكوين، تعلوه قبة خشبية تقوم على أربعة أعمدة فريدة فى صنعها من الرخام الملون المضلع، لم أعرف فى كل ما رأيت فى معابد العالم أرق ولا أجمل منها، القبة مزخرفة من الداخل والخارج بصور جميلة ملونة (أيقونات)، منها ما يمثل السيد المسيح الجالس على العرش، تحوطه الملائكة، أما أركانها النهائية فقد زينت بالرسوم الملونة أيضاً، كذلك العوارض الخشبية، تحفها زخارف وفصوص قبطية. أمام المذبح من جهة الشرق يوجد مكان لجلوس رجال الكهنوت، وهو عبارة عن درجات فى شكل نصف دائرى مكسوة بقطع الرخام الملون وعددها ستة وفى نهايتها العليا فجوة تشبه القبلة فى الجدار الحائطى، ويقال إنها موضع العرش الخاص بالرئيس الأعلى لرجال الكهنوت. الهيكل الثانى يقع إلى يمين الهيكل الأوسط، يُعرف باسم هيكل يوحنا المعمدان لأنه مكرس على اسمه، فيه نقوش وزخارف ترقق المادة إلى أقصى حد وتحولها إلى ما يشبه الطيف، الدرجات الخاصة برجال الكهنوت فيه مزخرفة بقطع الفسيفساء الرائعة، خاصة الفجوة العليا الموجودة فى الحائط الشرقى، فى وسطها صليب كبير الحجم مزين بالفسيفساء، نرى نافذتين فى أعلى الجدار الجنوبى داخل الهيكل لهما تأثير عميق فى الروح، فهما نافذتان من حيث المظهر، وطاقتان إلى الأبدية تمر من خلالهما الأرواح إلى اللامنتهى. الهيكل الثالث مكرس للقديس مار جرجس، وفى الأيقونات القبطية نرى دائماً فارساً يمتطى جواداً ويغرز رمحه فى صدر التنين الوحشى الأسطورى، إنه مار جرجس. للفن القبطى سمات خاصة ينفرد بها، ألوانه، خطوطه، أما عيون القديسين فهى امتداد لعيون أقنعة الغيوم، العيون التى لم يعد أصحابها بيننا لكنهم مازالوا يحدقون إلينا من اللانهاية، من حيث لا يمكن لنا أن ندركهم، هذا ما يطل علينا من الهياكل الثلاثة المستورة بحجاب، وهذا ما سوف نطالعه فى الجزء الجنوبى من الكنيسة حيث مكان المعمودية، أى التعميد بالمياه للمولودين القادمين إلى دنيانا للتو.

This site was last updated 01/09/10