Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

رأى الكنيسة القبطية فى المادة الثانية من دستور مصر

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
الكنيسة والمادة الثانية
مركز أبن خدون والمادة الثانية

Hit Counter

 

 مشكلة الألف واللام  

دعى الأنبا مرقص، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية إلي إدخال تعديلات علي المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن «الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع».
وطالب في تصريحات أدلى بها لصحيفة «المصري اليوم» بحذف «الألف واللام» من كلمتي «المصدر الرئيسي» اللتين أضافهما الرئيس الراحل أنور السادات، وأن تكون المادة: «الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع» لضمان وجود مصادر آخري.
وانتقد تصريحات الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب، التي قال فيها: «إن أقباط مصر كانوا من الوعي لأنهم لم يطالبوا بالمساس بالمادة الثانية من الدستور»، وقال الأنبا مرقص إن الأقباط يريدون تغيير هذه المادة، وأن عدم مطالبتهم بذلك يرجع إلي انتظارهم قيام طرف مسلم بالمطالبة بتغييرها، تأكيداً لحقوقنا.
وأشار الأنبا مرقص إلي ضرورة التفريق بين الدين والشريعة، لأن الأول أسلوب عبادة، والثانية أسلوب للمعاملات، وتنفيذها يخضع لفهم وتأويلات، وقال: ما نخشاه أن تكون ترجمة الشريعة هي الحدود أو فهم الإخوان.
وتساءل الأنبا مرقص: هل يتم الحكم فينا بالشريعة الإسلامية وفق تفسير الإخوان أم بأصل الدين الإسلامي نفسه. ولا ندري ما هي علاقة الإخوان بذلك .. فكل من أراد أن ينال من الإسلام هذه الأيام يمسحها في الإخوان !!
وأوضح الأنبا مرقص أن مبدأ المواطنة لابد أن يعتمد علي قوانين نتفق عليها، وليس علي قوانين يتم فرضها علينا، منتقداً المناخ العام، الذي أصبح يأخذ طابعاً دينياً، متهماً في ذلك وسائل الإعلام التي تشجع هذا المناخ بالتركيز علي الدين الإسلامي، وتجاهل حقوق المسيحيين.
وضرب الأنبا مرقص مثالا ببرنامج «البيت بيتك» الذي يستضيف المفتي كل ثلاثاء، ويتناسي حق المسيحيين في السؤال وطلب الفتوي في أمور دينهم، وشدد علي أن الأقباط ليسوا أقلية، مؤكدا أنهم أقل في العدد، وأن نسبتهم تتراوح بين 15 و18% من تعداد السكان ـ حسب تقديره ـ إلي جانب أنهم «أبناء البلد وأصحابها».
وطالب المتحدث الرسمي باسم الكنيسة بتفعيل دستوري للمواد التي تجرم ازدراء الأديان، وأن يتساوي تطبيق هذه المادة مع جميع الأديان، لتفادي حالة الاحتقان الطائفي الموجودة حاليا.
لقد قلنا مرارا أن ما يرتكب الحزب الوطني من حماقات تتعلق بتخريب الدستور والمساس بالتوازنات الموجودة لن يساهم إلا بالمطالبة بالمزيد من التنازلات، ومن المساس بهوية هذا الوطن التي تعززت عبر القرون.
ومن المؤسف أن يتحدث عن الإسلام وعن الشريعة بهذه الطريقة السلبية والجميع يعلم أن الإسلام كان دائما على مر القرون هو الضامن والحامي لحقوق غير المسلمين ومن حماية اختياراتهم في الدين والعبادة والمقدسات.

 

***********************

ثامنا : ـ قرارات مجمع الآباء الكهنة والمجلس الملي وممثلي الشعب القبطي بالإسكندرية - في المؤتمر المنعقد بالبطريركية
بتاريخ 17 يناير سنة 1977

تمهيد
بدعوة من مجلس كهنة الإسكندرية، اجتمع الآباء كهنة الكنائس القبطية، والسادة أعضاء المجلس الملي السكندري ، والسادة رؤساء وأعضاء الجمعيات والهيئات القبطية والسادة الأراخنة مجالس الكنائس وممثلو قطاعات الشعب القبطي من هيئات التدريس الجامعي والأطباء والمحامين والمحاسبين والمهندسين والمعلمين وأرباب المهن التجارية والسادة العاملين في مختلف المصالح الحكومية والقطاع العام .
وقد دعت الضرورة لعقد هذا الاجتماع في هيئة مؤتمر لممثلي الشعب القبطي بالإسكندرية مع الآباء الكهنة الرعاة، وذلك لبحث المسائل القبطية العامة، وتفضل قداسة الباب الأعظم الأنبا شنودة الثالث بحضور جلسة الاجتماع الأول التمهيدي بتاريخ 17 ديسمبر سنة 1976 في الكاتدرائية المرقسية الكبرى .
وبحث المجتمعون الموضوعات المعروضة، كما استعرضوا أيضا ما سبق تقريره في اجتماع اللجنة التحضيرية لكهنة الكنائس القبطية في مصر الحاصل بتاريخ 5و6 يوليو سنة 1976 . ووضع الجميع نصب أعينهم – رعاة ورعية – اعتبارين لا ينفصل أحدهما عن الآخر : أولهما الإيمان الراسخ بالكنيسة القبطية الخالدة في مص التي كرستها كرازة القديس مرقص الرسول وتضحيات شهدائها الأبرار على مر الأجيال – والأمر الثاني الأمانة الكاملة للوطن المفدى الذي يمثل الأقباط اقدم واعرق سلالاته حتى أنه قد لا يوجد شعب في العالم له ارتباط بتراب أرضه وبقوميته مثل ارتباط بمصر العزيزة .

عرض المسائل القبطية العامة
( 1 ) حرية العقيدة

حرية العقيدة تعني أن كل إنسان حرا في اعتناق العقيدة الدينية التي يؤمن بها، وألا يلحقه إيذاء أو معاناة بسبب هذا الإيمان .
غير أنه قد انتشرت أخيرا بعض الاتجاهات التي تصادر حرية العقيدة المسيحية وشايعتها مع الأسف بعض الجهات الرسمية مثل مديريات الأمن وإدارة السجل المدني ومكاتب التوثيق ونيابة الأحوال الشخصية وذلك فيما يتعلق بحالات اعتناق الإسلام من جهة، وبالحالات الموصوفة من قبيل الردة عن الإسلام من جهة أخرى .
فبالنسبة لحالات اعتناق الإسلام، ننظر بقلق بالغ إلى التيارات الجارفة في مختلف الأوساط سواء الدينية أو الاجتماعية بالتعريض للمسيحية إلى حد المجاهرة بدمغ الإيمان المسيحي بالشرك والكفر . ويصاحب ذلك احتمال الطرق الإغراء واستغلال الحاجة لاصطياد البسطاء من المسيحيين إلى حظيرة الإسلام . وهذا دون مراعاة لما جرى عليه العرف وتضمنته التعليمات الرسمية من ضرورة إخطار الجهات الدينية المسيحية عن طلبات الرغبة في شهر الإسلام قبل وقوعه . ويشكل ذلك هدما لسياج حرية العقيدة وفتح الباب علة مصراعيه للتلاعب بالأديان وإذكاء روح الفتنة والتفرقة بين المواطنين .
أما بالنسبة لما يوصف بالردة عن الإسلام ، فان الجهات الرسمية تدأب على أن ترفض الاعتراف باعتناق المسيحية بل والأدهى من ذلك أنها ترفض الاعتراف بعودة المسيحي إلى ديانته الأصلية التي ولد فيها . إذا هي تأبى إثبات واقع الحال في الوثائق والسجلات وفي البطاقات الشخصية وجوازات السفر، كما ويتعرض معتنقو المسيحية العائدون إلى مسيحيتهم الأولى – للمطاردة في حياتهم العائلية بالتفريق بين الأزواج وبين الآباء بغرض تشريدهم من الوظائف بحجة المجازاة التأديبية .
وهذه الاتجاهات الخاطئة تناقض حرية العقيدة التي أعلنها ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على الصعيد العالمي، والتي تنص عليها أيضا على الصعيد القومي دستور مصر لسنة 1971 ( وكافة الدساتير المصرية السابقة منذ فجر الاستقلال ) بأن " تكفل الدولة حرية العقيدة " وان لا تميز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة " .
فضلا عن أن المشرع المصري نفسه – بمناسبة إصداره قانون المواريث في سنة 1943 – قد أعلن صراحة رفض الأخذ بالأحكام الشرعية العتيقة عن الردة لأنها " وردت مشبعة بالروح الدينية التي ظهر أنها تخالف الدستور " .
كما سبق أن أفتى مجلس الدولة بأن أحكام الردة " لا يستقيم تطبيقها مع إطلاق الحريات في العصر الحديث بما فيها حرية الاعتقاد " .

حرية ممارسة الشعائر الدينية

العقيدة الدينية إيمان وممارسة، ومن أسس الإيمان المسيحي العبادة الجماعية ومباشرة المؤمنين معا طقوسهم التعبدية كما تسلمتها الكنيسة .
وأنه مما يحز في نفوسنا ما يلاقيه الأقباط من مشاق ومضايق، وتقييد، وتعقيد بل وإيذاء بالغ في أحيان كثيرة إلى حد الاعتداء وسفك الدماء – بمناسبة بناء الكنائس لأجل السجود لله فيها بالروح والحق والصلاة والابتهال والدعاء .
وغنى عن البيان أن تشييد الكنائس الجديدة لا يقوم به الأقباط على سبيل المباهاة أو ليكاثروا به غيرهم، كما وأنه لا توجد ميزانية عامة مرصودة لهذا الغرض، وانما تبنى الكنائس القبطية بتبرعات يدفعها أبناء الشعب القبطي من كبيرهم إلى صغيرهم، وبعرق وجهد بدافع حاجتهم للعبادة، وغير خاف أمر زيادة السكان في مصر زيادة مضاعفة، فقد بلغ عدد المسيحيين في مصر حاليا أكثر من سبعة ملايين نسمة، ومن هنا كانت الضرورة لبناء الكنائس الجديدة لأن الكنائس القديمة – بداهة – لم تعد تتسع لعدد الأقباط الحالي بحجمها الذي كانت عليه منذ خمسين عاما .
ومع وضوح ذلك للمسئولين فلا يزال بناء الكنائس وترميمها واصلاحها مشروطا بترخيص ومحدودا بعد معين لا تتجاوزه، ولا تزال هناك أمام استصدار التراخيص – حتى بالنسبة لهذا العدد المحدود – قيود وصعوبات ومواصفات أضعاف ما تشترطه الدولة لتراخيص الملاهي والمحال العامة . ولا يزال الأقباط تحت نير قيوده غابرة، وتحت وطأة إ؟داري صدر بأدنى مراتب القرارات الإدارية في عام 1934 من وكيل لوزارة الداخلية أيام حكومة دمغها التاريخ الوطني بالظلم والاستبداد . ولقد بلغ الأمر أن صدرت بعد لأي ومشقة قرارات جمهورية بناء بعض الكنائس، ولكن لم يكن تشييدها وعجز الجهات الحكومية المعنية .
بل حتى الكنائس القائمة نجدها تتعرض في العواصم والمدن، وفي الكفر والقرى، لاعتداءات وأعمال تخريبية ولإيذاء المصلين فيها ومنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية . وفي غمار الأحداث الأسيفة الغوغائية التي وقعت خلال السنوات القريبة الماضية، استشعرنا قصور وسائل الأمن الوقائي الكفيلة بوضع حد للعدوان أو بمنع وقوعه . وترتب على تلك الأحداث التي لازالت تتكرر المساس بحرية العبادة هذا فضلا عن الإساءة البالغة لهيبة الدولة وتشويه سمعة مصر في أنحاء العالم كله .
ولقد سجلت بذلك كله بقدر طاقتها لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الشعب وأثبتته في تقريرها الذي اعتمده المجلس في نوفمبر سنة 1973 مما دعا لإصدار القانون رقم 34 لعام 1972 بشأن حماية الوحدة الوطنية . وعلى الرغم من توصيات اللجنة الصريحة فان القيود والعقبات أمام تشييد الكنائس الجديدة لا تزال بكل تعسف قائمة بإحداث الاعتداء تقع من حين لآخر ظالمة مظلمة . وكل هذا يجري على أرض مصر الطيبة التي قدستها زيارة السيد المسيح له المجد والقديسة مريم أم النور منذ عشرين قرنا.

( 3 ) تطبيق الشرع الإسلامي

ظاهر أن في مصر الآن تيار جارف ينادي باعتبار الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد لما يجب أن يطبق في البلاد . ويبين بكل جلاء من كلمات وكتابات المنادين بهذا الرأي سواء في المجال الرسمي أو المجال الشعبي . أنهم يعنون بذلك شريعة الإسلام الدينية . وهم يؤسسون وجوب التطبيق والإلزام – على العقيدة الدينية بأن أحكام هذه الشريعة أحكام الهية وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية التشريع الإلهي .
فليست المسألة في نظر جماعة هذا الرأي – مسألة قواعد وأحكام وأصول الفقه الإسلامي . فقد سبق للمشرع المصري الأخذ منها كمصدر من مصادر القوانين الوضعية، بل وغلبها أحيانا كثيرة على المصادر الأخرى المستمدة من التقنينات المقارنة أو تطبيقات القضاء والفقه المصري .
وإنما المسألة المطروحة حاليا هي أن تؤخذ أحكام شرعة الإسلام مأخذ التطبيق برمتها جملة وتفصيلا، وذلك تأسيسا على اعتبارها الديني العقائدي الخالص أي اعتبار القرآن والسنة .
وليس هذا الرأي بجديد . فإننا نستطيع أن نتتبع جذوره إلى سنة 1948 حين أعلنه رسميا تحت قبة البرلمان الأستاذ حسن الهضيبي ( وكان حينئذ مستشارا بمحكمة النقض قبلما يتولى زعامة جماعة الإخوان المسلمين خلفا للأستاذ حسن البنا ) .
إذ قال : " أن لي رأيا معينا في المسألة برمتها في القانون المدني فقط، وهذا الرأي بمثابة اعتقاد لدي لا يتغير وأرجو أن ألقى الله عليه ... اعتقادي أن التشريع في بلادنا كلها وفي حياتنا جميعاً يجب أن يكون قائماً على أحكام القرآن . وإذا قلت القرآن ،فأني أعني كذلك بطبيعة الحال سنة الرسول ( صلعم ) لأن طاعته من طاعة الله .. " ( جلسة لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ المعتقدة يوم 30 مايو سنة 1948 ) .
وما دامت المسألة بهذا الوضع يوم ولدت في سنة 1948 ويوم بعثت مرة أخرى سنة 1876 – وإنها قائمة على الأساس الديني الخالص ،فيترتب على ذلك حتماً استبعاد المواطنين الأقباط من تصور تطبيق شريعة الإسلام عليهم بذلك المفهوم والإقناع العقائدي الإسلامي .فالعقيدة هنا تتوفر ( أو يفترض توفرها ) فيمن يدينون بالإسلام ،دون غيرهم من أبناء المذاهب والديانات الأخرى في مصر .
ومن ثم أعلن – وبحق – سيادة المستشار سميح طلعت وزير العدل في حديث صحفي نشرته جريدة الأخبار الغراء عقب توليه منصب الوزارة في مايو سنة 1976 بأن التشريعات الإسلامية كما ينادي بها أصحاب ذلك الرأي لن تطبق على المسيحيين في مصر .
وغنى عن البيان إنه ما دام الأمر متعلقاً بتطبيق الأحكام الواردة في القرآن ،وسنة نبي الإسلام ،وبهذه المثابة الدينية الخالصة ،فلا يتأتى أن يلزم بهذا التطبيق ألا من كان له الإسلام ديناً .إذا أنه يعتنق القرآن شريعة الهية بإيمانه ،والحديث مثيله لأنه يؤمن أيضاً أن طاعة النبي من طاعة الله كما قال الأستاذ الهضيبي فيما سلف ذكره .
ومن ثم لا يستغرب أحد – سواء على الصعيد العربي أو حتى الصعيد العالمي – أن تكون شريعة الإسلام الدينية المطبقة بإطلاق في المملكة العربية السعودية . ذلك لأن جميع رعاياها – بغير استثناء – يدينون بالإسلام . فيتفق مع إيمان كافة المواطنين هناك أن يجري عليهم حكم القرآن والسنة النابعين من صميم ضميرهم الديني وعقيدتهم الإسلامية .
أما في مصر حيث يوجد أكثر من سبعة ملايين مواطن مسيحي (وكذلك في أية دولة عربية تضم مواطنين مختلفي الديانة ) فإن القول بتعميم تطبيق الشرع الإسلامي أي أحكام والقرآن والسنة على سائر المواطنين ،مؤداه في واقع الأمر إلزام غير المسلمين من المواطنين المصريين بعقيدة الإسلام مما يتعارض مع أقدس حقوق الإنسان أولي حريات المواطن المصري في الدستور الدائم وهي حرية العقيدة . بل وتأبى هذا تعاليم الإسلام ذاته حيث " لا إكراه في الدين " .
ولقد استلهم الميثاق الوطني للأمة هذه المبادئ الأساسية حين سجل :
" أن حرية العقيدة الدينية يجب أن تكون لها قداستها في حياتنا الجديدة الحرة .. أن الإقناع الحر هو القاعدة الصلبة للإيمان .. والإيمان بغير الحرية هو التعصب ،والتعصب هو الحاجز الذي يصد كل فكر جديد ويترك أصحابه بمنأى عن التطور المتلاحق الذي تدفعه جهود البشر في كل مكان " .

(4) حماية الأسرة والزواج المسيحي

زواج الأقباط ينبع من صميم العقيدة المسيحية ،وهو سر من أسرار الكنيسة المقدسة ،وفي هذا المجال يختلف الزواج المسيحي عن النظرة إلى الزواج في شرائع أخرى تعتبره مجرد عقد مدني ونظام قانوني يتدرج ضمن دائرة المعاملات فيتم بالتراضي ،وينحل بالتراضي أو بالإرادة المنفردة وبحكم القاضي .
والصبغة الدينية التي يصطبغ بها زواج الأقباط لا يتعارض مع النظام في المجتمع المصري – أن دستور مصر قد نص على أن " الأسرة أساس المجتمع ،قوامها الدين والأخلاق والوطنية " فبالنسبة للأسرة المصرية المسيحية يكون قوامها إذن هو دينها المسيحي الذي أرسى دعامة الزواج بوصية السيد المسيح له المجد أن " يكون الاثنان جسداً واحداً .. وما جمعة الله لا يفرقه إنسان " .
ولكن جد بعد صدور القانون رقم 462 لعام 1955 بإلغاء اختصاص المجالس الملية بنظر مسائل الأحوال الشخصية أن نص على تطبيق الشريعة الإسلامية على زيجات المسيحيين بمجرد تغير أي من الزوجين لمذهبه أو ملته قبل رفع الدعوى أمام القاضي . وترتب على هذا أن صارت للزوج المسيحي في تلك الحالة سلطة تطليق زوجته بكلمته . أما لو اعتنق أي الزوجين ديانة الإسلام ،وفي أي وقت من الأوقات ولو في آخر مرحلة من مراحل التقاضي ،فإن انطباق الشريعة الإسلامية يضحي وجوبياً وبكافة آثاره سواء بالنسبة للزوجين أو للأبناء .
وهذا الوضع فيه تخريب للأسرة المسيحية وهدم لبيوت الزوجية ،ومجاراة لكل نزوات البغضاء والكيد والانتقام ،كما ينطوي على أفتئتات صارخ من جانب طرف واحد على حقوق للطرف الآخر بل على مصير أفراد الأسرة جميعاً ،مما يجافي أبسط مبادئ العدالة والقانون .
وغير مقبول منطقاً وعقلاً في أحوال تنازع الشرائع أنه إذا أختلف زوجان مسيحيان في الملة أو الطائفة تستبعد شريعتاهما المسيحية نهائياً ،وتطبق عليهما شريعة أخرى من ديانة لا يدينان بها على الإطلاق.
فضلاً عن أن من شأن استمرار هذا الوضع غير المستساغ الذي نجم عن ثغرة في تشريع متعجل غامض ، إيجاد التناقض بين موقف الدولة وموقف الكنيسة ،وهو تناقض لا يريده أحد ولا مصلحة فيه لأحد .

(5) المساواة وتكافؤ الفرص

المساواة بين المواطنين في الوطن الواحد مبدأ أساسي ،تحقيقاً للعدالة وضماناً لوحدة الوطن . وقد أكده الدستور المصري بأن المواطنين لدى القانون سواء " وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة " . كما أكد مسئولية الدولة في هذا الصدد بالنص صراحة على أنه " تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين " .
أما أن المواطنين الأقباط يقفون على قدم المساواة مع سائر أبناء مصر في أداء الواجبات فهذا أمر مسلم به.
وقد رفض القبط على مر الأجيال وفي أشد عصور الاستعمار الأجنبي إغراء أن يتمتعوا بأي أستثناءات أو امتيازات فيما يتعلق بالتكاليف العامة . وفي جميع مجالات الخدمة العامة أسهم الأقباط طواعية واختياراً وبسخاء وتفان وإخلاص ،وبخاصة منذ بداية حركات التحرر والاستقلال في أوائل القرن العشرين .
لقد دفع مسيحيو مصر ضريبة الدم ،وهي أغلى وأقدس الواجبات الوطنية في ثورة الاستقلال الشعبية عام 1919 ،وكتبت أسمائهم بحروف من نور في وثائق الجهاد الوطني الذي رفع لواءه رائد الاستقلال الزعيم الخالد سعد زغلول ،وفي جميع الحروب التي حاربتها مصر دفاعاً عن استقلالها ورداً للعدوان كان الضباط والجنود الأقباط مع رفقائهم في السلاح يبذلون الأرواح بسالة وسماح تحت رايات جيش مصر ،سواء في حرب عام 1956 أو عام 1967 وأخيراً في حرب أكتوبر سنة 1973 العظيمة بقيادة قائد البلاد المظفر الرئيس أنور السدات .
وعندما بدأت حركة التحرر الاقتصادي منذ أربعين عاماً قدم الأقباط ثرواتهم وحلي نسائهم لتكون رؤوس أموال ودعامات المؤسسات المالية والتجارية المصرية ،تدعيماً للاقتصاد الوطني ولتحريره من السيطرة الأجنبية . لما أعلنت ثورة 23 يوليو – المبادئ الاشتراكية وتحديد الملكية الزراعية ،قدم الأقباط أطيانهم التي خضعت لقوانين الإصلاح الزراعي ،إذعاناً للتكليف العام وذلك لصالح صغار الفلاحين وعلى نفس المنوال عندما صدرت تشريعات تأميم وسائل الإنتاج .
أما إذا نظرنا إلى كفة الحقوق في ميزان المساواة ،فإننا نعاين مع شديد الأسف اختلال الموازين ،فعلى مدى سنوات طويلة متصلة يعاني المواطنون المسيحيون من تخطيهم في الترقيات في سلك الوظائف العامة ،وفي القطاع العام ،وأصبحت هذه ظاهرة عامة لا تحتمل المجادلة ،ولم تجد للقضاء عليها كافة التصريحات بإعلان النوايا الطيبة من جانب الجهات الرئاسة العليا ،ولا التطلعات والاحتجاجات من الأقباط أفراداً وجماعات وعلى كافة المستويات الكنسية أو الرسمية أو الشعبية .
ومصداق الحقائق في هذا الصدد ظاهر للعيان بأن تراجع الجهات الحكومية ومؤسسات وشركات القطاع العام – إحصاءاتها الوظيفية القيادية في فترة السنوات العشر الماضية مثلا ً وتستخلص أعداد ونوعيات الترقيات . فنجد بيقين أن نسبة الموظفين الأقباط في هذه الترقيات ضئيلة للغاية لا تتفق على الإطلاق مع مبدأ تكافؤ الفرص وكفاءتهم في السلم الوظيفي .
وقد بلغ الأمر أن الموظفين الأقباط كادوا لا ينالون الترقية إلا إذا أسعفتهم في آخر المطاف التشريعات الطارئة للرسوب الوظيفي ،لترفعهم من الحضيض قليلاً أو تسندهم في خطوتهم الأخيرة إلى المعاش .
وكان من نتيجة التمييز وعدم تكافؤ الفرص أن هاجر للخارج كثيرون من الأقباط من نوابع أبناء الوطن علماً وخبرة بغرض تأمين أرزاقهم وحرصاً على مستقبل أولادهم حتى لا يضرسوا من الحصرم الذي أكله آباؤهم . ولا يخفي أنه ترتبت على هذه الهجرة أضرار جسيمة لا بتفريق شمل العائلات فحسب ،بل استنزاف العقليات والخبرات الجبارة من جسم الوطن ،وهو أحوج ما يكون إليها في العصر الحاضر .

(6) تمثيل المسيحيين في الهيئات النيابية

يتمثل معنى الديمقراطية في ممارسة الشعب سلطة الحكم بواسطة الهيئات النيابية التي تعتبر معبرة عن الأمة ناطقة بلسانها . وقوام الأمة المصرية كان على مر الأيام – ولا يزال – باتحاد عنصريها وبالمشاركة التامة في قضاياها المصيرية ،وفي سلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية .
ومنذ استقلال البلاد كانت مشاركة عنصري الأمة في الهيئات النيابية واضحة كل الوضوح وعنواناً وفخاراً للوحدة الوطنية . كما كانت الأنظمة الحزبية تحرص كل الحرص على قيام واستمرار تلك المشاركة وخصوصاً من جانب الأحزاب المستندة إلى قواعد شعبية وجماهيرية عريضة تضم الملايين من أبناء مصر دون أي تمييز بينهم دينياً أو مذهبياً.
ثم وضعت ثورة 23 يوليو النظام الجديد للدولة ،وهو يقوم على مبدأ تحالف قوى الشعب وعلى المؤسسات النيابية ،وذلك على الوجه الذي تضمنته الدساتير والمواثيق المتعاقبة وآخر دستور 1972 . ولم يتخلف مسيحيو مصر عن أن يسهموا في بناء النظام الجديد والانتماء بالعضوية العاملة في التنظيمات المقررة واحداً بعد الآخر ،كما كان الاختيار يقع بالتعيين على بعض الأسماء البارزة من الأقباط في هذا المجال ، سواء على مستوى الوزراء أو اللجان المركزية العليا في حكومات ما بعد ثورة يوليو سنة 1952.
أما في التنظيمات والهيئات النيابية ،فقد استلفت النظر أن عدد الأقباط فيها بلغ من القلة النادرة ما هو أقرب إلى العدم . ففي مجلس الشعب المنتخب عام 1971 وعدد أعضائه بالانتخاب 350 عضواً (أضيف لهم عشرة أعضاء بالتعيين) كان الأعضاء الأقباط أقل من عدد أصابع اليد الواحدة . أما في مجلس الشعب المنتخب في أكتوبر سنة 1976 فلم ينجح أحد من الأقباط على الإطلاق في الانتخابات . وعلى نفس هذه الضآلة أو العدم تقريباً نجد عددهم في المجالس المحلية والشعبية بالمحافظات والمدن في جميع أنحاء القطر المصري .
وتلك ظاهرة غير طبيعية في تاريخ مصر القومي ،وليس باستطاعتنا تقصى الحقائق لكي نصل إلى معرفة التيارات والدواعي التي أدت إلى ذلك ،وخافيها أكثر من ظاهرها ،ولكننا نجاهر بكل صدق وصراحة بكلمتين خالصين لوجه الله والوطن:

الكلمة الأولى :

إنه لا يمكن أن تكون نسبة الأقباط في التمثيل النيابي ضئيلة بهذا المقدار في عهد ما بعد ثورة يوليو وبلغت حد العدم في انتخابات أكتوبر 1976 ،بينما كانت مشاركة الأقباط قبلها منذ عهد ثورة الاستقلال الخالدة 1919 مشاركة كبيرة وناجحة نالت استحسان إجماع الأمة المصرية طوال نصف قرن من الزمان وإعجاب المحافل الدولية في العالم أجمع كواقع حقيقي لاتحاد عنصري الأمة .

الكلمة الثانية :

أنه لا يمكن أن يكون هذا الوضع طبيعياً على الإطلاق ،بملاحظة أن عدد الأقباط في مصر حالياً يزيد على سبعة ملايين .

(7) الاتجاهات الدينية المتطرفة

الدين لله والوطن والجميع ،وأن كل الاتجاه ينحرف عن هذا الشعار الذهبي يكون انحرافاً عن الديانة الحقة إلى التعصب الممقوت ،وخيانة للوطنية الصادقة ابتغاء الاستعلاء على سالناس لتحقيق المآرب الشخصية وإنشاء مراكز قوى مسيطرة في داخل الدولة . وأخطر ما في مثل هذه الاتجاهات أنها تعتمد على المظهريات الدينية الزائفة في خداع عامة الناس البسطاء استغلالاً للمشاعر الدينية . كما تسبب في النهاية الحرج الشديد للمسئولين والقادة .

* * * * *

قرارات المؤتمر

أولا : حرية العقيدة :

نطالب بتوفير كافة ضماناتها بالنسبة للمسيحيين، وإلغاء جميع الأوضاع والتوجيهات والتعليمات الحكومية والفتاوى التي تقيد هذه الحرية المقدسة، خصوصا بالنسبة لعودة المسيحي إلى ديانته الأصلية، مما يوصف وصفا خاطئا من قبيل الردة عن الإسلام .

ثانيا : حرية العبادة :
نطالب بإلغاء القيود العتيقة والقرار الإداري السابق من وكيل وزارة الداخلية في عهد الطغيان بشروطه العشرة التعسفية المقيدة لبناء الكنائس، كما نناشد أجهزة الأمن في الدولة أن تقوم بدورها الواجب بصورة رادعة حازمة حماية لممارسة الشعائر الدينية في الكنائس، وبخاصة في القرى سواء في نطاق الأمن أو في نطاق ضبط وإدانة العدوان والإيذاء .

ثالثا : تطبيق الشرع الإسلامي
تطبيق الشرع الإسلامي فيما ينادي به غلاة الدعوة الإسلامية والتيارات المتطرفة الغريبة على المجتمع المصري الأصيل – نعلن عدم قبول تطبيقها على المسيحيين في مصر، كما ونعتبر أن أي محاولة في هذا الشأن للإلزام الجبري تحت التشريع أو القوانين الجزائية أنها تنطوي على إكراه المسيحيين على عقيدة أخرى مما يجافي مجافاة صارخة أقدس حقوق الإنسان في حرية العقيدة .

رابعا : تشريعات الأحوال الشخصية :
نطالب بسرعة إصدار التعديل التشريعي اللازم للقانون رقم 462 لسنة 1955 بما يقرر صراحة وجوب تطبيق الشريعة العقد الذي اعقد بين زوجين مسيحيين – على كافة آثار الزوجية بما فيها حضانة الأولاد، دون اعتداء بتغيير الدين أو الملة بعد العقد، وذلك حماية للأسرة وقضاء على التلاعب بالأديان .

خامسا : عدم تكافؤ الفرص :
نطالب بتشكيل لجنة رسمية عليا للوحدة الوطنية تتوفر لها مقومات الحيدة وأوسع سلطات التحقيق، وذلك لتقصي الحقائق في الشكاوي بخصوص عدم المساواة في التعيينات والترقيات في الوظائف الحكومية والقطاع العام، توطئة لإصدار القرارات الإدارية لتصويب الأوضاع وإعطاء كل ذي حق حقه، وذلك لوضع قواعد واضحة وضوابط دقيقة تضمن عدم اتباع الهوى والمحاباة وليكون التعيين والترقية على أساس تقديرات النجاح وتقارير التفتيش الدورية، ومؤاخذة الجهات الوظيفية الرئاسية التي تنحرف عن القواعد والضوابط بكل حزم لضمان المساواة وحرصا على الصالح العام .

سادسا : تمثيل المسيحيين في الهيئات النيابية : ـ
نطالب بمعالجة الأمر على النحو الذي يكفل تحقيق تمثيلهم في مجلس الشعب والمجالس المحلية والشعبية تمثيلا حقيقيا لا رمزيا، وليكون متفقا مع الإحصاء الواقعي للمواطنين ومحققا للوحدة الوطنية بين عنصري الأمة .

سابعا : الاتجاهات الدينية المتطرفة :
نطالب بتدخل الجهات الحكومية المختصة في الدولة والقضاء على تلك الاتجاهات بكل حزم حفاظا على الوحدة القومية، وأن تتخذ الإدارات الجامعية ما يلزم من التدابير لتنقية الأوساط الجامعية من الشوائب الدخيلة بحيث تخصص الجامعات لتلقي العلم خالصا كما هو الحال في كافة جامعات دول العالم المتحضرة .

ثامنا : حرية النشر :
نطالب برفع الرقابة الرسمية أو المقنعة عن المؤلفات والمنشورات المسيحية، ووضع حد للكتابات الإلحادية والكتابات التي تتضمن التعريض بالدين المسيحي وعقائده وتضمين مناهج الدراسات التاريخية والأدبية والحضارية في مراحل التعليم المختلفة وفي الجامعات، ما يتعلق بالمرحلة المسيحية في تاريخ مصر الممتدة على ندى ستة قرون كاملة قبل الفتح الإسلامي .

( 8 ) حرية النشر
في الوقت الذي اشتدت فيه ضراوة التعريض بالعقيدة المسيحية بمختلف وسائل النشر والإعلام تواجه النشر المسيحي بالكتب والدوريات صعوبات جمة متكررة دون مبرر حظر الطبع ومصادرة بعض الكتب والمؤلفات المسيحية المحضة والمتعلقة بالتاريخ المسيحي ومن جهة أخرى أسقطت تماماً من كتب ومناهج تدريس التاريخ المصري حقبة كاملة امتدت ستمائة سنة وهي المرحلة التي كانت فيها مصر مسيحية من منتصف القرن الميلادي الأول إلى منتصف القرن السابع حين حدث الفتح الإسلامي .

التوصيات التنفيذية
وفي ضوء ما تقدم وتوصلا للاستجابة للمطالب والقرارات سالفة الذكر، ولتدعيم المحبة والسلام والوحدة الوطنية، وتوطيد الألفة واتحاد عنصري الأمة، وابتغاء صالح مصر أولا وأخرا، صالح مصر دائما أبدا، صالح مصر جهادا ومجدا .
نوصي بنفس واحدة وفكر خال من شر الدافع، وبروح السلام الكامل وبالأمانة الخالصة أمام الله والناس – بما يأتي :
1 ـ المناداة بصوم انقطاعي في الكنيسة لثلاثة أيام من 31 يناير إلى 2 فبراير 1977 لرفع التضرعات والقداسات إلى الله صانع الخيرات لكي ينعم على شعبه بوحدانية القلب وعلى الوطن والطمأنينة وعلى قادة البلاد بالحكمة والتوفيق والرشاد لتحرير كل شبر من أرض مصر ولتدعيم عهد الحرية بإسعاد كافة أبناء الوطن الواحد الخالد، تتميما للوعد الإلهي الصادق " مبارك شعبي مصر " .
2 ـ رفع هذه القرارات والتوصيات إلى قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والرئيس الأعلى للمجمع المقدس ولمجلس الكنائس المسيحية في مصر، لاتخاذ ما يراه مناسبا تحقيقا للمطالب القبطية .
3 ـ تقديم نسخة من هذه القرارات والتوصيات إلى رئيس الجمهورية والسيد رئيس الحكومة والسيد أمين عام الاتحاد الاشتراكي والسيد رئيس مجلس الشعب للعمل على تحقيق رغبات أبناء الشعب القبطي بالوسائل الدستورية والقانونية الواجبة سواء من جانب السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية في الدولة .
4 ـ اعتبار المؤتمر في حالة انعقاد مستمر لمتابعة ما يتم في مجال تنفيذ فقراته وتوصياته بالنسبة لجميع المسائل القبطية العامة .
ولربنا المجد دائما أبديا أمين ....
*********************
تاسعا : ـ مجلس الدولة , هيئة مفوضي الدولة , محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
تقرير مفوض الدولة
في الدعوة رقم 934 لسنة 26 ق
المقامة من : الأنبا شنودة الثالث
ضد : 1 ـ رئيس الجمهورية بصفته
2ـ رئيس الوزراء بصفته
الوقائع :
بصحيفة مودعه قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 12 / 1 / 1982 أقام المدعي هذه الدعوى طالبا في ختامها الحكم أولا – وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الجمهوري رقم 491 لسنة 1981 الذي قضى بإلغاء القرار الجمهوري رقم 2772 لسنة 1971 بتعيين الأنبا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك للكرازة المرقسية، والقاضي بتشكيل لجنة للقيام بالمهام البابوية من خمسة أعضاء من الأساقفة الواردة أسماؤهم به، وثانيا في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار مع إلزام المدعي عليهما بالمصروفات .
وشرحا للدعوى يقول المدعي بأنه علم بالقرار المطعون فيه بتاريخ 1 / 11 / 1981 وتظلم منه أما المدعي الاشتراكي بتاريخ 28 / 12 / 1981 ثم أقام الدعوى الحالية فضلا عن أنه لا يزال متعلقا بدير الأنبا بيشوي بصحراء وادي النطرون.
وينعى المدعي على القرار المطعون فيه انعدامه ومخالفته لأحكام القانون للأسباب التالية : ـ
أولا - أن القرار الجمهوري رقم 2772 لسنة 1971 بتعيينه بابا الإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقسية قد تم بناء على الإجراءات المنصوص عليها في لائحة انتخاب البطريرك الصادر بها القرار بتاريخ 2 / 11 / 1957 المنشور بالعدد 85 مكررا من الوقائع المصرية في 3 / 11 / 1957 .
وأنه طبقا لأحكام اللائحة تم انتخاب خمسة من الأساقفة والرهبان بمعرفة لجنة مشكلة من ثمان من المطارنة والأساقفة من أعضاء المجلس الملي العام برئاسة قداسة البطريرك . وتم انتخاب ثلاثة منهم بواسطة الناخبين المقيدين بجدول خاص، أجريت القرعة الهيكلية وانتخب قداسته بابا للإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقسية، وتم اعتماد هذا التعيين بموجب قرار الرئيس الجمهورية سالف الذكر .
ويضيف المدعي بأنه يبين مما يبق أن إجراءات تعيينه قد تمت سليمة وفقا لأحكام القانون ومضى على هذا التعيين ما يقرب من 11 سنة كاملة يمثل الطائفة خلالها أحسن تمثيل سواء في أوروبا وأمريكا و إفريقيا، وذلك بشهادة سفارات مصر في تلك الدول، حيث كان يعمل على رفع اسم مصر عاليا، الأمر الذي يستخلص منه ؟أن القرار المطعون فيه قد خالف ابسط قواعد القانون الإداري .
ثانيا : أن القانون المطعون فيه لم يتضمن الأسباب التي استند إليها، ولكن هذه الأسباب ظهرت في الأحاديث والخطب التي صدرت من رئيس الجمهورية وأنها لا ظل لها من الحقيقة، وأن السيد رئيس الجمهورية كان ضحية لبعض المتسلقين من المسيحيين وغيرهم معدومي الضمير، وقد أظهرت الأخيرة أنه لا صلة بما سمي بالفتنة الطائفية في الزاوية الحمراء، بل أن كان يعمل دائما على الوحدة الوطنية وصالح مصر قبل كل شيء .
وخلص المدعي من ذلك إلى طلب الحكم بالطلبات الموضحة في ختام صحيفة دعواه . وتحدد لنظر الشق العاجل من الدعوى 26 / 1 / 1982 وجرى تداول الدعوى على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وقدم المدعي مذكرة بجلسة 23/ 2 / 1982 قال فيها أن هذه المحكمة قضت في الدعوى المقامة من الأستاذ عبد الحليم رمضان برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعون الموجه إلى قرارات رئيس الجمهورية الصادر في 2 / 9 / 1981 واستند فيها إلى المادة 74 من الدستور، كما قضت برفض الدفع بوقف السير في الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا تأسيسا على أن النظام المقدم إلى محكمة القيم يعتبر من قبيل التظلم الولائي وليس من قبيل الدعاوى، وقضت بذلك بأنه لم يكن من حق رئيس الجمهورية إصدار تلك القرارات لعدم توافر إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 74 من الدستور وبذلك يكون القرار المطعون فيه وهو أحد تلك القرارات قرارا باطلا ومعدوما وصادرا من غير مختص . وقال المدعي بأنه ورد بتقارير المباحث العامة لا أساس له من الحقيقة، وأنه كان من الوطنيين الأوائل الذين تطوعوا كضباط احتياط لخدمة الوطن إبان دراسته الجامعية . كما قدم المدعي أربع حوافظ بالمستندات حول بعض مضابط مجلس الشعب والأوراق التي تفيد ما ورد بتقارير المباحث العامة وبعض الخطابات والمقالات والخطب التي ألقاها في المناسبات المختلفة ، والتي كان حاضرا في بعضها السيد رئيس الجمهورية وكلها توضح كذب الادعاءات الموجهة إليه، كما حوت إحدى هذه الحوافظ مذكرة بدفاعه كان قد أعدها لجلسة 26 / 1 / 1982 .
وقدمت إدارة قضايا الحكومة حافظة بالمستنادت في ذات الجلسة المنوه عنها حوت صورة من القرار المطعون فيه، وشهادة من المحكمة الدستورية العليا تفيد إقامة الدعوى رقم 3 لسنة 4ق تنازع اختصاص تطلب الحكومة فيها تعيين محكمة القيم جهة مختصة بنظر الدعوى في الدعويين رقمي 934 لسنة 36 قضاء إداري لسنة 1 قيم، وصورة من الحكم الصادر من محكمة القيم بجلسة 3 يناير سنة 1982 في الدعوى رقم 33 لسنة 1 المشار إليها والمقامة من المدعي للطعن على قرار رئيس
ونظرا لأن وكيل المدعي قد قرر في جلسة المحكمة المؤرخة 23 / 3 / 1982 بترك الخصومة في الطلب المستعجل مع تحمله بمصروفاته، وصمم على الطلب الموضوعي، ووافق الحاضر عن الحكومة على ذلك، فقد قضت المحكمة بجلسة 1 / 6 / 1982 بإثبات ترك المدعي للخصومة في طلب وقف التنفيذ ألزمته بالمصروفات، أحيلت الدعوى إلى هيئة المفوضين لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الشق الموضوعي .
" الرأي القانوني "
حيث أن المدعي يستهدف من هذه الدعوى الحكم له بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 491 لسنة 1981 الصادر في 2/ 9/1981 الذي نص في المادة الأولى منه على أنه : _ " يلغى قرار رئيس الجمهورية رقم 2772 لسنة 1971 بشأن تعيين الأنبا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك للكرازة المرقسية " ونص في المادة الثانية على تشكيل لجنة للمهام البابوية من الأسقافية المبينة أسماؤهم بالمادة المذكورة ونص في المادة الثالثة علة نشره في الجريدة الرسمية والعمل به من تاريخ صدوره .
وحيث أنه يبين من أوراق هذه الدعوى ووقائعها أن القرار المطعون فيه صدر من رئيس الجمهورية أعمالا للسلطة المخولة بموجب المادة 74 من الدستور، وأن مبررات إصدار هذا القرار ومسوغاته مستثناة من الحكم الصادر من محكمة القيم بجلسة 3 يناير 1981، في التظلم المقدم من المدعي من القرار المطعون فيه والمقيد بجدول المحكمة المذكورة برقم 23 لسنة 1ق قيم، قد وردت في مذكرتين لمباحث أمن الدولة، قدمها مساعد المدعي الاشتراكي لتلك المحكمة بجلسة المرافعة، أثناء نظر ذلك التظلم، ويستفاد مما ورد بهاتين المذكرتين أن المدعي منذ أن تقلد الكرسي البابوي عام 1971 عمد إلى الآتي : _
أولا : - تعريض الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي للخطر:
فقد بدرت منه وقائع محددة تهدف إلى إحياء النعرة الطائفية التي تنادي بأن مصر دولة قبطية استعمرها المسلمون . ففي خلال شهر أغسطس سنة 1973 التقى في دير السريان بأسرة تحرير مجلة الكرازة المرقسية التي يتولى رئاستها وطالبهم بان يكون الهدف من المجلة إحياء الكيان الطائفي واللغة القبطية وأثاره مشاكل الأقباط على صفحاتها بجرأة وصراحة، وفي خلال شهر يناير سنة 1975 أنشأ فصولا لتعليم اللغة القبطية بأنبا رويس بالعباسية، واصدر تعليماته إلى الكنائس بإنشاء هذه الفصول بهدف إحياء النعرة القديمة بان مصر قبطية وأن المسلمين دخلاء عليها، وفي شهر سبتمبر سنة 1975 أصدر تعليماته للكنائس بعدم الاحتفال بعيد النيروز يوم 12/ 9/ 1975 ألقى كلمة في موعظته الأسبوعية تضمنت أن الكنيسة حزينة جدا ولم يفسر سبب ذلك، وعلى أثر ذلك رددت قيادات مدارس الأحد أن السبب في ذلك هو مرور الأقباط بمحنة نتيجة اضطهادهم من المسلمين بالإضافة إلى رفض رئيس الجمهورية مقابلة البابا أكثر من مرة، وبتاريخ 11 يناير سنة 1977 التقى بقساوسة محافظة المنوفية وناشدهم بتوعية أبناء الطائفة لزيادة النسل وحث الشباب على الزواج، انطلاقا من أن مصر أساسا دولة قبطية استعمرها المسلمون مما ترتب على ذلك أن دين الدولة الرسمي أصبح الإسلام وأنه كان يجب النص في الدستور على الدين المسيحي أيضا، وناشدهم الاهتمام بالتبشير بالدين المسيحي والتحدث خارج الكنيسة بالاشتراك في المؤتمرات السياسية وزيارة المواقع الحكومية والجماهيرية لإثبات الوجود المسيحي، كما ألقى محاضرة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية بعنوان : " إنجيل برنابا وتعارضه مع القرآن " استشهد فيها بآيات من القرآن وأراء لبعض العلماء المسلمين للتدليل على تعارضه مع القرآن الكريم، مما يشجع باقي الكتاب المسيحيين على اتباع هذا المنهج، ألقى محاضرة أخرى بذات الكاتدرائية بعنوان : " التثليث والوحيد " تضمنت بعض الآيات القرآنية المبتورة والمنحرفة، للرد على النقد الذي يوجه إلى الديانة المسيحية .
ثانيا : الحض على كراهية النظام القائم : ـ
ذلك أنه بتاريخ 31/8/1977 عقد المجمع المقدس اجتماعا برئاسته وإصدار قرارا بتقديم مذكرة لرئيس الجمهورية تتضمن رفض الطوائف المسيحية تطبيق الشريعة الإسلامية وقانون الردة وضرورة حل مشاكل الطائفية، واقترح قيام الأعضاء المجمع تضم أبناء الطائفة وتتوجه إلى مقر رئيس الجمهورية والسفارات ووكالات الأنباء، للتعبير عن استيائهم من اضطهاد المسلمين والمسئولين للمسيحيين إلا أنه أرجى البت في هذا الاقتراح انتظارا لنتائج مقابلة الرئيس لمندوبي المجمع المقدس في ذلك الوقت، كما أنه استثمر حادث مقتل القس غبريال عبد المتجلي كاهن كنيسة التوفيقية بالمنيا يوم 2/ 9 1978 وذلك بإيعاز القمص انطونيوس ثابت وكيل بطريركية الإسكندرية لعقد المؤتمرات والمطالبة بتلبية مطالب الأقباط والتشكيك في حيدة الشرطة والنيابة لإثارة وتعبثة مشاعر أبناء الطائفة ، ومعاصرة ذلك لمباحثات كامب ديفيد بهدف الضغط على المسئولين لتلبية مطالب الأقباط، وقام في خلال شهر أكتوبر سنة 1979 بإيفاد الأنبا تادرس بور سعيد إلى قبرص مع عدد من المطارنة لتعبئة الرأي العام المسيحي في الخارج ضد السلطات والنظام في مصر ومناشدة تجمعات الأقباط والهيئات القبطية الخارجية للتدخل والضغط على المسئولين المصريين لمنع تطبيق الشريعة الإسلامية كما أنه استثمر حادث الاعتداء على ثلاثة من الطلبة المسيحيين بالمدينة الجامعية بالإسكندرية بتاريخ 18/ 3/ 1980 وأوعز إلى القمص انطونيوس ثابت بعقد المؤتمرات مع الطلبة المسيحيين لتعبئة مشاعرهم وإثارتهم وقيامه بدعوة المجمع المقدس وإصداره قرارا بعدم الاحتفال بعيد القيامة وعدم تقبل التهاني من المسئولين مع معاصرة ذلك لزيارة رئيس الجمهورية الأخيرة للولايات المتحدة، وحث تجمعات الأقباط في الخارج والهيئات القبطية على اتخاذ مواقف معادية أثناء هذه الزيارة بهدف الضغط لتلبية مطالب الأقباط .
ثالثا : ـ إضفاء الصبغة السياسية على منصب البطريرك واستغلاله الدين لتحقيق أهداف سياسية : ـ
ذلك أنه بتاريخ 24/2 / 1975 رأس المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس وأصدر قرار بان تجتمع اللجنة القانونية بالمجلس لدراسة قانون الحكم المحلي للمطالبة بتمثيل الأقباط في المجالس المحلية ودراسة قانون الأحوال الشخصية للمطالبة بتنفيذ شريعة العقد وعدم تطبيق الشريعة الإسلامية في حالة اختلاف الملة، واتفق على إرسال خطاب للمسئولين بالدولة للمطالبة بتمثيل الأقباط بالاتحاد الاشتراكي تمثيلا صحيحا وفي 19/7/1975 عقد اجتماعا مع كهنة كنائس الإسكندرية بالكنيسة المرقسية وطالبهم بإجراء تعداد للمسيحيين في الإسكندرية لاستكمال السجل الخاص بالتعداد بالبطريركية، وقام بتكليف الأنبا بيمن – الأسقف العام وقتئذ – بالمرور على ابراشيات للاجتماع بأبناء مدارس الأحد وتكليفهم بسرعة الانتهاء من إجراء الإحصاء العددي للمسيحيين، كما أنه بتاريخ 5 / 1 / 1977 عقد اجتماعا لكهنة القاهرة ببطريركية العباسية ألقى كلمة ناشدهم فيها سرعة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد للطوائف المسيحية لتقديمه للسلطة التشريعية من أجل المطالبة بتطبيقه قبل الانتهاء من إعداد قانون الأحوال الشخصية للمسلمين وانتقد رجال القانون المسيحيين لعدم استثمارهم للمناخ الديمقراطي السائد في التقدم بمقترحاتهم بشأن قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين . وفي خلال شهر أغسطس سن 1977، وبمناسبة ما نشرته الصحف حول تطبيق قانون الردة عقد عدة ، اجتماعات لكهنة القاهرة ورجال القانون المسيحيين والمجالس الكنسية لدراسة أثار هذا القانون على المسيحيين وضرورة التعبير للمسئولين بصورة جماهيرية رسمية بأن هذا القانون مرفوض ، وعقد اجتماعا بتاريخ 1/ 9 / 1977 بأعضاء مجالس الكنائس بالقاهرة ، وعدد من المطارنة بمقر الكاتدرائية واتخذ قرارا بإعلان الصوم الانقطاعي ابتداء من يوم 5/9/1977 تعبيرا عن رفض أبناء الطائفة لمشروع قانون الردة، وبتاريخ 20/ 2/ 1979 رأس اجتماع المجمع المقدس لمناقشة الأحوال الشخصية الموحد للطوائف المسيحية وأشار إلى أنه حصل على موافقة الأقباط الكاثوليك والإنجيليين على القانون، وأن ذلك قد حقق نصرا له وللطائفة، وأكد للمسئولين عدم وجود خلافات بين الطوائف المسيحية المختلفة، وطالب بتشكيل لجنة للرد على نشاط لجنة المطبوعات الإسلامية ونقدها لبعض المعتقدات المسيحية، كما أوعز بتاريخ 28/ 10 / 1979 إلى القمص انطونيوس ثابت بالدعوة لعقد مؤتمر عام بالكنيسة بالإسكندرية يوم
1/ 11/ 1979 لمناقشة موضوع التعديل للمادة الثانية من الدستور وذلك للضغط على المسئولين واشعارهم برفض الشعب المسيحي ذلك، كما عقد بتاريخ 4/11/1979 اجتماعا بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون مع عدد من المطارنة ورجال الدين المسيحي لأعداد مذكرة تتضمن اعتراضهم على تطبيق الشريعة الإسلامية وتوجيه اللوم إلى وكيل بطريركية الإسكندرية لتأجيله عقد المؤتمر الذي كان مقررا عقده في 1/11/1979 لموعد لاحق لمناقشات مجلس الشعب، وتكليف وكيل البطريركية بتوجيه الدعوة لعقد مؤتمر مع أعضاء المجالس الملية الفرعية لإعلان رأي الأقباط قبل طرح الموضوع للمناقشة على مجلس الشعب . وفي 2/11/1979 . عقد اجتماعا بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية حضره بعض المطارنة وعدد من أعضاء المجلس الملي ومائة من أعضاء المجالس الملية الفرعية لتقديم المقترحات المزمع إدخالها على المادة الثانية من الدستور لحماية الأقباط ووقع الحاضرون في نهاية الاجتماع مذكرة بموافقتهم على الإضافة المقترحة على المادة الثانية من الدستور وهي عبارة : " بما لا يتعارض مع شرائع الأقباط " كما عقد اجتماعا بتاريخ 8/11/1979 بالمقر البابوي بالعباسية مع رؤساء الطوائف المسيحية ومندوبين عن الكنائس الكاثوليكية الأجنبية لمناقشة تعديل المادة الثانية من الدستور، وأصدر تعليمات لمطرانية سوهاج بتكليف المثقفين من أبناء الطائفة وخاصة المحامين بتحرير مذكرات تتضمن الاعتراض على تعديل المادة الثانية من الدستور، والتقى في نهاية شهر ديسمبر ببعض المطارنة بدير الأنبا بيشوي، ودار بينهم حديث حول المادة المذكورة وعلق على ذلك بأنه ينتظر نتيجة لقاءاته مع المسئولين بشأن الضمانات التي طلب إدخالها على تعديل تلك المادة لحماية الأقباط، وأنه في حالة عدم تلبيتها ردد عبارة " حنخليها دم للركب من الإسكندرية إلى أسوان " .
رابعا : الإثارة : ـ
إذ أنه في 10 /7 / 1972 عقد اجتماعا لكهنة الإسكندرية وطالبهم بالتحرك وإشعار الحكومة بهم للعمل على تحقيق مطالبهم ومداومة الاتصال بممثلي الطوائف المسيحية الأخرى بالإسكندرية وإحاطتهم علما بمظاهر الاضطهاد، لضمانة تعاطفهم معهم وتأييدهم لهم، وبتاريخ 17/7/1972 عقد اجتماعا لكهنة الإسكندرية أيضا لدراسة مشاكل الطائفة ووجه بعض الكهنة للإعلان عن هذا المؤتمر ورفض الاستجابة لطلب وزارة الداخلية بتأجيله لدواعي الأمن، مدعيا أن أئمة المساجد بالإسكندرية يهاجمون القس بيشوي كامل ويهددون بقتله، كما عقد اجتماعا بتاريخ 11/11/1972 لكهنة القاهرة على أثر وقوع حريق بجمعية أصدقاء الكتاب المقدس بالخانكة، وأصدر تعليماته لهم بالتوجه إلى مقر الجمعية وتأدية الصلاة وافتراش الأرض بأجسادهم حنى الاستشهاد وفي حالة التعرض لهم، وغادر القاهرة إلى الدير عقب ذلك للظهور بمظهر البعيد عن الأحداث وقام بدعوة المجمع المقدس أعلن الصوم الانقطاعي والحداد بالكنيسة احتجاجا على ذلك . وبتاريخ 12 / 11/1972 ألقى كلمة بالكاتدرائية بالعباسية، بمناسبة مرور عام على تقلده للكرسي البابوي ، تناول خلالها التنديد بأحداث الخانكة والادعاء باضطهاد الأقباط وخلال شهر مارس سنة 1973 عقد اجتماعا مع بعض المسئولين بمدارس الأحد، وحثهم على نشر شائعة وسط الأقباط بان قضايا التهريب المتهم فيها رفلة غرباوي وصادق غبور وأخرين، القصد منها الإضرار بسمعة المسيحيين، كما أنه قام بالاعتكاف بدير الأنبا بيشوي وقرر عدم الاحتفال بذكر تقلده الكرسي البابوي الذي كان مقررا عقده بتاريخ 14 / 11/1979 .
وحيث أن الدفاع عن المدعي أودع بجلسة 23/2 / 1982 حافظة مستندات حوت مذكرة دفاع مقدمة لجلسة 26 / 1 / 1982 فند فيها المزاعم والادعاءات المنسوبة إلى المدعي في مذكرتي المباحث سالفتي الإشارة ذكر فيها ،أن التقرير المباحث يدعي أن قداسة البابا قال " أنه سيجعلها دماء إلى الركب " وهذه واقعة مكذوبة لأن مركزه وتقديره للمسئولية ووظيفته وخلقه لا تسمح له يقول ذلك ،كما أن ما ورد بشأن المنشور المزور سنة 1972 لا صلة له بالحقيقة كما يتضح من تقرير لجنة تقصى الحقائق عن حادثة الخانكه ،والتي كان يرأسها الدكتور جمال العطيفي والمنشور بمضبطة مجلس الشعب بالفصل التشريعي الأول – الانعقاد والثاني في 28/11/1972 وجاء به صـ9 بأنه
" بعدما تناقل الناس أخبار تقرير آخر عن تقرير الشيخ إبراهيم اللبان وصف بأنه تقرير لجهلت الأمن الرسمية عن اجتماع عقده الأنبا شنودة في 15 مارس سنة 1972 بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية ، وقد أخذ هذا التقرير طريقة إلى التوزيع وقد صيغ على نحو يومي بصحته كتقرير رسمي وتضمن أقوالا نسبت إلى بطريرك الأقباط في هذا الاجتماع ورغم أن هذا التقرير كان ظاهر الاصطناع فقد تناقله بعض الناس على أنه حقيقة، وولد اتقادا خاطئا لدى البعض بأن هناك مخططا لدى الكنيسة القبطية مما جاء بهذا المنشور تهدف به إلى أن يتساوى المسيحيين مع المسلمين والسعي إلى إفقار المسلمين وإثراء الشعب القبطي حتى تعود البلاد إلى أصحابها المسيحيين من أيدي الغزاة المسلمين كما عاشت أسبانيا النصرانية بعد استعمار إسلامي دام ثمانية قرون . ورغم خطورة هذا المنشور المصطنع وأثره على نفسية بعض المسلمون يطلعون عليه أو يتناقلون مضمونه، فلم يتخذ إجراء حاسم لتنبيه الناس إلى إفكه – وإذا كان الاتحاد الاشتراكي قد اصدر أخيرا بيانا بتكذيب ما تتضمنه هذه النشرة، فقد كان من المأمول ألا يقتصر توجيهه على القواعد التنظيمية بالاتحاد الاشتراكي وقد استغل بعض المتطرفين هذا التقرير المصطنع فراحوا يوزعونه مع تعليق فيه إثارة وحض على الكراهية " .
واستطردت المذكرة قائلة بأنه فيما ورد بالتقرير الصادر من المباحث بشأن قانون الأحوال الشخصية الموحدة فالحقيقة أن المسئولين بالدولة هم الذين طلبوا من المدعي تشكيل لجنة لإصدار قانون الأحوال الشخصية موحد للطوائف المسيحية، وشكلت هذه اللجنة من كل الطوائف وقدم المشروع إلى وزارة العدل وإلى رئيس الجمهورية كما أصدر وزير العدل القرار رقم 277 لسنة 1980 بتشكيل لجنة من بعض رجال القضاء والشريعة لدراسة المشروع، على أن يكون تحت نظرها المشروع الذي سبق أن أعدته وزارة العدل، وأتمت اللجنة أعمالها وأرسله وزير العدل إلى المدعي ورؤساء الطوائف الدينية الأخرى فوافقوا عليه إلا أن لم يقدم إلى مجلس الشعب حتى اليوم .
كذلك فإنه فيما يختص بتعديل المادة الثانية من الدستور، فان الطوائف المسيحية كلها تقدمت بطلبها أن يضاف إلى التعديل ما يتضمن عدم المساس بحقوق المواطنين غير المسلمين ولكن اللجنة التي كانت مكلفة بدراسة التعديل رأت أن ينص على ذلك في المذكرة الإيضاحية ووافق مجلس الشعب على ذلك وأصبحت هذه المذكرة وثيقة ملحقة بالدستور .
أما عن حادث قتل القمص غبريال عبد المتجلي وقول المباحث بأن المدعي استثمر هذا الحادث فقد شكلت لجنة لتقصي الحقائق ثبت منها تلاعب المباحث والنيابة، وقدمت اللجنة تقريرا بتاريخ 18 / 9 / 1978 أرسل إلى الحكومة ورئيس الجمهورية، واثبت وزير العدل كتابة صحة ما جاء بهذا التقرير، وتقرر على أثر هذا التقرير عدم تعيين أي موظف في بلده سواء كان في القضاء أو النيابة أو الشرطة .
ويدلل الدفاع عن المدعي في مذكرته إليها بانتفاء الاتهامات المنسوبة إليه من واقع المقالات والمحاضرات والخطب التي القاها في المناسبات المختلفة وضمن منها حافظة مستنداته منها قوله في كلمة له أمام رئيس الجمهورية رقم 8/2/ 1977 ما نصه " نريد أن نعلم أولادنا حب بلادهم " يحبون كل شارع من شوارعها وكل مرفق من مرافقها وكل مؤسسة من مؤسساتها .
ونريد أن نعلم الناس احترام الغير حتى الذي يخالفنا في الرأي وأسهل أن يختلف معك إنسان في الرأي ويعلمك بأسلوب هادئ رقيق مؤدب محترم رأي المخالف ... " وقوله بتاريخ 11/10/1977 أمام الرئيس أيضا أثناء وضع حجر الأساس لمستشفى مارمرقس " مصر هذه أغنيتنا الحلوة مصر هي وطننا المبارك الذي قال الكتاب في وقت من الأوقات عن بعض البلاد كجنة الله في أرض مصر .. ونحن نصرح بأن مصر جميلة هذه على رأسها زعيم عظيم وقائد محبوب هو الرئيس أنور السادات – أننا نصلي من أجله باستمرار في صلواتنا الخاصة وأيضا في صلواتنا الكنيسة لأن الكنيسة تعلمنا باستمرار أن نذكر رئيس الدولة في كل قداس ونذكر أيضا صحبة العاملين معه فمحبة الرئيس والصلاة من أجله بالنسبة لنا عقيدة وأيضا علاقة شخصية . "
وخلص الدفاع مما سبق بأن اتهام المباحث العامة للمدعي بإثارة الفتنة الطائفية في غير محله ...
وحيث أنه لما كان القرار مطعون فيه، قد صدر بموجب السلطة المخولة لرئيس الجمهورية في المادة 74 من الدستور التي تنص على أنه : " لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بيانا إلى الشعب ويجري الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوما من اتخاذها " .
ولما كان القضاء الإداري قد استقر على أن الضرورة كسبب للقرار الإداري لا تقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة:
1ـ أن يكون هناك خطر جسيم مفاجئ يهدد النظام والأمن
2ـ أن يكون القرار الصادر هو الوسيلة الوحيدة لدفع هذا الخطر
3ـ أن يكون القرار لازما حتما فلا يزيد على ما تقضي به الضرورة
وهذه الأركان الثلاثة ترجع إلى أصلين مسلم بها من القواعد الأصولية، يقضيان بأن – الضرورات تبح المحظورات وأن الضرورة تقدر بقدرها، وهما مستندتان من قول الحق سبحانه وتعالى – في سورة البقرة – الجزء الثاني – الآية 173 " فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه أن الله غفور رحيم " بمعنى أن الخروج عن الأحكام المقررة عند الضرورة يحد بعدم البغي أو العدوان، وإنما يكون ذلك بقدر الضرورة الملجئة دون شطط أو شطاط .
وحيث أنه عن مدى توافر حالة الضرورة التي استند إليها رئيس الجمهورية في إصداره للقرار المطعون فيه وغيره من القرارات التي صدرت معه، فانه يتضح من البيان الذي أذاعه رئيس الجمهورية إلى الشعب مساء يوم 5/9/1981 عن الأسباب الدافعة للإجراءات المتخذة في هذا التاريخ ، أنه أورد فيه بأنه " منذ فترة ليست بقصيرة حاولت بعض الفئات المخربة على مراحل متعددة إحداث فتنة طائفية بين أبناء الأمة وعملت جاهدة للقضاء على وحدتها الوطنية مستغلة في سبيل تحقيق أغراضها بعض الشعارات المضللة والوسائل غير المشروعة نفسية ومادية لتعويق مسيرة الشعب في طريق تنميته وازدهاره وديمقراطيته، وقد تصدرت الحكومة لهذا كله بالإجراءات العادية تارة والنصيحة مرة أخرى وبالتوجيه والترشيد مرات، وفي الأونة الأخيرة بصفة خاصة وقعت أحداث جسيمة هددت الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وسلامة الجبهة الداخلية بخطر جسيم، إلا أن هذه الفئة الباغية قد استرسلت في غيها واستهانت بكل القيم والقوانين وتنكبت عن الطريق السوي وسلكت سبيل العنف والإرهاب وسفك الدماء وتهديد الأمنيين كما أن بعض الأفراد قد استغلوا هذه الأحداث وعمدوا إلى تصعيدها الأمر الذي وجب معه اتخاذ إجراءات سريعة وفورية لمواجهة هذا الخطر الذي هدد الوطن والوحدة الوطنية انطلاقاً من مسئوليتنا الدستورية المستمدة من أحكام المادة 73 من الدستور .
وشرح رئيس الجمهورية أسباب ما جاء في البيان المذكور في خطابه مساء يوم 5/9/1981 في اجتماع غير عادي لمجلس الشعب والشورى والمنشور في مضبطة مجلس الشعب قائلا " إن مشكلتين فرديتين بين المسلمين والمسيحيين حدثتا يومي 12و17/ 6 / 1981 في الزاوية الحمراء، إلا أن بعض مثيري الشغب استغلوا هاتين الواقعتين ووضعوهما في إطار طائفي بعيد عن الحقيقة وبالغوا في تصويرها وأشاعوا أن وفيات وإصابات حدثت، فاندفع البعض دون ترو لارتكاب الحوادث المؤسفة التي تنتج عنها 17 قتيلا 112مصابا وقد تولت النيابة العامة التحقيق في الموضوع كما تولت التحقيق مع المقبوض عليهم في هذه الأحداث والبالغ عددهم 226 شخصا حتى 26/6/1981 أفرج عن 111 منهم حتى 27/6/1981 وبقى 115 محبوسين على ذمة التحقيق بعد أن وجهت إليهم النيابة تهم التجمهر والقتل والإصابة أتلاف الممتلكات والسرقة واخفاء الأشياء المسروقة، وانخفض هذا العدد إلى 27 في شهر سبتمبر وما زالت التحقيقات باقية على ورود التقارير المعمل الجنائي والطب الشرعي عن تشريح الجثث وبيان الإصابات وكذا فحص الأسلحة المضبوطة .
واستطرد رئيس الجمهورية بأن " النيابة العامة نوهت بدور القيادات الدينية التي كانت على مستوى مسئولياتها حين بادرت باستنكار هذه الأحداث واعلان خروج المشاركين فيها عن أحكام الأديان السماوية التي تخص على الإخاء والمحبة والسلام، كما تنوه النيابة بالجهود التي بذلها رجال الشرطة في السيطرة على الموقف بحكمة مما كان له أثره في تقليل عدد الإصابات وتلافي المزيد من إتلاف الممتلكات، كما كان لضبط الأسلحة والذخائر أثره في ضبط الأمن العام وهو إجراء ضروري في مثل هذه الظروف، وكان لما اتخذته النيابة العامة من إجراءات سريعة فور أخطارها بالحادث في ظل سيادة القانون أثر حاسم في وضع الأمور في نصابها وكشف النقاب عن مثيري الشغب وإظهار الحقائق كاملة، حتى لا يستغل مثل هذا الحادث الذي وقع من قلة ضئيلة في الإساءة إلى وحدتنا الوطنية التي نحرص عليها جميعا – تساءل رئيس الجمهورية – قائلا : إذا كان أمر الشرابية أخذ الصورة دي أثار لازم نحلها، يبقى لو جرى في مرحلة جاية نعمل إيه ؟ نوصل البلد لإيه ؟ أدي السبب اللي خلاني ندهت لكم، عشان أقول لكم واضع الأمور قدامكم من خلالكم لشعبنا " .
وحيث أنه يبين من بيان رئيس الجمهورية وخطابه سالفي الذكر، أن الخطر الجسيم المفاجئ الذي يكمن وراء إصدار القرار المطعون فيه هو أحداث الزاوية الحمراء وما تهدد به الوحدة الوطنية أو تنذر بوجود فتنة طائفية، تحوط لها رئيس الجمهورية فأصدر عدة قرارات من بينها القرار المطعون فيه .
ولما كان يتضح مما سلف أنه لم يكن هناك خطر حال في الوقت الذي صدر فيه القرار المطعون فيه بعد أن سيطرت الشرطة على الموقف بحكمة واقتدار مما كان له أثره في صون الأمن العام، وبعد أن باشرت النيابة العامة التحقيق في الموضوع وكشف النقاب عن مثيري الشغب الذين كانوا وراء الحادث وأنهم قلة ضئيلة لا يجوز أن يأخذ مسلكها دليلا على الإساءة إلى الوحدة الوطنية، وتم وضع الأمور في نصابها تماما وكان ذلك في شهر يونيو سنة 1981 الأمر الذي يستفاد منه عدم توافر الضرورة الملجئة لاتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة خطر زال، إذ أنه يشترط لأعمال رئيس الجمهورية سلطاته المنصوص عليها في المادة 74 من الدستور أن يكون هناك خطر حال مفاجئ يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري، والواضح من الإجراءات التي اتخذتها النيابة والشرطة طبقا لاحكام القوانين المعمول بها في ظل سيادة القانون وأنها كانت كافية لوضع الأمور في نصابها .
ومتى كان ذلك، فإن القرار المطعون فيه كان قد افتقر ركن السبب، بوصفه الحالة القانونية أو الواقعية التي يقوم عليها الأمر الذي يترتب عليه انعدام القرار في حد ذاته، فضلا عما يترتب على ذلك من وصم القرار بعيب غضب السلطة، إذ أنه بمراجعة الأحكام المنظمة لتعيين البابا فأنها لا تعطي رئيس الجمهورية الاختصاص بعزلة من منصبه، وذلك على التفصيل التالي :
تنص المادة ( 3 ) من القانون ( 20 ) لسنة 1971 ببعض الأحكام الخاصة بانتخاب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية على أنه : تتم تزكية من يريد ترشيح نفسه لمنصب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس المشار إليها في المادة الرابعة من اللائحة المذكورة بواسطة ستة من المطارنة أو الأساقفة أو رؤساء الأديرة أو من أثنى عشر عضوا من أعضاء مجلس إدارة هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس وأعضاء لجنة إدارة الأوقاف الخيرية لبطريركية الأقباط الأرثوذكس المذكورتين "
كما تنص المادة ( 4 ) من هذا القانون على أنه " تبدأ إجراءات الترشيح والانتخاب لمنصب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس طبقا لأحكام لائحة ترشيح وانتخاب بطريرك الأرثوذكس وأحكام هذا القانون اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية " .
وتنص المادة ( 5 ) على أنه يكون تنظيم قواعد وإجراءات ترشيح وانتخاب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس بقرارات من رئيس الجمهورية .
ونصت المادة 26 على أنه : " ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارا من تسعة مارس سنة 1971 وعلى وزير الداخلية إصدار القرارات المنفذة له "
وحيث أنه يبين من الإطلاع على قرار رئيس الجمهورية المنشور في العدد 85 مكررا من الجريدة الرسمية بتاريخ 3/11/1957 أنه قد تضمن الإجراءات الخاصة بترشيح وانتخاب البطريرك ونصت المادة ( 1 ) منه على أنه " إذا خلا كرسي البطريرك بسبب وفاة شاغله، أو لأي سبب من الأسباب فيجتمع المجمع المقدس والمجلس الملي العام بناء على دعوة أقدم المطارنة رسامة وبرياسته، في ميعاد لا يجاوز سبعة أيام من تاريخ خلو الكرسي، لاختيار أحد المطارنة قائما مقام البطريرك .
ويصدر قرار جمهوري بتعيين القائم مقام البطريرك، ليتولى إدارة شئون البطريركية الجارية بحسب القوانين والقواعد الكنسية وطبقا للوائح المعمول بها، وذلك إلى أن يتم تعيين البطريرك .
وتضمن الباب الثاني من اللائحة المذكورة في المواد 2 – 7 القواعد والأحكام الخاصة بالترشيح للكرسي البابوي، كما تضمن الباب الثالث من المواد 8 – 18 القواعد المتعلقة بانتخاب البطريرك حيث نصت المادة على أنه : " يعلن القائم مقام البطريرك عن موعد إجراء القرعة الهيكلية ومكانة وتتم القرعة وفقا للقواعد والتقاليد الكنسية .
ويعلن القائم مقام البطريرك اسم من اختارته القرعة، ويعمل عن ذلك محضر يحرر من نسختين ويوقعه رئيس لجنة الانتخاب والحاضرون من أعضاء المجمع المقدس ولجنة الترشيح وترسل منه نسخة لوزارة الداخلية في اليوم التالي .
ويصدر قرار جمهوري بتعيين البطريرك ويقوم القائم مقام البطريرك بر سامته وفقا للتقاليد الكنسية .
وحيث أن القواعد والأحكام التي تضمنها القانون رقم 20 لسنة 1971 ببعض الأحكام الخاصة بانتخاب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية واللائحة الصادرة من رئيس الجمهورية سنة 1957 بالقواعد والإجراءات الخاصة بالترشيح والانتخاب لهذا المنصب الديني لطائفة الأقباط الأرثوذكس لا تخول لرئيس الجمهورية الاختصاص بإصدار قرار ينطوي على عزل الباب وتعيين خلفا له، لإدارة شئون الكرسي البابوي إذ يبين من المادة ( 1 ) من اللائحة سالفة الذكر أن المشرع أوضح كيفية شغل هذا المنصب في حال خلوة لأي سبب من الأسباب ومن ثم يكون القرار الصادر من رئيس الجمهورية بإلغاء قراره رقم 2772 لسنة 1971 بتعيين المدعي بابا للإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وتشكيل لجنة للقيام بالمهام البابوية قد انطوى على مخالفة صارخة لأحكام القانون رقم 20 لسنة 1971 واللائحة الصادرة سنة 1957 بشأن ترشيح وانتخاب البابا وينطوى على الغضب الجسيم للسلطة، مما يجعله من القرارات المعدومة بما يترتب على ذلك من أثار .
وفي ضوء ما سلف فان دعوى المطالبة بإلغاء القرار المطعون فيه تكون مقبولة شكلا، فضلا عن قيامها على أساس سليم من الناحية القانونية، الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغاء القرار – المطعون فيه .
كما أنه إذا قيل – جدلا بقيام حالة الضرورة، وهي جد غير قائمة كما سلف بيانه فان الثابت من الأوراق أن المدعي أقام دعواه خلال المواعيد القانونية، بعد انقطاعها بتظلمه المقدم أمام المعدي الاشتراكي واستوفت الدعوى سائر الأوضاع المقررة لقبولها شكلا .
كما أنه فيما يختص بتقارير المباحث العامة، فقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن هذه التقارير لا تزيد في قيمتها على محضر تحريات أو جمع استدلالات ويخضع تقدير ما جاء فيها لرقابة المحكمة، فلها أن تناقشه وتأخذ به إذا ما اطمأنت إليه واقتنعت به، كما أن لها أن تطرحه من أدلة ثبوت إذا ما استبان لها عدم صحة ما جاء فيه أو عدم ارتكازه على وقائع محددة أو غير مجهلة .
وحيث أنه يبين من الإطلاع على تقارير مباحث أمن الدولة أنها نسبت إلى المدعي الاشتراكي بعض الوقائع نفاها الدفاع عنه المستند إلى تقرير اللجنة تقصي الحقائق الذي حوته مضبطة مجلس الشعب المرفقة بحافظة المستندات المقدمة بجلسة 23/2/1982 وإلى القرارات الصادرة من الجهات المختصة لدراسة مشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، كما أن بعضها لا يعدو أن يكون من قبيل المطالب التي يجوز لكل طائفة أو جماعة أن تطالب بها أو تناقشها ما دام أنها تمس مصالح هذه الجماعة أو الطائفة، وأنها لا تخرج على حدود الدستور أو القانون في المطالبة بها ومثال ذلك مطلب الطائفة التي يقوم على رئاستها المدعي وغير ذلك من الطوائف المسيحية عند مناقضته تعديل المادة الثانية من الدستور، بأن يراعى في هذا التعديل، عدم المساس بالحقوق أو المصالح الخاصة بالطوائف المسيحية، ودليل ذلك أن هذا الطلب قد تمت مناقشته بواسطة ممثلي الشعب في البرلمان، أي من خلال المؤسسات الدستورية للدولة، الأمر الذي يبين منه أن الأعم الألمم من الاتهامات المنسوبة إلى المدعي في تقريري مباحث أمن الدولة قد اضفت عليها المباحث أوصافا بعيدة كل البعد عن الحقيقة، ولا تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، كما أن بقية الاتهامات الأخرى جاءت مرسله بغير دليل، مما يجعل القرار المطعون فيه غير مستخلص استخلاصا سائغا من الواقع أو الأوراق والتحقيقات .
وحيث أنه من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بالمادة 184 / 1 من قانون المرافعات .
" لهذه الأسباب "
نرى الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة لمصروفات .

المقرر
" مفوض الدولة " المستشار / جوده فرحات


عاشرا : ـ
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
دائرة منازعات الأفراد والهيئات
بالجلسة المنعقدة علناً في لوم الثلاثاء الموافق 12 / 4 / 1983
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد جلال الدين عبد الحميد نائب رئيس المجلس وعضوية السيدين الأستاذين ،عبد اللطيف أحمد أبو الخير وكيل المجلس المستشارين
وحضور السيد الأستاذ المستشار جودة عبد المقصود فرحات مفوض الدولة
والسيد / عبد العزيز السيد عامر أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 934 لسنة 36 قضائية
المقامة من : السيد / الأنبا شنودة الثالث
ضد : كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء
الوقائع
أقيمت هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 12 / 1 / 1981 طلب المدعي فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 491 لسنة 1981 الصادر بتاريخ 2 /9 / 1981 بإلغاء القرار الجمهوري رقم 2772 لسنة 1971 بتعيينه بابا للإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقسية وتشكيل لجنة للقيام بالمهام البابوية من خمسة أساقفة ،وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب عليه من آثار مع إلزام المدعي عليهما بالمصروفات والأتعاب .
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه علم بالقرار المطعون فيه بتاريخ 1 / 11 / 1981 وتظلم منه في 28 /12 /1981 وإن هذا القرار معدوم ومشوب بعيب عدم الاختصاص ومخالف للعادات – والتقاليد المرعية منذ قيام المسيحية بمصر ودخول الإسلام إليها ،فالقرار الجمهوري رقم 2772 لسنة 1971 بتعيين البابا والبطريرك كان خاصاً باعتماد إجراءات تمت طبقاً للائحة انتخاب البطريرك الصادر بها قرار رئيس الجمهورية في 12 /11 /1957 المنشورة بالوقائع المصرية العدد 85 مكرراً 11 بتاريخ 3 /11 /1957 وقد تم انتخاب خمسة من الأساقفة والرهبان بمعرفة لجنة مشكلة من ثمان من المطارنة والأساقفة وثمان من أعضاء المجلس الملي العام الحاليين والسابقين برئاسة قائمقام البطريرك وتم انتخاب ثلاثة منهم بواسطة الناخبين المقيدين بجدول خاص ثم أجريت القرعة الهيكلية فأسفرت عن انتخاب المدعي بابا للإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقسية وجرى العمل على أن يصدر قرار جمهوري باعتماد هذه الإجراءات فصدر القرار رقم 1971 المشار إليه ومن ذلك يتضح أن كافة الإجراءات تمت صحيحة ومطابقة للقانون وهناك نظرية بديهية هي أن القرار الإداري يتحصن بمضي ستين يوماً ولا يجوز المساس به بعد انقضاء هذه المدة ومنذ صدور القرار المطعون فيه كانت قد انقضت على قرار تعيين – البطريرك مدة تقارب أحد عشر سنة قام فيها المدعي بمسئوليات منصبة داخل مصر وخارجها ومثل مصر في أوروبا وأمريكا وأفريقيا أحسن تمثيل ولذلك كان القرار المطعون فيه مخالفاً لأبسط قاعدة في القانون الإداري ورئيس الجمهورية لم يفصح في قراره المطعون فيه عن سبب القرار ولكن أفصح عنه في خطبه وأحاديثه وكل ما قيل لا ظل له من الحقيقة وإنما كان رئيس الجمهورية الراحل ضحية بعض للمتسلقين من المسيحيين وغرهم ممن لا ضمير لهم وكشفت الحوادث الأخيرة عدم وجود صلة المدعي أو واحد من الأقباط بما سمي الفتنة الطائفية بل كان الأقباط ضحية اعتداءات – جسيمة وخطيرة آخرها بالزاوية الحمراء وغيرها ولم يقم المدعي أو أحد من الأقباط بأي عمل وذلك حفاظاً على مصر وعلى وحدتها بل كان المدعي يعمل دائماً وبكل جهده للحفاظ على الوحدة الوطنية لصالح مصر قبل كل شيء . وأضاف المدعي أنه يطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بصفة مستعجلة لما يترتب عليه من نتائج يتعذر تداركها إذ من القرار حرية المدعي في مباشرة مهام منصبه بل وصل الأمر بالجهة الإدارية إلى تحديد إقامته بدير بوادي النطرون وبمنع الاتصال به .
وقدم المدعي تأييداً لدعواه ثلاثة حوافظ مستندات بجلسة 26 /1/1982 وحافظة مستندات رابعة بجلسة 23/12/1982 تضمنت صورة تظلم المدعي إلى رئيس الجمهورية بتاريخ 28/12/1981 ومضبطة مجلس الشعب الجلسة 77 بدور الانعقاد العادي الأول يوم 30/4/1980 وثابت بها أن اللجنة المشكلة للنظر في تعديل الدستور انتهت بعد دراستها للاقتراحات المقدمة لتعديل المادة 2 من الدستور أنه لا توجد ثمة شبهة في أن حق تولي الوظائف والمناصب العامة وحرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية تعد من الحقوق العامة للمصريين التي يتمتعون بها في ظل الدستور وطبقاً لأحكام القانون دون أي تمييز أو تفرقة بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وطالبت الطوائف الدينية تعديل المادة 2 من الدستور وأحداها موقعة من المدعي وصورة مضبطة مجلس الشعب في 28/11/1972 المحتوية على تقرير لجنة تقصى الحقائق عن الحوادث الطائفية بالخانكة وقد جاء به أن الناس تناقلت أخبار تقرير لجهات الأمن الرسمية عن اجتماع عقدة الأنبا شنودة في 15/3/1972 بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية وقد صيغ على نحو يوحي بصحته كتقرير رسمي وتضمن أقوالاً نسبت إلى البطريرك في هذا الاجتماع و رغم أن هذا التقرير كان ظاهر الاصطناع فقد تناوله بعض الناس على أنه حقيقة ومذكرة للأستاذ مريت بطرس غالي عن الأقباط في مصر وصورة مذكرة محامي المدعي عن الحوادث التي اضطرت المجمع المقدس لاستصدر قرار 26/3/1980 وصورة مذكرة الكنيسة القبطية التي قدمها المجمع المقدس بخصوص حد الردة وجاء بها ما يلي (إننا أمام ضمائرنا لن نستطيع أن نقبل مشروع هذا القانون – يقصد قانون الردة – ولن تخضع له إذا نفذ وبحكم ضمائرنا سنسعى وراء كل مسيحي ترك مسيحيته لكي نرده إليها مهما حكمت مواد هذا القانون بالقتل على التحريض ونحن مستعدون أن ندخل في عصر استشهاد جديد من أجل ديننا والثبات فيه ولن يلومنا أحد لأن هذا هو عملنا كرعاة وآباء بل تلومنا ضمائرنا إن تركنا إنساناً يرتد عن مسيحيته دون أن نحاول إرجاعه) وصورة قرار المجلس الملي العام بجلسته 7/2/1975 بضرورة تمثيل الأقباط باللجنة المركزية وتشكيلات الاتحاد الاشتراكي .
وقدم المدعي حافظة مستندات رابعة بجلسة 23/2/1982 تضمنت مذكرة بدفاعة بها جاء أن الدعوى مقبولة شكلاً لأنه علم بالقرار المطعون فيه يوم 1/11/1981 وتظلم منه إلى المحكمة القيم في ذات التاريخ كما تظلم منه إلى رئيس الجمهورية بتاريخ 28/12/1981 وبذلك تكون الدعوى رفعت في الميعاد وفضلاً عن ذلك فإن الميعاد ممتد بالنسبة للمدعي لأنه معتقل في دير أنبا بيشوي وجاء بها عن موضوع كان ضحية لتقارير لا أساس لها من الصحة وإنه تحمل فوق طاقة البشر ولم يفكر يوماً في أن يهاجم الحكومة لتقصيرها الشديد في تحقيق حوادث الاعتداء على الكنائس والمسيحيين ولم يفكر يوماً في الرد على الرئيس الراحل رغم هجومه الشديد عليه واتهامه بأمور لا أساس لها من الصحة وأن القرار المطعون فيه معدوم ومشوب بعيب عدم الاختصاص وبعيب الانحراف ،فالثابت من الخط الهمايوني أن البطريرك يعين مدى حياته ولا يجوز عزله أو تعيين غيره ما دام على قيد الحياة وأن عزل المدعي معقود للمجمع المقدس الذي له أن ينحيه لأسباب صحية أو غيرها وأن الرئيس السابق لم يلحظ أن المدعي بطريركا للأقباط ليس في مصر وحدها بل في الحبشة والسودان وأوروبا وأمريكا واستراليا ولبنان والعراق وغيرها وعدد الأقباط في الخارج إضعاف عددهم في مصر والقرار المطعون فيه لم يبتغ الصالح العام بل هدف إلى الانتقام من المدعي ،فالرئيس السابق في سنة 1980 جعل من مخاصمته للمدعي أمراً شخصياً فهو الذي خلق الفتنة وشجع الجماعات الإسلامية على الاعتداء على المسيحيين وأملاكهم وكنائسهم رغم أن الكنيسة حذرته من ذلك ودأب الرئيس السابق على اتهام المدعي بالعمل بالسياسة وهذا غير صحيح لأن معنى الاشتغال بالسياسة ،والمدعي لم ينتم لحزب معين وموافقة الوطنية في مساندة الدولة معروفة للكافة وإن المدعي العام الاشتراكي أستند إلى تقريرين للمباحث العامة لا يمكن الأخذ بها لأنهما اصطنعا لأرضاء الرئيس السابق وهناك حقيقتين تكذبان ما جاء بهذين التقريرين ، الحقيقة الأولى عن المنشور الذي نسب إلى المدعي سنة 1972 وتكلم عنه رجال المباحث سنة1981 مع إنه ثبت كذبه في تقرير لجنة تقصى الحقائق عن حادث الخانكة ،والحقيقة الثانية عن تكتل الطوائف المسيحية لإصدار قانون موحد للأحوال الشخصية ،فالدولة هي التي طلبت من المدعي تشكيل لجنة لأعداد هذا القانون وتم تقديمه إلى الرئيس وإلى وزارة العدل التي شكلت لجنة لمراجعته وقامت هذه اللجنة بعملها وعرض المشروع على المدعي ورؤساء الطوائف الذين وافقوا عليه بالمذكرة أيضاً الرئيس السابق كان عل علاقة طيبة بالمدعي حتى آخر سنة 1979 وعندما تصاعدت الحوادث ضد الأقباط بشكل مثير اجتمع المجلس المقدس في 26/3/1980 وفيه تكتل المطارنة والأساقفة واستصدروا قراراً بعدم إقامة مراسيم واستقبالات في العيد وهو أمر خاص بالكنيسة ،ومنذ 14/5/1980 بعد خطبة الرئيس بدأت حملة مسعورة ضد المدعي ألتزم إزاءها بالصمت خوفاً على الوحدة الوطنية وتقدم المدعي بمذكرة أخرى بدفاعه بجلسة 23/2/1982 أشار فيها إلى أن المحكمة قضت برفض الدفع بعدم الاختصاص بنظر الطعون الموجهة إلى القرارات التي أصدرها الرئيس الراحل في 2/9/1981 استناد إلى المادة 74 من الدستور وبرفض الدفع بوقف الدعوى وأحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا لتحديد المحكمة المختصة بنظر لدعوى وبأنه لم يكن من حق الرئيس أن يلجأ إلى المادة 74 من الدستور لإصدار القرارات الصادرة في 2/9/1982 .
وردت إدارة قضايا الحكومة على الدعوى بإيداع حافظة مستندات بجلسة 23/3/82 تضمنت الحكم الصادر من محكمة القيم بجلسة 2/1/1982 في الدعوى رقم 23 لسنة 1 ق برفض تظلم المدعي .
وبجلسة 1/6/1982 قضت هذه المحكمة بإثبات ترك المدعي للخصومة في طلب وقف التنفيذ وأحيلت الدعوى بعدئذ إلى هيئة مفوضي الدولة التي قدمت تقريراً برأيها في طلب الإلغاء انتهت فيه للأسباب التي ارتأتها إلى إلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار .
وحدد لنظر الدعوى بطلب إلغاء القرار المطعون فيه جلسة 14/2/1982 وتدول نظرها بعد ذلك في الجلسات على النحو المبين في المحاضر .
وبجلسة 25/1/1983 قدم المدعي حافظة مستندات تضم تقرير مفوض الدولة لدى المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 3 لسنة 4ق تنازع والذي انتهى إلى عدم قبول الدعوى وصورة من تقرير التظلم إلى محكمة القيم يوم 31/10/1981 كما قدم المدعي مذكرة تكميلية بدفاعه رد فيها على الدفع بوقف الدعوى لحين الفصل في طلب تنازع الاختصاص رقم 3 لسنة 4ق بان تقرير المستشار مفوض الدولة لدى المحكمة الدستورية العليا المقدم في الطلب المشار إليه انتهى إلى عدم قبوله وبان المحكمة سبق أن ردت على هذا الدفع في الحكم الصادر بجلسة 22/12/1981 في الدعوى رقم 10 لسنة 36ق وتضمنت المذكرة ردا على الدفع بعدم الاختصاص لأن القرار المطعون فيه من أعمال السيادة وبان المحكمة استقرت في قضايا مماثلة على أن هذا القرار قرار إداري وردا على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من محكمة القيم بجلسة 3/1/1983 بان الذي – نظرته محكمة القيم تظلما وليس دعوى، وردا على طلب الحكومة إعادة الدعوى لهيئة مفوضي الدولة لإعادة تحضيرها بان هذا الطلب حلقة من حلقات تعطيل الفصل في الدعوى، وعن الموضوع جاء بالمذكرة ان الحكومة تقدم تقارير المباحث العامة وكلها أقوال مرسلة وغير صحيحة ولا دليل عليها .
وبجلسة 25/1/1983 أيضا قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها بدأتها بطلب وقف الدعوى على أن يتم الفصل في الدعوى تنازع الاختصاص رقم 3 لسنة 4 عليا عملا بحكم المادة 31 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا وأسست الإدارة هذا الطلب على أن المدعي تظلم من القرار المطعون فيه أمام محكمة القيم ثم أقام الدعوى الماثلة أمام محكمة القضاء الإداري وهذا الأمر يشكل تنازعا في الاختصاص بين هاتين المحكمتين، ثم دفعت إدارة قضايا الحكومة الدعوى بعدم الاختصاص المحكمة بنظرها لأن القرار المطعون فيه ليس قرارا إداريا وانما هو عمل من أعمال السيادة لأنه صدر من رئيس الجمهورية بصفته رئيس الدولة وليس بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية واستشهدت ببعض الآراء الفقه الدستوري والفقه الإداري، وأضافت المذكرة أنه مما يؤكد عدم الاختصاص المحكمة أن محكمة القيم أصبحت هي المختصة وحدها دون غيرها بنظر التظلمات من الإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية استناد إلى المادة 74 من الدستور ومن بينها القرار المطعون فيه وذلك عملا بالمادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم المعدلة بالقانون رقم 154 لسنة 1981 وأن القرار تعيين البطريرك حسبما أقر المدعي في صحيفة الدعوى ليس قرارا إداريا لأنه لا يعبر عن إرادة جهة الإدارة بل هو من أعمال التوثيق صدر اعتمادا لإجراءات انتخاب البطريرك طبقا لأحكام القرار الجمهوري الصادر في 2/11/1957 فهو عمل مادي يكشف عن مركز قانوني نشأ من الانتخاب وإلغاءه يعتبر عملا ماديا كذلك ودفعت إدارة قضايا الحكومة الدعوى كذلك بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد فالقرار المطعون فيه نشر بالجريدة الرسمية في 3/9/1981 وميعاد الطعن يبدأ من هذا التاريخ وينتهي في 2/11/1981 طبقا للمادة 24 من قانون مجلس الدولة والمدعي رفع الدعوى الماثلة في 12/1/1982 والتظلم الذي قدمه لرئيس الجمهورية في 28/12/1981 لا يقطع الميعاد الذي انتهى في 2/11/1981 أما التظلم الذي قدمه إلى محكمة القيم في 1/11/1981 فهو لا يقطع الميعاد أيضا لأن هذا الأثر مقصور على التظلم الذي يقدم إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار والهيئات الرئاسية عملا بنص المادة 24 المشار إليها، ثم دفعت إدارة قضايا الحكومة الدعوى بعدم جواز نظرها لأن المدعي تظلم من القرار إلى محكمة القيم وأصدرت هذه المحكمة حكمها في التظلم بجلسة 3/1/1982 ويقضي بقبوله شكلا ورفضه موضوعا، وهذا الحكم حجة بما فصل فيه ولا يجوز عرض النزاع بشأنه على القضاء عملا بنص 106 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وعن موضوع الدعوى طلبت إدارة قضايا الحكومة رفضها لأن القرار المطعون فيه صدر في ظروف استثنائية لا تقاس فيها تصرفات الإدارة بالمعايير العادية لمبدأ المشروعية وإنما يحكم على مشروعيتها على أساس توافر ضوابط نظرية الضرورة، والقرار المطعون فيه قد توافرت فيه هذه الضوابط بقيام حالة واقعية تدعو إلى التدخل أعلنها رئيس الجمهورية في بيانه إلى الشعب في 5/9/1981 وهي حدوث فتنة طائفية وقد ابتغى من رئيس الجمهورية تحقيق الصالح العام ووافق الشعب على القرار في الاستفتاء أما عن دور المدعي في إحداث الفتنة الطائفية فقد وردت تفصيلا في مذكرة المباحث أمن الدولة بجلسة 4/1/1983 وأبدت إدارة قضايا الحكومة أن المحاور العامة التي ارتكزت عليها سياسة المدعي توجز في عدد من النقاط أبرزها محاولة فرض استقلال الكنيسة عن الدولة ومؤسساتها الدستورية والسعي نحو إضفاء الصفة السياسية على منصب البطريرك ومحاولة تحدي القوانين القائمة في مجال بناء الكنائس وإقامة الكليات الإكليرية وتوسيع الأديرة واستثمار الخلافات الفردية والحوادث العادية لتصوير الموقف على أنه صراع طائفي والمطالبة ببعض المطالب الطائفية واعلان الصوم للضغط على المسئولين واستغلال قنوات الاتصال بين الكنيسة وتجمعات الأقباط في الخارج كقوة ضاغطة على الرأي العام العالمي لتحقيق المطالب المذكورة وانتهاج أساليب الإثارة فيما أصدره من أوامر للكهنة من تأدية الصلاة بجمعية أصدقاء الكتاب المقدس بالخانكة وافتراش الأرض بأجسادهم عند التعرض لهم وقرر إرسال الخطابات للمسئولين في الدولة لتمثيل الأقباط في الاتحاد الاشتراكي بنسبة عددية كبيرة ونشر الشائعات عن رفض رئيس الجمهورية مقابلة المدعي وعقد اجتماعات أسفرت عن رفض قانون الردة واعلان الصوم الانقطاعي تعبيرا عن هذا الرفض والتشكيك في حيده رجال الشرطة وسلطات التحقيق في وقت معاصرا لمباحثات كامب ديفيد كوسيلة للضغط على المسئولين للانصياع للمطالب الطائفية ومنها تطبيق الشريعة الإسلامية وكوسيلة للضغط أيضا رفض المدعي الاحتفال بذكرى تقلده الكرسي البابوي يوم 14/11/1979 واعتكافه بدير الأنبا بيشوي وفي 18/3/1980 استغل حادث اعتداء على بعض الطلبة المسيحيين في المدينة الجامعية بالإسكندرية لتعبئة مشاعر المسيحيين ضد المسلمين ودعا المجمع المقدس إلى الاجتماع وإصدار قرار بعدم الاحتفال بعيد القيامة ورفض تهاني المسئولين وذلك في وقت معاصر لزيارة – رئيس الجمهورية لأمريكا وإيعاز تجمعات الأقباط هناك باتخاذ مواقف معادية له ورفض المشاركة في استقبال رئيس الجمهورية وامتنع عن حضور الاجتماعات العامة التي دعي إليها بصفته الدينية وسرب الشائعات عن تكاثر أعمال التعدي على المسيحيين في مصر للتشكيك في استقرار البلاد وإثارة الرأي العام العالمي لتشويه سمعة مصر في الخارج وحرض أبناء الطائفة على تخزين الأسلحة والاستعداد لمواجهة عزم المسلمين مهاجمتهم وكان هذا من أبرز أسباب حادث الزاوية الحمراء في يونية 1981 والذي راح المدعى يبث الشائعات بان الحكومة هي التي دبرت هذا الحادث للقضاء على شوكة المسيحيين وهذا الذي صدر عن المدعي يعد خروجا منه على مقتضيات منصبه وعلى واجباته الأساسية ويعتبر إثارة الفتنة الطائفية لم يكن أمام رئيس الجمهورية لتجنب البلاد ويلات الفتنة سوى إصدار القرار المطعون فيه وانتقلت مذكرة إدارة قضايا الحكومة على الرد على بعض ما أثاره تقرير هيئة مفوضي الدولة قائلة أن رئيس الجمهورية طبقاً للمادة 18 من لائحة ترشيح وانتخاب البطريرك هو الذي يصدر قرار تعيين البطريرك ومن المسلم به أن من يملك إصدار القرار يملك إلغاءه ولذا فان رئيس الجمهورية لم يغتصب سلطة أحد ولرئيس الجمهورية أيضا طبقا اللائحة المشار إليها تعيين قائمقام البطريرك ولذلك فان القرار المطعون فيه في شقة الثاني الخاص بتشكيل لجنة خماسية للقيام بالمهام البابوية والذي اقره المجمع المقدس في بيانه المؤرخ – 12/9/1981 صحيح قانوناً وأن تقرير لجنة تقصي الحقائق يؤكد ما جاء بتقرير مباحث أمن الدولة فقد أجرى التحقيق فيما اسماه المدعي حرق المسلمين لكنيسة الخانكة وتناول رئيس – الجمهورية هذه الواقعة في خطاب أمام مجلس الشعب في 14/5/1980 وكشف فيه ما نسب إلى المدعي من وقائع محددة في تواريخ محددة مؤيدة بمستندات بعضها صادر من المدعي شخصياً مثل المقالات والأخبار التي تنشرها مجلة الكرازة والرسالة التي وجهتها البطريركية بالإسكندرية إلى طلبة الجامعة المسيحيين بها وغيرها وما ورد في حافظة المستندات الثانية وجاء بالمذكرة – أيضا أنه إذا كان المدعي يقول أن قرار تعيين المدعي الصادر سنة 1971 قد تحصن بمضي ما يقرب من 11 سنة فهو مردود بما أبداه المدعي من أن قرار تعيينه ليس إلا عملا ماديا كاشفا لمركزه – القانوني المستمد من عملية الانتخاب وإجراء القرعة ومن المعلوم أن العمل المادي لا يكتسب حصانة ويجوز سحبه أو إلغاءه في أي وقت ودون تقيد بميعاد معين والبطريرك لا يحتفظ بمنصبه مدى الحياة كما يقول المدعي فالمادة الأولى من لائحة ترشيح وانتخاب البطريرك تنص أنه إذا خلا كرسي البطريرك بسبب وفاة شاغله أو لأي سبب آخر ولا يوجد في اللائحة المذكورة ما يفيد صراحة أو ضمنا أن المجمع المقدس هو الذي يختص وحده بتنحية البطريرك وعلى كل فان المجمع المقدس قد اقرا القرار المطعون فيه وذلك في بيانه المعلن في 23/9/1981 ( المنشور رقم 7 من حافظة المستندات الثالثة ) والإجارة اللاحقة كالتصريح السابق تزيل هذا العيب .
وقدمت إدارة قضايا الحكومة كذلك ثلاث حوافظ مستندات في 4و25 / 1 / 1983 وفي 22/2/1983 تضمنت مذكرتين لأجهزة الأمن عن مخطط المدعي لإذكاء الفتنة الطائفية وتجاوزت المسيحيين تنفيذا لهذا المخطط وبعض أعداد من مجلة الكرازة التي يصدرها المدعي وبيان صادر عن المهاجرين المسيحيين بالولايات المتحدة لتشويه سمعة مصر وبيان المجمع المقدس الصادر في 22 / 9 / 1981 بتأييد القرار المطعون فيه ومحاضرة للمدعي عن التثليث والتوحيد هاجم فيها رجال الدين الإسلامي والمستندين الذين أودعهما رئيس الجمهورية مكتب مجلس الشعب تأييدا لخطابة المؤرخ 14 / 5 / 1980 وهما بيان من البطريركية وقرار المجمع المقدس بجلسة 26/3/1980 والتعميميين السريين الموزعين على أعضاء المكتب السياسي للحزب الوطني الديمقراطي والنواب الأقباط الموضعين مكتب مجلس الشعب ومستندات أخرى .
وبتاريخ 22 /3 / 1983 تقدم المدعي بحافظة مستندات سادسة كما قدم المدعي مذكرتين أخيرتين بدفاعه بتاريخ 7 /3 /1983 جاء بهما أن البطريرك لا يتولى سلطاته إلا بعد الخطوات الآتية :
1ـ بمجرد خلو الكرسي البابوي بوفاة شاغله يجري اختيار المرشحين بمعرفة لجنة تؤلف خصيصا من بعض أعضاء المجمع المقدس وكبار الشخصيات القبطية .
2ـ يقوم الأقباط ممن توافر فيهم الشروط خاصة بانتخاب من يرونه من هؤلاء المرشحين .
3ـ يتم إجراء قرعة هيكلية بعد صلوات خاصة بين الثلاثة الأول المنتخبين لاختيار الشخص المناسب للمنصب وهنا يصدر قرار جمهوري بنتيجة القرعة توثيقا لها .
4ـ تنصيبه كبطريرك بواسطة أعضاء المجمع المقدس بصلوات خاصة وتلبيسه ملابس الكهنوت وتسليمه عصا الرعاية وإجلاسه كرسي مار مرقص كل ذلك بصلوات خاصة وحينئذ يصير بطريركا، فالانتخاب والتعيين لا يمثلون شيئا بالنسبة للكنيسة والمجمع المقدس هو الجهة الوحيدة التي تملك تنصيب البطريرك وعزله والأسباب التي تستدعي عزل البطريرك كنسيا هي الهرطقة أي البدء في الدين والسيمونية أي بيع رتب الكهنوت بمال والجنون المطبق وما ورد بشأن خلو الكرسي البطريرك بسبب الوفاة أو أي سبب آخر فلا لائحة الترشيح والانتخاب لا تمس حق إخلاء الكرسي وهو المجمع المقدس وأسباب إخلاء الكرسي نادرة ولذا اعتبر البطريرك دائما مدى حياته والقرار المطعون فيه لم يعتمد على هذا الحكم من اللائحة لأنه لم يحدث إعلان عن خلو الكرسي والخطاب الذي أرسله المجمع المقدس إلى الرئيس الحالي جاء به أن القرار المطعون فيه لا يعتبر شيئا من الوضع الكنسي والكهنوتي للبطريرك ومن هنا فان القرار يعتبر غضبا للسلطة ومن جهة أخرى فانه حتى في حالة خلو الكرسي يجتمع المجلس المقدس لاختيار قائمقام البطريرك إلى أن يتم انتخاب بطريرك جديد وليس لرئيس الجمهورية اختيار قائمقام البطريرك والذي حدث أن القرار المطعون فيه أوجد جوا متناقضا فهو عزل البطريرك ولم يتعرض لكهنوته فظل الكرسي البابوي في حالة شلل وردت المذكرة على ما جاء بدفاع الحكومة من أن القرار صدر من رئيس الجمهورية بصفته رئيس الدولة رئيس السلطة التنفيذية فقالت أن التنظيم الدستوري لا يعرف سوى سلطات ثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية وأضاف إليها الدستور المصري سلطة رابعة هي الصحافة وإعطاء رئيس الجمهورية بعض اختصاصات السلطة التنفيذية ليمارسها منفردا لا يغير طبيعتها فعزل موظف عام ليس عملا من أعمال السيادة حتى ولو قام به رئيس الجمهورية فالبطريرك شأن المحافظ موظف عام له مركز متميز ولذا يعين ويعزل بقرار من رئيس الجمهورية وهو قرار إداري يختص القضاء الإداري بنظر الطعن فيه وموافقة الشعب على القرار في الاستفتاء لا يعني أكثر من أن القرار يحظى بتأييد من الرأي العام ولا يضفي عليه صفة أعمال السيادة أو يلغى اختصاص السلطة القضائية في مراقبة مشروعيته والقانون إجاز التظلم من القرار أمام محكمة القيم وهذا تسليم بأنه ليس من أعمال السيادة وإعطاء محكمة القيم اختصاص الفصل في التظلم من القرار أمام محكمة القيم وهذا تسليم بأنه ليس من أعمال السيادة وإعطاء محكمة القيم اختصاص الفصل في التظلم من القرار لا يحجب اختصاص محكمة القضاء الإداري لأن التظلم خطوة قبل الطعن القضائي والقوانين بصفة عامة تعطي الاختصاص بالفصل في التظلمات الإدارية إلى لجان إدارية ذات اختصاص قضائي وأحيانا يرأسها قاض أو يدخل في تشكيلها عنصر قضائي وليس من قيد على المشرع أن يعطي التظلم لمحكمة القيم دون أن يغير ذلك من صفته كتظلم خاصة وأن فحص التظلمات ليس هو الاختصاص الأصيل لمحكمة القيم بل يشبه السلطة الولائية للقاضي المدني الذي يصدر أوامر الحجز إلى جانب سلطته القضائية في الفصل في الدعاوى ولا وجه للقول بان الفصل في التظلم أعطى لمحكمة القيم الفصل في مشروعية القرار بحكم حائز لقوة الشيء المقضي لأن القانون أجاز إعادة التظلم بعد ستة شهور من رفض التظلم الأول ومعنى ذلك أن محكمة القيم لا تصدر في التظلم حكما يحسم خصومة ويحوز قوة الشيء المقضي وعلى ذلك فلا يسوغ القول بان اختصاص مجلس الدولة نزع ضمنا بإعطاء الفصل في التظلم إلى محكمة القيم وجاء بالمذكرة أيضا أن الرئيس السابق اتهم المدعي بتحرير منشور بالغة الإنجليزية وإرساله للأقباط في أمريكا ليقابلوه هناك بالاحتجاج وهذا غير صحيح فلا منشور حررته جمعية الأقباط بأمريكا وهي على خلاف مع الكنيسة القبطية بمصر ووطنية البابا لا يمكن أن تكون محل نقاش وان بيان المجمع المقدس ف 26 / 3 /1980 صدر من أكثر من ستين مطرانا واسقفا بعد أن توالت الاعتداءات على المسيحيين بتشجيع من الحكومة دون أن تقدم أية قضية إلى المحاكم وأما بيان المجمع الصادر في 22 / 9 /1981 فقد جاء نتيجة تهديدات الحكومة بان الجماعات الإسلامية ستستولي على الحكم وتطيح بالجميع .
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بتاريخ 8 / 3 / 1983 تضمنت شرحا للمستندات – المقدمة منها التي تؤكد دور المدعي في إشعال الفتنة الطائفية منها الدعوة التي وجهها المدعي إلى أعضاء المجمع المقدس لحضور اجتماع 26 / 3 / 1980 والقرار الصادر عن هذا الاجتماع ونصه الآتي : " بعد أن درس المجمع المقدس حالة الأقباط بالتفصيل والشكاوي العديدة التي وجهت منهم في كل المحافظات في مصر ومن الطلبة في المدن الجامعية وخارجها وما يتعرض له – الأقباط من إهانات وشتائم بالكفر وألوان من الإثارات واعتداءات على أرواحهم وكنائسهم وخطف الفتيات المسيحيات وتحويل البعض عن دينهم بطرق شتى قرر المجمع المقدس إلغاء الاحتفالات الرسمية بعيد القيامة المجيد هذا العام والاكتفاء بالصلاة في الكنائس مع عدم تقبل التهاني بالعيد وذلك تعبيرا عن الآلام التي يعانيها الأقباط كما قرر أعضاء المجمع المقدس – الاعتكاف في الأديرة خلال العيد " وقام الأقباط المصريون في لولايات المتحدة بمظاهرات – أمام مقر الرئيس بواشنطن ومقر الأمم المتحدة مطالبين التدخل لحماية أقباط مصر من المذابح نشرت صور المظاهرات بمجلة الأقباط في أمريكا ونشرت هذه المجلة أيضا العديد من المقالات التي تتهم السلطات بالتواطؤ في تنفيذ مخطط إسلامي للقضاء على المسيحيين كما نشرت مجلة الكرازة التي يصدرها المدعي العديد من المقالات التي تنطوي على تجريح الدين الإسلامي وتصوير بعض الحوادث الفردية على أنها حوادث طائفية وأشارت المذكرة إلى تقرير اللجنة العامة بمجلس الشعب في ردها على بيان رئيس الجمهورية مساء يوم السبت 5 /9 /1981 وقد جاء به أن اللجنة تسجل أسفها عما تجمع لديها من قرائن ودلائل على أن بعض القيادات الكنسية ومنها رأس الكنيسة دأبوا على التشكيك في كل تصرف يصدر من العقلاء من القيادات الدينية والمدنية يهدف إلى تهدئة الخواطر وإطفاء نار الفتنة بل أنهم تمادوا في مسلكهم وأوغروا بطبع منشورات وتسجيلات عن الأحداث دون تمحيص وأوعزوا بنشرها في المجالات القبطية التي تصدر داخل البلاد وخارجها وقد صور الطموح السياسي لقيادة الكنيسة أن تقيم الكنيسة من نفسها دولة داخل الدولة تستأثر بأمور المسيحيين الدنيوية وخرجوا بالكنيسة عم دورها السامي الذي حدده لها المسيح عليه السلام في قوله ردوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله .
وبجلسة 25 / 1 / 1983 قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وبعد المداولة .
من حيث أن المدعي يطلب الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 491 لسنة 1981 فيما تضمنه من إلغاء تعيينه بابا الإسكندرية وبطريرك للكرازة المرقسية وفيما تضمنه من تشكيل لجنة خماسية للقيام بالمهام البابوية وما يترتب على هذا القرار من آثار .
ومن حيث أن إدارة قضايا الحكومة أبدت الطلبات والدفوع الآتية :
أولاً – وقف الدعوى عملاً بالمادة 31 من القانون رقم 48 لسنة 1972 بشأن المحكمة الدستورية العليا .
ثانياً : عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لثلاثة أسباب هي :
(1)أن القرار المطعون فيه من أعمال السيادة .
(2)أن القرار المذكور يعتبر عملاً مادياً وليس قراراً إدارياً .
(3)أن القرار المطعون فيه يدخل في اختصاص محكمة القيم وحدها طبقاً للمادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب
ثالثاً – عدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني .
رابعاً – عدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها .
ومن حيث أن طلب وقف الدعوى عملا بالمادة 31 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا يقوم على أن المدعي تظلم من القرار المطعون فيه أمام المحكمة القيم التي قررت رفض التظلم بجلسة
2 / 1/1982 وفي نفس الوقت أقام المدعي دعواه الماثلة بطلب إلغاء القرار المطعون فيه وهو أمر يشكل تنازعا في الاختصاص بين محكمة القيم ومحكمة القضاء الإداري مما حدا بإدارة قضايا الحكومة إلى أن تتقدم إلى المحكمة الدستورية العليا بطلب تحديد المحكمة المختصة وقيد هذا الطلب بجدول المحكمة المذكورة برقم 3 لسنة 4ق تناع وقد نصت المادة 31 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا على الأثر المترتب على تقديم الطلب المشار إليه وهو وقف الدعاوي القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه . وهذا الطلب في غير محله قانونا ذلك أن المادة 35 من القانون رقم 48 لسنة 1979 المشار إليه تنص على أن " تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يلي :
أولا - ..... ....
ثانيا – الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها . ثالثا - ... " وتنص المادة 31 من القانون المذكور ذاته على أن ( كل ذي شأن أن يطلب المحكمة الدستورية العليا تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى في الحالة المشار إليها في البند الثاني من المادة 25 ويجب أن يبين في الطلب موضوع النزاع وجهات القضاء التي نظرته وما اتخذته كل منها في شأنه ويترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه ) – والمستفاد من هذين النصين أن مناط قبول طلب وقف الدعوى طبقا لحكم المادة 31 سالفة الذكر أن يصدر حكمان من جهتي قضاء بالاختصاص أو بعدم الاختصاص في موضوع واحد باعتبار ذلك مظهرا للتخلي أو عدم التخلي عن نظر الدعوى ولما كانت هذه المحكمة لم يسبق لها إصدار الحكم باختصاصها بنظر الدعوى الماثلة، يضاف إلى ذلك أن اختصاص المحكمة الدستورية العليا منوط بوجود دعاوى مقامة عن موضوع واحد أمام جهتين قضائيتين بدليل أن الفقرة الأخيرة من المادة 31 المشار إليها نصت على وقف ( الدعاوى القائمة ) والتظلم الذي قدمه المدعي إلى محكمة القيم لا يعتبر دعوى بل يظل محتفظا بطبيعته كتظلم والقرار الصادر فيه لا يعتبر حكما يحوز حجية للشيء المقضي بل هو مجرد أمر ولائي ودليل ذلك أن المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 – بشأن حماية القيم من العيب معدلة بالقانون رقم 154 لسنة 1981 تنص على أن ( تختص محكمة القيم دون غيرها بما يأتي : _ أولا – الفصل في جميع الدعاوى التي يقيمها المدعي العام الاشتراكي طبقا للمادة 16 من هذا القانون . ثانيا – كافة اختصاصات المحكمة المنصوص عليها في القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة والتأمين على سلامة الشعب والمقررة بالقانون المذكور . ثالثا – الفصل في الأوامر والتظلمات التي ترفع طبقا لأحكام هذا القانون .
خامسا – الفصل في التظلم من الإجراءات التي تتخذ طبقا للمادة 74 من الدستور ) فهذا النص استخدم كلمة الدعاوى في البند أولا وكلمة التظلمات في البندين ثالثا وخامسا وليس من شك في أن المشرع قصد المغايرة بين الكلمتين أن تكون محكمة القيم جهة قضاء في حالات معينة وجهة تظلم في حالات أخرى ولما كان التظلم الذي يقدم إلى محكمة القيم طبقا للبند خامسا من المادة 34 المشار إليها هو في حقيقة الأمر تظلم ولائي شأنه التظلم الذي يقدم لجهة الإدارة ذاتها قبل الطعن القضائي خوله المشرع لمحكمة القيم بدلا من جهة الإدارة ابتغاء الحيدة والموضوعية في التظلم من قرارات معينة على جانب كبير من الأهمية فأن هذا التظلم لا ينهض بديلا عن الطعن القضائي أمام محكمة الإلغاء ولا يعتبر دعوى في مفهوم المادة 31 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا وبالتالي فان طلب وقف الدعوى لحين الفصل في طلب التنازع رقم 3 لسنة 4ق دستورية يكون غير قائم على سند صحيح من القانون خليقا بالرفض .
ومن حيث أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى يقوم على ثلاثة أوجه هي أن : -
القرار المطعون فيه من أعمال السيادة وأن القرار ليس إداريا بل هو عمل مادي وأن الطعن في القرار يدخل في اختصاص محكمة القيم وحدها .
ومن حيث أن الوجه الأول للدفع بعدم الاختصاص يقوم على أن القرار المطعون فيه صدر من رئيس الجمهورية بصفته رئيساً للدولة وليس رئيساً للسلطة التنفيذية ولذا فهو من أعمال السيادة فقد أستند القرار في ديباجته إلى المادة 74 من الدستور التي وردت في الفصل الأول من الباب الخامس منه المعنون رئيس الدولة في حين أن الفصل الخامس من الباب ذاته المعنون رئيس الجمهورية يتضمن اختصاصات رئيس الجمهورية كرئيس للسلطة التنفيذية ويستفاد من ذلك أن ما يصدره رئيس الجمهورية استناداً إلى صفته كرئيس للدولة يعتبر من أعمال السيادة كما ذهب إلى ذلك بعض رجال الفقه الدستوري والإداري في مصر وما يصدره رئيس الجمهورية كرئيس للسلطة التنفيذية يعتبر من أعمال الإدارة التي تدخل في اختصاص القضاء وهذا الوجه مردود بأن النظام الدستوري المصري يقوم على أساس وجود أربعة سلطات هي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية وسلطة الصحافة وأن رئيس الجمهورية يجمع بين رئاسة الدولة ورئاسة السلطة التنفيذية وبمجرد صدور المطعون فيه من رئيس الجمهورية استناداً إلى اختصاص منوط به كرئيس للدولة لا يجعل منه عملاً من أعمال السيادة لأن من أعمال السيادة ما يصدر من رئيس الحكومة فالمناط في التفرقة بين أعمال السيادة وغيرها من أعمال الإدارة هو بطبيعته العمل في ذاته أياً كانت جهة إصداره أو سند إصداره حسبما أستقر على ذلك الفقه والقضاء وترى المحكمة أن القرار المطعون فيه ذو طبيعة إدارية فهو من جنس قرار التعيين الذي صدر من رئيس الجمهورية طبقاً للمادة 18 من لائحة ترشيح وانتخاب بطريرك الأقباط الأرثوذكس الصادر في 3/11/1957 حتى لو كان الباعث عليه سياسياً لأن نظرية الباعث السياسي كمعيار للتمييز بين أعمال السيادة وغيرها عدل القضاء عنها من زمن بعيد وموافقة الشعب على القرار المطعون فيه في الاستفتاء الذي أجرى عليه لا تغير هي الأخرى من طبيعته كقرار إداري فهذه الموافقة لا تعني أكثر من تأييد القرار سياسياً فيبقى القرار على طبيعته وعلى حاله من المشروعية يضاف إلى ذلك أن غاية ما تستهدفه نظرية أعمال السيادة هو حجب هذه الأعمال عن رقابة القضاء أياً كانت طبيعة هذه الرقابة ولائية أو قضائية وقد خول القانون رقم 154 لسنة 1981 محكمة القيم الاختصاص بالفصل في التظلم من القرار المطعون فيه ويقتضي هذا نفي شبهة عمل السيادة عن القرار المطعون فيه .
ومن حيث أن الوجه الثاني من الدفع بعدم الاختصاص يقوم على أن قرار رئيس الجمهورية الصادر سنة 1971 بتعيين المدعي ليس قراراً إدارياً حسبما يقول المدعي نفسه في دفاعه وإنما هو عمل مادي كشف عن مركز قانوني أستمده المدعي من عمليتي الانتخاب والقرعة طبقاً لأحكام لائحة ترشيح وانتخاب البطريرك المشار إليها ولذا فأن قرار تنحيته يعتبر هو الأخر عملاً مادياً يخرج عن اختصاص القضاء الإداري وهذا الوجه مردود بأن القرار المطعون فيه ليس عملاً مادياً بل هو قرار إداري تكونت فيه مقومات القرار الإداري حسبما أستقر عليها لقضاء الإداري وهو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني لتحقيق مصلحة عامة لذا فأن المنازعة بشأنه تعتبر منازعة إدارية مما يدخل في اختصاص القضاء الإداري طبقاً للمادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 يشأن مجلس الدولة بينما يدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري حسبما سيجيء بعد .
ومن حيث أن الوجه الثالث للدفع بعدم الاختصاص يقوم على أن المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب المعدلة بالقانون رقم 154 لسنة1981 أعطت محكمة القيم دون غيرها الاختصاص بالفصل في القرار المطعون فيه وهذا الوجه مردود بما سبق إيضاحه في الرد على طلب وقف الدعوى من أن المادة المشار إليها استخدمت كلمة الدعاوى في بعض البنود وكلمة التظلمات في بنود أخرى وأن المشروع قصد من المغايرة بين الكلمتين أن تكون محكمة القيم جهة قضاء في حالات وجهة تظلم في حالات أخرى وأن التظلم الذي يقدم إلى محكمة القيم طبقاً للمادة المشار إليها لا ينهض بديلاً عن الطعن القضائي ومن ثم فأن التظلم إلى محكمة القيم لا يعتبر طريق طعن مواز لقضاء الإلغاء المنوط بمجلس الدولة خاصة وأنه لا يحقق مزايا قضاء الإلغاء وضماناته وأن المشرع لم يحدد مواعيد أو إجراءات معينة لتقديم التظلم والفصل فيه وإعطاء الاختصاص ،بالفصل في التظلم من بعض القرارات الإدارية إلى جهات قضائية أو جهات إدارية ذات اختصاص قضائي ليس أمراً جديداً على التشريع المصري فالمادة 35 من القانون رقم 112 لسنة 1946 بشأن الشهر العقاري تخول صاحب الشأن حق الالتجاء إلى قاضي الأمور الوقتية ليأمر بإبقاء الرقم الوقتي للشهر بصفة دائمة أو بإلغائه وقد أستقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن ذلك لا يعتبر طريق طعن مواز لقضاء الإلغاء ولا يحجب اختصاص القضاء الإداري . والمادة 3 مكرراً من القانون رقم 112 لسنة 1958 بشأن الطوارئ كانت تنص قبل تعديلها بالقانون رقم 164 لسنة 1981 على جواز التظلم من قرارات فرض الحراسة إلى محكمة أمن الدولة العليا تشكل وفق أحكام القانون المذكور وقضت المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 830 لسنة 20 ق بجلسة 29/12/1979 بأن هذا التظلم لا يستقيم اختصاصاً مانعاً من ولاية القضاء الإداري لأنه محض تظلم إداري لا يغني عن حق المواطن في الالتجاء إلى قاضية الطبيعي .
ومن حيث أنه لما تقدم يكون الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى غير قائم على سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض .
ومن حيث أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني يقوم على أن هذا الميعاد وهو ستون يوماً يحسب من تاريخ نشر القرار المطعون فيه في الجريدة الرسمية في 3/9/1981 وأن التظلم الذي قدمه المدعي من هذا القرار إلى رئيس الجمهورية في 28/12/1981 فقدم بعد الميعاد القانوني ولذا فلا ينتج أثره في قطع الميعاد أما التظلم الذي قدمه المدعي إلى محكمة القيم فلا يترتب عليه قطع ميعاد رفع الدعوى لأن هذا الأثر قصره القانون على التظلم الإداري الذي يقدم لمصدر القرار أو الجهة الرئاسية له وهذا الدفع مردود بأن القرار المطعون فيه يعتبر من القرارات الفردية التي يحسب ميعاد رفع الدعوى بشأنها من تاريخ العلم اليقيني بفحوى القرار وأسبابه علماً يقينياً سواء بطريق النشر أو بطريق الإبلاغ أو بأي طريقة أخرى حسبما أستقر على ذلك قضاء هذه المحكمة ولما كانت الحكومة لم تقدم أي دليل على علم المدعي بالقرار فيه علماً يقينياً في تاريخ معين وكان النشر في الجريدة الرسمية لا يحقق للمدعي هذا العلم اليقيني فلا مناص من اعتبار المدعي عالماً بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً في تاريخ تظلمه إلى المدعي الاشتراكي ومحكمة القيم في 31/10/1981 وهذا التظلم من شأنه قطع ميعاد رفع الدعوى لأن المشرع وقد ناط بمحكمة القيم وحدها الاختصاص بالفصل في هذا التظلم قصد أن تقوم هذه المحكمة مقام الجهة الإدارية مصدرة القرار في الفصل في التظلم ومن ثم يبدأ ميعاد رفع الدعوى من 30/12/1981 تاريخ تحقق قرينة الرفض الضمني للتظلم المستفادة من مضي ستين يوماً على تقديم التظلم دون البت فيه وفقاً لحكم 24 من قانون مجلس الدولة وإذا قيمت الدعوى الماثلة في 12/1/1982 فأنها تكون مقامة في الميعاد القانوني وجدير بالملاحظة أن هذه النتيجة لا تتغير باقتراض علم المدعي بالقرار المطعون فيه من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية حسبما جاء في دفاع الحكومة .
ومن حيث أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها على أن محكمة القيم بجلسة 3/1/1982 في التظلم المقدم إليها من المدعي برقم 23 لسنة 11 ق في القرار المطعون فيه حكمت برفض التظلم وهذا القضاء يعتبر حجة بما فصل فيه فلا يجوز إعادة عرض النزاع بشأنه على القضاء مرة أخرى عملاً بنص المادة 101 من القانون رقم 25 لسنة 1967 يشأن الإثبات وهذا الدفع مردود بأن محكمة القيم لم تفصل في التظلم المشار إليه بوصفها جهة قضاء وإنما بوصفها جهة تظلم تحل محل الجهة الإدارية في هذا الشأن بموجب القانون رقم 154 لسنة 1981 وذلك على النحو المبين في الرد على طلب وقف الدعوى وعلى الدفع بعد اختصاص المحكمة ولذا فأن الحكم برفض التظلم لا يعتبر قضاء يجوز الحجية طبقاً للمادة 11 من قانون الإثبات المشار إليه وإنما هو أمر ولائي واجب التنفيذ كالأحكام طبقاً للمادة 61 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب التي تنص في فقرتها الأولى على أن ( يعاقب بالحبس كل من أمتنع عمداً عن تنفيذ حكم أوامر صادر من محكمة القيم بعد مضي ثمانية أيام من تاريخ إنذاره على يد محضر إذا كان بتنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً في اختصاصه ) ومن ثم يكون الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في غير محله جديراً بالرفض .
ومن حيث أن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية ولذا فهي مقبولة شكلاً .
ومن حيث أنه عن موضوع الدعوى فقد استند القرار المطعون فيه في ديباجته إلى المادة 74 من الدستور التي تتضمن حالة من حالات الضرورة ولما كان القضاء الإداري مستقر على أن الضرورة كسبب للقرار الإداري لا تتحقق إلا بتوافر أركان ثلاثة هي
1 – قيام خطر جسيم مفاجئ يهدد النظام والأمن .
2 – وأن يكون القرار هو الوسيلة الوحيدة لدفع الخطر .
3 – وأن يكون القرار لازماً حتماً فلا يزيد على ما تقتضيه الضرورة وكان الثابت من أوراق الدعوى أن رئيس الجمهورية أوضح في بيانه وخطاب الموجهين ألى الشعب مساء يوم 5/9/1981 الأسباب التي دفعته إلى إصدار القرار المطعون فيه وغيرة من القرارات المصاحبة له يبين منها أن الخطر الجسيم المفاجئ الذي دفعه إلي إصدار القرار هو أحداث الزاوية الحمراء وأن الشرطة سيطرت علي الموقف وصانت الأمن العام في حينه وأن النيابة العامة وضعت الأمر ف نصابها وكان ذلك في شهر يونيه سنة 1981 فأن القرار المطعون فيه وقد صدر في 2/9/1981 في تاريخ لاحق علي وقوع الأحداث المشار إليها والسيطرة عليها يكون قد صدرت في وقت لم تكن فيه الأمور تستلزم صدوره حتى لو كان رئيس الجمهورية يخشى وقوع أحداث خطيرة وجسيمة في المستقبل حسبما جاء قي طلبه المنوه عنه لأن اتخاذ القرار منوط بتوافر خطر حال لا خطر زال أو خطر قد يحدث في المستقبل وبذلك ينتقي الركن الأول لقيام حالة الضرورة المبررة لإصدار القرار المطعون فيه لم يكن الوسيلة الوحيدة لدفع ما ظنه رئيس الجمهورية خطراً جسيماً مفاجئاً وقت إصدار القرار كانت هناك قواعد قانونية عادية تكفل معالجة الوضع منها على سبيل المثال أحكام قانون العقوبات الخاصة بحماية أمن الدولة والقانون رقم 34 لسنة 1972 بشأن حماية الوحدة الوطنية والقانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي والقانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب ومن ثم ينتفي أيضاً الركن الثاني لقيام حالة الضرورة الملجئة لإصدار القرار المطعون فيه وبناء على ذلك يكون القرار المطعون فيه غير قائم على السبب الذي أستند إليه وهو المادة 74 من الدستور .
ومن حيث أنه عن مدى حمل القرار المطعون فيه على أسباب صحيحة تبرره وفقاً لأحكام الدستور الأخرى وأحكام القوانين واللوائح النافذة وقت صدوره فيلاحظ بادئ الأمر أن القرار المطعون فيه يتضمن في مادته الأولى تنحيه المدعي عن منصبه كبطريرك للأقباط والذي سبق لرئيس الجمهورية تعيينه فيه بالقرار الجمهوري برقم 2772 لسنة 1971 عملاً بحكم المادة 18 من لائحة ترشيح وانتخاب بطريرك للأقباط الأرثوذكس المعتمدة بقرار رئيس الجمهورية الصادر بتاريخ 7/11/1957 . والتي تنص الفقرة الأخيرة منها على الآتي : (ويصدر قرار جمهوري بتعيين البطريرك ويقوم القائم مقام البطريرك برسامته وفقاً لتقاليد الكنيسة) ويتضمن القرار المطعون فيه أيضاً في مادته الثانية تشكيل لجنة خماسية من الأساقفة للقيام بالمهام البابوية .
ومن حيث أنه يبين من استقراء المبادئ التي قام عليها الفرمان العالي الصادر في 18 من فبراير سنة 1856 بتنظيم أمور الطوائف غير الإسلامية في الدولة العلية والأحكام التي – نص عليها الأمر العالي رقم 3 الصادر من مايو سنة 1883 بالتصديق على لائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأرثوذكس العمومي المعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1927 والقانون رقم 48 لسنة 1950 وأحكام القانون رقم 15 لسنة 1927 بتنظيم سلطة الملك فيما يختص بالمعاهد الدينية وتعيين الرؤساء الدينين وبالمسائل الخاصة بالأديان المسموح بها في البلاد وأحكام القانون رقم 20 لسنة 1971 ببعض الأحكام الخاصة بانتخاب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس وأحكام لائحة ترشيح وانتخاب بطريرك الأقباط الأرثوذكس المعتمدة بقرار رئيس الجمهورية المؤرخ 2/11/1957 أن عمل البطريركية بهيئاتها المتفرعة عنها . هي رعاية مرافق الأقباط الأرثوذكس وهذا العمل أصلاً من مهام الحكومة ويقع على عاتقها القيام به لو لم يستند إلى البطريركية باعتبار أنه من فروع الخدمات التي تؤديها السلطة العامة وفي سبيل نهوض البطريركية بهذا العمل وحسن توجيه خولها المشرع نصيباً من السلطة ووضع القواعد المنظمة لها وبين الهيئات التي تتفرع منها وكيفية تكوين كل منها ومجال نشاطها ومدى اختصاصها ونظم الطريقة التي تمارس بها هذه الهيئات وظائفها وبين كيفية محاكمة الأكليروس وجعل الرئاسة للبطريرك على البطريركية وفروعها المختلفة ورسم طريق ترشيحه وانتخابه وبناء على ذلك تكون قد توافرت لبطريركية الأقباط الأرثوذكس مقومات أشخاص القانون العام وهذا ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا .
ومن حيث أن الرسالة الدينية المنوطة بالبطريركية وهو تمثل النشاط الأساسي والهام للمرفق الذي تقوم على رعايته والنهوض به يقع عبء أدائها عل عاتق الكهنة ولما كانت طبيعة هذه الأعمال تتميز بالأهمية والدقة لما لها من أثر بالغ في تعميق التعاليم الدينية وآدابها فإنها تتطلب في شاغليها شروطاً خاصة يستقيم معه حسن أداء هذه الخدمة العامة وتحقيقاً لذلك عني القانون بوضع القواعد التي تكفل تنظيم شئون الكهنة في تعيينهم وترقيتهم ومراقبة سيرهم ومحاكمتهم ،وخصص القانون تعيين البطريرك وهو رأس البطريركية بقواعد خاصة تتفق وأهمية المنصب فنص القانون رقم 15 لسنة 1927 على أن يكون تعيينه بأمر ملكي بناء على ما يعرضه رئيس مجلس الوزراء وبين القانون رقم 20 لسنة 1971 إجراءات ترشيحه وانتخابه وأحال في تنظيم هذه الإجراءات إلى قرارات من رئيس الجمهورية وحددت لائحة ترشيح وانتخاب البطريرك المعتمدة بقرار رئيس الجمهورية الصادر في 2/11/1957 طريقة اختيار البطريرك وأداة تعيينه في منصبه وهي قرار من رئيس الجمهورية .
ومن حيث أنه يبين من جماع ما تقدم أن بطريركية الأقباط الأرثوذكس هي شخص من أشخاص القانون العام يتولى إدارة مرفق عام من مرافق الدولة مستعينا في ذلك بقسط من اختصاصات السلطة العامة ويقوم الكهنة فيه والبطريرك على رأسهم بخدمة عامة أساسية تتمثل في أداء الشعائر الدينية وتعميق التربية الدينية في نفوس أفراد الطائفة وتربطهم بالبطريركية بالإضافة إلى الروابط الدينية تدخل في نطاق القانون العام تنظمها القوانين الصادرة في هذا الشأن ولذا فأنهم يعتبرون من الموظفين العموميين وإذا كلن البطريرك لا يشغل أيا من المستويات الوظيفية التي أخذ بها قانون مجلس الدولة معيارا لتوزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية فان وظيفته كرئيس للبطريركية ورئيس ديني منظورا في ذلك إلى مستواها وأهميتها وخطورتها تعتبر من المناصب الرئيسية التي تدخل في اختصاص هذه المحكمة النظر فيما يصور من منازعات .
ومن حيث أنه يبين من الإطلاع على أحكام القانون رقم 15 لسنة 1927 بتنظيم سلطة الملك فيما يختص بالمعاهد الدينية وتعيين الرؤساء الدينيين وبالمسائل الخاصة بالأديان المسموح بها في البلاد والقانون رقم 20 لسنة 1971 ببعض الأحكام الخاصة بانتخاب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس ولائحة ترشيح وانتخابها البطريرك الصادرة بقرار رئيس الجمهورية المؤرخ 7 / 11 / 1957 أن البطريرك يعين بقرار من رئيس الجمهورية ويستمد مركزه القانوني وصنعته من هذا القرار مباشرة أما ما يسبق تعيينه من إجراءات الترشيح والانتخاب والقرعة فهي مجرد لاختيار من يعين في المنصب المذكور وما يلي قرار تعيينه من ترشيح أو تنصيب فهو مجرد إجراء لمباشرة عمله كرئيس ديني يماثل في طبيعته إجراء حلف اليمين بالنسبة لرجال القضاء قبل مباشرتهم لولايتهم القضائية وقد أشار الخط الهمايوني في فبراير سنة 1856 إلى هذا الإجراء بنصه على أنه ( وحين نصب البطريرك أو المطران والمرخص والابيسكبوس والحاخام يقتضي أن يفوا الأصول التحليفية تطبيقا إلى صورة يحصل عليها القرار فيما بين بابنا العالي ورؤساء الجماعات المختلفة الروحيين ) ولذلك يكون غير صحيح ما أبداه المدعي من أن قرار رئيس الجمهورية بتعيينه ليس إلا عملا توثيقيا من طبيعة عمل الموثق وأنه لا يمثل شيئا بالنسبة للكنيسة لأن الجهة الوحيدة التي تملك تنصيب البطريرك وعزله هي المجمع المقدس فرسامة البطريرك أو تنصيبه بعد صدور قرار رئيس الجمهورية بتعيينه إجراء يقوم به القائم مقام البطريرك وفقا لصريح نص المادة 18 من اللائحة المشار إليها وليس المجمع المقدس كما أبدى المدعي وهو إجراء لازم لمباشرة ولايته الدينية كما سلف البيان .
ومن حيث أن الخط الهمايوني الصادر في فبراير 1856 ينص صراحة على أنه ( ومن بعد أن تصلح أصول انتخاب البطاركة والحالة هذه يصير كذلك إجراء أصول نصبهم وتعيينهم لمدة حياتهم تطبيقا إلى أحكام براءة البطريركية العليا ) ولما كانت القوانين واللوائح الأخرى المنظمة لتعيين البطريرك قد خلت من النص على انتهاء ولايته في سن معينة كما خلت من النص على نظام لإنهاء ولايته بالطريق التأديبي أو غير التأديبي فأنه يعتبر والحالة هذه معينا لمدة غير معينة ولا يجوز تنحيته عن منصبه كجزاء ولكن ليس معنى ذلك أن يبقى البطريرك في منصبه مهما حدثت له من عوارض الحياة كالوفاة أو الجنون أو المرض المعجز عن العمل ومهما حدث منه من خروج على مقتضيات المصلحة العامة مما يؤثر على حسن قيام البطريركية بالمهام الموكولة إليها أو خروج على مقتضيات منصبة مثل الهرطقة والسيمونية وغير ذلك ولذا يجوز تنحية البطريرك عن منصبه إذا ما قام به سبب أو آخر من أسباب عدم الصلاحية للبقاء فيه ومرد ذلك إلى أصل مسلم به وهو وجوب هيمنة الإدارة على تسيير المرافق العامة على نحو يحقق الصالح العام وتطبيقا لذلك نصت المادة الأولى من لائحة ترشيح وانتخاب البطريرك في 2/ 11 / 1957 على أن ( لا خلا كرسي البطريرك بسبب وفاة شاغله أو لأي سبب أخر ... ) فهذا النص يدل على أن – هناك أسبابا لخلو منصب البطريرك غير الوفاة بعضها قد يكون بإرادة البطريرك نفسه مثل التنحي وبعضها قد يكون بإرادة السلطة العامة مثل التنحية لعدم الصلاحية للبقاء فحسب المنصب أيا كان وجه عدم الصلاحية .ولما كان البطريرك علي رأس العاملين بمرفق عام هو بطريركية الأقباط الأرثوذكس فلزم أن تكون للحكومة سلطة اقصائة عن منصبة إذا ارتابت أنه أصبح غير صالح للبقاء فيه أو أن استمراره فيه يؤثر علي حسن قيام البطريركية بالمهام الموكولة إليها بانتظام واضطراد .وهذا من الملائمات المتروكة لتقديرها ما دامت لم تستهدف سوى المصلحة العامة وكان تقديرها قائما علي أسباب صحية يستخلص منها عدم الصلاحية استخلاصا سائغا وقرارها بالتنحية يعتبر من _التدابير أو الإجراءات الداخلية في مجال الأشراف علي المرافق العامة واختبار القائمين عليها وهو مجال تملك فيه الحكومة سلطات واسعة لا يصح أن تغل لمجرد أنها تمس أو تؤذي أحد العاملين طالما أنها لم تستهدف هذا المساس أو الإيذاء في ذاته بقدر ما تستهدف صالح المرفق والصالح العام .
ومن حيث أنه لما كان تعيين المدعي في منصبه تم بقرار من رئيس الجمهورية علي النحو السابق بيانه فأن .السلطة التي تملك إلغاء هذا القرار بما ينطوي علية من تنحية هو رئيس الجمهورية وفقا لنظرية القرار المضاد ذلك أن من يملك التعيين يملك التنحية مادام القانون لم يعهد بها إلى سلطة أخري وذلك عملا بأصل عام مؤداة أن المركز القانوني الذي ينشأ بداءة من درجة معينة لا يجوز إلغاؤه ألا بأداة من ذات الدرجة ما لم يوجد نص علي خلاف ذلك وقد أخذ القضاء الإداري بهذا النظر في كل من فرنسا ومصر ولذا فإن قرار تنحية المدعي يعتبر صادرا ممن يملكه قانونا ولا يغير من ذلك ما أبداه المدعي من أن السلطة الوحيدة التي تملك تنحيته عن منصبه هي المجمع المقدس لان هذا القول يستند إلى أن المجمع المقدس هو الذي يملك تعيين المدعي وهو غير صحيح كما سلف البيان وإذا كان للمجمع المقدس دور في تنحية البطريرك فأنة لا يتعدى حدود الاقتراح للسلطة المختصة قانونا بالتنحية وهو رئيس الجمهورية الذي يملك مباشرة اختصاصه في هذا الشأن بالتصدي له مباشرة او بناء علي اقتراح المجمع المقدس أو غيرة من الهيئات المعينة وللأسباب الثلاثة التي أشار إليها المدعي أو لغيرها من الأسباب
ومن حيث أنة ولئن كان المدعي بحكم منصبه كبطريرك الأقباط الأرثوذكس داخل المجمع المقدس والمجلس الملي العام وغيرهما من الهيئات المتفرعة عن البطريركية وحق دراسة أحوال الطائفة المتعلقة بشئون دينهم وتلك المتعلقة بشئون ديناهم كمواطنين مصر بين سواء فيما هو منوط بالبطريركية من اختصاصات أو غيرها من الشئون العامة التي تمس مصالحهم كأقباط وإبداء رأيه. ومقترحاته وطلباته في ذلك للسلطات الدولية من خلال القنوات الشرعية ومناقشة هذه المقترحات والطلبات ألا أن المدعي وهو يتمتع بصلاحيات واسعة في الرقابة والتوجيه والأشراف والمشاركة في القرارات والتصرفات التي تصدر عن البطريركية كما أن له نفوذا بالغ التأثير علي أفراد الطائفة بوصفة أباروحيا لهم يتعين علية أن يبدي اراءة ومقترحاته وطلباته وأن يلتزم في مسلكه بطريقة بعيده عن الهجوم أو الإثارة أو قصد التشهير مما يؤثر علي حسن قيام البطريركية بالمهام المنوطة بها كما يتعين علية مراعاة التدرج الهرمي في نظام الدولة الذي يتبوأ قمته رئيس واحد يصدر في تصرفاته عن فكر وعن فلسفة موحدة متناسقة يستلهمها الذين هم أذني منه مرتبة بحيث يسود أجهزتها روح واحدة يتحقق بها ومعها الانسجام والتوافق بين جميع سلطات الدولة ومرافقها العامة لتقوم بأداء الواجبات المنوطة بها في خدمة الصالح العام علي أحسن وجه ومن حيث أن الثابت من أوراق الدعوى ، أن المدعي سواء بنفسه أو بإيعاز منه ، أمر بالتغاضي عن تصرفات أعوانه ومرؤسيه داخل مصر وخارجها وعدم شجبه لهذه التصرفات أو مساءلتهم عنها أساء تقدير بعض الحوادث الفردية التي وقعت علي بعض الأقباط في مصر وتورط في مهاجمة السلطات العامة واتهامها بالتقصير في مواجهة هذه الحوادث وبالتواطؤ في تدبير حدوثها والتشكيك في حيدة رجال الشرطة وسلطات التحقيق وذلك دون وجه حق حسما يبين من رد وزارة العدل علي مذكرة المستشار القانوني للبطريركية التي تقدم بها إلى رئيس مجلس الوزراء في أبريل سنة 1980 أوضح هذا الرد أن هذه الحوادث بعضها لا يزال محل تحقيق النيابة العامة وبعضها تم تحقيقه والتصرف فيه وفقا للقانون أما الإحالة إلى محكمة أمن الدواة العليا وأما بالحفظ لعدم معرفة الفاعل وأمل بالحفظ للتصالح بين أطراف النزاع وأما بصدور قرار بالأوجه لإقامة الدعوى الجنائية وذلك أعمالا لسلطة النيابة العامة وفقا لأحكام قانون الإجراءات الجنائية وقد كفل القانون المذكور للمجني عليهم وللمضرورين مدنيا حق الطعن في قرارات النيابة العامة أمام القضاء والدولة لم تقصر في أداء واجبها إزاء هذه الحوادث سواء من ناحية اتخاذ الإجراءات الأمنية لحراسة الكنائس أو من ناحية الإجراءات القانونية من تحقيق وتصرف فيه ومسألة جنائية أما اتهام الدولة بالتواطوء في تدبير الحوادث المشار إليها فضلا عن أنه لم يتم بدليل في أوراق الدعوى فإنه اتهام يتعارض مع المنطق ومع مصلحة الدولة ذاتها فليس من المعقول أن تسعى سلطات الدولة لإثارة الفتنة الطائفية بين رعاياها المسئولة عن أمنهم وحمايتهم جميعا بما تنطوي عليه من مخاطر هدم كيان الدولة ذاته والحاق الضرر بمصالحها أو سلطاتها ومن المسلم به أن القاعدة العريضة من الشعب المصري تنفر بطبيعتها من التعصب والتطرف أيا كان سببه أو نوعه وتدين الإرهاب والعنف أيا كان مصدره وقد سعى المدعي إلى إثارة شعور الأقباط لحشدهم حوله واستغل ذلك في الضغط على سلطات الدولة لإجابة بعض المطالب القبطية في مسائل عامة تهم الشغب المصري كله مثل السماح ببناء الكنائس بغير قيود وتمثيل الأقباط في المناصب السياسية ووظائف المحافظين ورؤساء المدن - ووظائف مجالس إدارة شركات القطاع العام وما أطلق عليه اسم عدم الاستيلاء على الأوقاف القبطية وعدم ترغيب المسيحيين في الإسلام وغير ذلك من المطالب التي وردت بمذكرة المستشار القانوني للبطريركية السالف الإشارة إليها وغيرها وهي مطالب طائفية تقتضي طبيعتها دراسات أثارها – وانعكاساتها على كيان الدولة ونظام الحكم والإدارة فيها في ضوء أحكام الدستور القائم وقد اتخذ الضغط على سلطات الدولة لإجابة هذه المطالب صورا شتى فقد انتهز المدعي فرصة سفر رئيس الجمهورية إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال سنتي 1978 و 1980 لإجراء مباحثات السلام وبعث إلى الكنائس القبطية في الخارج بأخبار مبالغ فيها عن حوادث الاعتداءات على بعض الكنائس وبعض المواطنين من الأقباط مصورا على أنه اضطهاد وإبادة للأقباط في مصر وهذه الكنائس وكهنتها يعينهم البطريرك ويعملون تحت رئاسته المباشرة حسبما يستفاد من الإقرار – الصادر في 2 / 6 / 1982 بالنسبة للأب مرقس الأسقيطي راعي كنيسة هيوستن بأمريكا الواردة صورته في حافظة مستندات الحكومة المقدمة بجلسة 25 / 1 /1983 بتنظيم مسيرات احتجاج أمام المقر الذي يقيم فيه الرئيس وأمام المقر الرئاسة الأمريكي تشجب اضطهاد الأقباط في مصر وتطالب بتقرير حقوق الإنسان للأقباط المصريين وإرسال منشورات إلى أعضاء مجلس الشيوخ – والكونجرس والمجلس العالمي للكنائس بهذا المعنى ومطالبتهم بالتدخل لحماية الأقباط في مصر وذلك تشهيرا بالحكومة المصرية أمام الرأي العام العالمي واستعدائه عليها وكان المدعي قبل ذلك قد أعلن الصوم الانقطاعي في 1 / 1 /1977 تعبيرا عن رفض قانون الردة كما أوعز إلى جميع الأقباط والهيئات القبطية التابعة للبطريركية لإرسال برقيات إلى رئيس مجلس الشعب سنة 1979 للمطالبة بإضافة فقرة جديدة إلى مشروع تعديل المادة 21 من الدستور تفيد تطبيق شريعة أهل الكتاب عليهم وما لا يتعارض معها من مبادئ التشريع الإسلامي مع أن المسئولين أوضحوا أن هذه الفقرة لا تضيف جديدا لأن الشريعة الإسلامية تقضي بتطبيق شريعة الأقباط على أحوالهم الشخصية وأن المذكرة الإيضاحية ستتضمن ما يفيد ذلك ورغم ذلك فان مجلة الكرازة المرقسية التي تولى المدعي رئاسة تحريرها وهي خاصة بشئون الطائفة تضمنت في عددها الصادر بتاريخ 3 /11 /1979 مقالا يقول أن الكل مجمع على رأي واحد هو وجوب أن يشمل النص الفقرة المطلوبة لأننا ( لا نضمن إطلاقا تأويل هذا النص ومدى استغلاله وتأثيره في نفوس الناس وتأثيره في تعديل كثير من القوانين ولا نضمن هل تعود مشكلة الحدود مرة أخرى أم لا ولا نطمئن إلى شروحات في مذكرة إيضاحية فقط لا يقرأها أحد وقد ينساها الناس بعد مضي الزمن ) وعندما وقع حادث اعتداء على بعض الطلبة الأقباط في المدينة الجامعية بالإسكندرية في 18 / 3 /1980 فان المدعي بدلا من تهدئة المشاعر وترك الموضع للسلطات المختصة لمعالجته في إطار القوانين واللوائح تغاضي عن قيام بطريركية الأقباط بالإسكندرية بتنظيم مؤتمر للطلبة المسيحيين بجامعة الإسكندرية أسفر عنه صدور منشور إلى طلاب الجامعة يتضمن بعض المطالب الطائفية التي لا صلة لها بحادث الاعتداء وكانت قمة التصعيد في الضغوط على السلطات الدولة قيام المدعي بدعوة المجمع المقدس إلى الاجتماع برئاسته يوم 36 /3 /1980 واستصدار قرار منه بإلغاء الاحتفالات الرسمية بعيد القيامة المجيد وعدم تقبل التهاني بهذا العيد وقيام أعضاء المجمع المقدس بالاعتكاف في الأديرة خلال العيد وذلك تعبيرا عما أسموه الآلام التي يعانيها الأقباط وقد ترتبت على هذا القرار أصداء واسعة وخطيرة على المستوى المحلي والعالمي فإلغاء الاحتفال بعيد ديني كبير والاعتكاف في الدر أثار مشاعر الأقباط في مصر والخارج واستعدى الرأي العام العالمي على الحكومة المصرية وأضر بسمعة البلاد في وقت يسبق مباشرة سفر رئيس الجمهورية إلى أمريكا لإتمام مباحثات السلام فقد نظمت فيها المسيرات احتجاجا على ما أسموه اضطهاد الأقباط في مصر ووزعت المنشورات بهذا المعنى على المسئولين الأمريكيين ورجال الدين المسيحي ومجلس الكنائس العالمي تناشدهم التدخل لدى الرئيس لرفع الظلم عنهم وأعطائهم حقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة وفي تقرير لوزارة الخارجية عن صدى هذا القرار في استراليا مودع بحافظة مستندات – الحكومة المقدمة بتاريخ 22 /2 /1983 ورد أن قرار المجمع المقدس المشار إليه تضمنه بيان من الكنيسة القبطية بسيدني أذيع في إذاعة شئون الجاليات قررت فيه الكنيسة المذكورة أيضا إلغاء الاحتفالات بالعيد وعدم تقبل الزيارات الرسمية للتهنئة بالعيد وأن القنصل المصري أتصل بسكرتير مجلس الكنيسة في هذا الشأن فأخبره أن أحدا لا يستطيع تدارك الموقف أو التخفيف منه لأنها أوامر وتعليمات تأتيهم من القاهرة ويسيرون عليها وأضاف القنصل أن هناك نشاطا آخر حدث هو إصدار نشرة توزع على الكنائس تسرد الحوادث التي وقعت في مصر ومطالبة الإذاعة بعدم إذاعة تهنئته بالعيد والتوجه إلى أجهزة الإعلام الأسترالية لنشر قضيتهم والاستعداد لإصدار وتوزيع منشورات والقيام بمسيرة شعبية للتعبير عن مشاعرهم إزاء اضطهاد أقباط مصر وليس من شك في أن هذه التصرفات كلها تنطوي على تحد لسلطة الدولة وعلى تعطيل لأداء الشعائر الدينية القبطية وامتناع من المدعي عن تأدية عن تأدية مهام منصبه مما يؤثر على حسن قيام البطريركية بعملها كمرفق عام من مرافق الدولة بل أنها تخرب العلاقات الأخوية الودية الأبدية بين أفراد الشعب المصري مسلمين وأقباط بما يهدد الأمن والنظام العام في البلاد وكان الباعث على إصدار القرار المطعون فيه هو إخماد الفتنة وتحقيق الصالح العام بتأمين قيام البطريركية بالمهام الموكولة إليها بانتظام واضطراد استمرارها في تأدية هذه المهام بالتعاون مع باقي مرافق الدولة وسلطاتها في إطار السياسة العامة للبلاد ونظامها العام ولم يقدم المدعي أي دليل كما خلت أوراق الدعوى من أي دليل على انحراف رئيس الجمهورية بسلطته لتحقيق مآرب أخرى بعيدة عن الصالح العام أو مجاراة المدعي أو الانتقام منه فان القرار المذكور وقد صدر ممن يملكه قانونا بناء على أسباب صحيحة تؤدي إلى تبرير النتيجة إلى أنتهي إليها باستخلاص سائغ مقبول يكون قراراً سليماً قانوناً ويكون طلب إلغائه فيما تضمنه من نتيجة المدعي عن منصبه غير قائم على سند من الواقع أو القانون جديراً بالرفض .

ولا يغير مما تقدم البيان الذي وردت صورته بحافظة المستندات المدعي المقدمة بجلسة 26 /1/1982 والصادر من أعضاء المجمع المقدس وأعضاء المجلس الملي العام والمجلس الملي السكندري وهيئة الأوقاف القبطية وبعض الشخصيات القبطية برئاسة المدعي بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون يوم 15 /4 /1980 والذي يهنئون فيه رئيس الجمهورية بسلامة العودة من الخارج ويذكرون فيه أنهم لا يقبلون إطلاقا أن يسيء أحد إلى سمعة مصر خارج الوطن وأنهم يشجبون كل ما يفتت الوحدة الوطنية سواء من الاعتداءات والمظاهرات ونشر المقالات المثيرة لنفوس الأقباط ويعلنون ثقتهم بالرئيس في أن يتدارك الموقف بحكمته المعهودة ذلك أن المدعي استمر بعد هذا البيان في انتهاج الطريق الذي يسير فيه من مهاجمة لسلطات الدولة وإثارة مشاعر الأقباط بدليل أنه لم يعدل عن اعتكافه بالدير وأن مجلة الكرازة في عددها الصادر بتاريخ 18 / 4 /1980 عقب البيان المذكور نشرت أخبارا عن قرار المدعي إلغاء سفره إلى لندن لإجراء فحوص طبية للظروف الحاضرة وعن اعتكافه بالدير لا يقابل أحد وعن اعتذاره عن السفر إلى استراليا لحضور اجتماع مجلس الكنائس العالمي الذي سينعقد بملبورن في أوائل مايو والذي كان سيلقى فيه الكلمة الافتتاحية الأمر الذي ينم عن أنه استهدف البيان تهدئة مشاعر الأقباط التي أثارتها تصرفاته وانما تهدئة السلطات الدولة ورئيس الجمهورية بعد أن لمس النتائج الخطيرة التي ترتبت على هذه التصرفات وانعكاساتها الضارة بالبلاد والصالح العام .
ومن حيث أن القرار المطعون فيه تضمن في مادته الثانية تشكيل لجنة من خمسة من الأساقفة للقيام بالمهام البابوية وقد نصت المادة الأولى من لائحة ترشيح وانتخاب بطريرك الأقباط الأرثوذكس على أنه ( إذا خلا كرسي البطريرك بسبب وفاة شاغله أو لأي سبب آخر فيجتمع المجمع المقدس والمجلس الملي العام بناء على دعوة أقدم المطارنة رسامة وبرئاسته في ميعاد لا يجاوز سبعة أيام من تاريخ خلو الكرسي لاختيار أحد المطارنة قائما مقام البطريرك ويصدر أمر جمهوري بتعيين القائم مقام البطريرك ليتولى إدارة شئون البطريركية الجارية بحسب القوانين والقواعد الكنسية وطبقا للوائح المعمول بها وذلك إلى أن يتم تعيين البطريرك ) والمستفاد من هذا النص أن رئيس الجمهورية لا يملك تعيين أكثر من مطران واحد ليقيم مقام البطريرك إذا خلا منصبه وهذا المطران الواحد يختاره المجمع المقدس والمجلس الملي العام في اجتماع مشترك يعقد بناء على دعوة وبرئاسة أقدم المطارنة رسامة وليس حتما أن تكون الدعوة إلى الاجتماع خلال السبعة أيام التالية لخلة المنصب البطريرك لأنه ليس إلا ميعادا تنظيميا لم ترتب اللائحة أي جزاء على مخالفته ولما كان القرار رئيس الجمهورية المطعون فيه قد نص في مادته الأولى على إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 2772 لسنة 1971 بشأن تعيين الأنبا شنودة بابا الإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقسية وقد انتهت المحكمة فيما سبق من أسباب صحة هذا القرار قانونا فان إلغاء تعيين المدعي يترتب عليه خلو منصبه من تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسمية يوم 3 / 9 / 1981 واتخاذ الإجراءات المحددة في اللائحة لاختيار وتعيين بطريرك جديد وبناء على ذلك فأنه وقد خالف القرار المطعون فيه أحكام المشار إليها والخاصة بتعيين قائم مقام البطريرك وكانت القاعدة أنه لا يجوز الخروج على قاعدة بقرار فردي فان القرار المطعون فيه يكون مخالفا للقانون فيما تضمنه من تعيين لجنة خماسية للقيام بالمهام البابوية وهو لذلك جدير بالإلغاء .
ومن حيث أن كلا من المدعي والحكومة قد خسر شقا من الدعوة ويتعين لذلك إلزامها بالمصروفات مناصفة بينهما طبقا للمادة 184 مرافعات .
" فلهذه الأسباب "
حكمت المحكمة :
أولا - برفض طلب وقف الدعوى وبرفض الدفوع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني وبعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها .
ثانيا ـ بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تشكيل لجنة خماسية للقيام بالمهام البابوية ورفض ما عدا ذلك من طلبات ألزمت طرفي الدعوى – بالمصروفات مناصفة بينهما .
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة

====================================================================

 

 

 

 

 

Home | الكنيسة والمادة الثانية | مركز أبن خدون والمادة الثانية

This site was last updated 03/25/07