Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

خرافة أسمها الخلافة الإسلامية

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
نظام الإداره بالخلافة
خرافة الخلافة الإسلامية
الموالى
فساد الخلفاء
الخلفاء بعد قتل الخلفاء
New Page 2373
New Page 2374

Hit Counter

***************************************************************************************************************

نحيط علم قراء موقعنا الكرام أن البحث فى أعمال كل خليفة وهل هى أعمال بشرية أم إلهية ؟ ( حيث أدعى المسلمين فى عصمة الخليفة - وأن جميع أوامرة من عند الله ) أمر يحتاج إلى دراسة مستفيضة وإذا أردت هذا النوع من الدراسة فنحن فى هذه الصفحة نضع لك الخطوط العريضة لأستكمال هذه الدراسة وهذا الموفع سيساعدك فى أستكمالها حيث أن لكل خليفة صفحة خاصة سجلت فيه أعماله بالتفصيل ومن مراجع إسلامية قديمة . 

هذا الموضوع قد بحث من عدة وجوه وقد ظهرت عدة كتب منها خاصة بالفكر الإرهابى الإسلامى وكانت تمجد حكم الخلافة ولكن طرحت كتب فى السوق ضد هذا الفكر منها كتاب الحقيقة الغائبة لشهيد الفكر الحــر فرج فودة - وسيادة المستشار محمد سعيد العشماوى فى كتابه الخلافة الأسلامية وغيرهم كثيرين ونطرح هنا الأحداث التاريخية ونستخلص النتائج من واقع ما نراه فى عالم اليوم كما أنه من الضرورى أن نورد ما كتب فى التاريخ عن هؤلاء المسلمين الذين حكموا مصر وأقباط مصر حتى يخرج القارئ بالمقارنة بين الشر والخير وبين الإجرام والسلام والفساد والتقوى والبر  .

ملاحظة للقارئ الباحث والدارس : هذا البحث المبسط أخذ من امهات الكتب الإسلامية ويمكنك التأكد من صحة كل كلمة فيها بأستخراج ما ستجده من معلومات هنا من محرك البحث جوجل على شبكة الإنترنت فستجد الكثير من المعلومات على هذه الشبكة العملاقة , يكفى أن تكتب كلمة البحث فى جوجل

***************************************************************************************************************

معنى كلمة خلافة

لغة: الخلف ضد قدام , وخلفه يخلفه: صار خلفه , وخلف فلان فلانا: اذا صار خليفته , والخليفة: الذي يستخلف ممن قبله , والخلافة: الإمارة

ورد لفظ خليفة بالقرآن مرتين: في قوله : (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) وفي قوله : ( يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض)

وقد أجمع مؤرخوا التاريخ أن الخلفاء كانوا يبثون فكرة أن الخلافة فرض من فروض الدين فى حين أن فروض الدين خمسة فقط إلا عند الشيعة فهى ستة !!!

الخلفاء معصومون من الخطأ

الخلافة الاسلامية كلمة مشتقة من الفعل خَلَفَ اي اتبع في الحكم أى خلف الرسول فى الحكم , وإذا كان الرسول معصوم عن الخطأ وإنما هو وحى يوحى فالخليفة أيضاً معصوم عن الخطأ , وقد أعتمد الخلفاء على نص قرآنى يقول : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ ) سورة النساء : 59 .. قال الشيخ المظفر (رحمه الله) : فانه تعالى أوجب طاعة أُولي الامر على الاطلاق كطاعته وطاعة الرسول ، وهو لا يتم إلا بعصمة أُولي الامر ، فان غير المعصوم قد يأمر بمعصية وتحرم طاعته فيها ، فلو وجبت أيضاً اجتمع الضدان : وجوب طاعته وحرمتها ، ولا يصح حمل الاية على إيجاب الطاعة له في خصوص الطاعات ، إذ مع منافاته لاطلاقها لا يجامع ظاهرها من إفادة تعظيم الرسول وأُولي الامر بمساواتهم في وجوب الطاعة ، إذ يصبح تعظيم العاصي ولاسيما المنغمس بأنواع الفواحش ، على أن وجوب الطاعة في الطاعات ليس من خواص الرسول وأُولي الامر ، بل تجب طاعة كل آمر بالمعروف ، فلابد أن يكون المراد بالاية بيان عصمة الرسول وأُولي الامر ، وأنهم لا يأمرون ولا ينهون إلاّ بحق (دلائل الصدق 2/17) .

" ذلكم ما ذهب إليه صاحب البحث في مقدّمته ، حيث جعل استخلاف آدم في الأرض بمثابة " المنافسة " للملائكة ، الأمر الذي يوحي – بحسب زعمه - بأن الملائكة كانوا يريدون بذلك عرض أحقيّتهم بالخلافة "

نظام الخلافة الأسلامية ما هو إلا أن يكون نظام حكم منفرد ديكتاتورى عنصرى قائم على عنصرية جنس معين واحد يحكم البلاد بأ بحكم الجنس العربى ,وإنتهى بحكم الجنس التركى وإذا تجاوزنا وإعتبرنا أن السلطنة العثمانية نوع من أنواع الخلافة ( وهذا مستبعد تماماً ) وجميع أقوال الفقهاء وعلماء الإسلام حول إعادة هذا النوع من الخلافة يعتبر ضرباً من الخيال فى ظل حضارة عالمية مرت بجميع الأنظمة القديمة وأستقرت على أنظمة ترتكز على أهداف الجمهورية الفرنسية وهى الحرية والمساواة والعدل , ويفتقر نظام الخلافة لهذه الركائز الثلاثة وتخلوا الشريعة الإسلامية من الركائز الفرنسية الثلاثة , ويمكن القول بكل دقة أن نظام الحكم الدينى المسمى بالخلافة الذى يطبق الشريعة ألإسلامية إنما يرتكز على الديكتاتورية والإستعباد والظلم فى الأحكام والتحيز العنصرى  الدينى بين بنى البشر يكرس الأستعلاء الجنسى الذى يشبه النظام النازى وهذا النظام لن ينجح فى وسط إنتقال المعلومات السريع ونظام القرية الكونية والحضارة السريعة التى نعيشها اليوم وسيظل نظام مشوة حتى يظهر كمال أتاتورك جديد بهمة مصلحة الوطن , وكل الذين يطالبون بهذا النوه من الحكم أنما هم مجموعة المنتفعين يواء أكانوا منتفعبن مادياً أم معنوياً وكل المحاولات التى تفرض على الشعوب ومنها شعب مصر أنما يزيد من تخلفها كما تزيد هوه الفرق بينها كأمة وبين الأمم المتحضرة ويكفى أن مصر التى تطيق الشريعة الإسلامية تستجدى معونة من دول الغرب وغيرها بسبب الهلوسة الإسلامية .

 الصراع بين الهاشميين والأمويين

كانت قريش سدنة الكعبة وتضم 12 فرعاً أو (حيا) وأكبر فرعها بنى هاشم وبنى امية , وكانت الرياسة لبنى هاشم لعبد المطلب ثم آلت إلى أبى طالب والد على , وكان بنو أمية (عبد شمس ) برياسة ابى سفيان .

وكان هناك تنافس شديد للرياسة والملك على قريش بين بنى هاشم وبنى امية , وظهر محمد صلم فى هذه الأجواء , وتطلع بنو هاشم لوراثة النبى فهو من فرعهم , وفهموا النبوة على أنها صيغة هاشمية للملك , أما بنو أمية فقد فهموها أنها ملك وليس نبوة , فبعد غزو مكة سنة 8 هجرية وقف محمد صلم يستعرض جيش المسلمين لواء بعد لواء وقف ابو سفيان رئيس بنى امية بجانب محمد ومعهم العباس عم محمد يشاهدان الأستعراض معاً فقال أبو سفيان للعباس : أن ملك أبن أخيك للغداة عظيماً " فقال العباس : " انه النبوة وليس الملك يا ابا سفيان " فرد ابو سفيان بقوله : " أما هذه ( اى النبوة) فما زال فى نفسى شئ منها " (أبن هشام الجزء الأول) وهذا هو رأى ابو سفيان بعد أن أعلن اسلامه . فمحمد ملك أنشأ ملكاً له قواعد وشريعة تتعامل مع مجتمع ككل وليست نبوة سمائية تتعامل مع ألإنسان كفرد كعلاقة بين الإنسان وخالقة .

والخلافة قد تعنى عند البعض من يخلف النبى فى الحكم أى الحكم بأسم الله , فيكون خليفة الله على الأرض , كما كان النبى يحكم بما أنزل الله , ومن هو الذى يصل لدرجة أنه يحكم باسم الله ؟ وما هى صلته بالله ؟ ومكانته عند الله ؟ وهناك الكثير من الأسئلة تدور حول أهلية الأنسان فى الحكم بأسم الله على الأرض - وهذا النظام الأسلامى فى الحكم أخذ من الأمم الوثنية , فالخليفة هو ممثل النبى , والنبى هو من نزل عليه القرآن , والنبى هو من قيل عنه من بايع محمد بايع الله , ووجه التشابه أنه جعل نفسه الحاكم الإلهى مثله مثل الأباطرة الرومان وشاة إيران وغيرهم من أدعوا الألوهية وصنعوا تماثيل لأنفسهم وحاربوا بأسم آلهتهم , وكان هذا الشعار الذى يحاربون به : " لا إله إلا الله محمد رسول الله" فالحرب لله ولرسوله , كما كانت للأمبراطور الإله حامى حمى الآلهة الوثنية , ومن هنا يمكن أن نتوصل إلى أن الخليفة ما هو إلا أسم جديد للأمبراطور الوثنى , فالوثنية دين ودولة , والإسلام دين ودولة أيضاً , أما شخصية الخليفة بشكل مبسط من هو إلا أكثر المسلمين دموية وأكبرهم إجراماً وأعظمهم فى الوحشية.  

والخلافة التى يعتقد بها المسلمين هى خلافة نظرية لا توجد على أرض الواقع , وصل إليها المرائى والفاسد والظالم والفاسق والمخنث واللوطى ويمكن أن تقول ماشئت من أخلاق دونية كانت شخصياتهم تحكم المسلمين بأسم الخلافة .

الشروط الإحدى عشر التى كتبها الفقهاء الموجودة أسفل هذه الصفحة ( من ضمن المراجع ) لا تنطبق على أى خليفة حكم المسلمين مهما قالوا علماء المسلمين من محاسن وإنجازات إنما كل أقوالهم إنما تحسين صورتهم وجعلهم أبطال ولكن لكل خليفة أحداث يندى لها الجبين وخلاصة القول إن الخلفاؤ ليسوا إلا حكاماً حكموا شعوباً مثلهم مثل كثبر من أباطرة الرومان وملوك الفرس أما عن إنجازاتهم الحربية وإستعمارهم الأمم فقد فعل الأسكندر الأكبر ( المقدونى - ذو القرنين ) هذا وغيره من الملوك  .

الأسر القريشية

وقال شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة عن سيطرة الأسر القريشية على الحكم بإسم الإسلام : " والصحيح في رأينا أنها كانت خلافة عربية ، إن جاز التعميم وهو جائز ، والأدق أن نقول أنها قرشية إن شئنا الدقة في اللفظ وهو دقيق ، فقد حكمت قبيلة قريش المسلمين أكثر من تسعمائة سنة ) ، بينما حكم الإسلام ربع قرن أو أقل ، فالخلفاء الراشدون قرشيون ، والأمويون قرشيون والعباسيون قرشيون ، وقد استمرت الدولة العباسية بصورة رسمية ثم بصورة شكلية بعد سقوط بغداد حتى سقوك دولة المماليك في أيدي العثمانيين عام 918 هــ ، وأكاد أجزم بان قبيلة قريش بذلك تمثل أطول أسرة حاكمة في تاريخ الإنسانية كلها ، بل إن التاريخ لا يحدثنا عن أسرة واحدة حكمت نصف هذه الفترة ، ولو كان الأمر أمر رضا من المسلمين ، أو اختيار منهم لهان علينا وما توقفنا عنده ، لكننا نتوقف عنده طويلاً ، ونتأمله كثيراً لكونه ارتبط بأعز ما نملك وهو العقيدة ، وتستر بأقدس رداء وهو الدين ، واستند إلى أحاديث نبوية ننكرها على من ادعوها ، لأنها لا تمت لروح الإسلام بصلة .
وحسبك ذلك الحديث الذي استند إليه العباسيون حتى استمر حكمهم قرابة سبعمائة وستة وثمانين عاماً "

 

الخلافة الراشدة

والخلافة بدأت من الصحابة وآل البيت أى أهل محمد وعائلته , أى لابد وان تصبح من قريش سادة العرب وسدنة البيت , وفهم ابو سوفيان أنها لا بد وان تصير وراثة فقد حدث أنه بعد مبايعة ابى بكر قال أبى سوفيان : " أين الأذلان .. أين المستضعفان .. العباس (عم النبى ) وعلى (أبن عمه ) "  وقال على أبى بكــر : " مالنا ولأبى فصيــل " (كنية وأستهزاء على أبى بكر )

وحدث أن مات أبى بكر وتولى عمر بن الخطاب الخلافة بكتاب فلم يستطع أبى سوفيان أن يثير فتنه وتفرقة على الخلافة كما أن عمر بن الخطاب قد ولى معاوية على الشام وكان معاوية لدهائة أطوع لــ عمر من خادمة كما قال على أبن ابى طالب لعثمان بن عفان  - وذهب أبى سوفيان لزيارة ابنه معاوية فى الشام فأعطاه الكثير من الثروة والعبيد فقاسمه عمر بن الخطاب فى ذلك ( وقد أشتهر عمر بن الخطاب فى المقاسمة فقد قاسم عمرو بن العاص فى الأموال التى نهبها من المصريين الأقباط حتى ضرب المثل أنه قاسمة فى نعليه )

عثمان وخـــــلافة الله

وأثناء حصار عثمان بن عفان طلب المحاصرون أن يتبرأ ( أى يعتزل الإمارة ) فكتب خطاباً ( رسالة للرد ) قال فيها : " .. إما أن أتبرأ من الأمارة فإن يكلُبونى (يقيدونى) أحب إلى من أن أتبرأ من عمل الله وجل خلافتة " ومن هنا بدأ تعبيرين يدخلان فى عقلية المسلم لصياغته وإنصياعه تحت زعامة الحكم هاذين التعبيرين هما .. " خليفة الله " و " خلافة الله " وهكذا نرى النظام يسير على نفس النسق والمنوال : من أطاع الرسول أطاع الله .. وفى زمن الخلافة من أطاع الخليفة فقد اطاع الله .. وهكذا أخذ المسلمين نظام الأباطرة والملوك الوثنيين الذين هم اول من أبتدعوا الحق المقدس فى الملك فهم يستمدون سطلتهم وحكمهم من الآلهة الوثنية وهو ما يعرف باللغة الإنجليزية   The Divine Right of the kings حق الحكم بالله

وقتل الخليفة عمر بن الخطاب وتولى الخلافة عثمان بن عفان وقتل لسببين

أولاً : ولى اقرباؤه ومعارفة على البلاد - فقد أعاد إلى المدينة عمه الحكم بن ابى العاص والذى كان يسمى طريد النبى لأن محمد نفاة من المدينة وحاول عثمان إرجاعه بطلبه لأبى بكر وعمر الخطاب بإرجاعه ولكنهما رفضا , وولى عثمان قريبه الوليد بن عقبه بن ابى معيط على الكوفة , وولى عبدالله بن عامر على البصرة , وعبدالله بن ابى سرح ( اخيه فى الرضاعة) والياً على مصر , وزوج مروان بن الحكم أبنته واعطاه خمس غنائم مصر - واصبح مروان بن الحكم المتصرف فى كل أمور الخلافة ( وهو أبن الحكم بن العاص طريد النبى )

ثانياً : جمع القرآئين فى قرآن واحد أسماه قرآن عثمان الذى يستعملة المسلمين اليوم إضطراراً لأنه حرق قرائين النبى وكانت 26 قرآن التى كتبها كتبة الوحى الأربعة من فم النبى

وفى عهد عثمان زاد سطوة الأمويين بتعينات الولاة المقربين له وإبعاد غيرهم , وثار الثوار على عثمان بن عفان تزعمها على بن ابى طالب وقتله ابن ابى بكر والقوا جثة عثمان بن عفاتن فى مزابل اليهود بعد ان مكث ثلاثة ايام لا يستطيع احد الإقتراب من جثته ودفنه خوفاً من الثوار .  

وبايع على  كل من طلحة بن عبيد الله والى البصرة والزبير بن العوام والى الكوفة ولكن ما لبث على أن عزل هؤلاء الواليين من أعمالهما كما عزل معاوية بن ابى سوفيان , وما كان من طلحة والزبير أنهما بايعا عليا بالخلافة تحت تهديد سيوف الثوار الذين قتلوا عثمان وقاموا بالحرب ضد على وإنضمت إليهم عائشة زوجة النبى  لأنها كانت تضمر لعلى عدواة شديدة وبغض بسبب موقفة فى حديث الإفك .

وقامت الحرب بين على من جهة وطلحة والزبير وعائشة من جهة أخرى وأنتصر على عليهم , وتوجه على ليحارب معاوية وكاد ينتصر على معاوية , وتدخل عمرو بن العاص بخدعة دنيئة وأستطاع أن بقنع علياً فى الإحتكام فى أمر الخلافة , لمن منهما تكون أللهاشمين أم الأمويين , الهاشمين الذين يمثلهم على بن ابى طالب أم الأمويين الذين يمثلهم معاوية - وخسر على التحكيم - فخرج عن على بعض من اتباعه وأطلق عليهم أسم الخوارج , وقتل على , وخلا طريق الخلافة لمعاوية بن ابى سوفيان وبدأ تاريخ الأسرة الأموية .

كيف حكم الأمويين بأسم الله ؟

بعد أن ترسخ مفهوم حاكمية الله للخليفة صدقة الجميع وأصبح من المسلمات التى لا تقبل النقاش فقد قال معاوية : الأرض لله , وانا خليفة الله , فما اخّذت لى وما تركته للناس  بالفضل منى " وبما أن الخليفة هو ممثل الله على الأرض وأستخلف الله على الأرض , ولأن الأرض ملك الله فأصبح الخليفة فكره هو فكر الله , ويده هى يد الله ونظامة ينبع من الله وأعماله قادمة من الله , وكانت خلافة لله هى القيود الذهبية التى قيدت الناس عن التفكير فى افعال هؤلاء الخلفاء تماماً كما قيدت فكرة عصمة الأنبياء عن التفكير فى اخطائهم  , وأنطلقت يد الخلفاء تفعل بالمال والعباد ما تشاء بعد أن كبلوا تفكير الناس بخرافة خلافة الله و خليفة الله وقد فسر  ابى ذر الغفارى أنه عندما قال معاوية : " المال مال الله " فقد هدف حجبة عن المسلمين .

السيف هو طريق الخلافة بالوراثة !

وفى هذا المفهوم عندما قال معاوية : " الحكم حكم الله , والخلافة خلافة الله " هذا يعنى حجب الحكم والخلافة عن المسلمين , وتقييد فكر أى مسلم فى التطلع إليها والطموح إليها .

وتمكن الأمويين من السيطرة على الحكم وفى يوم جمع معاوية أهل العقد والحل وأوعز إلى المغيرة بن شعبه ليقف بينهم خطيباً ولا شك ان كلام المغيرة كان متفقاً عليه من قبل فقال : " أمير المؤمنين هذا ثم أشار إلى يزيد بن معاوية وقال فإن مات فهذا , ثم أمسك بسيفه وشهره قائلاً : ومن ابى فهذا " وحولوا الخلافة إلى حكم وراثى وبدأ نظام الخلافة الوراثية بحكم الأسرة الأموية , وأصبحت الخلافة إلى ملكا يورث كما تورث الأرض والمال , فالأرض أرض الله والمال مال الله والخليفة هو خليفة الله , وعندما نطلع على نظام إختيار الخليفة نجد أنه مهلهل غير قائم على اسس متينة فلم يصمد النظام إذا سمى نظاماً لأن طرق أختيار الخلفاء الراشدين الأربعة  كان مضحكاً ماتوا جميعاً قتلى وتحول نظام الخلافة إلى نظام كسروى وثنى طبقاً للنظام الفارسى ولكن ظل النظام القيصرى الرومانى أفضل النظم القديمة لأن قيصر كان يختارة مجلس السنات (يشبه مجلس الشيوخ اليوم) بالرغم من التجاوزات العديدة التى حدثت فى هذا النظام . 

نظام الخلافة بدأ بشعار

يقول شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة : وهم بموازين السلطة والسطوة رجال، وبمقاييس عصرهم قادة، وهم أهل الدهاء لا النقاء، والسيف لا المصحف، وقد أرتأوا جميعاً أن أسهل السبل لإسكات المعارض قطع رأسه، وأن الخوف إذا تمكن من النفوس توطن فيها، فمكنوه ووطنوه وتعهدوه بالرعاية حتى صار مارداً "

يقول سيادة المستشار محمد سعيد العشماوى فى كتابه الخلافة الأسلامية - الطبعة الثانية 1992 : " ففى التاريخ الإسلامى لا يبدأ الأمر بنظرية توضع ثم تطبق فيما بعد , أو بقاعدة تحدد ثم تسرى لاحقاً , ولكن اطلقت تعبيرات (شعارات) فى البداية "خلافة الله" و " حاكمية الله " و " مال الله " ... وغيرها - سار ( الإسلام ) فى طريق تميز به خاصة  , هو أن يبدأ الأمر بشعار يرفع أو صيغة تنحت أو كلمة تقال أو هتاف يدفع , ثم يتخلق حول الهتاف جمع وعلى الكلمة جماعة  وعلى الكلمة جماعة وعلى الصيغة أناس وتحت الشعار حزب , ويعمل الحزب والناس والجموع على تعميم حركاتهم   ولات حين تعميم , أو إشاعة تصرفاتهم ,  وما يئسة تشييع , وذلك ان التعميم يتحول إلى تبرير , والتشييع ينتهى إلى تقليد .    

وهكذا يبدأ الوضع شارد أو صيغة غامضة هى "خلافة الله" و " حاكمية الله " أو " خليفة الله " ثم يتعمم عبر التاريخ ويتشيع خلل الأيام وتصبح نظرية سياسية وشكل قاعدة فقهية تطبق باثر رجعى على أحداث لم يخطر لها معنى على بال  , وتستنطق رجالاً  لم يرد لهم المفهوم على خاطر " وقد سجل الخلفاء نظام خلافتهم (خليفة الله) على العملات التى كانوا يامرون بسكها ففى المتحف البريطانى ثلاث عملات لثلاث خلفاء عليها عبارة "خليفة الله" والخلفاء هم : الخليفة عبد الملك بن مروان .. والخليفة المأمون .. والخليفة الناصر .

يقول شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة : " ولا أحسب أن ذلك كله جزء من طبيعة الدولة الدينية، بل هو متنافر معها كل التنافر، متناقض مع قواعدها، أشد التناقض، ولعل إحدى مشاكل الداعين للدولة الدينية أنهم يدركون أنها تحجر على كل إبداع أو تفتح أو إجهاد للذهن أو اجتهاد للعقل، وأن كل ما يعيشه الناس ويتقبلونه تقبلاً حسناً، لا يمكن قبوله بمقاييس الدولة الدينية بحال، فالأغاني مرفوضة، والموسيقى مكروهة عدا الضرب على الدفوف، والمغنيات فاجرات نامصات متنمصات، والمتغنون بغير الذكر ومدح الرسول فاسقون يلهون المسلمين عن ذكر الله ويدعونهم إلى الفاحشة، وممارسة المرأة للرياضة فتنة وإثارة للفتن، واختلاطها بالرجال جهر بالفسق، والتمثيل مرفوض لأنه كذب، ولأن هزله جد وجده هزل ورسم الصور للأحياء حرام، وإقامة التماثيل شرك، والديمقراطية مرفوضة لأنها حكم البشر وليس حكم الله، ومعاملة أهل الذمة على قدم المساواة إن لم تكن منكراً فهي مكروهة، ولا ولاية للذمي، وباختصار عليهم أن يهدموا كل شيء، ويظلموا كل شيء، ويمنعوا كل شيء، وأن تقام دولتهم على أنقاض كل شيء، وبديهي أن الحديث في هذا الإطار عن حرية الفكر لغو، وأن ادعاء حرية العقيدة هراء، وأن تصور نهضة الأدب أو الفن نوع من أحلام اليقظة لا يستقيم مع الواقع، ولا يستقيم الواقع معه، ولعل هذا أحد أسباب حرصهم على الامتناع عن بلورة برنامج سياسي متكامل، به قدر قليل من المواعظ والكلمات الطنانة، وقدر كبير من تصور الواقع أو معايشته، وبه قدر ولو معقول من احترام عقولنا، ناهيك عن احترام مشاعرنا."

 وهذه عدد من الأسئلة التى يجب أن توضح فى نظام الدولة الإسلامية :

1 ـ أي مذهب من مذاهب الجماعة الإسلامية صاحبة الإجماع الآنف الذكر سيكون عماد التشريع للدولة المنشودة؟
2 ـ ما هو مصير مَنْ لا ينتمي إلى أحد مذاهب إجماع علماء المسلمين؟
3 ـ الذميون هم أهل الكتاب /اليهود والمسيحيون/ وما هو مصير مَنْ لا ينتمي إلى هذه الديانات مثل /الصابئة المندائية ـ اليزيديون.../.
4 ـ إذا كانت الدولة المنشودة حسب أقوال دعاتها تؤمّن حرية الرأي والمعتقد فما هو مصير الملحدين؟ أو حتى الزنادقة
5 ـ ما هي نظرة الدولة المنشودة إلى دولة أخرى قائمة على مذهب آخرّ هل ستكون على قاعدة الشرع أم قاعدة المصالح؟
6 ـ لو قامت دولة دينية لا تنتهج مذهب إجماع المسلمين، ما هو الموقف منها؟
7 ـ إذا نجح التكفيريون وأقاموا دولتهم. ما هو الموقف منهم؟
8 ـ ما هو معيار الدخول في معدودية هذه الدولة وحيازة جنسيتها؟

9 - وهل النظام سيكون وراثى أم يبدأ بافراد ثم ينتهى بالوراثة كما بدا نظام الخلافة الإسلامية

10 - وعند تطبيق الشريعة هل ستطيح بالرؤوس وتصلب الجسد بعد قتل أصحابها وتحمى المسامير وتفقأ العيون كما فعل الرسول فى بنى قريظة

11 - هل ستعلن الدولة الدينية الإسلامية الحرب على الدول التى لا تدين بالأسلام كما نصت الشريعة

12 - ما هو وضع الشيعة فى دولة ذات مذهب سنى ؟

المسلمين على دين ملوكهم فى خلافة أسرة ينى أمية

وقتل على بن أبى طالب الخليفة الرابع وبايع المسلمون الحسن بن على أبنه الأكبر بالخلافة  (خلافة وراثية) , وكان هناك خليفة آخر فى دمشق وهو معاوية بن ابى سوفيان من بنى امية , وبعد قتال بايع الحسن معاوية بعد أن خذله أعوانه , وقال المؤرخون أن الحسن بايع معاوية لقاء ألف ألف درهم , وقال آخرون مائة الف دينار , وقالوا أيضا أنه أشترط على معاوية أن يأخذ ما يريده من بيت المال , ويكون ولى العهد من بعده , وأطلق المسلمون على هذه السنة عام الجامعة , لأن معاوية فرض نفسة خليفة وجمع المسلمين تحت راية خلافتة الإلهية .

الله إلاه الأسلام له جنود من عســـل

ولكن معاوية كان يشعر فى قرارة نفسه أنه أغتصب الخلافة ولن تستقيم أمور الخلافة حتى يقتل الحسن , فأرسل من يدس للحسن السم أكثر من مرة ولكن الحسن لم يمت , إلى أن اتفق مع زوجة الحسن جعدة بنت الأشعث أن تقتل زوجها على أن يزوجها من أبنه يزيد , ودست جعدة السم للحسن فى العسل , وسرى السم فى جسدة وحطم خلايا الكلى والكبد وظل يتعذب من الألم حتى مات ( هذا ما حدث لمحمد صلم أيضاً بعد أن دست له يهودية السم فى كتف شاة ) , ولما بلغ معاوية موت الحسن كـــبر وكـــبر أعوانه , وقال معاوية قولتة التى أشتهر بها الأسلام : " لله جنــود من عســل " ولعل القارئ يتسائل هل وفى معاوية لعهدة مع زوجة الحسن جعدة بنت الأشعث , بالطبع لا فمن يأمن لأمرأة خائنة ..

وقد مكث الحسن فى الخلافة خمسة أشهر وأياماً وقال آخرون بل ستة أشهر إلا أياماً 

وصار قتل الخلفاء بالسم قاعدة شبه عامة , فكثير من الخلفاء مات مسموماً مثل المتوكل , وكثير منهم شكا من اعراض التسمم قبل وفاته .

سمل أعيـــن الخلفـــاء

سملت أعين الخلفاء فى عهد خلافة الأسرة العباسية الخليفة القاهر ثم سملت أعين الخليفة المتقى  ثم سملت أعين الخليفة المستكفى , وظهر الخليفة القاهر للناس وقد كف بصره ( أصبح أعمى كفيفاً ) وعليه جبة قد ذهب وجهها وبقى بالجبة بعض قطن بطانتها , وسار فى الأزقة والحارات يلبس قبقاباً خشبياً ويتسول ويردد عبارة : " يا أيها الناس تصدقوا على , فقد كنت بالأمس أميراً , واليوم أنا بين المسلمين فقيراً  

 

الخليفة يزيد بن معاوية والخليفة الحسين

وأصبح يزيد بن معاوية خليفة  وفى نفس الوقت بايع اهل الحجاز الحسين (أخو الحسن  أبن على بن أبى طالب ) فخرج مطالباً بالخلافة وجمع الحسين شيعته وتقابل مناصروه مع الجيش الذى أرسله الخليفة يزيد وكان بقيادة عبيد الله بن زياد بن ابى سوفيان ( أو أبن ابيه ) , فقتل الحسين فى كربلاء ( يوم عاشوراء سنة 60 هــ - 860 م ) وذبح الحسين رجل أسمه سنان بن أنس الخلعى وجز رأسه , وقد طعنت جثة الحسين 33 طعنة , 34 ضربة غير الرمية ,  ولم يكتفى بهذا بل سلب كل ما كان على جثة الحسين , ونهبوا الفرش والحلل (ملابس القتلى والأسرى ) ومتاعة والأبل , واهانوا النساء حتى أن المرأة كان ينزع ثوبها منها من الخلف ثم ندب القتلة من جيش بنى أمية عشرة منهم  فداسوا جثة الحسين بخيولهم فرضوا صدره وظهره ( ابن خلدون ص 369 )

وقتل الجيش الأموى مع الحسين 72 رجلاً من رجال بنى هاشم منهم : أولاد على بن ابى طالب الأربعة .. وهم العباس وجعفر ومحمد وأبو بكر , وأولاد الحسن الأربعة .

وحملوا رأس الحسين على سن حربة ورفعوها عالياً ودخلوا بها دمشق وألقوها بين يدى يزيد , وعندما أمسك يزيد برأس الحسين تذكر ما قاله الحسين عنه فقال يزيد : " لقد قال ( الحسين) : أننى خير منه ( أى خير من يزيد ) وأبى خير من ابيه وجدى خير من جده , أما جده (النبى) فلا يؤمنن بالله واليوم ألآخر إلا يؤمن بفضله وانه سيد البشر , أما أبوه فقد أحتكم هو وأبى إلى الله , ولقد علم أن الله نصر أبى , واما انه خير منى فلقد جاء من قبيل فقهه ونسى قوله تعالى : قل الله مالم الملك , تأتى الملك لمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء  , وتعز من تشاء وتزل من تشاء بيد الخير وأنك على كل شئ قدير "

وثار المختار من العلوية بالكوفة سنة 66 هــ ليثأر لذبح الحسين المهين ودعا للثأر ممن قتلوا أهل البيت, فبايعه المسلمين وألتف حوله خلق كثير , وأستولى على الكوفة , وقتل جماعة كانوا ضمن من قتلوا اهل البيت , وأرسل جيش لقتال عبيد الله بن زياد بن ابى سوفيان وكان واليا على البصرة , ثم ولى الكوفة , وقاد مصعب بن الزبير ( أخ عبدالله بن الزبير ) جيش الأمويين وأنتهت المعركة بقتل المختار  .

الخليفة عبد الملك , الله هو الذى يختار الخلفاء

*** يقول العجاج مادحًا الخليفة عبد الملك؛ بأن اختاره الله لخلافة أمر المسلمين:
فالأرض لله ولاَّها خليفتَه  وصاحِبُ الله فيها غير مغلوب
بعد الفساد الذي قد كان قام به كذابُ مكة من مكر وتخريب

فهو يشير إلى أن الله اختار عبد الملك خليفةً دون غيره من عباده سبحانه، مستلهمًا ذلك المعنى من: ﴿إِنَّ الأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (الأعراف: 128).

 

وسائل الإعلام ( الشعراء ) فى خدمة ألوهية الخليفة 

 الخليفة هو الذى ينفذ الأوامر الإلهية وهو الحاكم الأوحد على مقادير الناس وأرواحهم هو الديكتاتور المعظم بأسم الإسلام وقد أستحوذ الخليفة على ما لله وله وإذا كان الله له شيوخه والكعبة لها سدنتها فليخطب شيوخ الله له فى الجوامع فهو الممثل الإلهى على الأرض , وتسك النقود بأسمه حيث يتداولها المسلمون وعليها شعار خليفة الله , ولينادى المنادون فى الأسواق بأوامر الله التى نزلت من لسان الخليفة  , ويحكى الناس ما فعله الخليفة , ولما كان العرب يعشقون الشعر فقد كان الخلفاء فى عصرهم يغدقون الأموال على من أشتهر من الشعراء بقرض الشعر الذى يمتدحهم والسيف لمن يذمهم  وصار الشعر مهنة للأسترزاق ألم يعمل سيف محمد صلم فى أم قرفة حيث شقت بين جملين وقطعت رأسها وألقيت فى حجر محمد الذى أمر بأن توضع على رمح ويطاف برأسها وعصماء بنت مروان حيث أرسل من قتلها بسيف وهى نائمة بين أولادها .

والشعراء كانوا يمثلون الإعلام الآن حيث أن المسلمون كانوا يتناقلون أبيات الشعر كما يتغنى شباب اليوم بالأغانى التى يسمعونها من وسائل الإعلام وفيما يلى بعض الشعر الذى كان يمتدح الخلفاء أو شعر قيل بهدف يخدم أمر الخليفة :-

الخليفة يزيد بن معاوية : يقول الشاعر مسكين الدرمى وهو يؤسد إستخلاف يزيد

بنى خلفاء الله مهلاً فإنما *** يبوئها الرحمن حيث يريد

إذا المنبر الغربى خلاة ربة *** فإن أمير المؤمنين يزيد

وقد أطلق  الشاعر مسكين الدرمى على الأمويين " بنى خلفاء الله "

الأمويين : يقول عبدالله بن همام السلولى يؤيد حكم الأسرة الأموية

خلافة ربكم حاموا عليها *** ولا ترموا بها الغرض البعيدا

الخليفة الوليد بن عبد الحكم : وقال الأخطل للخليفة الوليد بن عبد الملك ( 86 هـ - 705 م )

خليفة الله يستسقى بسنتة *** فى الغيث عند مولى العلم ينتخب

وقال جرير الخليفة الوليد بن عبد الحكم :

فأنت لرب العالمين خليفة *** ولى لعهد الله بالحق عارف

وبقول للأخطل ذلك :

الخائض الغمر والميمون طائرة *** خليفة الله يستسقى به المــطر

وهكذا أصبح الخلفاء آلهه يحكمون بأسم إله لا يراه أحداً والمرئى الوحيد هو الخليفة فالأسلام بنى على من أطاع الرسول أطاع الله وأولى الأمر من بعده يقول سيادة المستشار محمد سعيد العشماوى فى كتابه الخلافة الأسلامية - الطبعة الثانية 1992 ص 134 حكم : ملوك العرب تحت لافتة خلفاء الله , صيغة دينية للملك وعبارة شرعية للأمارة , فالملك ملك قح يتمحك فى الدين , والإمارة إمارة بحتة تتمحل بالشريعة , ويشهد تاريخ الخلافة الأموية .. كما يرى جميع المؤرخين .. أنها كانت خلافة دنيوية وملكاً قحاًَ وسلطاناً صرفاً , لم يكن لها من الدين إلا المظهر ومنن الشريعة إلا القشور , أما الخلفاء الأمويون .. كانوا رجال دنيا وساسة ملك , وكانوا فى الغالب فسقة وفى الأغلب ظلمة "

***  وكان احمد بن حنبل يقول للأمويين ( لم يكن أحق بالخلافة في زمن علي من علي ) تاريخ الخلفاء السيوطي . الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن ابي بكر ت 911 هـ . تاريخ الخلفاء ص 155 طبعة دار الرقم بن أبي الأرقم بيروت 0 د. ت )!!

 

خلفاء بنى أمية

خليفة كان فقيهاً وعندما جاءه الملك ترك الفقة

عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص ( الخليفة الخامس ) كان من أشهرأربعة فقهاء المدينة فى عصرة والآخرين هم : سعيد بن المسيب , وعروة بن الزبير , وقبيصة بن زؤيب - وعندما آلت إليه الخلافة وكان المصحف فى حجرة فأطبقة وقال : " هذا آخر العهد بك " وتحولت شخصيته من فقيهاً مستنيراً العالما إلى الضد تماماً , وأصبح وحشاً كاسراً فتاكاً بالسيف وليس أدل على ذلك إلا قوله : " لا أداوى هذه الأمة ( أمة المسلمين ) إلا بالسيف ,  حتى تستقيم لى ( لا لله ) قناتكم " أليس هو حاكم المسلمين , إليس هو خليفة الله وفى يده سيف الله يحش به رقاب عباد الله فلماذا إذا لا يقف على منبر الرسول ويقول ما شاء ؟ فوقف عبد الملك يعد قتل عبدالله بن الزبير ( سنة 75 هـ ) وقال : " والله لا يأمرنى أحد بتقوى الله !! بعد مقانى هذا إلا ضربت عنقة " وعندما كان على فراش الموت وفى نزعاته الأخيرة أستدعى أبنه الوليد بن عبد الملك ليوصية فقال له : " يا وليد لا ألفينك إذا وضعتنى فى حفرتى تعصر عينيك كالأمة الولهاء , بل إئتزر وإلبس جلد النمر وإدع الناس للبيعة فمن قال برأسه كذا ( أى غير موافق ) فقل بالسيف كذا ( أى إضرب عنقة ) .

وأصبحت الخلافة فى عهد الأسرة الأمــــوية مملكة تورث كما تورث الأرض والمتاع وغيرها مما هو قابل للتوريث واصبح أسم خليفة هو الترجمة العربية الإسلامية لأسم قيصر فى التعبير البيزنطى وأسم كسرى فى النظام الفارسى , ولبسوا الثياب الفاخرة والعدة الكاملة , والخيول المسومة , وصلوا بعيداً عن الناس فى المقاصير , وجلسوا على أرائك الفخمة , وأقاموا الحرس والحجاب . ومشى صاحب الشرطة بين أيديهم بالحراب والسيوف أى أنهم نقلوا نظم الحكم فى بيزنطة وفارس .

وقال أبن خلدون فى مقدمته ( أبن خلدون فى المقدمة - ص 369 ) : " ... إنقلبت الخلافة إلى ملك .. صار الأمر إلى ملك .. ويظهر التغيير .. فى لاوازع الذى كان ديناً ثم أنقلب إلى عصبية وسيف .. ذهبت معانى الخلافة ولم يبق إلا إسمها , وصار الملك بحتاً .. وجرت طبيعة التغلب إلى غايتها .. وإستعملت فى أغراضها من القهر والتقلب فى الشهوات والملاذ .. ذهب رسم الخلافة .. وبقى الأمر ملكاً بحتاً كما كان فى ملوك العجم بالشرق  .... "

الجــــزية على المسلمين

وفرض الأمويين الجزية على من أسلموا وكان قراء البصرة يبكون لذلك

 

 

 

 

خلافة الأسرة العباسية العجميـــــــــة   

 قال الجاحظ ( عمرو بن بحر 775 م - 868 م ) إن دولة بنى العباس أعجمية خراسانية , ودولة بنى مروان عربية إعرابية ( الجاحظ البيان والتبيين 3 : 206 ) والخلافة العباسية هى خلافة خاصة بالأسرة العباسية لوحدهم دون آل طالب أى أنها أقتصرت على أسرة واحدة من الهاشمين ولم تشملهم جميعاً

وقال شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة : " الخلافة العباسية ليست فى حاجة إلى التقديم فقد قدمت نفسها على يد مؤسسها السفاح أول خلفاء بنى العباس "

 

وضع أحاديث تؤيد خلافة بنى العباس

أحمد بن راشد الهلالي ، قال الذهبي ( ميزان : 1/97 ) : عن سعيد بن خثيم بخبر باطل في ذكر بني العباس من رواية بن خثيم عن حنظلة عن طاووس ، عن ابن عباس عن أمه رضي الله عنهم قال : مرت أمي بالنبي r فقال : (( إنك حامل بغلام ، قالت : كيف وقد تحالف الفريقان ألا يأتوا النساء ؟ قال : هو ما أقول لك ، فلما وضعته أتيته به فأذن في أذنه وقال : اذهبي بأبي الخلفاء ... )) فسرد حديثاً ركيكاً فيه إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فهي لك ولولدك منهم ؛ السفاح . رواه أبو بكر بن أبي داود وجماعة عن أحمد بن راشد ، هو الذي اختلقه بجهل .
قال ابن حجر ( لسان الميزان : 1/171) : وذكره ابن حبان في ( الثقات : 8/40 9 . وهذا الحديث الذي ذكره الذهبي رواه الطبراني في الأوسط ، وقال الهيثمي في ( مجمع الزوائد :5/187 ) : وفيه أحمد بن راشد وقد اتهم بهذا الحديث .
وأورده الحلبي في ( الكشف الحثيث :45) . فالقول في هذا الراوي قول الذهبي ومن وافقه ، والله أعلم .

المسلمون يبايعون سفاح ليكون خليفة

وفى الثانى عشر من ربيع الأول سنة 132هـ/ 750م فى الكوفة بعد ان وصل آل العباس إليها - تمت مبايعة أبى العباس خليفة للمسلمين، وتوجه "أبو العباس" إلى مسجد الكوفة عقب مبايعته بالخلافة وألقى  خطبة كانت بمثابة الإعلان الرسمى عن قيام خلافة الأسرة العباسية ، ومما جاء فى تلك الخطبة:
"الحمد لله الذى اصطفى الإسلام لنفسه، وكرمه وشرفه وعظَّمه، واختاره لنا، زعم الشامية أن غيرنا أحق بالرياسة والسياسة والخلافة منا، ...، وماتوفيقنا أهل البيت إلا بالله، فاستعدوا أيها الناس، فأنا السَّفَّاح المبيح والثائر المنيح  "

ثم أكمـــل خطبته وقال : " لكم منا ذمة الله , وذمة رسوله , وذمة العباس , أن نحكم فيكم بما أنزل الله , ونعمل فيكم بكتاب الله , ونسير فى العامة والخاصة بسيرة رسول الله , واعلموا أن هذا الأمر فينا وليس بخارج منا حتى نسلمة إلى عيسى بن مريم عليه السلام " وهكذا أخرج العباسيين حديثاً أنهم سيحكمون حتى يأتى عيسى بن مريم أى يوم الدينونة وبلا شك أن الحديث كان كاذباً لأنه لم يصدق إلا أن خلافة الأسرة العباسية قد ظلت تحكم بهذا الحديث وكانت أطول أسرة تحكم فى تاريخ البشرية .

وأكدت الخطبة الشرط الأول فى إختيار الخليفة ألا وهو قرابتهم للرسول وعروبيتهم , وهو سبب جوهرى يفتح الباب لهم للأرث الأرض ووراثة الخلافة عليها , وجعلت الخطبة حقوق النبى فى الفئ والغنائم هىحقوق الخلفاء , كما أكدت ان التقرب والتودد إليهم هو غاية القرآن وهدفه .

والخليفة أبو العباس هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس الهاشمى , وكان شاباً دموياً متوحش مجرماً , أستولى على الخلافة بعد إبادة أسرة الخلافة الأموية ( حتى لا يطالبة أحد بالخلافة من هذه العائلة ) وكان عمره 28 سنة وقال آخرون 24 سنة وقالوا 23 سنة وحكم لمدة 4 سنين و 8 أشهر ومات وعمره نيف و 33 سنة 

السفاح يأمر بنبش قبور خلفاء الأسرة الأموية وإخراج جثثهم وصلبها وضربها بالسوط

الخليفة السفاح والبيت الأموى

وصل الخليفة العباسى عبد الله بن علي إلى المسجد الجامع، فخطبهم خطبة مشهورة يذكر فيها بني أمية وجورهم وعداوتهم، وانهم اتخذوا دين الله هزؤاً ولعباً، ويصف ما استحلوا من المحارم والمظالم والمأثم، وما ساروا به في أمة محمد من تعطيل الأحكام وازدراء الحدود والاستئثار بالفيء، وارتكاب القبيح، وانتقام الله منهم، وتسليط سيف الحق عليهم، ثم نزل.


ويقال إن أبا العباس كتب إليه: خذ بثأرك من بني أمية، ففعل بهم ما فعل، ووجه فنبش قبور بني أمية، فأخرجهم وأحرقهم بالنار، فما ترك منهم أحداً، ولما صار إلى رصافة أخرج هشام بن عبد الملك، ووجده في مغارة على سريره، قد طلى بماء يبقيه، فأخرجه، فضرب وجهه بالعمود، وأقامه بين العقابين فضربه مائة وعشرين سوطا، وهو يتناثر، ثم جمعه فحرقه بالنار. وقال عبد الله عند ذلك: إن أبي، يعني علي بن عبد الله، كان يصلي يوماً، وعليه إزار ورداء، فسقط الرداء عنه، فرأيت في ظهره آثار السياط، فلما فرغ من صلاته قلت: يا أبة! جعلني الله فداءك، ما هذا؟ فقال: إن الأحول، يعني هشاماً، أخذني ظلماً، فضربني ستين سوطاً، فعاهدت الله إن ظفرت به أن أضربه بكل سوط سوطين.

 

*** يقول شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة : "  أما القرار الأول، أو القرار رقم (1) بلغة العصر الحديث فهو أمره بإخراج جثث خلفاء بني أمية من قبورهم، وجلدهم وصلبهم، وحرق جثثهم، ونثر رمادهم في الريح، وتذكر لنا كتب التاريخ ما وجدوه:
فيقول ابن الأثير(الكامل في التاريخ لابن الأثير ):
(فنبش قبر معاوية بن أبي سفيان فلم يجدوا فيه إلا خيطاً مثل الهباء، ونبش قبر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فوجدوا فيه حطاماً كأنه الرماد، ونبش قبر عبد الملك بن مروان فوجدوا جمجمته، وكان لا يوجد في القبر إلا العضو بعد العضو غير هشام بن عبد الملك فإنه وجد صحيحاً لم يبل منه إلا أرنبة أنفه فضربه بالسياط وصلبه وحرقه وذراه في الريح، وتتبع بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم فأخذهم ولم يفلت منهم إلا رضيع أو من هرب إلى الأندلس)
ويروي المسعودي القصة بتفصيل أكثر فيقول (مروج الذهب للمسعودي):
(حكى الهيثم بن عدي الطائي، عن عمرو بن هانئ قال: خرجت مع عبد الله بن علي لنبش قبور بني أمية في أيام أبي العباس السفاح، فانتهينا إلى قبر هشام، فاستخرجناه صحيحاً ما فقدنا منه إلا خورمة أنفه، فضربه عبد الله بن علي ثمانين سوطاً، ثم أحرقه، واستخرجنا سليمان من أرض دابق، فلم نجد منه شيئاً إلا صلبه وأضلاعه ورأسه، فأحرقناه، وفعلنا ذلك بغيرهم من بني أمية، وكانت قبورهم بقنسرين، ثم انتهينا إلى دمشق، فاستخرجنا الوليد بن عبد الملك فما وجدنا في قبره قليلاً ولا كثيراً، واحتفرنا عن عبد الملك فلم نجد إلا شئون رأسه، ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية فلم نجد إلا عظماً واحداً، ووجدنا مع لحده خطاً أسود كأنما خط بالرماد في الطول في لحده، ثم اتبعنا قبورهم في جميع البلدان، فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم) .  ولعلي أصارح القارئ بأنني كثيراً ما توقفت أمام تلك الحادثة بالتأمل، ساعياً لتفسيرها أو تبريرها دون جدوى، مستبشعاً لها دون حد، فقد يجوز قتل الكبار تحت مظلة صراع الحكم، وقتل الصغار تحت مظلة تأمين مستقبل الحكم، ومحو الآثار تحت مظلة إزالة بقايا الحكم (السابق) لكن إخراج الجثث.. وعقابها.. وصلبها.. وحرقها.. أمر جلل..
والطريف أن البعض رأى في ذلك معجزة إلهية، فالجثة الوحيدة التي وجدت شبه كاملة.. وعذبت (إن جاز التعبير) وصلبت.. وحرقت ثم نثر رمادها في الريح هي جثة هشام بن عبد الملك، وقد رأى البعض في ذلك انتقاماً إلهياً من هشام إذ خرج عليه زيد بن علي بن الحسين، وقتل في المعركة، ودفنه رفاقه في ساقية ماء، وجعلوا على قبره التراب والحشيش لإخفائه، فاستدل على مكانه قائد جيش هشام، (فاستخرجه وبعث برأسه إلى هشام، فكتب إليه هشام: أن اصلبه عرياناً، فصلبه يوسف كذلك، وبنى تحت خشبته عموداً ثم كتب هشام إلى يوسف يأمره بإحراقه وذروه في الرياح) (مروج الذهب للمسعودي – ج3ص219)."

السفاح يقتل جميع أسرة البيت الأموى بطريقة وحشية

كان سليمان بن هشام بن عبد الملك قد أمنه السفاح وأكرمه فدخل سديف على السفاح وأنشده‏:‏
لا يغرنك ما ترى من رجال إِنّ تحت الضلوع داء دويا
فضع السيفَ وارفع السوطَ حتّى لا ترىَ فوق ظهرها أمويا
فأمر السفاح بقتل سليمان فقتل وكان قد اجتمع عند عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس عدة من بني أمية نحو تسعين رجلاً فلما اجتمعوا عند حضور الطعام دخل شبل بن عبد الله مولى بني هاشم على عبد الله بن علي عم السفاح المذكور وأنشده‏:‏
أصبحَ الملك ثابتُ الأساسِ بالبهاليل من بني العباسِ
طلبوا وتر هاشم فشفوها بعد ميل من الزمان وياسِ
لا تقيلن عبد شمس عثاراً واقطعن كل رقلة وغرَاس
ذلها أظهر التودد منها وبها منكم كحد المواسي
ولقد ساءني وساء سوائي قربهم من نمارق وكراسي
أنزلوها بحيث أنزلها الل - - ه بدار الهوان والإتعاسِ
واذكروا مصرع الحسين وزيد وشهيد بجانبَ المهراس
فأمر عبد الله بهم فضربوا بالعمد حتى وقعوا ( أى ضربوا الجمجمة بأعمدة حديدية وكسروا جزء منها وأتلفوا مراكز المخ فلم يموتوا فى الحال ) وبسط عليهم الأنطاع ومد عليهم الطعام وأكل الناس وهم يسمعون أنينهم حتى ماتوا جميعاً وأمر عبد الله بنبش قبور بني أمية بدمشق فنبش قبر معاوية بن أبي سفيان ونبش قبر يزيد ابنه ونبش قبر عبد الملك بن مروان ونبش قبر هشام بن عبد الملك فوجد صحيحاً فأمر بصلبه فصلب ثم أحرقه بالنار وذراه وتتبع يقتل بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم فلم يفلت منهم غير رضيع أو من هرب إِلى الأندلس وكذلك قَتَل سليمان ابن علي بن عبد الله بن عباس بالبصرة جماعة من بني أمية وألقاهم في الطريق فأكلتهم الكلاب ولما رأى من بقي من بني أمية ذلك تشتتوا واختفوا في البلاد‏.

وأباد العباسيين من بقى من البيت الأموى وأتباعهم ولم يفلت منهم إلا رضيع أو من هرب إلى الأندلس مثل عبد الرحمن بن معاوية الذى أشتهر بأسم عبد الرحمن الداخل 

http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=221&CID=24 راجع تاريخ أبي الفداء  24 من 87

رياح ابن عقمان والى الخليفة المنصور وصف نفسه على منبر الرسول فى المدينة & فقال..يا أهل المدينة أنا الأفعى أبن الأفعى

*** *** يقول شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة : " وهنا نتوقف لأن هنا جديداً مفزعاً، فقد أمر السفاح بضرب رؤوسهم بأعمدة حديدية، بحيث تتلف بعض مراكز المخ، ويبقى الجسد حياً، مصطرعاً بين الحياة والموت، وما أن يرى السفاح أمامه تسعين جسداً منتفضاً، تقترب مسرعة من الموت، وترتفع أصواتها بالأنين، حتى يأمر بوضع مفارش المائدة فوقهم، ثم يجلس فوق هذه المفارش، ويأمر بالطعام فيوضع أمامه فوق الأجساد، ويبدأ في تناول عشائه بينما البساط يهمد هنا ويهمد هناك، وبين همود وهمود، يزدرد هو لقمة من هذا الطبق، ولقمة من ذاك، حتى همد البساط كله، ففرغ من طعامه، وتوجه إلى الله بالحمد، وإلى حراسه بالشكر، وإلى خاصته بالتهنئة، ولعله قال لنفسه، أو لخاصته، والله ما أكلت أهنأ ولا ألذ ولا أطيب من هذا الطعام قط، فليس أقل من هذا الحديث ما يلائم سلوك السفاح، ذلك الذي يزدرد اللقيمات على زفرات الأنين، ويساعده على الهضم صعود الأرواح، وقد نفهم أن يقتل الحاكم الجديد حكام الأمس، أو أن يتخلص بالقتل من منافسيه على الحكم، أو مناوئيه على السلطة، فقد حدث هذا كثيراً، وأقرب نماذجه مذبحة المماليك بالقلعة على يد محمد علي، لكن ما لا نفهمه، أن يجلس الخليفة فوق الضحايا، وأن يهنأ له الطعام فوق بركة من الدماء، وعلى بساط يترجرج مع اصطراع الأجساد، وعلى أنغام من صراخ الضحايا حين يواجهون الموت، بل ربما وهم يسعون إليه هرباً من الألم والعذاب..
نحن هنا أمام تساؤل تطرحه هذه الحادثة، وأمثالها كثير، قبل السفاح وبعد السفاح، ربما ليست بهذه الروعة في الإخراج، أو الحنكة في التدبير، أو السادية في العبير، لكنها في النهاية تحمل نفس الدلالة وتنقل إلينا نفس الرسالة، يتساوى في ذلك مقتل حجر بن عدي على يد معاوية أو الحسين على يد يزيد أو ابن الزبير على يد الحجاج أو (زيد بن علي) على يد هشام. "

إستمرارية فكرة " ورث الخلافة "  و " خلافة الله " وأمتدت الفكرة لتكون " ورث محمد " و " وارث الكعبة والمنبر "

*** إن بني مروان لم تبل رماحهم وآل ابي طالب لم تغمد سيوفهم ونحن بين قوم رأونا سوقة واليوم خلفاء فلن تتمهد هيبتنا في صدورهم الا بنسيان العفو والشدة في العقوبة  راجع تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 212

 *** أبو جعفر المنصور قتل خلقا كثيرا حتى استقام ملكه وهو الذي ضرب ابا حنيفة على القضاء ثم سجنه فمات بعد ايام بالسم لكونه افتى بالخروج عليه راجع تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 207) وقتل من أتى بالخلافة لبنى العباس ابا مسلم الخراساني وسمم الرضا ليتخلص منه وقتل ذا النفس الزكية وأخاه ورهطه وشيد بغداد على اساس عسكرى

وكتب ابو داود خليفة أبو مسلم الخراسانى فى ولاية خراسان ( تولى بعد أن وقع خلاف بين أبو مسلم والخليفةر)  رسالة قال فيها :

" ... إنا لم نخرج لمعصية خلفــــاء الله فى أرضه .. )

*** وقال أبن هرمة الشاعر للمنصور :

وما الناس أجتبوك بها ولكن   حباك بذالك الملك الجليل

تراث محمد لكم وكنتم   أصول الحق إذ تفنى الأصول

*** وقال أبو عتاهية فى مدح المهدى :

*** الشاعر أبو عتاهية يمدح كل خليفة ويصف أحدهم بأنه عمود الإسلام - فمدح  أبو عتاهية الخليفة المهدى

تته الخلافة منقادةً إليه تـجرر أذيالـــها
فلم تك تصلح إلا له ولم يك يصلح إلا لــها
ولو رامها أحد غيره لزلزلت الأرض زلزالـها
ولو لم تطعه بنات القلــوب لما قبل الله أعمالها
ويلاحظ تعبير الشاعر في البيت الثالث يعد تولي الخلافة لأحد غير المهدي أمرًا جللاً، يكاد يقترب في هوله من يوم الزلزلة ؛ يوم القيامة، متأثرًا بقوله تعالى: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾ (الزلزلة: 1).

ثم مدح أبو عتاهية الخليفة الرشيد

 

الخليفة ثم مدح أبو عتاهية الخليفة مدح الأمين فقال :

يا عمود الإسلام خير عمود والذى صُيغ من حياء وجود
إن يوماً أراك فيه ليوم طلعت شمسه بسعد السعود

 

ولما قتل الأمين أسرع  أبو عتاهية إلى المأمون وأخذ يدق بابه  ثم مدح الخليفة المأمون فقال :

لخير إمام قال من خير عنصر و أفضل راق فوق أعواد منبر

***  وقال أبن خفضة فى مدح الخليفة الهادى عندما عقد له المهدى البيعة :

يا أبن الذى ورث محمداً    دون الأقارب من ذوى الأرحام

 

‏***  اشتد طلب (الخليفة ) موسى الهادى للزنادقة فقتل منهم جماعة فكان فيمن قتل منهم كاتب يقطين وابنه علي بن يقطين وكان علي قد حج فنظر إلى الناس في الطواف يهرولون فقال‏:‏ ما أشبههم ببقر يدوس في البيدر ‏.‏
فقال شاعر للخليفة موسى الهادى ‏:‏

قل لأمين الله في خلقه ووارث الكعبة والمنبر

ماذا ترى في رجل كافر يشبه الكعبة بالبيدر

ويجعل الناس إذا ما سعوا حمرًا يدوس البر والدوسر

 فقتله موسى ثم صلبه 0 [ راجع المنتظم في التاريخ  الجزء الثامن ( 102 من 202 ) ]

 

*** قال منصور النميرى فى مدح الرشيد

ان اخلف الغيث لم تخلف مخايله   او ضاق امر ذكرناه يتسع
مفروضة في رقاب الناس طاعته عاصيه من ربقة الاسلام منقطع
اي امرئ بات من هارون في سخط    فليس بالصلوات الخمس ينتفع

وقال أيضاً :

إن المكارم والمعروف أودية *** أحلك الله منها حيث تجتمع

من لم يكن بأمين الله معتصماً *** فليس بالصلوات الخمس ينتفع

أحاط الشاعر لنمري بهالة من الألوهية  : فان ضاق الامر او عظم الكرب فذكرنا اسم الرشيد اتسع الامر وانفرج الكرب , وعاصي امر الرشيد خارج عن الملة الاسلامية لا ينتفع بصلاته ولا ينال الثواب عليها وكأن طاعة الرشيد شرط لقبول الاعمال الصالحة عند الله وكأن طاعته من طاعة الله

 

*** قال أبو بكر أبن الخبازة فى مدح المتوكل

خليقة ربى وأبن عم نبيه ** وخير بنى العباس منهمو ولى

 

*** كتب أبو يوسف الفقية المشهور تلميذ أبى حنيفة النعمان كتاب الخراج صدره (كتب مقدمة الخطاب أو الكتاب) إلى الخليفة هارون الرشيد فقال : " إن الله بمنه ورحمته وعفوه جعل ولاة الأمر خلفاء فى أرضه

*** يقول شهيد الكلمة فرج فودة فى كتابه الحقيقة الغائبة : " وتذكر فقط أنك "أى الخليفة " (سلطان الله في أرضه) (وصف المنصور لنفسه في خطبة شهيرة بالمدينة) (وظل الله الممدود بينه وبين خلقه) (التعبير الأدبي الشائع عند وصف الخلفاء في العصر العباسي الأول)، واستند في حكمك إلى حق بني العباس في الخلافة، وليس إلى حق الرعية في الإختيار."

إنهيار الخلافة الإسلاميــــة لحكم الأسرة العباسية

ومما يثبت أن الخلافة مثلها مثل أى دولة أو أمبراطورية تنطبق عليها تطور الأنسان من ميلاد وطفولة ونضوج وشيخوخة ثم موت ويعتقد أن أنتماء أبو العباس السفاح إلى الصحابة أمر مشكوك فيه ولكن عموما ما لبثت الخلافة الإسلامية أن وصلت إلى الشيخوخة وتفتت أوصالها وأصيب بأمراض الفتنة والتمرد  ففى سنة 334 هــ 935 م تفككت الخلافة وبطل التحكم المركزى فى الولايات فأصبحت فارس والرى وأصفهان والجبل فى أيدى بنى بوية , وكرمان فى يد محمد بن إلياس , والموصل وديار بنى بكر وديار ربيعة وديار بنى مضار فى أيدى بنى حمدان , ومصر والشام فى يد طفنج الأخشيدى , والأندلس فى يد ملوك الطوائف , والمغرب وشمال أفريقيا فى يد الفاطميين ,  وخراسان فى يد نصر بن أحمد الساسانى , والأهواز وواسط والبصرة فى يد البريديين , واليمامة والبحرين فى يد أبى طاهر القرمطى , وطبرستان والجرجان فى يد الديلم , ولم يبق للخليفة إلا بغداد وما حولها .

وسجل المؤرخ المسعودى هذه الحقيقة فقال : " ضعف الإسلام فى ذلك الوقت وذهابه , وظهور (تغلب) الروم على المسلمين , وفساد الحج , وعدم الجهاد , وإنقطاع السبيل ,  وفساد الطريق ... " ويضيف : " إنه لم يزل ( يقصد كان ) كان الأسلام مستظهراً إلى ذلك الوقت , فتداعت دعائمة وهى أسه "

أما عن خراب بغداد عاصمة الخلافة العباسية فيقول المقدسى : " كانت أحسن شئ للمسلمين , واجل بلد , حتى ضعف أمر الخلافة فأحتلت , وخف أهلها , أما المدينة فإلى خراب , أما الجامع فيعمر فى الجمع (يقصد يوم الجمعة فقط ) ثم يتخللها بعد ذلك الخراب , وهى فى كل يوم إلى وراء , مع كثرة الفساد والجهل والفسق , وجور السلطان .. "

ولم تلبث أن أصيب فى مقتل بعد غزو التتار

خليفة عباسى يتحالف مع ملك الفرنجة ضد المسلمين

وأتصل الخليفة أبو جعفر المنصور بالأمبراطور شارلمان ثم بــ " بين " وهم من ملوك الفرنجة , يستعديهما على الخليفة الأموى فى الأندلس عبد الرحمن الداخل وأدى الأمر إلى إنتهاء الأستعمار الإسلامى للأندلس ورجوعها إلى أيدى أبنائها مرة ثانية بعد أن دام إحتلال الإسلام لها قرون من الزمن .

التحالف مع الأعداء أدى إلى إنتهاء خلافة الأسرة العباسية نفسها

وذكر بعض المؤرخين أن الخليفة الناصر هو الذى دعا التتار للتدخل إلى حمايته , فهاجمت جحافل التتار بغداد وعندما دخلوها 5ى 14 صفر 656 هـ دمروها عن آخرها وقتلوا الخليفة المستعصم وقتلوا كل من عثروا عليه من أسرة الخلافة العباسية وهكذا أنتهى فعلياً نظام الخلافة وظلت ديار الأسلام بلا خلافة لمدة ثلاث سنين ونصف .

خدعة الملك الظاهر بيبرس لأحياء الخلافة العباسية :

وفى سنة 659 هـ - 1260 م أحضر العربان للملك الظاهر بيبرس شخصاً أسود اللون أسمه أحمد أبو القاسم وأدعوا أنه من سلالة العباسيين فنصبة الملك بيبرس خليفة فى القاهرة وأسماه الخليفة المستنصر ونصب هذا الشخص الظاهر بيبرس سلطاناً وهكذا ترقى الظاهر بيبرس من ملك إلى سلطان وكان الخليفة ما إلا أنه رمز ليس إلا ليس له فى الحكم شئ , واصبحت القاهرة مرة ثانية مركزاً لحكم دول الخلافة الإسلامية بدلاً من بغداد .

ثم ولى بعد الخليفة المستنصر الخليفة الحاكم بالله ( العباسى ) فقال فى أول خطبة فى بداية خلافته : " أيها الناس .. أعلموا أن الإمامة فرض من فروض الإسلام , .. والسلطان ركن الدنيا والدين .. " ويلاحظ أن الخليفة ذكر أسم الإمامة بدلاً من الخلافة وهو تعبير شيعى وأن الأمامة فرض , وهل زادت فروض الأسلام الخمسة إلى ستة فروض كما هى عند الشيعة ؟

ولم يلبث أن أنقلب السلطان على الخليفة وخشى من أن ينقلب عليه فأسكته بأن أسكنه فى قلعة الجبل , ومنعه من الإجتماع بأحد من موظفى الدولة , ثم أسقط أسمه من سكة النقود وأبقى أسمه يذكر على المنابر فقط .

وظل أسم الخلافة العباسية فى مصر وهماً وخيالاً وأسما فقط  واهية وضعيفة إلى أن احتل سليم الأول مصر فيما أطلق عليه المؤرخين أسم الغزو العثمانى لمصر سنة 923 هـ - 1517 م .

 

  142

إلغاء موقع "الخلافة العثمانية" 1924، فاشتعلت آنذاك المنافسات لإحياء"الخلافة"، وانقسم الناس حول جدوى المحاولة من جهة، وحول من هو الأولى بتولي الخلافة؛ فيما لو قدر لعملية الإحياء أن تنجح. وفي هذه الظروف جاءت فكرة مؤتمر الخلافة في القاهرة، وجاء صدور الكتاب المثير للجدل "الإسلام وأصول الحكم" لعلي عبدالرازق1925 ، وما أثاره من ردود فعل واسعة النطاق في مصر والعالم العربي آنذاك وحتى اللحظة هذه.

الخلافة من يتنازل لمن؟

بعد سقوط بغداد على يد هولاكو 656هـ/1258م قيل أن المماليك قد عثروا على شاب عباسي، وصل إلى مصر بعد كارثة السقوط، فعمدوا إلى إحياء مسمى الخلافة في القاهرة بحثاً عن شرعية مبتغاة. ولما سقطت دولة المماليك في القاهرة على يد السلطان العثماني سليم الأول 1517م، قيل أيضاً أن سليم قرّب إليه الخليفة العباسي المتوكل على الله، ومنحه بعض الإمتيازات التي أساء المتوكل استخدامها، فقرر السلطان إرساله إلى استانبول، ونظراً لمجونه واستهتاره، بحسب الروايات، قرر سليم حبسه.

وبعد وفاة سليم عفا عنه السلطان سليمان القانوني، وأعاده إلى مصر فتوفي في القاهرة 950هـ/1543م، دون أن يحسّ أحد بانتهاء الخلافة العباسية . لكن أحداً من المؤرخين أو الفقهاء المصريين أو العرب أو الأتراك المعاصرين لم يتحدث عن ما يسمى تنازل المتوكل عن الخلافة لسليم الأول أو لسليمان من بعده، مع أنهم تحدثوا بإسهاب عن قضايا تقل أهمية عن هذه القضية المفصلية المهمة.

وإن ترددت في كتب التاريخ المتأخرة روايات عن التنازل، يقول بعضها أنها كانت لسليم الأول، في حين أورد البعض ما يفيد أن التنازل كان لسليمان. وتشير الروايات إلى نقل ما يسمى شعائر الخلافة المتمثلة في بردة الرسول عليه السلام، وبعض شعرات من لحيته الشريفة، إضافة إلى سيف عمر، بوصفه دليلاً على انتقال الخلافة إلى أيدي العثمانيين، هناك من يجادل بأن حادثة التنازل المزعومة لم تثبت، كما أن نقل ما سمي شعائر الخلافة إلى استانبول لا يعني تنازلاً عن الخلافة. وان سليم كان ميالاً إلى استخدام لقب "خادم الحرمين الشريفين" الذي ورثه عن المماليك، وأنه لم يبد تشبثاً بهذا اللقب.

ويدافع آخرون بأن سليم الأول بكل ما أنجزه في ميادين التصدي للصفويين، والجهاد ضد الأسبان والبرتغاليين والبلقانيين، وجهوده لحماية العالم الإسلامي، وحرصه على ضم دمشق والقاهرة وبلاد الحرمين لدولته، ليس من المستغرب أن يكون قد فكر في مسألة الخلافة.

ويمضي هؤلاء في دفاعهم، إذ يشيرون إلى أن سليم الأول وفي رسالة إلى حاكم شيروان يخبره فيها بنصره في بلاد الشام ومصر وخضوع الحجاز لسلطته، يطلب منه أن يتقبل "خلافته العليا"، وأن يذكر اسمه في خطبة الجمعة. ويشيرون إلى استشهاد ات أخرى، منها أن سليمان القانوني في رسالة إلى شريف مكة يخبره فيها بتسلمه عرش السلطنة و"الخلافة"، وفي رد الشريف جاءت التهنئة بشغله "سرير السلطنة العظمى ومسند الخلافة الكبرى". وأنه ورد في مقدمة "قانون نامة" التي كتبها الشيخ أبوالسعود جرى وصف السلطان سليمان بأنه "وريث الخلافة الكبرى، وحائز الإمامة العظمى وحامي الحرمين المحترمين ".

ويشير هؤلاء إلى استخدام بعض السلاطين السابقين لسليم ولما يقال عن حادثة تنازل المتوكل عن الخلافة له، للقب الخلافة مثل مراد الأول (1359-1389) الذي كان يلقب خليفة الله المختار.

لكن المشككين في ما يسمى "الخلافة العثمانية"، ينبهون إلى أن ما يقال عن خلافة بني عثمان لا يستند إلى جذر تاريخي، وأن الاهتمام العثماني بلقب الخلافة ومسماها، لم يبرز سوى في لحظات ضعف الدولة، في إطار سعيها لكسب تأييد المسلمين في العالم، واستدرار تعاطفهم معها، في ظل اشتداد الهجمة الغربية عليها وتفاقم المسألة الشرقية. فأصبحت الدولة حريصة على إظهار تمسكها بمسمى الخلافة، فلأول مرة يصر العثمانيون على تضمين إحدى الوثائق الرسمية ما يشير إلى لقب الخليفة، ما ورد في معاهدة كجك قينارجة مع روسيا 1774م، في عهد السلطان سليم الثالث (1774-1789)، التي نصت على جعل مسلمي بلاد القرم تحت السيادة الروحية العثمانية. لكن ينبغي الإشارة في هذا السياق أيضا إلى أن السلطان أحمد الثالث (1703-1730) كان قد اتخذ لقب "خليفة جميع المسلمين" في معاهدة وقّعها مع نادر شاه الأفشاري حاكم بلاد فارس في تشرين الأول 1727م.

وعليه فلا يجوز- عند طائفة من المؤرخين والباحثين- إطلاق صفة "الخليفة" على أي سلطان عثماني باستثناء السلطان عبدالحميد الثاني 1876-1909 الذي تبنى مشروع الجامعة الإسلامية، وأطلق على نفسه لقب "الخليفة العثماني". وحرص على تضمين الدستور العثماني الصادر 1776م، أن "عظمة السلطان بصفته خليفة، هو حامي الدين الإسلامي".

الخلافة من يحيي من؟

الملفت للنظر أن طائفة من الإسلاميين العرب ما زالت تبدي حنيناً صادقاً "للخلافة العثمانية"! ويخيّل للمراقب أن هؤلاء مازالوا على العهد مع الخليفة، وينتظرون طلته البهية على ظهر جواده الأبيض، عسى أن يعيد ترتيب أوراق العالم التي تبعثرت مذ أقدم أتاتورك على فعلته الشنعاء! ويكاد بعضهم يتصور رجب طيب أردوغان عاملاً من أجل، أو قادراً على "إحياء الخلافة "!.

وتلمس لدى هؤلاء عتباً على الرجل أنه لم يكشف أوراقه ويسارع إلى إعلان"الخلافة"! ويأسون لوقوفه كل هذه السنوات على أبواب عضوية الإتحاد الأوروبي، في حين كان من الأجدر به - في عرفهم - وهو سليل من حاصروا فينا مرتين أن يقتحم أوروبا فاتحاً!، كل هذه الأوهام تنطلق من الجهل المعرفي، وتتغذى على التعصب الأيديولوجي

 

شرعية الحكم العثماني
قبل أن يعيد التاريخ نفسه و يدخل هولاكو أمريكا " جورج بوش " بغداد عام - 2003 ميلادي.. كان المغول الوثنيون بقيادة هولاكو قد سبقوه بستة قرون.. و ذلك حين رُوّع المسلمون بسقوط بغداد حاضرة الخلافة العباسية في ( 30 - محرم – 656 هجري : 6 – فبراير - 1258ميلادي ). و فيها قُتل الخليفة المستعصم بالله العباسي هو وأهله.
ـ انتصر المسلمون على المغول بعد ذلك في معركة عين جالوت في ( 26- رمضان – 658 هـجري : 3 - سبتمبر - 1260ميلادي ). بقيادة البطل المظفر سيف الدين قطز.
ـ أصبح أمر إعادة الخلافة العباسية ممكنًا... فما إن علم السلطان قطز بطل معركة عين جالوت ، حين قدم دمشق بوجود أمير عباسي يدعى "أبو العباس أحمد" حتى استدعاه.. وأمر بإرساله إلى مصر تمهيدًا لإعادته إلى بغداد ، وإحياء الخلافة العباسية.
ـ أُرسل في طلب الأمير" أبي العباس أحمد " الذي كان قد بايعه قطز في دمشق.. لكنه لم يحضر؛ وسبقه إلى القاهرة أمير آخر من أبناء البيت العباسي اسمه "أبو القاسم أحمد".
ـ استعد السلطان الظاهر بيبرس لاستقباله فخرج للقائه ومعه كبار رجال الدولة والأعيان والعلماء، ولما وقع نظر السلطان على هذا الأمير العباسي ترجل عن فرسه إجلالاً له ، وعانقه ، وركب معه يتبعهما الجيش حتى وصلا إلى القلعة ، وهناك بالغ السلطان في إكرامه والتأدب معه، فلم يجلس على مرتبة ولا فوق كرسي بحضرة هذا الأمير العباسي.
ـ وفي يوم الاثنين (13- رجب - 659 هـجري : 1260 ميلادي ) عقد السلطان مجلساً بالديوان الكبير بالقلعة حضره القضاة والعلماء والأمراء وشيخ الإسلام(عز الدين بن عبد السلام ) وكبار رجال الدولة.. وفي هذا المجلس شهد العرب الذين قدموا مع الأمير العباسي بصحة نسبه ، وأقر هذه الشهادة قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز وحكم بصحة نسبه وبايعه بالخلافة.
ـ قام الظاهر بيبرس وبايع الخليقة الجديد على العمل بكتاب الله وسنة رسوله ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله ، وأخذ الأموال بحقها وصرفها في مستحقتها، ثم قام الحاضرون بمبايعة الخليفة الذي تلقب باسم " الخليفة المستنصر بالله ".
ـ بعد تنامي قوة بني عثمان و بروز نجمهم في سماء العالم الإسلامي...أرسل السلطان العثماني ( بايزيد الأول) في سنة ( 797 هجري = 1394ميلادي ) هدايا وتحفًاً إلى الخليفة العباسي في مصر " المتوكل على الله " طالبًا منه تفويضًا شرعيًا بالسلطنة.. فبعث له الخليفة بذلك.
ـ هذا التفويض الشرعي كان بمثابة انتقال سلمي للسلطة من العباسين إلى العثمانيين.. إلا أن المماليك بقيادة" قانصوه الغوري " تمردوا على الدولة العثمانية.. مما اضطر السلطان ( سليم الأول ) أن يتوجه جنوباً لإخضاع الشام و مصر؛ و التقى الجمعان بالقرب من حلب في وقعة مرج دابق (25 - رجب 922هجري = 24 - أغسطس 1516ميلادي ). و بمقتل " قانصوه الغوري " زال الحكم المملوكي نهائياً عن الشام.
ـ بعد انتصار السلطان سليم الأول في معركة مرج دابق خطب له في أول صلاة جمعة صلاها في حلب باعتباره خليفة للمسلمين وسُكَّت العملة باسمه.
ـ دخلت طلائع الجيش العثماني مدينة القاهرة بعد أن هزموا المماليك في معركة الريدانية الهائلة في (29 - ذو الحجة 922هـجري = 23 - يناير 1517ميلادي ) تحت قيادة " طومان باي ".. وفي يوم الاثنين الموافق (3 – محرم - 923هـجري = 26 - يناير 1517ميلادي ) دخل سليم الأول مدينة القاهرة في موكب حافل، يتقدمه الخليفة العباسي والقضاة. ـ تنازل الخليفة العباسي ( آخر الخلفاء العباسيين في مصر) عن الخلافة لبني عثمان في مراسم جرت في مسجد " آيا صوفيا " بعد عودته مع السلطان سليم الأول إلى استانبول. و في جامع أبي أيوب الأنصاري قلده السيف، وألبسه الخُلعة. ـ أصبحت الدولة العثمانية منذ ذاك التاريخ هي مركز الثقل في العالم، وأصبح سلطانها هو خليفة المسلمين لا ينازعه في هذا اللقب أحد. (2)

لدين والخلافة العثمانية

في نهجه لتغيير مفهوم الأمة في تركيا، جاء مصطفى كمال محمولا على جناحي حركة امتدت جذورها إلى عهد السلاطين العثمانيين الذين سبقوه بأكثر من مائتي سنة، وما فعله في مجال علمنة الدولة وتغيير هوية تركيا الإسلامية المشرقية في عشرينيات القرن الماضي، لا يمكن أن يفهم بمعزل عن مجمل محاولات تغيير الحياة الاجتماعية والإدارية والاقتصادية في الدولة العثمانية، والتي بدأها السلطان أحمد الثالث (1703 -1730) وخلفاؤه من بعده، وهدفت في حينه إلى الحفاظ على كيان الدولة.

"
منذ بداية القرن الثامن عشر ظهرت توجهات علمانية بشكل يطرح تساؤلا عما إذا كانت الدولة العثمانية اسلامية حقا؟
"

ولمعرفة التوجهات العلمانية التي بدأت تتضح منذ مفتتح القرن الثامن عشر، باعتبارها مغايرة للتوجهات الإسلامية التقليدية، لابد من الإجابة عن تساؤل يتعلق بطبيعة الدولة العثمانية، وهل كانت حقا دولة إسلامية؟ وبدون الدخول في التفاصيل التاريخية يمكن القول إن العامل الديني وإن كان واضحا في نشأة الدولة العثمانية أواخر القرن الثالث عشر، إلا أن تلك الدولة لم تكن في بداية أمرها تعير اهتماما لمسألة الخلافة، حتى أن نظرية انتقال الخلافة من آخر الخلفاء العباسيين إلى السلطان العثماني سليم الأول 1512 -1520 لم يكن لها أي سند تاريخي، لكن السلاطين العثمانيين، وبخاصة بعد أن ضعفت الدولة وتكررت هزائمها العسكرية أمام قوى الغرب المسيحي، صاروا يهتمون بحمل لقب "خليفة المسلمين".

وبالرغم من أن السلطان العثماني كان يجمع في يديه من الناحية النظرية على الأقل السلطتين الدينية والدنيوية، فإن فكرة سلطة الدولة المستقلة عن الدين لم تفقد شرعيتها حتى خلال فترة التدهور بعد القرن السادس عشر.. ومنذ القرن السابع عشر بدأ السلاطين العثمانيون يفقدون هيبتهم وأصبح من الممكن عزل السلطان أو قتله، وهكذا فإن الدولة العثمانية لم تكن دينية إسلامية فالاحترام والتقدير كان قد انتقل من السلطان إلى الدولة.

ويحدد أحد الكتاب الأتراك الرواد وهو نيازي بيركس، سنة 1718 كبداية لأخذ الدولة العثمانية بالأفكار العلمانية، وفي هذه السنة بدأت "ومضات علمانية" كما يسميها تلوح في الأفق العثماني، ومن بين ذلك أن تقدم ضابط فرنسي هو دي رشنفور De Rochefort بمشروع يتضمن نقل بعض مظاهر التقدم الأوروبي إلى المؤسسات العثمانية، ويذهب أحد الباحثين العرب وهو د. خالد زيادة إلى أن السلطان أحمد الثالث تبنى المشروع وحرص على مد الجسور مع عواصم أوروبا وتقليد حياتها الاجتماعية وعمرانها، وكان من ثمار هذا التوجه إدخال أول مطبعة إلى إستنبول سنة 1728. ومن الطريف الإشارة إلى أن كتابا ألفه إبراهيم متفرقة سنة 1731 وطبع في إستنبول كان عنوانه "أصول الحكم في نظام الأمم" ويشير إلى نزعة العلمانية السائدة في أوربا التي تقوم على "مبدأ فصل الدين عن الدولة".

لقد تعاظمت هذه الحركة أواخر القرن التاسع عشر وأخذت طابعا تشريعيا أطلق عليه المؤرخون مصطلح "التنظيمات" وقد امتدت هذه المرحلة بعد وفاة السلطان محمود الثاني 1839 ومجيء خلفه السلطان عبد المجيد (1839 ـ 1861) وتوجت بإعلان الدستور سنة 1876. وقد قامت فلسفة التنظيمات على مبدأ المساواة بين الأديان وتمتع المواطنون في الدولة العثمانية بحقوق سياسية واحدة، بدلا من التقسيم التقليدي السابق الذي كان يقوم على أساس أن هناك مواطنين (مسلمين) ورعايا (غير مسلمين).

ولعل من أبرز التشريعات التي صدرت خلال هذه الفترة مرسوم إصلاحي عرف آنذاك بـ "خط شريف كلخانة" (1839) ومرسوم آخر سمي بـ "خط شريف همايون" 1856، واستهدف هذان المرسومان الإصلاحيان تحديث الإدارة وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للسكان، والأهم من ذلك إصدار سلسلة من القوانين الإدارية منها إصدار القانون المدني الجديد 1869 -1876 وبموجبه أحدثت محاكم مدنية موازية في الظاهر للمحاكم الشرعية ولكنها في الواقع قلصت نطاق أحكامها، أما في النواحي الاجتماعية فقد صار المجتمع العثماني يحث الخطى نحو الحياة العصرية وبدت علامات ذلك في تنظيم دوائر الدولة. كما حلت البزة الرسمية الغربية والطربوش محل الأثواب الفضفاضة والعمائم.

الذي يهمنا في هذا المجال الإشارة إلى أن هذه المتغيرات ترافقت مع قيام عدد من المثقفين الأتراك أمثال ضياء كوك ألب بنشر مفاهيم جديدة حول "الوطن" و "الوطنية" وقد ذهب إلى أبعد من ذلك عندما دعا صراحة إلى فصل الدين عن الدولة، وقال بعدم نجاح فكرة المزاوجة بين حضارة الغرب وقيم الشرق لاختلاف الأسس الفكرية لكليهما، وأكد ضرورة تبني النهج الغربي بشكل كامل.

وقد توجت الجهود الإصلاحية والتنظيمية العثمانية بصدور دستور سنة 1876 وذلك بعد جهود حثيثة بذلتها جماعة من المصلحين المتحررين المتنورين كان مدحت باشا على رأسهم، وقد ارتكز الدستور العثماني على الدستور البلجيكي وكان يتألف من مائة وتسع عشرة مادة، واستهدف المساواة المدنية والسياسية بين جميع العثمانيين، وشغلت موافقة الدستور للشرعية الإسلامية كل دعاة الإصلاح آنذاك حتى أن شيخ الإسلام قال للسلطان عبد الحميد الثاني (1876 ـ1909) يوم إعلانه "إن الدستور مطابق للشرع الشريف" وفي 19 من مارس/آذار 1877 اجتمع البرلمان العثماني بمجلسيه الأعيان والنواب، ولكن السلطان عبد الحميد استغل فرصة إعلان روسيا الحرب على الدولة العثمانية في 24 أبريل/نيسان سنة 1877 لتأجيل اجتماع البرلمان وتعليق الدستور، ثم اتخذ من دعوة "الجامعة الإسلامية" شعارا لسياسته الجديدة المعادية للغرب ولمنعه من التغلغل داخل ولايات الدولة العثمانية.

وكان من نتائج حكم السلطان عبد الحميد الثاني وميله إلى الاستبداد في سياسته الداخلية، تنامي الوعي القومي بين الأتراك وغيرهم من شعوب الدولة العثمانية، وقد نجحت جمعية الاتحاد والترقي وهي منظمة سرية لها علاقة بالمحافل الماسونية تأسست سنة 1889 في قيادة انقلاب عسكري يوم 23 يوليو/تموز 1908 وإعادة العمل بدستور 1876 وخلع السلطان عبد الحميد سنة 1909

* * *

المُجاهد أحمد الشريف... والدولة العَليِّة

الدولة العلية العثمانية المُفترى عليها من قِبل بعض أبناء المسلمين!! تلكم الدولة التي ذبَّت عن بيضة الإسلام و المسلمين زُهاء أربعة قرون بدءً من موقعة مرج دابق(3) حتى تداعيات الحرب العظمى الأولى و التي خرجت فيها تركيا صفر اليدين بعد أن أنهكتها حروب ضروس شنها الدب الأبيض الروسي الذي كان يسيل لعابه لابتلاع الآستانة عاصمة الخلافة(4)... و من ثم التهام ما تبقى من جسم الأمة الإسلامية.. و في الطرف الغربي كانت فرنسا قد وثقت مراكزها داخل جسم الأمة من خلال معاهدة حماية الأقليات التي منحها إياها السلطان ( سليمان القانوني ) .. و جاءت بريطانيا لتضع خنجرها السام في ظهر دولة حفظت لها ود العلاقات الخارجية التي لم تعكرها السنون!! وكان السرطان الداخلي ينهش كوامن قوة البدن ببطء من خلال حزب علماني رعته بريطانيا و أسسه يهود الدونمة(5) الهاربون من بطش محاكم التفتيش في أسبانيا.. ذلك هو حزب الاتحاد و الترقي الذي استطاع من خلاله مصطفى كمال أتاتورك الإجهاز على آخر نفس كان يضمن للمسلمين الكرامة و الحرية.

و من استطاع أن يقرأ كتاب " تاريخ الدولة العلية (6) سوف يدرك حجم الدور العظيم الذي أخذته تلك الدولة على عاتقها للتصدي للقيصر الروسي آنذاك و التي ما وضعت الحرب بينهما أوزارها قرابة قرنين من الزمان استنفذت خزينة الدولة و أرهقت قوات الجيوش الإسلامية.

للأسف الشديد نرى اليوم من أبناء المسلمين تجاهلاً لذلك الدور الذي يفسر حاجة السلطان العثماني لفرض إتاوات على الدول العربية و الإسلامية لتجهيز الجيوش التي دافعت عن عرض أمة كان يمكن لها أن تكون الآن مثل أذربيجان و تركمانستان تحت عباءة الدب الروسي.. و لكان الواحد من هؤلاء الذين يصفون الحكم العثماني " احتلالاً أو استعماراً " لكان يرعى الخنازير الآن عند المحتل الروسي..

و لهذه الخطورة التي كانت تهدد كيان الأمة قاطبة... كانت مواقف المجاهد أحمد الشريف السنوسي تصدر عن قناعة جازمة بأن الدولة العثمانية كانت تُمثل الخلافة الشرعية التي يتقرب المسلم لربه بطاعة أوامر الخليفة آنذاك.. وهذا يفسر أن فِكْرَ أحمد الشريف و مواقفه كانت إسلامية خارج حدود القومية.. ففي الوقت الذي كان يصد الطليان عن احتلال ليبيا.. تراه يمتثل لأمر الباب العالي في التوجه شرقاً للحدود المصرية بخمسة آلاف من المجاهدين مسومين...

إن الذين يكتبون اليوم بأقلام مخدوعة يشوهون سيرة الولاة الأتراك و ظلمهم و بطشهم (7) قد وقعوا فيما وقع فيه مؤلف كتاب " تاريخ الدولة العلية " (فريد بك المحامي ) حيث أنك ترى الكاتب قد رفع من شأن السلطان عبد الحميد الثاني حتى خِلنا أنه يضعه في مصاف الخلفاء الراشدين... و في نهاية الكتاب نفسه.. تراه يلوك ما كان يروج له زعماء حزب الاتحاد و الترقي من طعن و تشويه في سيرة الرجل و أخلاقه!! لا لشيء إلا لأنه رفض التنازل عن شبر واحد من أرض فلسطين لصالح بني صهيون و ذلك عندما طرد تيودور هرتزل زعيم مؤتمر بازل.

بعد أن أطاحت الثورة البلشفية بالقيصر الروسي في عام 1917 ميلادي.. وشاركت الحلفاء من بعد في تقسيم كعكة الحرب العالمية الثانية.. لم يخف الاتحاد السوفيتي أطماعه في ضم إقليم " طرابلس الغرب " له ! و لولا دفع الله الحلفاء و الروس بعضهم ببعض...لانتهت أسماء الليبيين بنوف و تشوف " عبد الرحمنوف.. أحمدتشوف... و لكن الله سلَّم.
 

*********************************

 والأدلة على ذلك يضيق بها المقام وأكتفي هنا فقط بكلام الإمام القرطبي -رحمه الله- في تفسير قول الله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة } "البقرة 30" يقول الإمام (هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع ؛ لتجتمع به الكلمة وتنفذ به أحكام الخليفة . ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة إلا ما رُوي عن الأصم حيث كان عن الشريعة أصم ، وكذلك كل من قال بقوله واتبعه على رأيه ومذهبه ، قال : إنها غير واجبة في الدين بل يسوغ ذلك ، وأن الأمة متى أقاموا حجهم وجهادهم ، وتناصفوا فيما بينهم ، وبذلوا الحق من أنفسهم ، وقسموا الغنائم والفئ والصدقات على أهلها ، وأقاموا الحدود على من وجبت عليه ، أجزأهم ذلك ، ولا يجب عليهم أن ينصبوا إماماً يتولى ذلك . ودليلُنا قول الله تعالى :{إني جاعل في الأرض خليفة} وقوله تعالى {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض} "صّ :26" وقال :{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض } "النور:55" أي يجعل منهم خلفاء ، إلى غير ذلك من الآي .ثم يضيف الإمام بعدما شرح ما كان من أمر سقيفة بني ساعدة في معرض حديثه عن وجوب تنصيب الإمام المسلم فقال "فدل على وجوبها وأنها ركن من أركان الدين الذي به قوام المسلمين ، والحمد لله رب العالمين") "القرطبي المجلد 1-2 صـ 182-183 طبعة دار الكتب العلمية"

وإذا كان العلمانيون الأتراك من جماعة الاتحاد والترقي بقيادة أتاتورك –عليه من الله ما يستحق- قد أسقطوا الخلافة الإسلامية في العام الرابع والعشرين من هذا القرن فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد بشرنا بعودتها بإذن الله بعز عزيز أو بذل ذليل فقال عز من قائل فيما ذكره حذيفة مرفوعاً ورواه الحافظ العراقي من طريق أحمد وقال حسن صحيح "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها . ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها ‘ذا شاء أن يرفعها . ثم تكون مُلكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون خلافة على منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي ويلقى الإسلام جراءة في الأرض يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض لا تدع السماء من قطر إلا صبته مدرارا ، ولا تدع الأرض من نبتها ولا بركاتها شيئاً إلا أخرجته "

ولقد ظل المسلمون على مر التاريخ يكنون مكانة خاصة للخلافة في نفوسهم ويُجلون الخليفة ويعظمونه باعتباره خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وباعتباره رمزاً للأمة ولوحدتها وذلك حتى في أشد مراحل الخلافة ضعفاً وتفككاً بعدما تمكن من جسدها الضعيف أعداء الله عز وجل -في أواخر عهدها-بمساعدة بعض مغفلي العرب الذين تحالفوا مع الإنجليز ضد الخلافة العثمانية وحركوا جيوشهم من الجزيرة العربية ليدخلوا الشام مع الإنجليز ويدخلوا فلسطين الحبيبة مع الفيلق اليهودي بقيادة الإرهابي "جبوتنسكي" الذي كان مع جيش الجنرال اللينبي لتضيع فلسطين المسلمة التي ما كان لليهود أن يتمكنوا منها إلا بعدما سقطت هذه الخلافة العظيمة التي استمرت لأكثر من ثلاثة عشر قرناً من الزمان . حيث قال الشاعر المصري محرم :
نبئت ما زعم الشريف وقومه
فسمعت ما لم تسمع الأذنان
خدعوه إذ ضاق السبيل بمكرهم
ورموا بآمال إليه حسان
فأباح ما منعت فوارسُ هاشم
وحمت ولاة البيت من عدنان
يا ذا الجلالة لا سعدت بتاجه
مُلكاً سواك به السعيد الجاني
أنسيتم الآيات بالغةً فما
بصحائف التاريخ من نسيان
الترك جند الله لولا بأسهم
لم يبق في الدنيا مقيم أذان

وعندما أعلنت إنجلترا حمايتها على مصر في 18 ديسمبر 1914 وأعلنت زوال سيادة تركيا عليها ، ثم أعلنت في اليوم التالي خلع الخديوي عباس وتولية الأمير حسين عرش مصر مع منحه لقب سلطان استكمالاً لمظاهر انفصال مصر عن تركيا .. فقد ظل الرأي العام في مصر وقتها على ولائه للخلافة رغم إعلان الأحكام العرفية ووضع الرقابة على الصحف وإغراق مصر بجيوش الاحتلال ..وازداد سخطهم على الإنجليز بل وامتد ذلك للسلطان حسين الذي احتقره الناس لقبوله السلطة على شعب مسلم من قبل النصارى ، ورفض طلاب الحقوق استقباله في الجامعة يوم 18 أبريل 1915 وتعرض عدة مرات لمحاولات اغتيال ومحاولة لاغتيال وزير الأوقاف وقد كان السخط على انضمام مصر إلى بريطانيا ضد الأتراك في الحرب العالمية الأولى وعدم الاستجابة لنداء الخليفة بالجهاد ضد الإنجليز العامل الهام في اندلاع ثورة 1919 وهو ما لا يشير إليه المؤرخون هذه الأيام فقد كان العامل الديني وتأنيب الضمير الذي كان يشعر به الشعب المصري المغلوب على أمره هو مفجر الثورة .

ورغم ضعف الخلافة كما قلنا في عهودها المتأخرة إلا أن فجعة المسلمين بسقوطها كانت كبيرة وبكاها المسلمون وشعرائهم كأمير الشعراء شوقي –رحمه الله – الذي نعى الخلافة فقال :
عادت أغاني العرس رَجعَ نُواح
ونُعيتِ بين معالم الأفراح
كُفنتِ في ليل الزفاف بثوبه
ودفنت عند تبلج الإصباح
شُيعتِ من هلعٍ بعَبْرة ضاحك
في كل ناحية وسَكْرة صاح
ضجت عليك مآذن ومنابر
وبكت عليك ممالك ونواح
الهند والهة ومصر حزينة
تبكي عليك بمدمع سحاح
والشام تسأل والعراق وفارس
أمحا من الأرض الخلافة ماح ؟!

ويغمر الحزن الشاعر عندما يذكر هذا المجد الذي بناه المسلمون خلال القرون فحطمه رجل مفتون عميل –أتاتورك- حين أسكرته خمر النصر الزائف .. ولم يكن "محرم" –رحمه الله- أقل من شوقي حزناً على سقوط هذا الصرح العظيم فأنشد قائلاً :

أعن خطب الخلافة تسألينا؟
أجيبي يا فَروُقُ فتىً حزينا
هوى العرشُ الذي استعصمت منه
بركن الدهر واستعليت حينا
فأين البأس يقتحم المنايا ؟
ويلتهم الكتائب والحصونا ؟
وأين الجاه يغمر كل جاه
وإن جعل السماكَ له سفينا
مضى الخلفاء عنك. فأين حلوا
وكيف بقيت وحدك؟ خبرينا !
لقد فَجَعَ المروءةَ فيك دهر
أصابك في ذويك الأولينا
أليس الدهر كان لهم لساناً
إذا نطقوا وكان لهم يمينا
تمرد ينفض التيجان عنهم
وينتزع العروش وما ولينا
تولوا في البلاد تضيق عنهم
جوانبها وكانوا الموسعينا
إذا وردوا الممالك أنكرتهم
وكانوا للممالك مُنكرينا

وفَروُقُ هي الأستانة حاضرة الخلافة .



*******************************************************

المـــــــــــــــــــــــــراجع

(*) ما كان من أمر السقيفة:  فقد اجتمع رؤوس الأنصار فيها لمبايعة خليفة للمسلمين، فسمع بهم أبو بكر وصحبه فجاءوهم وناقشوهم، ثم ذكروا لهم الحديث «الأئمة من قريش» فهدأ القوم وقالوا: (منا أمير ومنكم أمير) ثم استمر النقاش، حتى قال الأنصار: (أنتم الأمراء ونحن الوزراء) أو قالها عمر كما في رواية (إنا قلنا لهم نحن الأمراء وأنتم الوزراء) ثم بايعوا أبا بكر - وبالوقوف على هذه الحادثة نرى أن حديث «الأئمة من قريش» كان مفهوماً للصحابة

في شروط الإمام, وهي أحد عشر:
الأول: أن يكون من صميم قريش, لقوله صلى الله عليه وسلم : (الأئمة من قريش) وما قالة الرسول فهو إن لم يكن أنزل فهو سنة يلتزم بها , أما عن التجاوزات والخلاف بما جاء على لسان النبى فهذا أمر راجع لتدخل العقل البشرى وهذا غير مقبول ويعطى العلماء تفسيرات كثيرة حول التنصل من هذا الشرط .
الثاني: أن يكون ممن يصلح أن يكون قاضيا من قضاة المسلمين مجتهدا لا يحتاج إلى غيره في الاستفتاء في الحوادث,
الثالث: أن يكون ذا خبرة ورأي حصيف بأمر الحرب وتدبير الجيوش وسد الثغور وردع الأمة .
الرابع: أن يكون ممن لا تلحقه رقة في إقامة الحدود ولا فزع من ضرب الرقاب ولا قطع الأبشار والدليل على هذا كله إجماع الصحابة رضي الله عنهم, لأنه لا خلاف بينهم أنه لا بد من أن يكون ذلك كله مجتمعا فيه, ولأنه هو الذي يولي القضاة والحكام, وله أن يباشر الفصل والحكم, ويتفحص أمور خلفائه وقضاته, ولن يصلح لذلك كله إلا من كان عالما بذلك كله قيما به. والله أعلم.
الخامس: أن يكون حرا,

 السادس : ولا خفاء باشتراط حرية الإمام وإسلامه.
السابع: أن يكون ذكرا, وأجمعوا على أن المراة لا يجوز أن تكون إماما وإن اختلفوا في جواز كونها قاضية فيما تجوز شهادتها فيه.

 الثامن سليم الأعضاء.
التاسع والعاشر: أن يكون بالغا عاقلا,
الحادي عشر: أن يكون عدلا, لأنه لا خلاف بين الأمة أنه لا يجوز أن تعقد الإمامة لفاسق, ويجب أن يكون من أفضلهم في العلم, لقول الرسول صلم : (أئمتكم شفعاؤكم فانظروا بمن تستشفعون

(&) ظهر الشاعر معلى الطائي الخلفاء العباسيين الأمين والمأمون وله شعراً شهيراً عندما غزا عبد الله بن طاهر مصر باسم الأسرة المأمون  سوغه المأمون خراجها, وكان عبدالله فى نفسه شئ من معلى الطائى الشاعر , وعندما صعد عبدالله إلى المنبر  فوقف معلى الطائى بين يديه تحت المنبر وأنشد شعراً حتى حصل منه على جائزة وأزال ما فى قلبه من ناحيته . ( راجع المنتظم فى التاريخ ج 10 - 116/ 202 )

(#) إعتاد العرب يشتمون بعضهم بعضاً بالجهاز التناسلى للمرأة مثل " أعضض بظر .. " و " فرج .. " إلى آخرة - وكان للختان عند العرب قدر قبل أن يتركوه، وكثر ذم غير المختتنات في أشعارهم، وأزعم أنهم وراء انتشاره في مصر. شيوع تلك العادة بين مختلف الطوائف في مصر حالياً، خاصة بين الأقباط، لا يعفي بالضرورة مسؤولية العرب. فعادة "ختان الذكور"، على سبيل التدليل، والتي تركها المصريون مع انتشار المسيحية، عادت بفضل العرب لتمارس بين المسلمين، لأسباب عقائدية، ثم نقلها عنهم الأقباط. ولعل في قصة "أهل الحرس" ما يفيد أن "ختان الإناث" لم يكن شائعاً في مصر عندما وطئها العرب.

(@) المختار بن أبي عبيدة بن مسعود بن عمير الثقفي -

إبراهيم بن مالك بن الحارث ... بن يَعرُب بن قحطان الأشتر النخعي ، والنَخَعي نسبة إلى النخع قبيلة باليمن ، وهم من مذحج .

(^) هو إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان أبو إسحاق من الموالي وولاؤه في قبيلة عنزة فهو عنزي بالولاء وكان جده كيسان من سبي عين التمر وهو أول سبي دخل المدينة سباهم خالد بن الوليد وقدم بهم على أبي بكر رضي الله عنه وأم أبي العتاهية وتكنى أم زيد كانت أيضا مولاة لبني زهرة. وقد اشتهر بلقب أبي العتاهية وفد أبو العتاهية إلى بغداد في خلافة المهدي (158- 169) وكان فى الثلاثين من عمره وكانت بغداد - التي أنشأها أبو جعفر المنصور سنة 149هـ - قد أخذت في الإزدهار فانتقل النشاط العلمي من الكوفة والبصرة إليها بعد أن أصبحت دار الخلافة وعاصمتها  .
كان أبو العتاهية حين وصل إلى بغداد يجتهد في الوصول إلى قصر الخلافة ، فمهد له صديقه" إبراهيم الموصلى " الشاعر المغنى عند الخليفة المهدى الذى أعجب بمدحه فأغدق عليه من جوائزه فعظم شأنه وتهاداه كبار رجال الدولة ....
ويتوفى المهدى فيخلفه الهادى , ويلزمه أبو العتاهية وينشده مدائحه فى كل مناسبة وعطاياه تهطل عليه ...
ولا يلبث أن يعتلى الرشيد أريكة الخلافة فلازمه أبو العتاهية وأصبح لا يفارقه فى سفر ولا حضر . وظل يعيش للهو والقصف حتى كانت سنة 180 هـ وهى السنة التى نزل فيها الرشيد الرقة فإذا هو يتحول من حياة اللهو والمجون إلى حياة الزهد والتقشف ولبس الصوف .

This site was last updated 05/28/08