Home Up | | جريدة وطنى بتاريخ 24/ 12/2006 م السنة 49 العدد 2348 أنشأ محمد علي مدرسة للطب عام1827م,جلب لها مائة تلميذ من طلبة الأزهر,ورتب لهم معلمين من أوربا,ثم أنشأ مدرسة المهندس خانة للعلوم الرياضية,ومدرسة الصنائع والحرف,ومدرسة للموسيقي هذا فضلا عن المدارس العسكرية,وقد بلغ عدد الشباب الذين يتلقون العلوم والصنائع في وقته تسعة آلاف. وفي عهد الخديوي إسماعيل لم يكتف بالمدارس السالف ذكرها, بل أنشأ مدرسة للقوانين والشرائع, وهي المعروفة بمدرسة الإدارة,ومدرسة لتربية المدرسين عرفت باسمدار العلوم. أرسل مصطفى كامل إلى الشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيد برسالة يدعو فيها إلى فتح باب التبرع للمشروع، وأعلن مبادرته إلى الاكتتاب بخمسمائة جنيه لمشروع إنشاء هذه الجامعة، وكان هذا المبلغ كبيرًا في تلك الأيام؛ فنشرت الجريدة رسالة الزعيم الكبير في عددها الصادر بتاريخ (11 من شعبان 1324هـ= 30 من سبتمبر 1906م). ولم تكد جريدة المؤيد تنشر رسالة مصطفى كامل فى سبتمبر سنة1906 حتى توالت خطابات التأييد للمشروع من جانب أعيان الدولة، وسارع بعض الكبراء وأهل الرأي بالاكتتاب والتبرع، ونشرت الجريدة قائمة بأسماء المتبرعين، وكان في مقدمتهم حسن بك جمجوم الذي تبرع بألف جنيه، و سعد زغلول و قاسم أمين المستشاران بمحكمة الاستئناف الأهلية، وتبرع كل منهما بمائة جنيه. غير أن عملية الاكتتاب لم تكن منظمة، فاقترحت المؤيد على مصطفى كامل أن ينظم المشروع، وتقوم لجنة لهذا الغرض تتولى أمره وتشرف عليه من المكتتبين في المشروع، فراقت الفكرة لدى مصطفى كامل، ودعا المكتتبين للاجتماع لبحث هذا الشأن، واختيار اللجنة الأساسية، وانتخاب رئيس لها من كبار المصريين من ذوي الكلمة المسموعة حتى يضمن للمشروع أسباب النجاح والاستقرار. وأتمت لجنة الاكتتاب عملها ونجحت في إنشاء الجامعة المصرية يرئسها الملك فؤاد الأول آنذاك. في أوائل القرن العشرين فكر نخبة من قادة العمل الوطني-مثل محمد عبده ومصطفي كامل ومحمد فريد وقاسم أمين وسعد زغلول-في إنشاء جامعة تنهض بالبلاد.
هذا ما دفع الشيخ علي يوسف للاجتماع مع سعد زغلول وقاسم أمين وأصحابهما في دار المؤيد واستقر الرأي علي الاجتماع بعد ذلك في دار سعد زغلول في12أكتوبر سنة1906 وكان هذا هو الاجتماع الأول للجنة التأسيسية للجامعة المصرية وبلغ حجم التبرعات5482جنيها مصريا وأعدت بيانها الأول لإعلانه داعية فيه المصريين للمساهمة في إنشاء الجامعة. وكان الاجتماع الثاني في نوفمبر1906بمنزل حسين جمجوم بك بالعباسية واستقروا فيه علي إسناد رئاسة المشروع إلي الأمير أحمد فؤاد المشهود بحب مصر,وبفضله وافقت الحكومة علي الاعتراف بالجامعة رسميا,وأقيم حفل مهيب لافتتاح الجامعة المصرية كجامعة أهلية في21ديسمبر1908بقاعة مجلس شوري القوانين حضره الخديوي عباس حلمي الثاني وبعض رجال الدولة وأعيانها. وفي مساء يوم الافتتاح بدأت الدراسة في الجامعة علي هيئة محاضرات تلقي في قاعات متفرقة كان يعلن عنها في الصحف اليومية بقاعة مجلس شوري القوانين ونادي المدارس العليا,وكان الأمير فؤاد يختار الأساتذة بنفسه ويقرر لهم مناهج الدراسة وكان يلقي بنفسه بعض الدروس وكان يعلم الطلبة في دروس منتظمة وكان يسافر إلي أوربا داعيا لفكرة الجامعة يقابل رؤساء الحكومات والجامعات يطلب إليهم اختيار الأساتذة ويقنعهم بضرورة المساهمة في مشروع الجامعة بالتبرع بالكتب وقبول الطلبة المصريين مجانا. ونظرا لعدم وجود مقر مخصص اتخذت الجامعة لها مكانا في سراي الخواجةنستور جناكليسالذي تشغله الجامعة الأمريكية حاليا.ولم تكن السراي ملكا للجامعة,وبلغ إيجارها في العام الواحد400جنيها,كما كان صاحبهاجناكليسغير راغب في استمرار استغلالها علي سبيل الإيجاز وإنما كان يريد بيعها سواء للجامعة أو لغيرها.حتي تدخل الأميرأحمد فؤادوطلب منجناكليسوعقد الإيجار لأربع سنوات آخري فقبل الأخير علي ألا يؤجرها لهم بعد تلك المدة واستمرت هناك إلي سنة1916,ثم انتقلت بعد ذلك إلي قصر محمد صدقي باشا في شارع الفلكي حيث تم استئجاره بمبلغ250جنيها وعند تجديد الإيجار عام1919 بلغت قيمة الإيجار السنوية600جنيها. وعندما أطلعت الأميرة فاطمة-إحدي بنات الخديوي إسماعيل-والتي انفردت بين إخواتها بحب العمل العام-علي الصعوبات التي تعاينها الجامعة المصرية(عن طريق طبيبها الخاص محمد علوي باشا عضو مجلس الجامعة)أوقفت مساحة من أراضيها الزراعية علي الجامعة حتي يجري ريعها عليها,فتضمن بذلك مصدرا للتمويل.كما تبرعت بجواهرها الثمينة لتوفر للجامعة سيولة مالية عاجلة,ومنحت إدارة الجامعة الحق في أن تتولي بيع المجوهرات وأوكلت الجامعة للدكتور محمد علوي عملية البيع وتمكن الأخير من بيعها بسعر وصل إلي حوالي70ألف جنيه مصري ومنحت الأميرة الجامعة مساحة من الأرض ليقام عليها الحرم الجامعي,كما تحملت كافة نفقات حفل وضع حجر الأساس. وقد أجرت الجامعة احتفالا بوضع حجر الأساس لها في يوم الاثنين31مارس عام1914في الأرض التي وهبتها الأميرة فاطمة.وتصدر الاحتفال الخديوي عباس حلمي الثاني ولفيف من الأمراء ورجال الدولة وشيخ الأزهر وقد كتب علي حجر الأساسالجامعة المصرية,الأميرة فاطمة بنت إسماعيل سنة1332هـ,ووضع الحجر في باطن الأرض ومعه أصناف العملة المصرية المتداولة ومجموعة من الجرائد التي صدرت في يوم الاحتفال,ونسخة من محضر حجر الأساس الذي عليه توقيع الخديوي والأميرة فاطمة وأحمد فؤاد باشا رئيس شرف الجامعة وأسماء رئيس وأعضاء مجلس إدارتها. وبادرت الجامعة باللجوء إلي مهندسين مشهود لهم بالخبرة والبراعة مثل صابر صبري باشا,ومحمود فهمي بك,وغيرهما لكي يضعوا رسما فنيا للجامعة فتطوعوا لهذا العمل ورسموا رسما علي طراز الجامعات الحديثة تم عرضه علي لجنة مؤلفة من مستر بتس مدير البلديات بنظارة الداخلية,ومستر سيتوت المهندس المعماري فوافقا عليه,وتقرر بناء القسم الأول من الرسم وتبلغ مساحته حوالي4آلاف متر ويشتمل علي مركز الإدارة العامة ومجال تدريس العلوم الأدبية والقانونية وغيرها من العلوم التي لا تحتاج إلي تمرينات عملية,ولكن توقف العمل في البناء في نفس العام بسبب نشوب الحرب العالمية الأولي,ثم استكمل بناء السراي بعد ذلك بسنوات وهي الآن سراي وزارة الزراعة بالدقي وقد تخلت عنه الجامعات عام1923. فكرت الحكومة في عام1917في إنشاء جامعة حكومية علي أثر ما حققته الجامعة الأهلية من آمال عريضة,وأشارت بضم المدارس العليا القائمة إلي الجامعة فضمت مدرستا الحقوق والطب إلي الجامعة في عام1923وتم الاتفاق بين الحكومة وإدارة الجامعة الأهلية علي الاندماج في الجامعة الجديدة علي أن تصبح كلية للآداب وفي11مارس1925اندمجت الجامعة الأهلية والحكومية معا في الجامعة الجديدة وكانت مكونة من4كليات هي الآداب والعلوم والطب والحقوق وفي نفس العام ضمت مدرسة الصيدلة لكلية الطب وفي عام1928فكرت الجامعة في إنشاء مقر دائم لها في موقعها الحالي الذي حصلت عليه من الحكومة تعويضا عن مقرها القديم وفي عام1948بلغ عدد طلابها اثني عشرة ألف وأصبح عدد كلياتها تسعا وأساتذتها نحو خمسمائة...وهذه الطفرة سجلتها الجامعة في أقل من نصف قرن. ================== المـــــــــــــــــراجع (1) الخطط التوفيقية الجديدة لمصر, جـ1, علي مبارك (2) مذكرات عباس حلمي الثاني,ترجمة د.جلال يحيي (3) تاريخ جامعة القاهرة,د.رؤوف عباس أحمد |